الجزء الخامس و الثلاثين

 

 

ما بين التاسعة صباحا و التاسعة مساءا

 

نزل من سيارته و التي كان بجانبه فيها اخوه سعيد ، الاثنان يلبسان بدلا رسمية ينزلا الى بوابة القيادة ، هناك يلتقيا بمجموعة من الضباط المسؤولون عن قضية المؤيد ، هو يعرف الكثير منهم و لهم علاقات وباع طويل مع بعضهم البعض ، يتأمل ان كل ما سيقال منهم سيلقى اذان صائغة ، يتقدما بكل قوة بكل عزم ، حتى وان كان المؤيد اكبر مجرم في البلاد هو سيخرج ، حتى ان كان دمر و حطم و استباح فهو سيخرج ، حتى ان قتل واهدر دما فهو سيخرج ان كان باللين او اعلان الحرب المؤيد سيخرج !

خلف الباب بعدما مرا بكل مكاتب الرؤساء و ضباط الصف ها هو يصل الى اكبر مجلس في كل المبنى ، طاولة طويلة جدا فخمة من الخشب الغامق الذي يلمع ، مكاتب و دفاتر و اوراق مرتبة ، مقاعد جلدية وثيرة ، كان هناك ما يزيد عن السبع ضباط يجلسون سويا بالانتظار ، حين تقدم يسلم وقف الجميع وبدأ سلام اليد الحار بينهم علت الاصوات و الترحيب وهو يتجه الى كرسي مخصص له وبجانبه اخاه ، كلا منهما متوترا نعم ، قلقا اكثر من الآخر و لكنه مشوار يجب ان يقطع يجب ان يسلك !

اسند عكازه بجانب الطاولة و استند بظهره على كرسيه يرفع رأسا حين بدأ الضابط عبدالعزيز الكلام وهو يعقد كلتا يديه ببعضهما امامه على الطاولة : اجتماعنا يا صالح بشأن المؤيد والاجراء الذي من المفترض اتخاذه بشأنه ، رفع حاجبا : يا صالح جريمة المؤيد كبيرة ، المؤيد ضابط متدرب على ضبط النفس على حماية الناس على الوقوف في صفهم لا قتلهم و التعدي عليهم !

لف رأسه باتجاه اخاه سعيد يلتقي نظرهما ببعضهما البعض يطأطأ رأسه ، يعرف ان موقعه و موقفه صار ضعيفا امام الجماهير ، يفهم كل ما يقدرون فعله به ولكن هو سيضع حدا لكل ذلك لن يفرط في حياة ابن اخوه بكل هذه البساطة ففي يده العديد من الأوراق للضغط على القيادة تكلم لاول مرة بصوت جهوري واثق غليظ حاد لا يخشى شيئا كما نظرته الثابتة تماما : يا عبدالعزيز ، ابننا المؤيد دافع عن شرف بنت من بنات هذا الوطن ، بنت اعتدى عليها بعض الاوغاد احتمت به طلبته ، كانوا مجموعة حاولوا ضربه و التعدي عليه حتى سار الوضع الى مالا يحمد عقباه ، تقدم برأسه من الطاولة يفتح عينه فيهم : المؤيد دافع عن نفسه !

كان عبدالعزيز الضابط الذي يبلغ من العمر الخمس و الخمسين عاما يحدق بعينه الى الطاولة التي امامه يتنهد فهو يعرف كل هذا كله مكتوب في محضر ولكن مهما يكن لم يكن للمؤيد الحق برفع سلاح حربي في مواجهة بضع شبان، رفع يده على الطاولة و صار يدق عليها : يا صالح هذه جريمة ، ان سكتنا عليها نحن ، لن يسكت عليها العائلات التي تضرر اولادها ، لكل شاب قبيلة وهذه القبائل تدعمنا بقوة !

رفع له حاجبا لاويا شفة : تقصد ان لهؤلاء الشبان الحرية فيما يفعلون ، ان يعتدوا على شرف بنت في الشارع ، جريمة قد شهد عليها اهل العمارة التي كانت تسكن فيها ، شهدت عليها حتى بنت صغيرة !

ان كانت هذه ابنتك التي اعتدوا عليها كيف ستتصرف، هل ستقول لن احرك ساكنا ولن احرك سلاحي في وجوههم بل بالعكس يعتدون عليك و يضربونك !

: يا صالح

قاطعه بحدة : انت تعرف ان قبيلتي هي اكبر قبيلة في المشرق تدعم جهودكم و تدعم كل حروبكم بالمال والسلاح هذا امر معروف ، ان توقفنا عن الدعم سينهار الوضع ، وان اعلنا عن دعم جهة معادية ستنشب حرب اخرى هنا على ابوابنا !

كان كلامه يخترق و يحرق و يحذر : المؤيد قضى نصف عمره يخدم الجيش و يخدم الوطن لم يكل جهدا ..فلما اخراجه منه بهذه الطريقة المهينة ،يخرج من مهنته التي اختارها بنفسه يضحي بحياته في كل وقت وهو يلبس تلك البدلة التي تهدد اعتى الخوارج تريدون الآن تجريده من كل انجاز قام به في حياته هذا ايضا لن نقبله !

كان عبدالعزيز و صحبه يسمعون و يتفهمون وفي ذات اللحظة يخشون فكل شيء محسوب بالورقة و القلم ، لا يريدون زعزعة الوضع الآن في المنطقة بعدما استقرت ، لا يريدون حرب عصابات جديدة وهم يعرفون كم الناس الذين يسيطر عليهم صالح و اخوته و ابناءه من بعده يعلمون ان ابنه الاكبر هو من يجلب لهم كل اخبار السياسيين في المنطقة الغربية هو من يتجسس عليهم بأي طريقة كانت وهو الذي يبتزهم بما لديه عليهم ،وابنه الاصغر ناشط في مجال الدواء ودعم الجيش بكل ما يلزم  هز رأسه يلتقط نفسا : هممم همهم بشدة وهو يزم شفته و يهز رأسه الف هزة : نستطيع اخلاء سبيل المؤيد بشرط دفع دية الاولاد و حقن الدم بين كل القبائل هذا اولا ، ثانيا شرط خروجه من السجن هو ان يذهب للحرب عندما نتحرك !

طرق على الطاولة مرة اخرى يعرض عليهم عرض آخر : او ان يذهب للجنوب و هناك يحمي المدن الداخلية و القرى الصغيرة من هجمات القوات التشادية المعتدية و من هجمات الخوارج التي يقومون بها بين فترة و اخرى ، يشكل قوة عسكرية و ينطلق بها !

رفع رأسه لهم ، خيارين كلاهما مر ، على الحدود التشادية هو المنفى هو الطرد من القوات العسكرية المؤيد سيموت ان حصل هذا سيموت بقهره !

طأطأ الاثنان رأسيهما هما ، كلا الامرين .. العرضين .. ما بين المطرقة و السندان ، قد وضعهم في زاوية حرجة ، المؤيد سيصبح طليقا لكن بين الموت و الموت الآخر !

استنشق هواءا حتى انتفخ بطنه يهز رأسه موافقا : سيخرج للحرب معكم !

قام الجميع في مواجهة بعضهم البعض اطلق عليهم السلام و خرج !

مشيا بجانب بعضهما  كان غاضبا غضب كتمه في نفسه بين الضباط كان سيثور ضدهم كان سيشعل حربا نعم سيفعل قد انساقا في النهاية لما يريدون شرط موجع : انظر الى اين اوصلنا ابنك ، لقد تهور تهور و كل شيء ذهب مع الريح ، ان خرج من هنا فلن نعرف الاخبار وما يجري من وراء ظهورنا وما يخططون له لقد دمر كل شيء بغبائه !

كانت العصا تضرب وكأنها ستفجر الارض من تحتها حين رد عليه سعيد : والله لولا انه كبير لحبسته وضربته قد ادخلنا في مشاكل لا يعلم عنها سوى الله الدية ستتجاوز الخمس ملايين دينار ان لم يكن اكثر ، الناس تستغل الاوضاع في كل مكان وفي كل امر !

قال سعيد مقترحا : ربما يجب علينا الدفع بآيدين في الداخلية همم

تعكر وجه صالح وهو ينظر للأرض يفكر : آيدين صعب صعب لن نمسكه بأيدينا كما نفعل بالمؤيد ، ولكن سنحاول معه و نرى !

ركب الاثنان سيارتهما يقودها صالح خارجا بها من مقر القيادة الى المقر المسجون به المؤيد الذي كان جالسا على سريره هناك لا ينظر لشيء سوى للضوء الطفيف الذي كان يخترق الشباك الصغير ، لأول مرة في حياته يختبر كل هذا ، الغرفة الصغيرة المهترئة و العفونة و الرطوبة و السرير المليء بالبراغيث التي اذت له جسده و اربع جدران تكتم صدره ، كل هذا يشبهها ، يشبهها كثيرا ، علمته كيف يعيش مثلها لبضع ايام ، علمته كيف يتقبل وضعه الذي هو فيه ، لم يتذمر البتة على الغرفة التي حبسوه فيها عقابا لتخطيه الاوامر و استعماله مسدس حكومي مرخص ، كان مغضن الجبين بشدة وكان شعره قد طال هذه الفترة ، فهو في فترة تجييشه وحتى الآن حريص شديد الحرص على حلق شعر رأسه كل ثلاث ايام على الاقل لا يحبه طويلا ابدا اما الان فهو قد زاد في طوله كثيرا وملأ جلدة رأسه فبدت سوداء حالكة ، صار وجهه في جملته اجمل عن ذي قبل ، صار مقبولا حتى بلحيته الطويلة كثيرا الغير مهذبة والتي حقا تريد تقصيرا حين يخرج ...هذا ان خرج ، المؤيد كان يشبه الى حد كبير اخته سُكينة بنفس الملامح كل شيء فيه صغير و عيناه حالكة السواد عميقة مخيفة ، حقا كانت تعجبه رغم انها لا تماثله جمالا ولكنها اعجبته بشدة اعجبته روحها المحاربة ..اعجبه شعرها الغجري المفرود طوال الوقت على ظهرها اعجبته عيناها الكبيرة حتى لونها كان يحبه كانت فقط تحتاج للعناية تحتاج للتغذية و ستبدو جميلة ضحك لنفسه ضحكة قهر لقد حاصرها مثل الوغد كان حقيرا مقيتا ضيق عليها الخناق حتى ما عادت تهمها الدنيا حتى خططت لقتل نفسها ، حينما استفزته كانت تعرف كيف سيكون رد فعله لأنه متكبر حقير لن يرضى ان تكون فضلة غيره !

في النهاية اعجبه ذكاءها ، ذكاءها في الموت و في دفعه هو لأن يكون مجرد انسان !

عندما اودعوه الزنزانة وبات ليلته وحيدا في الظلمة دعا لها .. دعا وهو يبكي وهو يعتصر فؤاده سقط على ركبتيه امام الله يطأطأ رأسه أسفا و حزنا و ضيقا كان يبكي بعبرته جسده يهتز : يا الله لم ارد اذيتها ، يا الله لم اعرف بهويتها ، يا الله لقد ظلمتها .. يا الله ارحمها لانها فعلت ما فعلت من اجل خشيتك ، لا تريد ان تأتيك زانية ولا فاجرة ، اتتك عبدة طائعة فاجعل روحها في الجنة بين من تحب وترضى يا الله ، ثم وضع كفيه على وجهه و اجهش في بكاء عال غليظ جلي واضح ، لأول مرة في حياته يتأثر هكذا من موت احدهم ، لقد ظلمها و الظلم ظلمات ، حبسها في زريبة وتركها فيها اياما لقد اعتدى عليها فيها و قطع ثيابها لقد صفعها جعلها مثل الكلبة.. بكى حتى تمرغ في بكاءه حتى اشتدت عيناه حمرة صار يزن زنا مقهور مقهور ولو اعيدت الكرة سيقتلهم مرة اخرى ولن يندم ، ارادت منه ان ينتقم لها ، لشرفها الذي عبثوا به بسببه ، يقسم عندما يخرج سيأخذ بثأرها من اهل تلك العمارة سيجعلها تسقط من اساساتها على رأسهم جميعا سيرتكب فيهم مجزرة وهذا وعد لن يخلفه ، اما ذاك المتخلف اوس فتالله لقد تربى هو ايضا لا زال في قن دجاج محبوس تراه يصرخ بلا ماء ولا طعام سيتبول و يتبرز على نفسه سيعيش اسوأ ما عاش في حياته و ام رؤوف ستندم و العالم كله سيندم كله سيحترق كله غلا كله قهرا ولن يوفر عملا شريرا لن يفعله !

