المشهد الرابع ... حارس العذراء






فيما مضى
تقف على عتبة الباب واضعة شرشفها على رأسها
مناولة الرجل الواقف امامها الاواني الورقية الكبيرة التي تحمل الحلويات !

يضع الاواني في سيارته ويتقدم نحوها ملقيا المال عليها وكأنه يمن عليها به
خذي يا ابنتي فأنتي تستحقينها !

وقبل ان تنطق بكلمة كان قد غادر المكان ..
تنظر الى يديها تفرط تلك النقود من بعضها لتفاجأ
ارادت ان تجري خلفه
ارادت ان تلقي بالحجارة على سيارته لتحطمها .
تدخل مغلقة الباب خلفها مستندة عليه في حزن
دمعت تسلقت مقائيها مهددة بوافر من الدموع
ياإلهي لقد قلت خمسين دينارا وليس عشرين !

تغلق عينيها بشدة ضامة يديها الى صدرها
تتنفس بعمق وتفتح عينيها
مصطدمة بوجه خيل اليها لوهلة انها رأت نظرة حزن وشفقة !
دخلت الى حجرتها تجلس على الارض
رأسها بين رجليها وضامة ذراعيها اليها وهي تبكي
تبكي قهرا !
استكثروا عليها المال
هي من تجلس من الفجر الى الليل مقابلة حرارة الفرن حتى اكتوت بناره

هي من يديها متعبتان و متشققتان
هي من تريد شراء الطعام
تريد شراء ثياب لحمود فملابسه قصيرة وخفيفة
تريد شراء حفاضات له ولها !
ماذا ستفعل بهذه العشرين !

يد تربت على شعرها ناطقا بعمق : مريم كم مرة قلت لكي لا تعطي شيئا قبل ان تستلمي نقودك !!

تنظر اليه بعينين حمراوين حزينتين يلومها الآن .. يلومها ؟!!

لتنفجر فيه : انت آخر من يتكلم
كل السخط الذي نحن فيه هو بسببك
الا تخجل من نفسك
الا تخرج لتعمل عملا محترما
ألا تريد ان تأكل لقمة نظيفة حلالا !

لماذا تفعل ذلك بنا وبنفسك .. لماذا يا خالد ؟!
لقد انغمست في الحرام حتى انفك دون رادع يردعك !
فكر بنا ..
فكر في ابنك الذي يراك كل ليلة مع امرأة
اي بيئة تلك التي يتربى عليها
ابنك يكبر ويرى ويفهم
هل تريده جاهلا مثلنا


هل تريده ضعيفا لا حول له ولا قوة مثلنا ..
فيما ينظر اليها خالد محتويا كل ذلك الغضب هو يفهمها .. وجيدا ..

- انظري ماذا فعلتي انتي بالحلال
انهم يغشونك
ويضحكون عليكي
لا تهمينهم
ولا اعمالك تهمهم
كلهم هكذا
نحن تحت ارجلهم لا مكان ولا وجود لنا بينهم
نحن الفئة المنفية والموبوءة في هذا المجتمع
وكل تلك النساء
هه
ساقطاااات اذا لم اوجد انا سيجدن آخر !!

: اي منطق ذاك الذي تتحدث به ؟
لا تبرر اخطائك الواضحة كالشمس
تب يا خالد
تب قبل فوات الاوان
تب فنحن نحتاجك وانت لا تشعر بنا
ابنك يحتاج للطعام والشراب والملابس وانت لا تكترث

: انتي من يرفض المال الذي اقدمه لكي
: نعم ارفضه اتتوقع منا ان نأكل الحرام ؟ كيف تفكر انت ؟

: ابني من الان انا .. ويصر على أسنانه ... من سيحضر له كل احتياجاته !
: لا لن تفعل لن ادعه يأكل لقمة واحدة ولو كنا سنموت جوعا !

اذا لا تلقي علي هذه المحاضرات ثانية فلا جدوى .. اتفقنا ..
والسخط الذي تتحدثين عنه لم يكن ينتظرني لأولد !
يخرج ويتركها في سخطها وغضبها
فها هو يحلل الحرام
اخاها قد فقد عقله !!

يتقدم حمود الصغير ويجلس على حجرها
وهي في شرودها تصلها رائحة كريهة .. امم ما هذا ؟
تنظر الى يدي حمود الذي يحمل بقايا تفاحة سوداء عفنة .. كانت بين القمامة
وها هو بعضها على جانبي فمه !
تسحبها بالقوة من يده وتصرخ في وجهه : حمووود كم مرة قلت لك الا تجلب الاوساخ وتأكلها كم مرة ..
كان صوتها عاليا وصادما للصغير الذي احمرت حدقتا عينيه والتوت شفتيه
يا الهي هو على وشك البكاء واذا بكا لن يسكت ...

تضمه الى صدرها بقوة مقبلة عينيه ويديه .. حمود حبيبي اسمع كلامي لا تفعل ذلك مرة اخرى .
تمسك به من يده الصغيرة وتتحدث اليه : ما رأيك ان نذهب الى العم حامد ؟
وما ان نطقت بهذه الكلمات حتى طار فرحا ..
فالعم حامد = الحلوى !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...