الجزء الواحد والثلاثين


 

 

 

 

الجزء الواحد والثلاثين

 

كان ياما كان ، كان هناك صديقة و صارت عدوة ..

قصة قصيرة جدا تقع بين الصاد و العين

لم تتوقع في حياتها ان هذه العلاقة ستكون كالدمل المقيت

الذي سينفجر في وجهها بكل القوة  و القرف الذي تشعره

ان تتحول عفاف صديقتها الى غدارة ، ان تطعنها في اعز روح على قلبها .. ابنتها ..

اغمضت عيناها تضغط عليهما بشدة بقوة حتى ظنت انها سوف تنقلع من بين محاجرها التي اسودت و ذبلت

لم يقدر احد على ناجية ، ناجية المتمردة الانثى القوية ، قد مرغتها عفاف في الطين قد بصقت عليها حتى شبعت

تقلبت في فراشها و الدموع تغسل وسادتها وامها جانبها تحضنها بين ذراعيها تهمس لها : سترجع باذن الله سترجع ، انهضي و كوني قوية

لكن روح ناجية قد ذبلت حقا لم تعد تقدر على اي شيء الروح قد هجرتها و امها تكرر الهمس : تميم و جنى في حاجتك انهما يبكيان منذ ان اختفت اختهم و حالك انتِ افزعهم .. ناجية قومي يا ابنتي قومي و تصبري حتى يخرج اوس من سجنه و يعيدها لنا

يا الللللله على كم الحقد و الكره في نفسها لاوس و عفاف ، احدهم اعتدى عليها و زوجته خطفت ابنتها

لماذا هذا كله ما كل هذا الشر

اكانا يغاران منها ومن حياتها .

اكانا ينتويان تدميرها ان عاجلا او آجلا و كانت الصداقة معبر لهما

:آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه تخرج من حنجرتها ممرغة في الأسى كانها ام قد ثكلت

سكينة واقفة عند رأسها تضم ذراعيها الى كتفيها ، ترى اختها تتعذب ، ابنة اختها لا يعرفون حتى الآن اين هي و ياسين في السجن !

الدموع كل ما تستطيعه حتى الآن ، عفاف ورغم البحث المكثف عنها في كل البيوت التي يعرفونها و تعرفها هي فلم يجدوها ، قلب عمها صالح و ابوها عليها الدنيا

المؤيد هو الآخر الذي رجع من الصحراء شبه ميت ، لولا عمها صالح الذي خرج الى الجنوب فوجدوه في بقعته لم يتزحزح عنها ، كان متأكدا ان احدهم سيأتيه احدهم سينقذ حياته ، يومين يجلس فيهما في الحر ، قطع ملابسه و جعلها تواري عينيه و انفه و شفتيه ، كان مدربا تدريبا صعبا دقيقا في الجيش فهو لا يعطش قبل اثني عشر يوما من ضياعه في الصحراء ، ولكنه لم يضيع ولا يبحث عن مكان هو حتى فكر ان يذهب و يعبر الحدود السودانية فلربما سيجد من يوصله او ربما احد القوافل الهاربة نحو الشمال او احد جمال الطوارق .. كان الامل هناك ولم يفقده فالصحراء و رغم كبرها اصبحت عامرة بكل هؤلاء الناس ، لم يرد ان يتحرك كي لا يضيّع من سيبحثون عنه و قد حصل كان هناك ، عمه صالح ، رآه في غمه ، رآه في سراب ، كان هناك ، سيارات صحراوية تتحرك في اتجاهه ، القى بنفسه على الرمال يغمض عينيه و غرق في نومه !

وهي كانت تان أنا موجوعا ، قلبها ينفطر على فلذة كبدها ، تتقلب على اللهب ، لا محاولات امها ولا سكينة نفعت معها ، كانت منهارة بالكامل ، فاقدة للأمل حتى سمعت صوته

فتحت عيناها في كمد ، احمرا كالدم كان جفنها وجهها محتقنا بالغضب حين راته ، في رأيها وفي قلبها هو السبب الأول و الأخير لكل ما يحصل

قامت له ، تحركت اخيرا رغم ان عضلات جسدها تان تحت وطأة الوجع تتجه ناحه هو من وقف هناك مسود الوجه يراها تقترب و الحقد اعمى لها عيناها تتمسك بقميصه تحاول هزه تقول من بين اسنان منطبقة يملؤها الغيظ و الكره : كله بسببك ، بسببك انت كل ما انا فيه

ما كان دخلك بهم جميعا

لما ادخلتهم السجن

لما لفقت لهم تلك القضية

هل تظن ان كل الناس سيخضعون لنا

قد ضيعتني و ضيعت حياتي و ضيعت ابنائي

كان ينفخ في وجهها

لا يحتمل كل هذا اللوم كل هذا الحقد منها لا يريده لا يعرفه هي اخته شقيقة قلبه يتوجع من اجلها ، ان وجد عفاف هذه سيقتلها لا يختلف اثنان فيما سيفعل فيها ولكنه لا يقبل لومها له و القاء كل المشكلة على عاتقه ، يحاول ان يكون هادئا ان يفهمها ما قاله لها منذ حصلت المشكلة : مجنونة ان كنتِ ظننتِ انني ٍساترك ثأري معهما ، احدهما اعتدى عليكِ و الاخر تبلاكِ هو وامه ، لم اكن لاكون رجلا لو لم افعل ما فعلته بهم جميعا و انا غير نادم

رفع يده يلفها حول رسغيها يدفعها عنه و يفتح عينيه في وجهها : لستُ نااااادم هل فهمتِ

اجلسي هنا اندبي حظك و حياتك ، اجلسي ، فكري قليلا في اين قد تكون تلك الحقيرة و الله لاخرجن قلبها من بين اضلعها بيدي هاتين و الله !

صرخت فيه مغتاظة ووجهها مبلل و شعرها منكوش على جانبيها وفمها محمر من شدة ما مسحت عليه بيديها : قلت لك اخرج اوس من سجنه و سترجع لي ابنتي ولكن انت لا قلب لديك لا تفكر الا في نفسك وفي مصلحتك ، اخذت تدق على صدرها منهارة و هي تجلس على الارض / وانا ابنتي ابنتي الصغيرة تلك الملائكة لا اعرف ما يفعل بها الآن

اخرج اوس من سجنه اخرجه و نقايضه بها اخرجه

كان صدره يعلو يهبط كالزلزال محتقن الوجه : سأخرج اوس سأخرجه ولكن لم ينته الامر عند هذا الحد لم ينته ابدا فوالله من علم علي لابد ان اسلخ جلده عن عظمه تلك العاهرة ستعرف من هو المؤيد !

خرج يطبق الابواب خلفه حيت تقدمت لها سكينة : المشكلة في ياسين ، اخوكِ قد قتل !

كانت تقضم شفتيها بقوة حتى ازالت بعض الطبقات منها فأخذ الدم ينزل منهما ، رأسها يدور فكل شيء حصل في فترة قصيرة جدا

دخل ياسين عليهم ثائرا صارخا منتقما كان يرمي عليهم بلا تقدير ، كان الغضب و الانتقام من يسيرانه و الدم لا يراه الا هو امامه ، حين سمع الصرخات المرعوبة صرخات الموت المقترب راوه هناك يقف برشاشه المفتوح صار الكل يتشهد وهو لم يعبأ بما يشعرون وهو يعض على اسنانه وكله منتفض : ستخرجون ابنة اختي يا اولا د الكلب

وهناك خرج الرشاش بلا تقدير بلا فهم بلا رؤية خرج ليخرج روح ام أوس !

كانت مرمية هناك غارقة في دمها ينوح عليها زوجها و اولادها لم يكن ليتوقف عن القتل لم يكن ليتساهل مع ما فعلوه بهم ، فجريمتهم تستحق الاعدام في عرفه ، لا احد يعتدي على اخواته او عائلته بلا عقاب وهذا العقاب هو الدم !

جلست بجانب ناجية تربت على ظهرها و هي تبكي : ان رأيت عفاف سآكلها بأسناني تلك الكلبة

لم يكن هناك شيء مفهوم ، كانت الفوضى تعم المكان و تعم العائلة ، هم يترصدون الناس و الناس تترصدهم ..هكذا هي حياتهم !

المؤيد مع والده في الاسفل يجلسا امام بعضهما البعض ، يقول والده : الآن ستذهب لتخرج اوس من سجنه و تخرج رؤوف معه ثم لكل حادث حديث ، الكل يعلم ان ما فعله اهل اوس و رغم قتلهم لامه و رغم خطف زوجته لابنتهم ان ما فعلوه بهم لن يمر مرور الكرام فالأمر اصبح ثأر بين العائلتين !

اما عن ياسين فسأجمع القبائل و ادفع الدية !

كان ينفث انفاسه حين خرج الى سيارته يرفع هاتفه يسأل عن اخوه المغفل الذي اختفى لم يعودوا يعرفوا اين هو و سكينة لم تخبر احد عن مكانه وعما يفعل ، رغم ان آيدين قد عاد لا تعرف تماما ما سيحصل عندما يجد منذر وضحيته في بيته

ولكن المؤيد يتجه الآن الى الثكنة دخل على الضباط المسؤولين عن قضية اوس و الذي بالاتفاق معه قد لفقوا له القضية هو و رؤوف

تحرك الجمع الى الزنزانة التي بها رؤوف و اوس ، كانا شبه ميتين ، ملامحهما قد اختفت ، اليأس يملأ خلايا جسديهما ، ذابلان مسودان ضامران ، يشتكيا العطش و الجوع قد تمكن الجفاف من سحنتيهما حتى تشقق جلديهما فما عاناه في  السجن لم يتوقعوه البتة لم يتوقعوه

كان هناك يقف بكل جبروته يدخل عليهم كالمارد الجبار يمسك اوس من تلابيبه يهزه يخنقه : ستخرج يا كلب يا ابن الحرام ستخرج و لكن والله خروجك هذا سيمر على عمرك سأجعلك تشك في نفسك سأجعلك تكره نفسك و اليوم الذي عرفتنا فيه سأجعلك تتلفت حولك كالمجنون ، ستخرج و لكنك في يدي و لن اسلمك لاهلك قبل ان تعطنا البنت

كان رؤوف دائخا مريضا لا يعرف ما يجري و لا يفهم ما يحصل ولا حتى اوس كان يفهم ما يجري الامر الوحيد الذي وصل لعقله انه سيخرج سيخرج كاد يجن من هذه الفكرة نعم سيتحرر اخيرا فهو ان توفرت له ظروف الانتحار في هذا المكان لكان انتحر منذ زمن ولكن لا شيء هنا سوى الباب امامهما

كان يهزه : هل فهمت ما اقول

نهض رؤوف رويدا من مكانه ينظر لهما معا كان يهتز في وقفته و الرؤية تكاد تكون منعدمة لا يصل اليه الا شيء واحد لفته ، شيء واحد دق من قلبه ، شيء واحد يكاد يشعل روحه من هي ابنتهم التي اختفت .. ناجية

غضن جبينه وهو ينظر لأوس بحقد اعمى يقول هامسا وهو ينظر للأرض تائها : بنت .. اي بنت

التفت عليه المؤيد وهو يدق صدره : هذا الاجرب العفن المحتال الحقير زوجته خطفت ابنتك سالي !

