على هامش الجزء التاسع والعشرين

 


البراء وابو البراء 

قصة البراء وابو البراء

 

كان ياما كان في حاضر الأزمان

كان قد دخل يجري متعرقا لاهثا  يعدل على عجل عمامته المتدلية، 

 يصرخ : مولاي يا مولاي البراااااااااء

 

 البراء كان جالسا في مرقده يدخن الشيشة بتروي يمزمزها بين شفتيه ،

رقع قلبه مع هذا النداء فصرخ في الرجل مفجوعا : مابك ايها الحاجب

 لما تصرخ ؟!

 سيدي يا اميرنا و موالنا لقد رأيت لك رؤية عجيبة

فجلس الأمير على حيله جاحظ العينين : انطق ايها الحاجب ماذا لديك هل

 هجم العدو على امارتنا

فأشار الحاجب برأسه أن .. لا : لا يا مولاي ، رفع حاجبه بتأثر شديد و

ابتسامة سرور فلابد ان هذا الأمر سيعجب سيده : لقد رأيت لك صيدة

تقشعر لها الأبدان ؛ غزال ، غزااااال يا اميري غزااااااال ، مربربة ،

معطرة الخد ، ممشوقة القد ، قد اكتملت فيها مجامع الحسن ، تقول للقمر

 قم وانا اقعد مكانك

واذ كان الحاجب فصيح اللسان طلق في الكلام اخذ يقول فيها : هي كما

سأل عنها عبدالملك بن مروان فأجابه الرجل من غطفان : ملساء القدمين

ردماء الكعبين ناعمة الساقين ضخماء الركبتين لفاء الفخذين ضخمة

الذراعين رخصة الكفين ناهدة الثديين حمراء الخدين كحلاء العينين زجاء

الحاجبين لمياء الشفتين بلجاء الجبين شماء العزبين شبناء الثغر محلوكة

 الشعر غيراء العنق مكسرة البطن.

وقف الأمير يسيل لعابه لهذه الغزالة و قلبه يطرقع بين اضلعه : والله ان

 كانت مقلبا من مقالبك ايها الحاجب ابو سلمى لأذبحنك ذبح الشاة  !!

 فأخذ الحاجب يقسم أقسام معظمة بأنها كما وصف بل اكثر

خرج الأمير يعدو منحيا حاجبه عن طريقه يركب سيارته النصف نقل

 المدججة بالسلاح يلحقه قطيعه بُغية النيل من تلك الغزالة !!

اخذت تلك الشاحنات العملاقة و السيارات تخلف غبارا خلفها وهم لا

يعرفون اساسا لما هذا اللهاث و على من ، كل ما يعلمونه ان سيدهم قد

 خرج مهرولا  في عجلة من امره ينتوي امرا لم يكن له مثيل قبلا. !

كان الأمر كذالك عند سكان هذه الإمارة الآخذون بالتقلص تارة بالذبح

وسط المساجد و تارة بالصلب في مركز المدينة و تارة التعزير لشرب

السجائر او معاكسة البنات فهي امور تحرمها شريعة الله التي تبناها جند

 الخلافة .

فكان السكان يتسللون ليلا بغية الفرار بجلودهم لما رأوه من اهوال و

عذابات يطير منها العقل و تسقط منها النساء مافي ارحامهن و يبكي

منها الولدان ، الولدان اجل تلك الفئة الصغيرة الحجم ذات الملامح

الجميلة التي قد تروي عطش الرجال و شهواتهم المفتوحة على

مصراعيها فكان حين يرى جند الخلافة فتى طيب الرائحة ، جميل الوجه ،

ممشوق القد ، سيق الى الأمير سوقا كي يجامعه ايمانا بالتصور العدمي

ان الولدان المخلدون الذين ذُكروا في القرآن هم هبة من الله لمن يحبون

 اللواطة في الدنيا من الرجال و لكن حرموا انفسهم منها او تعففوا عنها .

  واما النساء فكن ذوات مواصفات تعجيزية لما يخص الأمير و جواريه

فكان أن وضع عريضة بصفات المرأة التي يبتغيها حتى يجامعها على

سنة الله و رسوله فما جهاده الآن ضد المرتدين الكفار إلاّ لحاجة قد

ارادها الله منه و قد حلل الله اليه جهاد النكاح او بالعكس ، ، نكاح من

اجل الجهاد ، ، اجل نعود للعريضة أن رُتبت بها مواصفات المرأة

الدعجاء الشهباء ، ان تشرق الشمس من ثغرها و يغيب القمر في وجهها

و يرقد الرمان الريان على صدرها و يتسطح الحرير على سرتها و الدر

و الياقوت في كفيها ، و اذ اخذت سرية مختصة فقط في مراقبة البيوت

من علو بمناظير الرؤية الليلية و النهارية  فقد كانوا يطّلعون على اسرار

البيوت و على الدابة الخارجة و الداخلة اليها و اذ كان من سوء حظ من

يقع عليها منظار الرؤية تُساق الى الأمير ليقضي وطره منها فيجلس

معها ثالثة ايام بلياليها يضاجعها حتى اذا انتفخ بطنه من مجامعتها كف

يده و قضيبه عنها و تركها كي يستلمها جند الخلافة الباقون يظلون

.

 ينكحونها حتى الموت السريري لأحدهما إما هي او جند الخلافة .

كندة ، فتاة من خالص بطون العرب من بني قحطان امرأة كانت تجلس

سيدة على قومها تسن القوانين و تصدر الأحكام ، اما بعد ان اكتشفتها

المناظير النهارية و هي تتغنج في منزل عائلتها فقد أُختيرت

 لتكون خليلة الأمير التالية .

ال الحرير ثلاثة اخوة هم عامر و عمار و المعتمد على الله رجال شجعان

يطئون على النار بغير مهابة ذوي اجساد عريضة و شخصيات مهيبة ،

في الحرب لهم باع طويل منذ ان سيطر جنود الخلافة على البلدة و

اعلنوها امارة بقيادة الأمير البراء ، كانوا يشترون الأسلحة السوداء و

البيضاء ، ان اطلقوا رصاصة لا تخطيء و ان طعنوا فالطعنة قاتلة لا

محالة ، يلفون خصورهم طوال الساعة بأحزمة الأسلحة الخفيفة و

يعصبون رؤوسهم بعمامة تقليدية بيضاء ، و يرتدون الأحذية العسكرية

على الدوام في النوم و الصحو ، يأكلون على عجل و يرقدون سِنة من

 نوم ، يضطجعون واقفون ، هم نعم الأخوة لشقيقتهم كندة .

وحين كانت الأخطار تحدق بأي بيت عشوائيا من بيوت هذه البلدة البعيدة

عن مشرق البلاد و مغاربها فقد كانوا على اهبة الإستعداد دوما لصد اي

هجوم لجند الخلافة يبتغون منه سرقة المؤونة او جلد احدهم او تقريعه

او اغتصاب النساء امام اعينهم او جر الولدان المخلدون من ايديهم ،

 كانت حالة حرب دائمة الى ان يأذن الله بنصر احد الطائفتين .

كان الأخوة ذوي العضد الواحد يراقبون و يشخصون بأبصارهم الى البعيد

حتى بان عليهم غبار عظيم لم يُعلم ما خلفه إلاّ بعدما بدأت تلك الحشرات

الصغيرة بالخروج على التوالي من ركامها قاصدة وجهتها والتي تبين

لهم انها سالكة درب بيتهم ، استنفر الأخوة و صالوا و جالوا في البيت و

لم تكن كندة استثناءا فقد كانت ترتدي الدرع الواقي للرصاص و خصرها

الفتان تدور عليه القنابل اليدوية و رأسها معصوب بلفة بدوية اظهرت

جمال وجهها و فتنة محياها النظر ، امسكت بالرشاش بيدها و صعدت

درجات البيت مهرولة تتلقى اوامر اشارات ايد اخاها االكبير المعتمد على

الله لتتخذ مكانها خلف فتحة يبرز منها رأس الرشاش ، لم يريدوا ان

يبدأو قتالا لم يُعلم بعد اسبابه ، فقد توقفت السيارات فجأة عند بابهم و

 

نزل الأمير بجلاله و هو يصرخ فيهم : يا اهل الدار سلمونا الدرة المكنونة

 تسلموا !

