الجزء العشرين
مازال يكتب شعره العذري ، قيس
واليهود تسربوا لفراش ليلى العامرية
حتى كلاب الحي لم تنبح
ولم تطلق على الزاني رصاصة بندقية
لا يسلم الشرف الرفيع ُ
ونحن ضاجعنا الغزاة ثلاث مرات
وضيعنا العفاف ثلاث مرات ٍ
وشيعنا المروءة بالمراسم ، والطقوس العسكرية
لا يسلم الشرف الرفيعُ
ونحن غيرنا شهاداتنا
وأنكرنا علاقاتنا
وأحرقنا ملفات القضية
سيرجعها الى عقلها ، لما لا ، سيرجعها الى روحه ، لما لا ، سترجع بإرادتها الى حضنه ، نعم ستفعل ... أليس كذلك يا غالية قلبي ، الم تعديني انك لن تتركيني وحيدا ، ألن نتواعد ان نبقى سويا و نموت سويا ، غالية ،، انا اعتذر ، انا اقدم اعتذراي ، انني اجهضت قلبي ، انني قتلت مهجتي وودعت للحظات روحي
تذكرين عندما اخذتك الى بيت اهلي ، تذكرين ..
كانت الفكرة ثورية نوعا ما ، فهي نوعا من التحريض ضد قوانين و اعراف تجمعاتنا الصغيرة المثيرة ، ان يأخذني يحي لان اقابل اهله
ليس لي اي صفة تذكر سوى انني صديقته ، سوى انني حبيبة يرغب بها ، يحي الجنون شقيق روحك اعلم ذلك و جعلتني جزء منه !
ان اذهب معك بإرادتي لأاقابل اهلك لأرى وجه امك و اباك ، ان ارى اخوتك ، لم اعرف كم الانفتاح الذي تعيشه عائلته لأنه لم يكن هناك حقا انفتاحا ، فالوجوه التي قابلتني لم تكن فعلا راضية عن فعلت ابنهم المهذب الوسيم الذي فرض نفسه و ثوراته عليهم ..
كنت استغرب ، لما ينظر يحي لامرأة مثلي
لم تنقصه الرجولة فهو فارع الطول جميل الوجه قوي الجسد ذو عينين عسليتين ، كيف ليحي ان يحبني انا ؟!!
كيف لمستوى يحي ان ينزل لمستواي انا بكل ذلك التاريخ المزري الرخيص ، مطرودة اعيش بلا ام ولا اب !!
ماذا ان سأل اهل يحي عن اهلي ماذا سأقول ؟!!
عندما دخلت مزرعتهم اول مرة لم اصدق ما ارى ، هل هناك اناس في عالمنا الصغير هذا يعيشون بتلك الرفاهية !!
حتى الخادمة كانت جميلة و فائقة الانوثة !
كانت الاعين تدور و تحاصرني ، هناك عينا الام الحنونة التي يظهر انها غير راضية عن تصرف ابنها و في ذات الوقت تتامل ان تكون هذه المرأة والتي هي انا من نصيب ابنها !
لما لم يتزوج يحي ؟!!
سؤال طرحته على نفسي مرة و طرحته عليه الف مرة ، عندما كان يقترب مني حتى اتنفسه و تتشبعه خلايا جسدي وهو يرمقني بتلك النظرات الشهية : لأنني كنت انتظرك !
هكذا كان يحي يداعبني و يشجعني على ان اكون طيعة بين كفيه ، احببت حبه لي ، احببت هذا التمسك الخيالي ، لم اكن اظن يوما انني سأكون شخصا مهما في حياة أحد ما و خصوصا هذا الرجل الذي يبذر في رجولته !
كم احببت جلسته بين اهله في تلك الثياب القاتمة ، انا لم ارى على جسده خيط غير الاسود ، يحبه و يمتهنه ، نعم يحي يمتهن السواد ، رغم عشقي له فهو غامض لي ، انا لم اسبر روح يحي كما فعل هو معي ، اريد ان اسكنه ان افتش خلاياه ان اتميع في دمه وان اعرف وادرس كل فكرة وكل نظرة وكل دقة وكل شيء كل شيء كل شيء
: اتمنى ان ترحبوا ب غالية
كانت الوجوه تنظر له واجمة ، فهذا والده بكل هيبته وجبروته يغضن جبينه و يرمقني بين فينة واخرى بنظرات غريبة اتراه يشك في نواياي تجاه ابنه ؟!!
اتراه يظن انني استغله وانني اغويه حتى تصل به الدرجة ان يجلبني لعقر دارهم بلا اي صفة ؟!!
همهم الجميع بكلمات غير مفهومة
فتلك شقيقته التي يبدو عليها الفخامة ، مميزة و جميلة بطلتها و عنفوانها ففي نظرتها كرامة و فخر
وها هو شقيقه ، يا الهي اذكر كم يعشق يحي شقيقه هذا ، هما كالتوأم ، روحيا اعتقد فجسديا فكل واحد له ميزة وله شكل وله شخصية
فهذا الذي امامي يجلس متكأ غير مبال ينظر لي نظرات متفحصة اربكتني بعينيه السوداوين وكأنه يقيم علاقتي بشقيقه والى اي مدى قد تصل ، رأيته حين لفتة يغمز شقيقه و على شفته شبح ابتسامة !
تردد الجمع في سؤالي من انا وانا اجلس مثل التلميذة النجيبة هناك لا ادري كيف فعلتها و سايرته و جئت معه !!
حين جاءت الخادمة لتكسر الصمت بصوت حذائها العالي ، كانت متأنقة جدا بملابس الخدم والفستان الذي يبرز كل تفاصيل جسدها العامر و مشيتها المتبخترة و مكياجها ، فتحت عيني اندهاشا كيف لامرأة مثل هذه ان تكون خادمة ، كيف يحتمل رجال المنزل ان يروا هذا المنظر ولا يسيل لعابهم عليه ؟!!
انحنت علي حتى بان لي صدرها فكيف بالاخرين ؟!!
همست لها : شكرا لكي !
كاد صوتي الا يخرج ، سرحت حنجرتي وانا انتظر من يحي ان يقول شيئا لا ان اكون منظرا الكل ينظر لي فقط ، وهو عندما انحنى الى الامام واضعا كفيه ببعضهما البعض يشبك اصابعه : غالية جزء مني !
هكذا قالها بطريقة اقشعر منها بدني حتى تخلخلت اعصابي و ارتعشت اطرافي كانت نظرته لي كفيلة بكل ما قال انا جزء منه ، بادلته نظرة دامعة كدت اقوم هاربة اختبأ في زاوية لأبكي لا ادري فقد شعرت بالحزن على نفسي ، انزلت الكأس من يدي وانا اتابع حركاته وهو يقول بفخامة صوته و ملامح رجولته وهو يمعن النظر الى عيني : غالية جزء مني و حظي من الدنيا
هنا نزلت دمعتي دمعة عامرة بقصة حياتي
لا اعرف مايحصل قد فوجئت حين قال : اريد الزواج منها !
هنا قام والده وقطع صلة الحميمية التي بيننا و ضرب بعكازه على الارض : قوما معي اريد التحدث معكما !
قد كان رأسي دائخا لم اكد اخرج من اللحظة ، كيف لرجل ان يأخذ حبيبته لبيت اهله ليقول لهم ها هي اقبلوها لانني احبها !
