الجزء الثامن والعشرين



الجزء الثامن والعشرين

الجزء الثامن والعشرين

منذ زمن بعيد

زمن لا زالا على ابواب النضوج

زمن قررا فيه خيانة العائلة بأكملها و التخطيط و الهرب سويا

هي متزوجة

وهو قد اغواها حتى قبلت الزواج منه !

مسئلة في منتهى السهولة ، أن تفكر في رجل آخر غير زوجها وان تعشق آخر ليس زوجها ، هكذا هو المكتوب الذي ليس منه مهرب !

ايمانهما قويا انهما كانا من اللازم ان يلتقيا في كوكب آخر او مجرة آخرى ، أن تكون روحيهما متعانقتان متحابتان .

من بعد اول مرة رآها فيها اعجبته ، لم تصل في خياله لمرحلة العشق

أبدا .. هي فقط اعجبته ألا يعجب الرجل بزوجة أخيه !

الاخ الذي قال في قلبه انه لا يستحق إمرأة مثل المجدلية ، صارت الغيرة تلعب لعبتها .. و الندم ، نعم الندم ، ندمه أنه لم يخالط العائلة و لم يرى نسائها والا فإنه كان بالتأكيد سيراها و يعجبها و تعجبه كما يفعل الآن

الحسد كل ما كان في جوارحه تجاه أخيه ، صار عقله مشغولا بها

هي بالذات دونا عن نساء العالم هي .. نعم هي .. اراد سلبها من اخيه .. هكذا حقدا و حسدا .. و غرورا انه قادر على فعل ذلك أيضا ، مخلا بكل الاعراف و التقاليد و القوانين السماوية ، فصار عقله يطارد لذة رؤياها تلك الجميلة التي لم يرى في النساء مثلها ، من اول مرة يتذكر كل تفاصيلها كلها مع بعضها

صار يسرح كثيرا و يخطط كثيرا في كيف سيتصرف في هذا الامر الجلل ، انه بدأ يتعلق بزوجة أخيه ، إبنة عمه !

لم يكن حقا يتخيل ان تكون المجدلية بين يدي اخاه المخنث ، نعم هو لا زال يراه مخنثا ، آيدين لا زال ناعما و لينا جدا و متساهلا جدا ايضا !

ليس من حق اخاه المخنث ان يتزوج بإمرأة مثلها وهو لا ، هو الرجل الفحل القوي البنية و الشخصية لا زال اعزبا و المخنث يزوجوه من تلك وهو أين كان عندما حصل كل ذلك !

ان عرفها قبلا ، ان رآهاا اولا ، ان احبها ، كان سيحجر عليها و تلك اللحظة لن يقف أحد في طريقه و لن يعترض سبيله اشد المقاتلين في سبيلها !

تدفعه الرغبة ان يذهب الى بيت اخيه كل يوم ، ان يطيل البقاء ، ان يراها كل حين وان يتبادلا اطراف الحديث ، أن يسمع همس صوتها الساحر ، ان يلمس شعرها الغزير جدا و يلمه في كفه يقبله ، نعم يقبله كل شعرة فيه ، ان يسرح في ثغرها الصغير الممتليء ان يقطف حباته بيديه ، ان لا تبتسم الا له نعم له هو لما لا ، صار يتنفس عميقا و يهدر كالشلال ، نعم هو يفيض ، مشاعره تفيض و توغلت في نفسه ، النفس التي امرته بالسوء

حين توجه الى بيت اخيه يدق بابه فيفتح له آيدين مبتسما مرحبا مادا يده بالسلام ، و لكن هارون كان يمد يده لأخاه بالغدر ، اللؤم في عينيه بائنا ، حاملا مجدا بين كتفيه ، مجد انتزاعها من هذا المخنث الذي يقف امامه بابتسامته البلهاء هذه !

: هارون مرحبا يا اخي كيف حالك ادخل ادخل تعال

دخل هارون خلف شقيقه و هو يختلس النظر في كل الانحاء بحثا عن ظلها

جلس كأنه يجلس على مسامير لا يستقر قلبه ولا جسده عن البحث

يتحرق شوقا لرؤيتها فأين هي ، هو لم يجيء هنا كي يرى هذه الخلقة التي امامه يسمعه : متى جئت من مصر !

ابتسم بمجاملة في وجه شقيقه وهو يحاول ان يكون عاديا ، ان يكون متفاعلا مع حديثه و ان يجيبه بمحبة ايضا ، لا يريد ان يشكك أخاه في نواياه : لا شيء مميز كالعادة هنا وهناك مطاعم و سياحة لا شيء جديد !

حين شد آيدين على كتف اخاه يدعوه الى البقاء معه : ما رأيك ان تبقى هنا الليلة ، نلعب الشطرنج و نحضر فيلما جديدا ، ماذا تقول !

طأطأ رأسه مبتسما في نفسه بلؤم ، ولا احسن من ذلك .. كم ان اخاه غبيا !

رفع رأسه يبتسم مرحبا بالفكرة : نعم لما لا

تحمس آيدين لبقاء شقيقه فمنذ زمن لم يسهرا معا ولا يتسامرا ، فهذه فرصته كي يقرب اخاه منه و يصبحا كما تمنى دوما ، اخ واخوه ، عضده الذي لا يلين ، عظم رقبته الذي لا ينكسر ، ظهره الذي يحميه ، فالأخوة هي اسمى رابطة بين البشر ألم يقل الله تعالى لموسى حين فزع من مقابلة فرعون لوحده فقال له ربه / سنشد عضدك بأخيك ونجعل لك سلطانا .. صدق الله العظيم

لكن هارون لم يكن يرى من عينيه منظور الاخوة و رابطة الدم كما يراها آيدين ، بل نيته الطعن في الظهر و قهر اخيه و كسر رقبته هو هذا هارون منذ كان طفلا وحتى الآن لا يأبه لمشاعر أخيه و لا يحبه و يكره وجهه الفتي البالغ الجمال ولا يتحمل في الحقيقة رؤيته فإن كان بيده ان يلقيها له حارة في وجهه يأخذ منه زوجته و يفتح الباب و يخرج ، ماذا سيفعل ذلك المخنث ساعتها .. لا شيء .. فهو من الضعف بحيث انه لا يستطيع ان يدافع عن نفسه ولا على محارمه !

لكن لم يعلم هارون يوما كيف عاش شقيقه في الغربة و كيف تحول الى وحش ، هارون لم يرى الا وجها واحدا من شقيقه وهو الوجه الحنون المراعي الذي يخاف على دمه و لحمه ، لا يعرف كيف باستطاعة آيدين ان يقسم رقبة احدهم في ثورة غضبه دون نغزة ضمير و دون ان يلتفت لما خلفته يداه من دمار ، نعم آيدين يستطيع ان يدمر و ان يحرق وان يخون و ان يقتل و ان يغدر ، كل شيء في الحياة قد تعلمه نعم تعلمه ام انه كان اصلا يجري في دمه !

حين طرق آيدين الباب على المجدلية المختبأة كالعادة في غرفتها المنفردة ترفض ملاقاته و تثور في وجهه صرخت من خلف الباب : ماذا تريد لقد كرهتني حياتي !

غضن جبينه ، و هبط قلبه ، لم يتوقع ثورتها هذه لمجرد انه يدق بابها ، اغمض عينه حزينا لهذا الحال الذي هما عليه ، قال في هدوء : اخي هارون عندنا هل لكِ ان تحضري لنا اكلا و شربا سيسهر عندي الليلة !

قفزت من مكانها تفتح عيناها عن وسعهما و قلبها صار يدق كالمطارق على أبواب حديدية مسلحة و الحرارة ارتقت الى خديها ، لمعت عيناها و تحمست نعم تحمست حتى فتحت الباب فجأة في وجهه عيناها مفتوحتان عن آخرهما و الحماس لم تستطع ان تداريه في صوتها : حقا!

بلع ريقه كثيرا عندما رآها ، كان صدرها يبرز بقوة من البلوزة الخفيفة التي تكشف حتى عن حمالة صدرها السوداء و تنزل عن كتفيها كاشفة اياه و شعرها يتحرك بعفوية حول وجهها المتزين الجميل كانت حافية و كامل ساقها حتى فخذيها مكشوف في تنورة جدا قصيرة !

لم يكن المنظر جديد عليه بين النساء ، فهو قد رأى في حياته اكثر من ذلك ، كن النساء يتراقصن امامه عاريات تماما في الكلوب عندما كان يعمل مع ايميل و مع ذلك لم تثره اي منهن لملامستها او لتمنيها ، لا يعرف لما يتعرق ويتوتر كلما رآها هكذا ، اهو رغبة الرجل في الانثى التي في عروقه منذ الازل !

دار رأسه عنها يرد : نعم انه هنا ، تواضعي قليلا الليلة و اخدميني !

وقفت تكتف يديها على ضلفة الباب الذي يحمل ثقلها المتكيء عليه تخمم ، تقول كأنها تكره الخدمة و تكره ما يريد و هي في الحقيقة من الداخل تكاد تجري له و تحضنه بين ذراعيها ذلك المتشرد كما سمته : حسنا ولكن ليكن بعلمك آخر مرة ..انا لست هنا خادمة لك ولأهلك !

هز رأسه موافقا على مضض ، فهو يتحمل منها ذلا عظيما ما كان ليطيق صبرا ان يذوقه من امرأة غيرها ، لا زال يصبر و يتصبر ، لا زال يخالف و يكبح جماح العنف و الثورة في نفسه ، يريد ان يكون في كامل الرقة معها لا يرد ان يؤذيها كي لا تتركه وتهرب !

تجاوزته دون اي خجل من مظهرها الذي تبدو عليه ، تتحرك في اتجاه المطبخ ، هناك تريد ان تتفنن في صنع كل شيء تحبه و قد .. قد .. يحبه هو ايضا ، تريد ان تثر اعجابه بقدراتها على الطبخ على الأقل هذا ما ترجوه .

اما عن زوجها فتوجه الى شقيقه يرسم ابتسامة مزيفة على خلقته التي كانت تتلوى من قهرها في داخله منها ، تحرجه امام نفسه وامام اي احد قد يطرق بابهم ، فهي ليس بها اي نوع من اللياقة و لا الليونة في معاملة الضيوف !

دخل الحجرة التي فيها اخوه يتجه الى الشطرنج يحمله بين يديه و يضعه على الطاولة و يجلس مقابلا لأخيه ، حين نطق اخوه بمكر : علامَ سنلعب !

رفع آيدين الذي كان يحدق في احجاره انظاره مستغربا الى عيني اخاه : ماذا تقصد !

فقال الآخر في مكر : اي لعبة لها رهان .. فح كالأفعى .. رهان ُ مقبوضة ، إن فزت انت فلك ما تريد مني ، وان فزت فلي ايضا ما اريد

لا يدري لما شعر بالوهن في ساقيه و نغزة في قلبه ، نغزة غريبة يشعر بها لأول مرة في حياته مع شقيقه ، شيء يحذره من الداخل فهو ليس غبيا كما يتصوره اخوه وكما يعتقد عنه ولكنه كان يتغابى : ماذا تقصد !

ارتخى هارون على كرسيه براحة و هو يلوي شفتيه و يحك شعيرات لحيته التي بدأت تنمو من جديد : ان ربحتُ أنا فسآخذ اي شيء ارغب من بيتك !

رفع آيدين رأسه مهمهما مع خروج كلمة : آآآآه بطيئة من بين شفتيه حين ضيق عينيه : أي شيء قلت لي !

هز الآخر رأسه موافقا : تماما.. اي شيء !

اطال الاثنان النظر الى بعضهما البعض حتى قال آيدين : فلنبدأ اذن !

والأخرى التي بدأت تعد اصناف مختلفة من السلطة و الطعام الخفيف ما يُسخّن وما يُطبَخ ، و بعض انواع الحلويات و المكسرات و المشروبات الغازية ، احتارت حقيقة هل تطلب ايضا البيتزا مع كل ما تعد ، فالنهار في اوله و السهرة ستكون طويلة ، وضعت اظفرا لامعا بين اسنانها البيضاء الصغيرة المرتبة كأسنانِ رضيع .. تفكر كيف ستقابل عينيه ،كيف ستقف امامه بثبات لا يظهر في عينيها كل ما تفكر به عنه

تبتسم بحرج مع نفسها ، أين ضميرها .. قد اخرسته !

كان آيدين يحاصر هارون بأكثر من حجر ، فهناك الحصان الذي بحركة واحدة يقتل به الشاه ، و الرخ يتحرك بكل براعة و البيدق سيسحق الملكة من جهتين ، قد كان بارعا حقا ووضع شرط هارون في خانةِ .. مات الشاه .. اكثر من مرة ، و هو ينظر الى منظر شقيقه الذي يفكر عميقا في كل حركة يقوم بها فلا يجد نفسه الا محاصرا حتى اخذ الضغط يصعد على عينيه ، فما توقع أبدا ان يغلبه آيدين في ساحة الحرب !

ما ظن انه سيسحقه وان كل رهاناته خاسرة !

اتكأ في مقعده مستسلما قائلا راميا بالشاه على الساحة : حسنا لقد ربحت ، مبارك !

ابتسم آيدين جانبيا ابتسامة ذات مغزى حين قال : الآن يمكننا مشاهدة فيلم أليس كذلك

حين رد الاخر : دعني اولا اخذ قسطا من الراحة ، سأخرج لأدخن

اشار له اخوه برأسه موافقا يرجع الأحجار الى وضعها الاصلي و يرفع الساحة الى طاولة مجاورة ثم يجلس ليتفرس في مجموعة الافلام التي يحتفظ بها في مكتبته

والآخر خرج فعلا يشعل سيجارا قرب النافذة في الصالة ، حتى وصلت الى أنفه روائح لذيذة مبهجة يسيل منها اللعاب فاتجه بجسده الطويل الى حيث يسمع صوت الاطباق و الملاعق يتخبط بعضها ببعض

اقترب رويدا بخطوات رشيقة في فمه السيجارة حتى وصل الى حيث تقف هي ، وقف هناك سارحا مضيق ما بين عينيه و دخانه يخترق نظره فيقف بينه وبين جسدها الذي يراه مباحا ، يقيمها من اصبع قدميها الناعمتين الى ساقها الابيض المتورد الرقيق الى ركبتيها ثم فخذيها الى بروز صدرها و كتفيها و خصرها النحيل الفاتن و ردفها الممتليء و شعرها المرفوع تتمايل خصله الناعمة على عنقها المتزين بسلسلة ذهبية رقيقة

اخذ ينفخ دخانا و يشفط موتا

هي تقف هناك تزين الاطباق تعطه بظهرها يراها تارة ترفع ساقيها على اطراف اصابعها و تارة تضع ساقا تتكيء بها على الاخرى ،

حتى شمت السيجار التفتت فرأته هناك بهيئته الفوضوية ، قليلا ما رأت شعره مسرحا بلياقة او رات قميصا مكويا يلم به ذراعيه المعضلتين و لا بنطالا راقيا لرجل مثله بل كان يحب الجينز و الاحذية العسكرية العالية و عطره يختلط برائحة سيجاره

ارتقى قلبها الى حلقها ذهولا و حرجا رفعت كفا الى عنقها تحكه بلطافة و هي تطاطأ رأسها

وترها ، لم يقل حرفا

كان فقط ينظر اليها بعينيه الضيقتين التي تندلع منها شرار الرغبة

و دخانه حوله و سيجاره متوهجا بين اصبعيه

رفعت رأسها له يغطي الخجل خديها ، ترى حقا ان الملابس مبالغ فيها ولا تناسب الوضع الذي هما فيها فاخذت تلم طرف البلوزة الى كتفها كي تغطيه و ان ترفع ساقا كي تداري الساق الاخرى ، لم تتوقع قبل ان تغير ملابسها و تدخل عليهم حاملة اطباق الطعام ان يراها هكذا ، بدأت الدغدغة تغزو معدتها هل سيطيل النظر هكذا ما به لما يبدو صامتا لما لم يتحرك و لم يسلم حتى ، بدت محرجة كان المطبخ كأنه يشتعل بها

احممم اخذت تسرح حلقها وهي ترفع يدا الى رقبتها ترتعش يداها : ماذا ، ماذا بك !

رفع حاجبا ناكرا بصوته الغليظ : لا شيء !

قررت ان تخرج فهي هنا تحترق و هو يقف كالتمثال يحدق بها بهذه الطريقة التي تجعلها تريد الارتماء عند قدميه ، كم احبت تلك النظرة.. كم احبتها ..كم حرضت الرغبة فيها ، كم دفعتها لكسر قيود الحرية !

قررت الخروج بسرعة والا فسيحصل مالا تحمد عقباه

تقدمت بسرعة في مشيها حتى تخطته تاركتا اياه هناك على عتبة الباب يرمي بعقب سيجاره و يدوس عليه بقدمه الحافية يلحقها بنظراته الى حيث دخلت

اقفلت الباب عليها و قلبها يركض ، تجلس على السرير ترتعد ، كيف يؤثر فيها بهذه البساطة كيف !

اخذت تلعق شفتيها و تدير رأسها في كل اتجاه

نسيت تماما ان تقدم الطعام لهم ، فآثرت تبديل ثيابها ثم الخروج ، رغم ان كل ما فيها يرتعش من النشوة و الشوق !

ارتدت ماهو محترم اكثر بنطال ابيض و بلوزة سوداء جميلة التفاصيل و حذاء اسود عال و ختمتهم بعطر شانيل انزلت شعرها الى اكتافها سرحت غرتها و اكثرت من احمر الشفاه و كحلت عينيها و وردت خديها و نظرت واثقة الى انعكاسها خرجت اليهما

مثلت انها لم تراه حين تقدمت تمد يدها مرحبة : مرحبا

ضل ينظر الى يدها الممدودة ، لم يكن ينظر لوجهها أبدا حتى شعرت بالحرج الشديد حتى صارت العبرة حاضرة عند مقلتيها ، لم يرد ان يسلم عليها ، موقف جعل آيدين ينظر بدهشة الى سلوك اخيه لم يظن انه يكره زوجته لهذه الدرجة فالاحتقار بدا واضحا في عينيه و هي واقفة هناك مثل المذلولة نقلت نظرها الى آيدين الذي شعر بالاحمرار يصعد الى وجهه من تصرف اخيه غير اللائق !

استدارت و خرجت الى المطبخ اندفعت الدموع الى وجنتيها تشعر بالعار و الاحتقار ، كيف تمكن من ايذائها بهذه الطريقة السهلة !!

كان من الممكن ان تحقره او ان تطرده من بيتها ولكنها لم تفعل ، قد كانت خاضعة ، خاضعة تماما لكل تصرفاته معها !

هناك حين توجه آيدين الى عيني اخاه يلومه : ما بك لما فعلت ذلك لقد احرجتها واحرجتني انا ايضا ، كيف سأبرر لها ما فعلته !

قال من غير اكتراث و هو يشعل سيجارا آخر ويلف ساق على ساق و يرخي جذعه على الاريكة : تعلم كم اكره عائلات اعمامي و لم اختلط بهم يوما فلما ستكون هي استثناء !

فتح آيدين عينيه عن وسعهما : ما هذا المنطق بالله عليك ، هي زوجتي الان و كرامتها من كرامتي !

ابتسم الاخر لنفسه استهزاءا .. كرامة ... ألأمثالك كرامة ..

دعنا نتفرج على الفيلم لا اريد صداعا !

التفت له اخاه متضايقا يهز رأسه رافضا لتصرفاته و لكنه شغل الفيلم و جلسا سويا يتفرجا !

الآن .. كان شعيب يجري الى بوابة المغادرون لاهثا يتصبب العرق منه حين اوقفه الامن : ماذا تريد

قال في سرعة : اريد الدخول

رد عليه الامن : ممنوع الدخول الا للمغادرون ، هل ستسافر \

اجابه على عجل و صبره قد نفذ : لا ولكن يجب ان ارى احدهم

هز الامن رأسه معارضا : اعتذر منك غير مسموح لك بالدخول

التفت على عقبيه يسب و يشتم في سره و الرذاذ يتناثر من بين شفتيه

رفع هاتفه بسرعة الى اذنه : آيدين لم استطع الدخول

كان آيدين يتحرق بل ينقلي في زيت مغلي تلفت اعصابه تماما : ساحاول ان اجد رقما لاحد منهما سأرد عليك

اغلق الهاتف بسرعة في وجه شعيب هو الاخر الذي تهدل كتفه صابا كل انواع اللعنات على رجل الامن وهو متطاير الشعر مسود الوجه

والاخر اتصل مباشرتا بيحي الذي كان في طريقه الى البيت : آيدين

قال في عجل : يحي انظر اذا ما تعرف رقم هارون او المجدلية

غضن جبينه : لا لا اعرف لما

قال في سرعة وهو يلهث من انفاسه : هارون مسافر هو و المجدلية الى المانيا قد رآاهما شعيب في المطار

فتح عينيه على وسعهما مصعوقا : لا تقلها

اخذ يرجوه : ارجوك انظر ماذا بوسعك ان تفعل

اخذ يفكر بسرعة واجاب : حسنا لا تقلق ساتدبر الامر

اغلق الهاتف من آيدين ليتصل بسكينة التي كانت تجلس بجوار اخيها يلعبان سويا لعبة المونوبولي الالكترونية حين رن هاتفها رفعته بسرعة وهي ترد : نعم

جاءها الصوت الذي تعشقه ، صوتا لم تظن يوما انه سيتصل بها ، فهو في حياته لم يفعلها ، لأول مرة تسمع صوته على الهاتف حتى اقشعر بدنها و خفق قلبها و شعرت بالدوخة

سمعته يناديها : سكينة تسمعيني

كان فقط يسمع صوت انفاسها التي زادت وتيرتها فصارت تخترق اذنه حتى هزت له قلبه ، اغمض عينيه ضاغطا على شفته السفلية هامسا : سكينة اريد هاتف اختك المجدلية او هارون ، لحظة ، حسنا اتصلي بأي منهما اذا لديك رقمهما و قولي لهما الا يسافرا الى المانيا يجب ان ينزلا

قد فاقت على نفسها فاتحتا عينا على وسعها .. المجدلية سافرت الى المانيا متى لم تقل تلك الخائنة حتى همست : لماذا

تبادلا الهمس رغم عدم وجود من يسمعهما ولكن الحرارة بينهما كانت عالية ، عالية جدا تحرق الاطراف و تنتقل عبر الهاتف حتى كادت تحرقه كله : استعجلي يا سُكينة لا وقت لدينا

لا يدري كيف حصل له هذا ، كيف يدق قلبه هكذا بهذا السُخف حين سمع انفاسها ، كلها مع بعضها قد قفزت الى خياله ،

تبا اللعنة قد دغدغت رغباته المؤجلة !

اغلق الهاتف في وجهها و هي ظلت سارحة في مكانها الى ان استفاقت على نفسها و هي تطلب رقم المجدلية

المجدلية و هارون من كانا يجلسان الان في الطائرة الجاهزة للاقلاع يربطا الاحزمة متجاوران ، هارون يجلس بجوار الشباك و هي بجانبه في الدرجة الاولى تسمع هاتفها يرن فتتناول حقيبتها و تفتحها ثم تتناول هاتفها في يدها فتجد اختها ، قلبت نظرها اليه : انها سكينة

فتحت الهاتف واذا بصوت سكينة يأتيها قلقا : مجدلية يقولون لك ارجعي لا تسافري الى المانيا

غضنت المجدلية جبينها و تلاقى حاجبيها في تساؤول : من يا سكينة من يقول

اجابتها الاخرى في قلق : يحي يقول لكما لا تسافرا الى المانيا

رفعت رأسها بوجهها القلق الى هارون الجالس بكل راحة تضربه على يده لينتبه لها فقالت له : سكينة تقول ان يحي يقول ان لا نسافر الى المانيا !

غضن جبينه : ماذا ، لما ؟!

سكينة الم يقل لما !

كان التوتر و الخوف قد بلغ مبلغه عند المجدلية حين اجابت اختها : لم يقل قال لي فقط قولي لهارون و المجدلية ان يتركا الطائرة و لا يسافرا الى المانيا !

كان هارون يسمع الحوار الذي جرى حتى اسود وجهه و انتفخت اوداجه وشعر بالغضب : اللعنة عليكم جميعا قد افسدتم علينا رحلتنا

قولي لها لا نستطيع ان ننزل فالطائرة في المدرج ، سمعت ما قال ثم ردت عليهم : علي ان اخبر يحي

نظر الزوجان الى بعضهما البعض في قلق بالغ وهو صار يزفر بحرقة ، يحي لن يطلب ذلك الا اذا كان هناك كارثة ..ادار رأسه بغم قد بلغ مبلغه الى النافذة غاضبا ثائرا يريد ان يكسر الزجاج الذي امامه

وتلك التي ردت الاتصال : يحي الطائرة في المدرج لا يستطيعا النزول

اغمض عينيه بصبر ثم قال : حسنا انا سأتولى الأمر ، قولي له بالحرف الواحد .. عصام صديق يحي سيستقبلك و عليك ان تتبعه !

هل فهمتي ماذا تقولي له !

هزت رأسها قلقة حتى كاد الدمع يطفر من عينيها فهي تستشعر الخوف و الخطر نعم خطر !

ردت الاتصال على المجدلية التي لم تقفل هاتفها حتى الان مخالفة لقوانين الطيران ردت بسرعة : مجدلية يقول لكما لا تخرجا من المطار ابقيا حتى يأتي رجل اسمه عصام كي يأخذكما .. مجدلية انتبها اعتقد ان الأمر خطير !

بلعت اختها ريقها وهي تقفل الهاتف في وجه شقيقتها : قال هناك شخص اسمه عصام سينتظرنا !

قد فسدت الرحلة تماما ، ظل الاثنان صامتان لفترة طويلة كان الاحباط قد كسا وجهيهما و الحزن ظهر في عينيهما ، حتى همس : انظري كيف ان اعمال هذه العائلة تدمرنا !!!

على الجهة الاخرى أخذ يحي الهاتف و طلب رقم عصام الذي هو الآخر كان مشغولا في الحقيقة في توزيع شحنة حشيش قد وصلتهم حديثا تطلب الامر منه وقتا حتى يتفرغ و يرد ، عندما سمع صوت يحي: عصام هناك طائرة قد خرجت منذ نصف ساعة من مطار تونس الدولي تعقب مسارها و اذهب لأخذ ابن عمي و زوجته من المطار ، ضعهم تحت حمايتك لا تجعل حتى الذباب الازرق يعرف اين هم هل فهمت علي !

اجاب الآخر في تفهم : هل يعرفون ااني سآتي

فاجابه بالايجاب : نعم يعرفون !

اغلق الاثنان الخط فيما توجه عصام الذي يعيش في هامبورج الى صديقه الخبير في الكمبيوتر كي يتعقب مسار الطائرة ثم سيذهب الى المطار الذي ستنزل فيه .

اما يحي فقد وصلته رسالة منها // سألتقيك اليوم مساءا في بيتكم //

حك رأسه نافخا صدره ،، اللعنة !!



الليل يا ليلى يعاتبني

و يقول لي سلم على ليلى

الليل يا ليلى يعاتبني

و يقول لي سلم على ليلى

الحب لا تحلو نسائمه

إلا إذا غنى الهوى ليلى

الا اذا غنى الهوى ليلى

كانت تردد الكلمات و يهتز جسدها معها ، تسرح شعرها على مهل في المرآة وهي تطيل النظر الى وجهها و تدير رأسها الجميل معه ذات اليمين و ذات الشمال متأملة ذاتها

اعتبرت ان البيت بيتها فجلبت تقريبا كل ثيابها معها

تقف عند الخزانة تعبر بعينيها كل ما هناك ، تقلب هذا و ترفع ذاك و ترمي بآخر تجهز نفسها كي تلاقيه

يجب ان يراها دائما و أبدا في كامل جمالها و تزينها

حتى الحلي دققت في اختياره !

حين وصل الى مسامعها صوت تكسر شيء زجاجي خرجت على اثره من الغرفة تنظر حولها ، ياسين قد خرج ليشتري بعض ما يلزمه ، قد مل من كثرة جلوسه هنا !

وهي بقيت وحيدة مع جسد تمارا الذي وكأنها دخلت في غيبوبة

لا تفهم لما لم يأخذها آيدين الى المستشفى على الاقل كي يعطونها تغذية تروي عروقها !

تحركت الى حيث غرفتها و هناك وجدتها على السرير فاتحة نصف عين كانت شاحبة جدا وكأن الدماء قد صفيت من عروقها

تقدمت اليها رويدا وكان خيالها يقف اسودا امام عيني تمارا التي بالكاد تحاول تدوير عينيها

رأسها ينفجر من الصداع و جسدها متعب مهدود ضعيف ، تشعر انها خائرة القوى !

صارت تأن حين انطلقت رجلا سكينة اليها في قلق تمسك بيديها تطمأنها : تمارا ، الحمدلله على سلامتك

وصل الصوت الى اذني تمارا ، لا تعرفه ، لا تعرف صاحبته ولكنها شعرت بدفء يديها اللتان تحملانها وتضغطا بلطف على يديها !

كان حلقها جافا تريد ان تروى ، فالعطش بلغ مبلغه عندها حتى قامت تتحسس الكأس فسقط و انكسر

: تمارا هل تسمعيني !

كان القلق واضحا على وجه سكينة وهي تنظر الى محاولات تلك التي تجاهد كي تقوم او كي تتكلم ، سكينة لا تعرف بعد ان تمارا ضريرة ، ولا احد اخر من العائلة يعلم !

استطاعت التغلب على تعبها و هي ترفع نفسها: عطشانة ، قالتها كأن صوتها يتفجر من بين الصخور

قامت سكينة عجلى الى المطبخ جلبت كأس ماء و جلست قربها تحمل رأسها بين ذراعيها و تضع الكأس بحذر عند شفتيها فيما الاخرى قد شربت حتى ارتوت !

ارتمت ثانيتا على الفراش تنظر للسقف ، الصدمة لا زالت ، لا زالت قوية ، لا زالت لم تستوعب ما حصل ، انطلقت الدموع تجري بخطين متوازيين على جنبي عينيها حتى بللا الوسادة

ياااااااه ، يا له من غدر

يا لها من طعنة

طعنة قتلتها قتلتها

سكينة تنظر فقط الى ما يجري على وجه تمارا ، لا تعرف حقا ما حصل ولا ما يحصل فقالت بصوت هاديء وهي تميل عليها : تمارا ما بك

تحشرج صوت تمارا : من أنتِ !

ردت بثقة : انا سكينة ابنة عم آيدين ، جئت لكي اعتني بك في غيابه .

غيابه !

لا يهمها حقا الآن الى اين ذهب ولا مع من ذهب ، هي لا تريد ان تراه ، متقرفة منه ، تريد ان تهجره ، ان تتركه ، لن تحتمل ان تعيش معه بعد الان !

كانت ردود فعلها جدا هادئة ، شيء يدل على اليأس و التعاسة ، على الخذلان و خيبة الامل ، يا الله كم كانت الايام معه جميلة حلوة بسيطة و ممتعة

ولكنه من امعن في طعنها و سلبها حريتها !

قالت لسكينة : سكينة هل لديكِ هاتف

اجابتها بالايجاب

: اذا سمحتي ان اتصل باحدهم

قامت سكينة جلبت هاتفها الى تمارا التي قالت لها وهي تغمض عينيها في حسرة ، الروح التي وهبها قد انتزعها ، الروح التي عانقته خنقها ، ماعاد في تمارا حيل لأي شيء : اطلبي لي هذا الرقم

كان صوتها بالكاد يخرج و سكينة تطلب رقما

سكينة حتى الآن تائهة في المعمعة ، لا تدري ما الخطب و لا ماذا سيجري لاحقا !

طلبت الرقم و انتظرت حتى استجاب الطرف الاخر : كان صوت رجل ، تنحنحت حتى قالت : مرحبا خذ معي تمارا

طار الطرف الاخر من مكانه فاتحا عينا مذهولة يكاد رأسه يقتلع من محله صرخ :يا الله تمارا

اخذت الهاتف وضعته على اذنها تقول ببكاء : جهاد تعال ، تعال خذني

كان بكاءها يفطر قلبه و يقتلعه من محله صرخ : اين انتي اين

قالت في هدوء : ستعطك الفتاة العنوان تعال و خذني

ارتعش جسد سكينة مما تسمع هي لا صلة لها بالامر كله ولا تريد ان تتورط في امر يخض آيدين تبا لقد احرجتها فأخذت تقضم شفتيها قلقا حين مدت تمارا لها الهاتف : اعطه العنوان اذا سمحتي

بلعت ريقها رويدا و قلبها يخفق برعب تبا هل ترفض طلب تلك المرمية و تتركها هكذا تبكي همها ، ام تستجيب و تتورط في امر لا يحسب حسابه حارت في امرها ولكنها تناولت الهاتف و اعطت العنوان لذلك الرجل الذي كان يتنفس غضبا

قام من كرسيه يجري حتى لفت انظار كل من يعملون معه كان التوتر والقلق و الفرح و الامل كلها في سحنته طار بسيارته الى حيث العنوان الذي وصفته تلك ، في احد الاحياء الراقية فيلا صغيرة محاطة بسور قصير تحفه الاشجار من كل جانب و باب حديدي فتحه و عبر الى حيث الباب الرئيسي طرق الجرس ووقف يهتز بتوتر وهو يحرك شعره بيديه حتى فتحت سكينة الباب

قال في غلظة : هذا بيت آيدين

هزت رأسها بنعم دخل وتجاوزها وكانه يقتحم البيت اقتحاما صارخا : اين هي ، اين هي تمارا

كانت مفجوعة لم تستطع الرد فشكله ووجهه كان عدائيا لدرجة ان حاولت ان تتحدث سيصفعها،، هكذا تخيلت ، كان طويلا نحيفا شابا في اوائل العشرينات ذو لحية خفيفة وعينين خضراوين و شعر هائج يميل للشقار متوحش غزير يرفعه الى الاعلى في تسريحة شبابية يرتدي بنطال جينز اسود و حذاء جلدي بني و قميص بني ، كانت يداه تتحركان بثورة صارخا في ارجاء البيت كمن فقد حبيبا : تماارااااااا

تلك التي خرجت من باب الغرفة تجر ساقها جرا متهدلة الكتفين حمراء العينين مهتزة الشفتين يقطر الدم من مقلتيها يراها فيطير الى ذراعيها ساحبا اياها الى صدره يتشقق وجهه عن حزن شديد يقبل يديها ووجهها و كاد ان يسقط عند ساقيها باكيا يلمها بحسرة و قوة اليه الى ذراعيه وهي تتشبث بأطرافه بقوة و تبكي ، خرج البكاء منها مطحونا مقبورا مرعوبا اتلف عليها روحها : آآآآآآآآآآآآآآه يا جهاد آه

ضمها في روحه : سلامتك من الآه يا عمري يا روحي يا حبيبتي سلامتك من الآه

: خذني ، خذني ، لا اريد البقاء هنا خذني اليك خذنيييييييي

كانت سكينة واقفة هناك تنزل الدموع من عينيها لا تدري كيف اثر بها هذا اللقاء ، كان لقاءا صادقا لقاءا حبيبا لقاء غربة لا تدري وقفت هناك كالتائهة

هي لا تستطيع ترك تمارا تخرج بلا رأي آيدين لن تستطيع تركها رغم ما تعاني ورغم ما فعله آيدين فالواضح ان الامر كبير بينهما حتى لا تطيق صبرا ان تبقى تحت سقفه

هالها الأمر ولا تعرف كيف تتصرف ، حتى ياسين لم يعد كي يكبح جماح هذا الفتى في ان يأخذ تمارا من هنا ، لا بد ان تهدأ الوضع

فيما الاخر الذي انحنى يحمل تمارا بين ذراعيه هكذا كما هي بملابس نومها و شعرها الحر آمرا سكينة : احضري لي عباءة بسرعة

كانت واقفة مشدوهة : هيا بسرعة , صرخ في وجهها

كان وجهه مسودا و عينيه تتوعدا بالنار و الحرق و الدمار : والله لتدفعن ثمن ما فعلته بتمارا غاليا والله ، هكذا صرخ و هي تدفن وجهها تحت ابطه تشم ريحه تلف يدها حول رقبته وهو يحملها كالريشة بين يديه كان مقهورا ان يراها على هذا الحال على هذا الانهيار ، بكى معها و عليها نعم بكى فكيف يُفعل هكذا بحبيبته كيف !

جرت سكينة الى الغرفة تفتش و هي تضرب خدها للكارثة التي ارتكبتها ، تلوم نفسها انها سمحت لتمارا ان تتصل بأحدهم فهي حتى لا تعرف هو من ؟!!

بسرعة ، وصلتها الرعدة التي رعدها و هي صارت ترتعش من اخمصها حتى قدميها : تبا تبا اللعنة مالي ومالهم انا مالذي ورطني بينهم

جلبت العباءة ورمتها على تمارا و الاخر يتجه الى الباب فصرخت خلفه : لا يجب ان تخرج من دون اذن زوجها

لم يلتفت لها بل فتح الباب بقوة كادت تكسره وترميه عليها و هي تتخبط

جرت الى هاتفها تطلب رقم يحي تخبره بالمصيبة عليه ان يتصل بآيدين و يخبره بالامر

طلبت بسرعة رقم يحي الذي استجاب على مضض ، لا يريد ان يتواصل معها كثيرا ولا ان تشغل باله كثيرا ، قبل ان يحل مشكلته ، والعجز الذي وصل له !

حين رفع الهاتف يسمعها تقول بعجل : يحي اخبر آيدين ان رجل قد اتى و اخذ تمارا و ذهب !

فتح عينيه على وسعهما مذهولا : ماذا ، اي رجل ماذا تقولين !

حكت له باختصار : تمارا قامت من نومها تبكي طلبت مني ان اطلب رقما فطلبته لها فجاء الرجل مقتحما البيت اخذها و ذهب !

اغمض يحي عينه بصبر وهو ينتفخ من الغضب : لما لم تتصلي قبلا

بررت لنفسها : كنت مرتبكة لم اتوقع ان يحصل ما حصل كان الامر سريعا جدا لم اتوقعه صدقني ليس لدي يد في هذا الامر

غضب منها وجدا وهو يلتقط انفاسه اغلق الخط في وجهها وهو لا يعرف هل يتصل بآيدين ليخبره عن الامر ام يتركه الى حين ان يرجع فأمام آيدين طريق طويل ، طويل جدا !



ديالا التي ارتدت ملابس عادية فستان ينسدل برقة على قدها الناعم حتى منتصف ساقيها و جمعت شعرها الطويل كذيل حصان و لبست حذاء ابيض خفيف ، جلست قرابة الساعة فقط محدقة في الشرفة ، نظرها موجه الى زرقة السماء و جلدها تلامسه سخونة الجو ، ترفع يدها الى جبينها تمسح عرقا لا تدري من اي يتصبب ، لما تتعرق ، ليس بها لا حمى و ليست مريضة ، لكنها مرهقة متعبة فكل ما حصل هذين اليومين جعل نومها شيئا يفر المرء منه فرا ، كوابيس تخص مليكة و منظرها ، مليكة وهي تتحرك مطعونة ، والدماء تقطر من وجه مليكة ، لم تستوعب بعد ان هناك احد هنا قد قتل حقا !

قامت من مكانها تفتح الباب و تجر خطواتها جرا ، لم يعد لديها النية في اي شيء ولا شيء ، تستطيع ان تأكل لسانها فتخرس ولا تتكلم لانه حتى الكلام صار عمل مرهق حقا !

صعدت الدرجات رويدا ، تتسحب تجبر رجليها على الصعود الذي اجهدها حقا ، حتى وصلت الى الباب الذي كانت خلفه نجلاء

والتي هي كذلك منذ الحادث لم تستطع النوم ، وان نامت فهي تستلقي كالأموات ، تشعر ان قلبها قد مات !

دقت ديالا بهدوء شديد على الباب ونجلاء ممدة على السرير تحدق في السقف ، صارت الغرفة معتمة جدا في عز الظهر ، اغلقت كل شيء حولها ، لن تتجسس مرة اخرى ألم يسؤها ما حصل ، ألم ينبه الله في قرآنه عن التجسس ولا تجسسوا ، و لا حتى ان تسألوا عن اشياء غامضة العلم فيسؤكم معرفتها و العلم بها !!

وهي ندمت انها قد اطلقت نظرها من الشبابيك لترى تلك المناظر المروعة !

لا تبالغ ان قالت انها قد ماتت رعبا ، خافت على نفسها ، خافت ان تقتل هي ايضا في فراشها ولا يعلم بها أحدا !

ألم يتم الاعتداء على اختها روح قلبها و ماتت متيبسة في دمائها !

ألم يمت شخص آخر هنا !

الدق سبب لها رعبا فتحت منه عينيها حتى كادتا ان تتدحرجا خارجا عن محجريها صار قلبها يصارع كي يهدأ من روعها

حتى رات شبح الفتاة النحيفة الجميلة التي خلف الباب

دخلت ديالا الصامتة صمت الاموات تنظر لها الاخرى بهدوء بعد ان تماسكت ترى ديالا تتقدم اليها ترمي بنفسها على الفراش بجانب نجلا و تنظر هي الاخرى الى السقف

لم تجرؤ اي منهما على قول اي شيء

حتى سمعت بحة نجلا الجميلة الهادئة : من مات !

فتجاوبها مصدومة : مليكة !

اغمضت نجلا عينيها بشدة و هي تمنع الدموع ان تسقط على جانبي وجهها ، صارت تضغط بأسنانها على شفتيها ، العبرات تتكوم و الحنجرة مسدودة تسمع ديالا تقول : عرفت مليكة منذ سنين

منذ اختفى عمي يحي عنا

قد جائتنا امرأة جميلة فتحت الباب وفي يدها كيسان ، كيس العاب و كيس طعام جاهز

كنت انا واخي نقف متجاورين ، كنا يتامى تماما ، تركنا عمي يحي و تركتنا عمتي غالية و اصبحنا كالمتسكعين ، انا وهو تهنا في هذا العالم الكبير ، تخيلي ان يترك اطفال في عمر خطير لوحدهم في حي فقير معدم يقطن اغلبه المجرمين ، جاءت مليكة محملة بالالعاب و الحلوى ، صارت ونس لنا صارت الملائكة التي تعتني بنا بأوامر من عمي يحي ، كانت طيبة محبة ، تنظف لنا البيت و تطبخ لنا و تسألنا عن واجباتنا المدرسية ثم اخر النهار كانت تتركنا!

نعم كان مجيئها قليلا و على حسب ما تم ارسالها له

ولكن انا واخي كنا نفرح

كنا نطير

كنا نقول للناس انها خالتنا و لن تتركنا !

بح صوت ديالا وهي تروي ما يحصل حتى رفعت نجلا يدها الى فمها تسد حلقها على ألا تصرخ من البكاء !

التفتت لتنظر جانبيا الى وجه ديالا الساكن وعيناها المتحجرتان و شعرها مفرود على السرير كدوار الشمس تروي من حنجرتها وليس من شفتيها

: مليكة قتلت على سريرها !

اخذت نجلاء تبكي بصوت عال و هي تغمض عينيها بيديها الاثنتين ، لم تتخيل ان آخر لقاء بينها وبين مليكة سيكون بعده موتها !

صارت تبتلع ريقها المحموم كماء متدفق عبر حنجرتها بصعوبة وهي تان من البكاء

يا الله كم تشعر انها وحيدة

تشعر انه قد ندمت على ترك القصر و اختيارها الاختباء هنا

يا ليتها ما جاءت ولا رأت ولا سمعت

فهي لم تفق بعد من خبر موت شقيقتها كي ترى امامها امرأة اخرى مقتولة !

لم تقدر الفتاتان على مواساة بعضهما البعض فكل واحدة تحمل في قلبها الكثير

قامت ديالا من رقدتها كالعفريت الذي يجر لباسا طويلا تخرج تاركتا نجلا في غيها

اما هي فقد نزلت الدرجات و عبرت الطرقة تريد التوجه الى غرفتها هناك رأته ، رأت قاتلها يخرج من غرفته و يغلق الباب خلفه

كانت نظراتهما وحدها من يحكي ، هو باللهفة و الشوق ، وهي بالعتاب و التباعد

غضت بصرها عنه تريد تخطيه حتى شدها من ذراعها يوقفها لتقف في وجهه ، وجهها الى الارض و عيناها تحفرانها ، كان اطول منها بكثير وهو يحني رأسه في اتجاهها يسأل في قلق : ما بك !

لم تجب كانت واقفة كالميتة بين يديه ، لن تجيب ، لا تريد ان تجيبه

هذا

هذا العم

الذي يستغلها

تقاطرت الدموع من عينيها وهي ترفع رأسها تهرب من نظراته مديرة رأسها بعيدة عنه حين همست : اتركني

قربها منه اكثر : انظري لي

هزت رأسها رافضة

قلت انظري لي

لم تحاول حتى ، حتى ادار رأسها له بكفه التي وقعت على خدها فابتعدت عنه وجلة ، تبعد رأسها عنه قائلة بعدائية لم يرها فيها قبلا : لا تلمسني

اصابه الذهول منها ، ما هذه النظرة و ما هذا الكلام : قلت لك اتركني ولا تحاول لمسي ثانيتا ... رفعت رأسها وعينيها في عينيه .. يا عمي !

ترك ذراعها مجبرا زاما شفتيه نافخا لصدره رافعا لحاجبه : انتِ الآن حرة !

قالها عند اذنها حتى ارتعش منها جسدها !

جمعت ذراعيها الى جيدها كمن اصابته حمى : أريد العودة الى بروين !

رفع يده الى شعره يشده بقوة ، ألن ينتهي من هذه التهديدات كل ساعة و اختها .. تريد تركه و العودة الى بروين ، ماذا ، ماذا سيفعل لها بروين !

هنا استثارت غضبه فرفع حنكها بقسوة حتى تقابلت معه وجها لوجه قائلا باصرار في عينيه و غضب في شفتيه : طالما انكِ قد وصلتِ هنا فلن تغادري الا عندما ارغب أنا .. هل فهمتي !

كانت تنقل نظرات جزعة الى عينيه وهو يحذرها : ان خرجتِ من هذه الاسوار سأقطع ساقيكِ !

كانت ترى الجدية في كلامه و التهديد في حركاته ، لم تعلم ان الامر سيكون هكذا معه ان يهددها بقطع ساقيها

شد اكثر على وجهها تتنفس عصبيته وترى كيف ان عيناه بدتا تلمعان بشرار حارق : من تهب نفسها لي تبقى لي هل فهمتي يا غاليتي !

لما يستفزها ، لما لا يقدر ما تمر به من صدمة ، لما يحاول ان يكرهها به ، فهذه ليست معاملته لها ، أبدا ، انه رقيق ، انه عطوف ، انه محب انه عاشق ، لا يتصرف معها كسيد و جاريته كما يفعل الآن على اي اساس يصفها له و يضعها بين جنبيه ، على اي اساس يناديها غاليتي ، حتى انتفخ الغضب فيها تتحداه : انا ديالا ، ديالا !

شدها هذه المرة من يدها يجرها خلفه : تعالي معي إذن يا ديالا !

هكذا قالها ، نطق اسمها ، قاله ، لا تعرف بما تشعر ، الخوف من جره لها ، من القسوة التي في ملامحه ، من الخوف الذي يسكنها هي تجاهه

اخذه بيدها .. غير عابيء بكل من يلتقي به ، يخرج بها من الباب الرئيسي للبيت الى حيث الاشجار و الشمس و الماء و الازهار و كل شيء رائع جميل ، كان يمشي شادا بقوة على رسغها حتى توجعت يداها ، تراه من خلفه ، شعره الذي تهزه الريح فيتطاير بعض منه على جبينه و كتفيه العريضين و خصره الناحل و قوة ساقيه ، كان يرتدي بدلة سوداء توافق تماما لون شعره و تخالف لون عينيه

كانت تجري في مشيتها لاهثة قطع بها مسافة طويلة الى هناك الى البعيد الى حيث اصطبلات الخيل

لاول مرة تاتي الى هنا لم تجرب البتة ان تقطع تلك المسافة ، المزرعة عبارة عن هكتارات خضراء مقسمة الى عدة اقسام منها ما هو بيوت ومنها ما هو اقسام للخدم ومنها ما هو اصطبلات للخيل وهناك في الواقع حديقة حيوانات صغيرة لم ترها بعد

ولكنه الان في هذا الوقت بالذات يفكر في شيء واحد

ترى الاصطبلات التي توقفوا امامها حتى اخذ ينادي بصوت جهوري مخيف : يا عامر يا عامر

خرج عامر يجري من احد الاصطبلات مرتديا ملابس ركوب الخيل ، كان خيالا بارعا و يعتني جيدا بالخيول لانها صنعته و حب حياته ، نعم الخيول هي حب حياته التي لن يبدلها بأي مخلوق كان

انطلق الى حيث يحي محييا بيديه : يحي اهلا ، غريب امر مجيئك الى هنا

لم يكن يحي لينظر اليها ابدا هي واقفة خجلة و عيناها دامعتان لا تعرف ماذا يريد بالضبط ، سمعته يقول : اخرج لي المهرة يا عامر

المهرة نعم ، تلك المهرة التي سماها باسم امها ، ام غاليته ، ام حبيبته ، فمن تنجب مثلها ليست حقا الا مهرة !

رفع عامر حاجبه مستغربا ناطقا : منذ زمن لم تركبها ! قد هجرتها !

حين رد عليه : لا ليس بعد اليوم بل سأركبها و كل يوم !

لا تدري لما رعش جسدها من كلماته و تدغدغت احشائها خوفا

ذهب عامر و تركهم هو امامها وهي خلفه تقف كالطفلة التي في حاجة الى امان ، في حاجة الى احتضان ، في حاجة اليه !

الخائن الحبيب العم يحي !

نطقت بخوف تريد ان تقول له انها غير راغبة في متابعة البقاء هنا ولا حتى داخل هذا البيت وانه يجب ان يردها لاخيها من تلقاء نفسه حين قالت : عمي !

التفت اليها بوجه مسود يرفع صدره بالنفس العالي شادا على صدغيها بقوة حتى برزت شفتيها : قلت لكِ لا تقولي لي عمي ، انا لستُ عمك !

تركها و التفت على عقبيه وهي مذهولة مصدومة صارت تدلك صدغها و دموع الاهانة و المذلة تنزل على وجنتيها اخذت تمسحها بطرف كم فستانها

اما هو فرفع اكمام قميصه الاسود و ثناهما الى منتصف رسغيه حتى بانت ساعة يده الروليكس الضخمة و شعر يده الاسود و بانت لها تفاصيل يده و حتى عضده وهو يرى المهرة البيضاء تجري في اتجاهه ، حتى هي تشتاق لسيدها ، اقتربت منه على عجل تصهل بمحبة اقتربت من رأسه تزفر انفها و هو يمد يده بمحبة الى ناصيتها يهمس في اذنها بعذب الكلام و الاعتذار ، نعم يعتذر انه ترك مهرته لسنين دون ان يمتطيها ، دون ان يراها ، دون ان يعتني بها ، تركها وهي في عز الحاجة اليه ، قد ولدت على يديه ، مسح عنها الدماء و قال له ابوه سمها فسماها المهرة وهي مهرة حقا كانت بديعة الجمال ذيلها طويل يلامس الارض و عيناها عسليتان كعيني سيدها و بياضها ناصع مثل النقى !

افتح الباب يا عامر

فتح عامر الباب فخرجت المهرة تتهادى في مشيتها ، مغرورة كانت ، فمن ذا الذي يكون سيدها يحي و لا تشعر بالغرور !

وقف جانبها ساحبا يد ديالا حتى كادت تصطدم به ، مذهولة من كل ما رأت ، لاول مرة في حياتها تقترب من الخيل او ترى جمالها الآخاذ كما تراه الآن

ترى الرابط الذي يجمعهما ، المهرة و سيدها

وضع يده على خصرها رفعها بكل سهولة على ظهر الخيل حين خرجت منها صرخة رعب و ثانية حتى ارتمى خلفها على ظهر المهرة يلتصق جسده بجسدها يرمي بكلتا ذراعيه حولها شادا على السرج مقربا رأسه من جانب وجهها حتى احمر جسدها من الحرج وهي تمسك بكلتا يدها فوق يده تتشبث به : تدرين لكم من الوقت اهملتها !

هزت رأسها الجميل الذي اهتز معه شعرها الطويل نافية حين همس : بعدد تلك السنين !

مد يده الى شعرها حرره من تلك العقدة وتركه حرا طليقا : والآن لنرى كيف تطورت المهرة !

انطلق بها كخيّال بارع الى اطراف المزرعة و شعرها يتطاير حولهما و عطره يغمر انفاسها و الريح تداعب وجهها اسندت نفسها الى صدره العريض الذي لمها اليه وغمره بها يشدد على جنبيها : هذا مكانك هنا تنتمي ودائما سيكون !



اما عن مرعية التي رجعت الآن من عملها

تحمل كيسا صغيرا فيه بعض المعجنات التي زادت عن حاجة المعمل ، او ربما هي من المحروقات التي لن تدخل افواه البشر !

اغلقت باب سيارتها و حملت حقيبتها لصغيرة و تقدمت قدماها الى حيث مدخل العمارة التي تقطنها

خلف الباب مباشرتا كانت تقف شلة شبان يدخنون و اصواتهم عالية يتحدثون عن كرة القدم ، هي تخاف ، تخاف من اي تجمع شبابي تراه عيناها ، لديها فوبيا من هذا النوع من التجمع ، ترى في وجوههم الشهوة و النظرة و الرغبة و كل ما تفكر فيه خصورهم فقط

كان قلبها دليلها و لم تكن حقا مخطأة ابدا في ما تفكر ، فبمجرد ان دخلت و تقدمت خطوتها الاولى حتى ثبتها احد منهم من هؤلاء الاوغاد ، لف ذراعيها الى خلفها و ثبتها بين رجليه

نزلت الدموع مباشرتا من عينيها كانت تهز رأسها غير مصدقة تريد الصراخ وصوتها لا يطاوعها للخروج

التف الاربعة حولها فيما وقف واحد منهم امام وجهها يرفع وجهها له على شفتيه ابتسامة حقيرة ، ابتسامة ماكرة ابتسامة وغد اطلقوه في الشوارع لينهش عباد الله اقترب حتى التصق جسده بجسدها و فمها مفتوح بالبكاء الصامت لا تتخيل لا تتخيل لا تريد ان تفكر ، لا لن يفعلوا بها اي شيء لا لن يغتصبوها لا

: هاهه انتِ التي تستقبلين ضابطا ، ألسنا من مقامك !

اخذ يمرر يده فوق وجهها يلمس شفتيها باصابعه و الاخر كان قد اخترق بلوزتها حتى وصلت الى صدرها : ألا تحبي ان نجتمع كلنا في مكان واحد ، ام فقط تحبي المتنفذين !

لم تشفع لها دموعها ولا حركتها الفزعة و لا جحوظ عينيها ، لم يشفع لها شيئا قال الثالث : اخلع لها سروالها

هنا صرخت بكل ما تملك من قوة كل ما تملك من قهر كل ما تملك من عنف صرخت وصرخت وصرخت كان صراخها يتردد في كل الارض يهزها هزا يصل للسماء فيفتحها كان صراخها مرعبا ومرعوبا صراخ مؤودة

لم يتنازل هؤلاء السفلة عما يريدون حتى دك كل واحد منهم يد في مكان في جسدها اخذت تضرب بقدميها تهز بيدها تدفع بكامل جسدها و كامل العمارة كان قد استفاق ، نعم استفاق ، لكن الكل كان واقفا يتفرج ، الكل هناك ينظر فقط اليها وهي تغتصب على اعينهم جميعا ، واقفين لم تتحرك فيهم النخوة ولا المرؤة ، الاغلب يقولون تستحق ما يحصل لها فهي تستقبل رجالا غرباء في بيتها فلما تدعي الان الشرف و الطهارة

حتى رات من بين دموعها تلك الصغيرة التي تحمل في يدها عصا طويلة تهجم بها على هؤلاء الفتية فتضرب هذا وذاك حتى دفعت امها وووالدها للتدخل وهي تصرخ بصوتها الطفولي الباكي : اتركوها يا اوغاد يا حقراء اتركووووووهااااااا كان صوتها عميقا مخيفا حين ضربت احدهم بكل قوتها على راسه حتى سقط على الارض يتحسس رأسه والاخرين كانوا قد تركوها على مضض يتحلفون لها انهم في يوم ما يتمكنون منها فيما اخذوا صاحبهم معهم و تركوها هي تسقط على الارض و تسقط عصا الصغيرة من يدها

العصا التي كانت سيفا في وجوه الاوغاد والسفاحين احتضنتها بقوة و هي تبكي معها كانت حتى هي مفجوعة مفجوعة مفجوعة لم تتخيل يوما وهي على صغر سنها هذا ان ترى هذا المنظر امام عينها ان ترى الناس كلها تتفرج و كأنه فيلم وكأنه خيال و كأنه شيء يستمتع المرء برؤيته

كانت مصدومة وهي تهمس : ملك لا تخافي انا بجانبك

وقفت وجرتها معها ترفع حقيبتها الى حيث الشقة هناك فتحتها و دخلتا هما الاثنتان ، ترتعدان فيما ام الصغيرة دقت الباب بقوة

فتحت الصغيرة الباب فدخلت امها تجرها من يدها : كم مرة قلت لك لا تتدخلي فيما لا يعنيك ، ماذا كان سيحصل ان ضربك هؤلاء الاوغاد ، لا تحامي عن احد ابدأ في حياتك فلن ينولك سوى المصائب

صارت تجرها الى الخارج وهي تضربها على ضهرها بقوة : قلت لك لا علاقة لنا بهذه المرأة الا تفهمي ابدا

اختفى وجهها البريء وروحها البريئة عن عينيها

وتركتها تتخبط في جسدها الذي صدمته الكهرباء فما عادت تقوى على السيطرة عليه

تنزل دموعها شلالا على وجهها ، المذلة و المهانة و العار ، كل شيء في جسدها قد تم تلطيخه ، اياديهم التي عبرت ما لم يعبر احدهم يوما ، رفعت راسها للسماء تشكي لربها : آآآآآآآآآآآآآآآآآه يا اللللللللله لما انا يا الله لما انا يا ربي لمااااااااا يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا يا ليتني مت يا ليتني يا ربي يا ربي

صوتها يخرج من آتون من ثورة تفجرت في روحها فالضغط الذي عانته وتعانيه كان عظيما انحنت حتى سجدت ولامست ناصيتها الارض ، امها ، امها الوحيدة الارض ، تشكي اليها تنام على صدرها و تشكو ذلها و حالها يارب اني اشكو لك ضعف حيلتي و هواني على الناس يارب ..ملأت الدموع الارض فاحتضنتها بكل رحابة ، كيف لليتم ان يدمر حياتها ، كيف للمأوى ان يسلب روحها ، كيف للبشر ان يستبيحوها لانها يتيمة لانها من رحم الارض لما !

لا زال يهتز جسدها كالمصعوقة ، تتسحب الى حيث الحمام هناك تخلع ثيابها البالية و ترميها على الارض و تدخل تحت الماء البارد يغمرها و يخلق لها عوالم روحية تغمض عينيها ، تتخيل انها ميتة ، انها منسية ، لم تتخيل يوما كيف لحياتها ان تتغير لو فقط .. فقط .. ان يكون لديها ام واب ، يا الله كيف ستكون الحياة اسهل فيها من الكرامة الكثير يا الله ما اسهل استباحة هذه الكرامة حين تكون بلا اهل ولا سند ، تتخيل انها قد اصبحت عدما ، نورا يطير في النهار و يختفي في الليل ، شيء غير مرئي لا يفكر لا يتحرك لا يريد ماءا ولا طعاما ، حتى لو خُلقت دابة كانت ستكون بافضل حال ، اما تفترس واما ان تكون الفريسة ، صار جسدها يغتسل و ينزل معه اطنان من اوساخ البشر ، اطنان من الهم ، اطنان من الخوف ، الجميع قد تسرب مع الماء وترك جسدها لا زال عذريا خالصا لن تسلمه الا للتراب !



في منزل صالح الذي كان يتصل بأخيه سعيد يطمئن الى المؤيد ، قلبه ياكله فهم لم تصلهم اي اخبار ، اذا تسلم المؤيد الشحنة فهو لابد ان يكون في طريقه الى المدينة و ان تكون الاتصالات متاحة له كي يطمئنهم عليه ولكنه لم يتصل حتى الساعة لا اخبار عنه ولا عن الشحنة والاهم هو !

رفع سعيد الخط فقال له : سعيد هل اتصل بك المؤيد

اجاب الاخر بقلق بالغ فأمه لا تكف عن القلق ايضا رغم انها ليست المرة الاولى التي يتغيب فيها عن البيت : لا يا صالح لم يتصل ، وكذلك لم تصلني اي اخبار من العقيد لم يتصل ولم يؤكد لي اي شيء

غضن صالح جبينه : اذا لم يتصل حتى الليلة سأرسل في اثره من يرى ماذا جرى ، وان يذهب احد منا معهم الا تتفق معي

هز سعيد رأسه موافقا : نعم هذا هو الرأي الصواب

تنهد كلاهما في هم ثم اقفلا الخط

صالح اتجه الى حيث ماجدة الساكنة منذ مقتل مليكة

حتى دخل عليها اكثر من مرة لم تتكلم ، لم تشتمه لم تخاصمه ، لم تكترث له البتة ، قد وصل بها البرود تجاهه الى هذه الدرجة لم تعد تراه حتى !

صعد الدرجات وتوجه الى جناحهما سويا فتح الباب ودخل

كانت امام خزانتها ، قد تحممت وشعرها الاسود لا زال يقطر منه الماء ، وهي ترتدي عباءة بيضاء بخطوط ذهبية و الحناء يزين كفيها و المسك يفوح من جيدها ، تعطيه بظهرها وهي تفتش في صندوق صغير عن احد قطع الذهب التي تريد ارتدائها

جلس على السرير يتكأ بفكه على عصاه

اصبح متحيرا في امرها وفي كيفية التعامل معها

فمنذ آخر صفعة و الاوضاع بينهما تتدهور سريعا

لا ليس منذ آخر صفعة يا صالح

فالاوضاع قد تدهورت منذ ميادة و منذ بناتها ومنذ آسيا

ولم تقل لي بعد ، من هي آسيا يا صالح !

يرفض ان يكذب عليها وان كان الكذب في مصلحته

يرفض ان يجعلا آخر العمر بينهما جفاءا و كرها من جانبها

تسمعه ، تسمع كل حركاته ، روحه التي تحلق فوقها و تحدق فيها ، فصالح القريب البعيد لا زالت الروح تدفع نفسها دفعا له في اتجاهه

وهي تقف بينها وبين روحها أن كلا ، الويل كل الويل لكِ ان تجرأت وخضعتي له ، صالح يجب ان يعترف اولا

يعترف بكل جرائمه في حق عمرها ، في حق عفتها ، في حق عشرتها

وقفت و العباءة تنسدل على جسدها الجميل الممتليء و شعرها الطويل يلامس فخذيها و يقطر ماءه على الارض كالمطر فتزهر تحت قدميها

كان الحنين في عينيه يقتله

الن تخضعي يا امرأة ، كفاكِ عنادا ، فوالله لقد عدتُ اتلوى من العشق ومن الهوى ، نعم انتِ هواي وان رفستني انتِ اول الهوى ، يا ماجدة افهمي !

تنهد و خرجت انفاسه من آتون حارق : ماجدة ، اغمض عينيه بقوة سيقول.. يريد ان يقول.. فإن قال فربما ستصفح عنه ، ربما تعود اليه فهو ماعاد يتحمل هذا الجليد الذي بنته بينهما ، هما من كانت الحرارة تتخلق منهما عندما يلتقيا ، ما عاد يعرفها ، ما عاد : آسيا كانت حبيبة

وقفت تعطه ظهرها مطعونة للمرة الثانية اغلقت عينيها والدمع يندفع اندفاعا يحرق روحها لا ليس مرة اخرى : أخنتني تارة اخرى !

وقف خلفها قلبه يؤلمه وظهر هذا الالم جليا على وجهه : كانت حبيبة و ليست عشيقة !

رددت بحرقة : لا فرق

ماجدة انظري الي انا ارجوكِ انظري فما عدت اتحمل جفاءك وبعدك

التفتت بكل عزة و أنفة رغم دموع الحسرة و الذل اللتان لم تخباهما عن عينيه : يااااه يا صالح كيف تعود لي في كل مرة وكأنك فعلا تهتم !

همس في وجهها : اجننتي يا امرأة ، انا زوجك منذ ما يزيد عن الاربعين عاما و لدينا ثلاث اولاد ، علاقتنا دائما متماسكة و جميلة ، تلك المرأة انتهت لم تعد موجودة قد اخطأت اعلم أنني اخطأت وخطأي لا يغتفر ولكنني هنا لا زلت اريدك ولا زلت باق على عشرتنا

هازئة كانت : بارك الله فيك و كثر من امثالك ، على رأسي كرمك الذي يسبقك ، تحب هذه وتلك و تنجب من هذه وتلك ، وتعشق هذه وتلك و انا يا غافل لك الله !

امسك رسغها : ماجدة انا كنت صادقا معك كي اسوي الامر بيننا وننهي هذا الجفاء ، انا جزء منكِ وانتِ مني هل فهمتي !

حررت يدها من لمسته و اتجهت للسرير تجلس عليه نصف جلسة : لم يعد يهم صدقني لم يعد يهم ، هناك شيء في قلبي ، شيء عزيز يخصك قد فقدته انا نفسي لا اصدق نفسي !

رعش جسده هو الرجل الكبير المحنك صاحب الخبرة و الدبرة ، الرجل الذي يقود الاف الناس ، يرتعش امام زوجته التي تقول له انه لم يعد عزيزا ولم يعد قريبا ، غارت روحه في اللامعقول يرفض رفضا قاطعا ان يصدقها لا بد ان تعود لروحه ان تنتمي لجسده هما واحد وسيبقيا واحد وان تعددت الخيانات !

قال لها في يأس : صفي قلبك و اغفري !

لن نتخاصم بعد هذا العمر

ردت في جفاء : انت من فرط في العمر و ليس انا ، لم يعد هناك اي شيء في قلبي يا صالح لا تضغطني انصحك حتى لا ترى انفجارا لم ترى مثله في حياتك !

الافضل لك ولي ان تهجرني مليا و ان تدفع بوقتك و جهدك في سبيل ميادة !

التفت عنها وصدره يرتفع من غيظه و صدها : تحلمين يا ماجدة تحلمين و ان تطلب الامر ان اضربك بالعصا فلن اقصر !

هكذا انهى هذا الترجي وهذا الوداد الذي تمناه ، لن يخضع للمرة الثانية لشروطها المجحفة في حقه هو زوجها ان شائت او ابت زوجها ومن حقها طاعته : أنتِ في طاعتي !

اطلق رصاصة الرحمة على قلبها و خرج يضرب بعصاه الارض فلن يتساهل معها بعد الآن و قلبها سيستجيب له ان الآن او فيما بعد !



اما عن ناجية

ناجية في الحقيقة تشبه الى حد كبير ماجدة ، بوجهها و جذعها و قوتها

فماجدة تعتبر ابنة جدهم بما انها ابنة اخ جدتهم !

نائت بنفسها واولادها عن المشاكل صارت لا تهتم الا لهم ، نظمت وقتها من الصباح الى المساء ، على فترات متقطعة ما بين الرياضة و التغذية و الالعاب و تطوير المهارات !

ناجية كانت خريجة كلية علوم وهي تعشق هذا القسم برغم انها في حياتها لم تعمل حقا بل فقط اكملت الدراسة و بقيت في البيت لا تحب العمل ولا تفكر فيه حتى بالرغم من الاوضاع المادية العسيرة احيانا التي كانت تمر بها مع رؤوف ورغم بعض الاشياء التي لم يستطع توفيرها لها فهي قد درست عدة مرات ان تعمل كي تساعده في مصاريف البيت و الاولاد و لكنها ايضا كانت تضع الخطة ليلا و تمحوها نهارا .. فهي لا تفكر في ان تقوم كل يوم صباحا باكرا كي تخرج للعمل ان تعكر صفو نومها و راحتها ثم تعود مساءا كي تعمل في البيت و تشرف على مدرسة الاولاد و كل شيء يخص البيت !

لا لم يكن شيئا مرحبا به في عقلها

حين كانت تلون مع اولادها بالوان الاكريليك ، وزعت عليهم لوحات كالمحترفين و زودت كل منهم بألوان تخصه فاخذوا بإظهار براعتهم في الخربشة و الرسم فهي تنتوي تعليق هذه الرسومات على حائط الغرف التي ينامون فيها ، كان منظرها هي الاخرى خرافيا مليئا بالألوان وجهها و يديها و ثيابها وهي ترفع شعرها المتشقر الى قمة رأسها وترتدي جمب سوت عملية و حذاء خفيف رياضي اخذت تمسح يديها حين سمعت جرس الباب ثم دخلت عليها الخادمة تقول : سيدة ناجية السيدة عفاف في الخارج تريد رؤيتك !

تصنمت في مكانها وهي فاتحتا عيناها عن آخرهما ، فهي حقا قد نسيت ان لها صديقة اسمها عفاف ، نسيت تلك العشرة و تلك المحبة التي دمروها هي و زوجها ، نعم ناجية تعتبر عفاف متواطئة مع زوجها ضدها ، فلو كانت تملأ عينه ما كان مال لها ولا كان حصل كل ما حصل

ماذا تريد منها عفاف الان ، ألم تعلم انها تقاطعها حتى ان لم تقلها

الم تعلم ما فعله زوجها بها كي تأتي هنا بكل براءة تريد لقياها

ماذا ان امسكت عفاف الان وسلختها ووضعتها في فرن !

نفخت انفاسها وهي تقول للاولاد : انتهى درس الرسم لليوم يا احبابي اذهبوا الان للحديقة

خرج الثلاثة يركضون يتسابقون في من ينزل الدرج اولا

وهي نزلت تجر خطاها غير راغبة بالمرة في رؤية لا عفاف ولا ام عفاف !

يا ليت سكينة هنا ، تمنت انها هنا كي تخلص حقها بلسانها و سكاكينه الفتاكة !

نزلت وكلها ثقة رافعة لرأسها بشموخ حين تلاقت نظراتها بنظرات عفاف رفعت لها حاجبا ناكرا قالت : لم اتوقعك ان تأتي بعد كل ما حصل

تقدمت عفاف اليها في خضوع وهي تبكي : ناجية انا جدا محرجة جدا حزينة لكل ما حصل انا لا اعرف كيف اعتذر عنا جميعا لقد اخطأنا في حقك

جلست ناجية واضعة ساق فوق ساق غير مبالية بدموع عفاف فهي لم يعد في قلبها اي شيء تجاه هؤلاء الناس من طعنوها في ظهرها وفي شرفها ، لا شيء سيغفر لهم لا شيء : ماذا تريدين يا عفاف !

اقتربت حتى جلست بجانب ناجية والدموع تنزل بحرارة على خديها : والله لم انم لأيام وان اشعر بالقهر ، انا زوجي قد خانني ذلك الحقير والله لن اسامحه ابدا لا بل حاول الاعتداء عليكِ

انا مجروحة يا ناجية مجروحة جدا ان اقلبي قد تقطع ، وضعت يديها على وجهها واجهشت في بكاء مرير

ان تكتشف حقا ان زوجها حاول الاعتداء على صديقتها في بيتها ، ان زوجها كان يفكر في امرأة غيرها ، ان يحب امرأة غيرها ولا تكون هذه المرأة سوى ناجية

منذ متى كان يفكر فيها ومنذ متى خطط ان يفعل ما فعل معها

لم تعد تصدق شيئا : انا حياتي قد انقلبت ، اهلي قد اخذوني من بيت اوس بعد الفضيحة ، هم ايضا يتهمون اوس انه السبب فيما حدث ولا ليس هذا وحسب بل وحتى القبض عليه بتهمة مخدرات

كانت ناجية تسمع فقط لم تلقِ بالا لكل معاناة عفاف ، أبدا ، فقلبها من جهتها ما عاد صافيا ، نعم ستتعاطف معها على خيانة زوجها لها ولكن لن يعودا كما كانتا قبلا فالجدار الذي بني بينهم من الحديد المسلح ومن المستحيل ان يهدم في يوم من المستحيل !

ردت وهي تنظر في عيني عفاف : انا لست عاتبة عليكِ ولم يعد الأمر يهمني ، انا يا عفاف بعدما حصل و التسبب في فضيحتي و طلاقي و سجن رؤوف لم يعد لدي اي رغبة في البقاء على صداقتنا قد انتهى كل شيء

طأطأت عفاف رأسها خجلا ، كانت تموت من الاحراج : عندك الحق ، فلو كنت مكانك لفعلت أكثر مما فعلتي !

وقفت ناجية تنهي هذا الحوار و تنهي بقايا تلك الايام التي مُحيت بجرة قلم و بخطأ كارثي دمر اكثر من حياة : اتمنى لكِ كل الخير ، مع السلامة

كانت كأنها تطردها فالتفتت عفاف على عقبيها تجر الحسرة و الندامة و اتجهت ناجية الى الاعلى كي تستحم و ترتب العشاء لاولادها

وعفاف خرجت من الباب تلفتت حولها وهي ترى الاولاد هناك يلعبون فضحكت في وجوههم وهم يعرفونها حق المعرفة اشارت لهم بيدها .. تعالوا .. فجاء الجميع يركض اليها منبسطا ضاحكا : تنافس الجميع على الكلام والسؤال : عمة عفاف اين ضحى و جلال ، فردت بكل حب : في البيت ، لعقت شفتها وهي تسأل : من يحب ان يذهب معي لرؤيتهم يرفع يده !

نظر الجميع الى بعضهم فرفعوا كلهم اياديهم موافقتا ولكن طقطقت بلسانها : لا ..واحد منكم فقط سيذهب معي حسنا !

كانت تلتفت الى الخلف الى حيث الباب تخاف ان يراها احدهم تقف وقفتها هذه حتى تناقش الصغار و اتفقوا ان تذهب سالي معها : انا سأذهب معك

اشارت لها بحب و هي تضع يدها في يد سالي و تخرج من البوابة كأنها تجري بها وهي في يدها و جلبابها و غطاء رأسها يتطايرا يُفتح باب سيارة واقفة اما البيت وهي تدفع الفتاة الى الداخل صرخت به : اذهب اذهب بسرعة !



عندما حصل ما حصل في بيت آيدين جلست سكينة في البيت تأكل اصابعها ندما ضربت صدغها عدة مرات تأديبا على ما جنت يداها ، لقد هدمت بيت آيدين برعونتها و عدم قدرتها على التصرف

عندما حضر ياسين قامت من فورها اليه وهي تطرقه على ضهره بقوة : اين كنت ايها الابله اين كنت بسببك قد وقعت في مصيبة ، بدل ان تساندني تتركني اواجه الاعداء وحدي

ابعد يدها عنه يفتح عيناه : هل جننتِ

اطلقت رصاصها في وجهه : يا ليتك كنت هنا تمارا قد خُطفت

لا تدري لما تكبر وتهول الموضوع ولكنها قلقة جدا لا تدري ما تفعل تدور كالمجنونة في البيت ياربي ماذا حصل هنا رن الجرس فانطلقت تجري تفتح الباب فوجدت هناك باتريشيا تقف على الباب سحبتها للداخل من يدها : ادخلي ادخلي يا باتريشيا

دخلت باتريشيا بمظهرها الباذخ الانوثة بلكنتها العربية المتكسرة : ما بكِ لما وجهك هكذا

ضربت سكينة على وجهها مثل التي تندب : المرأة التي كنتِ سترينها قد رحلت عن البيت

لم تفهم باتريشيا ما قصد سكينة تماما ، فجلست على كرسي تضع حقيبتها جانبا ثم تضع ساقا فوق ساق وتقول بشفتيها اللامعتين : احكي لي ماذا تقصدين !

جلست سكينة جانبها واخذت تروي كل ما حصل و تلك تارة تفتح عينا مستغربة وتارة تبكي و تارة تشخر و تارة تتعصب حتى قالت : كان يجب ان تتصلي بأحد اخوتك

ردت سكينة التي تكاد تموت كمدا : لقد كان مرعبا كان يصرخ في وجهي لم استطع الحركة ان امسكت هاتفي كان سيكسره فووق رأسي

يا ربي لا اعرف كيف سأمرر الخبر لابن عمي !

تلك اللحظة مر منذر الذي اتصلت به سُكينة قد يأتي و يأخذها و تحكي له في الطريق ما حصل بدل ناصر زعقت على ياسين حتى يفتح الباب فقام من مكانه متعصبا شاتما نافرا

وهي كانت تضرب اخماس بأسداس ، حتى سمعوا اصواتا عند الباب و غلقه ثم خطوات تتقدم حتى ظهر

رأى وجه سكينة اولا ثم حول نظره الى تلك الشقراء الجالسة بكل فخر على الكرسي و بكل ثقة ، بعدما فتح عينه ذهولا وصدمة ابتسم بمكر شيطاني بصوت ماكر غليظ مخيف : أخيرا العزيزة جِنين !



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...