لا يصدق

مدهوش

مذهول

اخرست الكلمات في حلقه

ماذا ؟

سالي

زوجته

يجمع الكلمات و الاحداث و ما حصل في رأسه لا يستوعب ما يقول هز رأسه : بنت من ؟!!

صرخ المؤيد في وجهه : بنتك انت يا ابله خطفها اهل اوس خطفوها

كانت ذرات الغبار تتقاذف بينهم في تلك العتمة

كانت الانفاس تتعارك و تتدافع

مثلث مقيت ، حقود ، الثأر ،

تحركا معي الى الخارج و ساعتها كل سيأخذ حقه بيديه !

 

اما عن سامية و ما تخطط له

كانت تضرب اخماس بأسداس

تجلس تنظر فقط الى ابنتها الغبية وهي ترجع اخيرا الى البيت بعد خلاف دام خمس سنين بينهما

كانت الاخرى تجلس مقابل المرآة تكوي شعرها المجعد ثم تطمئن الى خصلاته الناعمة و تلويها بيديها

جالسة في بجامة وردية ، كانت مارن ممتلئة الجسد كثيرا ، كبيرة الارداف و ضخمة الذراعين و عضيمة العجز و ممتلئة الصدر ، كل شيء فيها كان ممتلئا في جسد حنطي ووجه حلو رغم سمنها فهي جميلة و حلوة عيناها لوزيتين و مبسمها رقيق لا بالكبير و لا الصغير و انفها معقوف الى اعلى في شموخ  ،ممتلئة الوجه و الذقن ويداها صغيرتان جدا ممتلئة الأصابع مثل النقانق !

كانت منسجمة مع ما تفعل ، فكل خطط امها تعتبرها فاشلة و لن تنجر وراءها مهما قالت او فعلت فما يهم انها الآن في البيت بدل خدمة خالها رغم انه الوحيد الذي وقف في صفها ، الوحيد الذي ساندها و ساعدها في الزواج من معتز رغم انها ندمت لاحقا على الزواج منه فهو حقا لم يكن جادا في تكوين اسرة و كان يخونها مع كل النساء الرشيقات الاتي تمناهن مكانها رغم انه كان يدوب فيها وهي على حالها هذا قبل الزواج : احب المرأة الجميلة الممتلئة فهي تملأ يدي وليس كمن هي مثل اللوح تمسكها فتتكسر

اما بعد الزواج فقد تغير رأيه و تغيرت فكرته عن الجسد و الحب  

فكان يقول لها : الملابس لا تليق على خصرك

فترد : هذا خصري قبل ان اعرفك و قد تزوجتني به ماذا تريدني ان افعل

كان يعلق مكرها : ادخلي دورة رياضة او اعملي عملية كي ينقص وزنك انا لم اعد اقدر عليكِ

كانت ترفع حاجبها لا يهمها ما يقول فهي يعجبها جسمها كما هي ، تحب ان تكون مدورة كالكرة !

التفتت الى امها بعد ان اكملت كي شعرها تستخف بها : ماذا لماذا تنظرين الي بهذه الطريقة تكادي تأكلينني

فكانت امها ترفع لها حاجبا مغتاظا : يا بنت ، يا بنت ، فرصة فرصة فلنذهب لهم وهناك تغوين ابنهم و يتزوجك

تغلق عينيها بغير اكتراث و هي تلوي شفتيها : أحلامك كبيرة من سيرضى ان يتزوج امرأة مطلقة هذه الأيام من ..وكل البنات يرتمين على الرجال كالرصاص فلا يلحق على اي منهن سيوزع حبه ..

نفثت امها انفاسها من انفها : خففي وزنك قليلا و لنشتري ثيابا تلائمهم ثم نذهب لا تضيعي علي هذه الفرصة لما جلبتك الى هنا الا لهذا الغرض

فكانت تحشر انفاسها و تدفع بها في اتجاه قلب ابنتها : ايتها الغبية لديهم مال يغطي الارض و عز و جاه عدا عن ان اخوكِ سيخرج اريد ان اوثق العلاقات

التفتت عنها هازئة : امي وثقي العلاقات مع ناجية اولا ، زوجة ابنك اولى

مكرت مكرا في نفسها وهي تعض الشفاه غيظا : بنت اللذينا والله لا اريدها ان تعود لاخوكِ ولكن مالحل اخوك ليس وجه شقاء سيموت في السجن !

ردت بقلة ادب وهي تقوم من مكانها تتحرك الى الثلاجة تفتحها وتخرج كل ما يؤكل وتضعه على سفرة و تجلس على الارض فاتحة فاها : اين كان ابنك عندما تزوجت وتطلقت ، حتى السؤال لم يسأل عني ، انا لا اكترث لما هو فيه هو مسؤوليتك انتِ وهو !

صارت تبلع لقمتها واحدة بعد اخرى حتى اصابت امها بالوهن والدوار فليس من السهل اقناعها بما تنوي فعله ، المنذر لابد ان يتزوج مارن لابد !

 

كانا يقفان هما الاثنان

احدهما هاديء جدا ينفخ سيجارا ببرود لم يعهد فيه

والآخر يكاد راسه ان ينشق عنه

ينظر اليه مفجوعا مذهولا وهو يطبق الباب عليها و يضغط اسنانه بقوة : ماذا تفعل مالذي فعلته بها هل جننت

لا يعلم يشعر انه يريد ان يضربه حتى يدمي وجهه ، كيف يفعل هذا في بيته ، هذه جريمة

تقهقر في مشيته حتى لامست ساقه الصوفا من خلفه جلس عليها خافضا رأسه للأرض ، يريد ان يتكلم ، يريد ان يخرج كل ما جوفه من حرقة ، هو يكاد يرتمي مثل النساء على الارض ليبكي ،خرجت الحروف متدافعة مخنوقة : هي ، هي ، قد دمرت حياتي ، قد اغرقتني ، كل ما انا فيه بسببها

يتجه اليه آيدين يقف أمامه ولا زال حانقا يدور وجهه في كل زاوية من البيت الذي عاد اليه ولا يجد تامارا وبدلا عنها  يجد منذر منشغل بتعذيب امرأة في بيته هل جُن لا يفهم : منذر المرأة ستموت على هذا الحال انا لن ارضى بذلك

رفع منذر رأسه في وجه آيدين ، كان يائسا محسورا حتى انها لم تعترف حتى الآن في من ارسلها له تميته من قهره : اريدها ان تعترف اولا من ارسلها لي من سلطها علي لماذا لا تفهمني ، انظر الي انظر جيدا ما حل بي

دار آيدين بجسده حول نفسه رافعا رأسه للسماء لا يريد ان يصرخ لا يريد فهو ما فيه يكفيه : وهل اعطيتها فرصة كي تقول ، كي تتكلم ، اشك انها حية .. منذ ايام وهي معلقة هكذا مثل الذبيحة المرأة قد تعفنت

حاول ان يتكلم بالعقل معه فجلس جانبه : منذر ، لقد مررت في حياتي بأكثر مما مررت ، انت لا تعرف ما حصل معي في الغربة ، انا لم اتوقف عند ذاك الحد الذي ضيعني ، قد رجعت ، عدت ، حياتي استمرت ، تزوجت مرة واثنان و ثلاثة  و تركت الخمور و الحشيش و المخدرات و كل شيء ، كان لدي عزيمة ..شيء كان دائما نصب عيناي شيء جميل اردته و معه اصبح جسدي اكثر قابلية على التحدي ، أنت طبيب ، تعالج و ارجع الى ما كنت عليه صدقني لن ترتاح ابدا بحياتك هذه !

كان ينظر اليه في جمود ، عيناه تتفتقان حزنا محمرتان بشدة : حتى انت لا تفهمني

عارضه بغمضة عين : بل افهمك قد اكون اكثر من يفهمك ، اتركها حررها و اجعلها تسافر و لا تفتش خلفها و لا تلحق بها ولا تسألها فكل الاجوبة ستجدها ان عاجلا ام اجلا ان نطقت ام لن تنطق .!

رفع يده الى رأسه يشبك كفيه فوقه في هم ، كانت شفتاه مسودتان و السم قد سل له عافيته كان منتهيا و مرهقا : كيف سأعود ، انا لن استطيع ان اعود الى ما كنت عليه ، انا قد تغيرت ، تغيرت كلية ، حتى الطب لم يعد يهمني ، صدقني اشعر ان الحياة لا قيمة لها !

نظر كلا الى الآخر في هم حين قام من مكانه الى حيث هي ، رأسها متدليا الى الاسفل بكل قوة كل ثقلها كان ساقطا على رقبتها ، في غيبوبة ، نعم مغلقة العينين لا تسمع لا ترى ولا تتكلم ، صامتة صمت الأموات يداها ازرقتا من الحبل الملفوف حولهما و ساقاها كذلك ، عضلاتها اهترأت و اعصابها تلفت و عروقها تضاربت مع بعضها البعض ، شعرها المنتف يغطي وجهها المسحوق بالضرب و الصفع ، صار ينظر اليها وهي على تلك الحالة ، تشفي غليله ، تشفيه حقا ، رؤيتها هكذا تهز السعادة في صدره قد اخذ ببعض ثأر منها اغلق الباب عليها مجددا ملتفتا الى آيدين الذي يجلس هناك واضعا كلتا كفيه المتعانقين تحت ذقنه ينظر بحيرة الى وجه المنذر الذي قال : دعني معها و عندما انتهي سأتصل بك !