يحي انت قلبي
هنا لم انتبه ان هناك من جلست بجانبي ، تلك الفخمة الجميلة صبا التي ابتسمت في وجهي : تعلمين منذ زمن لم نرى روح يحي ولم نرى انه فعلا يحب او يريد الزواج ، يحي عاش عزريا طوال حياته و لم تكن له علاقات ابدا بالنساء ، لا اعرف كيف فعلتها ولكنه يحبك ارى ذلك في عيني اخي !
ابتسمت و انا انظر الى الارض الى حيث ساقي التي ربما لن تستطيع النهوض من مكانها ولربما سقطت ، فالحرارة التي صعدت لجسدي كفيلة بجعلي ضريرة !
رفعت رأسي ورأيت تلك النظرة الحنونة من امه ، نظرة الام الراضية ، الام التي ارتاح قلبها فابتسمت في وجهي وهي تقول بصوت منخفض يشبه الهمس : كنت استغرب فعل يحي حتى رأيتك ، وكنت استغرب حضورك حتى افصح عن رغبته بالزواج بك ، انت امرأة جميلة ولابد انك تعرفين ذلك ، ترددت قليلا وهي تخفض بصرها : يحي مرهف الاحساس ، مختلف عن اخوته ، يحي عندما يحب فهو يحب حتى الموت !
بلعت ريقي وانا استمع لها ، نعم اعلم انه مرهف الاحساس وانه عنيد و انه احضرني ليفاجأني انا نفسي بموضوع الزواج !
هل حقا يريد يحي الزواج بي ام انها حجة فقط كي يفعل ما يريد بمعرفة اهله !
يحي غير مجبر ، لا ليس مجبر !
اما في الغرفة الاخرى
: هل انت جاد فيما تفعل !
كان هذا سؤال والده الذي تابع : ليس من الاصول ان تحضرها الى هنا كي تعرفها علينا !
بدا ناقما وغير موافق
لكن ابنه رد عليه وهو ينظر الى اخاه : غالية ظروفها خاصة ولن اضعها في موقف محرج بسبب ذلك
نظر له والده بتمعن : ما هي ظروفها الخاصة هذه التي تجعلك تأتي بها وتطلبها في بيتنا !!
لا ادري كيف تغيرت العادات والتقاليد وخاصتا انت يا يحي تعرف ماهي الاصول !
قام من مكانه متضايق : ابي ارجوك انا ارغبها واريد الزواج منها وهي تعتبر وحيدة ليس لها احد كي نتعرف عليهم .. هل فهمتني !
نظر الى والده نظرة حزينة مترجية الا يكسر بخاطره وخاطر تلك المسكينة التي اخذت تتبلور على يديه
ولكن ذلك الصراخ الهمجي الذي سمعوه وخرجوا بسرعة على اثره وراء بعضهم البعض
هناك حيث كان يقف زكريا و شقيقته زهرة من وراءه
كان يتأبط شرا ، ثائرا وكأن عاصفة ضربته فجعلته ركاما : كان يصرخ بأعلى صوت يملكه : ايتها العاهرة ، ايتها الفاجرة ، بعد ان تخلصتي مني تاتين الى هنا معه يا حقيرة
اقترب منها كثيرا ومد يده بوقاحة الى بلوزتها و امسكها باستحقار وهو يهزها : انا من فعلك ، انا من اخرجك من عالمك القذر ، انا من عرفتك عليه
دار برأسه عليهم جميعا : انها بقاياي انا وهو عينه تقابل عين يحي الذي اسود من الصدمة و قلبه يدق بعنف حتى كاد يخرج من صدره تقدم له وهو يمسكه من قبة قميصه : ايها الحقير كيف تسمح لنفسك ان تتهجم علينا هكذا اقسم بالله يدك هذه ساكسرها التي مددتها على غاليتي
اخذ الاخر بتلابيب يحي : هذه العاهرة التي تقفز من رجل غني الى اخر انها فقط فتاة ليل ، تسمعني انها وسخة تافهة متسلقة لا تعرفها مثلما اعرفها
كنت هناك كنت اسمع كنت ارى ولا ارى ، كان السمع يضعف عندي ، كان الدوار يداهمني ، كانت الرعشة تنتقل من طرف الى اخر ، كان جسدي يهتز بقوة و انا احاول ان اسيطر على تلك الارتعاشة ، انا انا يا زكريا ، انا متسلقة و عاهرة و وسخة انا ، لم اعد اعرف ما يحصل الا عندما امسك يحي بيد زكريا و لواها له حتى سمعنا صوت طرقعة عالي توالت عليه صراخ فتاة تقف هناك كانت تتفرج على كل ما يجري ، تقدمت تجري : اتركه اترك اخي يا حقير ، امن اجل تلك الوقحة تضرب اخي
ولكن يحي لم يعد يرى امامه فهو الان لا يرى الا الشيطان و جسده تأهب لكسر عظم زكريا واحد تلو الاخر ، يحي لم يعد يرى احدا : قلت لك الف مرة ابتعد عنها ، هذه المرأة تخصني ، هذه المرأة هي لي !
اتجرأت على نعتها بالساقطة يا حقير !
رن صوت الصفعة التي طالت خد زكريا الذي توحش هو ايضا يريد ان يركل و يصفع و يشتم و لكن يحي كان له بالمرصاد فقد ثبته و رفعه مثل الحشرة وهو يثور في وجهه : اقسم بالله ان تكررت فعلتك سأقطع لسانك وانت تعرف ما استطيع ان افعل !
اخذت تلك الفتاة تحاول ابعاده ووالده في المنتصف وامه تقف مذهولة و تنظر لي نظرات اتهام كأنها تصدق ما قال و كأن مجيئي الى البيت هو بداية التفكك !
نصف وقف متفرجا ونصف متعاركا وانا الضحية
حملت حقيبتي و جرجرت خيبتي و انهيت ذلك اللقاء الذي انتهى بفضيحة
فضيحة زلزلت لي كياني ، فضيحة مسحتني ومسحت سحنتي اما عائلته ، الاهانة والذل و الدموع كانت تتساقط مني قطعة قطعة كلعبة مركبة
شعرت أن الارض بكاملها تتهامس علي و تتآمر ضدي ، لما الآن يا زكريا لما ؟!!
أصرت تكرهني لهذه الدرجة ؟
كيف للمرء أن يكون ذو وجهين اذا لم ينل ما يريد ، ام انه ظهر على حقيقته ؟!!
قد خذلتني و دمرتني يا زكريا .. خذلتني
اسيجرؤ يحي ان يراني ، اسيجرؤ ثانيتا ان يقابلني و ان يقول لأهله انه سيتزوج تلك الفاجرة التي كانت تعبث مع ابن عمه !!
خرجتُ مثل التائهة وانا اسمع ورائي اصوات تكسير و اصوات صراخ واصوات تلحقني : انا قد نمتُ معها !!
لكن لا يا غالية ها هي الفرصة كي اعوض كل ما فات ، ان احقق كل ما ارغب ، اريدك انا اريدك ، قلبي جسدي روحي عمري كله يريدك ، ماذا تريدين انتي اكثر من ذلك ، قد تعذبت في بعدك و تعذبت في موتك او بقايا موتك فها انتي ذا هنا امام وجهي و ستعيشين معي الى ان ترجع لك ذاكرتك
هنا دخل بسيارته الى حديقة البيت و قلبه يرفرف قد عادت الحياة بقوة الى نبضه كالكهرباء التي تضرب صدره
هنا سيجعلها تعيشه مرة اخرى ، سيجعلها تحبه كما اول مرة اعترفت له بحبها ، سيجعلها له نعم هنا ستكون له !!