واذ ظهر العجب على الأخوة و هم ينقلون البصر بين بعضهم البعض حتى صدح المعتمد على الله : ماذا تريد ، ان كنت تريد مالا اعطيناك و ان كنت

تريد عزا و هبناك وان كنت تريد باطلا فوالله لن تخرج من هنا إلاّ و

 رأسك منزوع عن كتفيك .

فغضب الأمير غضبة زأر منها و هو يقول اخرجوا لي شقيقة لكم تدعى

كندة فإن  اعطيتمونيها دون قتال لن تندموا بعدها ابدا و سأجعلكم على

 رؤوس الأشهاد امراء على الإمارة من بعدي .

كان الأخوة يعلمون في قرارة نفوسهم ان هذا الأمر بالله لن يكون إلاّ قاتلا

او مقتولا فالتقطوا انفاسهم و نفخوا صدورهم ووضعوا كفوفهم على

اسلحتهم ، فناد مناد من السماء بزعيق اشبه بنفخ البوق يصيح صيحة

تخر منها الجبال و تزهق منها االنفس و تسقط النساء مافي ارحامهن و

 يذهل الرضيع عن امه : من مات دون ماله و عرضه فهو شهيييييد

و انطلقت رصاصة كندة تخطيء طالبها و ثانية واحدة حتى كانت ساحة

قتال سُمع اصوات رصاصها و قنابلها في مشارق الأرض و مغاربها ،

كان الرصاص يخترق جدران المنزل بغزارة و كانت القنابل اليدوية تُرمى

على جنود الخلافة ، تبادل الطرفين القتال العنيف حتى اسقط ال الحرير

في يومين ما يزيد عن ثلاثين جنديا من جنود الخلافة الذين طلبوا المدد

فوصلت الجرارات محملة بالصواريخ ليزعق الأمير فيهم بغضب اريدها

 حية و اريدهم ميتون

كان اعنف قتال قد شهدته البلدة من يراه لن يظن ابدا انهم ثلاثة رجال

 ببسالة جيش و امرأة تذود عن نفسها !

ارتفعت صرخات الرجال و عويل نساء و صارت البلدة في حظر تجول

لمدة ثلاث ايام بلياليها كان فيها عامر قد قثتل بصاروخ موجه و عمار

استشهد برصاص قناص على احد بيوت الجيران الأعلى من بيتهم

يتموضع فأصابه في مقتل ، و اما كندة فقد نزلت الدرجات تغلق عليها

باب البيت الداخلي كما امرها المعتمد على الله الذي اختبأ خلف الباب الذي

كانوا على وشك اقتحامه ، كانوا يدقونه دقا حتى اذا دخلوا حرر المعتمد

الحزام الناسف ليفجر نفسه و بضع عشرات من رجال العدو ، و جُرت

كندة قبل محاولة تفجير نفسها من شعرها ذليلة الى مضجع الأمير الذي

امر بصلب الجثث السليمة في مركز البلدة ووضع بقايا الشقيق االكبر امام

 اعين المارة ..

وفي حين انتهت معركة كندة و البراء قد كان ابو البراء يتموضع في

مجلسه خلف الشاشات  يلقي بمحاضراته الدينية و يفتي في القوم على

القناة المخصصة له وحده فقد كان يقول ان على اهل المدينة ان يستقبلوا

اهالي جنود الخالفة الذين قد طثردوا من ديارهم و نُهبت اموالهم و

اُغتصبت نساءهم على ايد المرتدين و ان يستقبلوهم و يتقاسموا معهم

الخبز و الماء و ان يعطوهم بيوتهم و يزوجوهم من نساءهم كما فعل

 الأنصار حين استقبلوا الرسول مهللين مكبرين للفاتحين .

ما كانت خطبة الشيخ المفتي ذو الطاقية البيضاء و اللحية الخفيفة و

الشعر الأشيب و الملابس التقليدية إلاّ تحذير مبطن لمن لن يمتثل لهذه

الفضائل ، فأهل هؤلاء يعانون بسببكم فأولادهم يدافعون عنكم يريدون

تطبيق شرع الله و قتال المرتدين ممن لا ينتمي اليهم و الى فكرهم

التكفيري ، كانت مئات الالاف من الوجوه تتابع في صمت تهز رأسها

بالرضى تارة و تارة اخرى بالحوقلة لما يسمعون من جنون فاالله

 المستعان على ما يقولون ..

عاش ابو سيف وهو جد البراء و ابو ابي البراء في زمن العسرة ، قد

ذاق و اهله الموت و التشريد و القتل و التهجير في زمن الإحتلال

الإيطالي ، فلم يكن يوما مقاوما او مجاهدا ، بل كان رجلا فقيرا طيبا

يعيش في البرية في بلدة " المقرون "  التي فثرض عليها حصار فما عاد

الناس يخرجون منها ، بل يموتون و يثدفنون بها ، عاش يربي بضع

غنمات ، و يراقب في صمت و خوف ، قد تزوج فتاة من الخيمة

المجاورة لخيمته اسمها فاطمة ، و انجب منها اول صبي و ذات يوم

قامت فاطمة من نومها لتجد انها قد كانت تنام على طفلها الذي كان مزرقا

ازرقاقا شديدا فأخذت تهزه جيئة و ذهابا وما استفاق الصبي فأخذت

تجري الى خيمة امها التي امسكت بالصبي بين ذراعيها وبعد هزتين

 سلمته لفاطمة قائلة: لقد قتلتي طفلك .

 

 

 

 

 

 

دفن ابو سيف طفله خلف الخيمة و هو يتحوقل ، بعد عدة ايام هجم

جنود الطليان على المكان و ضربوا حوله شبكا و اخذوا الغنم و حبسوا

الناس رجال و نساء في ذاك المكان كالأنعام والذي سُمي بمعتقل

 المقرون.

صار الجنود يحضرون يوميا يطالبون الاهالي برفع رواق الخيام ،

فينهبون ، و يضربون ، و يغتصبون ثم يرحلون ، و مرات يأتون

ليرشون الخيام خوفا من تفشي الأمراض ، و قد بلغ القادة الطليان ان

الناس على ابواب المجاعة و الموت في جماعة ، فعملوا على تزويد

العائلات كل عائلة بقدح دقيق يوميا ،تقم النساء بإشعال التنور و خبز

الخبز و اكله حافا ، حتى من كانت تلد لا تجد ما ترم به عظامها ، فأصبح

الأطفال الرُضع ينتقلون بين كل اياد النساء المرضعات كل منهن تلقم

احدهم ثديها ليرضع منه قليلا بضع قطرات ، فالاثداء كانت ضامرة

شحيحة اللبن حتى لم يُعلم بعدها ان كان الاطفال اخوة بالرضاع او خلافه

، قد كانت فاطمة تروي لسيف ابو البراء حرقة تلك الأيام عندما حملت

به و استعصى عليها اطعامه و والده كان قد ادركه المرض و الحمى ولا

زال يافعا فأخذ يرتجف عدة رجفات حتى سلم الروح و دفنوه بجانب ابنه

 خلف الخيمة.

 و ظلت فاطمة تعاني الجوع و البرد فقد كانت تأخذ " بعر الإبل و تنقيه

لتخرج منه حبات الشعير و تحمصها و تأكلها " وقد كانت تبكي بحرقة

حتى يحمر جفناها و تتورم عيناها و يبح صوت حنجرتها ، كسر الجوع

الناس حتى قيل أن الذئاب قد جاعت في الوديان ، عانت من انتقام الطليان

الجنود الذين كانوا يحضرون كل فترة و اخرى كي يأخذوا الفتيات من

ايديهن يجمعوهن في خيمة و يتناوبون الإعتداء عليهن حتى حملت اكثر

من فتاة ، ومن عُلم بحملها من ايطالي صارت تؤخذ من اهلها و تُرحل

 الى ايطاليا بشيء عثرف بالمنفى .