تنهد في صبر وهو يحذره : لا تطل تركها على تلك الحالة حررها !

خرج و تركهما هناك حين دخل عليها مرة اخرى فك الحبال الملتفة حولها وقبل ان تسقط حملها بين يديه ووضعها على الفراش ، كانت كالميتة ثقيلة كأن روحها قد خرجت منها صار يرفع الشعر عن وجهها الجامد المبيض و يضعه خلف اذنها ثم اخذ غطاء ووضعه فوقها

مال الى ما تحت السرير و اخرج علبة كبيرة مغلفة بالورق البني اخذ يفتحها بين يديه ، هذه العلبة قد طلبها من المورد و قد لُبي طلبه بأسرع مما كان يتصور فكل شيء بالمال يُحل !

اخرج يدها من تحت الغطاء

لف حول عضدها العاري رباطا و ضغطه عليها حتى بانت عروقها

حمل ابرة في يده و اخرج زجاجة صغيرة صار يتقن عمله وهو ينظر بعينين ضيقتين الى ما ينوي فعله بها

عبأ ابرته ثم حقنها بهدوء و خفة داخل عروقها ، هكذا بكل بساطة

جمع الاشياء من جديد وضعهم في الصندوق ثم تحت السرير

اخرج سيجارا و تمدد جانبها اشعله بهدوء يهمس عند وجهها : عندما تستيقظين ستكونين في الجانب الآخر من العالم مثلي .. تماااااما !

 

,

تحرك آيدين من امام بيته متوجها الى بيت خال تامارا

يشعر انه سيفصل رأس من اخذها من بيته عن كتفيه

لم يعد يحتمل تدخل اي احد في حياتهما

هو من تسبب في كل تلك الفوضى في حياتها وهو من سينضمها

نعم سيفعل ، لما هربت ، لما لا تعطه الفرصة ، حتى ان لم تعلم تماما انه هو من فعلها تلك الليلة ام انها تشك لا يعرف

الذي يعرفه ان قلبه يحرقه يشتعل فيه النار مغتاظ مغتاظ مما حصل ومن تلك الغبية سكينة التي اعطتهم عنوان البيت

صار النفس يخرج منه تباعا وكأنه يجد صعوبة في التنفس و التقاط الهواء ، كل شيء مكتوم ، كل شيء مهزوم ، وهو مسحوق

سيتركها مرتين مرة بسبب شعيب و مرة بسبب ايميل الذي يجب ان يذهب اليه هو الآخر كي يسوي معه حياته

كأن كل حياته قد انتفضت ضده ، تأخذ بثأرها منه ، حياته التي لعب بها ايما لعب ، غامر بكل شيء حتى بحرية ايميل وصار الآن مجبورا على دفع الثمن !

مسح جبينه و صار يحكه حيرانا أسفا ، نعم ما فعله مع ايميل هو نذاله ولكن في نفس الوقت هو ثمن ما جره اليه ، ثمن التعري في البارات و ثمن الحشيش و ثمن المسكرات و ثمن النساء و ثمن الاغتصاب و ثمن كل شيء هو قاع الحياة !

كلما يتذكر انه قد رمى على جسدها الطاهر العفيف رجل عار ، كلما اغلق عينيه يشعر بالندم يقتله يهتكه ،كيف فعل بها هذا لا يعرف لا يعقل قد كان مجنونا مخمورا دائخا لم يفرق بين المرؤة و الغدر !

 

بيني و بينها اصبح الكثير من الابواب

الكثير من الحراس

الكثير من الاعتراضات والوجوه

لما يا تامارا

لما انتِ ايضا تحزينيني

ألم تحبيني ، ألم تفهميني وان لم اقلها

ألم تقدري ما جرى في حياتي وان لم تعرفيه

كنت اتبعك ، اتبع اخبارك ، افتش عنكِ

كنت اراكِ في كل امرأة تعبرني لربما سأجدك صدفة

ولكن ابى علي القدر ان القاكِ

قد دارتك الدنيا عني وجعلتني الف فيها كالفاقد للعقل

أنتِ مسؤوليتي و انتِ ذنبي

تقدمت بخطواتي العريضة وانا انتوي ان اسحق اي احد سيقف في طريقي

سأجلس معها نعم سنجلس سويا و نتفاهم

لا اعلم ، لما اشعر بخيانتك انتِ الاخرى

 

كان لا زال بملابسه العسكرية الانيقة

في قمة النظافة كان

 

دققت الجرس و انتظرت ، اعيد و اسجل كل الحوار الذي في رأسي ، لا اريد ان انسى كلمة ، كل شيء حفظته وكررته على مسامع روحي كي اقوله لها ، ان طلبت الاعتذار سأعتذر على كل حياتي قبلها وبعدها ، ان طلبت ان أُقبّل قدميها انحنيت ، وان طلبت حريتها فلا لي معها سوى العنف نعم العنف سأجرها معي خارج هذا السور سأسحبها معي و اهدهدها حتى ترضى !

انا جائع ، جائع حقا للمرأة ، لن تكون حياتي مجرد طيران بين انثى واخرى اريد من نفسي ان تستقر ان تعرف معنى القربى وكل هذا رأيته فيها ، في رقتها و نعومتها ، في خوفها ، في ثقتها المفقودة التي دمرتها انا بعهري !

حتى فتح لي ذاك الوجه الذي اتعرف اليه الآن في النور بعد ان رأيته عدو لي في الظلمة

شابا طويلا اشقر الملامح عبوسا شريرا يحقرني بنظراته تقول لي عيناه : اخرج ليس عندك هنا امرأة !

اريد ان ابعده عن طريقي ان ارميه بعرض الباب فكم امقت وجهه يتحداني ، يظن ان له اليد العليا عليها ، على زوجتي انا ولكن هيهات هيهات ايها الفتى هيهات !

حدقت فيه أمره : ابتعد عن طريقي

ولكنه وضع ذراعه كعارض بيني و بينها رفعت له حاجبي و انا انزل يده بالقوة : سأكسر لك يدك التي تمنعني عن زوجتي هل فهمت

كان وجهي يقترب من وجهه بكل عدائية يا الله كم اكرهه ، لما اشعر بكل تلك الحميمية التي كانت بينهما حين هجم علي تلك الليلة ليحميها

لما اخذها بين ذراعيه ، لما احتمت به بدلا عني انا زوجها ، كانت الحرارة و الشك يصعدا الى عيني فتغيم عني الرؤية الصحيحة و تصعد الى قلبي كل الشكوك المقيتة .. عنهما و بينهما !

صرت انظر له بشر حتى صرخت فيه فهو يتلف اعصابي : قلت لك ابتعد و نادي لي تامارا

كان يهمس في وجهي بخبث العالمين  ، يقهرني و في عينيه مكر : تامارا لا تريدك ، تامارا ستبقى هنا و اشار الى صدره !

فتحت عيني صدمة ألهذه الدرجة وصلت بهما ألهذه الدرجة يستهترا بي ، ألم تكف النساء عن خيانتي ، ألا تكفي المجدلية وما فعلته من عار جعلني اشعر انني لست رجلا حتى !

ولكن تلك الروح التي خرجت مني فدفعته دفعة كادت تخرج له روحه ازيحه عن طريقي دخلت و خرج خالها الذي كنت جاهزا ايضا في العراك معه صرخت فيه : أحضر لي زوجتي حالا

تقدم يقول بحرج وهو ينظر لوجه ابنه من خلفي : تفضل تفضل اعذرني والله لم اعرف بقدومك ، ثم حدج ابنه بنظرة حارة محذرة

وقفنا نواجه بعضنا البعض كانت الحرارة تخرج مني ، كنت اشعرها ، كنت المسها ، كل شيء حولي غارق في مأساة قلت له : لا اريد ان اتفضل اريد ان تخرج لي زوجتي !

تقدم مني ذاك الذي اصبح مقابلا لي وجها لوجه و والده بيننا كل منا يطلق نيران عشقه لها نحو الآخر ، اراه ، ارى في عينه حبه ، ارى قهره ، ارى كتمانه وهو يقول : ان كنت رجلا لم تكن لتخرج من دارك بتلك الطريقة ، لم تكن لتستنجد بي ، لم تكن مريضة انت قد امرضتها قد دعستها !

لم احتمل لم احتمل ابدا حتى امسكت به من قبه قميصه اخنقه هل يقول لي انه يحبها ويرغبها هل يقول لي انه عشيقها مالذي يقوله بالضبط كي افهم : هل تحب زوجتي هل تخونني معك انا لا افهم من كلامك سوى هذا كان وجهي مسودا لا طريق امامي كنت ضائعا حين رأينا سويا جسد ابوه المحدق بنا يهتز في مكانه لا يكاد يقف صار يستند على الجدار مغموما مخذولا بالكاد خرجت الحروف من حلقه : جهااااد اترك الرجل يا جهاد لا تفضحنا

اانطلق الى والده يسنده وهو يصوب صواريخ نارية تجاهي حين قال ابوه : ادخلا الآن ولنتفاهم في الداخل

انا لا اعرف علاما سنتفاهم فكل شيء قد قاله ابنه واضح ، تامارا تحب هذا الذي يصغرها بعقدين على الاقل ، هو من اخذها من بيتي عنوة ، هو من يتحداني من اجلها ، هو من يتحداني في عشقها

ذابت روحي و انغمرت في السواد رأسي يدور حتى اذا دخلنا وجدتها تجلس هناك بينهم تعتقد انهم سيحمونها مني انا سانتقم لكرامتي التي مرغتها ، تحب و تعشق و تستنجد بمن !! قولي لي بمن !!

تحركت لها اراها هناك جالسة تسمع وترى كل ما قيل ، اعترضي قولي شيئا دافعي عن حبي لكِ وقفت مواجها لها لا اريد ان اجلس قلت وانفاسي تحرك شعرها : لا تريدين العودة لي ، انا آيدين ، تريدين ان تبقي بجانب ابن خالك !