خاف ان ينظر الى الخلف الى وجهها ولا يراه ، يخاف ان يكون كل ذلك وهم !
الى ان سمع صوتها الرقيق : هل سنخرج !
متوترة هي وجدا ، كيف ستكون حياتها هنا في هذا البيت العملاق ، كيف ستعيش بين عائلة ؟!!
نعم عائلة اب وام و اولاد ، يا الله !!
بعدما تركهم يحي و غالية عاشا يتيمان تماما ، اطفال يعيشون لوحدهم في البيت يشرف عليهما مربية الى ان بلغا و استغنيا عن المربية !
عاشا لا يعرفا شعور حنان الام ولا حب الاب
الارتباك سيطر عليها و هنا راجعت نفسها : هل يجب عليها البقاء ، هل تسرعت في قرارها ان تأتي معه !
هي تثق في .. عمها يحي .. كامل الثقة التي ربما زلزلت قلبها نعم زلزلته كيف لا وهي تراه هكذا كما لم ترى رجل في حياتها ، هناك بضع مراهقين او اولاد في الجامعة من يتمنون اشارة منها وهي لا تعتبر لوجودهم ، اما هذا لا تدري كيف لقلبها ان يدق له بكل بساطة وقوة ، اصبحت تخجل ان تضع عينها في عينه فترى تلك النظرات التي يرمقها بها ، نظرات مجنونة ، نظرات تفصح عن كثير عما في عقله ، كيف لا تعرف ما صلة قلبها به لا تعرف !!
خرج من السيارة وهو يلبس نظارته و اغلق بابه ، والتفت اليها ينظر من خلف زجاج السيارة و هو يتنفس ويشفط كل هواء الكون الى صدره يا الهي سيصاب بسكتة قلبية من كل ذلك ، لا يفهم كيف حصل هذا ولكنه حصل انها هنا معه ، فتح باب السيارة : تعالي اخرجي ، قالها بصوت حنون مراع لحالتها المرتبكة : لا تخافي !
اشار الى احد الرجال الواقفين في الحديقة الخلابة كي يحمل الحقائب وهو واقف هناك بجسده الفارع و شخصيته المسيطرة : سندخل الان الكل يعرفك و ستنسجمين معهم لا داع للرهبة والخوف فانت واحدة منا !
حسنا قلبها لا زال يدق ، كانت ترتدي بنطال من الجينز الضيق و بلوزة صفراء للخصر و حذاء عال ، كانت طلتهاجميلة ومميزة وهو ينظر لها هكذا وشعرها الذي طال عن حده لابد ان تقصه كما السابق !
تقدمي ، ترددت ، فتقدمها هو و صارت تمشي ببطء خلفه وقلبها يرجف من الخوف و الرهبة لاناس ستقابلهم اول مرة ، انهم عائلة العم يحي الذي راعاهم كل حياتهم و جعلهم من هم عليه الان
من الجهة الاخرى خرجت زهرة التي كانت تراقب النوافذ تنتظر متى يعود الى البيت حتى رات تلك الفتاة التي لم تتبين ملامحها جيدا فخرجت راكضة و هي في عز انشغالها بالزوار الذين لا زالوا يتوافدون على تهنئة امها بالمولودة الجديدة
خرجت وشعرها يتطاير خلفها وهي تلهث من الجري وقلبها يكاد يتوقف عن النبض بينما دخل يحي الى البيت والاخرى تتابعه بنظراتها حين اخذ ينادي : مليكة
هنا جاءت مليكة تتهادى بلبسها الضيق و جمال وجهها ، فمنذ اخر مرة مع السيد يحي وهي تحاول تجنبه ، لم تكن تخرج لخدمة الاسرة بل ترسل الخادمات الاخريات كي يقمن بعملها و لكنها ارتاحت هذه الفترة فالجميع ليس هنا و يحي كان مشغولا بشيء في عقله ، وقفت امامه تمثل التماسك بينما ساقاها تكادان تخوران من شدة فزعها منه : خلع نظارته و اخذ ينظر اليها نظرة شريرة علمت منها مقصده وهي ترى تلك الفتاة تقف خلفه ، نعم تلك التي اتهمها انها غالية ، في الحقيقة لا تبالغ ان قالت انها لم تفطن للتشابه الكبير بين البنتين فاخذت تنقل بصرها بين يحي الذي يرمقها بغضب و بين البنت ديالا التي تعرفها حق المعرفة ، اشار يحي برأسه : تعرفينها ؟!!
فهزت رأسها بسرعة وهي تبلع ريقها الذي نشف تقريبا : نعم يا سيد يحي
التفت الى الفتاة
التقت نظرتها به ، كان هناك واقفا ، يحاول ان يتماسك الا ياخذها بين ذراعيه الا ينغمس فيها ، ألا يمطرها بقبلاته ، الا يرفع شعرها ويداعب عنقها ، الا يهمس لها في شفتيها ، ألا يمارس قوته عليها و يضغط جذعها حتى يتطابق مع جسده ، ألا يكسر عنقها !
هكذا سيطر يحي على مشاعره الفتاكة ، هكذا كتم انفاسه وكأنه تحت عمق البحار لا يكاد يتنفس ، هكذا كل شيء يعود الى ما كان عليه
وهو هناك يرى زهرة الذاهلة التي توقفت عن الجري ولكن لا زالت تلهث ، التقت نظرته بها و ظهر ديالا اليها ، كانت تتقدم تريد ان تعرف اذا مافي بالها صحيحا الى ان وقفت وجها لوجه امام الفتاة فما ان راتها حتى رفعت يدها الى فمها تغلقه وهي لا تكاد تصدق فاغرة الفاه و منفرجة العينين : ماذا فعلت !!
تدير رأسها اليه في ذهول ، هو الذي يستمتع الان بهذه الصدمة نعم يستمتع ، تجاهلها وهو يشير لمليكة بيده : خذي السيدة الى جناح خاص بها يا مليكة و رتبي لها حاجياتها ، فالسيدة ستعيش هنا !
كان ينظر بتحدي لزهرة ، ان تقول لا ، ان تعارضه ، ان تصرخ ، ولكنها قد اخرست تماما لا تستطيع الحديث لا تستطيع الرد لا تفهم شيئا ، همس في اذنها قبل ان يخرج : استعدي لاستقبال ضرتك !
مرعية
منذ ايام لم تخرج من البيت ، لم تجد الشجاعة بعد لتعود الى الحياة الطبيعية ، فكل مرة تحاول الخروج يعود اليها مشهد اختطافها و تعذيبها
نعم عذبها ، الم يتركها ليال و ايام بلا طعام ولا شراب في مكان مقطوع ، الم يضربها و يقطع ملابسها ، الم يأتي اليها هذا العاهر كي يرااودها عن نفسها
فكرت الف مرة ان تختفي ، تتمنى ان تختفي ولكن هيهات لها ذاك ، تلك امنية من الصعب تحقيقها في ظل هذا الرجل الداعر المسمى المؤيد ، تخافه تخاف تلك النبرة الحقيرة التي يخاطبها بها ، تخاف ان جرؤ عليها مرة اخرى ان يتمكن منها فعلا و تصبح عارا على نفسها ، تخاف ان يطرق بابها و ان يلقي بنفسه عليها !
تستغرب حقا تستغرب !