مسعودة تلك الشابة الجميلة التي افتتن بها رجل عسكري ايطالي سموه "

باريلا " قد كان طلبها للزواج و قد ابت ان تتزوج نصرانيا ، فما كان منه

إلا  ان طلب من جنوده ان يربطونها الى شجرة ليل نهارا في الحر و البرد

حتى تخضع ، وما كانت مسعودة لتخضع او تلين و كان الناس يجتمعون

حولها يقوونها و يثبتون ايمانها ، فكانت تُعذّب و تُعلق الى الشجرة من

شعرها حتى تكاد جلدة رأسها تنسلخ عن جمجمتها  ، وامعانا في اذلالها

قد كانت يثربط رسغيها الى سيارة احد الجنود الذي ما أن يُعطى الإشارة

حتى يبدأ الجري و جسدها يتخضخض على ارض المعسكر ممرغا وجهها

و جسدها الغض الفتي المنهك المتقطع الجلد و الملابس الشحيحة ، وصل

الأمر الى متنفذ ايطالي طلب من " باريلا " ان يتركها و شأنها ان لم

ترغب في الزواج بالتراضي و قد سرحوها و قد كانت جلدا على عظم

لطول الأشهر التي كانت تعذب بها بلا ماء و لا غذاء ، حتى فارقت الحياة

 بعد ليال قليلة من اطلاق سراحها.

 

بعدما صار سيف بعمر مناسب صار يذهب الى مكان يدعى " سكولا "

وهي لفظ للمدرسة بالإيطالية ، حيث كان الأطفال يكتبون بالفحم المأخوذ

من التنانير و يكتبون على الاسطح اللوحية ، حفظ  القران و تعلم

 الحديث و اللغة من حداثة سنه كعهد الأولاد تلك السنون البعيدة .

قد جاء اليوم الذي حاول الرجال فيه الإنتفاضة ، وما سكن الطليان فقد

ركبوا المدرعات و الدبابات و الطائرات و اصبحت القنابل تُرمى على

المعسكر و الناس تفر كيوم الحشر ، و الرجال يهجمون على الدبابات و

قد تمكنوا من بعض منها و لكن الدبابات الأخرى كانت تتجه نحوهم و

 تدعسهم ، حتى دُفن اغلب الخلق تلك الأيام في مكان واحد و قبر واحد .

قد كبر سيف و تحررت البلاد من حكم الطليان و مازالوا لم يدفعوا

الثمن بعد ، اتجه  للعمل باديء الأمر كإمام مسجد ثم اصبح

خطيب المسجد ، ثم رُقي فيما بعد ليصبح مفتي للبلاد و تزوج و انجب و

 اصغر ابناءه و احبهم الى قلبه كان البراء .

تبنى ابو البراء فكرا جهاديا تكفيريا و شيئا فشيئا اسوّد قلبه ، و حقد على

العباد ، فحكم على كل من يخالفه امرا بالكفر ، و ذاق بالخفاء أولئك من

خالفوه الويل و الثبور و عظائم االمور ، فكان يلتقي  بمن يعتنقون فكره

و صار يرسلهم في انحاء البلاد طولا و عرضا لأعمال ارهابية لم يتمكنوا

بالكامل من تحقيقها ، فالبلد كانت في قبضة شديدة افنت و قتلت و احرقت

و سجنت كل من يُشم خبر عنه أنه زنديق ، ولكن قلب ابو البراء الذي

ظل يحفر و يخطط في الظلام لم يهنأ يوما فصار يجنّد الشباب هنا و هناك ،

و صار يعقد الإجتماعات السرية ، و يتواصل مع معارضين فروا بجلدهم

، و قد تمكن الفكر الخارجي من البلاد و كفر العباد بعضهم البعض و

 

صاروا يتحينون الفرص لقتال بعضهم و قد جاءت فرصة ابو البراء الذي

دفع بالبراء الذي ما يطيق ان يخالف والده الأوامر و الكلام ، فحين

جاءتهم الفرص بايعوا دولة الخلافة و عاثوا في الارض فسادا ، وقد كان

البراء ولدا مدلال فاسدا لم يترك معصية حرمها الخالق إلأ وقد فعلها ، و

لكنه كان اذنا صاغية لمحاضرات والده الذي ما فتيء ان يغسل دماغه و

يسممه في نعرات و نغزات ما انزل الله بها من سلطان فقد كان يقول

لولده : هؤلاء جميعا من يعيشون فوق هذه الارض هم اولاد زنا ، رعاع

عاشوا عقودا تحت الأقدام العسكرية ، ان ارادوا الآن نحرنا الأعناق و

استولينا على الأرزاق، وان ارادوا ان نقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف

فعلنا ، و انّا قادرون على ان نهرسهم فنرفع القدم و دعسنا ، هذه الأرض

ذاقت العذاب الشديد و الموت و الوعيد و لن ترجع الى غابر الايام الى ان

 يفصل رب الأنام !

قد آمن ابو البراء ان امور الدولة  لابد وان تسير دينيا ، و لن يُعرف من

يعتنق الدين الحق إلاّ بغربلة متكررة تتساقط بعدها الأعراف و كل العقائد

القشرية ، أن ترتدي الأرض عمامة كبيرة تلفها و تسترها و لا بأس إن

فاصل في بيع قطع منها طالما هو في صالح تلك العمامة الساترة ، قد كان

يعامل الارض كبنت عذراء وجب قمعها و ضبط رغباتها فإن نطقت

 ضُربت وان ثارت قُتلت ؛ يؤمن ابو البراء بسياسة الأرض المحروقة !

قد كان البراء مستمعا شديد التركيز يعقب تارة بكلمة و تارة اخرى يهز

رأسه اقتناعا ، و كان قد غزا الشيطان قلبه و تمثل في صورته على

حداثة سنه فأخذ يجز االعناق و يفجر الأرزاق فأذاق الناس عذابا و

اهوالا يشيب منها الولدان و تحكي عنها الأجيال لما به من جبروت و

 قسوة لم تعرف يوما معنى الرحمة !

وقد صار الناس لعظم البلاء يخرجون من دين الله افواجا ما بين ملحد و

كافر فمعيشتهم صارت ما بين عهدين " الطليان و الخوارج " وما اختلفا

 إلاّ في مسمى " الديانة "

 

االول فقد كانت الحديقة شيء اشبه بالخيال ، رجال يتطايرون بين السماء

و الأرض ارواحهم مخطوفة لله الواحد الأحد ، خفة جسد كالذرة تندمج

في هذه المجرة ، تعلقوا بالله و تعلقوا بأنوار ذاته ، يسبحون في ملكوته

، فقد جرى الشوق اليه فانشغلت قلوبهم بأسرار الكون  فاشتعل الشوق

فيهم الى بارئهم ، يقدسون معجزات االله ، و يحبونه و يبكونه كحب

العاشق لعاشقه فيصيبه البلاء و الحزن و الهزل و المرض و الإعياء

حتى يتمكن من وصل حبيبه ، تعلق بالذات االلهية كتعلق السماء بلا عمد

، فاهتزت قلوبهم بحب حبيبهم الذي عجزوا عن بلوغ مراميه ،فكان

الموت السمة الاسمى لبلوغه جل في علاه و تقدس اسمه ذو الملكوت

الشاسع من يتعلق باستاره تصيبه حمى السُكارى فتؤخذ افئدتهم به و

 تهتز السنتهم عند ذكره .

