الجزء الرابع والثلاثين


 

 

 

الجزء الرابع و الثلاثين

 

الساعة التاسعة صباحا

 

يحيا ... يحيا

همسا يتردد صداه بعيييييدا ، يهمس يخترق الظلمة ، السواد الذي حوله

يحيا .. يحيا

صوت موج يقف امام البحر الموج عال جدا عال ..موج يُغرق ..يقتل موج اسود و رذاذ ابيض

يحيا .. يحيا

يبتلعه الماء فيغرق يغرق يلتف ويلتف حول نفسه يتقلب بين الامواج يغرق في الظلمة الماء المالح يخترق حلقه يخنق نفسه

يحيا يحيا

هزات ارضية تهز روحه و ثقل على صدره اشد و اعظم

ينحسر الموج و يضل على ارض صخرية يدور حوله ينظر لا شيء في الاسفل سوى السواد لا شيء يحيطه سوى الخوف انه تائه يفتح فاه فيخرج دود دود كثير من فمه يضل يتقيء و يخرج كل ما في جوفه

يحيا .. يحيا

هزات تحت الصخور فيسقط يسقط يطير جسده معلق في السماء الخوف يأكله لا لا سيصطدم بالأرض وهاهي هزة اعنف يحيا يحيا

شخر شخرة عظيمة حتى انتفضت روحه التي كادت تخرج

فتح عينيه بعنف في وجه الشمس رأسه ثقيل جدا لقد غرق في نومه وفي احلامه اغمض عينيه لبرهة وهو يضع كفيه فوق بطنه مستلقيا أرضا

شعر لأول مرة بتيبس عضلاته ، النور يخترق عينيه و رائحة جميلة ايضا تخترق انفه يشمها تتسابق الى حويصلاته فتعبأها فينتشي بها

انتفخ صدره و هو يشفط المزيد و عيناه مغلقة يا الله منذ زمن طويل لم ينم هكذا بهذا العمق كان غريقا غريق جدا في عوالم لم يشهدها يوما مسحوب الى العدم الى ما وراء الطبيعة كل شيء كل تفصيل غزا عقله في تلك النومة

لا يدري لما ينام ارضا

بدأ يدور بنظره الى السقف ، باتجاه الشرفة ، الى ما خلف السرير ، الى ما بين اقدامه وهناك كانت

جفناها محمران بشدة و كأنها كانت تبكي و خدها و انفها الصغير ايضا كان محمرا كل شيء كان يقطر منها

يمر بروية على كل معالمها شعرها الذي حررته تغزوه اشعة الشمس فبدا كخيوط النحاس الخالص بديع المنظر يتقاطر الماء من اطرافه فهو للتو قد غُسل و تلبس قميصا من قمصانه باللون الاسود واسعا  يصل الى ما حتى فخذيها و تثني اكمامه الى مرفقيها

كانت تنظر له تبكي ..العبرات لم ترحمها ..يحي كان غريقا غريق جدا

عندما رأته يفتح عيناه بكت اكثر صارت تمسح انفها و عيناها و خداها حتى التهبت

تراه ينظر اليها هكذا فتقترب منه رويدا ، وجهها يضل يقترب على اربع مثل القطة وهو يتابعها بنظره لا يكاد يذكر ما حصل قد قبّلها قد ضاع فيها قد عشقها نعم يعشقها يعشق آخر امرأة توقع انه يقع في غرامها

امرأة مستفزة مثلها ، امرأة خطيرة مثلها ، امرأة لئيمة مثلها، يعترف لنفسه وبعد طول تلك السنين انها قد تمكنت منه ، من احتلال قلبه قد فازت به و المعركة كانت معركتها ، سُكينة قد ملكت روحه لم يعد من جدال ووجهها الحبيب يقترب بدموعه بمأساته ..

لقد داهمته النوبة تارة اخرى يعرف ذالك هذا ما هو على وجهها ، ولكن النوبة كانت مختلفة لم تكن نوبة نصف ساعة او ساعة لم يكن الما عاديا كان طيرانا كان تحليقا كانت روحا تصعد للسماء كان رقصا كان دورانا كان كل شيء عابر للمجرات في هذا الكون ولا زال يستلقي يراها تلك القطة الناعمة الحلوة تهمس .. يحيا ..

اقتربت حتى لامس انفها انفه اغمضت عيناها بولع و حب و لهفة لقد قتلتني لقد خفت عليك كثيرا صارت تلم وجهه بين كفيها تلمس شعر لحيته تمرغ وجهها فيه

رمى بكفه فوق شعرها يحركه و يداعبه ويرفع خصلة منه الى انفه يضل يشمه يبتسم في وجهها الحبيب : تحممتي !

كان نور الشمس مسلطا عليهما هو بكل السواد الذي في جسده وهي بكل النور الذي في روحها رفع وجهها الملاصق حتى التقم شفتيها بين شفتيه مغمضا عينيه وهي استسلمت له راغبة ، كهرباء تعبر الشفتين الى الخاصرة كانت روحه تقفز قفزا تهرول حبا شيء حميم رائع و اعينهما تلتقي مرة اخرى بعدما ذابا في تلك القبلة كانت تشعل رغبته ..الرغبة التي لا تموت ، تغزو كل شيء فيه هبوطا و صعودا

اعتدلت في جلستها و قلبها لا يستقر سيخرج من صدرها وجهها محمر بشدة تعض شفتيها في خجل ويده تمتد تلمس أزرار القميص الذي ترتدي يهمس تارة اخرى : ترتدين ملابسي !

لا يشعر انه يريد ان يقوم ، لا يريد ان يستقيم ، يشعر انه يريد ان يستلقي هنا للأبد ..فقط هو وهي.. هما هكذا كما يعرفا بعضهما يضل يقبلها طوال الوقت حتى يشبع يضل يستنشق رائحتها و يبتلع ريقها في عمق روحه فتروي العروق و يسبح الجسد في المتعة يضل هكذا يهمس اليها يشد شعرها يلمس اهدابها يلمس انفها ولن يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك : ابقي معي !