لما هي ، هي المصنفة انها من ابشع بنات جيلها ، لا ترى فيها عينا ولا جسدا ولا روحا اصلا كي تغريك و تفسد لك عقلك وتتلاعب بك ، اتكون الطريقة الوحيدة لها كي تعرف رجلا هو الاغتصاب ؟!!
تقشعر جسدها لتلك الفكرة او الخيال الذي لا يتقبله عقلها ، اين ستطير بنفسها فإن كانت في باطن الارض سيجدها فهذا هو عمله ، ان كان من خلال هاتف وجدها فما بالك لو اختفت ماذا سيفعل فيها ، و حضوره هنا ليس الا من باب ان يفرض سيطرته و ان يحذرها من مغبة الهروب لمكان أخر فالواضح انها قد اصبحت من ممتلكاته !
كانت الافكار تتدافع في رأسها حين سمعت قفل الباب يفتح ، تزحزح قلبها عن مكانه وهي تسمع الباب يقفل و خطوات تسرح في الصالة الصغيرة
جحضت عيناها و ارتعد جسدها خوفا حتى كادت تتبول على نفسها وهي هناك تجلس على طنجرة قديمة و امامها طاولة دائرية صغيرة من الخشب تفرد عليها عجينة تريد ان تخبز خبزا بيتيا للعشاء ولكن ماذا عن الضيف الذي جاء عنوة بلا دعوة ، الضيف الذي يملك مفتاحا رغم عن انف صاحبة المكان !
التي تجمدت حتى كادت تشعر انها ميتة من تيبس الدماء في عروقها وهي تراه واقفا هناك فوق رأسها وكانه قد خرج منه ، الم تكن تفكر فيه هذه اللحظات ها هو ذا بشحمه ولحمه ، ولكن الان هو بملابس مختلفة تماما عما رأته فيه سابقا ، هنا يرتدي جلابية بيضاء تنطبق على صدره !
استند الى الباب وهو يضع يدا على لحيته و اليد الاخرى يرفع بها قليلا طرف جلابيته البيضاء الناصعة !
كيف بلغت به الوقاحة ان يفعل هذا ؟!
ليس من حقه ، من اعطاه نسخة عن مفتاح شقتها ؟!!
لا تفهم ، اخذت تهز رأسها وهي تقول بصوت عال : سراب سراب كذب كذب
كانت تنظر الى العجينة و تتابع فردها، هو فقط خرج من رأسها نعم هو وهم ليس حقيقة !
اخذت قطعة عجين و ضربتها بيدها اولا ثم اخذت تفردها ولم تلتفت وهي تهز رأسها مثل الهنود و تطمئن نفسها ان ما يجري ليس الا محض خيال ولكن اليس من الغريب ان يطول بقاء شبحه عند الباب !
تيبست في مكانها واخذت تدور برأسها رويدا رويدا ، من الاسفل ، حيث اصابع قدميه تبرزان من حذائه المفتوح ، حذاء بني من الجلد فاخر الصنع ، الى طرف جلابيته البيضاء والتي تحتها سروال ابيض تبدو بدلة باهضة الثمن ، وصلت الى حيث صدره العريض و يده التي تلم طرف القفطان ثم الى لحيته وكأنه سلفي ، يده الاخرى وبها ساعة فضية كبيرة لا تدري كيف يحملها معصمه !!
ثم شفتيه و ابتسامته الجانبية المتسلية ثم الى الاعلى قليلا و قلبها يرتعش من خوفها الى عينيه .. الى كله الى جبروته الى قسوته : هل تفاجأتِ !
لم تسمع
صامتة مثل الموتى
ماذا يفعل هنا وماذايريد منها
لماذا يلاحقها كظلها
ألم يشفي غليله منها الم يكن لقاؤه لها اخر مرة كافيا بجعلها تشعر بالعار ؟!!
اجاء كي يفعل ما وصفه لها آخر مرة ؟!
لا تدري ما تفعل او ما تقول لا تدري ولكن هناك سكين بجانبها و قبل ان تحمله في يدها انقض عليها مثل النمر السريع وهو يمسك بيدها و عيناها الغاضبتين في عينيه ووجهه قريب من وجهها حتى كاد يلامسه : لا لا لا يا عزيزتي لا تخاطري بحياتك فلن ينجرح بهذا السكين سواكِ
قد فاض بها الكيل ، كيف وصلت به الوقاحة ان يقتحم عليها بيتها ، ماذا ستقول للناس ؟!!
سمعتها قد تدمرت !
نفثت حقدها في وجهه : ماذا تفعل هنا ومن سمح لك ان تدخل بيتي !
نظراتها التي استحقرته وهي تخرج كلماتها بتؤدة تستحقره : أهكذا يفعل اهل السلطة ! يقتحمون على الناس بيوتهم !
لا يعرف كيف جاءتها الشجاعة تلك الضعيفة التي كانت
وهي قد وصل بها الكيل حده
لن تقبل ان تشوه سمعتها ولا ان يتم الاعتداء عليها في عقر دارها
: ان لم تخرج الان و تعطني المفتاح الذي في يدك سأصرخ و سأجمع عليك الناس !
اخرج تأتآت في فمه : اششششش ألم اقل اصمتي !
وضع اصبعا وحيدا فوق شفتيها اقشعر منها جسدها وهي تنحني برأسها بعيدا متهربة من حركته الرخيصة
ادارت رأسها وهو لازال منحنيا عليها و ينظر الى جانب وجهها
لم يتغير شيء في خلقتها ، هي كما هي ، بملابسها الرثة و بيتها الفقير جدا !
قام و استقام ولم تستدر ، خرج من الباب فنهضت خلفه وخرجت له كانت متأهبة لعراك طويل و دفاع عن النفس ولا زال السكين في يدها !
تقف هناك على عتبة الباب بينما هو يجول بنظره في الشقة الصغيرة ذات المفروشات العتيقة و الجدران المتقشرة و التلفزيون الذي هو من عصر الديناصورات : ماذا تريد مني !
تجاهلها وهو يلعب بأعصابها التي اخذت تتلف ، لم تعد تدري ان كان لا زال قلبها يدق فهي لم تعد تسمعه !!
التقط حقيبتها وهنا جاءت له تجري تسحب الحقيبة منه بالقوة التي استسلم لها : لا تقرب حقيبتي ولا اشيائي الخاصة
اشار لها برأسه وهو يبتسم جانبيا مغيضا لها
دار في المكان يدقق بعينيه ويفتح الستارة و يغلقها من جديد : لا ارى مرايا في بيتك !
عيناه تركز النظر على عينيها ، لاتفهم ما سبب هذا السؤال الغريب
ان كان لا يوجد هناك مرايا فهي لانها غير موجودة !!
الا يكفي هذا ألابد لها من تبرير ؟!!
جمعت كفيها امام صدرها وهي ترجوه : ارجوك اخرج و اعطني المفتاح فالناس سيتكلمون عني !
رفع حاجبا : حقا !!
ألم يتكلموا عنك بما يكفي في الماضي ؟!!
ألم يسألوا من اهلك ؟ من اين اتيتي ؟ الم يقولوا ان امرأة .. فلتانة .. تعيش لوحدها !!
ألا يسأل الناس ماذا تفعلين عندما تغادرين المبنى صباحا ؟!!
الا يسألوا كيف تدفعي ثمن الشقة ؟!!
هي الان متعبة جدا بل مرهقة ولا تريد متابعة هذا الجدال ، هذا جنون ، على هذا الرجل ان يخرج الان !
: هلا تكرمت وخرجت
اقترب منها رويدا : حقا... من سيخرجني
اخذ يقترب وهي تتقهقر ، يقترب و تتقهقر الى ان وصلا الى باب الشقة هناك مد يده وخارت هي ولم تعد تستطع الوقوف فساقيها لم تعودا تحملاها و السكين في يدها من شدة ضغطها كاد ان يجرحها ولكنه كان قد مد يده لمقبض الباب يفتحه ثم خرج منه و اغلقه !!
وهي جلست عند الباب مصفرة الوجه متعرقة الاطراف !
ان كانت تعرف ان القدر سيرمي بها بين اقدام رجل قواد مثل الزين !
ان كانت تعرف انها يوما ستشهد على عنترياته بام عينها !
ان كانت تعرف ان قلبها يوما سينسحب الدم منه و يتركها شهيدة !
فقط ان كانت تعرف كل ذاك لما امسكت بقلبها بين كفيها و سلمته له !
هي التي اعترفت لنفسها بالزمن ليس بالبعيد انها تهواه نعم تهواه لما لا ، كيف لن تستطيع ان تهوى رجل مثله وان كان قوادا وان عرفت حقيقته وان راتها بام عينها !
كان من الصعب ومن الكذب على نفسها ألا تعترف انه يؤثر فيها ، انه دق مشاعرها حتى انهارت و انحنت له بالكامل
ماذا ؟!!
الحقيقة كانت في كفة و كذبها على نفسها في الكفة الاخرى
ألم تهواه منذ نعومة اظفارها
كان يوما مشمسا ربيعيا جميلا السماء صافية زرقاء و الاشجار مخضرة مثمرة و العشب مخضر و الفراشات ترفرف و هناك اجتماع قبلي ، ألم يكن هو هناك بين الفتية الذين كانوا يتجمعون على الشواء ، هناك وهي بين الفتيات يجرين و يلعبن و يقفزن ، واحيانا كثيرة يفرضن انفسهن على الشبان و يضايقونهم فيقومون بتوبيخهن وابعادهن عنهم
ذاك الوقت حين كانت ترتدي بدلة بيضاء من تنورة واسعة و جاكيت يطوق جسدها الصغير و شعرها الاسود كان طويلا ناعما يتطاير و يرفرف مع رفرفة اجنحة العصافير كانت تبلغ السادسة عشرة ولا زالت تحب اللعب في الهواء الطلق و تتنفس الحرية ،
كانت تستغل دائما صغر حجمها وتخرج ولا تأبه لأحد
هناك كانت الحياة لا زالت بسيطة و مفهومة لا زالت حلوة وممتعة ، لا هموم ،لا تمسها المشاكل، لم تفطن الى ما حولها ، كانت تلاحظ ان اخاها الصادق يبتعد عن الشبان و يجلس وحيدا هناك توجهت له مسرعة وشعرها يتطاير خلفها ، تجلس بجانبه و تجمع ركبتيها بذراعيها مثله تماما ، لما تلاحظ عليه الحزن !!
لما يبدو تعيسا ، لما ترى دموعا في عينيه ، كانت تمعن النظر اليه وهي تسأله بهدوء : اخي ما بك ، لما تجلس وحيدا ، انظر اليهم انهم يتمتعون بوقتهم فلما لا تشاركهم الحديث !
كان ينظر الى الارض في جلسته تلك ، احيانا يمد يده ليلعب بحصى صغير على الارض يلتقطه ثم يرميه بعيدا ، كان واجما : لا اريد
كانت تصر عليه : لما لا تريد ، الا يعجبك التجمع ، ألن تدخل لوالدي في المجلس مع الرجال !
التفت لها و هو يمسح دمعة كادت تنزلق من جفنه فمنعها : أبي لا يريدني في المجلس !
فتحت عينا : ولكن الصديق بالداخل لما انت لا ، انت الكبير !
تنهد بحزن و فضّل الصمت على ألا يبوح بما في قلبه لها
وفي الجهة الاخرى كان اغلب الشبان قد دخلوا الى المجلس و بقي فقط واحد يقف هناك ، كان طويلا و نحيفا لا ترى وجهه يقوم على شوي اللحم والاهتمام بالمطبخ الخارجي و ينادي على احدهم بين فينة واخرى
كانت بينهم الحديقة الوارفة و الاشجار و نافورة الماء المتوسطة للحديقة ، التزمت الصمت وفضلت التأمل مثل شقيقها الحزين !
طال الحال ففضلت ان تقوم لتلحق بباقي الفتيات اللواتي دخلن للبيت وفي تلك اللحظة خرجت منها آهة الم : آآآآآه
اغمضت عينها بشدة و هي تتألم و تمسك ببطنها
حاولت التماسك والوقوف و المشي للوصول الى باب البيت ولكن الالم كان اقوى حتى وقعت على الارض وهي تتأوه :آآآآآآآآه كان المها يزداد و صراخها يزداد معه الى ان ركض لها الصادق الذي بدا القلق على وجهه وهو يحمل رأسها عاليا و يسأل : نجلا ما بك ، نجلا ،،
: آآآآآآممممم ألم ألم أأأأأأأه اخذت تبكي وهو ارتبك لا يعرف ما يفعل الى ان نظر الى الجهة الاخرى حيث ذاك الشاب الذي يقف هناك ، ترك شقيقته وتوجه له يتحدث معه ، التفت الاخر عليها من بعيد وترك مافي يده بسرعة و جرى اليها مع شقيقها سمعته يحاوره : أعتقد علينا ان ناخذها الى المستشفى وألا نفسد على الرجال اجتماعهم !
وهي لم تعد تستطع فتح عينها من الالم .. فقط الاصوات تصلها كأنها من مكان سحيق كانت الدموع تنزل على خديها و هي تشعر ان احدهم يحملها على ذراعيه و صوت سيارة و حديث يدور بين رجلين لا تعرف ما يحصل الى ان فاقت من البنج !
عندما فتحت عيناها و احدهم يضربها على خدها بلطف : نجلا نجلا استيقظي
كانت تفتح عينها وفي ذات الوقت تتألم ولكن ألم ليس بالفضيع مثل ما كان سابقا : نجلا لقد اجرينا لكي عملية الزائدة الدودية و ستستفقين من المخدر بعد قليل ،، هل تسمعينني !
كان هذا صوت الطبيب الذي اجرى لها العملية و حين استوعبت ما يجري كانت هناك العديد من الوجوه التي تنظر لها ، وجه الصادق القلق ، وجه الممرضين ووجه الطبيب ووجه آخر لا تعرفه !
استراحت على فراشها وهي تقول : ماذا حدث !
: حسنا سنترككمم الآن الحمدلله على سلامتك
هنا تقدم منها شقيقها يمسك يدها بكل حب : حبيبتي نجلا لقد اانفجرت بك الزائدة الدودية و لكن الحمدلله كل شيء بخير
اخذت الدموع تنساب على خدها : هناك الم فضيع الم لا استطيع تحمله يا الهي مثل السكين في بطني
اخذ يهدأها : الحمدلله يا عزيزتي قضاء اهون من قضاء ستتحسنين قريبا قالوا ستة ايام ستبقينها هنا ثم تعودين للبيت !
اخذت تهز رأسها ثم اغمضت عيناها تحاول تجاهل هذا الالم !
فيما سمعت صوتا غليظا : لابد ان نتصل بالعائلة و نخبرهم بما جرى لعلى والدتك تنام معها الليلة !
كانت الايام تمر بسرعة وهي حتى الان تشعر بالألم ولم تستفق منه تماما ، لكن تستطيع اسناد نفسها على السرير على الاقل
في يوم من تلك الايام الستة دخل عليها شخص قد لاحظته قد سمعته و سمعت صوته و تعرفت عليه ، شاب طويل ذو عينين سوداوين و شعر غزير و لحية محلوقة ، كانت نظراته شديدة التركيز وهو يدخل مع شقيقها الصادق وهو يرحب به : تفضل تفضل الحمدلله انها بأفضل حال الآن و ستخرج قريبا
ابتسم شقيقها في وجهها عندما ولج للغرفة و هناك كان من وراءه من تعلم حديثا كيف يشق خطواته و يسير مسار اهله
ارتبكت من نظراته القاسية تلك لا تدري لما ينظر لها بتلك الطريقة لما لا يبتسم في وجهها فقد اخافها حقا : تفضل تفضل اجلس سأحضر كرسي آخر من الخارج
خرج اخوها وتركها مع هذا واجم المُحيا معقد الحاجبين ، اذا لم يرد الزيارة فلما اتى إذن ؟!!
تبرمت بوجهها عنه و لكن فزعت حين وجدت يدا كبيرة دافئة تدير رأسها إليه ألتقت نظرتها الخائفة بنظرته الواجمة ويده لا تزال على خدها صارت ترى كل تفاصيل وجهه عيناه و شفتاه و شعره و جبهته وكل شيء فيه ، لا تدري لما فعل ذلك فالحركة قد اخافتها منه كثيرا ولكنه كان قد اقترب منها حتى طبع قبلة على خدها فتحت منها عيناها برعب كيف يفعل ذلك : الحمدلله على سلامتك يا صغيرتي !
قلبها كان يسابق الريح في جريانها في يوم عاصف ، لا تدري هل فعله هذا يتوجب منها الاخبار عنه لدى عائلتها ام انه امر عادي لكونه رجلا كبيرا و الامر عاديا لأن يتحمد بسلامتها ؟!!
كانت مشتتة و ليست صغيرة بأن يظن انه من السهل استغلالها
صغيرة أيظن أنها صغيرة ،قفزت الفكرة الى رأسها لأنها قصيرة ولأن جسدها صغير الحجم كم يظن عمرها ؟!!
: احضرت لك الحلويات ، تعجبك ؟!!
يا له من بريء ،، انه حقا يظن انها في العاشرة من عمرها ربما !
عندما دخل الصادق يحمل في يد كرسي وفي اليد الاخرى كوبين من القهوة مد احدهما للشاب الذي يجلس قبالتها وقال ضاحكا : كنت اظنها ستموت في السيارة الحمدلله لولا مهارتك في القيادة ما كنا سنصل بسرعة اخذ الاخر يطمأنه وهو يشرب القهوة : لكن الصغيرة لا زالت تحتاج الى عناية
: اخ يا الهي عمرها ستة عشر ولا زلت تقول صغيرة !
هنا شرق في قهوته حتى كاد يموت من غصته وجهه احمر و اخذ يسعل بصوت عال ، نهض من مكانه وهو يعتذر ويغادر وهي تنظر له مفجوعة و تشعر بالخجل الشديد منه و عاتبة على اخاها الذي جعله يدخل عليها و يتساهل معه في معاملتها !!
اما الان فهي تحت وقع الصدمة وليس غيرها
الصدمة التي جمدتها لأيام متتالية
الصدمة التي جعلت نومها كوابيس تستفيق منها وهي متعرقة او وهي تصرخ بعالي صوتها
كانت الصدمة النفسية كبيرة عليها ، كبيرة جدا ، كيف بلغت به الوقاحة و الجرأة ان يجلبها الى مكان اقل ما يقال عنه في عقلها وفي موسوعتها انه بيت للدعارة !!
إنه الماخور !
عندما وقفت هناك في تلك الساحة الداخلية
غرف كثيرة و حمام سباحة يتوسط المكان و قبة عالية في سقفه ، اصوات و ضحك و غنج !
انهن خليط من النساء
هذه بيضاء وهذه شقراء وهذه سوداء ، كم امرأة لم تعد ، كانت تقف هناك و الصدمة جعلت وجهها شاحبا منسحبة منه الدماء
كانت تتوقع منه كل شيء الا هذا ، إلا هذا !!
تعرفه وتعرف ماذا يعمل و تعرف انها تحاربه وتحارب افكاره و يعرف تماما انها ضده وضد ما يفعل من جرم في حق نفسه اولا ثم حق كل هؤلاء النسوة !
صمت المكان جعلها تدور حول نفسها ، العيون كلها عليها ، من هن في حوض السباحة ومن هن على اطرافه ومن خرجن من الغرف ، هي من اصبحت فرجة و اصبحت علكة واصبحت ضحكة على افواه الناس ، اي مجنون هو كي يفعل بها هذا !
استدارت على عقبيها بلا اي كلمة فهي تعرف تماما ما يحصل في هذا المكان ولا داع لشرح اي حد او تبرير لأي شيء
هو يقصد ان يجلبها هنا
هو يقول لها أنت مثل هؤلاء النسوة اضعك اينما اريد و اخذك الى ما اريد
هو يخبرها انها مثلهن نعم وربما اقل منهن
الم ترى كم امرأة بالغة الانوثة و الجمال كانت هناك
كيف جعلها ممسحة له ، كيف جعلها طيعة بين يديه ، كيف كان يجعلها تفيق على قبلاته !
آمنت به و أمنت له رغم معرفتها بحقيقته المرة التي ابتلعتها على مضض
آمنت بحنيته عليها نعم قد كان حنونا معها كيف لا ، هو لم يمسسها بسوء وحتى لم يحاول ان يغصبها على نفسه ، تركها ، كان يتلاعب بها فساعة يقبلها بعنف و ساعة يتركها في حالها و ساعة يشتاقها و ساعة يذكرها بماضيها معه الذي بالكاد تذكرته
كيف يعرف كيف يحطمها ، كيف يبنيها ثم يهدمها
كيف انتزع قلبها من بين احقادها و ضمه الى جنبيه
يرى ذلك في عينيها و يراها في رغبتها ، نعم قد رغبته ، رغبته بجنون ، رغبته لدرجة قد نسيت هي من وما ماضيها ، لدرجة انساها غليانها منه و حب انتقامها لشقيقتها و شقيقها الذين غُدر بهما على يده
كيف سمحت لكل المباديء التي تبنتها ان تذهب هكذا تضيع في غمرة ضياع روحها في روحه
كيف ارادت ان تنتمي له ، ان تعشقه ، ان تهزمه !
كيف كابرت على نفسها في كل مرة اقترب منها فيها و غازلها و انفرد بحبها
ترفع يدها الى خديها تندب نفسها و جسدها نعم تندبهما
الم يخوناهما و يستسلما لكل لمساته و شفتيها التي تتوق لشفته و جسده الذي تتمنى ان يمارس به حبه عليها !
كيف جعل كل ذلك كله ينهار هكذا ، كيف !!
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه قهرها والله قهرها و داس عليها
امسكت بقلبها بين يديها تعتصره بقوة و هي تتألم تخرج منها الاهات و تخرج منها الدموع و تخرج منها العبرات وهي تصرخ لنفسها في غرفتها بغل قل مثيله و عيناها تتوعداه شرا : قد قتلتني ، قتلتني ،، والله لأقتلنك من قهرك .. والله لتندمن على ما فعلته يا شعيب والله لتندمن !
اما عن مجلس صالح الذي فيه هذه المرة اخوته امحمد وسعيد و ابو البراء الذي جاء بنفسه
كان يجلس بينهم بثياب الشيوخ التي يرتديها عادتا ، فأبو البراء هو حقا شيخ في المسجد و قد كان مقرأ و يحفظ الاطفال القرآن في الخلوة ، لكنه الآن ارتقى ليكون عضوا في مجلس النواب ، هو لا يفعل شيئا سوى لمصلحته ، قد كان معروفا بطيبته و زهده لذلك رشحه الناس رغم كبر سنه لمجلس النواب كي يكون صوتا لهم ، ولكن أبو البراء عاش مثل الجميع يريد ان يصل وعندما وصل ترك الجميع خلفه و شق طريقه وحده ، هو يقبض المال على الا شيء ، قد خذل الناس خذلهم فلا هو نفعهم ولا هو قد اوصل اصواتهم الى الحكومة وها هو اليوم في بيت صالح : هناك اخبار عن حرب جديدة في البلاد يتم التجهيز لها
كان صالح يطرق برأسه الى الارض و المسبحة في يده و عصاه في يده الاخرى يهز رأسه و يستمع : تمويل الحرب لن يكون سهلا ، ستكون حربا طويلة ، بتمويل دول او بدونه سنحتاج الى الدعم ، انتم لديكم طرقكم الخاصة في جلب السلاح من السودان !
رفع صالح رأسه يتلاصق حاجباه : أين هي وجهة الحرب اولا لابد ان نعرف !
: يقولون سنهاجم المنطقة الغربية لانتشال المليشيات من مؤسسات الدولة ، تعلم المليشيات الان تسيطر على البنك المركزي و تسيطر على الحكومة ألا ترى بنفسك !
تنهد صالح وهو يلقي النظر على اخوته وهو يهز رأسه : اي حرب في البلاد من يتأثر بها نحن اولا !
سيتم التشديد على مخارج ومداخل البلاد و على البنوك وعلى الحياة بصفة عامة سنكون محاصرين هل تفهم ما اعني !
هنا هز أبو البراء رأسه معارضا و هو يطقطق بلسانه : لا لا لا ، من سيتعاون معنا في هذه الحرب ويجلب لنا الذخيرة والسلاح و امدادنا بالمال سيكون له معاملة خاصة ، تعلم حرب مثل هذه قد تتدخل بها دول عظمى هذا اولا ، ثانيا ربما لن يتدخل احد و نكسب الحرب و نسيطر على البلاد !
هنا تدخل امحمد : وهل هذا الامر الذي تتحدث فيه من قلب سياستك !
لا اعرف ما دخلك انت بالحرب ، من المفترض انك وسيط فقط بين الناس و الحكومة لا ان تجلب سلاحا ولا مالا وعلى كل حال انت تعيش في القاهرة معظم فترة انتخابك فلما تريد ان تبدأ الان حربا هنا !
انتفخت اوداج ابو البراء بحقد وهو يتقدم في جلسته هويعدل جلبابه : انا اريد الانتقام لأبني ، ابني الذي قُتل هكذا بلا وجه حق !
ضرب الاخوة ايايدهم ببعضها البعض ، كيف ؟!!
سعيد قال له : البراء لم يُقتل ، البراء هرب الى الصحراء ومات هناك ، متى ستستوعب هذا الامر و توقف ما تفعله !
ثم انت تعرف ان ابنك كان احد امراء تنظيم الدولة فكيف تقول لنا انه بلا وجه حق !
هذا التنظيم قد ضرنا نحن انفسنا الا ترى ما حصل لهارون من وراءه كادت كل العائلة ان تُحاسب بجريرة فعله !
قام من مكانه غاضبا : هل تقول لي يا صالح انك لن تساعد في جلب السلاح !
نظر الكل الى بعضهم البعض ثم صرح : السلاح شيء مفروغ منه ولكن طريقتك انت بالتفكير خاطئة !
هنا دخل يحي الذي حي الجميع و جلس بعد ان صب لنفسه فنجان قهوة ، جلس متكأ على ذراع واحدة بعد ان انزل نظاراته الشمسية عن عينيه ، في الحقيقة هو لا يطيق شيء اسمه ابو البراء ، فبعد عدة فضائح له و قضايا خاصة بالشرف و بالاطفال خاصتا لم يعد يريد ان يرى وجهه ولا ان يتعامل معه ، اصلا لو بيده لطرده الان من مجلسهم فهو لا يشرفه ان يضع يده في يد متملق حقير مثله !
نظر رافعا حاجبا : أرى انك هنا !
التفت له ابو البراء : نعم هنا و سأظل دائما !
التقت عيناهما بتحد حين مال يحي يضع فنجانه على الطاولة : كيف حال القاهرة ؟!!
هو يعلم تمام العلم ان اغلب من يمولون الحروب داخل البلاد يعيشون في هناء عيشة الملوك في كل دول العالم : ألم تيأس بعد من هذه البلاد !
كان يحي فقط يستفزه يريد ان يخرج اسوأ مافيه فأمثال هؤلاء الناس بالنسبة له هم أساس حياتهم هذه واساس موت الجد زكريا !
كان ابو البراء ينظر بشر و لؤم الى وجه يحي الذي يرى أنه لا يطيقه : أرى يا صالح ان مجلسك لم يعد مجلسا للرجال !
هنا وقف له الجميع حتى فزع منهم ومن وجوههم ، كانت عيونهم تستشيط غضبا و انفاسهم لوحدها تتدافع ومن شدتها ربما سيموت مخنوقا ، سيطر الرعب على قلبه حين اقترب منه يحي وهو يفوقه في الطول ، رفع يده بتؤدة الى رقبته و عيناه تشتعل شرارا : الجرذان امثالك مكانهم تحت الارض لا يخرجون الا لنشر المرض و بث الخراب ، انت لست رجلا ، انت بعثت ابنك طمعا في السلطة و قتلته ، اتعرف كم من البشر دمرهم ابنك ، اتعرف كم من الاطفال عبثت يداك بهم !
كانت يداه تدوران حول رقبة ابو البراء الذي فتح فاها و جحضت عيناه من خوفه و صار يتعرق كأن شمس القيامة سُلطت على رأسه : أن تجرأت ودخلت هذا البيت مرة أخرى سأقطع ساقيك ، تعاملك معنا سيكون خلال وسيط لا اريد ان ارى سحنتك في حياتي !
التفت الى صالح الغاضب ايضا : الن تقل شيئا لأبنك يا صالح !
أيهان الضيف عندكم !
نهره صالح وهو يضرب بعصاه على الارض بقوة : هذا ان كنت ضيفا و ان كنت تحترم مضيفك ، انت لسانك قد تبرأ منك و تظن ان كل الناس عبيدا عندك ، انتبه لما تفعل يا ابو البراء والا وقسما بالله مصيرك سيكون اسوأ من مصير ابنك !
تركه يحي بعد ان نفض يده عنه ، نعم هم مجرمين ، نعم هم يتاجرون بالسلاح وبكل شيء ممكن على هذه الارض ، لكنهم لا يستغلون الاطفال الابرياء مثلما فعل هذا الشيطان الرجيم !
خرج ابو البراء مسود الوجه متمتما في نفسه انه سوف ينتقم لما فعلوه به وقالوه له اشد الانتقام !