 الله قل وذر الوجود وما حــــــوى

 

 

 

 

 

 

 إن كنت مرتاداا بلوغ كمـــــــــــال

 فالكل دون الله إن حققتـــــــــــــه

 عدم على التفصيل والإجمـــــــال

 واعلم بأنك والعوالم كلـــــــــــها

 لولاه في محو وفي اضمـــــــحلال

 من لا وجود لـــــذاته من ذاتــــه

 فوجوده لولاه عْين محـــــــــــال

كانت قفاطينهم البيضاء الواسعة تتحرك بموسيقى عذبة تسر السامعين و

تهيج مقل التوابين و اذرعهم تمتد غربا و شرقا و رؤوسهم تتحرك في

دوران عجيب  ، كدوران الكواكب حول كتلة جاذبيتها ، يعزون لله و

 يتذللون له فكان هذا طريق الإحسان للمتصوفة !

 

 

في الطابق الثاني من القصر تجمع صغير يضم عشر رجال ببدل رسمية

شديدة الابهة و النظافة ، منهم من تمسكت اصابعه بأكواب المسكرات

الصفراء و الحمراء يبتلعها على مهل او يدورها بين شدقيه كي

يستطعمها و منهم من يدخن الغليون او السيجار الكوبي، يلتفون حول

مسرح صغير تتسلط عليه اضاءة بيضاء مبهرة للعيون ، بقعة واحدة فقط

 وما حولها غارق في الظلام ينظرون و يقيمون .

 

 

 

 

 

 

على تلك الحلقة كانت تقف ست نساء عاريات يقفن على ما سثمي بدكة

العبيد ، كان المسرح يلف بهن كالعرض ، ثلاث نساء ايزيديات سُبين في

سنجار هربن عن طريق سلسلة من البلدان قد بيعن في سوق النخاسة في

بغداد بعد ان قُيدت ايديهن و ارجلهن بالسلاسل في طوابير يرى المرء  لها

بداية و لا يرى لها من نهاية لكثرة النسوان التي تم سبيها ليتم بيعها في

سوق الرقيق

 هذا يحملنا و يذكرنا بحملات الفتوحات االإسلامية للقائد

موسى بن نصير حين فتح اسبانيا و اسر منها ثلاثين الف جارية عذراء 

ارسلهن كلهن الى دمشق حيث الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان ، ،  

هنا السؤال هل ترك موسى بن نصير جيشه في اسبانيا و ارسل بدلا منه

النساء جيشا !

 ام عند فتح اسبانيا انشغل و جيشه في البحث عن الفتيات

الحسناوات العذروات و كان هذا مقصد الامر من الفتح ! ،

  اما عن 

الخليفة العباسي المتوكل على الله الذي اصابته الغيرة ممن سبقوه من

الخلفاء و اخبارهم في مجامعة السراري و الجواري و الذي قيل انه قد

دخل باربعة الف سرية و جارية لوحده منافسا في ذالك الملك سليمان عليه السلام .

       لنكمل ما حصل في مجلس النخاسة حيث هناك اخرى سورية درزية

سُبيت في محافظة الرقة وقد كانت  زوجة احد جنود الطاغوت الحاكم قد

جيء بها بأوراق مزورة و قد كانت هبة لطيفة من امير دمشقي الى امير

عربي ، كانت خضراء العينين صغيرة الثغر رخمة في الكلام ، قمحية

البشرة ناهدة الثديين ملساء الكعبين ان ضربت على الأرض اطربت  ، و

الأثنتين االخريين السوداوين كن قد قطعن طرق الجمال و الصحراء بغية

 

الهجرة الى الشمال ، قد مشين على ارجلهن مشي الدابة عابرات فيها

اوطان و امصار و انهار من اريتريا حتى وصلن الى بغيتهن ، قُطعت

اوراقهن و أُخذت اموالهن كشرط للهجرة الى الشمال و وُضعن في

معسكر لتهريب البشر ، كُن ان وقعن عقودا بإقامة جبرية تبلغ الثلاثة

اشهر يعملن فيها عمل البغايا حتى اذا انتهت المدة و حصل المبلغ

المطلوب منهن يُطلق سراحهن و يُرسلن الى الشواطيء الغربية كي يتم

 تسريحهن .

امسك الرجل القصير ذو البطن البارز و اللحية الكثة و السيجار يخرج من

انفه بثدي المرأة االريترية البدينة ذات الشعر المجعد بشدة و البطن

المتدلي و الاثداء المترهلة الكبيرة ، اخذ يقلب ثدييها بين كفيه في معاينة

عملية حتى قال بصوته السمج لها بأن ترفع ذراعيها كي يتحرى امر

ابطيها ، رفعت ذراعيها فكان ان بان عليه شيء من بياض مقرف و

رائحة نجسة ما احتملها فانصرف بنظره عنها ، و اما رجل اخر فقد كان

يمسك بكفيه مؤخرة المرأة الايزدية  التي كانت لطيفة الشمائل ، بيضاء ،

حمراء الكفين ، وردية الثديين ، مسطحة البطن مشدودة الخصر ممتلئة

 الزند فاشتراها كبضاعة و متعة !

اما احد النساء الايزيديات حين مد احد الزبائن يديه ليعاين ثقل ثدييها

كانت قد انهارت و هي تصرخ حتى صم صراخها اذانهم اخذت الدموع

تنهمر على خديها وهي تلم صدرها بذراعيها و تهز رأسها بشدة كانت

تصرخ والله انني متزوجة والله انني متزوجة فلم يكن من مدربتها من  

 

كانت تنظر من خلف الباب إلا ان تقتحم الغرفة و تشدها من رسغها و

 تجرها خلفها .

أُمرت الجواري بفتح افواههن للكشف عن انتظام اسنانهن و نقائها ، و

دورانهن في محلهن للكشف عن ظهورهن و معاينة افخاذهن و اوراكهن

، كان بُدّا عليهن ان يمشين في الحجرة ذهابا و ايابا لتُرى مشياتهن و

سلامة ركبهن حتى لا يكون بها اعوجاجا ، فقد كن يفحصن كما تفحص

البهائم و على قدر مواصفات جمال جسدها و خلوه من العيوب و سلامة

 منطقها يدفع فيها الثمن الفلاني بغية التمتع بها .

انفض مجلس النخاسة و نزلت البدينة الأريترية فلم يكن احد راغب فيها

بكل تلك الاطنان من الشحوم و الترهل ، وكان نصيب النساء الأيزيديات

اربع رجال تقاسموهن على عجالة لما يحملن من حسن و جمال و رائحة

 طيبة تأنس منها النفس .

 

 

 

هذا  ما كان من امر الجواري في عصرنا هذا فكيف كان عصر الجواري

في عهد الخليفة هارون الرشيد و الذي عُرف عصره بعصر الإنفتاح

الجنسي و الإنغماس في اللهو و اللذات و الغناء  لكثرة الجواري و

السراري و القواني التي بلغت اكثر من الفي جارية و سرية في قصره

هل كان هارون الرشيد يجتمع بهن جملة واحدة و يتقلب عليهن

كراسبوتين ذاك القديس الفاسق الذي اطاح شذوذه و حبه للجماع و ارائه

السياسية التي كان يتبعها القيصر نيكولا كالمسحور فأسقطت حكمه في

 

 

 

 

 

 

روسيا ، هل عبث هارون الرشيد بالنساء كما عبث راسبوتين في لياليه

الحمراء التي هي اشبه بحفلات ديونيسيوس و باكخوس حين كان يسحر

النساء بكلامه العذب فيستلقين في جماعات عرايا يتقلب عليهن عريانا ،

الم يمارس المجون معهن خلافا لكتب التاريخ التي استخلصت من تاريخ

جواريه اثنتين فقط حملن منه و انجبن الامين و المأمون في سيرة كلها

 ادب و احترام ! !

فحظوة الجواري و السراري لم تبلغ مبلغها في الغرب كما افنى خلفاء

الشرق حياتهم في سبيلهن ، فقد كان لهارون الرشيد محظيات ذوات

مكانة عظيمة و نفوذ وصل لأقاصي الأرض و سجل فيه التاريخ ففي

البلاط الملكي كن ينجبن الاولاد و الأمراء و كن اديبات شاعرات ذوات

علم و معرفة ، سوق النخاسة كان عامرا وفيه من المنافسة الأمر الكثير

فقد كان النخاسون يحضرون كل ذي ادب و علم ليعلمون الجواري فمنهن

من اجادت اللحن و الموسيقى حتى اذا جلست ووضعت العود على

صدرها تدلى عليه ثدياها فتحتضنه كالطفل الرضيع فتعزف عليه احسن

الألحان و تنشد لهم اشعار بأرفع المقامات ، فكانت كل ذي معرفة ذات

مقام رفيع عند الخليفة فيتقرب اليها و يتسرى بها فهو لم يشترها إلا بعد

ان كشف عليها و تأملها وعرف ما خال خطوة الخلوة فقد كان هارون

الرشيد شديد المحبة لكل نساء الأرض فكان بلاطه يزخر بالجواري

التركية و الفارسية و الحبشية و العربية و الرومية و خالف ذالك كثير

لما يتمتعن به من اختالف االلألسن و المحاسن فستجد فيهن من هي انفها

 كالسيف و عينها كالغزال و ذات الجيد المصبوب كالفضة.

سبايا و جواري لهن شأن و مكانة عظيمة ، اما في عهد خلافة جنود

الخلافة فإن حال الجواري كان بائس مقيت فهي جسد يقلب ذات اليمين

وذات الشمال يخترقه قضيب الامير و يفرغ فيه شهوته و يتسرى به عدة

 ليال قبل ان يرميها ليعلكها باقي القطيع .

فلا علم تعلمته و لا ادب اشغلها و لا مقامات ترفعها و لا ولد يُنصّب اميرا

 ، فسوق النخاسة و ديار الرقيق و دكة العبيد اصبحت محض دعارة

.

ينظر الى ضيوفه و صحبه و قد كان قد حضر متأخرا جدا بعد ان صاح و

عرق و خطب و استباح ، ابو البراء ، يجلس في ركن قصي ينتظر دوره

في تقبيل يد مولاه ، ذاك الرجل الذي قلما تجد في صفاته بين الرجال فقد

قيل ان نصف الحسن كان يجتمع في محياه ، كان عظيم الجسد ان تكلم

افصح وان زجر قتل ، من صفاته انه كان كث اللحية له اسنان كالدر ان

ضحك تبسم و ان غضب كتم ، بخنصره خاتم فضة و كان يجلس عن

شماله اخاه يحي مدير اعمال كل انواع التجارة ، تجارة الحريم ، تجارة

السلاح ، تجارة البشر ، تهريب الممنوعات ، مافيا الحروب و المجاعات

 

 

فكان كل يتقدم اليه بطلب يسره في نفسه و لا يلبيه إلاّ هو ، فكان اول

المتقدمين بين يديه شيخ  هرم في السبعين من عمره شديد النظافة لا زال

يسري بدمه حرورة الصبا ذا شعر ابيض قصير ناعم و لحية رمادية

خفيفة و شارب مقصوص فوق فم لا زال يطلب الإرتواء ، يمسك بين

يديه اسطوانة سواك يدعك بها اسنانه كل حين ، اقترب حتى جلس و

لمس كتفه كتف الزين و اسر له بغايته و منى نفسه فقال له : اريد بنتا

عذراء في الثالثة عشر من عمرها و يا حبذا لو كانت عراقية فلتلك

 اللهجة في الغزل حب عميق لقلبي !

 كان ان ابتسم الزين ابتسامة جانبية ليرد عليه : ولك ما طلبت !

انقلب الشيخ على عقبيه ليدخل الى مخادع الجواري لينتقي منهن الفتاة

 الصغير التي تسر خاطره .

و تقدم رجل اخر قد جاء في طلب سلفة بعد ان قارب على الإفلاس في ظل

الغلاء الذي حل على البلد ، فكان له ما طلب و أُمر ليؤخذ الى خزائن

 الدولة لينهل منها ما يشاء حتى تطيب نفسه و تقر عينه !

اما ابو البراء فلم يكن تقدمه لحاجة في نفسه ولا لدنيا يطلبها بل كانت

للجهاد في سبيل الله و اعلاء كلمة الحق و الدفاع عن الارض و العرض

و النفس ، فتقدم بين يدي الزين يقبل قمة خاتمه الفضة حتى اذا تركها

رفع رأسه على استحياء في وجه الزين منطلقا في الكلام : قد نفذت

ذخائرنا و اخترب من اسلحتنا الكثير و ما عطب منها اكثر و نحن نطلب

 العون و المدد ، المدد المدد

 فأمال الزين برأسه عليه : و لكن هذا سيكلفك الكثير يا ابا البراء  

 

فرد ابو البراء بثقة في النفس كبيرة : وان كلفتني روحي حتى ، العدو

على مشارف اماراتنا و المفخخون لانفسهم كلفونا انفس كثيرة ، فقد

 صرنا نشكو من قلة الرجال و قلة العتاد و كثرة موت المجاهدين .

 قد أعطي ابو البراء وعد بتلبية طلبه و لكن بعد حين ..

 

 

عودة الى ما حصل من امر كندة حين تم سبيها كأسيرة حرب و اجبة

النكاح من اجل الجهاد فقد تم جرها و رميها في مضجع الأمير و الذي

كان شديد الفقر تعوزه النظافة و الفراش الكبير ، فقد كان مخدعه عبارة

عن حجرة لا يعدو عرضها و طولها الأربع امتار خالية من الأثاث فيما

عدا صوفة ممزقة و سرير ارضي ، فالأمير البراء لا يجاهد بغية المال و

لا ما زين له من شهوات بل يجاهد بأمر من الله الذي اتخذه وليا لتلك

الحاجة و قد كان ايمانه بذالك كبيرا ، وقفت كندة في منتصف الحجرة و

عيناها يتطاير منهما شرر كالقصر و صدرها يعلو و يهبط كالزالزل و

اعصابها مشدودة كخيوط الحرير ، حين دخل عليها االمير ليقضي وطره

منها ، فجع من جمالها الذي لم يمر عليه في حياته كلها مثله فتمكنت

الشهوة منه و تاقت نفسه لجماعها حتى عندما اقترب منها و امسك

بزندها دفعته عنها دفعة شديدة و صار جسدها يهتز و حنجرتها تخرج

منها اصوات كعويل الذئاب ، هجم االمير عليها هجمة رجل بكامل قوته

فسقطا على االرض و صارا يتقلبا عليها بقوة تارة هي فوقه و تارة هو

فوقها ، تارة يرفسها و تارة تضربه في مقتل  و باندفاع رجل هائج كان

قد تمكن منها و الزبد يتطاير من فمه و هو يشق ثيابها و هي تقاوم يداه

و جسدها يتقلب يمينا و يسارا في حركة سريعة لم تمكنه تماما من النيل

منها فقد كشف عن جيدها اخيرا و انكشف له ظهرها و خصرها ، قد بذل

جهدا جبارا و هو يعرق و يلهث فلم يزدها منظره اال تقززا فما كان االمير

اال شاب في مقتبل العمر كث اللحية النابتة بعشوائية والتي لم تقص و لم

 

 

 

 

 

 

تقصر منذ ان اعتنق فكر الخالفة ، و كانت مالبسه وسخة متربة تشبه

مالبس االفغان ، و لم يكن طويال و ال عظيم الجسد بل كان معتدال به

شيء من وسامة تراها العيون بشاعة و نجاسة ، بعد ان شق ثيابها

جميعا و ظهر له ما ظهر من جسدها الذي اوقد فيه حميم الشهوة اخذ

يرفع جلبابه بسرعة و يخرج ايره الذي انتصب لمجرد الرؤية ، حين رأت

ذالك هاجت و ماجت و صرخت و تقلبت وصارت تضربه كيفما اتفق على

مسمع من حراس االمير الذي بذل جهدا كبيرا ليتمكن من امساك ردفيها

بين يديه ليقربها من ايره و لكثرة حركتها لم يستطع التحكم في امره

فصار يتخبط فيها تخبط المجانين فساعة يمسك ثدييها و ساعة يرفع ساقا

و ساعة تتراقص ركبتيه فقد كان مرتبكا و قد بلغ التعب منه مبلغا حتى

اخذ يتعرق و اطرافه اجهدت جميعا حتى اذا مل من ذالك نادى حاجبيه

اللذين دخال عليهما في خلوتهما و هي عارية تماما و قد صرخت صرخة

امرأة مهتوكة اخذت بعدها تبكي و تنتحب و هي تحاول ان تداري شيئا

من جسدها المفضوح والذي ما رأو في جماله في حياتهم ، حملوها بخفة

ووضعوها على السرير و قاموا بربط قوائمها فأصبحت ملقاة مفرودة

الجسد تتلوى عليه كالحية و كان قد اغلق فمها بخرقة صارت تعوي من

خلفها عواءا مخيفا يزلزل القلوب ،وصارت عيناها صفراء فاقعة شاخصة

 

.

 

 ارتقاها االمير و رشف من جيدها و رضع من ثدييها و لعق سرتها ثم

اخذ يشفط فرجها حتى ارتوى منها وقد بلغت عنده الشهوة مبلغها فاولج

 

 

 

 

 

 

قضيبه فيها و فض بكارتها و عرف ساعتها انها انثى قد خلقت له من بد

 النساء .

 

 

 

ذات عشية حين كان اخوة كندة قد غابوا لسويعات بغية شراء السالح ،

كانت قد سمعت اصوات عواء و صراخ الدجاجات و تخبط اجنحة البط

فخرجت الى المزرعة كي تستطلع االمر و قد هالها ما رأت قد كان يجثو

هناك ذئب صغير الحجم قوائمه االمامية عالقة في شبك قن الدجاج ممزقة

متطايرة اللحم و الدم يخرج منها بغزارة و قد كان واضحا ان الذئب قد

اجهد نفسه وهو يحاول تخليصها من الشبك وما قدر ، احضرت كندة و

حاال الة لقص الشبك و خلصت قوائم الذئب منها و حملته بين يديها

تضمه الى صدرها و صعدت به الى غرفتها ، اضجعته في سريرها و هو

كان يئن من شدة االلم و الحمى بدت تسيطر على جسده فجعلته مستسلما

، اخذت تعاينه و نظفت جروحه و اخاطتها و لفتها جيدا بالشاش و

صارت تعتني به اعتناء االم بابنها المريض و لم يدخل لقلبها الخوف منه

ابدا ، فصارت تطعمه و تسقيه حتى شفي فنظر لها نظرة اخذت ببصرها

فصارت ترى بعينيه و صار يرى بعينيها ، اطلقت سراحه بعد عدة ليال قد

كان فيها االخوة يتناقشون في امر نقص عدد الدجاجات ووجود بقع دم

 قرب القن .

قد كان الذئب يأتي الطراف البلدة كل ليلة يظل يعوي حتى يطلع الصباح ،

لم ينم اهل البلدة لثالث ليال متتابعة بسبب العواء ، قد ظنت كندة ان الذئب

 

 

 

 

 

 

يريد جوابا منها ، فجلست على ْشباكها تنتظره حتى حين سمعته اطلقت

من جوفها صوتا اشبه بصوته و صارا كأنهما يتناجيا ، ثم ذهب الذئب بعد

 ان اطمأن على حالها ولم يعد و عادت البلدة الى سكونها من جديد .

 

 

 

 

 

فلنأتي الى ما يحدث عند ابو البراء الذي انهى لتوه محاضرة دينية في

وسط المسجد حضرها جمع غفير ، قد كان يفتي فيها بعد ان بلغه ان

العامة غاضبون من جند الخالفة الذين يقومون بسبي النساء ، فكان ابو

البراء اول المدافعين فقعد لساعات يدرس التاريخ طوال و عرضا من

االمم القديمة و تاريخ السبي و السلب و النهب حتى نزول القرآن و نزول

ايات ما ملكت ايمانكم و ايات التمتع مرورا بغزوات النبي و جواريه

المهداة و االسيرات و امهات المسلمين او تاريخ خلفاءه الراشدين حتى

عصر الملك سعود الذي كان يشتري الجواري الحبشيات من دكة العبيد

في مكة و يتسرى بهن و انجب منهن االوالد، الى الملك االدريسي و

جواريه او الملك فاروق و سراريه،  اخذ بالنهاية يحلل السبي النه تراث

 توارثته االمة جيل بعد جيل وليس فيه ما يخجل منه !

 

 

 

بعد ان نزل و انفض الجمع و مسح العرق من تحت طاقيته و جبينه

المتفصد ، دخل على خلوة الغلمان الذين يحفظون القرآن و كان قد اراد

ان يسري نفسه و يهون عليها ما يقع على عاتقه من اعباء البالد و

 

 

 

 

 

 

العباد في ظل الحرب الضروس مع المرتدين ممن يناصبونهم العداء ،

فاختار له فتى اشهب ملط المالمح رقيق االطراف صغير السن فأخذه معه

جانبا بغية االحتفاء بختمه لثلث القرآن فصار يحتضنه بلهفة بين ذراعيه

وهو يالطفه بالكلمة الحسنة و ضحكة المبسم حتى ارتاح له الغالم فما

كان منه اال ان اقترب منه و ربت على فخذيه و رفع يده ليداعب قضيب

الصبي من وراء سرواله فأخذ الفتى يتعرق و يرتعد خوفا و لكن االمام

التقي اخذ يطمأنه الى ان كل ذالك شيء جميل و محبب عند هللا ، وال زال

الفتى يرتعد و قد امتألت عيناه بالدموع فال يستطيع اعتراض امامه و

محفظه ، فأخذ ابو البراء بتقبيل شفتي الصبي و عضهما و مداعبة

عضوه حتى انتشى و سجد الصبي و رفع جلبابه االبيض الخالي من

الدنس ليخرج قضيبه ليولجه في الصبي بعد بصقه عليه و اخذ يرهز و

يعرق حتى صب ماؤه جميعا في شرج الصبي ، ثم قام عنه و قبله بين

 عينيه و اخبره ان ما حصل هو سر بينهما .

لنرجع قليال الى تراث ابو البراء والذي هو فعل شبق عرف به حكام

االسرة العباسية و باالخص بابن الملك هارون الرشيد االمين والذي تفرد

و تميز عن اباه واجداده ، فبعدما مل مجامعة الجواري امر بإحضار

الغلمان المخصية و صار يجامعهم كل ليلة حتى يرتوي منهم و قد احبهم

حبا شديدا و تعلق قلبه بهم فما عاد يقدر مفارقتهم ، فاختار له غالما

جميال كان يدعى كوثر و قد كان عشيقه و حبيبه و قد صرح االمين بذالك

في مواطن شتى قبالة وزرائه و كبراء الدولة وقيل ان حكمه قد سقط

بسببه، حتى ان تلك الفترة قد عرفت بحب الغلمان وانتشار اللواطة فمن

 

 

 

 

 

 

لم يذق من حبهم ، فالكسائي و الجاحظ و االمير الواثق و الخليفة

المعتزلي الذي عرف بحبه الشديد لغالمهُمُهج فكانت ان سيرت امور

الدولة او تعطلت بحسب مزاج مهج ان فرح قامت الدولة و ان اهمله

الخليفة او اصابه شيء من هم اعتزل الخليفة امور الدولة فكان ان كان

وسيطا لتسيير االمور عند الخليفة ! ، وابو النواس و بشار بن برد و

خيرة ادباء و شعراء و ملوك العرب فأنشدوا االشعار في حب الغلمان

حتى قالوا ) طعام احبر و شراب اصفر و غالم احور ( ، وما ابو البراء

 بشاذ عن تراث اباءه و اجداده من الخلفاء !

يا ابنتي يا كندة ال تطعمي الذئاب فهم عدو البشر االول !

هكذا قال لها ذات عشية حين خرج للصيد مع أبناءه في البرية ، و

ساعتها كانت كندة تخبيء بين طيات قفطانها االبيض الطويل قطعة لحم

ارادت رميها في غفلة عن اعين أشقائها و والدها ، قد كان قلبها يتقطع

لعويل الذئاب و كانت تحن عليهم ، فكلما حانت لها فرصة خرجت حاملة

معها قطع دجاج او لحم و تظل رابضة في البر الى ان تسمع صوت تكسر

 الغصون الجافة فترمي اللحم و تهب راكضة كالمهرة الجامحة.

منذ نعومة اظفارها أخذ والدها يقويها و يشجعها و يحميها ، فتخرج من

بيتهم حافية القدمين تركض في كل االنحاء و تكتشف البر و الوديان و

 

 

 

 

 

 

تتمرغ في طين البحيرات التي خلفتها االمطار و تنزل الوادي و تصعد

 الجبل و تبقى ساهمة من علو تشهد جمال و ابداع الخالق .

تعلمت اال تثق اال في اخوانها و اال تعطي حاقدا ظهرها فالرمح اذا انطلق

من العين قتل ، و اال تأمن غدر القدر ، وان ادركت انها مخلوق " فان "

لن تؤثر بها اساءة و ال رضا أحد . فقدت كندة عزوتها و قوتها و بينما

كانت كالمعلقة من أطرافها االربع كانت عيناها تهل بالدمع و روحها

تشتكي المرارة والقهر و الثورة " قم من قبرك يا أبي فقد عروني و

اعتدوا على طهري و أصبح عاري وشم في عنقي ، قد قلت لي مرة اال

اخضع اال هلل و اال استسلم اال لجبروت هللا و اال انحني اال هلل ، وها هم قد

اخضعوني لكل قوانين الهمج فاستسلمت مرغمة و انحنيت مرغمة و

تعريت ايضا مرغمة " قد علمتني ان احفظ ما تلقيه من عذب الكالم على

 مسمعي يا أبي ، اسمعي يا كندة من هي خير النساء :

 للصالحات عقائل الوادي هوى في الصالحات

 هللا أنبتهن في طاعاته خير النبات

 فأتين أطيب ما أتى زهر المناقب والصفات

 لم يكف أن أحسن حتى زدن حض المحصنات

 يمشين في سوق الثواب مساومات رابحات

 يلبسن ذل السائالت وما ذكرن البائسات.

 ولم أعد يا ابي  من الصالحات و ال حتى الطالحات ـ!

 

 

 

 

 

 

قد كان والد كندة رجال حساسا ، وقورا ، مثقفا و نزيها ، اتخذ القرآن

قبلته للعلم ، ومن الحياة تعلم العبرة و الحكمة ، كما برع في القاء الشعر

، وقد كان قارئا نهما ، الحلم عنده عقيدة ، و لتربية الرجال له فيها سمة

فريدة ، فال يربي الرجال اال الرجال ذوي القوة و البأس و الحنكة ، فلم

يكن شديد الصرامة و ال مرهبا ألوالده بالجنة و النار ، يقول القول و

يقتنعون ، و يجلسون جماعة يتناقشون و يتفكرون ، حتى اصبحوا

عصبة لم يستطع أحد البتة كسرهم و سبحان من سلط عليهم ارذل

الخليقة فقتلهم و مزقهم شر تمزيقا فهنيئا لهم الشهادة و موتهم على

حسن العبادة و خضوعهم لرب السماء الذي قادهم خير قيادة و فوزهم

 بنعيم االخرة و دخولهم الجنة فرادا و أفواجا فطوبى لمن قتلهم و قتلوه .

 حال كندة وما ال اليه امرها بعد ان تمرغ عليها و بها و فيها االمير اي

تمرغ ، فهو لم يعد ينام اال على صدرها و شفتيه تشد على احد حلماتها ،

يظل ينكحها حتى يغشى عليها ، وكان قد تعلق بها تعلقا شديدا حتى اهمل

امور الوالية و لم يعد يخرج ألعوانه من كانوا يحاولون باستماتة اخراجه

من مضجعه او جره او بابتكار حيلة ، فسيدهم قد اغلق عن العالم عينيه

و اذنيه و صار فقط يهتم لما لذ و طاب من جسدها و كأنه يجرب نيك

 النساء ألول مرة .

اما كندة التي تجرح رسغيها و عقبيها و التهبا التهابا شديدا ما عادت

تطيق المه و ال حرقانه و الكمامة تسد حلقها في كل وقت و جسدها

 

 

 

 

 

 

عريانا صبح و عشيا بال غسل ، و فرجها التهب لكثرة المضاجعة التي

 اهتم بها االمير حتى وقت حيضها و لم يعبأ !

و قد كان الطعام يأتي للحجرة كأنه طعام الملوك االرز الذي يعتليه

الخروف المحشي و اللبن او العسل الذي اصبح يصبه فوق جسدها صبا

 ثم يلعقه !

قد كرهت عمرها و علمت ان هللا يبغضها لذلك البالء الذي القاه على

عاتقها فال وهللا ما هو ابتالء عابد ابدا ، فقدت كندة ايمانها بكل تلك القيم

 التي غرسها اهلها فيها و صارت ال ترى من امرها مخرجا !

حتى حركة جسدها و مقاومته خمدت، كيف ال و االمير يعتليها كل ساعة

 و يفجر فيها ينابيعه كل ما خطر بباله .

ساعات حين كان يستلقي جوارها كان يتحدث اليها غير عابيء برد منها

فما حديثه إال نوع من الفضفضة التي يمارسها على نفسه ساعة صدقه

معها : قد قال لي والدي مرة يا براء تمسك بسنن من قبلك فإذا فعلت

 سيبعدك هللا عن كل سنة خريفا عن النار !

لم اكن اشعر بالضياع كما كنت اشعر حين يتحدث والدي عن الدين ، فال

سلوكه و ال اسلوبه مع والدتي كان دينيا و للعجب انه كان يسب الدين

 كثيرا كلما غضب من احدنا .

في نفسي لقبته بالمنافق و مع االخرين هو لي الرجل المبجل الذي ما

اخطأ يوما ابدا ، اتعلمين ان امي كانت ساعات كثيرة تشك في سلوك

 

 

 

 

 

 

والدي و قد طلبت الطالق اكثر من مرة و رفض بحجة انه ابغض الحالل

؟!! ، كم مرة رأيتها تلتوي على نفسها كالجنين تظل ساهمة تبكي دما

كأنها تمثال امنا العذراء ، كان وجهها يشحب كل يوم و تذبل كل ساعة و

تموت كل دقيقة ترى فيها وجه ابي ، قد كنا مثال العائلة التي ينطبق

عليها القول االباء يزرعون الحصرم و االبناء يضرسون ، قد كانت تؤمن

 أن انتماءها الى ابي كان انتماءا كاذبا !

القتال هو متنفسي يا كندة ، هو روحي الثائرة ، هو كبت السنين هو

الهوية الضائعة بين حرية و تطبيق الشريعة ، تغويني البندقية يا كندة كما

 تغويني النساء ، انا ملك هذه الثورة يا كندة و هذه االرض مملكتي !

انتهت فضفضة االمير و اخذ يخرج سيجارة صار يدخنها و ينفث دخانها

 على مهل مميت !

 

 

 

ال عجب حين يهمل الملوك و االمراء مملكتهم و اماراتهم بسبب النساء و

الجواري ، فهذا هو المؤيد باهلل الذي كنى نفسه بالمعتمد على هللا تيمنا

بالجارية اعتماد الرميكية التي اصبحت زوجته و ام اوالده ، فاهمل

االمارة و صار منشغال بها و بتلبية طلباتها التعجيزية و رغباتها المدللة

و بلياليها الحمراء و حفالت المجون التي عرف بها بعدما تزوجها حتى

بات يقدمها على كل امر و فسد حكم الوالية و ضعفت ثم سقطت كما

 سقطت االندلس جميعا !

 

 

 

 

 

 

ذات مرة حين خرج االمير البراء من الغرفة و التي اصبحت نادرة ندرة

شديدة غضب منه جنوده و اعوانه ايما غضب فاتفقوا جميعا على

الخالص من السبية كندة التي تشغله عن القتال و تسيير امور الوالية ،

فحين دخل عليها الحاجب خلسة يتسلل ، اخذ يقترب منها حتى بانت عليه

جميعها مغطاة حتى صدرها بغطاء رقيق اقترب من اذن كندة و همس

فيها بلؤم أن القوم يأتمرون عليها ليقتلونها ، ففتحت عينيها برعب و

اخذت تهز رأسها هزا شديدا حتى غطى شعرها على عينيها و صارت

تعوي و حين سمعها قد اوجس منها خيفة و حاول الخروج و لكن اطراف

اصابعها تمسكت بجلبابه و هي تنظر اليه بشر اخذت تخرج اصواتا

غليظة من حنجرتها فهم منها انها تريد ان تقول شيئا ، فجلس من جديد

جوارها يخرج قطعة القماش المبتلة من ريقها من بين شفتيها تمالكت

نفسها من فورها وهي تهمس له : وهللا انني لك ان زودتني بسالح ابيض

 

!

 

قد كانت رغبتها صريحة و كان المكر و الدهاء و الخبث في الحاجب جليا

، فابتسم على جنب و هز رأسه و رفع حاجبه بترو فإن قتل البراء

سيتولى هو امر االمارة و سيصبح االمير و ينهي و يأمر و يسبي و

 ينهب كما يشاء و تفتح له ابواب الدنيا .

اومأ لها برأسه وهي تنظر له بجفنين شبه مغمضين تنتظر جوابه فقال

 بعد هنيهة من التفكير و التدبير وهللا ان غدرتي بي قتلتك بعدها .

 

 

 

 

 

 

فردت عليه و هي ترخي رأسها على الوسادة لم يعد لدي ما اخسره،ـكانت

كندة قد نسيت وصية والدها أنه عند الكرب ترفع يديها للسماء و تدعو

 الرب !

 خرج بعد ان اتفقا واعاد وضع قطعة القماش في حلقها !

الحاجب ابو سلمى وهو صديق ابو البراء ، لطالما شعر بالغيرة من البراء

تقتله ، و لكبر سنه توقع أن يمنحه ابو البراء مركزا مشابها لمركز البراء

في احدى االمارات ، و رغم أنه هو من يخطط و يدبر و يتجسس على

الخلق فال يناله من النهب اال الشيء اليسير و أحيانا كثيرة يستأثر البراء

بكل الغنائم او يتقاسمها مع انداده من جنود الخالفة ، و هذا ما يشعر ابو

سلمى أنه شخص ال قيمة له ففي أي وقت قد يصفونه فثمنه هو رصاصة

تخترق جبينه ، او موس حادة تنحر رقبته ، قد عاش مترقبا و حذرا في

هذه االمارة لخوفه من الغدر و انه بال قدر ، و قد كان يتنصت الى البراء

كثيرا ، و يدخل و يراقب ممارساته مع كندة مراقبة كثيفة وال زال يخطط

كيف يتخلص من البراء دون تورطه في الجريمة ، وأن يهرب موس

صغير لغرفة البراء هو شيء عليه هين ، فلن يسأل أحدهم من أين جاء

 السكين فلربما نسيه البراء جنب السرير او حين غداءه .

تحين ابو سلمى الفرصة في غياب البراء و اعطى كندة خنجرا صغيرا في

الخفاء ، وجال ببصره برغبة حارقة على جسدها و جعلها تحلف يمينا

 أنها ستكون له كما وعدت و الويل كل الويل لها ان اخلفت وعدها .

نأتي لكندة و بعد أن قام الحاجب بتهريب سالح ابيض لمخدع االمير و بعد

 ان قام بفك قيدها من السرير بشكل يوحي لمن يراه انها ال زالت مقيدة .

دخل االمير المخدع كالعادة و قد كان مشغوال فالعدو يسجل انتصارات

متتابعة و تتساقط االمارات امامهم كالورق ، خسروا المال و العتاد و

الجنود و المؤونة تكاد تنفذ و الخوف بدا يدب في اوصاله فحين كان على

ثقة ان عصر الخالفة قد حل و انهم منصورون باذن هللا و بأمره و ان

حال ديار المسلمين ستكون افضل في ظل حكم الخالفة ، و لكن ظهر ان

عامة الناس الغير واعيين للدين و الغير مساندين لحكم االسالم لمن سموا

انفسهم علمانيين و شيوعيين و اشتراكيين يطالبون بفصل الدين عن

الدولة لهو امر جلل يستحق القتال و الموت من اجله بجانب ما يتم

 تمويلهم به من مال لضمان حياتهم ان انهارت الخالفة يوما !

جلس على السرير ينظر لها و تنظر له و اخذ يرفع ابهامه الى خديها و

هي تتقرف منه و تبعد وجهها عنه حتى بانت على شفتيه ابتسامة ماكرة

مقيتة خلع فيها على مهل قفطانه القصير المغبر فكشف عن صدره

فأعطاها ظهره وهو يباشر خلع سرواله و في تلك اللحظة خرجت من

حنجرته صرخة زلزلت االمارة وهو يمسك بجنبه اتسعت عيناه بصدمة

 

 

 

 

 

 

وهو يرى الدم و يحس الوجع الذي يقتله حتى بهتت الصورة في عينه

فالتفت عليها و هي بعد ان اخطأت طعن ظهره و نزلت بالخنجر على

جنبه صرت على اسنانها بقوة و الشرر يتطاير من عينيها تنوي غرز

الخنجر من جديد في قلبه اال انه قد امسك برسغيها بسرعة فاقت رؤيتها

و ثانية واحدة حتى صارت دماء كندة تخرج كالصنبور المكسور من

حنجرتها خرخرت فيها خرخرات متتالية قبل ان تسقط على الفراش

صريعة ، عندما تدارك فعلته صار يصرخ و يولول و يبكي بكاءا شديدا

هجم على جسدها يعتصره بين ذراعيه و دماؤهما تسيل على االرض حتى

 اتحدت و شكلت شالال ، انطفأ بريق عينها االصفر و ماتت كنده !

 

 

 

هجم جنود العدو على االمارة و قتلوا فيها من قتل و اسروا من اسر و

كانت ملحمة كبيرة هزم فيها جنود الخالفة و تفرق شملهم و هدت اركان

امارتهم و كان ان كان اول الهاربين البراء الذي خرج في عرض

الصحراء يبتغي الرحيل الى الجنوب فقيل انه خالل مسيره قد خرج عليه

ذئب عظيم الخلقة شديد البأس صار يدور حوله و سرعان ما انقض عليه

و انشب مخالبه في صدره و ظهره و انشب انيابه الحادة في عنقه و قد

كان البراء مستسلما ضعيفا حين اخذ الذئب يضغط بقاﺉمتيه حتى انطبقت

عظام صدره و ظهره على بعضها البعض و انتزع رأسه من بين كتفيه

 فرماه في الصحراء مقطع الأطراف !

 نسي البراء يوما أن من كان ديدن حياته الرذيلة ، فهو هالك لا  محالة !

 

اما في شأن ابو البراء الذي وشى به احد غلمان المسجد فأمسكوه

لسويعات قليلة ثم خرج من ذنبه بريئا و قد خطب في الناس خطبة حتى

 نال تعاطفهم !

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...