خرجت محملة بطبول قلبه نعم يريدها ان تبقى ان تكون خليلة ان تكون حبيبة شيء يشعل الوجد و يحرق الجوى فيه

كانت تضع شعرها خلف اذنها وتستمر في قضم شفتيها حتى تكاد تدميهما تتجول في عينيه تبتلع ريقا حلوا يراه يمر عبر حنجرتها ثم ترفع اصابعها فتشد طرف شفتها السفلى يقترب منها اكثر بعد ان انحنى يريد الاستقامة لا يعرف لما ينام على الارض حتى حين صارت يده تلامس اللحاف الذي كان يلفه اراد ان ينحيه عن طريقه فلمس نفسه فوجده عاريا

نظر الى نفسه بصدمة يقلب البصر على اللحاف الابيض الرقيق الذي يغطي نصفه السفلي غضن جبينه بقوة يسأل نفسه يدور عقله يفتش عن شيء في روحه رفع رأسه اليها هي التي تراه يفعل كل ما يفعل ترى توتره ترى صدمته ترى ولا تفسر وجهه فاحمر وجهها اكثر حتى امسك برسغها بقوة حتى ابيضت مفاصله : ما هذا ماذا حصل !

كان صدره يرتفع بقوة على حنجرته يكاد ينفجر يشعر بالدوار وهو يرى وجهها يتقلب هكذا كأنه على نار تنظر الى عينيه تسأل بعاطفة مشبوبة : ألا تذكر !

كان يقلب بصره في عينيها المشتعلتين .. يذكر ماذا !

هو كان في السماء و كان يهبط للبحر ، كان بين الموج والموت ، كان بين الزلازل و الخوف ، كان يهتز بشدة بين كل ذلك !

ماذا حصل !

رفع ذقنها يقرب وجهها حتى تلامست شفتاهما وهي تغمض عيناها بالكاد خرج الصوت وهو يغضن جبينه بعين دامعة :لكنكِ عذراء !

بلعت ريقها اكثر لا تعرف ما تقول تشعر بكل شيء متضاد في قلبها ، الخوف ، الرهبة ، الحب ، الشجاعة ، المغامرة ، الموت لم يعد شيء مهم حين هزت رأسها نفيا مغمضة عينا  !

يحيا .. خرج الصوت متحشرجا بالعاطفة جياشا كل حرف هو اعلان حب هو اعلان حرب وهو صار في قمة تلك الحرب وهو ينظر الى اللحاف الابيض مصدوما يقلبه واذا به يرى بضع قطرات رفع اصابعه اليها يلمسها يمرر يده جيئة وذهابا عليها فتح عينيه على وسعهما مصعوقا .. كيف !!

لا يذكر سوى القُبلة كيف استجاب جسده لها كيف خضع كيف تجاوز كل ما هو غير معقول كيف تجاوز كل السحر

نفث انفه .. الصدمة فقط هي من تسيطر عليه لم يستطع شيئا

قد .. فعلها ..

قد .. مارس الحب حقا

قد .. فعلها

بلا وعي !

نظر اليها مرة اخرى فالتقت النظرات لثانية  قبل ان تبعدها خجلا ترفع ذقنها عنه

سُكينة لم تعد عذراء بسببه في ليلة مكتملة القمر انفصل الحس عنه انفصلت الروح عنه كان خارجا عن نطاق السيطرة ثم غرق غرق غرق

جذبها حتى استلقت على فخذه يلقِ ببصره فيها من قمتها وحتى ساقيها و فخذيها المكشوفين له اغمض عينه لثانية انها ابنة عمه عرضه وشرفه

انها ابنة عمه عزه و عظم رقبته

انها ابنة عمه و أول امرأة يضاجعها حقيقة

حتى ان كان لا يذكر لا يفهم لا يعرف .. قلبه قد توقف عن الدق توقف يأكل شفته

هي المرأة التي تجاوز معها كل عقده ، كل مأساته كل سواده كل سنينه ارجعته الى نفسه في ليلة مكتملة القمر

رفع اصابعه الى وجهها يلفه اليه بخفه بصوت غائر حائر هامس : تذكرين ما حصل !

وضعت يداها على صدغيه تضغطهما بحب تنظر مباشرتا الى عينيه تقلب البصر فيهما يا الله كم تحبه كم تعشقه حتى نزلت دمعة من عينها دمعة عشق لا ينتهي : طبعا اذكر !

كان شيئا رقيقا عذبا جميلا كنت تغلق عينك طوال الوقت لقد ضعت فيك لقد احببتك قد فطرت لي قلبي وكنت تتمتم بكلمات غريبة عند اذني كنت تغمرني في حضنك كنتَ بعيدا كان حبك عظيما لا ادري لقد سحبتنا كلانا الى عمق غريب لقد استسلمت لك برغبتي لم تجبرني على شيء بعدما انتهيت استلقيت على ظهرك هنا كما انت غارقا لم اعرف ما حصل لك لقد كنت بعيدا جدا ..جد بعيد

انا احبك يحيا

وانا لا اصدق

لا لا لا يصدق بقدر ما كان قلبه يتزعزع طربا برغم ان ما فعله معها لا يُغتفر لا يعرف على اي ارض يقف ظن ان الوضع سيقف عند القُبلة ككل مرة ولكن الحالة التي اصابته كحالته عندما يرقص في الحضرة بل ذهب بعقله بعيدا جدا قد اخذته النفس الى بُعد آخر من الحياة !

كانت اصابعها تتعمق في شعره تمس جلدة رأسه تعبر جمجمته فتحرك امعائه يصل الخبر الى دمه فيثور يا الله يا الله لقد حلف في حياته ان لا يمس امرأة ليست زوجته ان يستحل فروج النساء بإذن الله وبكلمة الله ان يكون دخوله شرعيا واول من استحل فرجها كانت ابنة عمه التي لم يتزوج بها عض على شفته حيرانا اسفا ولكن المتعة كانت وتضل تداعبه لقد تحرر اخيرا تحرر !

ولكن بلا وعي بلا حس لا يذكر كيف قام بالعلاقة ولا كيف استجاب لا يذكر شيئا ابدا ولكنها لا زالت هنا محررته من قيده لا زالت بين ذراعيه تداعب شعره تجلس على فخذيه بقميصه شعرها يقطر فيبلل اللحاف الذي شهد ضياع طهارتها الفكرة في حد ذاتها كانت مثيرة مثيرة جدا ان تفقد احداهن عذريتها على يديه وبين ذراعيه ان يكون اول من يلمسها ان يكون هو اول عهدها بالرجال .. تفكير عاهر .. لكنه يثيره يثيره بشدة كان يراقب حركة شفتيها وهي تهمس في وجهه بأنفاسها الحلوة : وما عرف الهوى أحلى على النغماتِ مني أنا !

كيف للهوى ان يعرف احلى منكِ .. أنتِ الصادقة

شعرها كان يتحرك حولها ينشر عطرا و يداها تصمم رقصة و عيناها تبث عشقا تضحك بلا سبب هكذا طربانة فرحة يرى اسنانها المنتظمة الصغيرة الجميلة كانت تخترق القلب اختراقا كان يعض شفتيه يستمتع بكل ما فيها سُكينة اصبحت امرأته ، طرق قلبه بعنف للفكرة ..يريد ان ينهي بها ومعها جولة اخرى جولة يتعرف فيها على كل ما اغمض عينه عنه ، كل التفاصيل ، كل الجسد ، كل الحب الذي عرفاه معا ان يكون في الصحوة بكامل عقله و كامل وعيه يريد ان يرى نفسه كيف يمتعها وكيف يقتحمها وكل الخيالات تجري في رأسه فيُحمى عليه فيميل بكل عزمه على شفتيها كان هذه المرة متوحشا لم يعد في الحب رقة  ، ان يكون الحب عنيفا بقدر توحش نفسه وتوقه لكل ما يرغب ان ينتقم لكل تلك السنين ان يفرغ كل تلك الحشود ان يهوي بها الى عمق سحيق الى الجحيم الى النار الى اللهب الى الرقص و الثورة و الحرية الى بداية البشرية حين قالت حواء لآدم .. يا آدم هذا طيب زدنا منه ...وهي استسلمت و تركته هذه المرة تتعلق بعنقه تدفعه الى عمق فمها هناك حين يلتقي ريقه بريقها لسانه بلسانها كل شيء اصبح لا يعقل وهو يقطّع القميص عن جسدها يرميه بعرض يده التي التصقت بنهديها  وما عادت تريد تركها يقلبها حتى صار فوقها بين فخذيها يمر بعينيه عليها بدايتا من شعرها النحاسي الذي يرتمي حولها كأشعة شمس حارقة و حاجبيها و عمق عينيها و حلاوة شفتيها الى عنقها وكتفيها الى بروز نهديها الى بطنها وسرتها وخصرها و فخذيها و ساقيها تفاصيل انيقة جميلة ابدع من سواها

انحنى برأسه يداعب بخفة ذقنها يعض عنقها و يقضم اذنها كانت تتلوى تحته مثل الحية صار يمرغ شفتيه و انفه و يداه  على جسدها تمريغا وهي تأن تكاد تصرخ يثير كل خلية فيها يرفعها للسماء و ينزل بها لعمق الارض كان يموج بها و يموج معها تركت نفسها رهينة فاتحتا ذراعيها على جنبيها رأسها ملق الى الخلف شعرها يتطاير عندما حملها من خصرها بين يديه وروحها تحلق تركت نفسها حبيسة السواد حبيسة اللذة طليقة الروح كان شيئا غريبا يسري في اوردتها بين شعيراتها الدموية شيء خارق للطبيعة صوته همسه ولعه لهاثه قوته وكل شيء حدثتها به خاصرته كل شيء القاه هناك في الظلمة كل شيء ما عاد يعقله كل تفصيل لا يفهمه كل الاثارة كل الهوى كل المتعة كان يستودعه في رحمها حتى آخر صرخة سقط جانبها مغشيا !

 

 

الساعة التاسعة مساءا

همس يحيا .. يحيا

البحر يقترب بسرعة عجيبة عجيبة جدا يغمر قدميه ، حوت كبير يقفز امام عينيه اسماك كثيرة ميتة على الشاطيء يلتفت حوله خلفه فيرى الرمال تتحرك تموج كموج البحر

يحيا يحيا

ينظر تحته حفرة يسقط يصرخ في الظلمة عمق سحيق جدا يتقلب  بين النجوم ملك معلق بين السماء والارض في يده حربة ..صاعقة تنزل يراها رؤى العين برق يتفرق

يحيا يحيا

حرب فوضى موت دخان دخان عظيم يغشى السماء وبيت اهله هناك في الاسفل والثورة تتقدم و تنهب كل شيء و الملَك يصوب حربته الى الارض

يحيا يحيا

في بيت اهله يجري يصرخ يرى الحرب يرى اشياء تنفجر في السماء اشياء تخرج من فتحات عملاقة بين الاكوان اشياء تسقط تقترب تقترب بسرعة شديدة سقطت سقطت

شخرة عظيمة اخرى خرجت من حنجرته حتى فتح عينه مفزوعا مذهولا يتصبب عرقا يلهث خوفا

الليل قد حل ينظر للسقف يطيل النظر ..جسده ثقيل .. ثقيل جدا .. لن يقدر حتى عُصبة قارون ان تحمله .. جبال شامخات تربض فوق صدره يعود بالذاكرة للخلف فيغمض عينه يبتسم لنفسه ،منتهى اليقظة نهاية الحب بوح الروح عناق الجسد كل شيء قلب حواسه ، يفتحها ، ضوء خفيف هناك في الزاوية وهي تجلس هذه المرة بملابسها التي جاءت بها.. في يدها قطعة شوكولاته تأكلها على مهل وهي تنظر الى هاتفها تلعب بخصلات شعرها الذي ينطلق حولها مثل الحبال الشائكة ينعكس لونه على وجهها فيراه منيرا كضوء القمر .. تارة تضع يدا على شفتها وتارة تعدل من وضع بلوزتها او تضع يدها على صدرها تلعق شفتيها و تضيق عينيها  تلم ساقيها الى فخذيها .. كيف يراها هكذا كيف لم يرها قبلا هل كان اعمى البصر و البصيرة ، رغم انها قد تكون تافهة ولا شغل لديها ولكنها مليئة بالحماس و الحياة و الاصرار على ما تريد وهو كان في جملة من تريد وها هي ذي في غرفته وقبلها كانت تتأرجح على الحب معه .. مخلّصته .. لما هي لا يفهم لا يعرف .. غلبته يعرف انها غلبته و قيدته و اغوته و أحبها !

أحب ثقتها في نفسها قد فقدت شرفها او ما ندعي انه الشرف وانه هناك في تلك الحفرة بين الفخذين ، لم تبكي ولم تولول ولم تسأله الزواج كانت ثابتة لها قرار غامرت بكل شيء من اجل حبه !

ان علم اهلها واهله بالذي حصل سيتبرآ منهما ثم يقتلونها ، يقتلون هذه الغالية التي في عرفه وعقيدته تضحي بنفسها ، عندما ينظر للأمر من زاوية اخرى يجدها فعلا اضحية ، اضحية قدم دمها قربانا للسحر قربانا للنشوة ، لن يتركها تموت بسببه و لن يتركها تواجه كل الامر وحيدة حتى ان انكرت حاجتها له فيما تفعل ، اخذت الامر ببساطة

ان خسرت عذريتي .. ماذا يعني !!

ترفع رأسها تراه مستيقظا ينظر اليها  يرفع يد و يضعها خلف رأسه يرميها بنظرات كاللهب كانت تبتسم في وجهه تهمس : الجميع كان يدق ، البيت عامر اليوم ، جاء اخوك بزوجة و ابن ، اهل نجلاء كانوا هنا يحددون موعد زواج صبا ،، ابوك اخرج المؤيد من السجن بشرط ذهابه للحرب و سالي عادت الى البيت وانا قلت انني مدعوة عندكم !

رفعت حاجبا مشاكسا وهي تقوم بحركة غريبة بملامح وجهها

كان يستمتع بكل شيء كل شيء تقوله تحكيه ترويه تنطقه عيناها الصغيرة ذات الاهداب الكالحة الكثيفة كل شيء حولها صارا ضوءا صار طريقا صار عبورا تجلس على السرير حتى اهتز بهما سويا ترفع اصبعا تداعب به شفته السفلى : و أنت ايها الفحل العظيم ستنظر في امرك وما الذي يصيبك !

قفزت الفكرة في غمرة : سنتزوج !

فتحت عينا و فاها دهشة تضحك تقول برقة : لست مجبر فما فعلته أنا من سعى اليه اردتك انت اردتُ روحك اردتُ حبك اردتُ ان اشمك ان اكون بين ذراعيك ان اكون امرأتك .. انا قد وهبتك نفسي بلا اسف !

كان يعض شفته على كل كلمة نطقتها كل احساس في عينيها كل همزة من شفتيها التواصل بينهما صار روحيا صار عفويا وملائكيا صار رهيفا رقيقا جميلا حماسيا ، كان كل البذخ الذي يحمله جسدها في قبضته وبين يديه فعل كل ما يشتهي كل ما يحب كل ما آمن به في الحب وهي كانت جريئة في الحب تعطي و تستمتع بلا اسف ولا ضمير بلا تفكير في اهل و قبيلة و عشيرة بلا تفكير في شرف وعار و استقامة.. امرأة.. وهبت نفسها للحب وهو لن يبخسها قدرها !

امسك برسغها : سُكينة انتِ ابنة عمي ولا اريدك ان تتورطي في امور اخرى اكبر منكِ كزواج آخر مثلا !

قام قاعدا وعيناه غائمة بالعشق يهمس : هذا ليس عبثا ، انا احبك !

صمت صمت .. العيون فقط تتكلم تتحاور تلتقي تبحث عن الصدق في عيناه ووجدته نعم هناك في لهفة الضوء ترى العشق ترى القناعة الاثارة عيناه لا تكذب ابدا لم تكذب قد احبها يحي يحبها شيء قاتل مثل الوعد مثل السيف مثل العمر يحي يحبها

..اقشعر جسدها حتى وقف شعر رأسها ..كهرباء مرت عبر عمودها تضرب عنقها برد عاصفة مطر ماء بلل ضمت نفسها بقوة ترتعش شفتاها شوقا .. ابتلعت ريقها .. لا بل لم تفعل ..وقف هناك في منتصف الحلق لا هبوطا ولا صعودا صدرها يهبط و يعلو في سرعة و يهتز قميصها من شدة ضربات قلبها يدها ترتعش عيناها غامت وجدَا .. تكاد تشعر بالدوخة قد صام الكلام عن حلقها قد سكن الروع فؤادها صوت خرج لا تعرف من اين ، يقطع الصمت بينهما : تفعل !

شدها من عنقها يا رب لم يعد يقدر على السيطرة على نفسه يغمض عينيه بقوة تخرج الكلمة من عمق الروح بصدق المشاعر متحشرجة منسابة طائعة للسانه عيناه تروي قصة و صوته غاب في اللهفة : وانا الصادق !

كان يريد تقبيلها مرة اخرى كي يشفي غليل النشوة ان ينهل من بحيرة شفتيها العذبة وهي جميلة رقيقة مثل السمكة ، يداعب برقة حلمة اذنها فيرتعش جسدها  لولا انه لا يريد ان يغرق ثانيتا في تلك الحالة يريد ان يحتضنها بعد كل شيء بعد كل النهايات حين يلتقي بها هناك عند المنتهى  

تنفس عميقا يحررها من يده يبعدها على مضض لابد ان اخرج لابد !

تحرك من مكانه وهو يتناول لباسه الداخلي يرتديه ثم يقوم مستقيما يلف حول السرير وهي لا زالت تجلس هناك لا زالت تحمر وجسدها لا زال يهتز عند رؤيته هكذا لا زالت تنظر له برغبة حذرها وهو يلف رأسها عنه : دعيني افهم اولا !

دخل الى الحمام و هو يسحب هاتفه معه اقفل باب الحمام عليه وهو يطلب رقم الهادي الذي رد عليه فورا يقول له : هادي اريد رؤية الشيخ حالا .. نعم سآتي اليك .. في غضون الساعة سأكون معك حسنا !

فتح الصنبور و صار يتحمم كلما غمر الماء جسده يشعر انه قد ازال كل الخطايا عنه كل المساويء كل المأسي كل شيء كان ينزل الى نهايته الى عمق الارض الى مجاريها سُكينة صارت ملكه امر واقع بالقلب و الجسد يرفع يده يدفع الماء الى ما وراء شعره يغمض عينه يريد ان يركع بعدها ويسجد ان يصلي لله طويلا كما لم يفعل قبلا ان يقيم المآدب و الاحتفالات لا يكاد يصدق لا يكاد يخرج من هذه الحالة فكل ما حصل جنون كل ما يجري خارج عن الواقع كل شيء اشبه بالحلم فلربما استفاق و كان حقا حلما فتح عينه بسرعة و قلبه يدق بحسرة ضربة خوف ضربت صدره حتى غضن جبينه مليا لا ليس حلما خرج قبل ان يغلق صنبور الماء يلف المنشفة حوله كله يقطر ماءا يفتح الباب بسرعة حتى افزعها هي من كانت تجلس في مكانها تنظر الى هاتفها تلتفت اليه بفجع بعينين مفتوحتين تراه على ذلك المنظر كان كمن رأى شبحا اقترب منها بسرعة حتى غمرها في احضانه التصقت كلها فيه بماءه و شعره و منشفته كل شيء يداه تلتف بامتلاك حول جذعها من خلفها وجهه في عنقها خلف اذنها يغمض عينه يتنفسها يهدأ من روعه ، لا يعلم ما يحل به يخاف الفقد يخاف الماضي ويدها تتعلق في يده وتريح ظهرها على صدره : لن تغادري قبل ان ارجع

زفرت من انفها وانفرجت شفتاها حبا فهي تكاد تطير تكاد لا تعرف كيف تعامله بالمثل كيف ترضيه كيف تحبه : اعدك !

قبّلها خلف اذنها وهو يتنفس عميقا يتركها من يده و معدته تتدغدغ ارتدى ملابسه على عجل سرح شعره بيديه لبس حذاءه بخ عطره فصار كالسيف يخترق جوفها تعشقه تعشق يحيا تعشقه لا تفسير اكبر من العشق لما تشعره فهذا الرجل قد صار لها ملجأ ووطنا

اقترب رويدا منها قبّلها في فمها حتى التوت رقبتها تركها على وعد ثم خرج

في سيارته صادف ان فتح المذياع وكانت هناك قصيدة بصوت القيصر  تضرب في العمق

قالت .. قالت لكل الأصدقاء .. هذا الذي ما حركته اميرة بين النساء

سيستدير كخاتم في اصبعي .. ويشب نارا لو رآى شخصا معي

سترونه في يدي اضعف من ضعيف .. وترونه ما بين اقدامي كأوراق الخريف .. يا مستبدة !

انتِ التي اسميتها تاج النساء .. حني على قلبي .. حني على قلبي و مزقيه لو أساء .. أنتِ التي .. انتِ اللتي

 

كان يستمع لها في صمت حتى حفرت كلماتها العقل ،،تنساب الموسيقى في روحه بكل يسر كان صدره مفتوحا منشرحا  فتح الباب و خرج الى حيث هناك الهادي كان واقفا ينتظر ، تعانقا بود و سلما بحرارة : كيف حالك بخير !

صارا يمشيا حتى دخلا ويد الهادي تنعقد خلف ظهره مع بعضها في حركة تشبه حركة العجائز منذ زمن سحيق يرفع رأسه لصاحبه : مالذي خطر ببالك هل من جديد رد عليه : ستعرف

هناك حيث كان يجلس شيخ جليل في ثيابه البيضاء و طاقيته البيضاء و لحيته البيضاء ، شيخ عاش من العمر الكثير و راى الاكثر ، وقور مشرق الوجه ..شيخ رأى من حالات السحر ما يفوق طاقة اي احد و العديد قد شفي على يديه ، قام مبتسما في وجه الاثنين فسلم عليه يحيا محييا اياه بحرارة جلس الجميع في المجلس الذي اُغلق عليهم هم الثلاثة حين شرع يحي يحكي كل شيء كل شيء مر عليه من قبل  سبع سنين و حتى اللحظة الفائتة غير انه بدّل وصف عشيقة  بزوجة !

تفهم الشيخ كل شيء قد قاله فقال في صوت سمح واثق وهو ينظر لعينه مباشرة : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

يا ابني يا يحي السحر عالم لا يعلم به الا الله ، ولا يخطر ببالك ابدا ان السحرة هم من يسيرون الجان و الشياطين بل العكس هو الصحيح كما

قال كتاب الله / وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)

 

السحر يا ابني لا يصيب الا اذا كفر العبد بقدرة رب العالمين وان اصاب فهو لقلة الدين و العلم و الهدايا و النجاسة

استطيع ان افسر لك ما يحصل معك الآن بعدة تفاسير والله اعلم بها ولكن فلنأخذ بالأسباب

هناك انواع من السحر منها الغالي ومنها الرخيص ومنها ما يجدد نفسه ومنها ما يجدده طالبه كل حسب المدفوع من المال !

قد يكون موت الساحر ساعد على فك الربط ولو قليلا فالجان المكلف في خصرك  و المعقود في دماغك يدوران الآن بحثا عن ساحر آخر يتبنى السحر فهذا الواقع لم ينتهِ بعد أو ربما الساحر لم يكلف حراسا على السحر فبموته ينتهي السحر !

معرفة المسحور انه مسحور و ان يعرف ساحره حق المعرفة فهو ايضا يفك السحر.. ان يكون السحر قديم وليس هناك من يجدده اهمله الساحر و طالبه وبمرور الوقت يبطل ولو مات حارس السحر وهو الجان المكلف به فهو يبطل 

يا ابني

لو كان الجسد هو الفيصل فى الشهوة الجنسية لانمحت الفوارق بين الانسان والحيوان، ولكن النفس هى العامل الأساس فى الجنس، والجسد هو مجرد المجال الحيوى للنفس فى ممارسة الفعل الجنسى. وعليه فاذا كانت النفس مريضة بالتخلف الدينى،وتعتقد فى كرامات الأولياء ومقدرتهم على سلب القدرة الجنسية فان صاحب هذه النفس المريضة سيظل (مربوطا ) حتى لو كان فى قوة الثور...سيظل مربوطا مثل أى ثور...ولن يكون علاجه إلا بالايمان الصحيح، أى بالتحرر من خرافات الأديان الأرضية

وما حصل معك هو تحرر ربما اثرت الحضرة على قواك العقلية قد تكون انت دخلت حالة نفسية بعيدة تماما عما شعرت به قبلا الله وحده اعلم

ولأكن صادقا حالتك نادرة بين الرجال رغم علمي ان الالاف من الرجال يربطون عن زوجاتهم فقط حتى لا تتم دخلته عليها او ربطه حقدا وحسدا على الزوجة حتى يصلا للطلاق وللأسف هذه الحالات غالب الوقت تقف في المحكمة في مواجهة بعضها البعض بأسباب بعيدة تماما عن الفراش .

يا ابني يا يحي سأقوم الآن برقيتك الامر قد يتطلب عدة ساعات ستشعر بتغيرات في جسمك وفي صدرك ستتثاؤب كثيرا وقد يغمى عليك حتى ينطق من في جسدك هل انت مستعد

اشار برأسه نعم نعم انه مستعد سيفعل اي شيء كي يتخلص من هذا الكابوس هذا الدمار النفسي الذي تسببوا له فيه تلك الحفرة العميقة التي رموه فيها بلا وازع ديني ولا ضمير يذكر

جلس على الارض امام الشيخ الذي وضع كفه فوق رأسه وبدأ بتلاوات قرآنية قوية ايات السحر و الشعوذة ايات البقرة وال عمران القلاقل و الدعاء كان الصوت رخيما قويا مكررا يخترق الجدران تأن من قوته الطلاسم

كان يشعر بالدوخة كان رأسه يطير في الهواء كان يفتح فمه على مصراعيه في تثاؤب تشقلبت عيناه حتى بان بياضهما ..يتعرق يرتعش بشدة ضيق الم في صدره الم عظيم لا يحتمل صدااااع يفجر رأسه ضجر يشعر انه لم يعد يحتمل كان غائبا حاضرا يسمع في الغيب من عقله كان الصوت يخترقه يخترق حواسه يخترق النفس والروح و الفؤاد و العقل وكل خلايا جسده كان شاخصا ببصره للأعلى وصوت الشيخ يتردد صاعقا قاتلا

وهو سقط على وجهه على الارض الشيخ ابعد بيده الهادي عنه يحذره بعينه ان يتدخل اذا زلزلت الارض زلزالها واخرجت الارض اثقالها و قال الانسان مالها

وصار يكررها لاكثر من عشر مرات وهو يقترب من اذنه ينفخ فيها ما يتلو

حتى انتصف عليهم الليل وما بعده الساعات تمر فوق جسده كالشاحنة العملاقة

بدأ يعود لوعيه برودة عجيبة تسري في اطرافه تتسلل رويدا على كل جسده يفتح عينه ينظر حوله كان غائبا بعيدا جدا كان الشيخ يردد الادعية القرآنية و يختم بالمعوذات حتى سكنت روحه و انخفض صدره الذي انفرج انفراجة عظيمة كان هما كبيرا قد ازيح عن كاهله

يسمع صوت الشيخ : يا يحي ، هل تسمعني

جالسا هناك كل شيء ضوء كل شيء واضح عيناه كانهما تستكشفان كل شيء من جديد كل شيء مفتوح له على مصراعيه

يحي هل تسمعني كان يهزه

حتى نظر في عين الشيخ الذي ابتسم له : بما تشعر يا يحي !

رفع كفا الى صدره يتنفس وكأنه اول مرة يفعلها شيء كالجاثوم كان كاتما انفاسه نطق بصعوبة : بخير انا بخير

اشعر كأن صدري قد انفرج لا قلق ولا خوف ولا صداع كل شيء صار جليا امام عيني !

ضحك الشيخ حتى بانت نواجذه : سنقول الحمدلله على سلامتك يا يحي

العارض كان ضعيفا في جسدك كان مستسلما والله اعلم ما بينك وبين الله حتى يضعف بهذا الشكل وهو يضرب على ظهر يحي مربتا بمحبة  

كان الشيخ متأثرا بشدة حتى كاد يبكي فكلما مرت عليه حالة سحر كان يشعر بالأسى والخوف على المسحور فهناك سحر لا يفك حتى بعد موت صاحبه و يحي ولله الحمد لم يكن يدقق في مسألة السحر ولم يكن يعرها بالا بل كان يحاول وفشل ثم فشل ثم فشل حتى تغلب على نفسه في روحه لا يعرف الشيخ ان كان هذا قوة ايمان او مجرد لا مبالاة !

تنهد الشيخ وهو يخرج له صرة صغيرة يمدها له : هذه اوراق سدر مدقوقة ضعها في ماء و اغتسل بها وقبلها اقرأ عليها القلاقل و آيات السحر بعدما ترجع للبيت ويا حبذا لو اغتسلت زوجتك منها ايضا كي نختم الحكاية

استمع للرقية الشرعية كل يوم و لسورة البقرة لأربعين يوما و سترى العجب .

كان صامتا صمت الحملان بالكاد يتنفس : حافظ على صلاتك و اذكارك صباحا ومساءا ولن يصيبك الا ما كتب الله لك !

نظر الكل الى بعضهم البعض قام الشيخ من مكانه يمد يده بكل حب له وهو ينظر في عينه :سأرسل لك مع الهادي ماء الرقية تشرب منها كل وقت ..! نظر له وودعه

خرج معه الهادي يوصله الى الباب وهو وقف هناك وحيدا يتطلع الى كل الجهات يشعر براحة عجيبة عجيبة جدا سكينة غمرته اغمض على اثرها عينه ثم فجأة اهتز صدره بقنبلة عملاقة ارتمت على صدره حتى ارتد في وقفته يداه تلتفان حوله وهو يبكي كان حقا يبكي الهادي يبكي صار جسده يهتز كله مع بعضه : يا الله لم ترى منظرك وانت تسمع وكأنك في عالم آخر قد خفت عليك خفت ان يخرج العارض بروحك .. كان يربت بقوة على ظهر صديقه بكل الحب و المآزرة سُمع صوت شخير بكاءه في كل الارجاء وهو ايضا كان يدمع لم يستوعب وهو يحضن صديقه بحرارة : الحمدلله على سلامتك يا رجل الحمدلله على السلامة !

 

 

ما بعد العاشرة

كانت هي تجلس قلقة لا شيء هنا يسليها ، تدور في غرفته تلمس اشياءه تفتح خزائنه تبحث في ملابسه تشم عطرها ترفعها الى انفها و تغمر وجهها فيها تضل تدور تارة تدخل الحمام لتعدل على شعرها او تحدق في شفتيها تغمض عينيها فتنتشي فتخرج منها آهة تخمدها بسرعة تخرج مرة اخرى تدور بعينها على كل تفصيل كل شيء حولها ، تجلس تتضايق من نفسها فهي لم تغير ملابسها وهذا شيء لا يعجبها لا تحب ان تبقى بملبس واحد ليومين متتاليين ، جلست تقلب في هاتفها اتجهت الى قناتها على اليوتيوب و ببساطة مسحتها !

تنقلت على كل صفحاتها الاغرائية و مسحت كل شيء فيها وكأنها لم تكن يوما ، لن تعرض هذا الجسد الا له لن يراه الا هو صارت قداسة حبه خط بلا رجعة ، القت الهاتف من يدها تضع قبضة تحت ذقن تعاود في مخيلتها كل ما حصل بينهما وحتى الآن تبقى الفكرة كانها لم تحصل غير متخيلة اندفعت بلا اي رادع بلا اي قانون محطمة كل شيء في طريقها ، قلبها ما عاد يحتمل فراقه

تنظر للساعات تمر امام عينيها

لقد غاب غاب كثيرا غاب وما عاد حضر ، حتى شعرت بالخوف الشديد الشديد جدا لا تعرف تخاف ان يغتاله احدهم كما حاولوا المرة الماضية تخاف فقده ان فقدته ستقتل نفسها وهذا وعد على عنقها

لا تهتم حقا ان كانت ستشاركه مع كل نساء العالم مع الشريفات والعاهرات لا لم يعد يهم ، علمت هذه الليلة انها اول امرأة في حياته هي نعم هي اول امرأة يعاشرها يحي فلا يهم ما بعدها كانت هي الاولى و للاولى دائما ذكرى لا تُمحى !

وقفت و ضلت تبحث بين الثياب كل ملابسه سوداء ، يحي اسودت ايامه ساعة فقد تلك الحبيبة قد مات بعدها ماتت روحه ولم يهب نفسه لأي انثى ، كان مخلصا ، لا تعرف ان كان قد لمس غالية يوما ولكن هي بالنسبة له كانت ايضا شيئا !

تحك رأسها لا تعلم فبقائها هنا قد طال وقد لا يرضى اهلها عن بياتها في الدار رغم ان احد هنا لا يعلم انها حقا هنا !

كل المعلومات مررتها لها ناجية التي اتصلت بها تخبرها وهي تزغرد ان سالي قد رجعت !

ابتسمت تمنت ان تكون هناك بينهم تأخذها في احضانها تحملها وتقبلها و تدور بها في الدار تنهدت براحة عميقة عميقة جدا وهي تغمض عيناها الحمدلله ان كل شيء سار بخير حتى الآن !

صار الوقت الثانية بعد منتصف الليل وهي لا زالت وحيدة و قلقة حتى سمعت رنت رسالة جرت الى هاتفها ترفعه فرأت ما كتب لها .. انزلي بكل هدوء و تعالي انا عند البوابة !

لبست حذائها بسرعة ووضعت هاتفها في جيب بنطالها ثم فتحت الباب بكل هدوء تعرفه تنظر الى الممر الهاديء لا احد ربما فقط كاميرات المراقبة ولكن عيسى لن يشي بسيده الى ابوه !

خرجت تتسلل بسرعة عجيبة وقلبها يطرق كطبول الحرب

خرجت حتى قابلها هواء عليل مدت رجليها تجري ويتطاير شعرها خلفها صارت تلهث حتى وصلت هناك فتح لها الحارس البوابة واذا به داخل السيارة بقامته المديدة ووجهه الجميل الذي تعشق ابتسمت لعينيه بكل الحب الذي تحمل حتى وضعت يدها على قلبها بلا وعي

يراها تتقدم لا زالت جميلة لا زالت نظيفة بتلك الثياب التي تعجبه حقا عليها رغم فضحها لنهديها الذي يعشق و يكشف ساقيها التي قبّل و ردفيها التي ضاجع كان صدره ينتفخ والهواء معبأ فيه كأنه لن ينضب امسكه بين اضلعه وما عاد يطلقه عض شفة وهي تركب وفي تلك العتمة التقيا في قبلة جامحة قبلة بها الكثير من الوعد حتى ابتعدت عن مدار شفتيه تلهث وعيناها تدمع مسحت الدموع وجلست بهدوء جانبه لم يكن لينطق فالقُبلة قد اخبرت كل شيء بالكاد كان ينطق وهو يغرز اصابعه في عمق شعره : سآخذك للبحر !

لم ينتظر منها ردا كان فقط يقود في طريقه كان هادئا مطمئنا الليل والعتمة الضوء و الفراش الشارد وقلبه ماذا عنه يرزح تحت ثقل كبير ثقل حبها قد غيرت كل شيء فيه تلك الشقية

كانت الانوار تمر عليها و البيوت و الاشجار ثم البر لطريق البحر طريق طويل بعيد عن المدينة لا ترى المدى كانت فقط تتابع كأنها خارجة من الزمن لا تصدق كل ما يحصل انهما يسرقان الحب !

هناك في ذلك المكان وقف ثم نزل ليفتح بوابة بالمفاتيح رجع الى مكانه قاد الى الامام ثم خرج مجددا واغلق البوابة خلفه

لا تعرف هذا المكان لا تعرفه ، فيلا محاطة بسور كبير عال جدا اعمدة في كل مكان بيضاء مزججة ..الاشجار تحيطها ..نزلت معه سمعت صوت الموج ..صوت هاديء ..صوت البحر خلف تلك الاسوار وتلك الأشجار ..امسك بيدها بين اصابع قوية كانت يده اكبر من يدها بكثير غرقت فيها ، لم يتكلم لم ينطق كانت تمشي خلفه حتى فتح الابواب باب وراء باب فتح الإضاءة وبانت فخامة الفيلا من الداخل ، وهناك خلف ذلك الزجاج كان الرمل وكان البحر فتح الباب وخرج بها هناك شغل مفتاح الاضاءة الخارجية فبانت لها كل التفاصيل ، لم تعلم ان عائلة عمها يملكون هذا العقار تدور ببصرها في كل مكان بينما جرها حتى لامست ساقها الماء الدافيء و الملوحة تدق خياشيمها و الهواء يطير شعرها حولها فتبدو كالجنية الحمراء ولمسته لم تفارقها

يقف هناك ينظر اليها الى دهشتها الى وجهها المحب الى شعرها الذي تحاول جمعه على جانب واحد كأنها تتهرب من النظر اليه كانت حقا خجلة تشعر بالرعشة تجتاحها ، حتى لفت كفا حول عضد كأنها تحمي نفسها تنظر للرمل تحتها و خداها غارا من الحمرة التهبا بشدة حتى وصل الاحمرار الى انفها 

أبعد كل ما جرى بينهما لا زالت تشعر بالحرج صار الريق متحاربا بين الصعود والنزول

تراه يخلع حذائه و يرمي به جانبا ثم يرفع كمي قميصه الى مرفقيه يشد شعره للخلف حتى استقرت يده على عنقه كان مرتبكا ، قلبه يدق كطبول الحرب في صدره حتى وصل الدق الى بطنه على يقين انه يعيش حالة متفردة يلتقم ريح البحر و ملوحته في انفه يستنشقها بصوت عال وهي جلست وكان الماء يعبر جسدها و يبلل ثيابها تداعب الماء بيدها و شعرها يلامس الماء فيتهدل و يتماوج معه تهمس له : أحبك حبين .. حب الهوا .. وحب لأنك اهل لذاك ..فأما الذي هو حب الهوا ..فشغلي بذكرك عمن سواك .

كان يقف خلفها يصيخ السمع لكلمات يعرفها جيدا اليس هو المتصوف الذي يبرع في كل قصيد يمجد ربه فتابع بعدها : 

 وأمــــا الذي أنــــت أهــــل له

فـكـشـفـك لي الحجب حتى أراكا

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي

ولكـن لك الحـمد في ذا وذاكا

انثنى على ركبتيه وراءها تماما ينظر الى شعرها من الخلف الى خط ظهرها الذي انكشف عن بلوزتها البيضاء القصيرة كانت آية سحر ، سحر آخر ، سحر قد هبط به للأرض صار يجمع شعرها بين يديه حتى تقطر منه الماء جمعه كله على جانب واحد سقط على صدرها امامها ومال على عنقها عند اذنها يهمس فيه : وزادي قليل ما أراه مبلغي ..أللزاد أبكي أم لطول مسافتي .. اتحرقني بالنار يا غاية المنى ..فأين رجائي فيك أين مخافتي !

مد ساقيه حتى لامست ساقيها المفرودتين الى الماء يلم جسدها الى صدره من خلفها يدفن أنفه في عنقها يضم بذراعيه جيدها عند صدرها حتى استلقت بظهرها عليه وكان ماء البحر يموج بهما : استودع البحر قلبي و حبي !

تنفسها حتى ولجت رائحتها الحشى كيف يشتاقها وهي معه بين احضانه قلبت له في عدة ساعات عالمه ، قلبته حرفيا ، هو ماعاد هو ، الماضي لم يعد هو ، والحاضر اصبح شيء كله هي !

صار جسدهما يهتزا بتوافق كل يغمض عينيه يستمتع بوجود الآخر يغوص في عالمه يشرك البحر في عشقه الذي اخترق الران و بقي بين الوريد و الشريان

يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي

ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ

عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي

منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ

فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي

والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي

صوتها كان يخرج من حنجرة ذهبية رقيق عميق مؤثر جميل يتردد نغمه فيطرب سمعه : لو كنت اعلم انكِ شاعرة !

ابتسمت في العتمة وهي تشدد من قبضته حولها : ومن ذا الذي يكره الشعر و لسان العرب !

وقلبي يحدثني أنكِ متلفتي !رد بصوت تفتك به العاطفة

تحشرج صوتها حتى ارتعش وكادت تبكي : يحيا .. اخاف !

قلبها يرقص على وقع اصوات الموج البعيد ورذاذ المياه اللذيذ : اخاف انني احلم اخاف كل شيء محض خيال محض فكرة فما حصل كله جنون !

اخاف ان استيقظ ولا اجدك سيتحطم قلبي سأموت اخذت تهتز كلها ببكاء محزن مخيف هذا ليس حلما ليس حلما تهز رأسها رفضا فكل ما جرى هو قصة خيالية قصة تكتبها كاتبة تحاول ان تتلاعب بنا بعواطفنا بحبنا اخاف ان تسرقني منك وتسرقك مني

في تلك اللحظة قام حتى رفعت رأسها اليه ولكنه انحنى لها يد تحت ركبتيها ويد تحت ابطيها يحملها كخف الريشة بين يديه حتى لفت ذراعها حول عنقه يتجه بها لعمق البحر لا ينظر لشي سوى لعيناها ودموعها حتى وصل بها حتى غمر الماء جسده حتى كتفه كان صوته الغليظ الغائر المفعم بالرغبة وعيناه الغائمتان باللهفة : أمام البحر وموجه امام الله وملائكته امام ما في الارض والسماء انني قد وهبت لكِ قلبي يا اجمل و اعز النساء ..عدل بسرعة من حضنها حتى التفت ساقاها حول خصره وهو يحملها بين يديه يتقابل وجهاهما و البحر يتماوج بهما يغلق كل منهما شفتيه على شفة الآخر توقف الزمن خمد الموج صار البحر سريرا يقلبهما عليه كما اتفق جميلة تلك البدايات جميلة بلا تعكير جميلة وانت تواجهها لوحدك فوضى الحواس و الف وجه وفراش صار الحب متفق عليه يقلبها في البحر بين يديه كانت تصرخ تصرخ وجهها للنجوم للسماء لضوء القمر شعرها في غلة كالمطر يداها مفرودتان كأجنحة الملائكة ونهداها تشعلهما اللذة الآكلة  

 وهو اله الحب والرغبة الذي سن الحربة فصوب فاغدق ..إله يرفع ويطأ ..له شفاه شديدة الغلظة و جسد كمحاربي اسبرطة ..يرفع فتعلو الصرخة يلثم النهد بلا رقة ..حتى غرق في البحر يبادلها القبلة ..ويغرق تحت الماء ويتنفس بها السلطة إله اسمه المرأة !

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...