نظر ثانيتا الى الشباك قد خطط لكل شيء سيفعله رويدا ايها العالم رويدا !

حين فُتح عليه الباب وهناك طل عليه وجه مراقب في السجن : مؤيد سعيد بن زكريا .. اخلاء !

كانوا الثلاثة في السيارة ، لم يتكلم احد منهم ابدا ، الكل يعرف ما حصل وما سيحصل لاحقا الوجوه واجمة متجهمة مسودة حتى قال ابوه : ستبقى في البيت ولن تتحرك حتى تاتيك الاوامر العليا ، هل فهمت !

كان يجلس في الخلف فقط ينظر بعينيه الى كل تفصيل في هذه المدينة ، المدينة التي خدمها بقلبه و عمره ، يحبها يعشقها سيفعل كل شيء من اجل حمايتها وعدا عليه !

حين رد على والده بصوت غائر اعطني هاتفا : تناول هاتف ابوه و دق على احد اتباعه يامره بإخلاء سراح اوس و يبلغه تحذيرا انه خلال ساعاتين على الاكثر يجد ابنة اخته في البيت والا فأنه سيتصرف !

وانتِ يا عفاف .. انتِ أنتِ من سيدخل الزريبة !

 

قبلها بثلاث ساعات

كانت هي هناك في الاعلى تنظر الى المدى ، الى ما بعد البوابة ، الى ما بعد المدينة ، الى ما بعد البلاد ، وابعد من ذلك بكثير ، لقد نشفت الدموع و تحنطت على وجنتيها حتى وصلت الى عنقها و استقرت بين نهديها ، كأن سبخة الملح تيبست على خديها وفي مقلتيها ، كان شعرها الطويل يتنفس بين ردفيها تعقد ذراعيها تلبس ثيابها تعض شفتيها تغمض عينيها تنزل دمعة اخيرة و هي تراقب اشعة الشمس تخرج من هناك من البعيد الى حيث تريد ، تنظر الى الشرفة الملاصقة لها تغلق اذنيها تهجم العبرات عليها تضل تمسكها تمسكها لا لن تبكي لن تجعله يبكيها لقد حطم كل ما فيها ...جرّت ساقيها و دخلت و اغلقت ما بينه وبينها اغلقته للأبد .. دخلت تجر حقيبتها و خرجت بكل هدوء تمر تعبر تدوس على قلبها وهناك خلف ذاك الباب كان هو مع عشيقته وكنت انا ديالا !

 

وهي الاخرى تنظر للسقف تحدق هكذا يكتب لها العالم النهاية التي ماكان لها اي بداية ، لحظات الصمت .. فرمتة الذات ..شيء واقع حصل و تقبلته او جعلوها تقبله ، قربان للدم مرة اخرى ، ودمها هي من سيدفع ثمنه .. منذر .. الصديق .. اخوتها .. اعمامها .. ابوها .. التجارة .. ماذا بالضبط ، لا لن تبكي لن تجعلهم يبكونها ، الكل ضحى بها ، الكل جعلها مداسا .. سترتدي اليوم الثياب الجميلة ، ستتزين احلى زينة ، ستلبس اجمل فستان و ستغني و ترفع الالحان و تغني اه يا زمان اه يا زمان ، و الدموع على خدها تتوازى لقد قتلوا في قلبها لانسان !

 

اما هما فكانا ايضا ينظرا للسقف قد كانت اول ليلة لهما معا منذ ما يزيد عن الاربع سنوات ، ورغم كل ما فعله معها و كل ما حققه في هذه الليلة والتي من الممكن ان تحمل فيها ايضا قد كانت هي تحل صورتها محل وجهها هكذا بكل عنجهيتها بكل عهرها و دجلها كانت تحل كانت تخطر كان يفكر انها هي من يضاجعها حتى وهو ينظر للسقف يفكر كيف سيكون رد فعلها حين يرى من هي اجمل منها بمئات المرات انها زوجته و له ابن منها بما ستفكر ستثور ستعلن عليه الحرب ماذا ستفعل كان قلبه مشغولا بها وفي خيالاته وكل ما قد يحدث ومالا يحدث معها اليوم فهو قد قرر نعم قرار لا رجعة فيه جزاء ما عملته معه سيشلها سيصدمها سيقطع قلبها ، الم تقل انها تحبه اذن ستنال جزاء ذاك الحب سيمزقها كما فعلت به سيجعلها تشعر انها لا شيء انها مجرد انثى لا غير !

وهي ..هي بجانبه كانت تشعر ان هناك حاجز غير مرئي بينهما شيء غريب يقف في الوسط تماما كان يتجنب طوال الوقت تقبيل شفتيها لا لم يفعل لم يقبّل شفتيها لم يمنحها تلك النشوة التي انتظرت كما فعل بجسدها لقد دلله لقد احبه لقد فعل كل ما يرغب ولكنه غاب غابت الروح عنها كان بعيييييدا بعيدا جدا ، قد ادى واجبه تالله قد فعل كان يهمس كان يثور وقد احبت احبت كل شيء ولكن في النهاية قد نزلت منها دمعة لا تعلم ما سببها لا تعلم من اين جاءت لا تعلم وهي تغمض عيناها وتأكل شفتاها و العبرة تتوقف على اعتاب حلقها لا لن تبكي لا تريد ان تبكي ، زوجها كان بجسده و عقله مع اخرى وهي فقط كانت المعبر !

 

في هذا اليوم بالذات تفتقد مليكة التي تعلم جيدا كيف تتم التحضيرات لمناسبات مثل هذه ، اليوم ستحضر ام الصادق و تحضر معها اخواتها و عائلة زوجها كي يحددوا موعد الزواج ، كانت ماجدة حقا مشغولة لا تعرف كل شيء كان في يدها يجب ان تجري هنا وهناك ان تطلب هذا وذاك وكانت الخادمات يجرين في كل الانحاء ، هذه تنظف و ترتب و هذه توزع الورود و الاخرى توزع الانية التي من المفترض ان يوزعوا فيها تقديم اللقاء بين العائلتين ، تشرف على انواع الطعام الذي ستبدأ الطباخة في طهيه قبيل العصر حتى يقدم قبيل صلاة المغرب

كانت رائحة البيت تفوح بالبخور و العطور ، حتى حين دخلت زهرة في الصباح الباكر الى البيت لم تكن تنوي على شيء فهي كانت متعبة متعبة جدا لم تكف عن البكاء طوال الليل عيناها الجميلتان منتفختان الجفن و متحلقتان بالسواد متخبطة تائهة  كلما تذكرت ما فعله بها الساحر تنهار على نفسها لم تتجاوز الامر.. حتى بعد عرض نفسها على يحيا تقززت كرهت نفسها تشعر انها لا تريد لرجل ان يضع يده عليها صارت تخاف من كل شيء حتى من نوايا يحيا تجاهها تشعر انها لم تعد ترغب ان تحتك به او تراه تشعر انها تريد ان تطلب الطلاق ، لقد ذبل كل ما فيها حقا قد ذبل لم تكن متزينة ولا سعيدة كانت تائهة في السموات تشعر بالفوضى وكانت الدمعة تنزلق هكذا بلا سبب على وجنتيها انزلاقا تمسحها ثم تنزل ثانيتا كان وجهها متوردا بشدة حتى عندماعبرت الرجفة وجدت وجه عمتها ماجدة تحدق فيها بكره ، حقد ، غل ، كانت واقفة هي تبادلها النظر حتى اقتربت ماجدة رويدا من جسد زهرة الواهن تهمس في وجهها من بين اسنانها غيظا : ستخرجي من هنا ولا اريد رؤية وجهك ولا وجه امك في بيتي مرة اخرى هل فهمتي !

ابتلعت ريقها ارتعش جسدها خارت قواها اغمضت عيناها نزلت الدمعات تباعا وهي تعض شفتاها تشير الى نفسها في وجه عمتها صوت متكسر متحشرج : تطرديننا !

لم يكن في قلب ماجدة رحمة ولا شفقة ، لقد جاملت ، جاملت كثيرا كثيرا جدا ، دهست نفسها و دعست عليها في مقابل ارضاءه ذاك الخائن الحقير زير النساء صالح ، كرهت ميادة و اليوم الذي رأت فيه ميادة كرهت بناتها كرهت كل حياتها قولي لأمك : اشبعي به صالح خذيه عندك احبسيه خلليه لا اريده كرهته امقته خذيه و اريحيني منه !

كانت تضغط على كل كلمة تقولها وهي تعلم تمام العلم انه هناك يقف شاهدا على كل حرف قالته وكأنها لا تراه ، ستطعنه كما طعنها ، ستدوسه كما مارس الدوس عليها ، ستهينه ، ستقتل ذاك القلب الذي يدعي انه لها : اخرجي الآن ولا ترجعي ابدا !

وهو كان يقف هناك بعدما رجع كان وجهه مصفرا مصفرا بشدة رأى كل الحقد و الغل في كلماتها كانت صادقة صادقة لدرجة يا الله يا الله سكين سكين ..اهتز في مكانه و زهرة تعبره باكية تنظر الى عينيه متوعدة بادلها النظرة ثم رفع رأسه ثانيتا لماجدة التي اعطته ظهرها اغلق عينيه همّا خذلانا ضعفا ألما قد قتلته قد فعلت قتلته بلا رحمة رفسته كأنه شيء لا يذكر لا شيء كأنه ذرة غبار ضايقتها و مسحتها كأنه نملة في طريقها و دهستها ثقل صدره حتى كاد يقع على وجهه كاد يبكي مصدوما مهزوما مدحورا ماجدة اصبحت بلا شفقة!

 

وهي تلك المذنبة في حق نفسها و حق ربها هذا فقط ما صارت تفكر فيه لم يعد حقيقة اي احد ، لم يعد اي شيء يعني لها ، قررت نعم اتخذت قرارا قرار موجع جدا ستعيش معه وهذا قمة الألم نعم ستفعل ، لم يعد لديها القوة و لا القدرة.. حتى فكرة التمرد كرهتها لا تريد ان تعود للمربع الاول لا تريد قد تخطت تلك المرحلة ، تخطتها بكل علم بكل نفس تخطتها بالعلاج النفسي نعم فعلت تخطتها بعدما حاولت قتل نفسها لن ترجع الى هناك ولن يكون هو السبب ، هي صارت امرأة تعرف حدود ربها في كل شيء كل شيء وما احسن من علم الله علما.. العلم الذي وضعها على الطريق القويم ، ان اراد الزواج بأخرى فليتزوج ستبارك له بل ستخطب له ايضا ان اراد والله لن يوجعها الأمر فهي تؤمن ان الرجل يحب التعدد يحب التنويع وامرأة واحدة لا تكفي هذا طبيعة وليس قرار وهي لن تقف في طريقه ، ان تزوج ستحب زوجته و ستحب اولاده ستعاشره بالمعروف الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا ، كل هذا كان خلاصة صلاتها و دعائها في جوف الليل ستتقبل منه اي شيء الهجر ، الكره ، الضرب ، الزواج ، لأنها حقا قد ضيعت الكثير من العمر الكثير من الوقت ولا حيلة في يدها ولا سبيل امامها ستعيش راضية وان كلفها هذا صحتها !

قامت بعدما خلعت ثياب الصلاة و اتجهت الى الخزانة تلتقط انفاسا مرتاحة تبتسم الى نفسها والى ما خلصت اليه.. صدرها منفرجا تشعر انها تستطيع حتى زرع الورود فيها في عمقها بين اضلعها لا تريد ان تكره ولا ان تبغض فلا شيء يستحق حتى وان عاقبها احدهم على امر هي منه براء هي اذنبت و تابت والله يقبل التوبة فلما لا يقبلها البشر لما !