فتحت فمها من الصدمة : مصدومة ها مصدومة

ظنت انه قد اتى كي يشرح لها كل ما حصل في الماضي

ظنت انه سيرضيها على الاقل

ظنت انه سيتوسلها وسترفضه و تخرجه من البيت مذلولا مخذولا

ولكنه جاء يتهمها هي بالخيانة !

قالت في وجهي : ماذا تقصد بكلامك هذا

صرخت فيها حتى صمت اذنيها : كيف تخرجين من بيتي بلا  اذن مني ، كيف تجعلينه يتحكم بكِ ها قولي لي !

رفعت يدها الى فمها تخبأ شهقاتها تخبيء دموعها التي اندفعت

غير عابئة بالجمع الذي حولها

سمعت صوتا من خلفي صوت خالها : يا آيدين اجلس و لنتفاهم ، كان قلقا لكل ما يحصل ولكنني انا اغلي من الداخل اغلي حتى يكاد الغل يخرج من ثنايا مسامي

حتى قالت بل اتركونا انا من سيتفاهم معه

اعترض جهاد : لن اتركك معه وحدك

حتى صرخ فيه ابوه : قلت لك لا تتدخل دع الرجل مع زوجته يحل اموره هل فهمت لا تتدخل

كان نهره لابنه على ما يقول و يفعل قد اشفى غليلي فلم انظر اليه حتى بل حقرته وهم يخرجون من الغرفة و يغلقون الباب خلفهم

انا قد جئتها وفي قلبي نوايا كثيرة

نوايا حلوة تخصها

اشياء نتفاهم و نقلب الصفحة عليها و نبدأ من جديد

ولكنني وجدتني مغفلا

رجعت لأكون آيدين الذي كان منذ عشرين  عاما الذي تخونه امرأته مع اخوه !

كانت الطعنات تتوالى على قلبه فلا يموت : ماذا تريدي ان تقولي بأي شيء ستبرري

وقفت في وجهي عيناها الجميلتان تبحثا عني ، لم اعد اجدني في عينيها ، لم اعد ارى صورتي في مقلتيها ، هل قلبت تامارا الصفحة لوحدها !

: انا اعرف حقيقتك ، حقيقتك الوسخة

هكذا قالت في وجهي حتى ارتعش جسدي رأسي يدور بي : اي حقيقة

همست لها

لفت ذراعيها حول جذعها وكأنها تحمي نفسها مني و كأنني سأصيبها بنوبة اخرى قالت بحسرة تدق صدرها : ايميل ، انت صديق ايميل

انت لم تتزوجني لغاية في نفسك ، انت تزوجتني لغاية في نفس ايميل ، انت تريد ان تكفر عن ذنبه الذي ارتكبه في ، انت تعرفه وتعرف ما فعل بي و صمت ، لم تخبرني ، بل تزوجتني فقط شفقة ، اخذت الدموع تنزل بلا رادع ، دموع احسستها ، دموعها تتحدث عنها

وانا واقف مشدوه مفطور هل تفكر بهذه الطريقة هل تفكر هكذا لا افهم !

اقتربت حتى لامس وجهي وجهها : كفي عن التخريف ليس هناك اي شيء مما في عقلك ثم من قال لكِ انني اتحدث عن نفس الايميل الذي تتحدثين عنه

اغلقت اذنها بيديها كالفتاة الصغيرة تهز رأسها وشعرها يتحرك معها في خفة : لا تكذب لا تكذب هو نفسه هو ذاته هو لذلك لم تغضب عندما لم تجدني عذراء

اي رجل لا يجد امرأته عذراء ساعة دخلتها سيغضب سيثور سيقتلها وانت لم تفعل كنت باردا وكأنك تعرف تعرففففف تعرففف

وضعت يدي فوق فمها اخرسها ووجهي يتفتق غضبا : اسسسسس اخرسييييي لا تأتي على هذه السيرة لا اريد ان اسمعها

بل هاجمتها :هل كنتِ تريدين رجلا همجيا يذبحك ساعة لم يجدك عذراء هل كنتِ تتمنين ذلك فقط ..اخبريني ..كي ابدأ معكِ ساعات التعذيب ان كان هذا يرضيكِ

 قولي انكِ انتِ من استغل حالتكِ و تخونينني معه ، رفعت رأسها مصدومة فاتحتا فاها صار عالقا في الفضاءات بيننا هززتها كي اشفي غليلي : لا تريدي الاعتراف ، انا قد رأيتك بأم عيني تحضنينه ، تلمينه الى صدرك كالرضيع ، هززتها مرة اخرى : تعقشينه

قولي لي اعترفي انكِ تفعلينها ، برأي لي نفسك و قولي انكِ لم تفعليها معه صرخت فيها قولييي

كنت انطبخ من غيظي و قهري

من غيرتي و غبائي

الماء يجري من تحتي

وانا الغافل

تخرج الكلمات مني من قاع روحي

انا و اختك عشنا نتبادل الرهائن

هي رهينة نفسي و نفسي بيدها رهينة

من اجل من

من اجلك

اتجحدينني الان

اتقولين ان حبي لم يعجبك انني لم ادللك

لقد كدت الم الارض و اضعها بين يديك

وانت فلتانة مع ابن خالك

الى اي مدى وصل بكما الأمر

همست في شفتيها بحقد

فقط قولي لي

لا تدري كيف انقلب الأمر ضدها

قد صارت هي الجلاد وهو الضحية

تحاول ان تدافع عن نفسها وهي تنكر : ماذا تقول انت مجنون ، انت انسان مريض مريض ابتعد عني ابتعد اتركني حررني من قيدك انا لم اعد اريدك

لما كنت تبحث عني ان لم يكن ما تعرفه ليس بالشيء العادي

ليش بالشيء القليل

هل تعلم كيف مرت على جسدي تلك السنين

انت لا تعرف شيئا

ابدا لا شيء

كانت تتكلم بصوت شجي غائر تحملني ذنب سنينها تلك

وانا اقبل بكامل قواي العقلية اقبل ان احمل الذنب فوق كتفي

رفعت كفيها الباردتين برودة حلوة لذيذة برودة تقع فوق قلبي

الى وجهي الى شفتي : ألم تعجبك شفتاي

انزلت يدها الى صدري : ألم يعجبك جسدي

صارت تتلفت تزيح نظرها و رأسها عني لا تريد ان تراني

نعم فهي حقا تراني اشعر بهذا

تمتمت يتصعد الحرج في روحها : انا اكرهك اخرج ولا تعد ثانيتا فلم يعد في قلبي شيء لك

وقفت متصنما مزموم الشفتين اتوقع منها اي شيء وكل شيء

أليس هذا هو العتاب

أليس العتاب للغاليين فقط

ولكنها قالت بمقت يُقطّع بلسانها : اكرهك ولا احتمل ان تمسني اخرج خيرا لك وإلأ سأنادي أهلي كي يخرجوك بالقوة

اتقف الآن في وجهي تتحامى بهم

بذلك الصبي

ولكن لا لا ينفع معي ذلك ، انا لن يهزمني فتى في عمره و يأخذ مني امرأتي ، انا لست آيدين ذاك الذي ينحني و يخضع ، انا رجل.. رجلها هي و هي من سيخضع امسكت بكلتا ذراعيها بين يدي و كل الحقد في شفتي : اتريدين رجل اخر غيري اترغبين احد غيري لا والله لا لن اسمح لكِ حتى ان قتلتك

في تلك اللحظة انحنيت حتى رفعتها فوق كتفي خرجت منها صرخة وهي تضرب ضهري : اتركني ايها الهمجي ايها الحقير انا لا اريدك اتركني لم اعد ارغبك

فتحت الباب وكانوا هم هناك قاموا جميعا ينظرون لي والى وجهي الذي لا ينوي خيرا والشهقات المفجوعة تخرج من اعينهم بدل افواههم ولم آبه لم اعد آبه : ابنتكم عندي وتحت سقفي فمن سيتجرأ ان يأخذها مني فالموت قبله

: وانا لن اتركك ترفعها هكذا كالجارية ايها الحقير

تقدم مني وقف امامي يجر تامارا من على كتفي

وانا ادفعه و والده يصرخ به : اتركه اتركه جهاد لا تتدخل بينهما

صرخ بكل فمه : بل ساتدخل سأتدخل كيف تراها تخرج هكذا من بيتك ولا تتكلم

وهي تصرخ فيه : لا اريدك لا اريدك انزلني و طلقني افضل لنا جميعا

لا اعرف كيف تطورت الامور بيننا جميعا بين شد و شذب و ضرب حتى تركتها من يدي و انا انهال على وجه ذلك الفتى بالضربات واللكمات لم اعد احتمل وجهه امامي هو من يراود امرأتي عن نفسها هو ذاته يريدها يعشقها وانا قلبي صار دما و كبدي تثور و خالها يصرخ فينا : اتركا العراك ، ايدين خذ زوجتك واخرج

وتلك التي تبعثرت بيننا تصرخ في : انت دمرت حياتي دمرتها !

وقفت هناك بينهم جميعا مرهقا متعبا احارب وحدي  انفاسي  تخرج حرجة ضيقة ارفع يدي الى شعري ووجهي محمر قلت من بين فكي : اخرجي امامي الآن اخرجي !

 

 

كانا يدوران في البيت العتيق كمن يرقصان

تتشابك اياديهما بالود ساعة و تنفصلا بكره ساعة اخرى

كان متقلبا

مزعجا ، نعم مزعج فهو لم يكف عن الكلام و الشتائم و الولولة

صار يجري بكرسيه الى كل زاوية من هذا المكان مغاضبا

يشعر انه تائه في عالم موازٍ

كان يصرخ في وجهي كلما داهمته نوبة الجنون : لقد حبسونا هنا حبسونا

انا لم آت هنا كي اسجن مرة اخرى ، حياتي تسير بعكس ما اريد

كان يشد شعره بقوة الى الخلف وسط رذاذ فمه المتدافع كالرشاش من شدة غضبه : كله منكِ منكِ انتِ

بسببك نحن هنا مكبلين لا نخرج لا ندخل لا نتنفس

انا الغبي الذي مشيت وراء رأيك يا ليتني تركتك تخرفين ساعتها وما استجبت

يلف بكرسيه على نفسه يضرب حاشيته كاد ان يمرضني فلم اعد اجد حلا معه

منذ ان وصلنا لقد خفت جدا ان اخرج من الطائرة ، تخيلت ان احدهم يجلس لنا برشاش ، لم نرتح و فكرنا لم يرتح كنا قلقين صرنا نتقلب في مقاعدنا كأن السكاكين تحتنا

لا نعرف ما الأمر لا نفهم شيئا

وجدنا هناك رجل طويل عريض شكله كالملاكمين ذراعه موشومة ملونة و اصلع الرأس و عريض الصدر ينتظرنا هناك قائلا لنا انه عصام !

يا الهي لابد ان يسمونه جلمود او سيارة تويوتا حتى ..اما اسم عصام لم يكن ليليق به بمظهره المرعب هذا !

خرجنا محاصرين بمجموعة من الرجال الاشداء ، كان رأسنا يدور من كل شيء ركبنا سيارات عالية معتمة رباعية الدفع و انطلقوا بنا لا نعرف الى اين وجهتنا

لا نفهم ما يقصد يحي

فقط تبعناهم فالأمر على ما يبدو خطير حقا

البيت في قرية صغيرة عتية قديمة جميلة في الريف الالماني ، كنا جدا بعيدين عن المستشفى التي سيتعالج فيها هارون

وهذا ايضا ما عقد الامر عندما يصرخ : كيف لنا الان ان نفعل مع مواعيد المستشفى كيف سناخذ حريتنا مع الاطباء ونحن محاوطون بكل هؤلاء

حتى تناول هاتفه يطرق بقوة عليه حتى جاءه صوت يحي : هل وصلتم

فقال من بين اسنانه : هل ستقول لي مالذي يحصل ام اخرج الآن وما يحصل فليحصل

قام من مقعده متقلقلا : هارون لا تفقد اعصابك ارجوك فكل ما نفعله هو في مصلحتكما

صرخ فيه : قل لي فقط اي مصلحة وانا سجين هنا بين هذه الجدران حتى الحديقة غير مسموح لنا ان نخرج اليها

يجيبه بكل هدوء شارحا له الامر : زكريا تعرض للقتل و خطفت منه زوجته بسبب رجل كنا في الماضي نتعامل معه !

شد شعره بقوة الى الخلف وهو يبصق كلماته بصقا : وما دخلنا نحن لقد تركناكم منذ سنين لا علاقة لنا بالعائلة

شدد عليه : هارون اسمك بن زكريا لا تنسى ذلك انت جزء من العائلة ان اردت او لم ترد ، زكريا ايضا كان قد انفصل ولكن الرجل لم يرحمه لا نريد المزيد من فقد الارواح !

امال رأسه الى الوراء مغمضا عينيه في صبر قد خرجت الامور عن سيطرته حتى عقله خرج عن سيطرته : الى متى افهمني الى متى !

فقال له صادما لكل حواسه : سآتي الى المانيا انا و آيدين و سنحل المشكلة !

اسود وجهه و اسود وجهي معه

يا الله كيف يحصل هذا

هل سياتي آيدين الى هنا معه

كيف سيواجهونه

اخذ كل منا ينظر الى الآخر في ذنب

نعم ذنب

حتى التقط أنفاسه وهو يقترب مني وفي عينه كرها قالي لي : انحني

انحنيت وانا ارعد من صدمتي حتى امسك بذقني بين يديه بقسوة يشد عليه كمن يريد كسره يفح في وجهي : اياكِ ثم اياكِ ان جاء ذاك المخنث ان تخرجي له او تسلمي عليه او تريه وجهك

رمى بوجهي بعيدا عنه متقرفا : هذا ما كان ينقص

اخذت ادافع عن نفسي فماذا يظن هذا الابله ايظن انني سأرجع الى شقيقه هكذا بكل تلك البساطة ، أيظن لهذه الدرجة انني امرأة فاسدة لقد اغضبني حقا كان وجهي يتفتق غيظا : ماذا تقصد بكلامك هذا

اتشك بي !

ليكن بعلمك انا من فتحت لك الباب

انا من ادخلك الى حياتي

بدوني لم تكن لتكون يا هارون ولم نكن لنكون سويا

هل تريد فتح الدفاتر القديمة

فلنجلس اذن ولنفتح و لنشطب ما مضى

اخذ يلتقط انفاسه مرتفع ضغطه مني

لقد اخذتني بنت مثلما انا ..تزوجتني بنت.. لم اكن في يوم ملك لغيرك

كان ينظر لي متقلبا بين الذنب و العدوانية

قد اربكه واربكني حضور آيدين ، مر زمن طويل جدا ، جدا طويل

حتى تقاطعات الدنيا تجنبناها كي لا نلتقي

لا اعرف كيف ستجري الامور لا اعرف فعقلي صار مزدحما ومشتتا !

قلت له : هل تريد قهوة

نظر لي بطرف عينه همست شفتاه : اذا تفضلتي !

هكذا نحن الاثنان ، كنا وما زلنا ، نتعارك و نتصالح في ذات الوقت

لا احب ان اطيل الخصام معه ، لا احب هجره لي ان هجرني

فهجر هارون موجع موجع !

 

 

 

في المانيا وهو يدور هكذا على حياته

كانت المستشفى هي المكان الآمن له فلا يريد ان يخرج

كان يتحجج بكثير الالام حتى يبقونه تحت رعايتهم

كان يخاف يموت من خوفه ان خرج ووجدوه لا زال حيا مالذي سيفعلونه فيه ، سيقددونه سيمسحونه من الارض مسحا

صار ينتظر على الجمر مجيء آيدين هو لايعلم بعد ان يحي هو من سيأتي

يحي من وضع على عاتقه اخراجه من امره هذا و البحث عمن يدعي انها زوجته

لا يدري انه يغامر بحياة ابناء عمه من اجل امرأة كانت فقط عشيقة

وانهم يتوجهون له فقط من اجلها من اجل انها زوجته ومن اجل ذنب اصابه هو دونا عنهم !

لم يكن يشعر بالذنب ابدا

لطالما فعل زكريا ما يريد

لطالما فكر فقط في نفسه و رمى الباقي وراء ظهره

حتى انه قد نسي انه قد دمر روحين

قد دمر عشقا قد كان ملائكيا

انه قد دمرها هي من ادعى حبها !

حين دق عليها الباب ، كان قد وصل لها ، بعد تهديده و هجومه على بيت خالتها و ابنها خالد المقيت الم يكرهها من ساعة كانت تحكي له عنه ، كانت تسر له بحركات خالد المقيتة ، بنظراته الحقيرة ، بكل شيء على وجهه يشي فقط بما تريده خاصرته !

ألم تحكي له عن خالتها الم تغدر بها ، الم تحكي له عن حبها لغريمه

هو هنا كي يكمل معها كل القصص و كل الحكايا

كان يرتدي بنطال جينز ضيق و قميص ابيض مفتوحة ياقته و يجمع شعره بالجل في تسريحة حلوة نظيفة ، كان قد سوى لحيته و شاربيه

 لم يكن زكريا يوما يقل وسامة عن ابناء عمه ، كان ابيضا ذو شعر اسود فاحم و عينين سوداوين قاتمتين بين اهداب سوداء طويلة و انف مستقيم و فم ممتلء ، كان جميلا ولكنه لم يكن في يوم لديه ثقة في نفسه ، لم يقدرها حق قدرها ، ان يأخذ منه يحي المرأة التي يحب جعله يهتز من داخله، جعله يفقد ثقته بنفسه في روحه في عقله وكل ما هو قد آمن به في نفسه يوما !

كان يدق الباب اليها ، الى ماضيها ، ألم تحبه يوما

فقط يريد ان يعرف ان كانت يوما قد احبته

ان دخول يحي على الخط بينهما قد شتتها

انها لم تقصد ان تؤذيه

عندما فتحت الباب فتح عيناه ذهولا

كانت غالية ولم تكن

كانت وجعا صامتا

عيناه تدور من الحرقة عليها

رفع كفه الى قلبه يسكته فلن يشعر بالذنب ناحها

ابدا

فتحت بشعر ابيض و عينان متحلقتان و شفتان متشققتان و تعب روحي و نفسي و جسدي

قد فقدت غالية الجمال الذي دوخه و الروح التي عشق

وجهها المصفر مثل الليمون الاصفر

يااااااه كيف لصورة ان تدمر روحا

كيف تمتهن صورة الجسد

هل يتشفى فيها و بمنظرها المتدهور الذي ان رآه يحي كما يراه الآن لفر هاربا مستنجدا

ولكنه لا لن يتراجع يريد ان يأخذ بثأره منها

كانت شفتاها تتحركا لا يسمعها كانت مصدومة عيناها ضاقتا على وجهه : زكريا

نعم نعم زكريا هل تتذكرينه

هل تتذكرين غدرك بزكريا

دخل وهو يقفل الباب وراءه وهي تتقهقر في وقفتها : نعم زكريا

الذي طعنته ، الذي جررته الى عوالم لم يكن ليعرفها يوما

زكريا الذي يؤذيكِ

ألم احذرك يوما مني الم اقل انني سأدمرك ان بحتي ليحي عن حبكِ له

ألم اقل ان حب يحي سيدمرك ، وها هو يفعل عن طريقي ، حب حي يدمرك ينهيك يشتتك

كانت تلعق شفتاها خوفا : كيف عرفت مكاني مالذي اتى بك الى هنا

كان رأسه فوق رأسها ينفث حقده فوق شعرها يحركه بنار تحرقه : لقد اغرقتني ركبتي على كتفاي و تركتني

جريمة يااااه يا غالية جريمتك كبيرة كبيرة لدرجة ان الثأر فقط هو من سيشفي غليلي

كانت تضع يدها عند وجهها ترفع رأسها : ماذا تريد مني ألم يكفي ما يحصل في

بالقهقهرة كانا قد دخلا الى داخل البيت : ما يحصل قليلا في حقك انتِ تستحقين اكثر من ذلك اكثر بكثيييير

كان حقودا و ماكرا و خبيثا

كانت عيناه تدوران عليها كالذئب الجائع يضع يده عند عنقها فتجذب نفسها منه يضع يده على شعرها فتنحني باكية : اخرج اخرج لا تلمسني لا اريد ان اراك لا انت ولا يحي اخرج من حياتي اخرج

كانت تصرخ فيه مبحوحة ، لم يكن هناك من حيل ولا قدرة على الصراخ

ففي ايامها الغابرة عاشت ما لم تعشه انثى

قد قهرتها الكوابيس و الخرافات و الاحلام و الامال

قد قهرها الجان و الشعوذة و السحر

قد غابت روحها في عوالم سوداء غريبة

عوالم صارت تتلاعب بجسدها حتى ما عادت تتعرف عليه

كان يقترب اكثر وهي التفتت عنه وهو قيدها من خلفها يهمس لها : تعالي تعالي و عالجي هذا الهوس الغريب المسمى الحب عالجيه عالجيني

يهمس بقهر و عينيه تذرف دمعها يبكي نعم يبكي فبقدر ما المه حالها بقدر ما شعر الآن بالحرية

وهي ايضا تنتحب تغمض عينيها في رعب جسدها قد خذلها لا تستطيع المقاومة لا تستطيع ان تحارب فهذا العدو سيقتحم روحها زكريا كان عدوا و صار عدوا و ستموت وهو كذلك : اتركنننننييييييي اتركنننيييي

كان صراخها كالنباح الموجع وهي ترفس بساقيها و شعرها الابيض يتهدل و يتحرك في وحشية لو بيده لكان التف على عنق زكريا و خنقه وهو يواصل همسه : اتركك ، اتركك لمن ، انا جئت هنا كي اتأكد ، اتأكد انكِ لم تبيعي هذا الجسد الذي اعشق له ، ان شفتيك التي ارغب لم تقبله بدلا عني ، ألا تريدين ان تثبتي لي برائتك من دمي

اخذ يدفع بها الى غرفة النوم هناك حين رماها على السرير تحاول ان تخرج فيغلق الباب تحاول ان تجري لما خلف السرير فلا ملجأ منه

اخذ يقلع قميصه ثم بنطاله يقول قهرا : ستثبتي لي برائتك انكِ لم تكوني لأحد غيري ، أنتِ ستحملين بطفلي

كانت تهز رأسها بفاه مفتوح باك عيناها حمراوان قاتمتان ووجهها مبلل بالعار : لا يا زكريا لا تتهور لا تفعل

اخذ يتقدم اليها : لما لا افعل انا فقط اريد ان اعرف ما حصل بينك وبينه هل خنتني يا غاليتي

جرها الى حضنه حتى دفنها هناك بين طيات صدره العاري يحضنها بقوة وكأنه سيحفر قبرها بين اضلعه : هشششش قلت لكِ لن تندمي أنتِ قد خلقتي لي من ضلعي ، ضلع زكريا

كانت تجمع نفسها و تبكي وجعا : لا تبكي لا شيء سيبكيكي غير هجري

اخذ يميل الى عنقها فيغرقه بقبلاته يتنشقها لا زالت حلوة لا زالت رائحتها تحتل روحه تعبق بشغف بين اطرافه ترقص بين عيناه رفع وجهها المكلوم المحسور تهزه بلا فيقتحم شفتاها بكل ما اوتي من حب يتحرك رأسها ممانعتا فيتحرك فمها ممرغا شفتيه فيزداد توحشا وهياجا كانت يداه تصلا الى اردافها الى نهديها الى خصرها كان يستحلها كلها يلهث حبا ورغبة انطلقت عواطفه الجياشة لينعم بجسدها الذي حرّمته عليه وحللته على غيره

لما يا غالية

لما احببتِ كل الرجال عداي !

حتى مددها على السرير تهمس ميتة زكريا لا لا يا زكريا

ولكن زكريا لم يكن يسمع الا روحه الا غدره الا قهر يحي له هذا ماكان يسمع حتى نفخ في وجهها : يا الله لا زلتِ عذراء !

كيف قفز قلبه كيف قفزت السعادة الى عمره كان يتلظى شوقا لم يلمسها غيره وهي تحته تأن.. تحته تحترق.. تحته تموت ..قد ازهق روحها ولم تعد غالية بعد ليحي !

 

 

حين كان يمد الخطوة اليها ، لم يكن في عينه شرا ولا ثأرا ولا حتى حبا

هو فقط يريد ابعادها تماما ، وهي زوجته نعم ستبتعد ، سيوثقها بوثاقه ويتركها تطير حرة ، ستسمى باسمه و لكن سيفارقها ، هو هذا ما كان يخطط في عقله ، يسافر بها الى زكريا وهناك سيتركها معه ، فليتسليا بالوقت سويا ، لم يعد يرغب ان يراها امام عيناه ، الدفلى لابد ان تنتهي من حياته و ان تزال من كل ذكرياته

فتح عليها الباب

وهي كانت هناك ممدة نصف خارج السرير و نصف داخله

تضع يدها فوق عيناها تغطيهما

شعرها مفرود جانبها و جسدها يبرز له من ذلك الفستان الابيض ذو الخطوط الحمراء من جانبيه

كان يتقدم لها وهي غافية

قد كانت يوما لعبة

كانت دمية

وهو يحب اللعب

و يريد الآن رميها

ألا يرمي الطفل الوغد بدميته ساعة يمل منها

وها هو يفعل

يجلس على حافة السرير جانبها لم تشعر به ولا بثقل جسده

جسدها منهك

تشعر بيدا ذاك الساحر تخترقها كما يرغب

تشعر بالندم والحسرة ، كيف سمعت كيف استجابت

تشعر بالدوخة

وهو هناك يرفع كمي قميصه الى ما قبل مرفقيه فيكشف عن ساعديه وشعره مسرح كل شعرة في مكانها لا تخالف اوامر مشطه ، ينتعل حذاءا اسودا عالي الساق و بنطالا اسودا يضغط على فخذيه ذو حزام اسود و عطره يخنق يثور يقتحم المهجة

كان يمرر نظره عليها

ليست سيئة كلا بل جميلة

هو يعرف ذلك يعرف كم من الاغراء تحمل حتى حينما ينظر الآن الى ساقيها الناعمتين يشعر انه يريد ان يمرر يداه عليها

حين يرى ثغرها هكذا يلمع بزينته يريد قضمه

ولكن يعرف تماما وربما هي ايضا تعرف انه لن يستطيع

انه رجل عاجز الآن تماما

وان كانت تغريه النساء وان كان يموت في روائحهن وعطورهن وقدودهن و نهودهن فلاحيلة في يده ، هل يلمسها ثم يموت بحسرته

لم يعد يتشجع ان يقترب من انثى لم يعد حتى ان كانت هي ملكه !

كانت انفاسه تتدافع حتى شعرت بدفء غريب يقتحمها فتفتح عيناها فتجده هو هناك يحدق فيها رفعت يداها عن عيناها و بادلته التحديق

كانت مهدودة و تريد البكاء

لا تعرف لكنها تشعر

اخذت تعض شفتها قهرا

ترفع عيناها و رأسها للسقف تقول بهمس مخنوق : أقررت تركي !

جلس منكسا رأسه الى الارض فاتحا ساقيه متجهم الوجه نفث انفه بحرقة : قد غدرتي بي

كانت تفهمه تفهمه تماما ، هي ليست غبية ، هي تعيش وسط هذه العائلة منذ الولادة ، تعرف كيف يتحاورون ، تعرف ماذا يخططون وتعرف كيف يتجسسون ولازالت ممدة هناك على السرير ينزل الدمع جياشا : لم اكن انا ، انا احاول ان اساعدك !

ابتلع ريقه بحسرة ، لم يعد يثق ولا يصدق اي حرف يخرج من بين شفتيها

: كانت مليكة

نعم هي فكررت وقدرت و قررت

مليكة ستتحمل كل الذنب و الأثم الذي وقع عليهم جميعا

مليكة هي السبب

هي من اهلكت روحه و دمرت عمره

التفت برأسه غائم العينين وهي كانت كالميتة ، نعم لن يزل لسانها عن شقيقها بحرف واحد ابدا ، عندما تلتقي بزكريا ستتواجه معه و ستعرف مكان سحره و تخرجه و يعيش الجميع سعداء أليس كذلك !

ولكنه هو يجلس هناك ثابتا بصوت غار بالحيل حتى خرج من حنجرته يجرجره جرا : لماذا تفعل مليكة هذا

جاوبته بكل صراحة ووضوح : لانها تحبك !

قال متجهما خائبا يا الله كيف لمليكة ان توجعه ان تنهي حياته وهي واصلت : السحر مدفون ولا ادري اين

اطرقت برأسها : هذا الساحر اما ان يعترف او ان يقتل !

التقم شفتيه وهي استقامت في مرقدها حتى انتظم شعرها بخصلاته المحمرة الجميلة خلف ظهرها وامام صدرها

كانت قريبة منه ، وجهه قريب جدا عيناه اهدابه و شفتاه و لحيته وكل شعره فيه.. يحرك في نفسها الرغبة : يحي دعني اساعدك

كان يلتفت عليها وعيناه تتقدا شرا : مليكة لن تفعل شيئا كهذا لن تؤذيني اعترفي انكِ من طلب منها هذا !

شخرت حتى ابتسمت : يا الهي كم انك تكرهني و تريد ان تصدق اي شيء عني حتى هذا ، لماذا سأسحرك مالذي سأريده منك عندما افعل شيء كهذا ، هل ادمر حياتي بيدي !

قال هازئا لاويا شفته : لم تدمري حياتك بل حياتي انا

لم تكن تريد الاقتراب منه اكثر لا تريد منه ان يرفضها فهي وهو يعرفا الآن تمام المعرفة ما سيحل به ان حاول لمسها

كانت قد تشبثت بعضده تلفه اليها تقنعه بعينيها : فقط لو تثق في !

كانت عيناه تشتعلا نارا نعم نار ترى شرارها وترى دخانها في عمق العسل الذي يحاول ان يخمد الثورة انشقت انفاسه و اغتاظت اسنانه وهو يمسك بذراعها يهرسه بين اصابعه : علميني كيف اثق بك ، علميني ماذا كانت تفعل هتان هنا !

