الجزء التاسع عشر من آخر أنثى قبيل وصول التتار

\

 


 

 الجزء التاسع عشر

 

كان عناد اهل رؤوف مع ناجية و عائلتها امرا غير محسوب البتة ، خصوصا في هذه الاثناء التي تمر بها البلاد في فوضى و انتشار العصابات و القتلة المأجورين و الخاطفين و كل شيء قمة في الاجرام لم يكن ليخطر لك يوما على بال

هنا حتى الجهة العسكرية من حقها ان تقودك الى حيث شاءت او ان تقتلك ان قمت بمعارضتها و تُرمى في احد الشوارع الجانبية كي يلقاك عامل النظافة !

هنا ان عاندت خسرت حياتك وهذا ابدا لم يكن الوقت ولا الزمن الذي يناسب هكذا نوع من المشاعر ، خصوصا ان لم تكن مسنودا من جهة عُليا او انك احد قوات الضبط والربط في البلاد

هنا يأتوك و يرموك في السجن حتى بلا محاكمة لتقضي حياتك اما مفقودا يبحث عنك اهلك واما منسيا ينساك حتى من قاموا بسجنك

لا يوجد امامك خيارات الا واحد فقط .. ابعد عن الشر و غني له ..

ام رؤوف ستندم نعم ستندم فمن هي كي تضع رأسها برأس عائلة مثل عائلة بن زكريا ، فهم يحكمون بعض الوزراء من تحت الطاولة و منهم من هم من الضباط ومنهم من سيرشح نفسه قريبا لمجلس النواب وربما حتى لقيادة الدولة و الرئاسة

هنا لم يعد شيئا عجيبا فكل امنياتك قد تتحق في غمضة عين انت فقط عليك ان تعرف من تصاحب ومع من تتعامل !

هنا في قسم الامن الداخلي بعد ان تم جر المتهم رؤوف و المتهم اوس الى غرفة التحقيق وكل واحد على حده : عندما كانت يد الضابط تسقط على خده تدمره له حتى تدمى شفتيه : قلت لك اعترف لمن كنت ستأخذ كل هذه المخدرات !

وفي الغرفة الاخرى كان هناك اوس الذي نال من الضرب حتى سقطت له عدة اسنان و تشوه وجهه وهو حتى لا يستطيع الكلام ، فقد كان مكبلا بالاصفاد في يديه و رجليه وكان الضابط يشد شعره : اعترف الان من منكما المسؤول عن تلك الشحنات من الحبوب المخدرة و الحشيش !

ان اعترفت من زودك بها وكيف ادخلتها للبلاد ربما ستخفف التهم عنك و نعتبرك متعاونا !

هما لا يعرفان اي شيء عن ذلك ، فجأة كانا في الامن الداخلي امامهما كمية مهولة من اكياس المخدرات و الحشيش و الترامادول و رزم من المال ، تم تصويرهما خلف هذه الكمية على انهما المتهمان الذين يتاجران بالمخدرات و يفسدا عقول الشباب و يدمرا مجتمعا كاملا

تم ارسال الصور الى صفحات التواصل الاجتماعي و فيديو و خبر لنشرات الاخبار عن القاء القبض على عصابة من عصابات المتاجرة بالمخدرات !

كانت التهم جاهزة و المواد جاهزة و حتى سنوات السجن جاهزة !

: قلت لك اعترف ان اعترفت على صاحبك فربما سنخفف العقوبة وقد تخرج

خرج صوته متعبا باكيا لا يصدق ما يحصل معه ، انهم اوقفوه في شارع عمومي معروف و احاطوا سيارته بعدد مهول من سيارات الشرطة العسكرية و اخرجوا السلاح عليه ، لم يعرف ماذا يحصل حوله قد تاه في المعمعة ، اخرس تماما حين رآهم يفتحون كبوت السيارة ليخرجوا منها ما تيسر من اكياس بيضاء و حبوب ، كان ينظر مفتوح العينين قلبه يرجف من الخوف ، هز رأسه بعنف و الدم يصعد الى وجهه حتى كاد يفقد وعيه : انا لا ، انا لا ،، هكذا كان يقول عندما القوا القبض عليه .. هو لا !!

و الاخر أوس من عقر داره التقمه الحوت ، حين داهمت البيت دورية الشرطة العسكرية و قفزوا من فوق الجدار واحاطوا البيت من الداخل والخارج وعلا صوت صراخ النساء و البكاء و هو يحاول تبرير نفسه ، نعم حاول ، عندما نزل اثنان من فوق اسطوح المنزل يحملون صناديق مغلقة ، كان يفتح فاها فاغرا لم يعد يستطيع التكلم

اوس ليس غبيا ، اوس علم تماما ان ما يحصل هو جريرة فعله مع من حاول الاعتداء عليها ، اوس يعرف ان الجريمة قد لفقت له تلفيقا ، اوس يعرف انه لن يخرج

خرج معهم بكل هدوء ، هو حتى الان لم ينل جزاء ما فعله مع ناجية و لم يحاسبه احد من عائلته ولم تنتبه زوجته ، بكل بساطة لأن الفيديو صوره من الخلف فقط و عندما اجتمع الجيران عليهما وضع يدا على وجهه وخرج يجري و تركها هي تواجه الجمع المتجمهر !

هو يعلم تماما انه قد ضيع نفسه و حياته

والان يعلم وهو يجلس هناك بين ضرب و اهانات و سب و شتم لسلسبيل اهله عدا عن تهمة المخدرات التي الصقت به فهو لم يستطع الدفاع عن نفسه علم انه قد انتهى !

الاثنان قد اصابهما الذهول و الخرس

عندما حملاهما سويا و تقابلا وجها لوجه امام باب التحقيق نظر كل الى عيني الاخر

خليط من الافكار التي تبادلها الاثنان ، الخيانة ، الصداقة ، الحب ، الندم

في مكان اخر حيث كانت تصرخ في وجه شقيقها و هي تبكي لم تعرف كيف تتصرف : كيف هان عليك ان تتهم والد ابنائي بقضية مخدرات

قل لي ماذا افعل الان ماذا افعل يا الهي يا مؤيد لقد دمرتني و دمرت سمعة اولادي بفعلك هذا

تكاد تقفز من اعلى مكان لتقتل نفسها ما فعله شقيقها بها لا يغتفر

هذا ليس انتقاما من رؤوف ولا من اوس ، هو دمر اطفالا

كان يقف هناك يحمل تحت ابطه طاقيته العسكرية و يحاول ان يفهمها مقصده وهو يرفع صوته فوق صوتها و تخالطت الاصوات : قلت لك لن يقبع في السجن لفترة طويلة

اخذت تضرب على جيوبها و صدرها و تندب على وجهها : الم تفكر قبل ان تقبض عليه

صرخ بها وهو يقترب منها مغتاظ منها بقوة ، هذه الجاهلة التي دمر هؤلاء الناس سمعتها و سمعتهم ، قد طردوها مثل الكلبة من بيتهم و طلقوها بل شوهوا سمعتها قبل كل ذلك امسك بها بين يديه يهزها بعنف و الشرار ينبعث من عينيه و رذاذ يخرج من بين شفتيه : انتي عديمة الكرامة ، قد فعلوا كل فعل انكى من اخيه بك ، قد دمروا لك سمعتك الم يكفي هذا كي اقتلهم ليس فقط ان اجعلهم على قيد الحياة ، السجن جنة لما كنت سأفعله بهما ، زوجك طردك وصدق امه ، انظري اليها الان وهي تدور من مكان لأخر تبحث عن ابنها مثل المجنونة هذا ان لم تجن فعلا ، انظري لها وهي تبكي و تقطع ثيابها مقهورة ، انظري لها الان وهي تتحسر على ابنها و تحاول ان تجده بكل وسيلة

ناجية هذه المرأة ستاتي لكي راكعة ليس فقط من اجل ان تعتذر بل من اجل ان تطلب مساعدتنا في معرفة مكان ابنها و اخراجه ، سأذلها نعم سأذلها من ذلتك و تبلتك بفعل لم يقع

كانت تهز رأسها بقوة غير آبهة بكل ذلك و عيناها محمرتان من شدة بكائها و انفها يسيل معهما ويختلط الجميع ليقع على حنكها : اولادي اولادي سيكبرون مع عار ام و عار اب لا يا اخي لا

حررها من قبضته فالظاهر ان ناجية  لا تزن الامور مثله ، هم يحتاجون للتأديب و يحتاجون لمعرفة حجمهم الحقيقي و معرفة كيف عليهم في المستقبل ان يتعاملوا معهم خاصة حتى ان طلقوا ناجية ولم تعد معهم : انتي الان من حقك جلب الاولاد هنا الى بيتنا و انا في ظهرك ، ناجية يستحقون ما حصل لهم

اخذت تدور حول نفسها و الدم يغلي في رأسها ، هي تحبه رغم كل ما فعل تحبه لا تريده ان يتعذب ولا ان يهان ولا ان يضرب ، فكل ذلك من حقها هي فقط عمله ، ان اجتمعت معه فستتحدث و تثور و تغضب كما دائما ، أليست الحياة دائما حرب بينهما !!

جلست على الدرج تضع يدا على وجهها تسكب عبراتها : لا تؤذه اخرجه من هناك حالا اسألك بالله اخرجه ، هو رجل عصبي و امه ملأت رأسه و كل شيء كان ضده ، هو مجبور على فعل كل ما فعل !

التفت عنها و هو بالكاد يمسك نفسه على الا يصفع وجهها ، صدره يضيق بما تقول : قلت لك لو كان يحبك لو كان واثقا فيك واعطك الفرصة لتحكي له و لكنه فعل العكس تماما وهذه هي النهاية !

تركها و قفز الدرجات بقوة و سرعة تاركا اياها تأكل نفسها و تفكر انها حالا لابد ان تحضر الاولا د من بيت ابوهم قبل ان تنتقم منهم جدتهم !

 

 

 

اما عن صبا التي تحاول طوال الوقت الاتصال بأخوتها ، كانت تطرق بقوة و عنف على شاشة هاتفها ، فلا احد منهما يرد ولا احد منهما قد سأل عنهما منذ خرجتا من البيت ، لا تعرف ما يجري معهما ، هل هما راضيان مع ما حصل لأمهم ، هل راضيان على ابتزاز الصديق لهم في اوقات عصيبة كهذه ، كل البيت مهدد ، حياتهم كأسرة واحدة في مكان واحد مهدد ، كانت تنفخ فيتطاير شعرها الذي ترميه كل ساعة خلف اذنها في النهاية لفته فوق رأسها في عقدة متماسكة : أين انت يا شعيب اجبني اين انت

في الناحية الاخرى المقابلة لتلك القارة السمراء ، كان هو يفطر في مقهى مقابل للفندق الذي يعيش فيه حاليا امامه بيض مقلي و كروسان و زبدة و عسل و كوب من الكابتشينو و كان هاتفه صامتا ، كان يأكل بتؤدة و عقله غائب عنه ، يرسم لكل خطوة سيخطوها الايام القادمة

من هم الاشخاص الذين سيساعدونه في تهريب راعيل و الطفل ، بأي سيارة سيسافرون حتى يبلغون مشرق البلاد ، كم من المال سيحمل معه كي يرشي هذا وذاك ، لابد لأحد من عائلته ان ينتظره على الحدود عند وازن ، ربما المؤيد او آيدين ، المهم شخص ذو رتبة عسكرية رفيعة

كان يحك ذقنه وهو يمضغ لقمته التي طالت وهي بين اسنانه ثم يرفع كوب الكابتشينو و يتجرع منه ما اتفق ليبلع تلك اللقمة

كل شيء بلا طعم ولا رائحة كل شيء

كان يرتدي اليوم بلوفرا من الصوف و يلف رقبته بشال ثقيل ، بنطال جينز لا يرتديه الا في الخارج غالبا ، و حذاء اسود عال الساق !

بعد هنيهة اخذ يفتش في جيب بنطاله وما ان فتحه حتى رأى كم الاتصالات الهائل من صبا شقيقته ، غضن جبينه بحيرة وهو يرجع يتصل بها

على الجهة الاخرى كانت تاكل أظافرها حين سمعت رنة الهاتف جرت اليه ترفعه على عجل و تصرخ فيه : أين انتم ، اين ، كلكم تركتمونا ، ألا تسأل مالذي حصل هنا لا تسأل عن امك لا تسأل عني لا تسأل عن مصائب صاحبك الذي بلوتني به وانت تعيش حياتك مرتاحا

صبت جام غضبها عليه ، صبا لم يعد لها صبرا قد ضاقت بها السبل

قام عن كرسيه بسرعة يبتعد عن آذان الناس و الريح تلعب في خصلات شعره ، بدا واجما و بهت لون بشرته فمما تقول لا يبشر بخير فقال بصوت رجولي حاسم قوي يخرسها عن ثورتها : قولي باختصار ماذا حصل لا داع لكل ذلك يا حبيبتي !

وهي فاقدة لصبرها ، حتى الان كان ضغطها يعلو و يهبط صحتها غير مستقرة متعبة جدا و تشعر باليأس حين حكت جبهتها و تقول في ثبات : لا تعلم ان امي قد تركت البيت

فتح عينيه على وسعهما و القلق قد اكل كل حواسه : ماذا ما السبب ماذا حصل

اخذ ينفث انفاسه عبر فتحتي انفه تبا ماذا يحصل : لا اعرف ماذا حصل بالضبط بين امي و والدك العزيز ، لا ادري هناك قصة عن احداهن تدعى آسيا ، ارادت امي ان تعرف من هي و دار بينهما شجار عنيف تركت على اثره البيت و انا قد لحقت بها

فكت عقدة شعرها بتوتر : ليكن بعلمك يا شعيب لن اخضع لأي ابتزاز من والدك قل له لن اتزوج قبل ان تقبل امي به ثانيتا فلم يكفه انها تركت البيت لسبب هو يعرفه بل جاء الى هنا يهددنا و ضربني و ضربها

كان يدور في الشارع كالمجنون ، اضطر مسرعا ان يخرج المال من ينطاله و يرميه على الطاولة و يدور و الهاتف في يده : كيف كيف لأبي ان يضرب امي كيف

كاد يصرخ من جنونه في الشارع

هو يحب امه ، يحبها كثيرا ، يحب تلك المراة الصابرة المحتسبة التي لا تعلم ما يدور من تحتها ، اهكذا يعاملها ابوه ، تخرج من بيته و تضرب ايضا تبا تبا

اشتعلت عيناه بالغضب من ابيه نعم هو غاضب منه الان اشد الغضب كيف يفعل ذلك بحبيبته حتى لو كان ابوه !

: شعيب شعيب هل تسمعني

قال بصبر و صدره ينتفخ من القهر : قولي لي اولا من هي آسيا

لفت حول نفسها : لا اعرف لا اعرف فالشقاق قد حصل بسببها

حال امك قد انقلب منذ ساعة العرس ، هناك حصل شيء ما ففي ليلة الزفاف حصل الشجار بينهما و غادرت

كاد ان يلقي بالهاتف و يهشمه بين الطرقات وكاد ان يصرخ وهو يحاول ان يتماسك : كيف لم تخبروني ، كيف لم يتصل بي احدهم تلك الساعة كنت تداركت الامر كيف اكون اخر من يعلم

هنا ضحكت بهم و استهزاء : لست فقط انت بل يحي لا يعرف شيئا ، يحي قد جن جنونه لا اعرف ما يحصل معه ، لقد كاد ان يقتل نفسه بسبب امراة رآها يقول انها غالية !

تذكر اخر مكالمة مع شقيقه نعم نعم قد قال له انه يرجع غالية الى البيت ، من غالية و اي بيت !!

هل بدأ شقيقه يفقد عقله هل تطورت احلامه هل بدأ يتخيل امورا لا تحصل !

شد شعره بقوة الى الخلف وهو يعود ادراجه الى الفندق و الهاتف معلق في اذنه : صبا اغلقي الان لابد ان اتصل به لابد ان يعرف كيف يتصرف مع والدك

: ليس هذا فقط ، ضعوا حدا لذلك الحقير المسمى الصديق والا اقسم بالله سأقتله وانت تعرف حين احلف ماذا افعل !

قال صارخا : صبا اغلقي الهاتف الان سأحاول تدبر الامر انا لست في البلاد !

 

 

ماذا عن الرجال الذين اجتمعوا على عجل في مجلس صالح الذي لا يعرف ما هذه المصائب التي تتوالى عليهم

: كيف يا سعيد كيف ، كيف يتصرف المؤيد من رأسه

هذه التهمة التي لفقها لصهره ستودي بسمعتنا نحن اولا

أليس صهرا لعائلة بن زكريا

صارت صوره على كل الاخبار

تبا ماذا يفعل هؤلاء الاطفال انهم يدمرون كل ما نفعل

كان يستشيط غضبا فرأسه يكاد ينفجر مما حدث ، اولا فضيحة ناجية ثم فضيحة رؤوف زوجها

اخذ سعيد الهاتف وهو يحاول حتى الان التواصل مع المؤيد الذي يأبى ان يرفع هاتفه او يرد على اي احد من طرفه

هو يعلم مدى الجرم الذي ارتكبه

يعلم انه مخطيء وان ما فعله كان ساعة شيطان

لم يهن عليه ان تطرد اخته و تقذف في شرفها وشرفهم هم قبلها و تطلق هكذا بكل بساطة

هو يريد ان يري امثال رؤوف كيف يتحدونهم او كيف يرفعوا بصرهم فيهم ، هؤلاء حشرة لاشيء سيدوسهم كيفما يريد ولن تمر فعلته هو وامه و صاحبه مرور الكرام

اصلا لربما هو و صاحبه او هو وامه او كلهم جميعا اتفقوا على ناجية فقط من اجل فضحهم والتشهير بهم ، حين دخل عليه المنذر بمنظره المزري وهو يضع دخان في فمه يدخنه مثل المدخنة التي لا تتوقف ، كان يغمض عينيه وهو يستند على الطاولة يرى عيني اخاه مظلمتان : الجميع يبحث عنك ، فما فعلته لن يغفروه لك بسهولة هؤلاء الكهنة .. اخذ يضحك .. سيضعونك على اللائحة السوداء و سيسلبونك الميزات التي منحوك اياها !

اخفض المؤيد رأسه مستعما بل منصتا لما يقول اخاه ، فكل شيء قاله فيه شيء من الصحة ، تبرم برأسه وهو ينفخ من فمه : انا اريد ان اربي هؤلاء الرعاع لن اتركهم بحالهم قسما بالله حتى لو تحملت الامر كله من ساسه لرأسه لوحدي ، اخذ يضرب كفيه ببعضهما بغيظ

والمنذر اطفأ مدخنته : ما رأيك ان كانت كل الامور ستسوء ان نعمل لوحدنا ، انا وانت !

نظر له بحيرة : ماذا تخرف !!

قام من مكانه يواجه وجه اخيه الذابل المسود : هل جننت ، نحن عائلة واحدة ، لا نتفرق ولن نتفرق ولو بالقوة ، ضرب بأصبعه على رأس شقيقه الاكبر : ازح هذا الجنون من رأسك فإن علم احد منهم بما تفكر ربما ايضا لن يكون هناك لك مكان بيننا ، توخى الحذر يا شقيقي والا النهاية ستكون وخيمة

ابتسم شقيقه ابتسامة معرفة : ابدا لم تخيب ظني ، فأنت ممسحة هذه العائلة و ستظل

ثارت ثورة المؤيد الذي امسك برقبة اخوه ويكاد ان يرفع قدماه عن الارض : اقسم ان خرجت هذه الكلمات من احد غيرك كنت سأقتله في مكانه ، انتبه لما تقول

انا يعجبني عمل العائلة ولا اريد ان افعل شيئا بعيدا عنهم !

ترك اخاه الذي اخذ يسعل و عيناه مظلمتان : اذا كنت لا تريد العمل معي والاستقلال عن العائلة فأنا اطلب منك امرا آخر

نظر اليه في وجوم : اطلب اي شيء الا هذا الجنون الذي في رأسك

تمهل قليلا قبل ان ينطق بما يفكر و يخطط له منذ زمن ، الزمن الذي حرموه فيه من حبيبة قلبه وروح فؤاده ، قال وفي عينيه نظرة الشر : أريد ان أفسد عرس صبا !!

 

بينما كانا يتحدثان كانت سكينة تقف على نافذة غرفتها تزيح الستار عنها تبدو متوترة ، هي لم تعد تثق في هذا العبد ، ربما في يوم يشي بها و يُقطع عنقها ان علم احدهم انها راقصة تحي الافراح والليالي الملاح !

اخذت تدور في غرفتها و هي تنظر الى كل زاوية تخطط ، فهذه الفكرة لابعاده عن هنا غير واردة ، وهذه لن يصدقها احد وهذه لا تستطيع تنفيذها كأن تقول مثلا انه يتحرش بها و يراودها عن نفسها

هزت رأسها وهي تحاول جمع شتاتها

هذه الايام تجلس في غرفتها لا تريد تلقي اي اتصال خاص بالرقص و ليس لديها النية حتى بالنظر الى اليوتيوب ، فكل ذلك اصبح سخيفا امام ما قد يحصل ان عرف اهلها بما تفعل ستكون ثورة حقيقية تأكل الأخضر واليابس

حاولت الاتصال بالمجدلية التي هي الاخرى تحاول ان تجمع شتات نفسها اولا ثم التصرف مع المعتوه الذي يحبس نفسه في تلك الغرفة

تناولت الهاتف وهي تستمع الى صوت شقيقتها المتوتر جدا : مجدلية اريد مشورتك

جلست المجدلية التي كانت لتوها تفك خصلات شعرها و ترتبها و تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها الجميل

وضعت الهاتف على الطاولة و فتحت مكبر الصوت : نعم قولي غردي ماذا يحصل في هذه العائلة الغبية !

ترددت الاخرى جدا قبل ان تشي بنفسها ، حسنا لا احد سيفهمها ربما اكثر من المجدلية التي دافعت عن حقوقها في الحياة

ولكن هل هذا الامر يدخل ضمن ما تدافع عنه المجدلية في الحياة

: ها قولي لما صمتي !! اخ سكينة صمتك هذا لا يطمئن أبدا

اخذت الاخرى تعض شفتيها بل تكاد تأكلهما : مجدلية انا صرت اعمل

تركت الاخرى المساحيق من يدها وهي تركز مع كلمات شقيقتها و تغضن جبينها : ماذا تعملين ولما تعملين اصلا هل يقصرون في مصاريفك !

جاوبت الاخرى : لا لا، انا فقط اردت ان احقق ذاتي وافعل ما اريد ، مثلك تماما !!

اغلقت المجدلية عينيها في صبر و خوف : سكينة لا تفعلي امرا ستندمين عليه لاحقا ، ليس كل ما يلمع ذهبا !

ولكن الاخرى كانت تصر على رأيها : لقد مللت من حياتي الرتيبة انظري كم عمري الان ، لم احقق شيئا مفيدا في حياتي ، لم اتزوج حتى رغم كل هذا المال والجاه  لم يطلب احد يدي !

سكينة اذن تشتكي من الفراغ ، الفراغ العاطفي اولا هو هذا الذي دفعها الى الفراغ النفسي !

: قولي لي اولا ماذا تعملين ، باتصالك بي و اخباري اظن ان اهلك لا يعلمون بامرك أليس كذلك

هزت الاخرى رأسها بسرعة موافقة

: مجدلية الموضوع ان هذا العبد السائق يبتزني !

فتحت المجدلية عيناها و صرخت قائلة : ماذا ، يبتزك ، هل وصلت به الجرأة لهذا الحد يبتز احد بنات زكريا !

غضبت المجدلية غضبا شديدا فمن هو هذا الذي يبتز اختها و يجرؤ على عائلة مثل عائلتها : قولي لي هل رآك وانتي خارجة من عملك !

تبا لا تعرف كيف تعترف لها وهي تلتفت مرة اخرى الى النافذة و تزيح الستائر وتراه هناك يلمّع زجاج السيارة : المشكلة انه هو من يأخذني الى ذاك العمل

هزت المجدلية رأسها بحيرة : انت ماذا تفعلين اقصد ماذا تعملين !

ابتلعت ريقها الف مرة قبل ان ترد : هو شيء انا احبه شيء تمنيت فعله منذ زمن ، لا تحكمي على ما سأقول ، هو موهبة وانا استغلها

نفذ صبر شقيقتها : قولي لي باختصار ماذا تفعلين

ردت عليها وقلبها يرجف : ارقص في الافراح

فتحت المجدلية عينيها : تهذي انتي تهذي اليس كذلك ، قولي انك لم تفعليها

كادت تجن لا تصدق ما تسمع وتقولها بكل صراحة و تبرر لها ايضا : ترقصين ، ترقصين ، لمن في الافراح ، لا تقولي لي للرجال !!

انكرت الاخرى بسرعة وهي تتعرق فالواضح ان المجدلية غاضبة جدا منها : لا لا انا فقط ارقص مع النساء والله لا اري لهم وجهي فانا ارتدي ما يناسب التمويه !

جلست المجدلية مهدودة من هذه الفاجعة ، ماذا سيكون رد فعل هارون ان علم ان شقيقتها ترقص في الافراح ، الن يهينها و يذلها زيادة عما هي فيه

ما سيكون رد فعل اخوتها و ابيها

ارتعد جسدها لما من الممكن ان يحصل لسكينة ان علم احدهم بأمرها انتقلت الارتعاشة الى اصابع يديها و هي بالكاد تمسك بالهاتف : يجب ان تتوقفي فورا عما تفعلي انك تدمريننا جميعا افهمتي جميعا اقسم بجلال الله لن يجعلوا عظما يركب على عظم فيك ان عرفوا !

ولكن الاخرى كانت عنيدة كفاية وهي تصر على موقفها : لن يعلم احد بأي شيء ولا من  أنا ، اعدك ، الامر وما فيه لا اريد لهذا العبد ان يبتزني او ان يفرض علي اشياءا لا اريدها

تشعر ان قوتها خارت لا تعرف كيف تتصرف ولا كيف تقنع اختها بعدم فعل شيء متهور كما تفعل الان في هذه الاثناء كان هناك أصوات تكسير و فرقعات عالية تصدر من الاسفل مع صراخ رجالي تعرفه تماما

هناك تركت الهاتف و خرجت تجري للأسفل قلبها يلهث تتسابق ساقيها الى حيث مصدر الصوت

كان هو هناك على كرسيه الذي يجره ، كان محتقن الوجه محمرا ، كان غاضبا وكانت الدموع متجمدة على اعتاب اجفانه كان يصرخ و الرذاذ يتناثر من بين شفتيه : يكفي يكفي يكفي ، انا لا استطيع ان اعيش هكذا

انا خسرت حياتي خسرت ساقي خسرت كل شيء كل شيء

كانت واقفة تنظر الى ثورته التي تحصل على فترات مباعدة من تاريخه ، عقدت يديها مع بعضهما تحضن نفسها و اخذت الدموع تنهمر على وجهها

تشعر بالحزن و الشفقة عليه وهو يدور هكذا بكرسيه مثل المجنون : اخرجوني من هنا اخرجوووووووني لا اريد البقاء هنا لا اريد العيش انا اريد الموووووت

اخذ يفرك رأسه بقوة وهو ينظر لها مثل المجنون : كله بسببك بسببك قد فقدت كل حياتي وخسرت كل شيء بسببك اغربي عن وجهي انا اكرهك اكرهك

خرجت كلماتها من بين شفتيها المبللتين بدموعها : انا لم اجبرك على العيش معي ، انا لم اجبرك على الزواج بي

تذكر من منا اغوى الاخر و اغراه كي يهرب معه

وجهت اصبعا نحو قلبها : انا التي تدمرت انا تدمرت اكثر منك ، انا غضب علي اهلي و طردوني ، انا لم استطع الانجاب ، انا خسرت حياتا كاملة بل وخنت زوجا من اجلك ، والان تحملني ذنب العاهة التي اصابتك

انا لم ارسلك الى جنود الدولة كي تحارب معهم

انا لم ادعم توجهاتك الدينية و السياسية بل نبهتك و حاولت منعك ولكنك لم ترد الا ان تثبت رجولتك كما كل مرة

تريد ان تقتل و ان تدمر

هذا انت انسان دموي لا تفكر الا بالعنف

كان ينظر لها غاضبا وصارخا : اخرجي كل ما في قلبك اخرجيه حتى لا تموتي كمدا كما انا الان ، انا اردت ان ارفعنا انا و انتي ، اردت ان يقولوا انهم لم يغلبونا وان رضاهم علينا ليس مهما ، اردت ان ابني لي ولك مجدا ، اردت ان اجعلهم يرون كيف صار هارون الذي تبرأوا منه انه امير ، ان جيشا بحاله تحت امرته ، جيشا يقاتل من اجله

وجهت اصبعها تتهمه : لا تنسى انه نفسهم من تبرأوا منك هم من اخرجوك من بين المجرمين ، هم من انقذوا حياتك و اخرجوك ايضا من كل لوائح المطلوبين من الدولة ، فعلوا كل شيء من اجلك ولكنك جاحد

نعم جاحد لكل شيء ، جاحد لصبري معك ، و صبري على عاهتك و كرهك لي ، انا لم ارد تركك لأنني أحببتك كما لم احب رجلا اخر ،

هارون انظر الى نفسك انت تدمرها رويدا ، انت تعذبنا جميعا

كان صدره يهبط و ينزل من شدة ثورته ووجهه اصبح مسودا ، كيف لا يذكر حين اخرجوه من هناك بساقين مقطوعين ، كيف ينسى انهم نقلوه على كرسي ليعيش عليه بقية حياته وتركوه !

هزت رأسها يئسا : حطم كما تريد و دمر كما تريد فلا يوجد في قلبك الا الندم ، انت قد اصبح النقاش معك بلا فائدة ، انت من اختار ان يعيش في كهف لا ترى الشمس ولا النور ولا تعرف السرور و كسرتني معك  !

اذا سمحت اخرج الان من الغرفة كي اعيد ترتيبها ونقل ما كُسر الى الخارج قبل ان تتأذى !

ادار رأسه عنها و يداه تمتدان الى عجلتي الكرسي يحركهما و يخرج !

 

 

اما آيدين الذي بدأ يستفيق الان مرتاح البال بل ويشعر بالسعادة

ان تسمح له باحتضانها فهو تقدم ملحوظ بمشاعرها تجاهه

كان لا زال ممدا على سريره و الغطاء يصل الى خاصرته العارية التي تبرز مدى قدراته الجسدية !

آيدين في يوم من الايام وبعد الكثير من الخذلان انظم الى ثكنة عسكرية في الجنوب

هناك حيث لا ظل ولا عزوة ولا اهل

كان يريد ان يكون رجلا حقيقيا

وهنا الصحراء التي صنعت منه ذلك الرجل!

هنا تدرب حتى فقد أنفاسه وهنا قاد الدبابات و تدرب على حمل السلاح و حفر الانفاق و نام في العراء ، هنا حيث كان لا يأكل سوى الخبز البائت و يشرب القليل من الماء ، عركته الحياة التي ارادها من قلب ، فلما هذا الجسد ما فائدته اذا كان كل من يلقي نظرة عليه يظنه مخنثا !

هنا استطاع بناء نفسه نفسيا و جسديا ، هنا بنى عضلاته و هنا امتحن نفسه و قوته و قدرته على التحمل !

هنا حين رأى ذات يوم شاحنة تهريب كانت تخبأ فيها النساء

حيث قادتهم سيارات الصحراء العسكرية التي كانت تحرس الحدود مع تشاد الى المعسكر و هنا رأى كيف اغتصب احد الضباط امرأة سوداء !

كان صراخها و بكاءها يصم مسامعهم

هو لم يأتي هنا من اجل هذا ، هو حارب الارض كي يصل الى ما يريد من رجولة و شجاعة و بطولة

لم يقبل ان تغتصب النساء على عتبات بلاده وهنا ايضا وصل له كل الصراخ الذي في الماضي ، كل الترجي في صوتها ، كل البكاء وكل الدموع و كل الرجفة و كل الرعود والبروق التي دمرت له نفسه ، هنا رجع بذاكرته الى الوراء حين كان في لندن

: لك قلتلك ما راح يصير عليك شي ، انت راح تشتغل معنا ، شي بسيط يعني

كان ينظر له في ذهول : تريدني ان اعمل راقصا متعريا في ناد

: يا عزيزي يا آيدين هيدا اسهل شي راح تاخد عليه مصاري يا زلمي شو بك

كان ينظر باعجاب الى جسد آيدين و جمال خلقته وهو يمسك بذقنه : لك تؤبرني على هالوج اللي عندك لك والله يا زلمي ما شفت متلو ولا حتى باالنسوان عليك وج شو بيفلل

كان هذا هو المقابل الذي اراده منه إيميل ، فهو لم يتأخر كثيرا في البوح عما يريد منه مقابل ان يخلصه من جثة الرجل و سيارته

كان قلبه يرجف و يخاف نعم يخاف

لم يكن يعلم ان الامور معه ستصل بهذه السرعة الى هذا المستوى

هو هنا للدراسة و ليس للعمل ولا لكسب المال فهم سيحولون له ما يكفي له ولكل من في العمارة ان اراد !

ولكن لا يعلم آيدين انه في تلك الفترة بالذات كانت العائلة تمر بأسوأ أيام حياتها

تلك الفترة التي جاءت لجنة .. من اين لك هذا .. الى الجد زكريا

كانوا يقلبون في اوراقهم و في مستنداتهم ويدققون في كل اعمالهم ، الجد زكريا كان شامخا ، فما معه ويملكه من مال هو من ايام ابوه حين كان يعمل تحت يد الملك ، معروفة تلك الفترة حين كانت حاشية الملك تعيش فوق السحاب بينما الباقي يعيشون في القاع !

كان الجد زكريا من هؤلاء ممن ورث عن والده الاراضي والعقارات وهو تولى امر الاستثمار فيهم بل تطور امره ان يتفق مع شركات مصرية لتوريد معدات البناء ، وهكذا زادت ثروته بسرعة و صار من اصحاب الملايين و صار يبيع و يشتري في الاراضي داخل وخارج المدينة ، قام بتعمير مجموعة من العمارات و المحلات في منطقة الصابري العتيقة التي تطل مباشرتا على البحر ، كانت ذات موقع استراتيحي ممتاز ، فتح محلات ما بين ورش سيارات و عقارات و مواد منزلية و معدات الية ، لم يوفر الجد زكريا فكرة في باله ولم يفعلها حتى صار ملك من ملوك مواد البناء و سيطر على السوق !

واذا كان لكل ناجح اعداء ،، فهناك من اراد ان يصعد ولم يستطع الا بإسقاط نظام عائلة بن زكريا !

فكان أن أرسل عصابة في منتصف الليل لاقتحام محلاته و دس ما تيسر من علب الحشيش و اكياس المخدرات !

عندما اقتحم الامن في اليوم التالي محلات بن زكريا حتى تم جر الجد مكبلا الى السجن

القيت عليه تهم الاتجار بالمخدرات و بالتالي تجريده من كل املاكه من اراضيه وعماراته و امواله الصادرة والواردة

لم يحتمل اولاد بن زكريا ما يحصل مع والدهم فقد حاولوا بكل السبل اخراج والدهم او لاقل تقدير رؤيته في سجنه ولكنهم لم يستطيعوا ، اعطتهم الحكومة بيتا كي يعيشوا فيه و وضعت يدها على كل ما عداه !

لم يكن آيدين على علم بما حصل في العائلة وكيف انهارت امبراطورية بن زكريا في لمح البصر ، فكل الناس قالوا انه فعلا كان يتاجر بالمخدرات والا فمن أين له كل ذاك !

ومن هنا ايضا بدأ حقد اولاد بن زكريا على كل المجتمع ، المجتمع الذي ارتقوا بهم قد انزلهم للقاع ، ولكن هيهات ان تنزل فعلا تلك العائلة للقاع .. فبيت السبع لا يخلو ..

وكانت أكبر المصائب و اشدها قسوة على قلوبهم حين تم شنق والدهم في احد الايام مباشرتا على الهواء في قناة تلفزيونية !

لم يكن لآيدين اي فكرة عما تمر به العائلة

لا يدري ان الدعم المادي قد توقف تماما عنه الا بعد اشهر من اقامته في لندن حين اتصل به والده يخبره بما جرى وانه لا يملك الان المال الكافي كي يرسل له ويصرف على دراسته ولا حتى المال الكافي كي يرجعه الى كنف الوطن الغالي !!

كان الضغط يتزايد على آيدين فلا معه آجار الشقة ولم يعد المال يكفي حتى لشراء الاكل و الشرب وفي هذه الفترة فكر في عرض إيميل توجه له وطرق الباب وهو في قمة خجله و وجهه المحمر هناك يقف متردد حين فتح إيميل الباب مبتسما ابتسامة عريضة : يا اهلين والله بحبيبنا

تعا تعا ادخل يلا شرفنا بشي أعدة فوت فوت

دخل مترددا والتعرق يكسو جسده و يشعر بالحرارة ، كان مترددا كثيرا في الافصاح عن قبوله للعمل الذي يعرضه عليه : جئت من أجل العمل

كان لا زال يقف حين قال له إيميل : خلينا نقعد بالأول و خلينا بعدين نحكي عن الشغل ، لك تؤبر قلبي يا حق

اتجه إيميل الى البار الخاص به والذي يجود بما اتفق مع كل انواع الخمور : شو بدك لصبلك

كان يمسك الكأس ينتظر رد آيدين الذي تردد ايضا هنا ، هل يقبل المشروب ام يرفض وتردده هذا جعل إيميل .. يصب .. كأسها اصفرا و معه كأس آخر له

اتجه بالكأسين الى حيث الكنبة التي يجلس عليها آيدين ووضع الكأسين على الطاولة وقبل ان يخرج سيجارا غليظا من جيبه اشار بعينه الى الكأس : شو ما بتشرب ، ما بتكيف !

اشعل سيجاره واتكأ بمرفقيه على الكنبة خلفه وهو يدخن بشراهة : حبيبي ، هالمشروب راح يكون شي عادي جدا بشغلك ، فلا تحملا اكثر مما هي محتاجة

مد ايدك و اشرب

اما الاخر الذي كان ينظر برعب الى الكأس، لم يتوقع يوما ان يدخل هذا السم الى جسده ولا ان يذوقه ولا ان ينزل لجوفه ولا ان يحرق عروقه ولا ان يجعله يطير بين السحاب ولا ان يجعله مسرورا!

أخذ الكأس ومن رهبته شربه دفعة واحدة ما جعل الاخر يصرخ : يا وحش

ضحك إيميل وهو اخذ يمسح بكم قميصه بقايا المشروب عن شفتيه

فيما بدأ إيميل الكلام : شوف حبيبي

انت بكرة بالليل راح تنزل معي ع الكلوب و هنيك راح دلك على غرفتك الخاصة و على ملابسك اللي راح تلبسا ، ع فكرة هيدا الرقص إلو اصول يعني مو مين ما كان بيعرف فيه ، لذلك راح اخلي جاد ,, معلم الرقص بالكلوب ،، يعلمك شوية حركات تبدأ بين الشغل

ماشي حبيبي

اومأ آيدين برأسه وهو لا يصدق حقا كل ما يمر به !

خرج من افكاره وهو يسمع صوت همسها له وهي على عتبة الباب تقول في خجل : هل أتصل بخالي !

قفز من سريره ، يا الهي كم لهذا الوجه ان يمنحه السرور والسعادة ، هي اصبحت تنسيه ايامه العصيبة ، ولكن هل نسيت هي ايامها العصيبة ؟!!

وقف قبالتها وهو عاري الصدر لا يدري كيف تدفعه نظراتها هذه و لكنتها الحلوة و منظرها الشهي الا يأخذها الى الفراش و يتمتع معها بكل الحب لا يعرف كيف يصبر حتى هذه اللحظة مع الجفاف الذي عاش به حتى وهو متزوج من المجدلية ، كانت تشم رائحة جسده ، يقشعر بدنها كلما اقتربت منه و تخجل كثيرا حتى يحمر خداها و يرتبك لسانها و عقلها عن قول ما تريد قوله ، كان يقف ينظر من فوق رأسها الى نعومتها فقال موافقا : بعد اتصالك بخالك سأخذك الى السوق لتشتري ما ينقصك ، هل ترغبين !

نمت ابتسامة حلوة فرحة على محياها حتى ضحكت عيناها : بكل سرور

امسك بعضدها كأنه يريد ابعادها قليلا ولكنه قبلها قبله شقية على خدها ادهشتها : حسنا ابتعدي كي استحم و انتي اتصلي بخالك ثم نخرج !

رفعت اصابعها المرتجفة الى خدها تلمس قبلته وقبل ان يدخل الى حمامه رآها في تلك الحالة هائمة فتنهد بحب ثم تركها ودخل !

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...