الجزء الثاني و الثلاثين


 


 

 

الجزء الثاني و الثلاثين

 

كان يصرخ كالمجنون في الحي الذي انتفض على صراخه كان يطلق النار في الهواء

فهو سيخوض الآن حربا

حربا كان فيها مخدوعا

حربا قد فقد فيها الشرف

عاد اليها الى ثأره و الخارج كان مزدحما بالموت و الدماء دخل و رآها هناك رأى رأسها فقط متدليا

رأى ساقها تتدلى

رأى آخر دمعة تسقط من جفنيها

وقف وهي معلقة صوت صغير صرخ في اذنه صرخة رعب مفجوعة : ملااااااااااك ملاااااااااك

كان صراخها قد هز  الارض هزا قد هز روحه هزا

فاتحا عيناه مصدوما

الناس دخلوا الشقة و يتفرجون عليها وهي هكذا مشنوقة

الكل وقف صفا واحدا وتلك تجر ابنتها الصغيرة : تعالي هنا يا مرعية لا يجوز ان تنظري الى هكذا مناظر لعنة الله عليها قتلت نفسها !

كان ينظر والأرض تدور به تلف تلف تلف حول عنقه تلف حول رأسه تلف ليسقط ارضا فاتحا فاها مقتول القلب وهو يسمع الصراخ الذي لم يصمت : ملاااااك ملك ملك ملك ملك

ملك ماااااااااتتتتت ملك ماتتت

ملك قد شنقت نفسها و مرعية تجرها امها خلفها !

كانت عيناه شاخصة لها  الى تلك الروح التي ازهقت بسببه ، بسبب عدوانه ، صارت عيناه حمراوان من الدمع

كل ما يشعر به هو الصدمة

لا يعلم كيف حصل كل هذا

يسمع اصوات سيارات الاسعاف و اصوات سيارات الشرطة

وهو يجلس هناك

صامتا

ماتت عيناه

مات الوجد في روحه

قد كان مهلكها

شعرها الذي تدلى و تركته هكذا يسبح في الفضاء

فستانها الذي يطير مع حركة جسدها المعلق

وجهها الذي اختفى في عتمة شعرها

الكل يحوقل و الكل يسب و الكل يشمت وهو جالس رافعا رأسه للسماء

عارضا عنقه لله اغمض عينيه وغرق في سوادها

ثقلت روحه و غامت نفسه

ما هكذا يكون الرحيل يا مرعية ما هكذا !

ما هكذا تختبئين خلف الخديعة و القدر ما هكذا

جررتني لأفعل ما فعلت لتأخذي بثأرك

وثأري انا ، ماذا افعل به

الارض تدور من حوله كراقص حضرة يخيل اليه ان السقف سينهار عليه

وهي تلك الصغيرة التي تهرب من امها لترجع اليها تشد فستانها بقهر

تشدها للأسفل تنتحب و تصرخ مفجوعة : لا يا ملك لاااااا ملك يا صديقتي يا حبيبتي لاااااا لن تموتي لااااا تجر الفستان جرا حتى صار الجسد يتأرجح على مرأى منه

ملك

ملك

ملك

امسك بكفه على قلبه يعتصر صدره

حبس الهواء عنه

كل الذرات كانت تسبح سوداء امام عينيه

لقد بات في غيه متخبطا

لا لا لا تقوليها لا تفعليها

ألستِ انتِ مرعية

كيف عاودته كل تلك الذكريات

قالت له انها لا تملك هاتفا

اقسمت له انها لم تصور اي شيء ولا تعرف عما يتحدث

كانت تجذب حقيبتها من بين يديه

كيف كلما ارادت تلك الصغيرة التحدث معها باسمها نهرتها و طردتها

صاحب العقار عندما قال له شقة ملك ، عارضه وقال له بل مرعية !

كيف يهتز صدره الآن

القهر يقطع فؤاده و يهرسه هرسا

كانت ملك و ماتت ملك و استغلها وهي ملك ولم يكن ذنبها الا انها كانت تحمي تلك الفتاة الصغيرة !

كيف هو رجل الأمن يُخدع بتلك الطريقة

لقد سالت الدماء على الاسفلت في الخارج من اجلها

لقد كان غاضبا لأنها خدعته و تركته يغتصبها حتى يثور و يفعل ما تريد

ملك اخذت بثأرها منه ومن الجميع

هناك حيث روحها تحلق فوقها تنظر اليه

تتشمت في عينيه

تضحك سعيدة لقد لفضتها امها و حررتها منها

ملك عادت الى حيث تنتمي ولا عتب على الدنيا و لا أسف على الحياة

لقد اختارت البراءة

يداه ملطختان بالدماء و عيناه تقطران بالدماء تمنى ان يصوب السلاح الى رأسه و يلحق بها

لقد ظلمها و الظلم ظلمات

دخلت الشرطة تهجم على المكان ليجدوا تلك الفتاة المعلقة

كان الجميع يتحرك الجميع يدور حوله الجميع يزن كالنحل حول اذنه

وهو لا يرى غيرها ، غير اخر نظرة رمقته بها ، اخر طلب طلبته منه ، لم تقبل ملك ان تعيش بعدما لمس هؤلاء جسدها و استباحوها كلها

لن تعيش وهي مهددة بكل هؤلاء الرجال من حولها

لن تعيش ، فعذريتها للأرض و تنتمي اليها

ملك ارتاحت منه ومن غيره ، الخيارات التي منحتها الحياة ما بين مخطوفة و مغتصبة و عشيقة ، ليس هناك من خيارات كرامة !

فكوها نعم فكوها ، حرروها ، اتركوها هناك حيث هي ، انا سأغطيها ، انا من سيحملها بين ذراعيه الى اللحد ، هي آخر شيء لمسته وانا آخر من هتكها ، اتركوها و اتركوني اتفاهم معها ، مع جسدها النحيل و عينيها الكبيرة دعوني اتفاهم مع عنادها مع روحها العتيدة ، دعوني اشيعها الى روحي و احفر قلبها بين اضلعي فهي تستحق ان تدفن هناك في الجوى ،بين الرانِ و الهوى ، لا تلمسوها فعهدي بها لم ينتهِ ، مددوها نعم افعلوا وانا سأنام الليلة امرغها في عهد قد اكتوى !

سأهمس لها انني حقا قد قتلتهم كما تريد ، انني افرغت حقدي عليها بهم ، انني انهيت عهدا تكرهه وستكون بعده حرة في الرحيل !

اتركوها ، خلوها

تقدم رويدا اليها كالتائه انحنى على ساقيها الباردتين ياااااااه يا مرعية كان الاسم يليق بكِ ، كان يعنيكِ ، كان قدرك !

عيناه تتفحصانها من اخمصها حتى ناصيتها كانت هادئة وجميلة ، جميلة جدا يا الله لأول مرة يرى امرأة في جمالها

يمرر يده برقة فوق يديها ثم فوق شعرها المجنون الملتف ذاك ، كانت شفتاها مرتاحتين في مرقدهما و عيناها متجهمتان أليس كذلك ، تبدين نائمة

ربت احدهم على كتفه يقول بصوت آمر غليظ : سيد مؤيد لابد ان تذهب معنا !

