الجزء الثاني والعشرين

 

 


 

 

الجزء الثاني والعشرين

 

يا زارعةً عمري شجراً .

يا مالئةً ليلى شهبا .

لولا حبك ..

كان القلب جليداً ..

كان العالم خشباً!!..

 

 

كنتُ كالتائه ، كالمخمور ، كنت ابحث بين طيات الارض عنها ، ابحث بنفسي عن ظلها الذي رافقني حتى في ثورتي ، قد فجرني زكريا و عبث بي ، فجر الدماء التي في عروقي حتى تلطخت روحي و ذبلت ، رحلت غالية ، نعم رحلت و خلفت لي عطرها !

كنت ادور في الشقة كالمجنون لدرجة انني بحثت عنها تحت الارائك وخلف الابواب ، كانت عيناي تحترقان بقهري ، كانت عيناي تبكيان حبي لها ، رحلت غالية وتركتني خلفها جثة جامدة !

كيف فعلت بي ذلك وانا العاشق ، صرت ادق الابواب وافتش الطرقات و امسح كل شيء في طريقي ، كنت آكل نفسي ، لم يمر الليل علي ولا النهار علي ، تشابهت الحياة ، كان لساني يعرف فقط طعم السجائر و روحي خاوية بلا زاد !

كل الافكار اخترقتني ، لحظات الشك ، لما تركتني بلا مبرر ، لما لم تنفي تهمة زكريا بأنها قد نامت معه ، كنت امسك صدري الذي يصدع مثل الارض الجافة ، آآآآآآآآآآآآآآخ آآآآآخ ،

زكريا مزقنا كلانا !

لم انم في بيتنا ، كان سريري هو مقعد سيارتي التي ذابت عجلاتها لكثرة ما لففت بها البلاد ، لم ادع شقق آجار لم اسأل فيها ولا محرروا عقود لم أسألهم ولا حتى الرجال الذين ارسلتهم على اثرها كان لأحد منهم بعض حظ في ان يلاقيها ، ابتلعت الارض غالية و جعلتني انا فوقها اتقلب على الجمر !

ولكن زكريا لابد ان يدفع الثمن

طرت بالسيارة الى البيت ، انفتحت البوابات في وجهي ولم اكن أرى من غضبتي شيئا ، كان الدم يغلي بين جنبي ، و يدي تتحرقان للفهما على رقبته و قتله

خرجت بعدما اثرت عاصفة بعجلات السيارة و صوتها قد صم الاذان ، خرجت وانا اجري و اخرج مسدسي الذي احتفظ به في خاصرتي نعم

انا الان مستعد لاراقة دم زكريا

كنت متوحشا اريد ان ابتلعه حيا صرت اصرخ وانا اكاد ان احطم الباب بقدمي و بيدي صرت ادفع الباب كالمجنون اريد اقتحام البيت وتكسيره على رؤسوهم جميعا

: اخرج اخرج يا زكريا اخرج والله لاقتلنك اخررررج اخرج ايها التافه المنحط اخرررج يا ابن الكلب اخرج لي هنا اخرج

تجمع الرجال و خرج اهلي من بيتنا على اثر صوتي و صراخي وجهت مسدسي نحوهم اهددهم فأنا قد نفذ صبري نفذ تماما : لا احد يقترب سأفجر رؤوسكم جميعا لا تقتربوا دعوني دعوني اشفي غليلي

كانت زهرة تخرج رأسها من البلكونة وهي مرعوبة و تصرخ بل تبكي : يا الهي تريد قتل اخي ايها المجرم

نظرت االى الاعلى و اخي شعيب يقترب مني محذرا : يحي تماسك لا احد منا يصدق ما قاله زكريا اقسم لك

تقدم والده مرعوبا ويده ترتعش : يحي يا ابني هدء من ثورتك سنحل الامر كما تريد

صرخت فيهم حتى تزلزلت الارض من تحتي : كيفففف كيييييف افهموني كيف ، لقد غادرت ، لقد تركتني ، بسببه بسبب هذا الفاشل الحقير ، اخررررج اخرج يا زكريا العفن فوالله سأشرحك تشريحا والله

اخذت الهث و صدري يتوق للمزيد فانا قد تشربت الكراهية تجاه زكريا ، حتى رباط الدم بيننا لم يعد يهمني وحتى ان تزوج ابي امه فهو الان خصيمي ، هو الان عدوي ، هو الان ثأري و انا اطالب بدمه !

نظرت الى زهرة : افتحي ايتها العاهرة افتحي والله لن اترك فيكم احد حيا

اخذت تبصق علي من فوق و هي تصرخ وشعرها يتدلى و الريح تحمله معها و وجهها المحمر ، كانت تسبني بغل : لا تسبني ايها الحقير النتن زكريا اشرف منك وممن خلفك

صرخ بها ابي : زهرة اخرسي و ادخلي افضل لك لا تزيدي الامور سوءا

صرخت في وجه ابي : بل انت امسك ابنك من يتطاول علينا في بيتنا ام انه لم يعد بيتك ايضا يا .. عمي .. احفظ كرامتك وخذ ابنك من هنا !

كان شعيب قد اختنق من كلامها : حسابك عندي انا يا زهرة حسابك عندي

نظرت له في حنق وكانها لا تهتم : خذ اخاك واذهبوا من هنا والا اتصلت بالشرطة !

نظرت لها مفتوح العينين ،، الشرطة يا بنت الكلب والله لأذبحك ، اخذت اضرب الباب بقوة و عزم وانا اثور على كل العادات والاعراف و تقاليد العائلة ، لم يعد هناك شيء يهمني ، سأكسر الباب فوق رأسك و ساعتها سيختبء اخوك خلفك يا فاجرة

كانت ميادة خلف الباب ترتعش و هي تصرخ : امسك ابنك يا صالح امسكه فوالله ان مس ابني بسوء لن يحصل خيرا

اخذت تركض الى غرفة ابنها و تفتحها و تجده هناك فوق سريره يجلس و القلق باد على وجهه اندفعت تجاهه وهي تضربه : انظر ماذا فعلت بنا انظر ماذا فعلت بنفسك ، ابن عمك لا ينوي على الخير ابدا يريد قتلك قتلك ، قد اضعتنا واضعت نفسك

كان يهتز مع ضرب امه و الحقد في عينيه : قد اخذ مني حبيبتي ، اخذها واحضرها الى هنا مثل البريء هكذا امام عيني ، سرقها مني سرقها بل يريد الزواج منها ولن اسمح بذلك لن اسمح

تلك اللحظة ازاح امه ودفعها بقوة عن طريقه وخرج يجري و امه تجري خلفه مرتعبة وتصرخ : لا تخرج زكريا لا تخرج له يريد ان يقتلك

كان يصرخ في جريه : بل انا سأقتله

عندما فتح الباب على غفلة وهجم بكل قوته على جسد يحي الرابض و الذي لا زال يفور راى ذلك الجسد يهجم و يحط على جسده ، تدافع الاثنان كالوحوش الضارية صار التدافع لا يشبه شيئا حقيقيا قد تراه في حياتك تدخل شعيب وتدخل والده و تدخلت زهرة التي صارت تبصق على وجهه بل صارت تضربه هي ايضا تحامي عن اخوها الذي تمزق وجهه وكانت الصفعات يتردد صداها بين كل الوجوه التي في المنتصف

وخرجت صبا ومن خلفها امها فهما كانتا بعيدتان ولم تسمعا الاصوات

التي بدت كأنها احتفال و فرقعات عالية كانت الوجوه مشدوهة وامه تجري له و هي ترى المسدس يلمع بين الايادي كان قلبها يصرخ و عيناها تدمع : يحي اترك المسدس من يدك يا يحي

ولكن خرجت اطلاقة ضربت السقف و صمت الاذان و تفكك القوم عن بعضهم البعض في ذهول من قتل من !

اخذ الجميع ينظر الى وجوههم يبحثون بين طيات اجسادهم عن لون يحمل معه الدموع والمعاناة ولكن لحسن حظهم لم يصب أحد بأي سوء حين اخترق صوته مسامعهم وهو يلهث : لن يبقى في هذا البيت وانا حي ارزق !

وزكريا الذي كان بين يدي شقيقته ويدي شعيب الذي كان خطيبها تلك الايام يمسكا به على الا يتقدم ناحيتي فانا  لا انوي خيرا : سترحل من هنا ، لا اريد ان ارى وجهك في حياتي ، ستترك هذه اللحظة البيت بلا اي شيء ولا شيء ، هيا اذهب اخرج

واجهني والدي مذهولا : يحي هل فقدت عقلك الى اين سيخرج

: لااااااا دخل ليييييي سيخرج الان والا والله سأقطعه اربا

تدخلت ميادة وهي تنتحب : هل جننت ، قل لابنك يا صالح قل له لن ابقى في البيت اذا طردتم ابني

نظر لها صالح بشزر و تحذير : اخرسي يا ميادة و الافضل ان تدخلي

تقدمت له : لن ادخل ، من تريدون اخراجه من بيته هو ابني هو ابن اخيك ام انك تساند ابنك يا صالح

ولكن يحي لم يأبه لكل ذلك حين تقدم منهم و امسك زكريا من رقبته والذي كان يفوقه طولا وعرضا و قوة ايضا ينفث في وجهه : سيخرج مثل الذليل رفع المسدس على رأسه : هل ستخرج من هنا حيا ام محملا !

صدع الصراخ في كل الارجاء يحي متأهب للقتل بل نيته القتل و زكريا يعاند : ربت صالح على كتف زكريا : اذهب اخرج الان حتى تستتب الامور هيا اخرج !

: كلا كلا لن يخرج اخي من هنا الا على جثتي ، ان كنت رجلا افعلها هيا افعلها ، نظر لها شعيب في غضب ولا زال يحذرها بنظراته المستشيطة : زهرة ادخلي والا وقسما بالله سأضربك

حين قال بغل طفر على مسام وجهه وهو يلهث من قهره ويضرب على صدره : تتكاثرون علينا يا اولاد صالح ، انا من عرفك عليها انا ، انت من غدر ، انا احبها احبها هل تفهم هل تريد ان اروي لك بالتفصيل ما حصل بيننا ، هي لن تخبرك ولن تجرؤ على اخبارك ربما اصلا قد هربت حتى تتهرب منك و من السؤال ، انا يا ابن عمي لم اسرق منك شيئا بل العكس هو الصحيح واذا كان هناك من تدمر فهو انا لأنك خائن خائن !

فك جسده من يد الجميع وهو يرتب ملابسه التي تبعثرت : سأخرج ومن قال انني اريد ان اعيش في مكان واحد معك سأذهب من هنا و لكن لابد لي من عودة يا يحي لابد !

 

خرج زكريا و ظللت انا انظر الى كل الظلال

ابحث عن غالية ، اترصد قدومها الى الجامعة ، لابد ان تأتي وان نتفاهم ، ساتزوجها ولن يهمني أحد ، زواج بيني وبينها وان رضوا كان بها وان لم يرضوا فلن آبه !

أريدها ان تعترف لي ، ان تعترف لقلبي انني انا فقط من يتوسد مملكتها ، أنا فقط من تعيش على انفاسه ، انا فقط من لمس شفتيها ، اهو كثير ما اطلبه ، لما فرت غالية لما و اختفت وهي تعلم المدى الذي وصلته في عشقها ، عشقها الذي يبكيني ، أين انت أين !!

 

حين خرجت امه من الجناح الذي يخص ديالا وهي تنظر له وهو واقف هكذا قريب جدا من سكينة بل يبدو اثر فعلة شنيعة على وجهيهما ولكنها الان في صدد حل امر تلك الفتاة الغريبة التي يريدها يحي ان تعيش بينهم قالت له : تعال و قبلها اتصل بوالدك ليأتي على الفور

اخذ يتنفس بصعوبة وهو مشتت و يرى امه دخلت من جديد و اغلقت الباب ، نظرة عينيها له لا تبشر بخير ، التفت الى حيث سكينة التي كانت ساقاها ترتعدان ، ليس بسبب امه فكل شيء بالنسبة لها اصبح سواء ، هي تريد من كل العالم ان يرى كيف يحبها يحي !

نظرا الى بعضهما البعض بدا مرتبكا وهو يعدل خصلات شعره المتدلية على جبهته لا يدري كيف يبرر او ما يقول : عليك ان تذهبي و سنتفاهم لاحقا ، رفع حاجبه لها يقنعها كانها طفلة صغيرة : حسنا !

كانت تنظر له بسعادة كانت عيناها تشعان ببريق حب لم يره قبلا على محياها هزت رأسها وهي تهمس : سأفعل كل ما تريد

دفعها بلطف : هيا الان اذهبي هيا

ذهبت وهي لا تجد الصبر حقا وهي تريد الاستدارة و العودة الى حيث كانا الى حيث افصح عن رغبته بها كاد قلبها ان يرفرف خارج ضلوعها طربا !

اما هو فوقف هناك ، يدري انه مجنون ، يدري انه قد ورط نفسه اكثر واكثر معها ، يدري ان الامور قد تتعقد خصوصا الان و نسي قليلا ان يرفع الهاتف ليتصل بوالده كما امرت امه فما حصل معه ومع سكينة الان يتطلب منه وقفة جادة تجاه نفسه ،، هل يريد سكينة ام يتسلى بها !!

حتى سمع خطوات طقات على الارض فرفع بصره فوجد مليكة هناك تتجه له فصار يراقب حركتها حتى وصلت له ووقفت امامه ، غضن جبينه و عيناه تتسائلان ما تريد، حين همست : ألم تقل لي ان اراقب كل شيء يحصل هنا

كانت عيناها تدوران في كل زاوية وهي تقول كلماتها تلك

اما هو لا زال يحدق بها متأهبا لما عليه ان يسمعه الان : همممم اذن ماذا حصل ، ماذا تحملين في جعبتك انسة مليكة !

انحنت عليه وهي تواصل الهمس : لقد رأيت السيدة هتان هنا !

طرق قلبه وفتح عينيه عن وسعهما حين اقترب منها اكثر وهو يمسك بعضدها يشدها اليه بقسوة و عيناه تلمعان و شفتاه مشدودتان : ماذا تقولي !

اغمضت عيناها من الالم : لا تؤلمني ارجوك فأنا فقط اقول ما رأيت ، نعم كانت هنا و اطالت البقاء ايضا !!

تركها من يده و صدره يعلو و يهبط  ، و الغضب كان بين عينيه ، اطلق انفاسه ، : هنا في بيتنا ام بيت عمي

فردت على عجالة : بل بيت عمك ، اخذت تهز جفنيها تأكيدا على ما تقول

اخذ يعض شفتيه قهرا يحاول ان يتماسك ، لا لا ليس الآن ، اعطني بعض الوقت فقط كي اتعامل معك بالطريقة التي تستحقينها !

قال على مضض : حسنا اذهبي الان !

اخذ يشد شعره بقوة الى الخلف وهو يدور حول نفسه ومد قبضته وضرب بها الجدار الذي بجانبه : يا ليتك لم تقوليها يا ليت !

 

 

في القارة الاوروبية حيث كان هناك في المطار ينتظر وصول الطائرة

منذ زمن لم يتزعزع كيانه مثل اليوم

كل الوقت معها يتجاهل هذه الحقيقة ، ان له ابن ، نعم ابن ، من لحم ودم ، لحمه ودمه هو ، ابن قلبه كان يعيش بين اليهود !

التوتر يكاد يقتله ، ما شكله ، كم طوله ، كيف تبدو ملامحه

كيف يشعر بهذا الشوق الذي تفجر فيه قبيل هذه اللحظات

صغيره  نعم انسان صغير الحجم سيكون بين يديه سيسميه كما يريد و يعلمه ما يريد ايضا و سيمحو عن ذهنه كل ذكرى كانت له في تلك المعابد التي كانت تاخذها له والدته ، هنا نظر لها بحقد وهي التي يكاد قلبها ان يقتلع من مكانه وهي تنتظر ، لا تعرف كيف سيستقبل الزين ابنه ولا تعرف كل التعقيدات التي ستحصل من هذه اللحظة ، سيتغير كل شيء ، ستتغير حياتها بالكامل وهي تعود له صاغرة ، هي مضطرة فلن تترك ابنها يذهب معه و تتخلى عنه له ، هو ابنها قرة عينها وروح فؤادها قبل ان يراه  هذا الرجل !

هذا الرجل الذي اسمه ابوه !

كانا يركزان انظارهما على القادمين على الخطوط الاسرائيلية !

هناك حين تقدم رجل اسمر البشرة قصير القامة ذو لحية بيضاء ، يرتدي قميصا ابيضا و سروالا اسودا و يضع قبعة صغيرة في منتصف رأسه و يجر عربة عليها حقائب و عليها ايضا من هز له قلبه هزا و دعدعه

لا يريد ان يبكي لا لن يبكي وهو يرى صغيره بها المنظر المريع

يرتدي تلك الملابس اليهودية الشنيعة و يرتدي قبعة في نصف رأسه هو الاخر و تتدلى سوالفه امام اذنه قد بدا طفلا يهوديا بكل ما تحمل الكلمة من معنى !

امسك على صدره قد شعر وكأن قلبه يتحرك من مكانه من قهره ، كيف تفعل بطفله هذا كيف !

كان قد اتفق معها على الا يصدما والدها من اول لقاء ، هناك حيث سيأخذهما و كأنه سائق تاكسي وليوصلهما الى الفندق ثم تفاتح والدها بأمره !

كانت تنقل بصرها سعيدة ما بين والدها وابنها و نظرة قلق الى من يقف خلفها ووجهه بدا مسودا !

لم ينطق بكلمة حين تقدم والدها ليخاطب ابنته بلهجته اليمنية السمحة و يضحك في وجهها و يلمها على صدره : انحنت تقبل يد والدها : يا الهي يا ابي الحمدلله على سلامتك

رد عليها بفرح : وسلامتك يا ابنتي ، كيف حالك يا حبيبتي !

ثم اخذت تاج الذي بدا ينطق لها بالعبرية مبتسما شاقا عن شفتيه وهو يرى وجه امه الحبيب امسكته من تحت ابطيه و اخذت تحضنه و تقبله على خديه بكل لهفة : حبيب ماما يا الهي كم اشتقت لك يا حبيبي تعال هنا الى حضن امك تعال و اخذت تداعبه وهو يقف هناك متصنما ينظر لهم و يحيطهم بعينيه القاتمتين والوجع في صدره يضربه كالبرق ، يكظم غيظه من كل شيء ، نظرت له وهي تقول لوالدها : هذا السائق يا ابي سيوصلنا الى الفندق الذي اقيم فيه !

كان الجو في الخارج ممطرا و عاصفا : هل احضرت جاكيتا ثقيلا لتاج يا ابي !

والدها الذي كان مشغولا بالحقائب قال ببراءة : والله يا ابنتي لا اعرف ، قد رتبت له الكثير من الثياب لم اعرف ان الجو سيكون هكذا !

طمأنته من خلف خمارها وهي تربت على كتفه الحبيب : لا عليك يا ابي لا عليك سأغطيه بخماري !

فيما اخذ  الزين يجر العربة الى الخارج ، كانت هي تتبعه وبجانبها والدها و هي تقبل الصغير كل فينة واختها و تتحدث معه بالعبرية حتى سمعت صوت حنجرته العالي الذي تخيلت منه انه يحذرها فعلمت ما يريد !

الم يحذرها سابقا ان تتكلم معه الا بالعربية ولا تتحدث مع اي مخلوق امامه الا بها !

وهي لا تريد ان تغضبه !

ركب الجميع اللى السيارة التي بدت كباص كبير رتب الحقائب في الخلف و جلس كل في مقعده حتى الصغير الذي لم يسكت عن الكلام المتقطع الذي لا يفهم منه حرفا ، ركب مكانه و اخذ يقود السيارة و بين هذه الامطار والعواصف واللقاء الحميم مع الوالد الذي يطمئن على احوال ابنته و يبدو سعيدا ايضا لتواجده هنا فهي اول مرة في حياته يزور فيها اوروبا اخذ ينظر الى الخارج و يتمتع بالمناظر وهي اولت اهتماما خاصا بابنها وهي تخرج له بعض الخبز المحشي و العصير حتى يتسلى !

غضنت جبينها وهي ترى المناظر التي بدت تمر عليهم و طال بهم الوقت ولم يصلوا بعد الى وجهتهم ، في الحقيقة هم الان خارج المدينة ، خافت ، نعم خافت ، ماذا يريد الان !

اخذت تتابع الطريق بقلب وجل و قلق بالغ و هي تغلي من داخلها رغم روعة المناظر الا انها لم تستمتع بها وهي كل ما يجري في مخيلتها عن وجهتهم لا يسرها ابدا ، ضمت الصبي الى صدرها وهي تقبل مقدمة رأسه و حتى انفاسها بدت تختنق اما والدها الذي التفت لها : شيئ نظيف حقا !

كان معجبا بكل ما يرى وبدا متلهفا لرؤية المزيد وهو يضحك مع نفسه مسرورا ، كانت تنظر له والى شيبه والى لحيته و الى تجاعيد وجهه التي كل واحد فيها يحكي قصة مريرة ، هذا المر لم ينتهي يا ابي لم ينته !!

هناك وصل بهم الى حيث منزل ريفي صغير تحيط به الاشجار و الزهور و الاحجار من كل ناح و البيوت الصغيرة الاخرى التي تواجهه و بجانبه ، بدت قرية جميلة خلابة رائعة التصميم !

اوقف الباص بهم و فتح الباب ، هي حتى اللحظة لا تعرف كل ما يجول في صدره فأن علمت لاحترقت حية !

اخذ ينزل الحقائب و يدخلها الى البيت واحدة تلو الاخرى واما هي فقد نزلت واخذت الصبي على عنقها و والدها خرج وراءها يغلق الباب

تقدم الجميع الى الداخل وهنا تمت المواجهة

كان يقف في منتصف الغرفة بقامته الفارعة و ضخامة جذعه حتى كاد رأسه ان يلامس السقف ، بإسوداد وجهه و قسوة نظرته وتصلب شفتيه

اخذت ترتعد وهي ترفع حجابها عنها وتنظر اليه بقلق و هي تعض شفتيها ووالدها الذي وقف مستغربا مما يحصل : راعيل

التفتت له وهي تخفض بصرها منه خجلا : أبي .. هذا .. والد تاج !

رفعت له انظارها من جديد وهي ترى كل الخذلان و تهدل خديه و حتى ابتسامته قد بهتت : كذبتي علي يا ابنتي !

كانت المواجهة بين البنت وابيها و تركهما هكذا ويراها هي قد تركت الصبي على الارض الذي اخذ يجري مسرعا بمنظره ذاك الذي يقززه ، لا يحتمل ان يراه هكذا لا ، يكرهه على هذه الصورة البشعة يكرهه ولا يريد ان يراه فابعد بصره عنه وهو يسمع عتاب الاب لابنته : تخدعينني بعد هذا العمر يا ابنتي لما وما الذي ستجنينه من هذا الرجل !

فرت نظرة كره من عين الرجل الكبير الى عيني شعيب الذي لم يعر ما يصدر من هذا الشيخ اي اهتمام ، حين تقربت منه ابنته : ابي من حق تاج ان يعرف والده و ان يعرفه والده ايضا !

التفت بوجهه عنها وهو مخذول : ابتعدي اريد مكانا لاجلس فيه ، جلبتني الى هنا فقط من اجل هذا ، اخذت نبرته تخفت وهو يشعر بالعجز : لما لم تعطني فكرة عما تخططين له !

توترت وتوترها بلغ اشده و احمر وجهها وهي تشعر بالحرارة تعلوها : ابي ارجوك افهمني فالامر اخطر مما تتوقع

وهو منزلا لرأسه الى الارض بدا عاجزا لم يرفع نظره اليها وهي استمرت : ابي ارجوك انت الوحيد من سيفهمني لا تقسو علي فانا لا يهن علي غضبك ارجوك لا تغضب علي ارجوك

اخذت دموع الاسف تنهمر من عينيها وهي تخلع الغطاء نهائيا عنها و ينسدل شعرها على كامل ظهرها و تنحني عند ساقي ابيها : لم ارد اخبارك كي لا تخف علي ، كي لا تشعر انني مهددة ، ابي انا جئت هنا بكامل ارادتي كي احل الموضوع

رفع عينه الى عينيها لا تدري مدى الامتعاظ الذي يسري فيه الان منها : مهما يكن تبريرك فانا اشعر بالخديعة اشعر بالصغر لما فعلته تحضرين له ابنك بيديك تسلمينه الصبي بيدك !

اما هو فكان واقفا يعطيهم ظهره يرى فقط الاشجار في الحديقة التي تهتز من الريح كما يهتز هو الان ، يرى العاصفة التي كسرت بعض الاغصان كما يتكسر قلبه الان ، يرى المطر كيف يضرب الارض ضربا كما يضرب قلبه صدره الان ، يشعر بالعار و القهر ينهشه نهشا حتى الصبي الذي وقف الى جانبه يشد له بنطاله بيده الصغيرة تلك و قامته الصغيرة و ساقيه القصيرتين وينظر الى الاعلى الى حيث قامة الرجل الغريب ، تعلقت عينا الصبي عليه ، لم يستطع ، لم يهن عليه ابنه ان يراه بهذا الشكل المريع ، إن التفت له الان سيصفعه نعم سيفعل

وكأن الذنب الان ذنب الصبي لا ذنبه ولا ذنب امه !

تحرك من مكانه بقسوة حتى وقع الفتى على وجهه واخذ يبكي وهو التفت عنه ودخل الى غرفة من الغرف هناك وهناك فقط انفجر صدره :آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآآآآخ يا رب اخ يارب اه يا الله يا الله يا الله انا لا اصدق سأجن

اخذت يده شيئا من الطاولة و اسقطه بكامل قوته على الارض حتى اصدرت صوتا عاليا مخيفا التف عليه الجميع : ابي يجب ان اراه

تركت والدها يقف هناك مفجوعا لا يستطع الوقوف على ساقيه و هي اندفعت له بلا اي شعور وبلا اي احساس بالخطر ، اغلقت الباب و التفت لها فرأت ذلك الحقد والهمجية على وجهه وهو يقترب منها يشدها الى صدره بقوة و عنف يهزها بين يديه هزا مريعا : اهذا هو ابني ، هذا ما انجبته لي ، لقد هودتي ابني هودته

انا لم استطع لا ضمه ولا تقبيله ولا حمله ، ابني يبدو مقززا مقزززززز

تبا لك تبا لك ايتها الحقيرة ماا فعلتي بالصبي ماذا فعلتي قولي لي كيف فعلتي بي هذا كيف

كانت ثورته عارمة و لم يستطع ان يسيطر على نفسه وهي تهتز كالورقة بين يديه ترتجف من خوفها : يا ليته مات ولم اره هكذا يا ليته مات قبل ان يقتل قلبي يا ليته مات يا ليته ماااااات

اخذت تهز رأسها نفيا مفجوعا  : لا لن تقتله هذا ابني ابني اذهب سافر اتركه لي

: اتركه لك يا حقيرة كي تفعلي به ما ترغبين كي اراه يحارب ضد اخوانه.. تربيه على كرهنا و تسممين عقله بدينك هذا .. اتركه لك هذا حلم مستحيل مستحيل

كيف تلبسينه هذه الثياب و كيف تجعلين شعره بهذا الشكل المقرف كيف ؟؟!!

رماها من يده ، القاها كأنه يلقي قمامة او شيء لا قيمة له ، يفكر الان في صفعها حتى الموت نعم يمسكها و يقسمها نصفين هكذا جزاءا لما فعلته بابنه : انتِ جعلتني اندم انني رأيته

جلس على كرسي متعب يغلق عينيه الدامعتين بأصبعيه

نعم يبكي ، الزين يبكي ، فأي خذلان هو ذاك ، أي قتل هو هذا ، يكاد يشعر بروحه تصعّد في السماء  والدموع تتجمع ولا تكف ابدا تقول له أبك على ما فات من عمر ، ابك على ما جنت يداك ، ابك فالبكاء يغسل الروح !

كانت تقف هناك مهزومة ، هي لم تخطيء، ارادت ان تربي ابنها على العادات والتقاليد والدين ، هي لم تعتقد يوما انه سيجدها ، ولكن على كل حال الولد يحمل دين امه وهذا هو القانون فلن يستطيع تغييره !!

رفع رأسه وفتح فيها عينيه الحمراوين المتشققتين بالدم : قولي لي كيف اتعامل معك !

بلعت ريقها وهي تقف مرتبكة هكذا ، لا تعرف هل تتركه ام ان يشفِ غليله الذي يبدو انه لم ينته بعد فدافعت عن نفسها : انا لم افعل  بإبني ما يُخجل !

قام من مكانه وهو يتقدم اليها ببطء شديد وهي تنظر لعلوه بعينيها اللتين ترفرفان بسرعة : لا تلقي بكل الذنوب علي انا ، انا قمت بدوري كأم

: هل اقتلك ايتها الفاجرة !

كانت حركة جسده المتضخم خير دليل انه في صدد فعصها كالبعوضة بين اصبعين اثنين ، رفعت له رأسها في تحد : الفاجرة انت من صنعها انت

شد شعرها حتى التوت رقبتها ولم تتأوه ، لن تخضع له ، لن تجعله يهينها وتصمت ، انطلق الشرار القاسي من عينيها وهي تواجهه برقبة ملتوية وبصوت غائر مبحوح : انا.. انا التي قطعت بحارا و قطعت صحارى و قطعت بلادا ، انا التي لم يجرؤ احد ان يضع يده عليها ، انا التي حافظت و قاتلت من اجل شرفها ،انا التي خُطفت من بين يدي امي وابي ،، انا التي باعوني من رجل الى رجل و من امرأة الى امرأة ، انا التي وصلت لك طاهرة عفيفة فسميتني جارية و اعتديت على طُهري ، انا هي هذه التي تكرهها و تريد قتلها ، أنا عربية امرأة عربية اولا واخيرا ، تربيت وكبرت بين العرب لاننا عرب منذ الاف السنين ، الطهر والعفاف هو شيمتنا والاخلاق طبيعتنا و الشرف عارنا ،، لا تعتقد ان الشرف له جنس معين ولا قبيلة ولا قارة معينة نحن عرب تاريخنا واحد شئنا ام ابينا ان اعيش في الاراضي المحتلة لم يكن بإرادتي وان اكون يهودية هو هذا ما ولدت عليه كما ولدت انت يا عربي يا مسلم !

هيا الان اقتلني و ارح نفسك وخذ ابنك وربه كما تريد ، افعلها وخلصني ، فأنا من يوم رأيتك لم ارى خيرا

يكفي ابي الذي في الخارج قد قتلت روحه بفعلتي هذه ، اجّرتَ منزلا كي تحاسبني فيه وكي لا يستطع والدي الحركة ولا الخروج ان رغب ، هل تخاف ان يبلغ عنك لهذا جئت بنا هنا من غير علمي !

كل كلمة كانت تخترقه كالسهم ، هو لا يجد التبرير لكل ما قالت ، هو من اصر تلك الليلة على ان يجامعها وهو الذي لم يتفق مع شقيقه على الا تخرج من القصر ، وهو الذي تعلق بها ولم يستطع تركها ، وهي قد استغلت الفرصة وخرجت بعلم شقيقه من القصر و غادرت البلاد

اطلق شعرها وتركها تقف هناك مترنحة و الانفاس تتدافع على صدرها يهبط و يرتفع فهي قد قالت كل ما عليها ان تقول : تكرهه ، تكره تاج بعد ان جلبته لك !

اذن دعني اخرج انا وابي و ابني و اعدك انني لن اقول شيئا سنرجع وننسى هذا الامر كأنه لم يكن

التفت لها يصرخ : تحلمين ، هذا ابني ابني وانتي قد لعبتي به لعبتك القذرة ، ملابسه سأقطعها ، شعره سأقصه ، لغته سأغيرها ، سنذهب به الى بلادي كما هو مخطط له و ابلغي والدك بذلك !

هي تريد ان ترتاح ، ترتاح اخيرا ، الراحة النفسية التي لن تفكر بعدها ابدا ولن يقلقها بعدها شيئا ابدا ، تريد ان تغمض عيناها و تجد كل شيء على ما يرام ، تريد ان تسمع للهدوء ففي فترة زمنية قصيرة هي لا تسمع سوى الصراخ و الضجيج و العراك ، وهي ليست من ذاك النوع ، لا تريد ان تعيش بقية حياتها هكذا في شد و جذب فهذا كثير عليها جد كثير

وقفت في  مكانها وهي تترنح و تدفع بشعرها الى الخلف فيتهدل و يرجع ثانيتا على وجهها مفروقا من منتصفه عند جبهتها الشامخة : انا سأخرج الى ابي لا اريد ان امرضه ولا اريد ان افقده فهو آخر من تبقى لي ، أبي يجب علينا التروي في اخباره اننا سنرحل جميعا والا فأن الخبر سيقتله !

هل فهمتني

هز رأسه على مضض وهو لا يريد رؤية خلقتها فهو غاضب منها حتى الموت

اكملت : اما عن ابنك اتمنى ان لا تجعله يفطن لجفائك معه ، اذا كنت ستجعله يحبك عليك اولا ان تتقبل ماهو عليه الان ثم افعل به ما تريد ، لن اقول لا !

تركته بعد ان اوجعته بكلامها ، بعد ان جعلته الملام على كل ظروف حياتها و جعلته يبرر لها حالها ،، لم يكن الذنب ذنبها ، بل ذنبه هو وحده !

 

في وقفته تلك جائته رسالة نصية من المؤيد جاء فيها : القي نظرة على هذا المقال !!

ففتح الملف واخذ يقرأ وكلما تقدم في السطور كلما ازداد انفراج عينيه و زادت الصدمة على محياه فاغرا فاها متعجبا لا يصدق ما يقرأ لا يصدق

المقال ..

الزين حفيد القصور !!

 

الزين لم يكن حديث العهد بالثراء ، فهو حفيد من يملكون القصور ، و

يركبون ظهور المهور في زمن كان فيه " من اين لك هذا " و قد كان

والده قد رُزق اطايب العيش ابّا عن جد حتى إجتُث يوما جده من بين اولاده

اجتثاثا و سُجن و عذب لانه رجل غني يملك قصورا و اطيانا ، وقد دافع

اهله و أبنائه عن حقهم حتى انتزعوه انتزاعا من بين انياب سلطات القمع

 و رُدت الأموال و لكن بعدما مات جدهم في سجنه .

استلم الزين امور عائلته و سعى الى تنميتها فكان اول ما فعل حين بلغ

الرشد ان سافر و في سفره تعرف الى رجل لبناني يعمل في المافيا

اللبنانية يدعى ايميل ، توسعت الأعمال و جندوا الفقراء و كل ذي عازة و

اغروا الناس بالملايين و اشتروا الذمم حتى عاد الى موطنه مستغل

الخراب السائد و بنى امبراطورية عملاقة امسك بها البلاد من اطرافها ،

يرشي هذا و يتحايل على ذاك و يهب الهدايا ثم يتفرج وهو واقف على

خشبة مسرحه يدخن سيجاره و يسبح في سحابة بيضاء قطنية و يبتسم

منتشيا الى غوغائية العامة فيراهم يتخبطون و يصرخون و يبكون و

يجوعون و يتذابحون ثم يترك مسرحه مصفقا لنفسه منتشيا لعظمة

انجازه ، لم يكن الزين ليهتم بأمر العامة ، فماذا فعل العامة حين سلب

العسكري رزق اجداده و سلموه للدولة ؟ ، ماذا فعل العامة حين طرد

واهله من قصرهم ليعيشوا اذلاء ؟ اين كان العامة حين جر جده

كالمجرمين خارج قصره جرا ليموت في سجنه ؟! ، هه اين كانوا ، قد

كانوا يشمتون ، يضحكون و يهللون ، و يسبون و يتهمون " من اين لك

هذا " و الشعب عاش منذ قرون في ضنك و عوز ؟! الآن يرى التشفي ،

يرى الإنتقام ، يرى انهم دُمى خيوطها معلقة بين الأصابع يحركهم كيفما

شاء ، ان شاء خسف المال ورفع الأسعار حتى يصيب الناس السُعار ،

الزين يؤمن أنه ينفذ مشيئة الله و انتقامه لذله و ذل اهله في هؤلاء

الشرذمة القليلون ، وان الجزاء من جنس العمل ! !

قد فصل الزين فصلا عجيبا بين الجريمة و العبادة ، فقد كان يؤدي

الصدقات و يؤتي الزكوات و يقوم الصلوات ، و يتعبد الله  في الخلوات و

كان ان فتنه المذهب الصوفي فوجد نفسه فيه ، فيؤمن ان لا احد اكبر منه

الا الله  ، ان شاء اهلكه و ان شاء رفعه ، فكان دائما يبقي تلك العلاقة

الغريبة وثيقة فلا يبتعد عن الله  ابدا و الا يدعو مع الله  احدا .

قد كان لكلمة  الله  عليه سلطان فبعضكم لبعض عدو ، و العين بالعين و

السن بالسن و الجروح قصاص كان مبدأ لا يتوانى عن فعله فقد كان

يتقرب الى الله بتحقيق عدالته الإلهية في العباد ، لم يكن ليصور نفسه

يوما شيطانا من شياطين الإنس ، ان اراد الرجل ان ينتشي بالمخدرات

فهي ليست بمسؤوليته ، وان اراد احدهم ان يرتكب الفاحشة مع امرأة

هي شهوته من سيرته ، وان اراد العباد التقاتل فهي سنة الله في خلقه ، بعضكم لبعض عدو ..

خُلق العبد مخيرا بكامل حريته يعرف تماما طريق الخير و الحق و طريق

 الضلال و الشرك ومع ذالك يخاطر عشما في توبة قد تأتي متأخرة !

قد أحب الزين النساء حبا جما ، ولولا انه لا يحب ان يتخذ مع الله إله

لاتخذهن آلهة، كان يعشق الدلال و الحسن العربي ، و البياض و الشقار

االأوروبي ، و ملاحة الوجه الأسيوي ، فقد كان يطوف الأرض في كل

حين مللا بحثا عمن تموء في سريره بلا خجل من سيدات محترمات

شديدات جادات او صغيرات بالجنس مولعات ، كان يعشق روائح

اجسادهن التي تفرزها مسامهن فيظل يحرث اجسامهن حرثا بأطرافه و

أنفه يشمهن حتى يحفظهن ، فلكل انثى جامعها ذكرى و رائحة خاصة

 تشعره بالسعادة و النشوة كلما تذكرها .

ولم يجد الزين خجلا ابدا بتقديم عروض لمن يجده يتأبط ذراع امرأة

تعجبه ، او امرأة ترغب في تسليمه نفسها بمقابل مادي ، ولم يكن ليشعر

بالخجل حين يمارس الحب معهن فهو قد دفع وهن قد استمتعن وقد كان

يرى الرضى في وجوه النسوة الاتي يجامعهن ، وكم من امرأة حاولت

معه بإغراءه ولم تفلح ابدا طالما كانت هي السبّاقة ، فقد كان دائما يشعر

أنه هو الصياد و ان الأنثى طريدته و قد احب كثيرا المتمنعات و

المتوحشات اللواتي يضربنه و يشتمنه في الفراش فقد كان يجد فيهن

متعة تفوق متعة مجامعة الأنثى الرقيقة ، ففي وجدانه انه ما خلقهن الله

إلا  لتلك الغاية و انهن زينة الحياة التي زينها الله الى عباده من بد  الشهوات لما لها من خاصية الجذب و الجمال حتى ان كن قبيحات !

انتهى المقال .. القناع ..

كادت شاشة الهاتف ان تتحطم وهو يطبق بكفه عليها ، كان ينطق : what the fuck !!

تبا اللعنة ما هذا الهراء اللعنة اللعنة

اخذت نبرة صوته بالارتفاع وهو حائر في امره ، من هو هذا الذي لا يتركه الا وهو ينغص عليه حياته ، الا يكفيه كل ما هو فيه ،، ثم ماهذا الهراء الذي يملا به الصفحات هذا كذب و تلفيق هذا تشويه ما هذا ومن هو الذي يتجرأ على فعل ذلك

يعدون على الاصابع من يعرفونه باسم الزين هل يعقل ان يكون احد قريب منه يطعنه هكذا في ظهره !

رفع الهاتف الى اذنه وهو يدق رقم المؤيد الذي رد عليه بصوت غليظ مغتاظ : هل قرأت ،، تبا والله لافتش عنه و اخرجه من تحت الارض ثم سنرى ماذا سيحدث له هذا الارعن الدجال !

لكنه اخفض نبرة صوته وهو غاضب جدا : مؤيد هذا الرجل او اي كان لابد ان يكون له عيون في القصر أريدك ان تبحث في هذا ايضا ثم اتفق مع شركة الاتصالات لمراقبة الموقع ومن اين تصدر اشارته انا لم اعد احتمل هذا التلفيق هناك من يحفر لي ويريد الايقاع بيني وبين الناس بأي وسيلة ، هذا الشخص كل فترة يقوم بالتحدث عن اعمالي وكأنه يسكن في بيتي  !

ألم تكفني مصيبة هروب المهاجرين و تفرقهم في الأرض كالدواب !

جاءه جواب المؤيد الذي يتجه الى الجنوب للإشراف شخصيا على دخول شاحنات السلاح الى البلاد و تأمينها حتى موعد بيعها لأي جهة تطلبه !

: الى متى ستطيل الغياب ، لابد ان تأتي في اسرع وقت انا متجه للجنوب الآن تعرف لماذا !

ثم اردف : والله يا ابن عمي لا اشك الا في الصديق هو من يسرب اخبارنا و يطعننا في ظهرنا

تنفس الصعداء وهو يحاول لملمة نفسه وهو يضع يده فوق شعره و يشده من الخلف بتوتر ، لا الصديق لا يعرفه باسمه هذا ولم يدخل ولا في اي مرة قصره ، إلا إذا كان أبو البراء من أخبره عنه ،

لا يدري.. كل شيء في عقله فوضى تامة لا يستطيع الآن ترتيبها قبل ان يصل الى ارض الوطن : حسنا اغلق الهاتف الآن و ركز في قيادتك و انا سأتصرف مع هذا الحشرة عندما ارجع !

رمى هاتفه على الطاولة و مشى الى ان رمى نفسه على السرير الصغير الحجم بالنسبة لجسده ، اغمض عينيه و سرح فيما من الممكن ان يحل كل تلك المشاكل دفعة واحدة !

 

 

عند آيدين الذي كان يرتب بضع قطع من الثياب التي سيأخذها معه وهو يتجه الى الغرب ، هناك حيث اتفق مع شعيب على اللقاء على الحدود عند وازن وهناك ايضا يعرف آيدين العديد من الضباط الذين درسوا معه و عملوا ايضا معا في الجنوب عندما عاد الى الوطن و بعد ان طلق المجدلية ّ!

أصبح في الحقيقة وجه المجدلية يمر عليه مرور الكرام ، هو لم يعد يتذكر تماما شيئا عنها ، دللها و احبها و لم يعاشرها كما أرادت نفسه ، بل كانت تدفعه عنها بكل ما اوتيت من قوة وهذه القوة التي كانت في لسانها فقط ، لسانها الذي كانت تقطعه به اربا ثم ترميه بسيوفه للكلاب تنهشه ، لم تحترمه ولم تقدر اي شيء جيد حاول ان يفعله لها ، عرض عليها السفر و الهجرة الى الخارج فهو في الحقيقة لم ينسجم مع اعمال العائلة ولا يحب التدخل فيها و بعيد عنها تماما ، عندما اختار الجيش هو أحب ان يتخلص فيه من كل ماضيه الوسخ !

عندما دخل الى الكلوب اول مرة ارتعش جسده كله كفتاة عذراء تعرف انها ستفقد عذريتها ، ونعم فقدها ، فقد آيدين كل شيء في هذا المكان

هنا حيث تحول الى راقص تعرٍ وما ادراك ما راقص التعري !!

حين اجبره بل صرخ جاد في وجهه : يلا خلصنا ما ورانا غيرك ، لك يا زلمة راح تعجبن والله راح تعجبن إنتي بس قوي حالك شوي لك صير رجال ولو !

اخذ يخلع ملابسه على مضض قطعة وراء قطعة حتى تعر تماما امام عيني جاد الذي أخذ يقيمه بعينيه : كتييير حلو كتير ، يلا ألبس هيدا

رمى عليه قطعة صغيرة لا تكفي ان تغطي عورته صار ينظر اليها مفجوعا مهانا محمر الوجه ، صار ينقل بصره بين جاد وبين القطعة وهو يهز رأسه : لن أستطيع ان ارتدي شيئا كهذا

اقترب منه جاد يخيفه و يفتح عينيه الماكرتين في وجهه : لك انت مو قبلت تشتغل معنا يعني ما الك اي حجة انك ما تنفز كل اللي عم نطلبو منك ، يلا البس و راح ورجيك كيف راح ترقص ، كان امامه عامود من الحديد مثبتة نهايته بالسقف و بدايته بالأرض حين صار جاد يلف نفسه حول العامود بحركات شبه انثوية اغلق عينيه اللتان اسودت الرؤية امامها

كيف وصل به الحال الى هنا !

امسك جاد بساعده : يلا يلا البوس و اطلع لبرا الشباب عم يستنو

ومن هنا بدأ آيدين يرقص كل ليلة ، بل جائته طلبات عديدة مخنثة تطلب منه اشياءا اكثر شذوذا و وقاحة ، اختار الطريق الذي يتهرب فيه من كل من تسول له نفسه العبث بجسده او المساس به و اقسم انه سيقتل اي احد سيطلب منه شيئا كهذا ، ألم يقتل قبلا إذن هو مستعد لفعلها مرة اخرة وكل مرة ان تطلب الامر .

في عام واحد تمرس في عمله و اصبح يجامل هذا وذاك و اصبح يشرب بكميات كبيرة قبل ان يصعد الى المسرح و يتعرى امام الجمهور الذي يدس المال في طيات سرواله الصغير ذاك !

راودته عدة نساء عن نفسه فاستعصم ولم يرد حقا ان يمارس الحب مع اي منهن ، لا يريد للحب ان يصبح شيئا تافها مقننا في جسد فقط ، فرؤيته للحب كشيء محسوس شيء من دم شيء من قلب شيء من روح ، الحب ليس لمسة تنتهي بل احساس يبقى أبد الدهر .

حين مال عليه إيميل يوما ما وهما جالسان في الكلوب بعد انتهاء فترة رقصه على البار و هما يحملان كؤوس الوسكي و يراقبان عامل البار و خفته في صب الكؤوس او يراقبا الفتيات اللواتي ترقصن الان عاريات الصدور على الحلقة و العامود : قلي لك آيدين ، انت شو اللي جابك لهون قصدي كيف قدرت تجي ع لندن ازا ما معك مصاري !

هنا التفت له آيدين وفي عينيه الكثير من الحزن : عائلتي عائلة معروفة في بلادي و والدي رجل اعمال ولكن مؤخرا تعرضت العائلة لنكسة سلبت منهم كل شيء !

همممم ،، همهم إيميل وهو ينصت لما يقول صاحبه : يعني شو نوع الاعمال اللي كانت عيلتك تعملا !

ارتبك آيدين وهو يلتفت بنظره عن إيميل الذي لا يفوته الفائتة بل شك في الامر : شوف حبيبي انا بعرف انو ببلدكم ما حدا بيقدر يطلع منا الا ازا كان تحت ايد النظام ، أو الناس اللي بتشتغل قريبة منو،  هيك والا مو هيك !

هز آيدين رأسه سارحا هو لا يريد الآن ان يدخل في معمة اخرى مع إيميل ، يعلم ان إيميل ذكي و يستغل كل شيء يمر عليه في طريقه

حين وضع إيميل الكأس جانبا وهو يدور بكرسيه ليواجه وجه الفتى الذي اخذ يحمر و يخضر من التوتر : لك شو بك ، شو بك ، يعني عادي لو قلتلي انكم بتشتغلوا مثلا بالسلاح والا بالمخدرات !

رفع آيدين رأسه بسرعة وهو ينفي ذلك : لا ليس هكذا ، الامر ان الحكومة لأن جدي غني شكوا في امره و اخذوا كل املاكه

رفع حاجبه : والله ، اي و شو عم تعمل عيلتك هلأ !

رفع كتفيه نفيا ، هو لا يعرف تماما الان ماذا يحصل لهم وكيف يتدبرون امرهم : لا اعرف حقا ما يحصل ولكن انا واثق انهم لن يسكتوا على ما جرى !

: آهه ، هيك لكان ، طيب طيب خلينا نكمل السهرة

لم يكن إيميل يدع فرصة الا وحاصر فيها آيدين بكلماته وتلميحاته ، فهو حقا يرغب في مد يده الى العائلة التي نكست ، يريد ان يتفرع في عمله و ان يشمل بلاد اخرى ، لن تكون تجارة المخدرات عملا سهلا بين دولتين مثل لبنان و ليبيا سيكون هناك الكثير من المخاطر حين قال له : اعطيني رقم حدا من اخواتك او اعمامك بدي احكي معن !

جلس على السرير وهو يتنهد ، في الحقيقة كان آيدين هو أول من ادخل العائلة في تجارة المخدرات ، هو بسببه اصبح عمل العائلة غير شرعي بل اصبح حقيرا مقيتا مميتا ،

كم من مرة يضرب نفسه بقسوة ندما على ما فعل ، كيف سمح لإيميل ان يدخل بينهم وان يحطم عائلتهم ، نعم قد حطم هذه العائلة ، هذه ليست تجارة دقيق انها مخدرات شيء يقتل الروح ويؤذي الجسد و يرفع القوم الى السماء ويخسف بأقوام آخرين الارض !

تهريب الذهب من افريقيا الى اوروبا عبر ممرات بحرية او حتى عبر المغرب ، تهريب الآثار من الصحراء الى الدول المجاورة حتى تصل الى اوروبا ، صار كل شيء بالنسبة للعائلة مباحا ، حتى استطاعوا بناء امبراطورية لم يزعزعها اي قانون ولا اي حكومة !

 

يصله صوت عذب وخلفية موسيقية رائقة ، قصيدة قبانية ادارتها و صارت تنصت اليها ، تتقدم والقلق ينهش مفاصلها ، ستفتقده ، ستحن اليه

ماذا سوف أضيف إلى أمجادك

يا سيدتي؟

أنت امرأة تقلق عصراً .

تقلق لغة .

تشعل في الكلمات اللهبا .

تطلع شمساً من عينيها .

تطلع قمحاً من إبطيها .

تطلع من سرتها ذهبا .

التفت عليها حين ولجت الغرفة تسأل : كم يوما ستغيب ، هل تظن ان علي ان اذهب الى خالي !

كان هناك ينظر اليها و الى القلق البادي على وجهها وينصت من بعيد الى كلمات تجيش قلبه وتحشر عواطفه ، تفتح عيناها التي يحبها على وسعهما قلقا وصوتها بنبرته المنخفضة الحبيبة الى القلب ، فهي تعيش معه الان وكأنها تعرفه منذ زمن .

تحب هذا الود الذي بينهما و التفهم الذي يحملانه في طيات افكارهما لبعضهما البعض .

تقدمت ناحه وهي تمد يدها له تريد فقط ان تطمئن نفسها عليه ان تمسك بيديه بين يديها وربما تودعه قبل ان يشد الرحال

ولكنه في تلك اللحظة شدها بقوة الى حضنه حتى ارتمت عليه و شعرها التف حول وجهها حتى لامس وجهه فاجلسها على فخذه ينظر اليها بلهفة وهو يداعب بضع خصلات خلف عنقها و يشمها عن قرب : تقلقين علي !

هممم

أنت امرأة ليست تنسى .

أنت الفرح الآتي من أشياء الأنثى .

أنت القمر الطالع من أعماق حقيبتها .

أنت الحجل النائم في طيات ضفيرتها ..

أنت السمك الراقص فوق مياه أصابعها

أنت الأصل .. وكل ذكور العالم

ليسوا فوق قميصك إلا زغبا!! ..

 

كانت جامدة في جلستها محرجة تحاول ان تخفف حدة الامر عليها وبالكاد خرجت الكلمات من حلقها الذي جف فجأة : تعلم انك تغمرني بلطفك !

لما يتمنى الان ان تراه ، ان ترى نظرة الوله في عينيه ، ان تعرف انها بالنسبة له اكثر مما تظن ، هي بالنسبة له تاريخه و عمره ، هي الشيء الذي بقي له من الماضي الذي يهرب منه وفي نفس الوقت يحاصره من كل مكان واينما استدار ،

 الوله يتعبه ، يتمناها الان ان تكون بين ذراعيه هنا على سريره

ولما لا ،

 لما لا يفعلها ، لما لا يطلب حقه فيها ، ثارت كل مشاعره حين فكر في هذا الامر ، ان يجعلها زوجته حقا وان يجعل الذكرى حلوة قبل ان يسافر ، وهي تجلس هناك على فخذيه تستشعر انفاسه التي ثقلت فجأة و حركة صدره الذي اخذ ينتفخ من شوقه لها والنار التي هيجت رغباته ، اقشعر جسدها فهي لم تتخيل تلك اللحظة أبدا ولم تتخيل انه فعلا سيفعلها معها فكل تصرفاته الايام الفائتة كانت بعيدة كل البعد عن الحب و الغزل ..

حين اقتربت يداه من بلوزتها و هو يفتح اعلى قميصها المزرر اخذ قلبها يدق برعب ويداه الدافئتان تقعان على جلدها البارد ، اخذت الدموع تندفع الى عينيها و لكنها اغمضتهما كارهة ، ليست كارهة لحبه ، بل كارهة لنفسها ، اخذت تعض شفتيها وهو يزيح عنها بلوزتها و يداعب بيديه جيدها و يقبل كتفها ويرتقي بشفتيه ليغمر عنقها ، كان منغمسا متشوقا قد غمرته اللذة حتى طرحها على السرير وهي مستسلمة له ، مستسلمة لكل لمسة ولكل قُبلة ولكل غمرة غمرها فيها ، كانت في اللحظة الحاسمة لحظة مضاجعتها كزوجة ترتعد من قمتها حتى اخمصها تحاول ان تغلق ما بين ساقيها و لكنها امامه لم تفلح في الدفاع عن آخر معقل دفاع عنها لم تستمتع ولم تثور ، كانت جامدة فقط تتخيل ما سيكون رد فعله وما اذا سيتوقف وما اذا سيرميها من حضنه كما غمرها فيه ، ولكن كل ذلك لم يحصل ، قد كان متلهفا متشوقا تغمره النشوة كان يستمتع بكل شيء فعله

في تلك اللحظة تيقن انها لم يكن لها ان تكون لمخلوق سواه ، في تلك اللحظة عرف انه الرجل وهي انثاه وهما روح واحدة هو سكنها وهي سكنه .

ا واحدتي:

إنك وجه إغريقي لا يتكرر .

حالة شعر لا تتكرر .

نوبة صرع لا تتكرر .

أنت ثقافة هذا العصر ..

وأنت الشعر، وأنت النثر .

وأنت البر، وأنت البحر .

وأنت فتافيت السكر .

أنت حضارة هذا الكون،

وأنت الخير، وأنت العدل،

وأنت هلال الحب الأخضر ..

 

كان يحرثها حرثا وهو يدفع شعرها الى ما خلف جبهتها ، يريد ان يرى لمعة عينيها و يرى نشوتها معه حين اقترب من فمها يقبله و يهمس لها : هل اذيتك !

هزت رأسها نفيا وهي تحاول جاهدة كبح دموعها التي وقفت على اجفانها تحاول طردها ، لا تريد ان تفسد عليه لحظات شوقه و لحظات حبه فمعاملته لها لم تتوقعها أبدا وهي على ذلك الحال ، حين رقد اخيرا فوق صدرها يلهث متعرقا يقبلها بشوق وضعت يدها فوق شعره تشده بقوة ، تشده اليها تغمره بها حين رفع رأسه قرب ذقنها يلتقمه بأسنانه رفعت كفيها الى وجهه تجذبه اليها ، كان العرفان بالجميل و الرهبة هما من سيطرا على ملامحها حين مسحت وجهه بكفها الصغير قائلة بحنان : ألم تتضايق أن..... اغلق لها فمها بقبلة مجنونة يهمس فيها :قبليني حتى ينسى كلانا طعم الوجع !

 جعلها هذه المرة تتفاعل معه و تأخذه مرة اخرى في احضانها راغبة مطيعة !

يا آتية من ألوان الطيف ..

ومن رائحة الصيف

ومن عبق الزعتر .

يا من نأكل من أشجار أنوثتها ..

يا من نقطف من شفتيها ..

لوزاً ..

خوخاً ..

تيناً ..

عنبا ..

شكراً، يا سيدتي، شكراً .

أنت ملأت يدينا رزقاً .

أنت ملأت دروب المنفى رطبا .

لو لم أبصر وطني الثاني في عينيك ..

لكانت هذي الدنيا كذبا .

 !

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...