رماها على السرير بكامل قوته متقرفا منها فقط لو لو فقط كان رجلا طبيعيا كان سيعرف كل مالم يعرف

وهي هناك وقعت شاحبة شحوب الموتى تغمض عيناها في كمد تهمس له : تعال

التفت لها ينظر الى عينيها وهي استقامت و مدت يداها كي تخلع عنها فستانها الابيض فتكشف له عن كامل جسدها والذي كأنه في بدلة للسباحة

لأول مرة يراها هكذا ، لأول مرة يرى بطنها ، يرى فخذيها يرى نهديها

فتح عينيه وسعا التقط انفاسه متمهلا جذب شعره الى خلف رقبته بيديه جذبا

كانت عيناه قد احمرتا حزنا و دمعا : ماذا تفعلين بي

كررت عليه متابعة همسها : تعال لترى بنفسك ألا تريد ان تتأكد !

ابتلع ريقه

كانت الدغدغة قد وصلت حلقه و قلبه يرفرف متمهلا على اعتاب اضلعه المتصارعة رغبة ، كيف جيشت الحب ضده بهذه السرعة !

كيف له ان يقترب وهو عاجز ، كيف تريده ان يكتشف كل هذا الجسد وهو لا يرى !

كيف !

اللعنة

كانت جالسة هناك كحوريات البحر الجميلة الحلوة

يسرق النظر اليها سرقة

يشد على قبضة يده حتى تنغرز اظافره في عمق كفه

كان جسده يتأوه من النشوة

تقدمت برأسها منه بصوت يغويه : ألن تعود ، ألن تغفر ، ألن تهنأ !

كان صوتها لوحده حالة جعلت رأسه يدخل في غيبوبة

كان يتقدم نعم تقدم كيف له ألا يفعل ان يرى كل هذا البذخ الذي تعرضه بسخاء عليه

هي انثى تفوق الاناث جمالا وهي تعرف قدراتها وهو يعرف ايضا تلك القدرات

كيف جاء اليها بنية و يخرج منها بنية اخرى لا يفهم

اهو حقا كما تقول عنه سكينة سهل التلاعب به

خلع حذاءه ثم رأته يفكك ازرار قميصه حتى انكشف لها صدره

بطنه المسطح و صدره العريض و خصره النحيل و بنطاله الذي فتح سحابه فيتدلى عن خصره بقليل

جاءها يقترب على مهل و قلبها يدق دقا يرقص كأجراس الكنيسة

يتقدم منها : حسنا فلنرى ان كنا سننهي هذه اللعبة

استقبلته بذراعين مفتوحين وهو لم يرفض تلك الاحضان كان قد قبلها عن طيب خاطر التصق جلديهما حتى ارتعشا سويا فهذه اول مرة لكليهما يمس فيها الآخر بهذه النية

وهو يعانقها برقة يرفع وجهها الى وجهه و يغرقه قبلا كان كل جسده ينبض كل خلية تنوء كل شعره تنتصب كم كانت حلوة لذيذة المذاق كانت تبادله القبلة بكل شغف في الانثى تريده ان يتروى ان يشعلها رويدا حتى تهنأ روحه حتى يصل الى ما يصل اي رجل

كان يلهث عند شفتيها وهي كانت تحمر خجلا كانت شفتاها تحتقنا و تنتفخا من شدة قبلته كان يمرر يده على جسدها الناعم النظيف وهو جانبها وهي كانت تتشبث بخاصرته لم يعد يقدر لم يعد يقوى يريد اقتحامها و ردفيها بين يديه وهي كانت تشجعه ثابتة متعرقة يحي لها ولن تدعه لأي منهن ولن تتقاسمه مع اي منهن وان انطبقت السماء على الأرض  ستحكم به هذه القبيلة ، حتى انقلب على جنبه مبتعدا عنها دائخا يشعر بالوهن يشعر انه سيتعمق في آلامه وفي حالته شد جفنيه بقوة وهي جانبه : يحي افتح عيناك ، لا تتعمق في الاذى

كان يسمعها تائها وصدره ينطبق عليه : يحيا قاوم يحيا

نفثت انفاسها الحارة القلقة لم ينجح الأمر لم ينجح !

 

 

أما عنها هي من كانت تجلس بكل هدوء العالمين على مقعد مقابل له

تجلس صامتة ، بالكاد قد شربت او اكلت او نامت ، ليس بها اي قوة

تنظر فقط الى وجهه الى روحه الى جسده

قد ارقدته السرير

كانت تعض شفتيها حتى احمرتا بشدة تجمع شعرها الى الخلف تحضر لفكرة

تصنم في مكانه استلقى وما عاد يرمش لا يقوم

كان مصدوم

رأتها ، رأت هذا الجلمود كيف بكى ، نعم شعيب قد بكى

سقطت دمعة حارة حملتها بين كفيها طوتها و زرعتها بين نهديها

دمعة صادقة حارة نقية

دمعة الفاجعة

تراه هكذا ولم تستطع له شيئا ، هو من تعمق فيها ، هو من سحبها الى هذا العمق من هذه العلاقة الغير سوية

هو من تزوجها فجأة بلا مقدمات بلا معرفة

ماذا يعرف هو عنها

لا شيء

لا شيء

هل يندم ، تحرك رأسها رفضا ، هو قد عاشر مئات النساء

العذراء و الثيب و المطلقة و العاهرة وكلهن .. لما يستغرب منها ان تكون احداهن ،

اخذت تنفث انفاسها الساخنة وعيناها تمران على كل عضو فيه

صدره و عضديه و بطنه و فخذيه و ساقيه و رجليه

شعره و حاجبيه و انفه و شفتيه

لقد ظلمت نفسك و ظلمتني يا زين ظلمتني معك اجل قد فعلت

لم تنزل منها دمعة ، لا تشعر بالشفقة لا على نفسها ولا عليه

كل منهما نال الآخر بجدارة

تحصر ساقيها بين فخذيها و تدس رأسها بينهما فينسدل شعرها فيغطي وجهها بالكامل عنه

هو من سقط هناك كالمغشي ، قلبه توقف ، بكل ما للكلمة من معنى ، توقف ، قد قبّلته ، قد منحته نفسها نعم فعلت وما كان هذا كله الا خدعة ، خدعة عمره ، خذلان حياته ، النجلا لم تكن عذرا ، نجلاء عاهرة اخرى من ضمن تنك العاهرات اللواتي عرف في حياته ، أين كل تلك الثياب الطاهرة غطوها بها ، اين كل تلك العفة الواهية ارموها عليها ، أين هو القرآن دثروها به

النجلا كانت خدعة !

وأين قلبه من كل ذاك ، قد جاءها يجري تاركا امرأة و ابنا ، جاءها يسير على ريح الشوق يتحرى عناقا يريد حبا يبحث ذاتا تمنى عشقا

ولكن نجلا قد جاءته بالغدر جريا !

لم يعد يستقم في رقدته قد شلته شلا ،،

أكان عالم آخر هذا الذي استقبلته فيه فاتحتا حضنا ، أكان عالم آخر الذي منحته فيه جسدا ، يا الله كم كانت طعنتها قاتلة ، قتلته في مرقده هكذا بكل خبث النساء الذي فيها قد فعلت لم تجرؤ امرأة قبلها على فعلها ، الصدمة !

قام مستقيما فرفعت رأسها تنظر له

استدار حتى لمست ساقاه العجمي الذي تحته انحنى بظهره ورفع وجهه الى وجهها رفعت انفا وحاجبا وشعرها اتفق ان يغطي جبهتها و عنقها

رفع كفيه الى شعره يدفنهما فيه و ينحني اكثر حتى مال الى الامام

كانت شفتاها تهتز عزة !

كان الصمت حديثا ، والايماءات لغة اخرى !

وضع اصابعه على عينيه و ضغط بهما عليهما ضغطا شديدا

يكتم عبرة

الزين طعنته النجلا !

كان يبدو كمن سيجلس الى الابدين ، كما رقد ليومين

لا يتزعزع لا يتحرك فأين هو الصديق منكِ والصادق و امكِ و اباكِ وكل العالمين

أين تلك المصحة النفسية ، أين تنك العينان الشقية ، أين تلك الشفاه البهية

لا يقدر لا يقدر ثقل جسده يقهره و يجلس فوق ضهره حمل اثقل من الجبال و اعتى يضغط صدره

يا الله كم اذته في ذاته

اهي ذاتها المرأة التي عشق .. يشك !

رفع نظره اليها من جديد حين انزلت ساقيها الى الارض

يكشفها من ساقيها ثم ركبتيها الى فستانها الازرق اللطيف ثم الى نهدها الجميل ثم الى وجهها الحقير !

لوى شفته وهي تبتلع ريقا لم تبعد ناظريها عنه لا زالت تجرؤ ان تكون امامه جالسة هكذا تتموضع

ماذا .. تطمئن الى ما فعلت في ضحيتها

تطمئن الى ما فعل خبثها ، ها قد ارقدته مكتوما فهنيئا لها هذه الفكرة !

اهتز صدره كمن يبتسم لنفسه غير مصدق

أول امرأة في تاريخه تخرسه تماما تماما تماما

جعلته يتخبط ، هل يقوم الآن ليدهسها برجليه ، هل يقطع رقبتها و يرميها في القمامة ، هل يقطع ساقيها و يشق جسدها لنصفين ، هل يقلع عينيها الجريئة تلك ماذا هو فاعل بها ، ماهو العقاب المناسب لها

فوجد ان لا شيء سيشفي غليله لا شيء

قام تحرك جمع ملابسه لبسها بتؤدة ثم رأته يخرج من الحجرة !

 

 

اما عنه هو من قاد سيارته ، اجلس اوس في قن للدجاج و حبسه هناك الى حين ان يرجع ابنة اخته ، ورؤوف سلمه الى امه كالهدية تماما ففرحت ورقصت و زغردت و اشعلت الشموع و عزمت .

وهو يتوجه لها الى تنك العينان الكبيرة ، من دعت عليه سرا وعلنا وها لم يستجب الله لها اذن هو على الحق يمشي !

حين وصل و بركن سيارته امام المبنى كان كل هؤلاء الفتية يتجادلون وحين رأوه قد أُخرست افواههم تماما

كل ينظر له نظرة فضولية تحقيرية ، هو عشيق تلك السافلة التي تتدعي العفة

التفت الجميع عليه حتى دخل الى العقار ، اخرج المفتاح الذي يملكه ودخل عليها

هناك هي كانت في غمرة افكارها ، لم تخرج بعد مما حصل المرة الماضية ، لا زالت تغسل جسدها كل يوم و تطهره من اياديهم القاتلة

تجلس في هدوء مع نفسها لا تريد الخروج ، قد قررت مرعية ان تموت هنا بين هذه الجدران ، قد اسودت الدنيا في عينيها ، تلك الدنيا التي قاومت من اجلها و قد طعنتها ، قد استوت مرعية ولم تعد قادرة !

كانت امامها البنت الصغيرة تلك ذات العشر سنين تقفز على السرير فيهتز بهما معا كانت تضحك و تسر عن نفسها و تنك تنظر اليها لاهية

وهو تقدم بساقيه الى مكان الضحكات حتى وجدها هناك تجلس جلسة محطمة يراها في عينيها ، فتحت الفتاة الصغيرة عيناها مفاجأة ثم رعبا صارخة : من انت ماذا تريد

التفتت الى حيث وجه مرعية المشدوه تناديها : م...

فأخرستها تلك بصرخة عاتية : اخرجي الآن ولا تعودي هيا اخرجي قد صدعتي لي رأسي و قلبتي لي البيت قلبا

كان ينظر لهما مستندا الى حافة الباب و في يده مفاتيح سيارته ادار نظره هناك حيث الطاولة فوجد رزمة المال لا تزال هناك راقدة لا تمس هي كما هي هز رأسه يتبسم ضاحكا : يا لكِ من عزيزة نفس !

قامت من مكانها تمسك بعضد تلك الصغيرة تضع هاتفها الكبير في يدها و بكل قوتها تجرها امامها حتى الباب رمتها هكذا بكل بساطة رمتها الى الخارج ثم اغلقت الباب في وجهها

كان وجهها لا يفسر ، هي لم تثور في وجهه بل تنظر له نظرات غريبة

نظرات تصميم ، كانت قد جمعت شعرها الى اعلى رأسها و لبست فستان طويل يضيق عند صدرها اول مرة يراها في هذه الهيئة تظهر كأنثى

كانت هي تقف عند الباب وهو عند الشباك يزيح الستار و ينظر الى الخارج الى حيث تلك الشلة التي لا زالت تحدق في كل مكان من هذه الشقة

التفت عليها : مابكِ لما تنظرين لي بهذه الطريقة ، لم اعرفك !

غضن جبينه وضيق عينيه

وهي بدت تعيسة ، بدت خاملة ، بدت ضعيفة

جلست الى الصوفا حتى جاءها يجلس جانبها يهز المفاتيح بين يديه رافعا وجهه الى وجهها : ألن تقولي ، هل حصل شيء في غيابي

نعم حصل في غيابك الكثير ، انه بسببك قد اعتدى علي الناس

بسببك كدت افقد برائتي

بسببك لم يتحرك الناس كي ينقذوني من بين انياب الذئاب

هذا هو أنت فعلتها و الزقتها بي

كانت تعقد ذراعيها امام صدرها تتطلع الى الأمام وهو يحدق فيها في كل عبسة يعبسها وجهها رفع لها حاجبا : ألن تتكلمي !

نعم تريد ان تتكلم ان تقول ان تفصح عما في خاطرها

التفتت عليه تضع عينها في عينيه تقول بخنقة العبرة : هل انت مستعد لفعل ما اريد !

طرق برأسه ثم رفعه عليها : كل ما تريدين !

هزت رأسها موافقة ثم لعقت شفتيها حتى لمعت من ريقها ضغطت عليهما قليلا : هل رأيت الشبان اللذين في الخارج

زم شفتيه : هؤلاء من يقفون امام العمارة

امالت رأسها موافقة : نعم

حدق فيها كثيرا : ما بهم

قالت بكل حقد وكره العالمين : أريدك ان تقتلهم !

ابتسم جانبيا ونفث بأنفه يقول بصبر : لماذا !

شددت اسنانها على ما تقول : هل تقدر ام لا هل ستقتلهم ام لا !

رفع حاجبه : ليس بلا اي سبب سأقتل من يقف في الشارع هذه مخالفة علنية !

لا يدري كيف يحاورها بكل هذا الهدوء و هذا الجنون يجد ما تقوله غريبا

اخذ صدرها يعلو و يهبط من غيظها فرفعت اصبعها الى فمها تقضم اظافرها بشهية تهز ساقا هزا متواترا : إذن لن تفعل

مال عليها كثيرا : اعطني سببا مقنعا !

سلاحي لا زال في خصري !

التفتت عليه بكامل جسدها تضع حدا لكل شيء ، نعم هو الحد لا شيء بعده لا شيء : لقد اغتصبوني !

كان جالسا لا يستوعب ما قالت

ينظر اليها يغضن جبينه بقوة صارت انفاسه تتنافس على عتبات صدره

كان الغضب يتسلل بقوة الى عروقه حتى ارتفع الدم الى عينيه شد عضدها بين اصابعه يعتصره : ماذا ..كان مخنوقا صوته لم يكن عاديا لم يكن هو

نزلت دمعة حارقة من عينيها مع اهتزاز شفتيها ، كانت صرخة وليست دمعة : أتقولين لي ان احدهم قد لمسكِ قبلي !

دفنت بسرعة رأسها بين ساقيها تنتحب و تبكي قهرا

حين رفعها من شعرها يجرها الى وجهه

كان محتقنا كان غاضبا كان يقطر دما : تقولين لي انكِ لم تعودي ما اريد !

تقولين ان مجموعة من الشبان قد تمكنت منكِ

كانت اسيرة بين يديه التي تهز رأسها

لم يكن يحتمل لا لا لم يعد يحتمل صار صدره ينزل و يقفز صار النفس مكتوما صارت الروح مقهورة صارت يداه قاتلة صار وجهه مسودا و عيناه تتشقق بالدم عيناه تجري على كل جسدها

ذاك الجسد الذي ظن انه له وحده ، الجسد الذي يريده من ساعة رآه

ماذا تقول له ماذا تخرف ليس رجل واحد بل مجموعة

هو مثلهم تماما لم يختلف عنهم يريد جسدها فقط ، لم يهتم احد لروحها ولا لمعاناتها ، لم يمد يوما احدهم يد المساعدة اليها ، هي هكذا منبوذة و ستظل و ليست سوى جسد يطمع الكل فيه !

قام من فوره جسده يتضخم امام عينيها ، يتضخم غلا و غضبا

ان يلمس احدهم امرأة هو قد راودها عن نفسها فهو شيء في عرفه يستحق القتل يستحق السحق فما بالك باغتصابها لقد اخذوا منه اعز ما ينتظر منها هكذا بكل بساطة تقول له انهم اغتصبوها

شدها من شعرها وهي تتوجع تبكي بصبر يقربها الى وجهه : واستسلمتي !

هل اعجبوكي !

كانت تهز رأسها رفضا وهو يطحن صدغيها بين كماشة يديه : هل سمحتي لهم !

: لا لا قد اخذوني على حين غرة كانت دموعها تسقط فتحدث على الارض ضجة تحفر العمق و تفجر بئرا

اذن تعالي ايتها الساقطة كان يجرها الى حيث ذاك السرير رمى بها هناك وهي لا تحرك ساكنا كان يخلع ملابسه امام عينيها وتضل تبكي حسرتهاو عمرها و قهرها و عجزها  حتى انحنى عليها يشدها من ساقيها يرفع عنها فستانها

كان الانتقام منها وغضبه الشديد من يسيرانه وليست هي

فقط هو حقا سيقتل كل من مسها قبله هي كانت عهدته كانت لعبته

ألعب احد قبله بها

لا لا يقبل

وبكل قوته حين اخترقها كان دمها يقطر على الفراش الذي تحتهما

فرفع رأسه لها يصفعها بشدة حتى التوى رأسها قام عنها وهو يرتدي ثيابه مرة اخرى يقول صارخا : اهذا ما كنتِ تبحثين عنه

اهذا ما كنتِ تريدينه

وهي هناك تلم الفستان الى ما فوق ساقيها و ترتمي كالجنين في بطن امه عليه تحتضنه : والله والله .. اخذ يدور حول نفسه كمن جن كمن فقد عقله اللعنة عليكِ ..تبا لكِ

اتجه الى الباب هناك و رفع سلاحه و تقدم ناح هؤلاء الشرذمة القليلون الذين جعلوه يفعل فعله هذا بها

صار يصفع و يركل و يبصق و يلكم وكل القهر قد اخرجه فيهم حتى اخرج سلاحه و الصراخ قد تعالى بينهم و الجيران قد اجتمعوا وهو يصوب بسلاحه الى اينما ما اتفق من اجسادهم الى ارواحهم ينتقم لنفسه فيها

كان كل شيء مغبرا كل شيء مسودا

العاصفة فقط عاصفة روحه وما فعل بها

كل ذالك قد طحنه وهو يرى الجميع مرميا غارقا في دمه

اهذا ما كنتم تبحثون عنه جميعا اهذا ما تريدون

يسمع صراخ الامهات اللاتي ثكلن

يرى الجري يرى القيامة قد قامت

والثورة في روحه كان يصرخ كالمجنون في الحي الذي انتفض على صراخه كان يطلق النار في الهواء

فهو سيخوض الآن حربا

حربا كان فيها مخدوعا

حربا قد فقد فيها الشرف

عاد اليها الى ثأره و الخارج كان مزدحما بالموت و الدماء دخل و رآها هناك رأى رأسها فقط متدليا

رأى ساقها تتدلى

رأى آخر دمعة تسقط من جفنيها

وقف وهي معلقة صوت صغير صرخ في اذنه صرخة رعب مفجوعة : ملااااااااااك ملاااااااااك

كان صراخها قد هز  الارض هزا قد هز روحه هزا

فاتحا عيناه مصدوما

الناس دخلوا الشقة و يتفرجون عليها وهي هكذا مشنوقة

الكل وقف صفا واحدا وتلك تجر ابنتها الصغيرة : تعالي هنا يا مرعية لا يجوز ان تنظري الى هكذا مناظر لعنة الله عليها قتلت نفسها !

كان ينظر والأرض تدور به تلف تلف تلف حول عنقه تلف حول رأسه تلف ليسقط ارضا فاتحا فاها مقتول القلب وهو يسمع الصراخ الذي لم يصمت : ملاااااك ملك ملك ملك ملك

ملك ماااااااااتتتتت ملك ماتتت

ملك قد شنقت نفسها و مرعية تجرها امها خلفها !

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...