بينما استأذن سعيد : انا ايضا علي الذهاب ، اريد زيارة رؤوف والتفاهم معه فالمؤيد حتى الان لم اره هو يفعل مافي رأسه ولا يحسب حساب احد !
وانا سآتي معك ، هكذا رد اخوه امحمد الذي هو ايضا ربما سيسافر قريبا الى تونس و هناك يريد ان يقضي عطلة لطيفة ربما بصحبة أحدى النساء اللواتي يعرفهن ، فهو في هذا السن لا زال زير نساء بجدارة ولا زالت صولاته و جولاته واولاده ينتشرون في الارض مثل الجراد !
لم يكن ينقص امحمد الكاريزما ، نعم هو هاديء اغلب وقته ، هو يراقب بعيني صقر كل ما حوله و اغلب ما يراقبه حوله غالبا ما يكون من النساء ، فهو يقدرهن حق التقدير ويتعامل معهن بالحسنى ، هن كذلك كن يرين فيه الجنتل مان ، هو بعيد عن اعمال العائلة فهو يمتهن تجارة السيارات لذلك تجد سفره الى الصين و كوريا و المانيا كثيرا و كذلك تهريب السيارات الى بعض الدول الافريقية الجنوبية مثل تشاد و النيجر ، تجارته هذه واسعة جدا وجعلت منه مليونيرا متفردا ، ترى ذلك على مظهره الجذاب رغم انه اقل اخوته وسامة ولكن صوته و مظهره يجذبك من اول نظرة خصوصا حركته في رفع كمي بدلاته او الكشف عن ساعديه فهي حركة دائما مادوخت النساء و جذبتهن له ، ربما لم يرث هارون وآيدين مظهر والدهم ولكنهما بالتأكيد ورثا عنه القسوة !
هنا انفرد يحي بوالده ، وقفا وجها لوجه : أبي عليك ان تعتذر لأمي !
اقترب صالح من يحي غاضبا : ماذا تقول يا ولد !
اغمض لهنيهة عينه ثم فتحهما في عيني ابوه يكرر : قلت لا بد ان تعتذر لأمي و ان ترضى و ان ترجع للبيت !
التوتر قد بلغ اشده عند صالح يحاول ان يفهم ابنه : امك تعاند لا تريد العودة بل تريد الطلاق !
حاولت معها الف مرة وانتم كلكم تعلمون هذا ، تعلمون كيف لرجل ان تحرمه زوجته منها لسنين متوالية ، تعلمون كيف ينفطر قلبك على امرأة تحبهاوهي لا تطيقكك ، تعرف كيف عاملتني كأنني فرد زائد في العائلة ، امك كانت قاسية معي و هي الان تكمل ما بدأته !
دار يحي حول نفسه يا الله : أبي الا تفهم ، امي مجروجة ، مجروووووحة ، قد كسرت روح امي كسرتها ، كادت الدموع ان تفطر له قلبه ، هذه امه روح فؤاده ، يعلم كم قاست حين تزوج والده ميادة ، كان لا ينام تلك الفترة الا بعد ان يدخل يطمئن عليها ، ابوه قد كسرها وحطم حلمها فيه ، كان يخاف ان تموت من قهرها ، كان يرى الانكسار في عينيها و الذل و الاهانة ، نعم اهانها بالزواج من اخرى !!
ماذا كان ينقص امي كي تتزوج عليها ؟!
: يحي هل جننت ؟!! هل تريد مناقشة امور مرت عليها سنين ، ميادة انجبت منها زكية و الان مياسين ماذا تريدني ان افعل ها قل لي ماذا ؟!!
اعطى يحي ظهره وهو مقهور مقهور : هل تريدون مني ان اطلق ميادة من اجل ان ترجع امك !
هل تريدني ان ارجع بالوقت للوراء !
جلس يحي مغموما يضع وجهه بين كفيه : يا ليت يا ابي يا ليت ترجع بنا للوراء يا ليت ، ارجع بنا ، الى يوم امي كانت تضحك ، كانت سعيدة ، كانت راضية ، ارجع بنا لوقت لم يمت فيه احد !
التفت له والده : قل انت ما حكايتك !
: ابي ارجوك لا تغيرالموضوع لابد ان تجد حلا لموضوع امي فأنا لن ارضى ان تعيش منفصلة عنا !
: هل تهددني انت الآخر بترك البيت !
نفخ صدره بالهواء : لا لن اترك البيت فالآن بالذات ليس الوقت المناسب لتركه !!
وقف على حيله يشد جسده : انا الىن سأذهب الى امي و احاول اقناعها بالرجوع ، ولكن اذا فرضت شروطا ستقبلها كلها جميعا !!
قال كلماته وخرج وترك والده في دوامة من امره ، ترك المجلس و خرج الى حيث ميادة و بناتها
الى حيث صوت بكاء و صراخ يخرج من حنجرة انثوية ، كانت زهرة هناك تقف في صالة بيتهم الكبير تكاد تختنق : انا لم اعد احتمل ، قد جاء بالفتاة التي يقول عنها الى هنا تخيلي الى هنا وجها لوجه معي ، يقول لي استعدي لضرتك ، وضعت يدها على جانبي رأسها : رأسي سينفجر سينفجر
هنا دخل صالح لا يدري ما الامر ولا لما الصراخ : زهرة ، صرخ فيها ، ماذ اتفعلين الا تعرفين ان امك نافس !
التفتت له وهي تصرخ في وجهه بوجهها الاحمر المنتفخ من البكاء : اخرج و انظر ماذا احضر ابنك الى البيت ، البيت الذي كان مفترضا ان يكون بيتي انا ، اخرج و انظر من هي تلك التي جاء بها دون علم احدنا ، ابنك قد تزوج !
هي لا تعرف اصلا انه فعلا قد تزوج ، هي خرجت من البيت مذهولة لا ترى امامها
نعم رأت ذلك الوجه الف مرة في عمرها ، هذا الوجه الحبيب لقلب يحي ، كيف حصل هذا كيف ، هي تبدو اصغر نعم اصغر ، لم تسأل حتى مليكة فلربما لو سألتها كانت ستخبرها بكل كبيرة و صغيرة ولكانت استنتجت امر الفتاة
وقف صالح مذهولا : من الذي تزوج
ازداد صراخها وقهرها : يحي .. ابنك يحي
اطلقت ساقيها للريح وهي تجري الى الاعلى و تقفل باب غرفتها بالمفتاح ، لما ترى حياتها تنهار قبل ان تبدأ
لما فضل كل الرجال نساء اخريات عليها ، لما هي مكروهة ؟!!
شعيب جعلها تكره اليوم الذي ولدت فيه ، حب حنان كان مسيطرا على روحه ولم يستطع تقبل امر انه سيتزوجها هي بعد ان عاشر اختها و حملت منه ثم ماتت امام عينيه !
و يحي متخبط ساعة يحبها و ساعة يطلقها مثل الطير الحر
الآن الأمر يخصها هي ، هي يجب ان تقرر ان تبقى مع يحي مع كل حياته و غرامياته مع كل النساء من حولها او ان تتركه و تترك لهم البلاد و ترحل الى حيث اخاها زكريا !
دفنت نفسها في الوسادة و هي تندب حظها العاثر الذي جعلها واحدة من هذه العائلة التي تجرم في حق النساء !
ولكنها رفعت رأسها بحقد و بحثت بجانبها عن هاتفها و جدته و طرقت رقما حتى استجاب الطرف الآخر قالت : هتان أريد أن أراكِ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق