شكل الرداء الليبي
الجزء الثلاثين
هو الطين ليس لطين بقاء
ولذاته ومضة زائلة
لقد غمر الفجر نهديك ضوءا
فعودي الى امك الغافلة
ستمضي الشهور و ينمو الجنين
و يفضحك الطفل و القابلة !
قبل عقود من الآن
صراخ أليم
كان صوتها يُسمع الى ما حتى الاسوار الخارجية
آآآآآآآآآآآه يتتابع الصراخ و الالم و خيال الموت يلوح فوق رأسها
تبكي بكاء وجع بكاء مغص آآآآآآآآآآآه أخرى تخرج و ظهرها ينقسم
رجليها تنفصلا عن باقي جسدها
لم تعد تحتمل ستموووووت آآآآآآآه
: لا لا رأسك الى الامام وليس الى الخلف هذا لن يساعد ، عائشة تنفسي جيدا ، خذي استراحة قصيرة ، عائشة انتي قوية ستفعلينها
نظرت نظرة اخرى الى فرجها الذي ستخرج منه تلك الروح الصغيرة
قربتي يا عائشة قربت
الآن الآن نعم نعم اني ارى الرأس اراه ادحمي يا عائشة لم يبقى الا القليل
آآآآآآآآآآه و الدموع تنساب تباعا وجهها محمر و منتفخ و فمها مفتوح ثم سمعت صراخ صراخ ناعم
القابلة : الحمد لله على سلامتك يا عائشة انها بنت
حل الحزن في وجه عائشة و اسود ناطقة بجهد : بنت !
مصدومة
القابلة : نعم بنت جميلة مثلك
اخذت المقص و قصت الحبل السري ثم اعطت البنت لأمها : لقميها ثديك بسرعة ، فتحت رداء عائشة بيديها و امرتها : اخرجي ثديك و دعي الصغيرة ترضع فهي قد بذلت جهدا كبيرا ايضا
لمت البنت بين يديها وهي تبكي بحسرة و تعض على شفتيها و القابلة تسحب الكيس من رحمها و تضغط على بطنها كي تنظف لها ما تبقى من دماء
وامها في الخارج تقف مع زوجها الذي حين سمع الصراخ دق قلبه بالسعادة وهو يصرخ : قد جاء ابني قد جاء الشيخ !
هرع الى غرفتهما يقتحمها وهو يرى شيء صغير على صدرها وهي تبكي و وجهها حزين حين قابلته القابلة : مبارك عليك يا طاهر بنت بنت ماذا ستسميها
اسود وجه طاهر و تعكر و ظهر عليه الغضب الشديد فصرخ فيهما معا : مااااذا بنت ، اسود وجهه وهو كظيم ، كيف تقولينها ، كيف تنجبين لي بنتا
هنا تدخلت امها : اتقي الله يا طاهر فالله من وهبك اياها والحمدلله انها بخير و بصحة جيدة
ضرب بيده الجدار بقوة وهو يزبد و يرغي : انا تزوجتها كي تنجب لي الذكور ، مثلك .. ألم تنجبي للشيخ ابراهيم ست رجال ، كيف تكون اول خلفتي بنتا كيف !
اخذت تضرب يدا بيد وهي تحاول تهدأته : لا تفجع زوجتك فهي نافس الآن
نظر اليها نظرة حقد تعد بالكثير و خرج عاصفا لا يلوي على شيء
قد خذلته ، اين هو الشيخ الذي سيكون من بعده ، اين الابن الذي سيمسك بزمام القبيلة من بعده ، على من ستشيخ هذه الانثى ، هو اراد ذكرا وليس الذكر كالأنثى !
خرجت له امها بردائها الطويل و هي تغطي عينيها عنه لتبرز عين واحدة فقط : لا يجوز ما تقول يا طاهر قدر الله هذا لا اعتراض عليه ، البنات مؤنسات غاليات
كان صدره ضيق حرج كأنه يصعّد في السماء ، جلس على الأرض واضعا كلتا يديه على رأسه : عمتي اسكتي ارجوكِ ، قد تزوجت عائشة حتى تهبني الذكور، نحن شيوخ الجبل لا ننجب اناثا !
ردت عليه في صبر : هذه بكرك يا طاهر افرح بها واياك ان تغضب عائشة أو ان تنكد عليها فرحتها بإبنتها
شخر ساخرا : فرحة !
كانت عائشة في الداخل قد تمددت على الفراش منهكة متعبة بينما القابلة تقوم بجمع كل حاجياتها و تنظيف ما حول عائشة ثم قالت لها : هاتها احممها قبل ان اخرج
اخذتها وحممتها ثم قمطتها وتضعها مجددا عند صدر امها التي تشهق بالبكاء.. تستعر من انثى قد سكنت رحمها لشهور .. وهي تقول : لا تنسي شرب الحلبة يا عائشة حتى تدر الحليب و تشبع البنت !
اغلقت عائشة عينيها في كمد وهي تلم البنت على صدرها
كانت خائفة ، تخاف ان يتزوج عليها ، ان يطلقها ، هذا ليس ما تأمله منها
كان طوال وقت حملها يرجو ان تكون حامل بصبي ، ابن ذكر ، يحمل شعلة العائلة ولكنها انجبت له انثى فماذا هي فاعلة الآن !
سماها جازية
لم تكن له اي نية في تسمية البنات ، كان يريد ان يسمي عبدالجليل او عبدالرحمن او عبدالله او احمد ما حُمد و عُبد !
لم يفرح و لم تفرح كان كلاهما واجما في وجه تلك الأنثى الصغيرة !
عندما دخل عليها وهي لم تكمل اربعينها بعد : هل توقف دمك !
اشارت له بنعم وهي مبحوحة : نعم !
استلقى جانبها و هو يخلع ثيابه وهي لا زالت متعبة : لا بد ان تنجبي لي الصبي لابد وان لم تفعلي فستنزل عليك الطلقة ساعتها !
اخذ يجامعها حتى تحمل من ليلتها هذه ، البنت لم تكمل الاربعين يوما بعد ولم تكمل الشهرين حتى كانت عائشة حامل مرة اخرى !
كان حليبها قد جف في صدرها و امها قد حذرتها قبلها من ارضاع البنت حليب الحمل !
فلم تكد الجازية تشبع من حليب امها حتى انقطع عنها !
كبر بطن عائشة كبر كثيرا حتى جائت لها القابلة مرة وقالت : لابد ان يكون ذكر هذه المرة ، بطنك بطن ذكر !
فكررت الكلام على مسامع طاهر الذي طار فرحا و اعد العدة كي يحتفل بمولد الذكر ، فكان ان اشترى العديد من رؤوس الغنم و اشترى حائل صغير حتى حين يبلغ ابنه الاسبوع سيقوم بختانه و عزيمة كبيرة يدعو اليها كل اهالي الجبل !
حين جاءها المخاض و دخلت القابلة تقيس رحمها : ساعة او ساعتين و ستلدين ذكرا يا عائشة
فرحت عائشة بين الآمها وبنتها الجازية مستلقاة جانبها ترضع اصبعها و تلف بعينيها البريئتين في كل اتجاه و هي تحرك ساقيها الصغيرتين في حركة مثل ركوب الدراجة تخرج اصوات لطيفة من حنجرتها وكأنها تستمتع بما حولها
وامها تصرخ كلما مرت عليها موجة الم فتاكة كانت تغلق عينيها بقوة وهي تشعر بخروج الذكر صارت تدفع بكامل قوتها وهي تتعرق : نعم نعم يا عائشة قليلا بعد نعم قليلا بعد نعم نعم الآن ارى الرأس انه يخرج ادفعي اكثر يا عائشة حتى سمعت صوتا رقيقا جميلا بجمال خلقة من خرجت من رحمها حتى قالت القابلة بخفوت مميت : انها انثى يا عائشة
خرجت شهقة رعب من حنجرة عائشة وهي تكذب القابلة : تكذبين تكذبين لقد قلتِ لي ذكرا
صارت تبكي بل تنتحب : سيطلقني طاهر سيطلقني
احنت رأسها للخلف منتحبة تعض النواجذ من الغيظ
ناولتها القابلة الطفلة بين يديها وهي لا تطيق حملها لا تريدها لا تريد أنثى أخرى لا .. الأنثى تهدد حياتها مع زوجها .. و قليلا حتى شعرت بألم تارة اخرى وهي تشعر ان احد آخر يخرج من بين فخذيها فتقلبت و صرخت حتى رأت القابلة رأس آخر يخرج من فرجها : انه طفل اخر يا عائشة ان شاءالله ولد يارب ولد
حتى اذا لفظتها كانت انثى اخرى : ارجعت رأسها للخلف وهي تندب حالها و الدموع تغرق روحها وهي تقول بسرعة و جنون : خذيها خذيها
نظرت لها القابلة في ذهول و صدمة : ماذا تقولين يا عائشة
رددت ..بلا تردد في نفسها : خذيها ، لفيها في جردك و اخرجي بها
اخذت تقلع اساور ذهب من يدها البيضاء المدورة و صدرها يشهق من كثرة بكائها : خذي الذهب و خذيها و غادري المدينة
همست لها القابلة : لا يا عائشة لا تلقي بابنتك و روحك الى التهلكة ستندمين كثيرا على فعلتك هذه طاهر يجب ان يتقبل الامر
ولكن الاخرى قد غرقت في غيها وهي تفتح عيناها على وسعهما كمن فقدت عقلها تصرخ من بين اسنانها : قلت لكِ خذيها لا اريدها
لفت القابلة البنت و الذهب في جردها ثم دثرت نفسها و خبأت عيناها ثم خرجت بسرعة من البيت كالهاربة
حين دخل طاهر الى البيت مشتاقا لفرحة فإذا به قد وجدها بنتا ، حتى هجم على عائشة ينكل بها و يضربها و يصفعها حتى ادمى لها وجهها والبنت تتقلب بين يديها صارخة ..يقول وهو يتنفس بالغضب : مرة اخرى يا بنت الكلب مرة اخرى تنجبين لي بنتا لعنة الله عليك ، انتِ طالق !
نزلت الطلقة على عائشة و لكن بعد وقت قصير كان قد ردها الى عصمته وتقبل الأمر على مضض ..و من بعدها لم تنجب له عائشة لا صبي ولا بنت ، عائشة عاشت بحسرتها ، حسرة قلبها الذي مزقته الذي انتزعته من بين اضلعها ..تبكي ليل نهار ،السر يقهرها يكتمها .. تغير حالها و ساء و هزل جسدها و زالت روعتها حتى بقيت طريحة الفراش تغزوها الحمى ، لم تكمل ارضاع هذه البنت ايضا والتي سمتها مهرة و هي كلما رأتها غمرتها بين ثدييها في صدرها بين اضلعها تكمد صرختها حتى تحول هذا الكمد الى مرض ولم تمضي ايام حتى ماتت عائشة صغيرة السن قاتلها الوجد !
يا هدى يا هدى
دخلت هدى وهي تلبس الرداء الحريري على جيدها .. المحرمة .. تلفها حول رأسها وتعقدها الى الامام جاوبت امها : نعم يا امي
لم تكن امها بكامل صحتها تلك الأيام حتى انها قد بدأت تفقد البصر فما تراه ليس الا خيالات فقط تقول بصوت العجوز : ادخلي الغنم للحضيرة يا هدى و احلبي الماعز وهاتي لي تمرا !
جاوبتها بكل طاعة : حاضر يا امي
خرجت الى ذلك المكان الصغير ، البيت كان في وسط مزرعة صغيرة جدا محاطة بسور عال له بوابة حديدية ، والبيت يتكون من حجرتين و حمام ومطبخ ، كانت العجوز من تدير امر المزرعة قبلا ، ولكن حين بدا نظرها يضعف حملت هدى على عاتقها امر المزرعة بالكامل ، فهي من تقود السيارة النصف نقل بين المزارع كي تبيع او تشتري الغنم ، كان لباسها دائما يغطي عيناها ووجهها كله بالرداء الليبي العتيق و لفة رأسها الجميلة فلا يظهر من محاسنها شيئا ، في الأعياد كانت هي من يذبح ويسلخ و تنصب الاكل ثم تبدأ بتوزيع الطعام على الجيران ممن يقطنون قريبا من مزرعتهم ، عاشت لم تتعلم القراءة والكتابة بل تعلمت كيف هي الحياة.. كل يوم هو درس لها.. يرفعها لمرتبة وزيرة !
ولم تقبل امها تزويجها ابدا او التخلي عنها فهي قطعة من روحها اولا ثم ان هدى وضعها خاص جدا رغم انها كانت قد سجلتها على اسمها لكنها كانت تخاف ان يظهر امرها للعلن فينهشها الناس و تلوكها الالسن ، ثانيا ان هدى قد وُلدت بعلة في قلبها لا تجعلها حقا صالحة للزواج !
: هل اغلقتي البوابة جيدا يا هدى !
تجيبها هدى وهي تخلع اخيرا عنها الرداء و تزيح المحرمة عن رأسها فينتثر شعرها على كتفيها حتى يعبر ردفيها ، تصير تدفعه الى الامام و الى الخلف تسرح جلدة راسها ، كانت امها كلما نظرت اليها كلما دمعت عيناها فهدى تشبه امها كثيرا كثيرا جدا نسخة عنها ، شعرها الاسود الطويل و عينيها السوادوين الجميلة و ثغرها الصغير و انفها المستقيم و ذقنها الدقيق و جسدها العامر كانت جميلة ، جميلة جدا كانت تتحسر عليها في نفسها ، كانت ساعات تجلس وحيدة تبكي ، تبكي هذه الجريمة التي ارتكبتها الاثنتان ، ما كان عليها ان تأخذها ، كان يجب ان ترمي البنت في وجه والدها كي تكبر بين يديه ، كان على طاهر ان يتقبل الواقع وان خلفته هي كلها من البنات هذه خلفة ظهره وليست خلفة عائشة !
اجهشت في بكاء موجع حين التفتت اليها هدى وهي تراها للمرة الألف بهذه الحالة فتقترب منها تحمل يدها التي تغطيها الحناء وتنظر الى وجهها المغطى بالوشوم الخضراء وهي تضع اصابعها عند عينيها و دموعها تتسرب الى كفيها حتى تثير قلق و دموع هدى معها : أمي ما بكِ ، كل فترة واخرى تصيبك هذه الحالة !
تحاول ان تتكلم ان تقول ما في جعبتها من الم و جريمة ولكنها تضل تنكر حتى النهاية : اخاف عليكِ يا ابنتي ، لم يبقى في العمر الكثير ولا زلتِ شابة جميلة سيطمع فيكِ الناس من بعدي !
تقترب و تقبل رأسها في حب و هي تسند رأسها قرب كتفها : اطال الله في عمرك يا امي بعد عمر طويل يارب لا تفاولي على نفسك انتِ قوية لطالما عرفتك قوية لا تنحني يا امي فانا في امس الحاجة اليكِ!
تضل هكذا كل فترة تطمئن قلبها على امها ، تخاف ان تفقدها ، لا تتخيل ذلك لا تتخيله ان يكون هذا البيت خاويا منها ، تفقد صوتها و سواكها و حنتها و اساورها الذهب ، تفقد ريحها و عبق جيدها !
حين كانت تقوم فجرا تصلي و تجلس في مكانها تسبح و تحمد الله ، ثم تلبس الرداء و تثبته حولها ثم تخرج الى الحضيرة تحرر الغنم و الماعز و بعض الدجاج ، تجمع البيض و تشعل التنور ، تدخل الى المطبخ تعجن الخبز حتى اذا فار التنور رمت الخبز فيه ، فإذا قامت امها تجد امامها التمر و الحليب الساخن و الخبز و الزبدة ، يفطرن ثم تتحرك هي لتخرج من المزرعة الى حيث البر و العشب ، هناك تضل تجري وراء الغنم و تحرسه و تتابعه وهو يرعى !
في يوم من الأيام وهي راجعة تهش على الغنم بعصاها و بيدها الاخرى تثبت الرداء حول وجهها حتى سمعت صوت سيارة خلفها صارت تسير ببطء شديد حتى سمعت صوتا رجوليا فخما : يا بنت العرب !
التفتت له فوجدته شابا سمح الملامح متبسما : اطلب يا اخونا !
تنحنح وهو يخبرها بأمره : والله يا بنت الاجواد قد ضللت سبيلي ، منذ ساعتين وانا ادور ولا اعرف كيف اخرج من الجبل ، قد جعت وعطشت !
فرحبت به : انزل عندنا حياك الله !
التفتت عنه وهو صار يتبعها بالسيارة قائلا : ألن تركبي معي !
هزت رأسها رفضا : لا بالله يا ابن العرب ، لابد ان اتابع غنماتي !
صار ينظر حوله و الشمس قاربت على المغيب حتى اقتربوا من بيتها ، هناك صارت النعجات تجري كأنها متلهفة للراحة والنوم ، اما هي فكانت لا تزال في عز نشاطها حتى حين ولجت صرخت في الدار : ضيف ضيف يا امي ضيف !
هناك تحركت الحاجة من مكانها تسبح الله و هي تغطي نفسها وتسدل الرداء على جسدها حتى منتصف ساقيها تخرج لها : من معك يا هدى !
كانت قد جمعت الغنم في الحضيرة و ادخلت الدجاجات و انتهت من مهمتها لهذا اليوم : ضيف ضائع يا امي !
قالت الام : حياه الله
خرجت تمد ساقيها حتى وصل هو الى باب المزرعة نزل من السيارة ، كان متوسط الطول عريض الكتفين ، كان شابا سمحا مقبول الوجه طرق بيده على الباب حتى خرجت له الحاجة : يا مرحبا بك يا مرحبا ، تفضل تفضل !
تنحنح و عدل ياقة بدلته العربية وهو يغض البصر وهي سبقته بخطواتها الى باب جانبي غرفة صغيرة فيها سرير واحد : اقعد هنا يا ابني حتى يأتيك العشاء !
جلس متحرجا اتكأ بجذعه على السرير ينظر الى صغر الغرفة والى ضيق المكان حتى انهما لم تسألا عن اسمه ، كان كرما شديدا منهما ان تدخلا رجلا غريبا الى المزرعة حتى سمعها تقول له : العشاء العشاء ، حينها دخلت هدى متغطية بالكامل تحمل سفرة عليها الخبز و الحليب و التمر و الأرز فوقه قطع لحم غنم كبيرة و اللبن بجانبه وضعتها على الارض وهي تقول له : تفضل
نزل على الارض اكل حتى شبع ثم شرب و اتخذ له متكأ حتى غمرت عينيه الظلمة ، قد نام في مكانه لم يفكر كثيرا في الامر اغلق عينيه ببساطة ونام وهناك كانت سفرة الطعام لا زالت قابعة على الارض ، هي بعد ان تعشت مع امها و خلعت ردائها و اطمانت الى نوم الحاجة ، تحممت كي تزيل عنها رائحة الغنم ارتدت ملابسها و فردت شعرها الجميل ووضعت قطعة سواك بين شفتيها اخذت تلوكها على مهل وهي تحمل مرآة صغيرة في يدها ترى فيها وجهها الذي اصبح مثيرا بجماله، كم مرة تقول انها لا تشبه امها ابدا ، لا يوجد وجه تشابه ، امها سمراء وهي بيضاء ، امها قصيرة وهي طويلة ، لسان امها ليس كلسانها هي لاحظت ذلك !
ولكنها حقا لم تتعمق في الأمر فكثير هن النساء اللاتي يولدن شبيهات ابائهن ولا يمتن لامهاتهن بأي صلة !
قبل أن تغفو في فراشها الارضي تذكرت سفرة الطعام عند الضيف
ففزت من فراشها تخرج الى الغرفة الجانبية تتلصص ، نظرت جانبيا فإذا به نائما و الغرفة مظلمة ، وهي كانت ترتدي لباسا للنوم حتى منتصف ساقيها قفطان ابيض خفيف جميل يبرز انحناءات جسدها و بياض جيدها و نعومة و طول شعرها من خلفها و ريحة المسك التي غمرت بها رقبتها و ابطيها و فرجها ايضا !
وهو كان يضع مرفقه على عينيه مريحا اياهما ، لم تكن لتعرف ان نومه خفيف فحتى انه يستيقظ غالبا من دبيب نملة !
دخلت تنحني لرفع السفرة عن الأرض وثانية حتى كان قد امسك برسغها بين يديه
فتحت عيناها ذعرا وهي تراه يقوم من مكانه جالسا ولا زالت يده متمسكة برسغها قال في همس جياش و قلبه يطرق عشقا : لايا بنت الاجواد لا !
كانت ترتعش حتى كادت تبكي تحاول بكامل قوتها تحرير يدها منه ولكنه كان متشبثا بها كمن يتشبث بالحياة ، كان قلبه يعتصره شوقا ، لم يدر ان سهام العشق سريعة هكذا ، كيف يراها امرأة انثى !
كادت عيناه تبكي بل بكى من شدة ما رأى يسمعها تشهق ببكاءها : اترك يدي
تركها وهو يمسك بقلبه بين يديه : لقد ذبحتني والله لقد ذبحتني !
تمدد على الفراش كالميت لا يصدق حاله ، كيف يعشق هكذا ، كيف زلزله قلبه ، لما قفز لها ، كان كالمحموم يراها وهي لا تعرف ما تفعل فخرجت تجري الى الغرفة هناك تبكي قلقا
وهو طلع عليه النهار و عيناه مسودتان من الوله ، شعر بالمرض ، مرض العشق ، يا الله لا زال يرى وجهها ، لا زال يرى قدها ، لا زال يتغزل بشعرها ، لا زال القمر في جيدها ، قد فتتت روحه ، قد اصابته الحمى ، بقي على فراشه شاخصا بعيناه للسماء
حتى اذا طلع الصبح عليه و دخلت الحاجة تطمئن و تسأله عن حاله و عن اسمه فإذا به لا يجب فقلقت حتى تقدمت ناحه تدقق النظر في وجهه حتى رأت صدره ينزل و يصعد كموج البحر الهائج كان العرق يتفصد عن جبينه وكان يلهث في رقاده حتى اذا وضعت يدها وجدته يغلي كغلي الحميم
نادت على هدى التي كانت في فراشها ترتعد مصفرة مخضرة غاب اللون عن شفتيها قامت وهي لا تكاد تحمل ساقيها ، لاول مرة في حياتها تنكشف على رجل ، لأول مرة يتعدى عليها رجل ، صارت تلمس رسغها ما هكذا هو لمس الرجال !
كانت مرتبكة حين وصلت الى امها من وراء الباب وهي تقول لها : الرجل به حمى يا هدى ، احضري لي الكمادات !
ابتلعت ريقها على مهل وهي تستغرب امره ، حمى ، لما !!
لم تكن تعرف هدى عن العشق شيئا ، لا تعرف كيف يصبح امر العاشق الولهان ، الذي لا يخف هوان جسده الا بالوصال !
اطرقت رأسها تفكر في حاله فما هكذا كان وقت ما دخلت عليه ، تنهدت وحاولت السيطرة على نفسها و انفاسها حتى لا تشك امها بها و تربط ما يحصل بهذا الضيف !
جلبت الكمادات و سلمتها لامها ثم لبست الرداء و خرجت تحرر الغنم و تخرج به الى البر !
اما هو فقد كان غارقا ، غارق جدا ، يسبح في الظلمة ، يشعر بوهن جسده ، وتلف روحه ، صار يأن من الشوق ، و العجوز جالسة تستغرب امره وما حصل له حتى ظنت أنها ضربة شمس من كثرة ما دار في الجبل في هذا الوقت من الصيف !
عندما عادت الى البيت كانت خائرة القوى لاول مرة في حياتها لكثرة ما كان عقلها مشغولا بحدث الليلة الماضية الذي هجرها النوم بسببه ، كان قلبها فقط يدق من الرهبة و الشعور بالحرج ، منه !
مرت ليلتان وهو على حاله يأن ويتوجع من الصبابة وهي تطل برأسها عليه و امها تجلس بجانبه تفرد ساقا تضع على رأسه الكمادات حتى برد ، فقالت : الحمدلله الرجل قد عاد !
اطمأن قلبها الذي وضعت يدها عليه وهي تدير بصرها في كل مكان وكل زاوية
عند الفجر عندما قامت من نومها صلت و رات امها تصلي ثم اتخذت لها متكأ و اغمضت عيناها من جديد وهي لبست رداءا أبيضا بخطوط وردية عريضة و لفت المحرمة حول رأسها تعقدها ،لبست حذاءا عالي الساق صنعته ذات يوم بيدها من صوف الغنم عطرت نفسها بالمسك و العنبر ثم التفتت الى الخارج كي تشعل التنور ، صارت تجمع الحطب و ترمي به في داخل التنور وهي في عملها هذا فإذا به في وجهها ينظر اليها يقترب منها ، وقفت في مكانها مشدوهة لا تقدر على الحركة وفي كل خطوة يقفز قلبها الى حلقها ، تنتفض خوفا وهو كانت عيناه قد تحلقتا بالسواد و جفت شفتيه و صار وجهه غائما حزينا ، فالحب قد قهره ، اقترب حتى خالطت انفاسه انفاسها وهي تفتح عينا مفجوعة في وجهه
يقف على بعد نفس .. نفس فقط يبحر بعينيه في ملامحها يغرق في عينيها و يتوق لقبلة شفتيها و يلف شعرها حول عنقه يخنقه فلا يموت الاّ شهيدا بحبها يااااااااااااااااه كم ان الحب اعمى كم انه جبار كم انه غدار اقترب حتى لف يده حول جيدها يضمها في لهفة كان يشمها وهي قد خارت قواها حتى ارتخت رجلاها وهو حملها بين ذراعيه نعم حملها لم يعد يحتمل هذا الالم الذي مزق صدره لم يحتمل القوة التي تضرب قلبه ما عاد له سيطرة على اي شيء في جسده ، روحه تعانقها بوله حتى جلس كلاهما على الارض متشبثا بها وهي غائمة ..الرعب اغلق لها حلقها مرتخية اطرافها و التنور ينتظر من يشعله ينتظر من يوهج ناره ينتظر من يلقمه حطبا حتى يفور.. يهمس في اذنها بحرارة ولهفة يقصد لها :
اشرك والبس تحت البخنوق المحزم خاوي جوفه
كلام سابق جاشي محروق مهبلني بكلوفه
ريت حزيّم بشواويطه واتي ريدي الغنجة
حرق قلبي من وقتن ريته من امس ونا نرجى
سمع بيا صب مشاريطه وكاتب فيا حجة
زعم يا سود مناعيته يهب الريح بفرجة
يداعيني مكتوبي لبيته ونرقاله بالدرجة
متحزم سافي سوريته و يرادع في سرجه
لقى الجرة محاذية سانيته بدا ينفض في كفوفه
تركها بسرعة كالبرق بعدما صب عذب جوفه في صوان اذنها
تركها حمل مفاتيحه و خرج يجري الى سيارته سمعت صوت العجلات يحرق الأرض الترابية وهي وضعت يدها على صدرها الهائج و نفسها الثقيل و وجهها المتفتق من الحمرة ، قامت تشد حيلها الى ان اشعلت نار التنور ويداها لا تستقر تركت كل شيء وجلست واضعتا يدها فوق راسها تبكي بحرقة !