لا اتركوني لم اشبع منها بعد ، اردتها دونا عن النساء عشيقة ، تشعرني دائما بالعجز ، تشعرني بالرحمة ، تشعرني بالحزن و الوجع ، كلما رأيتها نعم هذا ما اشعره تثير شفقتي و رغبتي ايضا اردت كسر عنادها ، كسر تلك النظرة المزدرية التي ترمقني بها ، كسر جموحها ، واجدني مكسورا بها

لا فقط دعوني انا من سيحملها لقبرها

قام واقفا يطل عليها كاملة لم يعبأ بمن حوله وهو ينحني على ثغرها يقبله برقة يهمس لروحها : فليرحمني الله بموتك فليرحمني الله

شخر شخرة قهر وهو يغلق عينيه مهدودا حين شدد احد الضباط عليه : سيد مؤيد انت الآن تحت التحقيق !

في تلك الليلة حين جاء المؤيد الى تلك العمارة و لف و اخاه الفتاة في بساط ثم حملاها الى السيارة

كانت هي تجلس عند الشباك تفتح هاتفها و تضل تدور بين المواقع التي تحبها و بين اليوتيوب الذي تعشقه حتى جاءتها ملك تقف في وجهها : مرعية يجب ان تخرجي امك تنتظرك لا اريد مشاكل معها

فترد في حماس : حسنا حسنا فقط اريد ان ارى هذه الاغنية

بدات تسمع للنغمات الصاخبة وهي تهتز معها بكل حبور والأخرة تنظر اليها في شزر ثم استدارت عنها : حسنا سأضع بعض البيتزا في طبق و خذيها معكِ

بينما تصرخ مرعية : الفن غذاء الروح

تحدثها وهي تضحك : أصرتِ فيلسوفة

مالت بخصرها ترقص و هي تضع الهاتف عند اذنها : لقد كبرت !

اتجهت للفرن و اخرجت البيتزا التي تفوح رائحتها في كل الشقة دوائر صغيرة تبدو لذيذة ابتسمت لنفسها وهي تأخذ شهيقا معبأ بالرائحة حتى شعرت بالجوع و تحكي لنفسها : الله الله

رتبت بضع قطع في طبق و تركتها جانبا ووضعت الباقي في طبق آخر و خرجت به الى تلك الفتاة التي كانت تقف هناك هادئة الى الشباك تفتح الكاميرا و تصور فاتجهت نحوها تنظر الى الهاتف : ماذا تصورين ، نظرة منها الى الخارج ترى اثنين يحملون بساطا ويدخلونه للسيارة

لم يكن هناك ما يريب ، لم يكن هناك ما يستحق ، لم يكن هناك قلق ولا مؤيد ولا صعاليك ولا سمعة لا شيء سوى لقمة العيش : اخ تعالي ماذا تفعلين تعالي كلي لقمة ثم اذهبي وقت نومك قد فات منذ ساعات و امك ستضربك !

ضربت الاخرى بقدميها الارض معارضتا : لا اريد الذهاب اليها تجعلني اعمل في البيت مثل الدابة .. افففف !

اخذت الاثنتان تأكلان بكل شهية وهن يتفرجن على مسلسل باللهجة السورية

حتى ذاك الوقت كانت مستقرة ، كانت الحياة كما هي عليه ، كانت راضية عنها وعن نفسها ، ان اراد الله لها الشقاء ستشقى ، ستقبل ، هي اخيرا نالت حريتها من الميتم ومن معاملة الآنسات هناك لهن ، كانت تحت رحمة الدولة ، ممنوع ان تخرج ان ترى غير الفتيات في الميتم ، ان ترى غير الحديقة في الميتم ، ان تتكلم مع احد من خارج الميتم ، لم تنجر لعديد الفتيات اللواتي حين بلغن تمردن على الأحكام و القوانين و صرن يدخلن و يخرجن كما يردن ، لقد احببن ، لقد عشقن ، حتى هناك من تزوجن ، لقد حررن ارواحهن وحلقن خارج السرب لم يعد يعنيهن شيئا ، الوحدة ، وحدة النفس كانت جزءا منهن ، لم يكترثن لنظرة المجتمع لهن ، من هن ، من اين اتين ، الى اين سيذهبن ، كيف يعشن ، لا احد يلقي بالا لهن تلك الفئة التي تبحث في عيون الناس عن الامل عن الحرية عن السعادة يبحثون عن القبول في وجه الآخر !

 

كان يجلس منكس الرأس مسود الوجه يمسح على عينيه كل حين يمسح ماءا متسللا ، ما هذا ، أيبكي ! يبكي على من !

كان يستنشق انفه فيمر ماءه المالح الى حلقه يشرق في ريقه فيسعل فتخرج الدمعة بلا رادع : مؤيد نأسف انك ستُجرد من القابك العسكرية و سيُسحب منك سلاحك و ستُعرض للمحاكمة !

من الآن انت موقوف ، ممنوع من مغادرة البلاد !

مؤيد هل تسمعني

كان يهز رأسه ، لم يعد يأبه ، لم يعد هناك ما يمكن منه التشبث به !

كان فقط يبلع ريقه الحار

حنجرته مسدودة وكأن حجر وقف متكوما في منتصفها

يختنق في أنفاسه 

فقط كان يسمع اما عقله فهو غارق : نتفهم انهم تسببوا في مقتل الفتاة لكن هذا لا يبرر لك الجريمة التي حصلت !

كان يعقد كفيه ببعضهما و رأسه يتدلى بين ساقيه منحنيا لها

ها قد جردته من كل شيء قد افتخر به يوما ، ها هي انتقمت منه في عزه في عزمه ، جردته منه ، من نفسه صار عاريا هكذا عرّته لا مجد ولا كرامة !

يقول بصوت غائر متحشرج قاتم غائم : اريد دفنها اولا !

 

 

كان هناك يجر الخطوة وراءها خطوة تعيسة يرفع كفا يجمع شعره حتى يصل الى نهاية عنقه

يزفر يشهق يحترق

قميصه مفتوح حتى منتصف صدره و يتدلى خارج بنطاله و حذائه غير معقود يجره جرا برجليه

يطبق شفتيه على بعضهما البعض

حين خرج ذاك الآخر المصدوم الذي يلف رأسه لفا يرى اخوه وهو يتجه الى سيارته يقف امامه يوقفه بغلظة : رتب هندامك و تعال معي !

ضل الاثنان ينظرا بحسرة الى بعضهما البعض

الكل وجهه مسودا قاتما يكبت حقدا وولعا

وضع قميصه داخل بنطاله و زرره ثم انحنى لحذائه يثبته على ساقيه ركب بجانب اخاه السيارة و انطلقا الى الخارج ، ضلا هكذا لم يتحدث اي منهما ، كل مشغول في شأنه ، في مصائبه ، حين رفع اخاه الهاتف يسمعه يرن حتى جاءه صوت طارق عرفه و اخوه يقول له : طارق افتح القصر و اشعل الانارة وعلقوا الزينة و مدوا البساط واوقدوا القناديل اريد ان يشتعل القصر كله نارا !

بلغ الشيوخ و جماعة الحضرة !

اغلق الهاتف متجهما عاقدا حاجبيه بشدة

اما هو فانحنى يلتقط سيجارة من العلبة التي في سيارة اخاه اشعلها وجعلها تحرق قصباته حرقا

كانت صعبة ، كانت شهية ، كانت لذيذة ، كانت محتالة !

يا الله كيف تعمق فيها ، حقا اول امرأة تمنحه نفسها كاملة هكذا

يرى تفاصيلها بكل هذه الدقة

كان التحدي و الرغبة العارمة هما من قاداه الى حضنها

نعم رغبها ، رغبها حتى منذ زمن بعيد

منذ زمن تثير خياله حتى وهو مع غالية

خطرت له ذات قبلة ذات همس

خطرت هل يمكن ان يكون هو الفحل الذي يشعلها

غاص في مقعده يتنهد قهرا

قد مدت له يدها

مدتها تحسبه مغفلا

ياااااه  يا زهرة لا زال امامك الكثير لتتعلميه

الكثير

حين نطق شعيب بعجب وسخط : ماذا حصل لمليكة !

التفت عليه يحدق في سحنته المتجهمة لم يأتي بهذه الهيئة ، قد صعد لها كالريح المحملة بالعطور ، صعد كالمهاجر اليها !

رأى نظرة الشوق و اللمعة بعينيه

شقيقه يعشق تلك القصيرة نعم يفعل

لعمره لم يره هكذا قبلا

ايتحدث الآن عن مليكة !

خرج صوته غامقا بلا لون : مليكة كانت حامل !

فتح عينا ثم ضيقها بضيق و قهر : ممن !

التفت الى الخارج الى حيث السيارات المتقاربه معهم : المؤيد !

هنا انتفخ صدره حتى ما عاد ينخفض انتفخ غضبا و غيظا هامسا : تلك العاهرة !

اردف : هل تحققت من امرها !

اخرج سحابة فوضوية غمت له عيناه : اعتقد انني اعرف من قتلها !

التقم اخاه نفسا وهو يهز رأسه : الى اين !

قال من بين عيون مغمضة : الى خريبيش !

هناك حين وقفا ارتدى كل منهما نظاراته الشمسية في ملابسهما السوداء و هيئتهما الغريبة و ترجلا من السيارة و مدا الخطوات وهما ينظران حولهما الى تلك الاحياء الفقيرة جدا ، الى خيوط الكهرباء المتدلية بكثرة تزاحم البيوت بعددها ، الى الجدران التي تأن تحت وطأة الرطوبة ، الى ملابس النساء الداخلية المعلقة بلا خجل على الخيوط الرقيقة الى صوت الحصى تحت اقدامهما و شلالات صغيرة من المجاري يتخطونها قفزا

حتى وصلا حين دقا الباب و فتح ، نظر الى عينيهما هما من يقفا امامه بتلك الهيئة المرعبة فكل منهما في قلبه حقد سيصبانه عليه هذا النذل التافه الحقير المؤذي

اراد غلق الباب بسرعة بديهة  في وجهيهما ولكن احدهما قد سد الفتحة برجله و الثاني بيده مطقطقا باستهزاء: هل تجرؤ !

فتح عينيه خوفا و رعبا دخل الى الداخل جريا متأرجحا متعثرا في عباءته وهما يتقدمان و يدخلا الى عقر داره النجسة ،دخلا عليه وهو يرقص بكامل جسده كمن مسه الجان ناداه برفق : تعال لدينا الكثير لنحكي عنه !

دخل الجميع الى تلك الغرفة ، صارا يقلبا النظر فيها والى ما تحتوي وهو هناك مثل الدابة المنخرسة لم يعرف ما ينطق لو يستطيع الولولة لفعلها مثل النساء و لكان جمع عليهم الناس ، ولكنه لم يستطع ، يرى السلاح الذي يلمع على جانب شعيب والذي ابرزه خصيصا كي يراه فيدب الرعب في قلبه وهو يحاول الاختباء خلف حاجاته و طاولته

قال له آمرا: اجلس !

جلس مرتعشا مرتعدا يبلع ريقه كل ثانية وقلبه يدق بسرعة من الروع حتى غامت عيناه و اهتزت العقود التي على صدره

وهما يقفان هناك يتسليان بمنظره الحقير حتى انحنى له يحي يخرج الصوت منه مقتولا مهموسا : مالذي فعلته بي !

اخرج هاتفه من جيب بنطاله فتش فيه طويلا حتى تلفت اعصاب ذاك الذي حاول النطق فلم يقدر الا وخرج متقطعا مرتعشا : مممممااااذااا ترريد

لوى فمه و خرج صوت من انفه محتقرا لسؤاله وهو يرفع صورتها في وجهه : الم ترها ألا تعرفها جاءتك منذ يومين  !

حدق حتى كادت عيناه تخرجان ركضا .. متخليتان عنه ..قد صعد الدم الى رأسه يهزه بلا ، حتى نزلت الصفعة على خده لفته له لفا ، صفعة انتقامية صفعة حقودة حتى تقدم منه يشد على رقبته بقوة حتى اختنق : الن تقول ماذا كانت تفعل عندك ، هل لمستها !

صار يهزه هزا متواترا بقوة و سرعة حتى كاد يزهق له روحه و عيناه تنطقا بما فعل ولم يستطع نطقه حتى انتفخ وجه يحي بالعار يتلظى يغمض عينيه وهو يرفعها في عيني اخاه الذي انتفض في مكانه يهمس : اللعنة !

عاد بوجهه الى ذاك المنحط القذر : ماذا .. كانت .. تفعل .. عندك !

هكذا خرجت الكلمات محذرة متقطعة تنتوي قتله هذا ان لم يقتله الآن قبل ان يسمع منه شيئا

كان بركانا لا زال خامدا ولا زال ذاك الاعور لا يعرف معنى الثورة

خرجت منه صرخة عارمة صرخة قهر و وجهه مسودا :قلللللل تكلم انطق ماذا كانت تريد منك

وضع يده على وجهه كأنه يحميه من ذاك الرذاذ المتطاير : حسنا حسنا سأقول

جلس في مكانه : قل انا اسمعك واقسم بالله اي كلمة غير صادقة سأقطع لسانك و ادكه في حلقك دكا حتى تختنق به مثل الكلب  ، تكلم

كانت الغرفة تتزاحم فيها الشياطين ذرات الغبار المتراكمة و بقايا البخور العابق و الضباب المرافق و خيوط شمس تخترق كل ذالك

: لقد جائتني يوما هي و امرأة اخرى تقولان انني قد عملت سحرا لرجل

لم يتعرف بعد على صاحب تلك الصورة  فالوجوه دائما تختلف بين الصورة و الحقيقة ، صاحب الصورة هنا بدمه ولحمه

هه خرجت من حنجرته متلظية بالوجع يرفع له حاجبه : تابع تابع قبل ان اقص لسانك

: لم اتذكر الرجل لأنه قبل سنوات قد عملت له السحر عن طريق رجل آخر !

غضن جبينه وهنا اقترب شعيب الذي و لحد الآن كان متفرجا انحنى حتى جلس ثانيا ركبتيه و يديه بين ساقيه يحمل  سلاحه و السبابة على الزناد الجاهز لتدمير جمجمة ذاك العفن : رجل من !

انتفض حتى كاد يبكي : لا اعرف لا اذكر اسمه قد احضر لي صورتين صورة امرأة وصورة رجل و طلب مني ان افرق بينهما و طلب ربط جماع للرجل !

قد هبط قلبه الى بطنه قد داخ رأسه قد احتقن وجهه قد اغمض عينيه و اخوه يتشبث برقبة الساحر المقيت يهزه حتى كاد ان يخرج له روحه يصرخ فيه صرخات متتالية غاضبة : قل يا ابن الكلب من هو الرجل قلللل

فتح عينيه و قلب في هاتفه حتى وجد صورة قديمة له صورة من ذاك الزمن الغابر قلب الهاتف : هذا !

فتح الساحر عينيه ذهولا وهو يهز رأسه بقوة : نعم نعم هذا !

جلس تماما واضعا رأسه بين فخذيه وروحه قد غارت في اللامعقول لا يصدق لا يفهم ... زكريا !

يد اخاه التي تشبثت بكتفه : سأقتله ذاك السافل والله لأقتلنه والله !

كانت الانفاس تتدافع مثل الآتون كلاهما لا يصدق ما جرى وسولت لزكريا نفسه ان تفعله  

زهرة تستغفله و تكذب عليه و تلصق القصة بظهر مليكة

مليكة متواطئة مع زكريا

وزكريا دمر له حياته ، حال غالية و حاله وحال بينهما كالموج الغادر !

غاص في نفسه واخوه يشيع سلاحه و يقترب بسرعة البرق من رأس الساحر الذي هوى بطلقة اخترقت جمجمته !

طلقة ترددت بينهم وبين الجدران الغامقة العفنة

طلقت اراحت الكثير من البشر منه ومن نجاسته واستغلاله

طلقة جعلت دماغه يلتصق بالحائط

هكذا قد ارتاحت روحه و سكن غليله

وقف ناطقا : قم قم ولندع ذاك الدجال يتقلب في الجحيم

ضرب الساحر على ساقيه وهو غارق في دمه مفتوح العينين وهما قاما يجرجرا الخطوة الى الخارج الى حيث النور الى حيث الهواء الى حيث المهزلة التي حصلت

الكل يتآمر عليه ، يتآمر ضده !

ركبا السيارة و انطلقا كما جاءا حتى قال شعيب في غل : ماذا ستفعل معها تلك العاهرة !

يقصد زهرة التي لم يكن ليطيقها في حياته والتي كان آسفا حقا ان اخاه كان مضطرا للزواج منها

كان غاضبا منها جدا يشعر انه فعلا يريد ان يشق رأسها عن كتفيها

والآخر يضع يده على جبهته يقول بمرارة : هتان كانت عندها !

كاد ان يفرمل فجأة من صدمته حتى صرخ في اخوه : وتركتها تلك الفاسدة والله .. توقف عما يقول فلا شيء سيفي الموقف حقه ..راح يضرب بيده على مقود السيارة وكله غلا ، لم يعد يقدر.. يشعر انه يريد ان يطلق رصاصه على كل هؤلاء الناس ابتداءا من نجلاء و انتهاءا بزكريا و اخته

 اللعنة عليهم جميعا اللعنة خرجت منه عالية قاسمة للسيارة من علوها و غضبتها حتى بقتله ذاك المشعوذ لم يشف غليله يريد ان يفعل شيئا اسوأ واعظم من ذلك كأن يفجر هذه المدينة على رؤس اهلها ان يستحل دماء الجميع دماء الصديق و الشيخ معاذ و هي !

 

اما عنها هي فقد ارتدت فستانا رائع الجمال ، فستانا من ضمن فساتين السهرة التي جلبتها للعرس ، لم يكن مناسبا للنهار ، ولكنها هكذا تريد ان تسري عن نفسها تريد ان تكون طليقة ، ان تكون حرة نفسها ، ان تستدعي الفرح لقلبها ، هي قد وضعت كل شيء الآن خلف ظهرها ، ستعيش نعم ستعيش أليس هذا ما يطلبه منها الجميع

اختارت فستان احمر قان مقفل عند الرقبة و يضيق عند الصدر و يتوسع كثيرا جدا حتى الكعبين ، اختارت العباءة التي ستلبسها و غطاء الرأس و الوجه ، زينت وجهها زينة متقنة وضعت الكريم و رطبت وجهها والكونسيلر و زينت عيناها و رسمتهما رسما عريضا ثم مررت كحل ابيض  داخلها  ثم رسمت خديها وذقنها و اتقنت وضع احمر الشفاه الغامق بلمعة حمراء مثيرة تسقط حصون اعتى الرجال ، شدت شعرها و اوصلته بالعديد من الخصل الطويلة حتى صار يضرب ردفيها وضعت العطر على جيدها و رسغيها اغمضت عيناها تبتسم لنفسها في سرور ثم وضعت العباءة جانبها تستعد لما هو آت .. امسكت هاتفها وصارت تنتظر !

وتلك التي صعدت اليها تتسلل هي تعرف ان زوجها قد عاد فلا تريد ازعاجها دقت بخطواتها الصالة فاستمعت لها نجلا خرجت تطل برأسها حتى رأتها هناك بمظهرها البريء الطفولي ، فستان كلاعبات التنس يكشف عن ساقيها و شعرها مضفورا و تنتعل حذاءا ابيضا رياضيا يا الهي كم احبت هذه الفتاة

ضحكت في وجهها والاخرى تقف مبهوتة مذهولة تنظر الى وجه نجلا الذي تراه لأول مرة في كل تلك الزينة الى هيئتها و فستانها الرائع على جيدها الصغير

فتحت فاها و عينا وهي لا تقدر على القول : يا الهي

لقد تزينتي و احسنتي الزينة ، صفقت بيدها متحمسة ، تبدين رائعة

ضحكت في وجهها حتى احمر خداها : شكرا لكِ أنتِ تخجلينني برقتك

اقتربت منها اكثر وهي تشم العطر الخلاب الذي يتطاير في كل الجناح حتى التصق بكل ذرة هواء

جلست تضع قبضتها تحت ذقنها : الى اين !

جلست نجلاء مقابلة لها : استعد للذهاب الى حفلة !

عبس وجه ديالا : يا الهي منذ ان حضرت الى هنا لا حفلات ولا متعة كل شيء هم ونكد !

قفزت الفكرة الى رأسها سريعا : ما رأيك ان تأتي معي !

فتحت عيناها في عيني ديالا تسر لها : هل تحبين المغامرة !

همست لها وهي تهز رأسها موافقتا : نعم احب !

ثم تراجعت بسرعة في عقلها الذي يتقلب كما برجها تماما

جلست مستقيمة تبتسم : اخ  ، لابد ان استعد اولا و اعتقد ربما الوقت لا يناسب !

نظرت الاخرى الى هاتفها : اعتقد انه مناسب تماما !

سألتها بسرعة : هل لديكِ فساتين حفلات !

همهت الاخرى : للأسف لا كلها بناطيل وملابس عادية !

التوت شفتها وهي تهمس لها ، ربما لن تحتاجي لفساتين سهرة انا سأدبر لكِ الأمر !

 

 

حتى اذا وصلا الى القصر كانت السيارات تتدافع على البوابة ، سيارات قمة الفخامة بعلامات مميزة اغلبها كان معتما ، وقفا في الصف الى ان دخلا

كان كل شيء قد أُعد وكأنه عرس كبير

الكثير من الرجال في المدخل

الطاولات قد اعدت و الذبائح قد سُويت

الفاكهة و المشروبات و الحلويات و العطور و الالعاب النارية قد حُضرت

مُدت البُسط الحمراء في كل مكان حول القصر في المساحة المخصصة للحضرة

الرجال هناك يرتدون الملابس البيضاء و تعتلي رؤوسهم الطرابيش المرتخية العذبة  

الرجال الذين اصطفوا صفا واحدا يحملون في اياديهم الدفوف يستعدون وهم في مجموعة كبيرة مع بعضهم البعض يرتدون الزي العربي الطويل  

كانت التحايا و السلام يتطاير وهم يرون سيد المكان قد حل عليه

صارا يسلمان على الجميع بوجوه بشوشة

انها حقا الليالي التي يستمتعان فيها

الليالي التي يرتاحا فيها من كل شيء

من الدنيا

من الهموم

من العائلة

من المسؤولية

شيء روحي يتقافز الى ارواحهم ومعها

شيء جميل يسري مسرى الدم

الفناء و الولاء فقط من يسيطرا

ان يكونا من الدروايش لساعات قليلة

ان يرتديا الابيض لمرة واحدة و ينسلخا عن تلك الثياب السوداء المهيبة

عن العقود التي يلفونها حول الرقاب و النعل الباي تابة

هو بحث عن التطهير و التحرر

يريا طارق والهادي اللذان استعدا استعدادا جيدا تقدما لهما بوجهيهما البشوشين يسلمان بالاحضان

كان الجميع يدور حولهما هما من وقفا هناك

دخلا الى الغرفة المخصصة للملابس حين قال يحي : لو فقط قلت لي قبلها كنت جلبت ملابسي معي !

اجابه متبسما : تجرد هذه المرة و البس ما لبسوه قبلك !

قال وهو منشغل عنه في خلع ملابسه وهناك على الكرسي ملابس الحضرة الصوفية ، اخذا وقتا حتى تجهزا تماما ، بدأت الشمس تغيب و قُدمت الموائد  

الاكل على كل شكل وكل نوع كانت الروائح تعمر في المكان : والله ليست اجمل من هذه الليالي الا ليالي رمضان ، قال الهادي بصوت رخيم عال بعض الشيء حتى يسمع اصحابه ما يقوله

فرد عليه شعيب رافعا حاجبه : ولأجل خاطرك كل اسبوع في رمضان سنعمل واحدة سترقص حتى ترضى !

ضرب على فخذه محييا له ثم اكمل الجميع الطعام الذي امامهم

بدأت الموائد تُرفع و الحماس يشتعل و الدفوف تُسخن و يُسمع صوتها جليا بين الحاضرين

في ذلك الوقت دخلت سيارة اخرى هي آخر المدعوين !

لم ينتبه لها احد فالمكان صار جد مزدحم و الدخول صار بلا تدقيق على من يدخل للقصر فحتى الحراس مشغولون بالامر و يحبون ان يسمعوا و يشاهدوا الانشاد و ضرب الدفوف

اعتلى المنصة شيخ صوفي صار يجرب مكبر الصوت الذي صرصر في كل جهة من المكان

الكل يقف متأهبا

بدأت الحفلة و بدأ الدق الشديد و بدأ الانشاد الرائع الشجي بكلمات تتغنى له وحده لله تعالى جل في علاه

لا اله الا الله ... محمد رسول الله

أحب لقا الاحباب في كل ساعةِ.. لأن لقا الاحباب فيه المنافعُ

لقد نبتت لكم في قلبي محبةٍ ... كما نبتت في الراحتين الأصابعُ

حرام على قلبي محبة غيركم... كما حُرمت يومًا على موسى المراضعُ

 

دخل الجمع و زاد الانشاد و الجوقة الموسيقية و زاد ضرب الدف و دخلت الجماعة في المنتصف يدورون على مهل ، يتوازنون يرفعون رؤوسهم للسماء و يبدأون يحلقون حتى تزداد سرعة ارجلهم فترتفع قفاطينهم و تدور كالرحى و ترفع اياديهم لتلتقي بالسماء تلمس النجوم تتخطاها لتعبر المجرات اغلقوا اعينهم عن كل شيء الا عينهم لله لم تغلقِ

كما تابع المنشد

انا فحل الرجالِ .. انا بحر الكمالِ

انا نحضر لاولادي .. بأسم الله العالي

انا فحل الفحولِ .. انا نسل ُ البتولِ

أنا جدي الرسولِ.. خاتم الارسالِ

 

قد انحنت لهم الدنيا ، قد خلت الا منهم ، خفة الجسد و راحة النفس و سعادة القلب ، طيران في الفضاءات وادراك للمعاني

استمر ضرب الدف و صوت الرجال في كل الانحاء حتى كادت الدنيا ان تذوب عشقا وشوقا ان تغلق بابيها و تسرع لربها ها قد اتيت

حتى بدأ الانشاد يخف و توقف الدوران حتى وقف الجميع مقابلا لبعضهم البعض و سمعوا تصفيق الجمع المتجمهر حولهم

كان منظرهم فاتنا عقائديا يثير الرهبة و القوة والحماسة  

جلسوا جانب بعضهم البعض حين بدأ المنشد الجولة الثانية من الانشاد و بدأت الدفوف تدق حتى سرت حمراء وبيضاء ترتديان خُمرا شفافة فوق وجوه فاتنة و فساتين خلابة صار الجمع ينفتح لهما كما فلقت عصى موسى البحر قسمين ،

 صارت العيون عليهن ..شعورهن ..و فساتينهن و قدودهن و جمالهن كان كل شيء غريبا حولهن ، سارتا حتى دخلتا وسط الجماعة تتقاطع قبضاتهن على صدورهن و صرن يدرن وشعورهن تتناثر و اياديهن تنكشف مرفوعة للأعلى ، ظن الجمع انهن ضمن الجماعة

و هناك حيث كان يجلس مع اصحابه حتى لفته لون احمر في الوسط ، شي صغير جميل قفطان رائع الجمال و شعر طويل لامع ناعم

قام من مكانه و الآخرين قاموا خلفه يتحرون الأمر

صار الرجال متحلقين حولهن حين انشد المنشد

انا ابن عيسى الغربي ..ومن سار على دربي

يجمع ويسبح وردي .. ما يخشاش ظالم

من يلوم اولادي ..في تسبيح اورادي

نرموه في وادي .. ما نلقوش ثاني

 

رغم ان رقصهن لم يكن بجودة رقص الرجال و لكن الجميع ينظر مبهورا اليهن و حركة شعرهن الذي بدا كوجه القمر الدوار يتحرك باتقان كراقصات البدو المحنكات

يغمضن عيونهن و يلتهين بالعبادة و الشجن و الخفة

كان شيئا عجيبا

والاعجب حين بدأوا يتقدمون نحوهن

صار الجميع ينظر و يسأل من

كانتا مختلفتين بتلك الزينة و تلك الملابس

كانت ذراعيه معقودتان فوق صدره الواسع  

لم يعرف حقا ولم يخبره احدا ان الجماعة سيحضرون معهن نساءا فهذه اول مرة يحصل فيها هذا الامر

فالرقص و الحفلة رجالية بحتة

ولكن قلبه كان يدق بغرابة

تلف فيلف قلبه معها

تنحني فينحني لها

ترفع يدها ممسكة بالطربوش  فيدوخ رأسه

زينة عينيها اخذت بلبه

ما تحت لثمتها ثغر ابدع الرحمن في صنعه

هل عشق مرة اخرى !

تبا لقلبه الذي يهوى النساء

عض بأسنانه على شفته السفلى يكتم رغبة قد حركت جوفه

رغبة لا زالت قائمة ولم تندمل

حين سأله يحي : ما الخطب ؟!! من هؤلاء !! لم اعهدك تجلب النساء للحفلة يا رجل تريد ان تنكد علينا !

لم يكن لينطق فقط يفكر ان كانت متاحة هذه الليلة للفراش !

ان كان قادرا على ان يجرها الآن الى مخدعه

ان يمسك بقدها بين يديه وان يلثم شفتيها الحمراوين

ان يشبع نفسه منها

قد كانت دخلت خاطره ولم تخرج منه الا بعد ان يجامعها

هكذا كانت في خياله

واما عن الهادي و طارق الذي اسر له الهادي : اتراها تلك الطويلة ذات النهد العامر يا الله ما اجمله ، تناسبك اطلبها فانت الان حر !

نظر له بعينيه جانبيا نظرة تحقيرية على مسمع ومرأى ممن كان يقف معهما مغضن جبينه يدور بعينه على تلك ذات اللباس الابيض

تفاصيل جسدها رغم وسع الملابس عليها كما هو واضح له ولكن خصرها رقيق جدا و ساقيها جميلتين في ذلك السروال الابيض الضيق و شعرها اسود مثل الليل ترفع وجهها للسماء لم يكن ليرى سوى اهداب عينيها

كل لفة بساقيها تضرب عمق الروح

انخفضت ضربات الدف و توقفن وهناك في ذاك الجمع الكبير من الذكور

وقفت هناك مثل الجنية فتحت عيناها

لفت ولفت ولفت كأنها ترقص بين الرجال

الكل صامت

الكل ينظر

الكل يريد ان يفهم

حتى وجدته عيناها ووجدتها عيناه

حتى وقف مفجوعا

مصعوقا

ضربة عملاقة الى صدره

توقف الزمن و الساعات

رابضا يراوح  

غضن جبينه

لا لا

لا يعقل لا

لا لن تفعلها لا

لكنها عيناها

نظرتها

قدها

صغرها

لم يستوعب ما تفعل لا ليس حقيقة هذا وهم هذا سراب

صارت الرؤية في عينيه ضبابية

شيء ضرب عروقه تسلل في دمه

امسك على قلبه و ارتعش جسده و اهتزت ساقيه حتى انحنى ساجدا يحمل قلبه بين يديه

ضربت صافرات الانذار و صراخ يحي يعلو في المكان : زيييين

 

قبلها بساعتين على الاقل

عندما تحركتا سويتا الى غرفة يحي

دخلتاها بكل سرية وهناك صارت تفتح خزائن ملابسه حتى وجدت ضالتها

ديالا في استغراب وخوف : نجلا ماذا تفعلين

فقالت وهي تقلب بين الملابس : ألا تحبين المغامرة ، اليوم ستغامرين ربما بحياتك

ارتفع حاجبي ديالا وهي تتبسم حتى بانت اسنانها المرتبة الجميلة : يا الهي اعتقد حقا انكِ ستتسببين بكارثة !

وجدت اخيرا ملابس الحضرة تناولتها ثم رمتها على وجه ديالا ،وهي تهمس : ليس الآن عندما نصل للحفلة ستلبسينها !

قبل المغرب بقليل وصلتها رسالة تحركت على اثرها مع ديالا الى السيارة متسللتين من البيت في يدها مفاتيح سيارة يحي التي هي كذلك قد اخذتها من على طاولته و القابعة هناك في مكانها ركبتاها وديالا تقضم شفتيها و تضرب خدها : نجلا انكِ حقا ترعبينني يا ويلي من عمي يحي ان رآنا نركب سيارته !

نظرت لها نظرة جانبية وهي تحرك السيارة ثم تتجه الى البوابة ، فتح لها البواب حتى لم يسأل لما تركب سيارة يحي !

اخذت تقودها على مهل في عقلها الف قصة والف حكاية

الف وهن و الف قرب

تحفظ طريقها جيدا فهو ذاته الطريق الذي غيرها

الطريق الذي سحبها للقاع مرة اخرى

أليس هو سبب كل شيء حصل و يحصل

هي ابتعدت عن هذا الطريق منذ زمن الطفولة زمن المراهقة زمن بعيد غابر لم يعد يعني لها شيئا

ولكنه اعادها للطريق بكل ما يملك من جاذبية

لم يعد بيدها اي خيار

ان كان سيسميها من الآن وصاعدا عاهرة

فهي لن تثبت له غير ذلك

ستفاجأه

سيعرف حقا من كانت النجلا و كيف ستكون !

ستكون فاجعة عمره

ستكون الذنب الذي يلاحقه

ستكون الغدر الذي سيضربه

حين اقتربت البنتان من البوابة اخذ قلبها يدق وهي ترى كل شيء كيف كان

كانتا تعبران ليلة من ليالي الف ليلة وليلة

دق قلب ديالا في حلقها وهي تبتلع ريقها

كانت ترفع رأسها تدور بعينها على القصر مذهولة و الزينة و الانوار

: يا الهي ما هذا !أحقا ما اراه !

اطفأت السيارة وهي تقفز مع ديالا الى الخلف حيث الزجاج المعتم وتقول لها : بدلي ملابسك الآن !

حتى انتهت حدقت في وجه ديالا : سنلبس اللثمة و سنتجه للجمع ، هل تعرفين كيف ترقصين مثل المتصوفة !

صفقت الاخرى بيدها ..قلبها لا يحتمل كل هذا الحماس و اللمعة تتطاير من بين اهدابها : يا الهي سنرقص على وقع الدفوف في كل حياتي تمنيت ان افعل شيئا كهذا !

اغمضت عيناها في راحة فهي لم تتوقع ان تستجيب ديالا لها رغم خجلها الشديد ولكن من الواضح انها تحب كل ماهو جديد و غريب و تحب التجربة  حتى همست لها : العديد من الرجال في الخارج لا يجب ان يتعرفوا علينا هل فهمتي ، ان حصل اي شيء امسكت بيدك و خرجنا جريا اتفقنا !

هزت ديالا رأسها وهي لا تحتمل متى تخرج من السيارة لتفعل كل ذلك !

 

وكان يصرخ مفجوعا على اخاه الذي اسود وجهه وكل الرجال انحنوا حوله اعتلى الصراخ بينهم يطالبونه بالذهاب للمشفى : ارفعوه بسرعة فلناخذه للمستشفى

ولكنه لم يقم لم يستطع وهو يقبض على قلبه وهي هناك جرت ديالا بسرعة من يديها و انطلقتا تجريا كاللهب باتجاه السيارة

وهو يهمس لشقيقه : الحق بها الحقها

لم يفهم وهو هكذا قد انسحب الدم من وجهه

حتى رفع رأسه ورآهما تجريان باتجاه سيارة حين دفعه شعيب بيده : قلت لك الحق بها اذهب

وقف ممزقا ما بين اخوه وما بين اوامره : طارق الهادي انتبها له

قال بعدما التقط نفسا غائرا : اذهب

انطلقت ساقيه وهو يراهما تركبان سيارة

فتح عينيه على اتساعهما مصدوما يقف هناك بملابس الحضرة يرفع يداه لرأسه .. اللعنة  ..

كان شعره قد تهدل وهو يسرع الى الغرفة يلتقط ثيابه على عجل و يلتقط مفاتيح سيارة شعيب و ينطلق الى حيث السيارة

كانت الحفلة قد انتهت بكارثة لم يكن احد يتوقعها

الجمع قد تفرق وهو مرمي هناك على الأرض لا يقوى على شيء

حتى الكلام قد فر منه

شل لسانه وانعقدت مشاعر الروح

اغمض عينيه حسرة

لقد اجهزت عليه ، لقد فعلتها ، لم تكل حتى تقتله !

كانت سريعة ، سريعة جدا ، هو لم يتنفس بعد من صدمته بها

لا زال يخطط ما الواجب فعله تجاهها

كيف سيعاملها

هو لن يتجاهل هذا الضرر الذي اصابه منها

لن يتجاوز هذه الخدعة

فكيف تجرأت من اين جاءتها الشجاعة كي تفعل فعلها هذا

زوجته هو . هو الزين .. الذي تخر امامه الرجال

الذي يسقط الجمع في يده مثل الذباب

زوجته هو ترقص بين الرجال

التقط كوب ماء من الهادي الذي كان عبوسا قلقا : مالذي حدث يا رجل

لقد كنت واقفا بكل صحتك !

تحشرج حلقه ب.. هه .. ياااااه هل فكر كل الرجال من حوله مثلما كان يفكر فيها ، هل تمنوها الليلة في مخادعهم ، لقد اكلوها بنظراتهم هذا ما رآه كانت الرغبة تنطق في وجوههم : اعطني بعض الوقت سأقوم لابد ان اقوم و هذه المرة لن اتساهل معها سترى من اكون !

 

كانت تقود على مهل و يدها على جبهتها تحكها ، قلقة ، متوترة ، في الحقيقة هي استمتعت جدا بما فعلت ، نعم استمتعت ، ما الضير ان تحلق مثلهم ، ان تعيش في هذا العالم الرجولي الباذخ

عندما رأت كيف كان يرقص بحرفية ازدردت ريقها

شعرت بقلبها يدق مثل رنين الساعة شيء غريب شيء مبهر

احبته نعم فعلت احبت فعلهم ذاك و ارادت خوض التجربة ،

ارادت ايضا الانتقام

لكل شيء

ماضيها و حاضرها اجتمعا معا كي تنتقم لهما

لم يعد شيء

ان كان سيضرب فليضرب هي امامه فليفعل ما شاء وما طاب له في الخاطر

ان اراد تطليقها فهو يوم المنى

ان اراد حبسها ستستريح منه

ماذا بيده ان يفعل

قتلها

لا بأس فالعالم لم يعد في عينيها يعني شيئا

سيأخذ فقط اثمها

سيدفع ديتها و يعيش في سلام

و التي بجانبها كان قلبها يدق لأمر مختلف

كانت تبتسم مع نفسها بحبور

عيناها تلمعان بشدة

يداها تضرب على فخذها بلحن جميل

تشعر انها قد انتشت

تشعر انها قد وصلت السماء

الجسد صار خفيفا رائعا خال من الهموم

ان تراه في تلك البزة خطف لها انفاسها

ان يطيل الرقص على تلك الطريقة ولا يصيبه تعب ولا وصب قد اخذ بلبها

ماذا يفعل بها

يفاجأها في كل مرة

العم يحي !

حتى التفتت الى الزجاج الجانبي ترفع وجهها الى ذاك السائق الغاضب الذي يسب و يشتم

الى ذلك الوجه الحبيب .. العم يحي

قفز قلبها الى حلقها في رعب وهي تصرخ بطريقة افزعت نجلا التي كادت ان تفقد السيطرة على عجلة القيادة كادت تخر مغشيا عليها تشير الى الخارج : يحي يحي

انحنت الاخرى كي ترى فاذا به حقا هو وجهه لا يبشر بالخير

تبا يشير لها ان تقف جانب الطريق

تعرقت الاثنتان : نجلااااااء سيقتلنا كان صوتها مهتزا بشدة  

استجابت ووضعت اشارة الوقوف جانبا على الطريق و هو كان قد صف قبلها و توقف وفي ثانية واحدة كانت قد وضعت قدمها على البنزين و صارت تطير بالسيارة

صرخت ديالا : يا الهي ماذا فعلتي يا الله

اغلقت عيناها رعبا و خوفا و تلك لم تكترث : فلنرى من سيسبق الاخر في الوصول الى الفيلا

كان خلفها : اللعنة عليكما كان يتخطى السيارات بكل مهارة و هي كذلك رأى كيف كانت تقود كيف كانت تجري لابد انها مجنونة

اي نوع من الاناث قد تزوجت يا شعيب !

قبل ان تصل للبوابة اطلقت من بعيد بوق السيارة و صارت تضغط عليه طوال الوقت و تشير بالاضاءة

ظن الحراس ان هناك ما جرى ففتحوا البوابة على مصراعيها

دخلت تجري و ضغطت المكابح بسرعة و فجأة  وهي توقف السيارة بالعرض الغبار يتطاير و صوت العجلات كانها احترقت

وهو وراءها يجري بالسيارة لا يكاد يصدق ما يحدث كاد رأسه يطير مما فعلن هل وصلت بهن الجرأة الى هذا الحد

كان شديد الغضب

فتحن ابواب السيارة يراهن وهن يخرجن بسرعة نجلاء رفعت فستانها وصارت تركض كالخيل البري و ديالا قفزت من فوق السيارة بطريقة اثارت اعجابه رفع على اثرها حاجبه لا يكاد يضحك ولا يعرف كيف سيتصرف معهن وهو يراهن يجرين بتلك الطريقة

خرج من السيارة بثيابه تلك الازرار مفتوحة و القميص يطير فيكشف صدره و بنطاله ينحسر عن خاصرته و رجليه حافية

انطلق يجري خلفهن بكل قوته

كن يلهثن و قلوبهن تركض كمن في حلبة سباق

ينظرن خلفهن فيرينه على تلك الهيئة فزادت سرعتهن

تصرخ نجلاء : اغلقي عليكِ الغرفة جيدا

دخلتا و اكتافهن تتضارب عند الباب يجرين الى فوق الى السلالم كل تريد ان تحتمي بغرفتها وهو يجري خلفهن

كان صوت الاقدام كوقع الحرب

تخطين الدرجات سريعا و نجلاء تابعت للطابق الثالث و هي تجري حتى آخر ممر الغرف هناك شعرها كان يتطاير خلفها ووجها مبيضا من الصدمة و عيناها منفرجتان بشدة صدرها يعلو و يهبط مثل المجنون لا تكاد تتنفس كل الهواء التقمته في حلقها مرة واحدة وهو تراه هناك وصلت وصلت دخلت بسرعة و اغلقت الباب وهو توقف عنده يلهث يمسك بالمقبض يحاول ان يفتح : افتحي خيرا لكِ والله ما فعلته لن يمر مرور الكرام اخذ يضرب حتى كاد ان يكسر المقبض من شدة دفعه : يهمس بحرارة و هو مغضن الجبين و شعره اصبح كتلة من الفوضى ، صار يتنفس بقوة و هو يضع يداه على خاصرته و يلف في مكانه : اللعنة عليكِ كيف فعلتها كيف !

كانت تقف خلف الباب تسمع همسه و غضبه الذي يصبه على الباب كانت ترتعش تريد قطرة ماء تشعر بالعطش يدها على صدرها الصقت اذنها على الباب تسمع له وهي تجمع شعرها على جانب عنقها تقضم شفتيها ذعرا سمعت خطواته تبتعد حتى انحنت وصارت تتجسس من فتحة المفتاح لربما هو يدور فقط اغمضت عين و فتحت اخرى وهي تركز علاما يفعل

لا حركة لا شيء كل تركيزها انصب الى ما خلف الباب ، انخفض صدرها راحتا وهي تغلق عيناها وهي تطمئن الى ذهابه : تبا ان رآني المرة القادمة سيقتلني همست لنفسها فالتفتت واذا بها تلتصق به شهقة خرجت من حنجرتها تكاد تموت عيناها متوسعتان و الذنب في وجهها

يرى كل تلك الزينة التي تزينتها

لقد فتنت الرجال

حتى الهادي نصح طارق بها

ماذا ؟!!

لقد قال شيئا حول نهديها !

لا يصدق انهن فعلنها لا يزال لا يصدق

هذه جريمة يعاقبن عليها بالذبح الذبح لا غير من الوريد للوريد

كان يمسك بعضدها بين يديه و صدرها الذي مدحوه امامه يلتصق بصدره

شعرها لا زال حرا طليقا

احمر الشفاه الذي تزين به ثغرها

البنطال الجينز المقطع الذي ترتديه و خرجت به من البيت وكأنه لا رجال خلفها ، القميص الذي يكشف ظهرها و حمالة صدرها رفعت كفا الى فمها تغلقه من الدهشة و الصدمة

لقد دخل لها من الشرفة

كانت ترتجف وكانت عيناه قد غارتا فتغير لونهما : أتجرأتِ على الرقص بين الرجال !

همس في فمها و دفيء انفاسه يخترق مسامها بكل راحة حتى تنفستها كان وجهها يتصبب عرقا و زاد احمراره كان يطبخ على نار عالية صدرها يعلو يهبط ، رفع رأسه الى السقف كأنه يتذكر : ماذا قالوا ،، آه ، عاد الى وجهها يحدق في صدرها : قالوا ان لها نهدا عامرا !

تدرين كيف لجملة كهذه ان تثير مخيلة الرجال !

كانت الحشرجات المتلاحقة تخرج من بين انفاسها مثل الرصاص

هذا الكلام يحرجها وخاصتا منه ، منه هو ، يجعلها تغوص في ثيابها منه كيف يجرؤ على قول هذا لها فتحت عيناها بحدة في وجهه : كيف ..لاتجرؤ

اقترب اكثر وهو يشدد على عضدها الذي يحترق تحت اصابعه : لستُ انا من يقول كل الرجال قالوها كل الرجال رأوك و كل الرجال تمنوكِ

تعلمين ماذا نطلق على امرأة قد فعلت ما فعلتِ

عيناها متوسعة في وجهه لا تدري ما تقول وهو يحرك لسانه يقطعها : نقول عنها فاجرة !

و يقال عنها كلام آخر سيصيبك بالجلطة ان سمعته ، لا تلعبي مع الرجال يا غاليتي !

كانت الغرفة مظلمة و لكنها ظنت ان النور قد سُلط فوق رأسها و جعلها منهكة تعبة مستاءة مخذولة ضعيفة لا حجة لديها فهي فعلت ما فعلت رغبة منها ..لا شيء يعيب ان رغبت ان تفعل شيئا تريده ..شيئا تتوق لفعله كأن ترقص معهم مثلا : إن اردتي ان ترقص فلي وحدي تبرزين مهاراتك ، رفع يده الى صدغها يضغط بخفة عليه يرفع غرتها عن جبهتها انزل اصابعه الى ذقنها يرفع وجهها الى وجهه : تعلمي الدرس حتى لا اتوحش معك ِ هل فهمتِ ؟!

ابتلعت ريقها رويدا فشكله لا يوحي ابدا بالرقة ، كان عدائيا ، كان مستفَزا ، قال لها مرة / المرأة التي تهب نفسها لي تبقى لي / وهي قد تخطت هذا الامر قد تجاوزت الحد الذي وضعه لها ، هي قد عرضت نفسها امام مئات الرجال لا عين واحدة بل مئات العيون

اخفضت رأسها تعتذر بهمس : آسفة !

رفعت عيناها وهي تقضم شفتيها امام ناظريه و تلعب بمقلتيها فلا تعود تستقر على وجهه  

كانت شفتاها ترتعشان ترتعشان بشدة في حركة تحذره من نوبة بكاء قد تصيبها

قد اهانها و لكن فعلتها كانت خارجة عن السيطرة ، بما كانت تفكر وهي تقف هناك بين كل هؤلاء الرجال ، تبا انها تخصه ، انها ملكه ، كيف منحت نفسها للجميع هو بالكاد يمسك اعصابه خرج صوتها ممرغا في الحزن : قلت لك اسمي ديالا ديالا ديالا حتى الآن لم تستوعب اسمي ولا وجودي تراني في وجه امرأة ، انا احببت عمتي غالية احببتها حزنت لموتها ولكنني لست هي لست هي !

كانت كل كلمة تنزل على قلبه فتهشمه

لما دائما ذاك يحصل معه يكون في امر فيصبح في امر اخر

لما كل المواضيع دائما مخلوطة ببعضها

أهي خدعة كي ينسى و يتخطى ما فعلت ؟!

غضن جبينه و رفع كفا عن عضدها يضعه فوق شعره يحركه بفوضويه زفر من انفه بحرارة

قد نسيت كل شيء قاله حتى كلمة مهينة مثل فاجرة و تحاسبه انه قال لها غاليتي !

لما أليست هي جزء غال من غاليته

ديالا قد تكون ابنة مهرة ام غالية

ديالا قد تكون اخت غالية

هي ايضا غاليته

نفس الدم و نفس الروح و ذات الجمال الذي يعشق

لولا حالته لكان انهى الامر و تزوجها

لكنه لن يظلم معه امرأة اخرى

لن يفعل

كل شيء صار معقدا صار متداخلا

اقترب حتى مد ذراعا الى الباب يقف و رأسه منحن لرأسها

يقول وهو يبحث في وجهها عنه في عينيها في دمعها : ديالا قد لا استطيع ان افي بوعودي ، لدي مشاكل عديدة ، لا اعلم قد احررك من قيدي يوما !

غار قلبها غار في الظلمة فتحت فاها وتجعد وجهها صدمة : ايقول انه في يوم سيتركها

وما كان كل ذاك الحب الذي في عينيه و ذاك التملك الذي يحدثها به

تأملت حقا ان يقول انه يحبها وانه سوف ينهي هذا العبث بالزواج

واي من ذلك لم يحصل

حتى تمر الايام ولا تراه ، لا يريها وجهه

نعم تفهم ان لديه زوجة ، لكن ليس بعد

هي تتعذب لقربه قد ادمنته ، ادمنت العم يحي ، ذلك الرائع الجميل البهي الطلعة القوي وكل شيء متفرد في الحياة كان هو لما يقطع امالها و يفتت احلامها و يكسر قلبها ، يعني انه لن يجعلها له مثلما وهبته نفسها لن يهبها نفسه !

ادار لها جسده و هو يبتعد عنها

قد فقدته

فقدت ظله

رائحته العذبة

غطاء جسده

فقدت لمسته

ياااااه كل شيء برد فجأة حولها

أهكذا هو هجره

حتى ارتطم جسدها بجسده من الخلف تتشبث بقميصه تمرغ وجهه في ظهره : لا تتركني لا تفعلها انا يتيمتك  

كلمات معبأة بالشجن و الدمع الصادق يبلل قميصه

كان واقفا جامدا يغمض عينيه ووجهه ينكشف لنور القمر و يقع عليهما

كانت طفلة لو كان تزوج منذ زمن لكان عنده بنت في عمرها

ولكنها تبقى انثى

انثى خصها لنفسه

ولا يقدر على الوفاء بالعهد لها

الى حين لقاء زكريا

الى حين فك كل العُقد التي تعقدت بها حياته

امتدت ذراعها حتى التفت و انعقدت امام بطنه و كل جسدها يلتصق به من خلفه حين قالت مبحوحة : أنا اعرف مشكلتك !

انتفض في مكانه مغضن جبينه وهي تكمل : لقد سمعتك تلك الليلة وانت تتكلم مع اصحابك

كانت شفتاها تتمرغا في ظهره تحرق تغزو تخترق تهز رأسها بلا : لن ادعك أنت لي !

هي كذلك تعلن له انه ليس الوحيد الذي يدير زمام الامور ، هي كذلك قد اتخذت قرارا ، قرارا لا رجعة فيه هو وهبها نفسه ايضا ، هو يختلي بها ، هو قد لمس جسدها هو لها وهي حرب مفتوحة لن تقبل فيها الخسارة !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...