اختارت فستانا ازرقا يضيق من عنقها وحتى منتصف ساقيها بدت كالدمية فيه لبست حذاءا ازرقا عاليا رفيع الكعب بلمعة فضية على جانبيه و وقفت امام المرآة تضع بعض الزينة وبالغت في احمر الشفاه القاني و مشطت شعرها و انزلت غرتها الى ما فوق حاجبيها فبدت كالباروكة حول وجهها اختارت بعض الذهب سلسال صغير بفص لؤلؤ و العديد من خواتم الذهب و الاساور الجميلة و لبست خلخالين في ساقيها رشت عطرها تأكدت من مظهرها ثم اتخذت خطواتها للخارج الى حيث الدرج هناك التقت بوجه صبا الجميل جدا فستانها الاسود بدون اكمام بقصة مربعة عند الصدر يضيق حتى ما فوق الركبة و حذاء اسود يلتف على ساقيها برقة و شعرها جمعته باكسسوار فضي و تدلت بضع خصلات ناعمة تزيدها جمالا حول عنقها و ظهرها المكشوف ابتسمت كلا للأخرى حتى نطقت صبا وهي تقبل وجنة النجلا : الحمدلله على سلامتك

سارت الاثنتان للأسفل تتحادثان وهما تجلسان في قلب الصالة التي سيتسقبلون فيها الضيوف الا وهم اهل نجلا : ها قولي لي ماذا حصل في شهر العسل !

كادت ان تضحك .. عسل .. اهه .. نعم عسل !

احمر وجهها خجلا رغما عنها وهي تتهرب بنظراتها من عيني صبا المدققتين عليها : كل شيء كان رائعا !

رفعت صبا حاجبا ، هي تعرف في اي حالة تركت نجلا في البيت الذي على البحر كانت محطمة و مضروبة و مهانة و مطرودة من بيت اهلها و تعرف ايضا اخاها وكيف عاملها ولكنها استغربت حقا في غيابهما لفترة طويلة عن البيت فهي توقعت ان يعودا حالما تفيق من مأساتها ، تنهدت والنجلاء ترد عليها : سأسألك نفس السؤال حين تتزوجين الصديق !

حدقت احداهما بالأخرى في مكر فكلاهما تعرف من هو الصديق الذي لا يتعاشر !

ضحكت صبا حتى بانت اسنانها البيضاء الجميلة : اخشى ان وضعي لن يختلف عن وضعك

مالت عليها تسر لها : لا اعتقد !

رفعت صبا حاجبا متعجبا حين تابعت نجلا قولها بثقة : الصديق عاش بينكم اكثر مما عاش بيننا و تطبع بكم اكثر منا و عمل معكم لا اعتقد انكِ ستعرفين ما معنى الزواج من رجل لا تعرفيه عن رجل قد كان لك علاقة به منذ الطفولة !

تنهدت صبا و اغلقت عيناها : لا اعرف عن اخاكِ الا كل ماهو سيء فقط !

جاءت ماجدة و هي تثني على مظهر البنتين وفي يدها المبخرة تضعها على طاولة وهي تبسمل سعيدة : بسم الله ماشاء الله تبدين في منتهى الروعة جلست مقابلة لهن وهي ترتدي عباءة حمراء مغربية تضيق عند الصدر و تتوسع حتى الساقين تجمع كل شعرها فوق رأسها في لفة كبيرة وتضع العديد من الحلي في جيدها وعلى رسغيها و في اصابع يديها

تلتفت الى نجلا : الحمدلله على سلامتك ، يسعدني اخيرا انكِ هنا بيننا !

ابتسمت نجلاء بخجل وهي تدور احد خواتمها في اصبعها حرجا و قلقا

كانت ماجدة تنظر اليها بود وهي تعجبها جدا يعجبها جمال شعرها و ذوقها و رقتها و زينتها كانت تحدق فيها بحب على امل انها هذا الشهر تكون حاملا بأبن يحمل اسم ابيه ، اول حفيد لها !

كانت كلما رفعت رأسها ترى ماجدة تحدق فيها حتى قالت لها صبا وهي تضحك : امي كفى لقد احرجتها !

غطت الحمرة وجهها كاملا وهي تسمع ضحكات صبا وهي تهمس لأمها : اعتقد ان ابنك قادر على ان يفعلها في اي وقت !

رفعت نجلاء رأسها لا تعلم عما تتحدث حتى رات صبا تكور بطنها بيدها وامها تنهرها بعينيها : صبااااا بلا قلة ادب !

ضحكت مرة اخرى بصوت عال وهي تكاد تدمع آآآآخ امي امي لا زالت قديمة الطراز !

كانت الجلسة هادئة بها انسجام و حلاوة حتى قبيل العصر قبل مجيء عائلة الصديق بساعة ، فُتحت البوابة على مصراعيها دخلت سيارة بي ام رويدا تجري على الاسفلت كان صاحبها يرتدي ملابس سوداء و يسرح شعره الى خلف رأسه بيده ينظر الى عينيه في مرآته يعرف انه ربما سيتسبب بعاصفة كبيرة في البيت وهو يدخل عليهم بإبن مرة واحدة ، كان قلبه يسابقه الجري يتنفس بعمق يحاول ان يهدء من نفسه ومن قلقه ، لا يدري كيف ستتقبل امه الأمر !

فهي لم تفرح في زواجه ولم ترى الطفل وهو يولد ولم تحمله على يدها وهو صغير قد جاءها جاهزا ربما سيحزنها ربما سيفطر قلبها ولكن سيضل الصغير ابنهم وسيربونه بينهم انتفخ صدره بالهواء

اما هي فصارت ترتعد بشدة ترى كل هذا البذخ الذي هو فيه ، سياراته ، بيوته ، وحتى ملابسه ، تضل تحدق في الاجواء حولها تختلف كلية عما هو خارج هذه الاسوار العتيقة ، لا تعرف كيف ستتصرف معهم كيف سيتقبلون لهجتها العربية وكيف سيقبلونها كزوجة تحت الامر الواقع و تحمل بين يديها صبي ، سيكون هناك اتهام ، احتقار ، صدمة ، ستأكل لسانها وتصمت ، لم تعرف ان هناك اي مناسبة في البيت وهي حقيقة ايضا لا تحمل معها حتى الآن اي نوع من الثياب الباذخة فما جلبته معها من بلادها لم تزد عليه اي شيء ولم تخرج معه لتشتري اي شيء ، كانت ملابسها عبارة عن تنورة ضيقة حتى ساقيها و بلوزة بلون السماء واسعة الكمين و جعلت شعرها حرا تحت حجابها قد تكحلت ووضعت القليل فقط من احمر الشفاه حين كان يقف هناك عند الباب يحدق فيها مليا مليا جدا يدور بعيناه عليها وهو يرتدي ملابسه السوداء تلك ماعدا الجاكيت يلف ساق فوق اخرى و يرفع كفيه سويا ليشعل سيجارا فيما كان تاج يدور حولها ويشد تنورتها رفعته اليها تربت على شعره الناعم الجميل : اليوم سنرى الجدة ، ابتسم لها مكررا : جدة ! كان صوته صغيرا رقيقا حلوا قبلته على خده بقوة وهي تضعه على السرير فبدأ يقفز قفزات قصيرة متحمسا ووالده يقف هناك ينظر اليه يحدق فيه بعينين ضيقتين لامعتين حتى سمعها تقول : لا احب ان تدخن بجانبه ، عادة سيئة !

كان عقله مشغولا مشغولا جدا ، في رأسه الف فكرة عن كل شيء،  متوتر حقا هز رأسه ثم اطفأ السيجار و خرج !

الآن هو هنا فقط نكاية فيها كي يقهرها كي يقول لها لستِ الاولى ولن تكوني ، ان كنتِ فاسدة فهناك من هي اطهر ، ان كنت ابقيكِ في بيتي فهو كرما مني ، نفث انفاسه بقوة يشعر انه مكتوم و متردد في ان يفتح الأبواب و يخرج لهم رعشة غزت صدره و الهواء يضرب فيرفع شعره همس لها : انزلي !

دق قلبها بقوة تبتلع ريقها وهي ترتدي عليها الخمار و الجلباب الطويل الذي تتغطى به تتقدم بخطواتها بينما هو ولاول مرة تراه يحمل تاج بين يديه هناك وقفت مشدوهة دمعت عيناها يا الله كم منظره رائع هكذا يحمله على ذراع واحد والصغير يلف يده حول عنقه يد اخترقت قلبها ولمسته برقة رفعت يدها الى فمها تكتم شهقة اغمضت عيناها راحتا .. اخيرا !

اقترب منها : اسمعي لا تتكلمي قبل ان اتكلم واشرح كل شيء ، حتى اسمك اجليه قليلا حتى لا يُستغرب امرك !

رفعت حاجبها تنكر عليه ما قاله لما يستعر من اسمها : تستعر من اسمي !

اغمض عيناه غضبا : قلت نؤجل نؤجل لا تستفزيني الان قبل ان ندخل !

عندما دخل اولا وبيده الصبي يقف هناك في الصالة وهناك كن .. امه .. صبا .. النجلا !

كان قلبه يدق بعنف في صدره و الكل ينظر اليه والى ما في يده حين توقف الكلام وتوقف الضحك وتوقف كل شيء حتى بان خيال اسود من خلفه !

صورة

صورة

رجل في يده طفل ومن خلفه امرأة !

شهقات فقط شهقات صدمة وجوه مُسحت و سُحقت

يقف ينظر في عيني امه المفتوحة صدمة وجهها اسود كان مكفهرا وضعت يدا على صدرها من الفاجعة قامت رويدا من مكانها تتقدم كمن لا يصدق .. الصورة كانت كاملة كانت واضحة لا تحتاج تفسير لا تحتاج تبرير ماذا يعني هذا ..وكان يضع احد يديه في جيب بنطاله بينما الطفل يصفق بيديه على ذراعه تقترب تقترب فاتحتا فاها : شعيب ماذا فعلت !

اغمض عينا و تحدث بصوت غليظ حاسم تردد صداه في كل المطارح كل الغرف كل القصر كل الآذان الصائغة و النائمة يُسمع من لا يسمع : هذه زوجتي و ابني تاج !

خرجت شهقة عظيمة من صدرها

وهو هناك يتحدى الجميع بنظراته التي استقرت على وجهها ، كانت ترفع ذقنها فقط تنظر تدور خاتم في اصبعها بيدها الاخرى لم تكترث حقا لم تفعل و حقا لن تفعل توقعت منه كل شيء هذا الحقير القواد ، الا  تتوقع من قواد مثله الزواج بمائة على الاقل والانجاب منهن !

مال ثغرها الجميل بابتسامة هازئة ابتسامة لمحتها عيناه الصقرية وهي تدور برأسها عن مداره تبتعد عن عيناه شعرها الجميل يغطي وجهها وانفعالاته عنه.. اليس كل ما فعله من اجلها من اجل هذه اللحظة فلما لا يرى انه يتشفى فيها لما يرى انها تقهره بتجاهلها توقع ان تقوم تبكي تركض تُصدم .. لا يفهم !

غضن جبينه وهو يقرر : زوجتي وابني سيعيشا معنا هنا في البيت في جناحي !

هنا اهتز صدرها اهتز بشدة اهتز من الضحك صارت تضحك تضحك بصوت عال تضحك حتى دمعت عيناها رفعت اصبعا كي تمسح الدمعة ولا تفسد عليها زينتها حتى تنفست اخيرا : آآآآآآآآآآآآآآآآآآه

كانت صبا تنظر اليها مفجوعة مصدومة اقتربت منها جلست جانبها كأنها محرجة منها كأنها تؤازرها هزتها من عضدها برقة وهي تكاد تبكي ، التفتت الى اخوها تحدجه باحتقار : الم تصبر حتى يمر شهر على زواجك على الاقل !

التفتت الى وجه نجلاء التي تضحك تطمأنها بصوتها المبحوح : صبا لا يهمك انا بخير صدقا بخير !

صارت تنقل بصرها من عين الى اخرى في نجلاء

وهو ايضا يسمع ينظر يحدق يضيق عينيه في وجهها ثم يهز رأسه في صبر ناول امه الطفل بلا مبالاة وهي حملته في كنفها لا تزال مشدوهة ، حريق اشتعل في عيناها حتى صارت مثل الدم صارت تبكي صرخت فيه والطفل بين يديها : لقد فجعت قلبي فجعته

وضعت الطفل على الارض و تركت الصالة صاعدة الى الدرج وهي تنشج و تبكي الصدمة كانت كبيرة جدا عليها كبيرة جدا لم يقدرها لم يفهمها ، حفيدها كبير يدخل عليها بهذه الطريقة زوجة و حفيد مرة واحدة من اين لماذا ...كيف يفعل بها اولادها هذا !

حل الصمت على المكان وهي المختمرة تعلقت بكم قميصه صامتة من الخارج ولكن دموع الألم و الصدمة لم تفارقها ، رد فعل كل الاطراف ، وجوههم ، صراخ امه ، لو هي ام وفعل بها ابنها ما فعله هو لتبرأت منه الى الابد لتركته يهيم على وجهه ، انها تفهمها حقا تفهمها ، وتنك البنتين لا تعرف من هي اخته ومن هي زوجته ، تشعر انها حتى الان بعيدة جدا كأنها من كوكب اخر لكل ما يحصل امامها !

جرها من عضدها مجبرا اياها بغلظة كانه يجر جارية الى مخدعه : ادخلي و ابقي معهن !

انحنى حتى التقط تاج بين ذراعيه حمله و اعطاهن ظهره و خرج !

وهي بقيت هناك واقفة لا تعرف قد احرجها قد اخجلها جعلها تغوص في ثيابها كان تصرفه خاليا من اللباقة معها ومع كل عائلته رماها في وجوههم رميا كالخرقة تماما صارت تتقدم رويدا كل ما فيها قد احمر من الخجل ومن الخوف و من الرهبة كل شيء جديد عليها لما يفعل بها ذلك ، لم تنسجم معه هو حتى يرميها هنا بين اهله تريد ان تنفرد بنفسها وتبكي

كلا البنتين صبا و النجلا لم تتحركا نجلاء تطأطأ رأسها لا تعرف حقا ما يجري في روحها شيء غير مفهوم خيال سراب حقيقة لا تدري كيف تقيم الامر !

صبا اتخذت موقفا ضدا ، كرهت تصرف اخوها كرهته حتى دماء عروقها ، لقد قززها حقا ، كيف يتصرف بهذه الطريقة كيف يفعل ذلك بهذه السهولة ماذا يظن نفسه وهو يقهر زوجته التي للتو وصلت للبيت !

تشعر بالقهر بالعجز تشعر انها تريد ان تركله ان تصفقه ان تضربه كان صدرها يعلو و يهبط في ثورة وهي ترى تلك المرأة تتقدم لهم بتلك الهيئة استحقرتها نعم فعلت امرأة تاتيهم بهذه الطريقة بولد بلا علمهم بلا موافقتهم بلا اي معلومة عنها وعن عائلتها من هي كيف حدث هذا الزواج هكذا رماها في وجوههم و يريدهم ان يتقبلوها بل وتعيش معهم ايضا ،!

ولكنها هي تعرف تحس تشعر ، تشعر ان تلك المرأة مثلها تماما ، ليس غريب عليه ما يفعل ، لما يظلمها كل تلك السنين وهي له منه ولد ، فيه من الجبروت ان يجبر امرأة ان تعيش في ظله بلا اهله صارت تتوقع منه اي شيء وكل شيء !

هي الدخيلة وليست تلك المرأة المنقبة ، تزوجها عليها وهو لديه منها ولد ، هي من يجب ان يغضب ان يثور ان يكسر الدنيا فوق رأسها ان تكرهها ان تحقد عليها ، هي الاولى وليست هي !

التقطت نفسا وهي تبتسم لنفسها قامت من جلستها و تقدمت ناح راعيل المرتبكة التي تبكي من تحت غطائها وقفت امامها تحت انظار صبا المستغربة توقعت ان تجادلها ان تصفعها ان تمرغها في الارض ولكن ما حصل فتحت منه عيناها على وسعهما حين فردت ذراعيها الى تلك المرأة وتلك التقطت الاشارة حتى وجدت نفسها اخيرا ترتمي في احضان احدهم ارتفع صوت بكاءها صوت من حنجرة مذبوحة صدرها يختنق من قهره لقد اذلها لقد حطمها ما فعله بها لا يُغتفر

صارت نجلاء تربت على ظهرها برقة رغم ان تلك تفوقها طولا تفوقها جسمانيا ايضا ولكن كانت لديها القوة ، نعم القوة التي تجعلها تفعل ما تفعل هي الشاهدة على كل اعماله ..على كل سلوكه ..على الماخور .. على النساء فيه ..على زوجاته .. على اختها ..و بكاء هذه المرأة خير دليل على ما فعله صارت توشوش لها حتى بكت صبا هي ايضا : شششششش فيما كانت راعيل منهارة ، رد فعل امه تجاههم رميه لها هكذا امامهم سقطت الروح سقط العمر سقطت العزة لقد مرغها

صارت تشخر ببكاءها مع صوتها المخنوق الذي خرج لهن صوت ناعم رقيق ضعيف جميل : والله لم يكن قصدي لم يكن هذا ما اردته !

كانت تبكي معها لقد مزقت لها شغاف قلبها وشعرها يميل عليها تهمس لها تطمأنها : لا بأس اهدأي تماسكي لا تجعليه يبكيكِ هذا الحقير القواد !

تصلب ظهر راعيل بشدة حتى كفت عن البكاء كل دموعها قد بللت خمارها صار كأنه خارجا من البحر تستنشق انفها لقد هدأت فعلا هدأت حتى تركتها نجلا تجرها معها الى حيث صبا المتأثرة والتي كانت تمسح دموعها بمنديل في يدها لقد افسد عليها يوم المفترض ان تفرح فيه كل فتاة ، صارت تنظر الى الساعة نصف ساعة و يأتي القوم ومنظرها كأنها خارجة من عزاء ، قامت بسرعة تقول : نجلاء سأعدل من مظهري قليلا قبل ان تأتي الجماعة و سأنظر ما حل بأمي : هذا الجلمود القى قنبلته و تركها بلا تبرير !

سمعت صوت خطوات صبا تبتعد وهي جلست واجلست راعيل جانبها تنظر اليها من خلف الخمار ..قلبها كان يقرصها عليها شعرت كأنها مسؤوليتها قالت لها ببحتها الخالصة : اعتقد انكِ يجب ان تخلعي خمارك اراه مبللا جدا !

رفعت اصابعها شديدة البياض رقيقة الاصابع ترفع الخمار عن وجهها رويدا حتى ظهر كله بعدما فتحت عيناها في عيني نجلاء التي رفعت بلا وعي كفا الى فمها دهشة فاتحتا عينا صدمة تقول في سرعة تعودت عليها : بسم الله ماشاء الله الله اكبر صار قلبها ينبض بقوة وهي ترى جمال راعيل الذي فاق جمال زهرة بمراحل كثيرة بلعت ريقها تحاول الا تنظر مجددا اليها فتصيبها بالعين ، كان تفكير نجلاء جدا رقيق و واعٍ و متفهم حتى وهي تنظر الى وجه ضرتها المتورم من البكاء ولكن جمالها بياضها حتى عروق جبهتها الرقيقة حقا لا تفهم لا تفهم ان كان عنده امرأة مثلها في جمالها فلما هي لما تزوجها ، خافت ان تنظر مرة اخرى الى وجهها وهي تقول لها : ساحضر لكِ كأس ماء حسنا !

هزت راعيل رأسها موافقتا فهي لم تتوقع ان احد قد يعاملها هكذا في بيته امسكت بيد نجلاء قبل ان تقوم والتي التفتت عليها لا زالت الدهشة في وجهها من شدة صدمتها : هل انتِ اخته !

بلعت نجلاء ريقها حرجا وهي تهز رأسها نفيا وهي تقوم من مكانها فوقع قلب راعيل في حجرها وهي تغمض عيناها لقد تلفت تلفت تماما اذن هذه زوجته ، نزلت دمعة اخرى من عينيها وهي تقضم شفتيها قهرا تتابع نجلاء بعينيها ، جميلة رقيقة حلوة شعرها رائع عيناها كبيرتان و ثغرها جذاب و جسدها صغير كانت مثل اللعبة تنهدت وهي تراها تعود وفي يدها كأس ماء تناولته منها شربت ثم قامت وهي تخلع عنها باقي الثياب السوداء حتى انكشف شعرها و جسدها على عين النجلاء التي اخذت تبارك الخلاق فيما خلق كانت تبتسم لها : انتِ جميلة ماشاءالله ، قرأتِ اذكارك قبل خروجك من البيت !

غضنت راعيل حاجبيها متسائلة : حصنتي نفسك اقصد !

ارتبكت حتى احمر خداها واشتعلت عيناها تهز رأسها نعم وهي تبتلع ريقها توترا و قلقا

ثم جلست كلتاهما صامتة حقا كلتاهما لا تعرف كيف تتصرف تجاه الاخرى تماما !

حتى سمعن خطوات ثقيلة خطوات كانت دائما ما تدوس على كل ما في طريقها ، العنجهية ، الكبر ، العزة ، الغلظة ، كلها فيه !

وقف هناك ينظر الى تلك الصورة التي يراها اسند ذراعا على الجدار بجانبه لاويا ساقا فوق ساق يحدق بكلتيهما راعيل تنظر له في عتب اما الاخرى فتجنبت النظر اليه تماما صارت تستحقره ..حقا تفعل ..قال هازئا : لا اسمع صراخا ولا اسمع زعيقا ولا ارى احد يشد شعر احد !

كتف ذراعيه على بعضهما البعض حين نائت ابتسامة لنفسه وهو ينظر للأرض تقدم رويدا باتجاههن يرفع رأسه بكل لؤم يلوي شفته حين قامت هي تستأذن في وجه راعيل : اعتذر منكِ لكن سأصعد !

تخطته ريحها بكل برود فيها.. يراها تتخطاه هكذا يضل يلاحقها بنظراته من ساقيها و خلاخيلها و ردفيها و خصرها و ظهرها و شعرها و ما خلفه عطرها لم تنظر اليه ابدا كأنها لا تراه لا تعتبر لوجوده نفث نفسا مغمضا عينا قلبه يطرق بين اضلعه لها وحدها.. الم يفتك .. يفور دمه تنهد حبا تنهيدة وصلت لتلك التي تجلس مخذولة محمومة بدأت تكرهه ..حقا تفعل.. اليوم فقط اثبت لها نذالته اثبت لها حقارته انه يرميها امام زوجته  قد بانت غايته ، كانت تنظر له و الغضب يلمع في عينيها : اوصلني من فضلك للغرفة و احضر لي تاج !

قامت وهو وقف امامها وهي تحاول ان تسبقه ولكنه امسك عضدها بقوة : ما بكِ !

شخرت سخرية .. هه .. خرجت من حنجرتها حتى القت بيدها فوق يده نزعتها بقوة عنها وقفت في وجهه تتحداه بعينيها الجميلة التي تلمع : اياك ان تفرض نفسك علي مرة اخرى !

كان شرار التحدي يخترق مسامها فيطوف حولها : لن اسمح لك ان تجعلني لعبة ، تركته واقفا مذهولا مصدوما وهي تعطه ظهرها وتتحدث : احضر لي ابني !

ما حدث في الخارج في المجلس الذي يجلس فيه صالح و اخوه سعيد و اخوه امحمد حين دخل عليهم في يده ابنه المدور الوجه عيناه لوزيتان كبيرتان لونهما اصفر اهدابه طويلة ملفوفة حتى حاجبيه السوداوين و فمه احمر قان بارز ممتليء مدور يشبه القلب في شكله ..شعره غزير جدا ناعم جدا لامع كأن لونه مثل العقيق الأخضر يقع على عينيه.. في ذقنه علامة حسن وفي احدى خديه غمازة مدقوقة دقا كان بارع الجمال ابيضا جدا فتح الجميع عينيه صدمة حين تقدم وهو يقول لأبوه بكل برود فيه : حفيدك تاج !

سقط عكاز صالح من يده كادت عيناه تتدحرجا خارجا اسود وجهه : ماذا !

خرجت متحشرجة غليظة تائهة حتى زم شفتيه بقوة نفخ انفه علا صدره : تفعل مثل عمك !

نظر امحمد له في لوم و عتب : يعني لفت الحكاية وانا السبب ما دخلي انا !

لا زال صالح غاضبا اما امحمد ابتسم ضاحكا مادا يداه تعال تعال ارني اياه امسكه بين يديه يهزه يتطلع الى وجهه : ماشاء الله تبارك الرحمن جميل جميل

صالح يريد ان يفهم يشعر بالغيظ الشديد يريد ان يصرخ حين شد سعيد بيده على فخذه يهدأه : لم يكن هذا العشم يا ابن اخي ، على الاقل بلغنا بزواجك كي نتوقع ما بعده !

جلس مفرقا ساقيه عن بعضهما يسرح شعره الغزير الى الخلف بيديه حتى بانت ساعته الفضية : عمي انا نفسي لم اكن اعلم بوجوده !

انتفض الجميع في اماكنهم وهو ينظر الى عيونهم واحد بعد الآخر يهز رأسه يثبت قوله : منذ فترة بسيطة فقط عرفت لذلك سافرت واحضرته !

نفخ صالح صدره يكاد يختنق لم يقل سوى يا ابن الكلب

اغمض عينيه في وجه ابوه الذي صرخ فيه : ماذا نفعل بعائلة الشيخ معاذ حين يعرفون ان ابنتهم التي لم يمض شهر على زواجها تحضر لها ضرة !

لوى شفته ممتعضا وهو يريح ظهره اخيرا على ظهر الكنب من خلفه : لما سأهتم بما سيعرفونه !

هذه حياتي وانا حر فيها ، لن اترك ابني يتربى بعيدا عني ، فيما كان امحمد يحضن الصبي يغمره في صدره فهو يحب الاطفال جدا يميل عليه يقبله في خده قال مداعبا : وهذا الجمال جمال امه !

رفع له حاجبا محذرا : عمي !

ضحك حتى بانت نواجذه وهو يغمز له : فلتة يا ابن اخي !

حتى رفع صالح عكازه في وجه اخوه الذي يشجع ابنه على افعاله يكاد يضربه بل رفسه في ساقه حتى تألم : يا صالح انظر الى نسلك لقد تحسن !

حتى مالت شفة صالح ضاحكا رغم ان الموقف بأكمله يتطلب وقفة جادة ضد تصرفات ابنه الاكبر التي لم تعد متزنة ابدا : ومن اي العرب هي المرأة !

رد عليه في سرعة : يمنية !

رفع حاجبا ثم سمع ضحكة عمه امحمد التي انطلقت حتى غمرت المجلس : وصلت حتى اليمن يا ربي ماذا تفعل !

ثوان حتى ضحك الجميع وصالح يقول لاخاه : والله ما افسد اخلاق الاولاد الا انت

يرد عليه : تقصد انت لم تثني ! حتى انك انجبت بنتا قبل اسبوعين على الاقل يغمز له بعينه حتى حذره صالح بنظره : امحمد كفى !

هز رأسه : اه اهه حلل لنفسك وحرم على غيرك

نظر الى شعيب : مبارك عليك يتربى في عزك ناول الطفل الى صالح الذي اخذه يحضنه بقوة في صدره وبين يديه يقبله يدقق النظر فيه يبارك الله على خلقته ...

 

كان رأسه فقط هو من يتابعها وهي تغادره غاضبة هكذا كان كل جسدها ينتفض حتى قبضتيها كومتهما كانها ستضربه رفع حاجبا لعق شفته ثم التفت بكامله يلحق بها حتى قال لها تابعي للأعلى ، هناك حين وصلت الى الردهة الكبيرة الواسعة تقدمها حتى عبر الممر الداخلي في الطابق هناك فتح لها بابان ، تقدمها الى احداهما بقامته الضخمة : هنا او هناك اختاري ما تحبي كل الغرف متاحة في هذا الممر !

دخلت الى غرفة منهما جلست على صوفا وثيرة فيها لم تكن تنظر الى اي شيء ولا حتى هو وضعت وجهها بين كفيها و صمتت في مكانها كانت مستنفذة كل قواها ..قد خارت روحها.. ترى كيف هي الحياة هنا .. صعبة .. اقترب منها حتى رأت حذائه رفعت رأسها له ولا زالت عيناها تشتعل تقول له كم انه نذل حقير انزلت رأسها لكنه رفعه بقوة من ناصية شعرها يحذرها : اياكِ ابدا ان ترمقينني بتلك النظرات فهمتي !

ترك شعرها وهي قلبها قد غار كثيرا في عمقها كيف يعاملها هكذا لما يستحقرها لما يمارس قوته عليها انتفخ صدرها تلهث تريد الصراخ تريد ضربه و خربشته تريد عضه حتى تدمي له عضوا فيه ولكنها فقط البداية ، بداية كل شيء معه ، يا ليتها ما تركت والدها ولا بلدها ولا سلمته البارحة نفسها انه يستصغرها و يستحقرها ما جاء بها الا لغاية في نفسه بعدما كان مصمما ألا يعلم احد بوجودهما اصلا في بلاده !

رفعت له يدا ترفضه : اتركني في حالي ارجوك !

تركها كما امرت بلغت ساقاه نهاية الممر حتى اتجه الى هناك الى حجرتها فتح الباب بقوة ثم دفعه خلفه حتى اغلق مخلفا زلزالا  

اما هي فكانت عند المرآة تعدل احمر الشفاه و تطبقهما على منديل لتزيل البقايا ثم مررت الكحل داخل عينيها كانت تتصرف وكأنه غير موجود تتحرك بكل راحة و بساطة وهو يقف هناك يحدق فيها ، في ساقيها وبروز شفتيها دغدغة امعائه  يعض شفتيه آه كم يعشق تلك السيقان حتى خرجت الكلمات من حلقه تباغتها : لو يضعون ساقك مكان رأسك !

رفعت له حاجبا مستحقرا امسكت المشط ثم عدلت خصلات شعرها خاصتا فوق جبهتها كانت غاية في الحسن كان يتقدم ببطء تجاهها حتى وقف خلفها يغرز يده في شعرها تجمدت وهي فقط تنظر الى ملامحه العدوانية في انعكاس صورته : خرجتِ من البيت بلا حجاب ، رقصتي بين الرجال ، فقدتي عذريتك مع احدهم !

زاد شد الرأس قسوة حتى اغمضت عيناها تضغط على اسنانها : امرأة فاسدة بكل ما تعني الكلمة !

خرجت الكلمة منها مبحوحة اكثر مما تتصور ثابتة لا خوف لا لوم للذات : ان لم يعجبك طلقني !

اترك شعري.. قالتها بكل قوة و تصميم وهي تحرك يدها كي تفك شعرها من بين اصابعه المتشبثة به

ولكن عيناه غامتا بالحقد : تريدين الطلاق كي تعيشي على سمعتي ، من يلمسك من بعدي يقول كانت متزوجة وانتِ اصلا فاسدة !

كان منتقما ثائرا لم يصفد شياطينه بل تركها بينهما تلهو تنفذ تشق !

لا يدري افلتت من بين اصابعه حتى تقطع شعرها وهي تلتفت له وهناك ترن صفعة حامية بينهما صفعة كانت قرارا كانت مصيرا كانت كرامة صفعة جاءت في نهاية خده ولكن صوتها رن في الحجرة كضرب الطبول كالأجراس كزعيق ملك وسط السماء عيناه المصدومة في عينها الثائرة صدرها كان يهبط وينزل بسرعة كبيرة اسنانها تسحق بعضها البعض وعيناها تحرقه بنارها

كان الصمت بينهما قاتلا حرب موت عنف الانفاس تتدافع بينهما وهو كأنه حصان جامح كانت عيناه تخرجا عليها هي الواقفة الصامدة الجامحة لفت تريد تركه ولكن يداه كانت اسرع وهي افلتت بسرعة وهو يلاحقها كلما وضع يدا عليها تفلتت منه كان صراعا كانت تضرب يداه تضرب ساقيه تضرب صدره كان صوت الحركة و الانفاس و العراك الصامت الشبيه برفع السيوف كل قد سن حده يمسكها من خلفها تزأر مثل اللبوة كانت الحركة بينهما سريعة كالنمر و الغزالة  مناورات تصويب رصاص كل الطرق متاحة كان يلهث وهي تلهث حركة الاقدام تمايل الاجساد تطاير الاحذية كرقصة قديمة بالية رقصة عاشق يلاحق خطيئته

 لقد اتعبا بعضهما في التفلت و التمسك حتى تهدل شعره عن جبهته يشدها بكل قوته الى صدره ترفس تتحدى تخربش له يده.. تتمسك بغطاء السرير بقوة حتى ارتمى على الارض ..صارا يمرغا كل شيء في طريقهما.. وهي تتمسك بكل شيء تلتقطه عيناها كانت غاضبة جدا جدا كيف يقول عنها تلك الكلمة المقيتة تلك الكلمة الحقيرة ان يطلق رجل على زوجته لقب فاسدة فهي النهاية نهاية كل شيء.. كان يقربها للسرير وهي تدفع نفسها بجسده عنه حتى تحرك من مكانه يهمس بغل في اذنها : تستشرفين علي انا يا بنت الكلب رفع ذقنها بقوة الى الاعلى حتى انحنى رأسها للخلف بعنف.. صدرها يعلو و يهبط في ثورة يلقيها على بطنها على السرير وهي تتلوى.. شعرها ينتثر حولها كالمروحة يداها قيدها خلف ظهرها ساقيها بين ساقيه يحاصرها ..يميل عليها كله يفح عند رأسها مثل الافعى : هناك عمل لم ننجزه في المرة الماضية

تصرخ من بين اسنانها المغتاظة و انفاس انفها المندفعة وهي تسمع صوت سحاب بنطاله : لا تفعل لا تفعل لن اسمح لك ان تفعل ايها القواد الحقير

كان السرير يتحرك بهما بقوة يكاد يقع ..هو بكل غضبه وهي بكل عنفوانها و ثورتها تتقلب تتقلب ولكنه لم يمنحها الفرصة وهو يرفع فستاها تصرخ تنتفض : لا تفعل اكرهك اكرهك

يرفع حاجبيه يفتح فيها عينيه مغيظا وهو بالكاد يتنفس : دفعت فيكِ مهرا اريد مقابله !

حين دفع بنفسه داخلها كان وجهها على السرير يتمرغ كانت تبكي حرقة اتركني ايها العاهر ايها القواد كان يهتز بها منتشيا مستمتعا حتى رفعها بقوة ..كفيه حول نهديها.. يضرب ظهرها صدره.. يهيج شعرها يلقيه جانبا يقترب يقضم اذنها يلهث : لا ..لا تريدين ..ولكن انا انا اريد من تلك الساعة وانا اريد ..من تلك الرقصة وانا اريد.. من تلك القبلة وانا اريد ..حتى ان كنتِ فاسدة فأنا اريد.. امنعيني ان استطعتي  

كل كلمة كانت تنزل كالسوط تجلد بلا رحمة جلدها يحترق يلتهب يعاني تغمض عيناها تقضم شفتاها تأكل نفسها فالقوّاد جعلها جارية !

حتى دفعها ثانيتا على بطنها يرفع خصرها تحاول ان تنقلب فيرجعها الى وضعها كما كانت تشعر بالذل تشعر بالعار ان يعاملها بهذا الفحش بهذا الفسق كأنها غانية من غانياته ان يمارس معها الحب بهذه الطريقة المتوحشة التي يتبعها بلا رغبتها كان جسده يضرب جسدها بكل قوة يملكها ليس فقط يريد اخضاعها ولكن رغبة قاتلة تجره اليها رغبة ملحة يريد ان يرويها حتى ان كانت تنتحب ان تبكي لا يهم ابدا فما في خاطره سيلبيه

قد كان لها في قلبه عشقا ..تعلقا ..شيئا جميلا خاصا بها وهي قد حطمته دمرته قتلته حتى حين قلبها بقوة و قابل وجهه وجهها ينظر اليه مليا ينظر وهو يقطرعرقا شعره كان في معركة وعيناه كانت غامضة ينظر اليها في شك في حيرة لا يفهم لم يفهم شيئا كان قلبه يهتز بقوة في صدره يقرب وجهه منها، في عينيها قوة وفي شفتيها وعد، هي التي تنتفض خوفا تخالطت انفاسهما ينقل عينه من عين الى اخرى يهمس : اعطني اسما !

كانت تعض شفتاها قهرا : لا احد

كانت يداه تتسلل الى خصرها تحت فستانها حتى تصل الى نهديها تنفست بقوة وهي ترفسه تراجع قليلا ثم هجم وهو يردد مغتاظا: لا احد !

كانت ترفع صدرها الى الاعلى وكأن جسدها قد استجاب ليداه تنظر مباشرتا الى عينيه بنفس الهمس المبحوح : لا احد !

كان يعرف تماما اين يضع يداه اين يوقظ فيها النشوة كيف يوقظ فيها اللذة ولا زال يرتدي قميصه و بنطاله مفتوح ساقط من خصره كانت تغمض عيناها تقاوم من بين دموعها حتى سقط على شفتيها يلتهمها كان هجوما غجريا بدائيا وهنا لم تستطع لم تعد تقدر كان قد ايقظ كل شيء فيها صارت ترغبه رغم كرهها له ..صارت تريده رغم حقدها عليه.. تبغضه وتريد وصاله ..تحولت حركته لوحده الى مشاركة منها حين قابلت القبلة بأعنف منها قابل عيناها تائها حائرا مغتبطا : هذه هي فتاتي !

كان الحقد بينهما وعيناهما تتقابل بالنشوة باللهفة مدت يدها بكل عزم مزقت له قميصه ونفثت في وجهه ترفع رأسا و تشمخ بأنف و تحرك شعرا كل يأخذ بثأره من الآخر في جسده في عمقه كان ينظر الى قميصه حتى التوت شفتاه في بسمة.. نزعه عن صدره .. كانت تصفع و تضرب وهو يسب و يشتم وكله كان همسا كانت معركة سريرية بامتياز قام فيها الطرفان بكل ما يملكان من قسوة و غل و رغبة كاد السرير ان يتحطم هو يصهل و هي تزأر مثل اللبوة.. كانت الانفاس تتقاتل حامية تغلي فوق اللهب.. آنات آهات صراخ و لهاث ..ساعة هو يعلوها و ساعة هي فوقه حتى توقفت الفوضى تماما و سكن الفراش و خمدت اللذة وصار الاثنان ينظرا للسقف متعبان صوت اللهاث غالب على السمع يطرب نفسه  شعرها زينتها ملابسها ماعاد شيء فيها يُعقل ..قامت تاركتا الفراش له يسمع صوت باب الحمام يُغلق .

اما هو يكاد يفقد عقله كانت اغرب طريقة يمارس فيها الحب مع احداهن لم تكن عادية كان كل شيء يخرج من جوفها بادلته الحب العشق الجسد حتى صار مغشيا يغمض عينيه قلبه يهتز يهتز بقوة يغلق شفتيه على بعضهما البعض  هو المحنك في النساء و طبائعهن يعرف من الخبيرة ومن المبتدأة ، يعرف بطرق عميقة يعرف جيدا وهي لم تكن لم تكن ..رفع كفيه الى شعره يرجعه الى االخلف يبتلع ريقه بغصة بحرقة حتى غمق لون وجهه وغضن جبينه وغامت عيناه لقد كانت .. ضيقة ... ضيقة جدا كعذراء ليلة عرسها  بالكاد استطاع اقتحامها ، لا يعرف لا يفهم قام جالسا يحدق في باب الحمام هناك وهي التي تغدق على نفسها بماء الاستحمام لم تندم لم تكن نادمة قد فعلت ما يستحق وما تستحق هي ارادت وهو اراد تبادلا الرغبة لا شيء هنا مبني على الحب ..فقط هي الرغبة التي ايقظها فيها لا تعرف ان كانت سعيدة ،ان كانت مغتبطة وهي تنام مع رجل قد جاء للتو بزوجة اخرى، اجمل منها بمراحل عدة ..امرأة مثل حوريات الجنة، تركها وجاء اليها هي..

 اغلقت الماء و لفت نفسها و فتحت الباب ثم خرجت ، تريد تبديل ملابسها على عجل فأمها قد وصلت منذ زمن وهي حتى الآن لم تنزل ولكنه هناك كان بقامته المديدة بجسده الفخم العظيم العظم.. صدره العاري و بنطاله المقفل هذه المرة بعينيه الغائرة الحائرة يقف كالعملاق في طريقها يسد الباب عليها ترفع وجهها الى وجهه تحدق فيه و هو ينقل عينيه الى كل تفاصيلها : اعطني اسما !

كانت تبلع ريقا.. شعرها مبلل.. كل زينتها ضاعت.. صارت نقية نظيفة بريئة رائحتها تهيج المهجة.. اعلى صدرها و عظم ترقوتها و كتفيها و ظهرها العاري و نصف فخذها وحتى ساقيها التي يعشق ولا زالت الخلاخيل هناك معلقة امسك برسغها قالت تهمس وكأن احد سيسمعهما : اهلي في الاسفل يجب ان انزل !

كانت تعض شفتيها بقوة ولكنه لم يتركها فرد الهمس وقلبه يهزمه و يتعداه  يستجيب لكل همسة و نغمة و بحة : قلت اعطني اسما !

التقمت الهواء بقوة واستجابت : لقمان ! لقمان ابن حذيفة !

اغمض عينيه لافا رأسه عنها يبتلع ريقا محسورا مقهورا كان الاسم يقع وقع القنبلة على نفسه فجر روحه و فتت اجزاءها يا ليتها اصرت على قولها ..لا احد ..كان سيصدق سيصدق ولكن اسما !

تخطته الى الخزانة اخرجت ملابس اخرى اغلقت باب التبديل عليها و تركته هو يسبح في غيه في عقله.. خمس حروف وقعها كوقع الزلزال على نفسه.. انهارت مدنه واحدة تلو الاخرى تقهقر في وقفته حتى وصل الى السرير جلس على حافته يضع رأسه بين كفيه مهموما مغموما عيناه تتشققان دمعا.. حريقا في الجوى المًا بين الحشى وبالنار اكتوى ..يحبها يعشقها ولا يعرف كيف يتحكم في عشقه هذا لها.. عشق يتغاضى فيه حتى عن خيانة عن منح نفس عن هتك عرض يتغاضى عن كل شيء فيبقى هو الزين بلا شرف .. وجسد لا يفهم ..كل شيء مبهم كل شيء مبهم !

 

 

اما في الاسفل فكان الوضع طبيعيا ، الجميع هناك الصالة مليئة بالنساء القهوة رائحتها تفوح بين الاركان و صوت الضحكات و الهمسات في الزوايا وصبا كانت تجلس هناك لا تكاد تصدق لا تكاد تتعرف على نفسها لم تضحك لم تبتسم كان كل شيء غامقا كل شيء بلا طعم تراقب فقط ، ها هي امه ، بسيرتها العطرة !

عماته وخالاته الكل يحدق فيها كانت جميلة راقية لطيفة تجلس متلاصقة الساقين تميل بهما و هي تحمل فنجان القهوة في يدها تشربه بلا فطنة ، الزواج سيكون الخميس القادم فكل شيء جاهز لا تتخيل بعد انها ستزف اليه هو ذاك المقيت الذي تكره تبغضه ومن اجله ضحت بكل شيء ولا زالت تضحي ، غائبة عنهم كانت ..غرقت في عقلها حتى ما عادت تسمع الاصوات التي معها ..

بيت اهلها عزيز عليها ، لا تتخيل تركه لا تتخيل ان تعيش بعيدة عن امها وعن اخوتها حتى عن كل المساحة المسكونة هنا ، هنا سحر ، هنا حياة ، هنا راحة حتى وهي محطمة ، لو كانت هي المتحكمة في زمام الامور لطلبت منه ان يعيش هنا معها ، عضت شفتيها قلبت عينيها للسقف لا تعرف والله لم تعد تعرف ، كيف ستعاشره هذه هي كل القصة و الخلاصة كيف ستتقبله كيف !

تركت الفنجان من يدها و قامت واقفة حتى لفتت انظار النساء اليها وجهها كان متحرجا وهي تستأذن للخروج و بنظرة اخيرة الى وجه امها التي تحاول ان تنسجم ان تجامل وهي مكفهرة حتى اثار الدموع لا زال في عينيها اخذت نفسا عميقا و تحركت الى الجهة الاخرى من البيت حين فتحت الابواب الباب تلو الباب حتى وصلت الى هناك المساحة التي يحيطها الزجاج من كل ناح وفي الوسط حمام السباحة اتجهت الى كرسي من الكراسي و جلست عليه تحدق في الماء في موجاته الطفيفة في عمقه في السيراميك الذي تحت قدميها

رويدا رويدا ، مالت برأسها قليلا حتى ترى الزائر الغريب ، حذاء اسود فخم يلمع و بنطال قماش اسود يتقدم رجل بقميص ابيض مفتوح اول زر عند العنق لحيته مشذبة يمسك في يده اسطوانة سواك لابد منها شعره اسود و عينه سوداء و انفه مستقيم و شفتيه عريضة تحت شارب كثيف يقترب يضع يدا في جيب بنطاله و الاخرى الى اسنانه يمرر عليها السواك كما هو هكذا رائحته سبقته اليها مالت شفتيها واستقامت رقبتها تنظر الى الماء حتى رأت خياله يعبر امام عينيها يعطيها ظهره ينظر حوله يخرج صوته الشديد الغلظة جهورا : قلت انكِ ستختبئين هنا !

صمتت تنظر الى اصابع يديها الى الطلاء على اظافرها تزم شفتيها رفعت رأسها تحدق فقط في ظهره في اناقته مالت شفتها بابتسامة لنفسها حتى رفعت رأسها واعتلى ذقنها في هذه اللحظة التفت ونظر اليها وهي تجلس هناك بكل ذاك العنفوان والآنفة والبهاء كلا يحدق في عيني الآخر هو يرفع لها حاجبا كمن يقول : حسنا هنا انا وانتِ واخيرا !

كانت تحدق فيه بعينين ضيقتين ابتسامة تلوح على شفتها اخذت نفسا عميقا في وجهه : ارى انك تصدق نفسك !

اقترب منها حتى جلس عند ساقيها وضع ذراعا على فخذيها و اسند رأسه اليها حتى صارت ترى شعر رأسه القصير الاسود الناعم الغزير هممم خرجت من حنجرتها : لما تفعل معنا ما تفعل لم افهم ماذا تريد !

حقن الدم كان ليكون بدفع الدية و اكثر من الدية ايضا فلما !

كانت تتعامل معه بكل بساطة هي تعرفه وهو يعرفها جيدا جدا منذ كانوا اطفالا حتى وضعه الان على فخذها لا يهزها ولا تستغربه امسكت بذقنه بين اصابعها و رائحة يدها تفوح عطرا ترفع رأسه تقترب من وجهه : اخشى انك ستندم !

كان ينقل مقلتيه من عين الى اخرى فيها : صدقيني  لم افعل ما فعلته سوى من اجلك من اجل ان احصل عليكِ من اجل ان تكوني لي !

ضحكت حتى بانت اسنانها وهي ترفع رأسها للخلف تستهين بما يقول : فجأة هكذا خطرت ببالك فقررت شن حرب ! هكذا !

هز رأسه ناكرا عليها رأيها فيه : تأخرت اعلم انني فعلت ولكن الى حين ان تنحى المنذر عن الطريق جئت !

كانت تنظر له بلؤم وكأنها تعرف ببواطن نفسه همست في وجهه : صدقني حتى لو ركعت امامي لن اصدقك !

ارادت ان تقوم من مكانها قامت وهو كان عند قدميها رأسه في مستوى ركبتيها كمن ينحني لها ناظرا الى وجهها عميقا جدا حتى كاد يخترق جوفها بنظراته تلك يقول بصوت مبحوح : ستصدقينني يوما !

رآها وهي تبتعد عنه شامخة الرأس صار يتبعها بنظراته حتى اختفت عن نظره تنهد عميقا ثم التفت ثانيتا الى المسبح ينظر الى عمقه ، في تلك الاثناء دخلت زهرة من الباب الاخر للمسبح حاملة في يدها منشفة ترتدي فستانا قصيرا فوق ركبتها يكشف مدى بياضها وجمال ساقيها و نعومتهما و تورد كعبيها و بخيطان رقيقة عند كتفيها يتدلى بفتحة مربعة عند نهديها كانت تشبه القشطة ! تفرد شعرها الذي يتهادى حول ردفيها اختارت كرسيا هناك مقابلا له جلست عليه ترفع ساقيها تضع واحدة فوق اخرى رفعت حاجبا في وجهه لوى شفته في ابتسامة ثم رأته يمشي بتؤدة حتى خرج من المسبح !

 

ما بعد العاشرة

انتهى النهار في البيت ، صالح كان يسأل طوال الوقت عن يحي وعن سر اختفائه ، ماجدة كانت تدور في البيت ترتب مع الخادمات ، لجأت صبا الى غرفتها تتحمم ثم تجلس تشرب كوب شاي ، راعيل لم تخرج من قسمها ابدا لا زالت مقهورة محسورة تشعر بالدونية كانت تراقب تاج يلعب طوال الوقت هنا و هناك يعجبه المكان رغم عدم توفر الالعاب !

وهي حين دخلت جناحها وجدته هناك على السرير يلبس بنطال بيجامة ابيض اللون و تي شرت اسود ضاغطا على صدره و على عضديه في يده سيجارة يدخنها على مهل لم تتوقعه لم تتوقع ان يكون هنا مرة اخرى عندها على فراشها هي التي كانت ترتدي فستانا اسودا يلتقي بالارض بأكمام شفافة و قبة مثلثة حتى مفرق صدرها بحزام حول خصرها و حذاء اسود ..كان يضيق عينه عليها و دخان السيجار كان بينهما ، اتجهت اليه في عزم بعينين مترجيتين : ارجوك لا تنام الليلة هنا و نم عندها !

لوى شفته بابتسامة بائسة و السيجار يحترق بين اصابعه ينظر لها من زاوية عينيه ، نفثت انفاسها بحرارة لا تعرف كيف تشعر لم تعد مرتاحة في وجوده حتى بعدما حصل بينهما بعد ظهر اليوم : حرام .. لا تجعلها وحيدة لاول ليلة لها هنا !

كانت السيجارة تحترق لوحدها تلتهب تشتعل حتى وصلت اصابعه بردت ثم سقطت على الفراش رأتها تطير تتفحم تتطاير ، تستغربه تستغرب ما به !

ابعد ما افصحت عن اسم احدهم تسأل ما به !

كان قد اجرى تحرياته ، ساعة مكثفة تولاها اشخاص يعرفهم عن معرفة ذاك اللقمان ، ويا ليته لم يره يا ليته لم يره مات قهرا انقسم انصافا تشقق قلبه تمزقت روحه ..هل كل هذا كانت له هو قبله !

راى رجلا طويلا في طوله كان و عريضا جميل الوجه رمادي الشعر ، علم انه متزوج الآن ولديه اربع اولاد على الأقل يعمل اعمال حرة لديه شركة صغيرة للمعدات الآلية كان يضحك ملء شدقيه في الصورة التي رآها كان يبدو سعيدا مرتاحا وهو المغموم على قلبه المتكسرة اضلاعه قضى الوقت فقط يتطلع اليه الى وجهه الى جسده يتخيل كل ما حصل بينهما يتخيل ما فعل بجسدها الصغير هذا لقد كان اول رجل في حياتها هو قد خُدع بسببه هو سلب منه متعة حياته هو اخرسه في ليلة دخلته عليها هو جعل قلبه ينقلي ينهرس يذوب يتفتت يجعل الدم يصعد الى رأسه يجعل الحرارة تغلي في دمه كل هذا كل هذا بسببه !

لو كان بشعا ، لو كان قصيرا ، لو كان فاشلا ، لو كان قبيحا لو كان معتلا لو كان احولا اعورا مجنونا سخيفا بلا  هدف فقط لو كان كل ذلك !

وكان ينظر اليها لا زال بعينين ضيقتين يشعل سيجارا اخرا بين كفيه ينظر للسقف ينفخ دخانه فيه شعر انه ميت حرفيا ميت

وهي وقفت تعطي ظهرها للمرآة بينما تضع كفيها عليها من خلفها تعطه بوجهها يحمر خداها لا تدري شكله ووضعه بدآ يقلقاها تشعر بشيء غريب في الحجرة افكار تدور حولها طاقة سلبية طاقة من عالم اخر تلفها شرارات تخرج من جسده تصلها تخترقها تهزها بشدة هزا متتاليا لا تريد ان تقطع عنه صمته ان كان لا يريد الحديث ..اخذت تقضم شفتيها توترا تنظر الى عينيه التي لم تترك عيناها لحظة ، يتابع كل شيء فيها شعرها الاسود المبهر بجماله ربماهذا الشيء الوحيد الذي ورثته من امها اما باقيها فهو من والدها الذي كان يفوقها جمالا ، كان معاذ شابا جميلا تلك الحقبة و زوجته لم يكن بها ملحا ، عنقها الطويل ذقنها الدقيق اطرافها صغر اصابع يديها كحل عينيها النجلاوين و شفتها كأنها الخمر المعتق

تحركت متوجهة الى غرفة التبديل مرتبكة يداها ترتعدان خوفا يربكها يغزوها بطريقته هذه حتى وصلت القشعريرة رأسها فاهتزت بقوة اخذت تعض شفتها السفلى لا تعرف ما تلبس حتى اختارت بجامة من الحرير بيضاء مطبعة بالورود  كانت حالمة جميلة رقيقة لبستها على مهل و هي تفكر الف فكرة قلبها مضطرب دقاته ما عادت منتظمة صارت تضع يدها في شعرها تدور في الحجرة هي متعبة تريد ان تنام اطفأت الاضواء و خرجت وفي طريقها اطفأت ايضا اضواء الغرفة فلم يعد هناك ما ترى سوى شرار السيجارة المشتعلة المتولعة قهرا و كمدا.. اتجهت للسرير جمعت كفيها وصارت تنفث اذكارها مررتها على جسدها ثم مالت على الغطاء جذبته حتى صدرها اعطته ظهرها و اغمضت عينيها !

وهو غارق غارق غارق يرى ولا يتحرك يسمع ولا يستجيب حتى عنقه رفض اوامره للحركة ،صار متصلبا لا شيء غير الهواء و السيجار و خيالات اخرى يراها في النوم و الصحوة، لن ينام لا يقدر ان ينام كيف ينام وهي بجانبه هكذا تستلقي بكل براءة وكأنها لم تذنب يوما ، كأنها لم تقتل يوما ، الافكار متصادمة و السيجار احرق صدره ، كانت كل هموم عمره تجتمع عليه تلك اللحظة تضغط صدره و تهشم ضلوعه فتخترق قلبه فيخرج من ظهره كان الالم يتشقق في عينيه يحرقها يكويها يعميها قد دمرت كل اثر للنشوة حتى استقام في جلسته تنبهت لحركته صار قلبها يضرب بقوة حتى سمعته كان عاليا جدا صم اذنيها بدقه حرك ساقيه خارج الفراش اعطاها ظهره ثم قام اتجه الى الباب و اغلقه خلفه استدارت حتى نامت على ظهرها تحركت الدمعة من عينها نزلت على الفراش تغدق لم اقصد لم اقصد كانت تصرخ تعتصر قلبها بيدها تصك اسنانها تنشج و تهدر لم اقصد لم اقصد هناك كان واقفا في غمرة ضياعها وجهها كأن الماء قد سُكب فوقه سكبا محسورا مغمورا مهموما حزينا مطعونا اقترب وهي استقامت في تلك العتمة تنشج والله لم اقصد لم اقصد كان صوت بكاءها يعلو ..تنهار امام عينه لم اكن في وعيي لم اعرف لم اقصد لم اقصد آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه صاعدة للسماء تبثها كل كسرها تغمر كفيها وسط شعرها تشده

وهو يرى و يسمع يرى دموعها

كان وجهه مسودا من يراه يظن ان سكتة قلبية قد اصابت قلبه صارت تستنشق انفها تقترب من وجه رويدا ترفع كفيها الى وجهه تسيل الدموع بلا ارادة على خديها تتكلم بحسرة : والله ان طلقتني لن ازعل لن اناقش سأتنازل عن كل شيء انا افهم ما تمر به افهم والله افهم كنت صغيرة مراهقة طائشة كانت لدي مشاكلي الخاصة لم اكن متزنة لم يساعدني اي احد على الاتزان كان حولي الصراخ و العراك و الضرب و المنع اردت ان اتحرر ان افك قيدي ان اخرج للعالم ان اواجهه وحدي و ياليتني لم افعل ! صرخت ليتني لم افعل تركته ومالت على السرير تبكي بحرقة تتمتم والله لم اقصد لم اقصد !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ما بعد الصباح

لمسات رقيقة ، مداعبات لطيفة ، دغدغات تتسلل من رجله تصعد لساقه تحرك عروقه تمر بدمه لتصل الاشارة لعقله شيء لطيف يدفعه يحركه انفاس دافئة عنيفة عند وجهه صوت صهيل وماء يجري جسده يتأرجح فوق الماء فاردا ذراعيه و ساقيه رأسه ملق الى الخلف غارق في الظلمة غارق لا شيء هناك سوى العمق.. العمق السحيق.. همممم شيء لذييييذ سلام داخلي عيون تحدق.. عيناها ..وما اجملها ...ضحكتها تضعف قلبه خجلها يهوي بروحه.. امممممم  اصوات تخرج من حنجرته اخيرا وجد اليابسة هناك حين يجلس ينظر للبحر يسلمه امره يحكي له قصة عمره يوشوش اليه بحبه يجمعه بين يديه ثم يفرقه ليرى الامواج مرة اخرى ، يمسك الدنيا بيديه يوزع هنا شجرا وهنا قمرا وهنا نجما وهنا مطرا ، ابتسم ثغره واشرق وجهه و نبض قلبه دق فريد عجيب رقيق حبيب يتنهد فتسمع ..يقبل فتشهد ..امام البحر يقف على الرمل و يجري و انفاس دافئة وصهيل !

فتح عينيه ببطء شديد ، شديد جدا الرذاذ ينتثر على وجهه وي كأنه مجرد من كل شيء  ..جسده بقدر ما كان منهك بقدر ما كان خفيفا ، خفيف جدا لا يكاد يشعر بثقله ولا بروحه كل شيء قد تلاشى قد انتهى صار نورا .. تلك الشهقة التي تخرج فتذهب الى بيت المقدس هناك عند جبل الزيتون عندما تخرج الروح لبارئها هناك يرى النور يرى الملائكة يراها هي تضحك !

اشعة الشمس تغزو مقلته فتتحسس عينيه فيغلقها مرة اخرى انفاس دافئة و صهيل خيل و دفء من تحته !

وهي كانت هناك من فوق تنظر له بشوق يفتح عيناه في وجهها تنحني من علوها يتطاير شعرها حول وجهها فتشرق شمس اخرى : الحمدلله على سلامتك يا سيد الضحى !

ابتسمت بحلاوة و شقاوة و حركت السرج يمينا ولفت بخيال اسود صارت تركض تركض تهجم على الأمواج وتلعب ..شعرها يدور حولها يتفرق.. يشتعل يثور تجري تجري ام ان الوقت هو من توقف وهي ثابتة كصورة عجيبة يخترقها الموج فتتبلل ولا تأبه تواصل اللعب وهو يستوعب !

تحرك حتى استقام على مرفقيه يحدق فيها وفي نفسه ، ينظر حوله والى نفسه تارة اخرى !

تقدمت ثانيتا على مهل وكأنها عروس يزفونها بالزكرة تتهادى على حصان اسود فحل وهي مهرة.. تضحك له ثانيتا : ألم تفق بعد !

اغمض عينه لبرهة يرد كل القطع الى مكانها ينحي السواد ويضع اشعة الشمس مكانه.. يراجع كل الاوقات قُبيل الفجر نعم كان قُبيل الفجر واعيا ثم خمد وغرق على شاطيء البحر !

التقط نفسا قويا ، قويا جدا عبأ انفه و صدره حث الأكسجين الى دماغه يصلح ما فسد بتلك الرقدة فتح عيناه ثانيتا .. يخيل اليه انها ملكا خيالًا شيء غير حقيقي يمر على ايامه ، شيء غير واقعي يدعدع زمنه ويقلب الدنيا و يمحوه محيا .. يراها تنزل قافزة ببساطة من على ظهر الخيل ساقيها اللامعة النظيفة و كعبيها اللتان تدوسان قلبه و فخذيها المتغنيتان حُسنًا ..تهمس عند اذنه و توشوش له و تمد له قطعة سكر يأكلها منتشيا ..اطلقت لجامه من يدها فابتعد يركض يرفع قوائمه الامامية فخرا كمن ركبته انثى !

اقتربت حتى جسلت فوق فخذيه تفتح ساقيها على جنبيه تقترب من وجهه الغارق تلثم شفته : يحيا !

كانت الحوراء وحيدة مع الزمن وكانت القبلة تسابق الحس : يا الهي لا زلت تسبح في الفضاءات كان رأسها يتحرك يمنة ويسرة كأنها تستكشف وجهه !

هو .. لازال يعيش حقبة مرت لا يصدق ما يحصل حتى هذه اللحظة كل شيء غريب كل شيء مبهم الا شيء واحد انه يحبها يحبها يحبها والله يشهد !

عندما وضعت كفيها على صدغيه تمسج شعر لحيته برقة تقترب اكثر تستكشف عمقه : يحيا ما بك تبدو غير واع بالمرة !

كان يفتح عينيه على وسعهما يحرك حاجبيه و يدق عنقه يلفه لفة كبيرة حتى دارت به الارض ورجع اليها ينطق اخيرا بصوت متهدج : ستحدثيني هذه المرة ايضا بما حصل !

استقام جالسا امامه البحر و مداه ..فوقه الشمس و حرارتها.. الموج وصوته.. الرمل و دفئه.. و هي وحلاوتها .. صارا متقابلين كان واعيا تماما وهو يتفرس في وجهها الشهي اخيرا استفاق نعم اخيرا يفعل فما عاشه معها الليلة الماضية شيء لا يعقل.. دخل موجة توهان غريبة عجيبة وكان البحر حكاية اخرى ..شعرها الذي يتهدل على جانبيها و خصلاته القصيرة الامامية فوق جبهتها تتأرجح ..ترتدي قميصه وحافية والقميص يتهدل عن كتفها و عظام ترقوتها ..كانت كل فراشات العالم الملونة تحلق فوق رأسه همست في شفتيه : ماحصل .. قبلته على فمه .. انك .. قبلته بين عينيه .. نمت .. قبلته في عينيه .. عميقا .. قبلته على خده الايمن .. فاضطررت .. قبلته على عنقه .. لجلب.. قبلته على صدره .. هذا.. قبلته في اذنه .. الحصان .. رجعت الى شفتيه قبلتها بصوت عال ثم تركته دائخا

نظر الى الحصان الذي لا زال يجري هنا  وهناك ويرجع الى عينيها سكرانا حيرانا مفتونا مقتولا بشفتيها ولسانها الذي ترطبهما به مال برأسه جانبا يضيق عينيه بوله : واي مساعدة قدمها لكِ بلاك !

عقد يديه خلف ظهرها ودفعها بقوة في اتجاهه الصقها في صدره حتى سمع كل منهما قلب الاخر وقوة ركضه وسحبه الهواء من عمقه تداعب بأصابعها الطويلة الرقيقة جانب وجهه تائهة بعينيها فيه : جرك من الماء ، كنت ثقيلا لم استطع تحريكك وانت غارق هكذا ، خفت ان يسحبك الماء و تغرق ، ضللت انظر حولي جريت الى ذلك المكان لاجلب ربما حبلا ولكنني وجدت هذا الشيء الرائع الجمال امتطيته وحركته و جئت لنجدتك !

كان يمرر كلتا يديه على شعرها حتى سرت قشعريرة لذيذة في ظهرها اغمضت على اثرها عينها ورفعت رأسها فبان عنقها فاقترب فغرق فيه متمتعا : وكم مرة ستنقذينني في هذه الحياة !

تهمس وهو يمر بشفتيه على جيدها رويدا متمهلا وهي تقلب عنقها يمنة و يسرة تهرب من دغدغات شعر لحيته : أليست هذه اول مرة !

همهم منتشيا وكل ما فيه انتفض لفت ساقها حول خصره بقوة تلصق نفسها فيه : منذ متى تركبين الخيل !

كانت تائهة تأن تعض شفتيها مغمضة عينيها : تعلمت ! تخرج الكلمات ممرغة في اللذة !

كانت يداه تشد على خصرها يثبتها بقوة  : عند من !

كان شعرها يطير حولها كالدائخة كانت لذة منظرها لا تساويها لذة تعض شفتيها : أنت لم تعلمني !

كان يهمس في اذنها : لم انل الشرف  !

كانت تهمهم : لي عندك مآرب أخرى !

دفعت وجهه بعنف باتجاه نهديها يقطع و يقضم و يلثم و يهمس : يقولون النساء يبرعن في ركوب .. الخيل !

رأسها لا زال يدور و يدور معه شعرها ترفعه للسماء مغمية : الفحول فقط !

مالت شفته اعجابا : ومتى يهدأ الفحل !

يد تعدل وضعها والأخرى تمر على ظهرها : عندما تلجمه صاحبته !

كان جسده ما بين البلل و العرق يسبح.. شعره تمرد حتى سقط على عينيه يفقده الرؤية حتى صهل الخيل وصاحت الانثى همدت في احضانه تلهث

رفع يده برقة الى شعرها يزيحه عن وجهها يتنفس بعنف بين انفاسها لم يكن يشبع منها تثيره تفتنه خرجت الحروف تجر بعضها في حلقه : نخرج واكتب كتابي عليكِ الآن !

كانت تمرغ رأسها في صدره رفضا : أنا لن تطلبني الا بشيوخ !

رد بلهفة : و ملوك وامراء و شعراء وكل حكام الأرض !

ابتسمت في نشوة ، تنهد كلاهما بقوة تسمع نبض قلبه يهزها هزا نبضا قويا سريعا تسمع فوران الدم في عروقه ترى الثورة في عيونه : حبك اجمل شيء قبل دخول الجنة !

كل مداعبة بلسانها كل كلمة عشق تخرج منها هي روائح تهيج المهجة هي فرح هي عطر هي قواعد الحياة مجتمعة ، كانت شفتاها محمرتان بقوة من اثر قبلته و عيناها ملهمته و الحرب مع نهديها صار ضرورة استراتيجية.. تشعله توقد نارا تحته و تجعله يحلق  ..وجودها بين ذراعيه هكذا بكل تلك الحميمية الصاعقة ممارسة الحب السهلة الصعبة لا يقارن بشيء.. لا يذكر !

كان يثور ثورة اخرى وهو يلثم شفتيها حتى همست : يحيا على هذا الحال سأحمل !

فتح عينيه في وجهها ينتقل بعينيه بين عين واخرى يتخيلها ببطن صغير وابن له منها ثائر مغامر مشاكس جميل رائع ابتسم للفكرة فاشرق وجهه منها : سيكون اجمل ما اعطني الله على هذه الدنيا !

تنهدت وهي تتغطى به تحتمي به تثق به يا الله كيف بعد ان كانت تلاحقه يطلب منها الان ان تنجب له طفلا كيف تغير حالهما كيف تجلس في حضنه كيف يحبها كيف يتمناها ايمان عميق ثابت في داخلها ما تفعله مبارك من الله والملائكة حبها له طاهرا هي ليست بغيُّ وليست عاهرة هي قدمت نفسها لرجل عشقته تخلت روحها عنها و لحقته فماذا هي فاعلة.. استجابت نعم استجابت وستعيش تتمرغ في احضانه وتنهل من حبه ما تستطيع ..ان تسكن روحه روحها ..ان تعلق انفاسه بين انفاسها.. ان يطبع جسده على جسدها ..لا تشعر بالخزي ولا بالعار تشعر فقط بالسعادة بين يديه تشعر انها ترضيه نعم تفعل وهو يتقبل ما تعطيه بكل كرم ما تستطيع.. الجسد الحب النشوة ستسحق اي فكرة و اي ثورة تتمرد على مشاعرها يرفع شعرها الى ما خلف اذنها يرفع رأسها الى وجهه يشتاق لوجهها و ثغرها و انفاسها يشم يستنشق يدوخ يعبد يتأوه : قولي لي .. ما سرك ..

ترفع اصابعها الى شفتيه تداعبهما عيناها تترقرق عشقا لا زال قلبها يأن ..حتى الوصال ماعاد كافيا ..تعلقت بقوة في عنقه رأسها خلف رأسه تشده اليها بتملك : أنك لي , أنك رجلي ، انك صاحبي وعشيقي وطبيبي.. ساعدني فأنا لم اكتفِ منك ولن !

اشعر أنني اريد سحقك و اكلك ، اشعر انني اريد ان اتنفسك حتى تسكن داخلي تصبح جنيني تصبح طفلي الذي احمل به و انجب ، اشعر انني يمكنني حبسك يمكنني غزوك يمكنني قتلك ، انضم الي وشاركني امنياتي وقل لي ما ترغب !

ابتلع ريقه غير مصدق ما يسمع الى اي درجة وصلت في حبه كل ما اعطته وتشعر انها لم تعطي شيئا : يحيا خذني الآن دعنا نعبر البحر على الاقدام دعنا نغرق حتى نتنفس .

صوتها يكرر الهجمة فيسحق قلبه يلوي حشاه يدق الفؤاد دقا.. قلبه يهرول بين اضلعه بشيء لا يعقل سُكينة اصابها وصب حبه.. تعشقه لا تكذب.. كيف ينزع ذاك الشعور من قلبها الحبيب ونفسها القريب ان يبعد عنها كل شيء يؤذيها حتى لو كانت نفسها !

شدها الى شفتيه يقبلها قبله تثبت لها حبه تثبت لها اخلاصه تثبت لها صدقه تثبت لها انها فعلت ما لم تفعله انثى معه انه قد صار رجلا حقيقيا بها و معها انها من منحته فرصة الحياة نعم فعلت لو كان يعلم ان وصالها بهذه اللذة ما كان تأخر يوما  لكان هاجم و اقتحم و غزا و حارب و قتل في سبيلها يا الله لا يعلم ما كل ذلك في الحب ما كل ذلك الالم في القلب

كان يشبع وجهها قبلا شيء يرضيها يرضي غرور يحيا فيها ، يحيا كان مجرد فكرة و صارت واقع يتحرك ، ساعة دخلت غرفته ذلك اليوم كانت تقصد فقط ارباكه تريد ان تعطي قليلا و تبعد ، تعلم انه يحب الانثى فأرادت أن تجرب عليه حظها و اغوائها وها هي نهاية الكلمات ونهاية الحكايات ، مشوارا طويلا وها قد وصلت !

شدها الى وجهه يرى الدموع ثانيتا تقهر وجهها تعذب عيناها يكره تلك الدموع يكره بكائها يكره الحزن في مقلتاها : اطلبي كل ما ترغبين كل عمري كل وقتي كل حياتي سأهبك اياها فقط لا تبكي ، دموعك اسيد يحرق جوفي ..وهي اجهشت في نوبة بكاء غريبة صارت تشهق و تأن حزنا.. قلبها يتقطع تراه يحترق يحترق.. غمرها في صدره بقوة قلقا و خوفا قام على ساقيه يحتضنها كالطفلة الباكية بين يديه يتجه بها الى هناك الى حيث السرير يستلقي معها يلفها بغطاءه يلمها على صدره يلتصق جسده بها يرفع رأسه عند رأسها حتى لامس جانب وجهها ..يوشوش لها يداعب شعرها برقة تتمسك به بقوة تدفن رأسها في صدره تريد اقتحامه خائفة خائفة جدا تأن و تتنشق يهتز جسدها بين يديه يقبل وجنتها و يضغط بيده على عضدها و انفه عند عنقها ..تقطعه انصافا حتى ارتخت ونامت .. ضل يلاصقها يتمنى لو فقط يضعها في روحه بين القلب والحشى بين النفس والروح دموعها تطعنه تحزنه تقطع شغاف قلبه لابد ان يعجل في الزواج منها يريد ان يطمأنها ،هو رجل رجلها.. امام الله عهده.. فهو لم يعاشرها الا وفي قلبه حبا لها شيء خاص بها ..عاش معها هذين اليومين فصلته عن العالم اجمع لم يتذكر اي امرأة غيرها ، قد مسحت ذاكرته و غيرت ايامه كيف اتى الحب هكذا كيف اخترق الهوى قلبه بكل هذه الحدة ، سُكينة كانت دائما ما تغزو فكره منذ ذاك اليوم الذي اغوته في غرفته لا تأبه.. محاربة من النوع المحنك عنادها يطربه ولكن حالة القلق هذه التي تمر فيها تفزعه تشعر انها في حلم ..سيخرج بها الليلة و غدا سيطلبها من اهلها وتكون بذلك قد اصبحت ملكه .. غدا لابد

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...