مرت عليها الأيام روتينية سريعة لم تحاول حتى كسرها ، البيت ، الغنم ، امها كله على عاتقها
الى ان وصلت يوما الى البيت وهي تقود السيارة النصف نقل وفي جزءها الخلفي اثنين من الماعز التي اشترتهما الآن من احد تجار الغنم
حين اقتربت وجدت ثلاث سيارات قديمة النوع تربض امام بيتهم
اخذها الهلع على امها فنزلت بسرعة تجري الى الداخل وما ان دخلت حتى سمعت اصوات رجال كثيرة متداخلة و صوت امرأة تتحدث مع امها في الداخل
جرت ساقها الى حيث هم ، حين ولجت على امها تنظر بلهفة و هي تكاد تبكي خوفا ، خافت انها قد ماتت ، انها قد سبقتها لترك الحياة ، اقتربت ببطء منها ونزلت عند ساقيها تبكي بحرقة حتى دمعت عين امها وهي ترفعها عند صدرها : ما بك يا هدى
قالت في غصة : ظننت ان مكروها قد حصل
اخذت امها تضحك ملء فمها وهي تربت على ظهرها في محبة : قومي يا بنتي قومي لدينا ضيوف ، قومي و اعطي الضيف حقه !
التفتت الى امرأة اخرى كبيرة في السن تحدجها بنظرات متفحصة وهي لم تكن بعد قد خلعت رداءها الذي يلفها و تخجل من رائحتها التي تستقبل بها الضيوف
احرجت جدا وهي تمسح دموعها و تلتفت الى المرأة قائلة في خجل : حياكم الله الضيف ضيف الله
دخلت غرفتها و ازاحت الرداء عنها و ارتدت جلابية زرقاء تنسدل بنعومة على جيدها و تبرز انحناءه و تكشف من جانبيها عن ساقيها ثم اخذت تلف شعرها الى ما فوق رأسها حتى برز طول عنقها و نعومة جيدها و صغر اذنيها و جمال تفاصيل وجهها ، لم تكن تضع اي زينة فقط عطرت نفسها بالمسك و مسحت وجهها مستعجلة كي تخرج و تضيف من هم على فجأة قد طرقوا بابهم
خرجت اليهن و تلك رفعت نظرها عليها فاتحتا فاها قائلة : بسم الله ماشاء الله الله يبارك
كانت مأخوذة بهدى التي حقا لا تعرف ما يجري ولا من هم ولا تستطيع سؤال امها قبل خروجهم !
انطلقت تشعل الغاز وتبدأ في عمل عشاءا مناسبا لهم
رتبت بعض الكعك و التمر و الحليب وهي لا زالت تسمع اصوات رجال في الخارج وامها تتهامس مع تلك
حتى سمعتها تنادي : يا مصطفى ، تعال !
خرج لها ملهوفا يتحرق شوقا يتمنى عشقا ينحني حبا : لبيكِ يا امي
قالت له : الحاجة تركية تريد الحديث معك على انفراد
هز رأسه موافقا حتى دخل وهي كانت تصيخ السمع الى ما يجري و هي تضع الشاي على النار
دخلت الحاجة تركية الغرفة مع مصطفى الذي كان قد حلق لحيته و تأنق و لبس ما يناسب سموها جلس على جمر يتحرق قلبه الى ما ستقول العجوز : فهمست له وهي تقرب رأسها رويدا منه : ما اريد قوله لك يا مصطفى سيبقى بيني و بينك لا يعلم به الا الله سبحانه ، عدني اولا اعطني عهدا و خائن العهد امره الى الله ، ان لا تخبر احد ابدا ما ستسمع ، ان تقرر بعدها ما تجده في صالحك
غضن جبينه متعجبا متحيرا و قلبه يقرصه ضرب على صدره : عهدا مني أنني لن اقول ما سأسمع وخائن العهد امره بيد الله !
صارت تحكي له ما حصل في غابر الزمن مع ابنتها ، لم تخفي عنه شيئا مما حصل ، اوصلت له القصة بكل امانة وهو كان مدهوشا مبهوتا لا يصدق !
اخذ وجهه يسود من ساعته وهي تنظر اليه نافختا صدرها : الرأي رأيك ، البنت مريضة ليست اهلا للزواج ، ان كنت مصمم عليها فستقبل شرطها !
طأطأ رأسه حيران أسفا ، فكل ما سمعه احدث شرخا في نفسه ، شرخ عميق في روحه ، يتوجع منها وعليها ، لا يستطيع ان يتزوج امرأة متبناة قد تخلى عنها اهلها لمجرد انها ولدت انثى !
ضاق صدره و تغيرت سحنته ، لكنه يعشقها يريدها يريد وصالها فإن لم يفعل سيموت في مرقده مقهورا محسورا !
حسم امره و هز رأسه موافقا فحذرته : البنت لا تصلح للولد !
ولكن قلبه جسده روحه عقله كلهم يرغبونها فلا يهم الولد ولا التلد ان وجدها بين يديه ...حتى انه قد حفر وشما على رسغه باسمها فكيف سيتركها لمجرد ان قصتها غير كل القصص ، غير انها نُبذت ، غير انها تعيش يتيمة ولها اهل غير انها قد خُلقت انثى !
عندما خرج الجمع من البيت وهم سيرجعون لأخذ الرد دخلت هدى على امها تجلس بجانبها : من هؤلاء يا امي لم اعرفهم !
اتكأت في مرقدها وهي تخجل ان تقول لابنتها انها ستتزوج ، الحرج يكسوها و سيكسو ابنتها ايضا ان قالت لها ذالك فترددت وهي تغمض عيناها : خطاب يا هدى !
انحى رأس هدى المحمر و خجلت و تركت امها و خرجت الى غرفتها تعض على شفتيها من الرهبة و الخوف نعم الخوف ، خطاب يعني انها ستتزوج هنا احمر وجهها اكثر فوضعت يدها على خدها تلمس مدى حرارته فعضت شفتيها لا تستطيع ان تفسر حالتها ، لا تريد ترك امها وحيدة هنا مع كل الانعام التي لديهم ، لم تفكر كثيرا في الرجل ومن يكون ، شعرت بألم في صدرها وضعت يدها فوقه تغضن جبينها و نامت على جنبها فكل سيرة ولها دبرة .. اغمضت عيناها ونامت !
كان مصطفى ميسور الحال ليس من اهل المال و لا الجاه ، رجل بسيط ذو عمل بسيط كسائق سيارة اجرة في المدينة ولكنه رجل قل مثيله رجل ذو عهد ذو شهامة ذو قوة و صلابة ، صاحب عينين سوداوين و فم رقيق و شعر ليس مجعدا ولا ناعما قمحي البشرة ذو حاجبين عريضين و صوت غائر فخم يحب انشاد الشعر ، كان قد فكر و قدر ، و راح بسيارته الى الجبل كي يأخذ منهم الموافقة وهي كانت بعيدة عن البيت ترعى الغنم
عندما وصلت ورأته.. شخصا داخل السيارة لم تدقق طويلا في ملامحه ومن هو ، لقد نسيت تلك اللحظة المجنونة التي كانت معه قد اسقطتها من الذاكرة حتى لا تسمي نفسها بخائنة العهد مع امها التي تستأمنها على نفسها
حتى سمعت صوت الباب يفتح فلفت سمعها ورفعت نظرها له فرأته يقف بينها وبين الغنم يقترب منها اكثر عيناه تروي قصة عشق.. جاءها محموما ملهوفا وهي ارتعشت في مكانها وحال لسانه :
شفة و المضحك حلاته تقول سبتت فيلالي ..
خذت بعض الظفرة حلاته .. ضرب الفج الخالي ..
وعطاها العهد و عطاته ما ننساك يا غالي ..
مسمح صدرك بخلالته بني و برجه عالي ..
انا خالق يا سود نعاته راهي الدنيا توفا ..
مشتتة ضائعة قلبها يرف رفا رقيقا تتابعه بنظرها الشارد وكل نظرة عشق تهز صدرها هزا و كل حرف لم يقال قد وصل الى وجدها
لم تعرف انه في الحقيقة هو الخاطب ولكن ايضا لا تريد ان تميل له وجلت منه و صارت تسير بسرعة الجري كي تدخل البيت تركها تفعل ما تحب حتى طرق الباب وهي هناك خلفه ترتعد نطقت : ماذا تريد !
فجاءها صوته عميقا : كلمي لي الحاجة تركية !
قلبها يرفرف عند حلقها عندما دخلت واخبرت امها : امي الرجل الذي بات عندنا تلك الايام انه على الباب !
نهضت الحاجة تركية تبسمل و تحمد الله و تسبحه في الغدو و الاصال : هذا مصطفى !
غضنت جبينها مصطفى !
اخذت تراقب عن كثب ، تحدثا ثم افترقا ودخلت امها : تعالي يا هدى تعالي
جاءت تجلس بجانبها ضغطت على فخذها بحنو قائلة بحزن : زواجك اصبح قريبا يا حبيبتي فوالله انكِ لن تخرجي من هذا البيت الا على عيناي ، اخذت تمسح دموعها ، سيتم عقد قرانك و تذهبي مع زوجك الى بيته
تشبثت بها باكية : لا اريد ان اتركك يا امي ، اتركك هنا لمن !
طمأنتها : لا زلت على قوتي يا ابنتي لا تقلقي علي ، مصطفى رجل سيحميكِ ويقدرك !
احمر وجهها و فتحت عيناها على وسعهما .. هو .. هو ذاته .. سيتزوجها
تشعر بجسدها يحترق من الخجل قامت تجري الى غرفتها تفكر مع نفسها الحشم في روحها و الدغدغة في معدتها !
صار الزواج و دخل مصطفى بها وكانت ليلة حياته ليلة عمره التي لن ينساها فكم كانت جميلة عذبة رقيقة فاتنة قد احبه الله ان رزقه اياها ، تلك الخجولة الناعمة المتهربة بحياء من النظر الى وجهه لم يكل يوما منها ولم يسألها يوما عن ولد عاشا ما يزيد عن الخمس وعشرين سنة معا دون ان يفقد محبتها ، هي كما هي ، لا زالت تخجل منه و من البقاء في حضنه وهو لم يشبع منها بعد كلما ضاجعها يشعر انها المرة الاولى التي يلمها فيها بين جنبيه كان حبه عفويا صادقا نقيا حب بلا مصلحة بلا قهر وبلا اولاد !
الى ان جاء اليوم الذي حملت فيه جاءها صارخا باكيا : لماذا لماذا ، الم نتفق ، انا لا اريد اولادا لا اريد
صراخه كان مفزعا جياشا مقهورا فهي بذلك تكتب خاتمة لحياته معها ، نعم هو اناني ، يريدها هي فقط ، لم يفكر حقا في الاولاد طالما هي معه : ستسقطين ما في بطنك
كانت مزرقة الشفتين متعبة منهكة : انا اريد يا مصطفى ، اريد ان انجب ، ان احمل اللحم الصغير على يدي ، ارى كل النساء تلد وانا لا ، روحي تتوق للولد يا مصطفى افهمني انا في النهاية انثى حياتها هي الامومة
كان يبكي كان منهارا : قلت لا يعني لا سنذهب للعيادة كي تنزلي الحمل هل فهمتي
اجهشت بالبكاء المرير فاتجه اليها يحضنها و يقبلها بحب يشدها الى ذراعيه فإن كان لها منفى فهو صدره وان كان لها قبرا فهو قلبه ، لا لن يتركها تضحي من اجل الولد !
نامت ليلتها متقلبة مهمومة وهو فاتحا عيناه غارقا في حزنه ومأساته يحضنها من ظهرها يبكي على كتفها يشم شعرها هي طفلته التي رباها بين يديه هي عمره هي شقاه هي الوله هي كل شيء اخذ جسده يهتز من شهقاته : لن تتركيني لااااا لن احتمل الدنيا من بعدك يا هدى !
كم كان امينا عليها ، رحيما بها ، لم يرد يوما ان يبوح لها بسر امها ، ان كان في يده سيحملها بين يديه حملا ، لا يريد ان يؤذيها فأي خبر مثل هذا سينزل عليها كالصاعقة و سيقتل قلبها الذي يعشق وهو لن يغامر ، لن يغامر أبدا فمن تركها هو من سيندم !
كان قلب هدى يذوي كلما كبر الاطفال داخلها ، تشعر بحركتهم ، تحكي لهم قصتها و قصة جدتهم تركية التي توفاها الله منذ عشر سنين راضية عنها ، تحكي لهم قصة عشق ابوهم ، تحكي لهم انها آسفة انها ستتركهم بمجرد ان يخرجوا منها ، تراهم رؤى العين ، تشمهم ، تستمتع برفسهم
كانت شفتاها اشد ازرقاقا و عيناها حاوطهما السواد و لكنها رغم ذلك سعيدة تشعر انها حقا انثى انثى تحمل و تلد هذه هي الحياة ان تهب حياتك لتستمر حياة آخر !
ولدت هدى في المستشفى ورأت طفليها باكية حملتهما بين يديها لقمتهما ثديها وان كانت المرة الاولى و الاخيرة فهي هنا ولدت توأم تبتسم من بين دموعها و ألم صدرها ..حركة افواههما على حلمة ثدييها كان ناعما جميلا حلوا ممتعا
و كان هو ينتحب يبكي رغم شعور الابوة الغامر الحلو العجيب الذي غمر فؤاده حملهما بين يديه وهو في هذا السن تبسم في وجهها بين دموعه : ديالا و بروين !
اغمضت هدى عيناها و صرخ هو مكلوما محزونا !
منذ زمن في يوم عقد قرآن زهرة على يحي
كانت قد صممت على البوح
ان تقول الحقيقة
ان تنبهها الى ما حصل في غابر الزمن
حتى ان كلف قولها طردها من عملها
وقفت تلتقط نفسا و فتحت الباب و دخلت
كانت هناك تجلس زهرة على كرسي امام المرآة تقوم بتمشيط شعرها الطويل الجميل ذو اللون الحني ذلك الوقت
وقفت هناك تتردد ساعة وساعة تتقدم ناوية على التبليغ عن جريمة في حق انسان تعزه ، انسان تحبه ، انسان قد صار زوج لهذه ، زهرة !
وقفت خلفها تماما و زهرة تنظر في انعاكسها وهي فرحة مبتسمة تشعر انها خفيفة جدا قالت واسنانها تنكشف : ما بك لما الوجوم ، لا اريد ان ارى سحنة كهذه في هذا اليوم
اخذت تضفر شعرها عن جنبيها والاخرى يظهر في عينها التصميم : سيدة زهرة هناك امر ضروري ان تعرفيه قبل فوات الاوان
غضنت زهرة جبينها و التفتت بكاملها الى وجه مليكة المغموم المحزون قلقة : ما بك تكلمي و حذرتها ان كان امرا تافها فعقابك شديدا
رفعت مليكة يدها الى وجهها تمسح عليه بصبر : المسئلة خطيرة ، خطيرة جدا قد تدمر لك حياتك !
وقفت في وجهها وقلبها ما عاد يحتمل تلك الالغاز اللتي تتفوه بها هزتها من كتفها : قولي انطقي قد طيرتي لي عقلي
: السيد زكريا
ضيقت زهرة عيناها في وجل : ما به زكريا
تريد ان تتخلص من هذا الحِمل الذي يربض سنين على صدرها ، حِمل كان اعتى و امر على نفسها : السيد زكريا منذ سنين قد قام بعمل خطير ، عمل شرير
صكت زهرة اسنانها وتجعد وجهها بغضب : قولي لي ماذا تريدين انطقي
اغمضت عيناها و الدمع يكاد يطفر من بين مقلتيها : السيد زكريا قد سحر السيد يحي !
اعتدلت زهرة في وقفتها وهي تحدج مليكة بنظرات غير مصدقة تضحك باستهتار لا تصدق : ماذا تخرفي !
قالت مليكة بجدية و تصميم في عينيها و نبرة صوتها : زكريا .. منذ سنين اخذ صورة للسيد يحي و السيدة غالية رغم انني حقا لا اذكر ملامحها فأنا لم ارها الا مرة واحدة وعلى عجل .. الصور كي يفرق بينهما و قام بسحر ربط جماع للسيد يحي !
وضعت يد على فمها برعب و هي تفتح عيناها شهقات متوالية غير مستوعبة لما تقول مليكة التي تابعت : السيد يحي لن يستطيع ان يدخل بك
كانت معدتها تتلوى من الالم و عيناها تبكي و الدموع جرت حرة طليقة مفجوعة : تكذبين
امسكت مليكة بعضدها تسندها : ان اردتِ نذهب معا للساحر و نفك سحره !
لا تفهم لا تصل الحكاية بعد الى دماغها المشتت
كيف يفعل زكريا ذلك بابن عمه
كيف يدمر حياته
يحي لا يستطيع الزواج ولا المضاجعة ولا انجاب الاولاد يحي سيعيش تائها ممزقا مريضا طوال حياته
في تلك اللحظة اعتلى سحنتها الحقد المقيت فنزلت بيدها على خد مليكة تصفعها حتى التوت رقبة مليكة التي احتملت الصفعة
في الحقيقة هي تستحق اكثر من ذلك بكثير تستحق الذبح
اخذت زهرة تدور في الغرفة مثل التي فقدت عقلها تنوح و تبكي : ماذا سأفعل الان مااااااذ ا
كانت تتكلم من بين اسنان مغتاظة تريد قتل مليكة حالا و سحنها و الدوس عليها : لما لم تقولي ساعة ما فعل زكريا فعله الخسيس ذاك لمااااا
صفعة اخرى نزلت على وجه مليكة التي تتحمل نعم ستتحمل كل ما تفعله زهرة بها فهذه الحياة تخصها اولا واخيرا ، لن تنام مع زوج لن يستطيع اقتحامها ، زوج سيسقط صريعا كل مرة سيحاول فيها مجامعتها ، لن تطلب زهرة الطلاق الآن لمجرد معرفتها بما حصل ليس بهذه السرعة !
يجب ان نذهب له يجب !
اتفقت الاثنتان على الذهاب الى خريبيش و زيارة الساحر و فك سحر يحي ان امكن فهما لا تعرفان حقا الى اي درجة هي قوة السحر واذا ما كان مأكولا او مرشوشا او مدفونا لا تفاصيل تذكر !
تحركت الاثنتان الى الحي و زهرة متقرفة ترفع حاجبا متقززا من كل ما ترى لاول مرة في حياتها ، كان الكبر و العنجهية سمة من سمات عينيها الجميلتين ، لفتت بسيارتها الفخمة انظارالعديد من الناس حتى بدأوا يلفون حولها ، تركتها وتوجهت مع مليكة الى عمق الحي الى الشوارع الضيقة كضيق النفس الذي فيها حتى وصلتا الى البيت فدقتا الباب
هناك وقف بذات المظهر وذات الثياب و على وجهه الريبة ينظر الى زهرة الباذخة تبسم جانبيا بحقارة وهو يفسح الطريق لهما
دخلتا على مضض تجران ساقيهما جرا جلستا حيث جلس زكريا ذات يوم تنحنح وهو يلقي بالبخور في جمرات حمراء كعينا الشيطان : ماذا تريدان
نطقت مليكة : ألا تذكرني يا شيخ ، لقد جئت لك منذ سنوات مع رجل يدعى زكريا هنا جلسنا
كان ينظر اليها يفيض غيظا يريدها ان تنجز في الحديث : ها ماذا بعد
قالت زهرة مغتاضة منه كثيرا : لقد اعطاك صورة لهذا الرجل واخرجت من حقيبتها صورة ليحي اتذكره
فهز رأسه : لا لا اذكر فملايين الصور تمر علي في الشهر الواحد كيف لي ان احفظ هذا
قالت في صبر : لقد عملت له سحر ربط جماع !
قال غاضبا : اختصري علي ماذا تريدين
كان الهواء مكتوما و البخور عابقا بالضباب و الرائحة حقا كريهة : اريدك ان تفك سحره
عقد حاجبيه مفكرا كثيرا و بخبث ايضا
في الحقيقة لا يستطيع ان يفك سحره فالسحر مدفون تحت رأس احدهم في مقبرة ، و لا يستطيع فكه سوى الرقية الشرعية او اخراج السحر من القبر و احراقه ولا يعرف مكان هذا السحر سوى من طلبه ألا وهو زكريا ، ولكنه يريد ان يستغفلهما و يستفيد منهما : كم ستدفعين
اخرجت كل ما في حقيبتها ثلاث الآف دينار ، هذا كل ما معي الآن
سألت بقلق : كم سيتطلب وقت فك سحره
رمى المال تحت عباءته وقال : لا شيء ..سيفك حالا اعطني الصورة وستلاحضين عليه ذلك !
قامت كلتاهما من مكانها تتأمل صحة ما يقول خرجتا الى الشمس و الحرارة ..تقود راجعة الى البيت تضع مليكة و تخرج الى مدرستها
حين جاءها يحي تلك الليلة التي قبّلها فيها وراودها عن نفسها ثم سقط على الارض كالمصروع ظنت انها بداية فك السحر و هي جالسة هناك في الممر تبكي بحرقة على حاله و حرقة على ما سيؤول اليه حالها معه ، فهي لن تستطيع اخباره بما فعل زكريا ، صارت تكتم في نفسها كل ما حصل حتى ذلك اليوم الذي جرها فيه الى المخزن و اغواها و كانت على بعد شعرة من تسليمه نفسها ولكنه تلوى ، قد لاحظت ذلك على سحنته حتى اخذ قلبها يدق طبول الوجل و الخوف فنادت مليكة : يحي غير طبيعي ، لا اعرف ان كان السحر قد انفك عنه لا اعرف
كانت تدور كالدائخة في غرفتها ماذا سنفعل قولي لي ماذا
انه ذنبك ذنبك وحدك لما اخذته لذلك الرجل لما
اسود وجه مليكة : لم اتوقع ان يفعل هذا قال انه يريد ان يفرق بين يحي وغالية فقط لم اعتقد انه سيؤذي السيد يحي ايضا لم اعتقد انه سيدمر حياته لم اعرف لم افكر
جلست كلتاهما متجهمة يكسو الحزن و القلق عيناها تطرق زهرة بيدها على الطاولة فتكسر الصمت : يجب ان نذهب لنرى كيف تصرف ماذا فعل !
في ذلك الوقت كانت هناك حملة كبيرة على السحرو المشعوذين قد اخذت قوات الأمن بالقبض على كل ساحر و اجبرته على اخراج كل ما في جعبته من حرق جوف و امراض و توهان و خسران وكل شيء قد فعله ضد من لا يحبهم الآخر او يريدون تدمير حياته
حين وصلتا الحي كان قد تم القبض عليه هو الآخر فقد كان الباب مشمعا بالأحمر
حتى لفت الفتاتان على عقبيهما زهرة لديها رغبة كبيرة في رمي مليكة تحت سيارتها ثم دعسها عدة مرات حتى ترى احشائها على الارض و مليكة تبكي ندما على ما جنت يداها !
اما الآن في الوقت الحاضر وهي تترجل من سيارتها تلبس نظارتها الشمسية و ترتدي حجابا يغطي شعرها الثائر و تلبس عباءة سوداء جميلة ، تلفت النظر بتفصيل حقيبتها الباذخة و عطرها الذي يعبر الانوف طربا و طولها الذي ينافس عارضات الازياء تتجه بساقيها الى ذات الحي ، كل فترة ترسل او تراسل من يستطيع القدوم الى هنا كي تستطلع اخباره هل خرج من السجن هل لا زال يمارس مهنته في السحر !
حين طرقت الباب خرج لها على عادته لم يتغير فيه شيء ، كان قد نفذ من سجنه و لم تثبت عليه اي قضية فهو لا يحتفظ بأي شيء يخص ضحاياه و ضحايا الاعداء في هذا المكان ..يتخلص منهم فورا بعد خروجهم قال على عجل : ادخلي ادخلي
فدخلت تمد الخطوة الى حيث تلك الحجرة
كان قد اقفل الباب خلفه و كانت معه في خلوة ، صار يحك عن عمد عضوه امام ناضريها حتى تلوى وجهها واصفر من صدمته و ابتلعت ريقها خوفا تريد ان تقوم حالا و تجري وتخرج بعد فعله هذا ولكنها تريد .. الزبدة .. الى ما وصل . هل فك السحر عن حبيبها ام لا
ولكنه كان وقحا سافلا حقيرا يتغذى على نهود النساء و يتمتع بفروجهن غالب الاوقات من لا يقدرن ان يدفعن ثمن سحره
و هو قد رغبها ، يرى جمالها ودلالها عدا المال الوفير الذي هي مستعدة لدفعه
جلس مقابلا لها وهي يداها ترتعش و فمها يرتعش و كلها يرتعش اغلقت عيناها لبرهة قبل ان تقول بصوت مبحوح : ها ماذا حصل قد مر وقت طويل ولم اسمع منك اي شيء هل فككت السحر ام لا !
اخذ يحك ذقنه ويلويه في مكر : قليلا بعد و ينفك السحر ، هذا سحر سحر وليس لعب اولاد يعني سيأخذ وقتا حتى يخرج من جسده هل فهمتي !
صار يتطلع بطمع الى جسمها و يدور بعينيه برغبة مقيتة عليها كلها من رأسها حتى اخمصها وهي تقول : ماذا تريد بعد
قال و هو تتملكه الرغبة : قد .. اقول قد .. قد يلمسك و يتمكن من مضاجعتك ان فك الربط العالق بك
لم تفهم ما دخلها هي في الموضوع فكرر و شرح و بالغ في الشرح : ربما هو لا يراكِ الآن وربما الجني المكلف يحجبك عنه ، فلذلك ربما ان لمسك رجل آخر سيخرج ذلك العارض !
ابتلعت ريقها وجلا : هل تخرف ماذا تقول اي جني واي زفت فوق رأسك !
كانت غاضبة منفعلة حين طقطق بلسانه معارضا : كل سحر مكلف به جني و هو الآن يراكِ فيمنع زوجك عنك هل فهمتني ، تحتاجين الى فحل يضاجعك قبل زوجك كي يستطيع ان يراكِ
لا تعرف كيف وصلت بها درجة تصديق ما يقول فهذه العوالم التي يتحدث عنها هي اكبر منها بكثير لا تفقه فيها شيئا ولكن جعل رجل آخر يلمسها قبل يحي هذا شيء مقرف مقزز ولن تفعله الا حين ان نطق : استطيع ان اساعدك !
نظرت له في سرعة ودهشة : كيف !
قال بقناعة تامة : تتمددين هنا و انا اخرج هذا الجني العالق بينكما !
دق قلبها دق متواصل وصل حتى صوان اذنها ، غامت عيناها بالأسى ، يريدها ان تتمدد قبل ان يفعل اي شيء له !
مالت برأسها موافقة على مضض هي لا تفكر غلا في تسريح يحي من هذا الذنب ، ان تجعله حرا في حياته ، ان تجعله انسانا طبيعيا مرة اخرى ، هو دين في رقبتها ولابد ان ترجعه ، دين عن اخاها الذي عميت بصيرته و مكر في ابن عمه وهي تجني الآن ثمار ما عمل !
حتى ابتسم ابتسامة سوداء و عيناه تمكرانها : حسنا تمددي هنا
نزعت حذائها و تمددت على الارض امامه رأسها ينظر للسقف و نهدها يتطلع للسماء كالجبال الشامخة و هو قد زاد البخور والجاوي و الفاصوخ حتى عبقت الحجرة و صارت بيضاء تماما كأنه بين السحاب ، هو حقا يريد ان يطير ان يحلق بين فخذيها هذه كانت نيته ولكنه كان ايضا حذرا في التعامل معها و بالسليقة عرف انها متنفذة وقد يُقطع رأسه بسببها فلم يجد بدا من العبث فقط قليلا بها
قام فوق رأسها ينظر اليها حتى فتح رجليه و عبرت ساق من فوقها فكانت مستلقية تحته تماما انثنى بجذعه حتى استلقى بين فخذيها ..في يده ورقة بيضاء و دبوس ..صار يغرز الدبوس ساعة في الورقة و ساعة في بطنها و ساعة في الورقة و ساعة في صدرها حتى رمى الورقة بعيدا عنه و هو يلقي بتعويذات كادت ان تخرج منها روحها وهو يمرر يده برغبة فوق ثدييها وهي قد داخت لا تعرف ماذا يحصل فيها استسلمت تماما ليداه وهو يمررها جيئة و ذهابا حتى مفرق فخذيها كان يطن و يرن ويأن و ينتفض و يزفر و يصرخ و يغني و يقفز و يرهز حتى قضى وطره في عقله وهي مغلقة العينين بالكاد تشعر بما حولها قد خدرها تماما تشعر بالتوهان وهو يتعمق بين ثنيات جسدها بيديه حتى كاد يفقدها عذريتها !
اما في البيت فقد كان في غرفة يحي الهادي و طارق اللذان ما ان سمعا بما حصل جاءا جريا اليه يطمئنا الى روحه الغالية عليهما احتضناه بقوة : الحمدلله على سلامتك و الله ان حصل لك شيء كنت سأقتل اي احد في طريقي .. هكذا قال طارق بعفوية و سرعة في الحديث متلهفا الى صاحبه الذي كان يجلس حقيقة بجرح بسيط فوق حاجبه يدخن سيجاره ، امه قد حكمت بحبسه في غرفته الى ان يطمئن قلبها ويهدأ ، بعد كل ما حصل كان يضحك حتى بانت نواجذه : ألم تبالغ قليلا !
فرد عليه الهادي : يا الهي لا تمت قبل ان تلمس امرأة !
رفع حاجبه له مشاكسا وهو يهز خصره دلاله ممارسة الحب
اما هو فقد كان يشفط سيجاره و ما انفك عن ان يعلو صوته بالضحك على ما قال صاحبه : انك والله لقميء
اتكأ الهادي : يا رجل كل المتعة فيهن لا اتخيل نفسي ميتا بلا امرأة سأموت فوق احداهن انا واثق من ذلك !
اخذ الثلاثة يضحكون : أين هو شيخكم الذي قلتم عنه، ان لم تفعل ،، لا خيار آخر امامي سأموت عزريا !
مال عليه طارق : أحقا تخبرني انك لم تلمس امرأة في حياتك ! ام تكذب علينا و تخبء عنا علاقاتك الغرامية
كان الدخان يخرج من شفتيه افواجا سعل قليلا حتى احمرت عيناه : والله لم المس امرأة في حياتي ولا اتخيل كيف هو الأمر !
مال الهادي الى الوراء مغمضا عينيه قائلا في نشوة بصوت غائر وكأنه يتخيل نفسه بين ذراعي امرأة : آآآآآآآآآآآآآه لقد فاتتك كل المتعة كلها !
لا مال و لا كنوز الدنيا تستطيع ان تقارنها بمجامعة امرأة !
ضيق ما بين عينيه يهز رأسه بارزة شفتيه يحرر الدخان : أهلا بالعالم السفلي !
نظر له طارق في ود و شعور مآزر له :دعك منه هذا الداعر انه يبالغ حقا لا اعتقد انه قد عاشر اكثر من امرأة واحدة .. لمحة جانبية الى وجه الهادي المدهوش .. انا آسف حقا آسف لم نعتقد ان المواصيل في حياتك تصل الى هذه المرحلة لكن بإذن الله سنجد حلا !
رفع هاتفه حين رن صوت رسالة رفعه الى عينيه و رآها هناك تقف صورة وهي خارجة وصورة وهي داخلة ، انتفخ وجهه بالغضب حتى لاحظ صاحباه امره كانت عيناه تظلما من قهره ، هو يراقبها منذ فترة ليست بالطويلة.. قرر ان يفعل ، لم يعد يثق فيها ولا بتصرفاتها لكن ان تصل بها الحالة ان تذهب للسحَرة و المشعوذين ، ان لم تكن هي من فعلتها به !
شفط اخر عقب للسيجارة ادخلها في صدره ولم يخرجها : ما بك ماذا حصل !
هز رأسه رافضا الكلام في ذلك الحين دخل جريا الى غرفته يقف هناك لاهثا داهشا شعره متطاير على جبينه ينظر بحب الى شقيقه اتجه له و اخذه بين ذراعيه يحضنه بقوة يهمس له : والله ان حصل لك شيء سأحرق هذه الارض بمن عليها والله ستكون ثأري الى يوم القيامة
كان يضغطه الى صدره حتى بدأ يسعل من جديد من شدة الضغط : متى رجعت يا رجل
ابتعد قليلا ولا زال يمسك به بين ذراعيه يا الهي كم يشتاقه يا الهي كيف مات قلبه حين سمع ان شقيقه تعرض لعملية اغتيال طار عقله اراد ان يجري له دهرا ان يضعه بين اضلعه ان يحميه .. شقيق روحه
اعتدل في جلسته على حافة السرير : ومالك ترقد هنا كالمريض !
نظر الى الاثنين الآخرين : تستمتعان أليس كذلك !
نظر كلا اليه رافعا حاجبا واحدا ، ناطقا طارق يشير بيده الى يحي : اخاك قد ضيّع علينا حضرة !
رفع رأسه للسماء ينشد بصوت رجولي فخم
يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً ...فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ
رفع له الثلاثة اياديهم تصفيقا انحنى برأسه يحييهم ثم يديرها ليسأل اخاه : من فعل هذا !
كان يشعل سيجارا اخر في ظلمة كفيه رفع رأسه : قضية العلاج الكيماوي !
التقط السيجار من شفتي اخاه ليضعه في فمه و يأخذ منه جرعة مسكنة
ثم ارجعها ثانيتا الى يد اخاه
اهه قال ينفث دخانه من رئته ثم التفت الى الخارج ثم اليه مجددا : واين هو الرجل !
قال بلا اكتراث : تصرف معه فليس لي اي نية في الكلام معه اسأل الرجال أين نقلوه !
هز رأسه موافقا ، فمن تجرأ على الاعتداء على اهله و اصاب اخاه فسوف يرى الجحيم و العذاب الاليم و شعيب لا يمزح في امور كهذه
وانتم ماذا تفعلون ؟!
حدق فيهما من كانا ينظرا الى حوار الاخوين : الأخبار عندك اخ شعيب ، غبت عسى انك قد جئت بالغنائم !
غمز له بعينه و ابتسم فبانت غمازته : أنا دائما ما آتي بالغنائم !
نظر الهادي وطارق الى بعضهما البعض : علمنا علمك انت تكذب !
رفع حاجبه متسليا بهما يبتسم يقول مشاكسا بصوت غليظ :ردي الغطاء على الصدر و الحلمة الآكلة كفاكِ فحيحا كالحية الصائلة !
ضربه يحي على ظهره بكعب قدمه : هذّب ، هذّب !
قال الهادي في جدية : حسنا درب اخوك !
نظر بدهشة اليه ثم الى اخوه : ما قصدك !
رفع جسده الى الاعلى وهو يضع عينه في عين يحي يبوح لأخوه : اخوك مسحور !
غضن جبينه و ظهرت الدهشة جلية على محياه حين كرر: ماذا تقول
فيما كان عقل يحي في مكان آخر ، فيها ، فيما تفعل ، الى اين قادتها رجلاها ، الى دماره هو ، هو من تزوجها بعد ان كانت فضلة اخاه وغيره !
اتفعل به هذا !
توعدها في سره فلابد ان يضع حدا لكل شيء معها .. قد زاد الشرخ وما عاد يقدر على الترقيع ..حياة الدفلى كلها على المحك و هو سيبدأ في اخذ الخطوات التي تناسبها ، خطوات عبورهما معا عبر ذاك النفق الذي سلكاه لفترة طويلة !
فيما كان الهادي يحكي لشعيب ما حصل ليحي كان وجهه يتجهم ويسود و يتضخم التفت بشكل عاصف الى شقيقه : لما لم تقل لما لم تبح منذ زمن
قال في تؤدة : قلت لكم لم انتبه والله لم انتبه الا منذ فترة بسيطة فقط !
صمت الجميع حتى قال في وجه اخوه : هل تعرف !
نظر الى عينيه نافضا السيجار عن قميصه رافعا رأسه ينظر للسقف : طبعا اعرف هذه سيارتي !
حدق الاثنان الى بعضهما البعض حتى انفجرا في الضحك سوية على شيء لم يفهمه سواهما
ربت بحب على فخذ اخوه وهو ينهض و يفرد طوله : تمتع بوقتك مع هؤلاء الصعاليك !
تركهم و انطلق الى الدرج ، الى هناك ، الى حيث هي ، من اشغلت له فكره و لعبت لعبتها بعقله و جعلته مجنونا لرؤيتها ، أتخال حقا انها قد تختبيء منه او تهرب عنه.. في احلامها اللذيذة !
كانت رجلاه قد دقت طبول الحرب نعم الحرب ، كيف سمحت لنفسها ان تخالف امره بل وتهرب من قصره ، اتعلم مدى الحقد اللذيذ الذي اشعلته في نفسه لم يعد يحتمل ألا يراها لم يعد يحتمل ألا يقبّلها ألا يحملها بين يديه كاللعبة الصغيرة الجميلة الرقيقة ، ان يلعق عبوسها و ان يدرّب شفتيها تحت شفتيه كيف سيجعلها الليلة تمؤ بين يديه نعم هذه نواياه كلها الليلة نعم الليلة وما احسن منها ليلة !
كانت تجلس على السرير ترتدي ملابس الصلاة و تفتح امامها القرآن على سورة المُلك تكررها عدة مرات ، تقوم بمراجعة ما لم تراجعه من اجزاء حتى الآن لكم يجعلها القرآن حرة نفسها ، يجعلها آمنة مطمئنة و ينزل الشفاء على قلبها العليل
كان يتكيء الى الباب يطربه صوت تلاوتها يا الله ما احلاه صوتها شيء غناء شيء مبهج للروح
كان يرى فقط تدوير وجهها و ملاقاة اهدابها الطويلة مع حاجبيها العريضين المرسومين فوق عيناها الكبيرة الجميلة و انفها الصغير المستقيم و بروز شفتيها الذي يدوخ رأسه
لم يظهر منها شيئا ، أهكذا تستقبل المرأة زوجها !
سمعت صوته الفخم التفتت حتى شهقت و دمعت عيناها
كان واقفا يرى كل لمحة فيها كل رد فعل
يرى في عيناها الكثير
يراها تتسحب لتترك السرير
تتقدم ناحه رويدا حتى استقام في وقفته وقفت امامه مباشرتا تنظر الى عينيه تقلب وجهها في وجهه تحدق في شفتيه وفي غفلة منه ارتمت عليه بكل ثقلها حتى رفعتها يداه يحملها الى مستوى وجهه لفت يدها حول رقبته تدفن رأسها في عنقه تتنفس فيه وتستنشق ريحه عرقه عطره كل شيء يهيج المهجة
ولا حتى في احسن احلامه كان سيعتقد انها سترتمي عليه هكذا
انها تشتاقه كما يشتاقها
انها تعشقه كما يعشقها نعم يفعل تبا لذاك القلب الذي اختارها دونا عن نساءه كي يرمي بنفسه تحت قدميها
لم يصدق ان قدها الصغير بين ذراعيه وداخل صدره.. يرفع يده ليضعها فوق حجابها يريد ان يرى شعرها الذي يعشقه كم يحبه كم يغويه و ساقيها تلك المدورة المصبوبة
حملتها اللهفة و ليست ذراعيه
صار يتنفس بعمق و ثار قلبه ثار جسده احمر وجهه وهولم يعد يصبر على فراقها ولا على ان يضاجعها هذه اللحظة
كان يتنفسها حين نطق : في عينيك لهفة
حركت رأسها رويدا الى ان تقابلت عيناها الناعسة شوقا مع عيناه المنتفضتين حبا هزت رأسها بنعم بكل ثقة وبصوتها المبحوح الذي يعشق رنته
: أتدري كم احتجتك تلك الايام الماضية
أتدري انني ادركت انك جداري الذي لا يلين وانك عزي الذي لا يضام
مررت بيدها على حاجبيه و اهدابه حتى اغلق عينيه منتشيا يشمها يدفع بوجهه ناح عنقها يعضها بسلاسة و دغدغة : ما من امرأة استطاعت ان تفاجأني كما تفعلي !
كان يتحرك بها ناح السرير وهي عند وجهه تمرر اصبعها عند شفتيه تغزوه برقتها و اناقتها في الحب حتى مالت على شفتيه فجعلت قلبه يقفز بين اضلعه متهورا مجنونا توحشت قبلته وما عاد يحتمل صبرا : أبلغ بكِ الجنون لهذه الدرجة اكنتِ تخططين لاستقبالي بهذه الطريقة ،
كان يهمس ولعا و عيناه غامتا رغبتا.. تغوينني يا صغيرة..
اندفع بها على السرير واقعا فوقها وهي تحته تنزع رويدا الحجاب عن رأسها فينسدل شعرها حولها فيزيدها عذوبة في عينيه و هي تنظر مباشرتا الى شفتيه و تنزع عنها لباس الصلاة وهو يتابع كل حركة وكل نظرة وكل شغف في حين خلع القميص و تبعه بنطاله وهي عينها في عينيه تقفز لهفة كالحصان الصاهل ..
بان فستانها الذي ينحسر عن كتفيها فستان احمر قان يبرز سمار بشرتها الجميلة الناعمة كان قصيرا حتى فخذيها يبرز ساقيها التي يعشق حتى ادار يده حولهما
، حول ساقيها
كانت حقا مستعدة له كانت تتوقعه
كانت تريده ان يراها هكذا ككل النساء
انثى تثير خياله و يتبعها كالمسحور حين همس : حتى هذا الفستان لن نحتاجه
اخذ ينزله رويدا من على كتفيها يسحبه بأسنانه وهي جامدة
ستجعله يفعل ما يرغب
كل ما يرغب
وكل ما ترغب
كان يقلبها بين يديه و يهمس في اذنها
و السعادة تتفتق من عينيه كان يُعدّها لما سيفعل
الجوع يحركه وكأنها اول امرأة عرفها بين النساء
وكأن كل تاريخه أُختصر فيها
هل كانت تمؤ
كانت صامتة تتابع فقط ما يفعل
ترى فقط لهفته و رغبته الناطقة
تستمتع باندفاعه
تستمتع بما ترى من عشق لها
عشق سيقتله
يعلمها الحب
يعلمها المتعة
يعلمها ما لم تعلم
كانت يداه الخبيرة تتحرك بكل براعة فوق جسدها وبين ثناياه
و شفتاه تحرثا انحناءاته حرثا
و حتى قدميه كانت تداعب اصابع قدميها الصغيرة
حتى حين كان لسانه يخترق شفتاها و حانت لحظة جعلها زوجة قلبا وقالبا هناك
في ذاك الظلام
في ذاك الفرج
لم يكن ما يعيق
توقف قلبه و تصنمت حركته و رفع نظره مفجوعا
حين رأى اللؤم في عينيها
حين رأى الحقد في شفتيها
حين رأى التلوّن في مقلتيها
امسكت برأسه تعتصره بين يديها تجذبه بشده الى وجهها تضع شفتها فوق شفته تقضمها بوحشية و هي ناظرة الى عينيه قائلة كالأفعى القاتلة :
دقة بدقة .. فقد زدتم .. وزاد السقا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق