( 11 ) آخر أنثى قبيل وصول التتار



نيجستا تلك المرأة البدينة السمراء 
ذات الملامح الاريترية الصرف 
ذات الثانية و الثلاثون عاما و التي 
رحلت عن ديارها تاركة اياها 
قاصدة نعيم الدنيا و جنة الله على 
الارض ، تركب ذاك القارب 
الصغير المحتشد بمختلف الجنسيات
العربية و الافريقية ، وجهتهم هي 
ارض البيض و الحرية ، ارض 
اوروبا .
تركت نيجستا خلفها اولادا و بناتا 
و زوجا ، و باعت كل ما تملكه 
كي توفر مبلغ الهروب نحو الشمال
حُبست نيجستا و غيرها من النساء 
و الرجال في معسكرات للتهريب 
البشري ، يتصارعون داخله ، يفترشون
الارض و يأكلون الطوب ، و يدفعون مالا 
للهروب !
تعرضت نيجستا للاغتصاب و التعذيب 
و الحرق ، و بعدها هربت مع ستة اشخاص 
تدور الشوارع و تدق الابواب و تنام تحت 
الكباري !
فرت بجلدها الى أن وجدت من ساعدها 
و اقرضها مالا ، وها هي ترتدي سترة 
النجاة ، فلربما تصل مبتغاها و اما
فللموتِ أن يلقاها ! 
القناع 2017 

كان يحي قد ارسل له هذا المقال المنشور على الموقع الخاص بالقناع الذي بدأ يشاغب و ينقّب خلفهم ، أمسك بهاتفه بين يديه وهو يقف بين رجال مسلحين ملثمين يحرسون بوابات المعسكر كان شديد الغضب منهم يصرخ بهم : كيف يهرب ستة اشخاص دون دراية كيف ، صرخ بالأخيرة حتى ارتعدت قلوبهم منه خوفا ، ومن ذا الذي اغتصب تلك المرأة يا بهائم يا من تفكرون فقط في خواصركم !
اريد تحقيقا في هذا الشأن أين هو المسؤول البائس الذي وليته الأمر ، طأطأ الجميع رؤوسهم فهم لم يتوقعوا كل هذه الثورة لمجرد بضع فتيات بعن أجسادهن داخل المعسكر و خارجه من أجل المال و الحرية !
رفع اصبعه حاسما امره و عينيه تغطيها النظارات الشمسية السوداء فضية الاطار كانتا محتقنتان بالشر و الأمر فالعقاب الشديد هو أمر محسوم : كل خنفساء تمشي في المدينة تجمعونها و من يقاوم اقتلوه فلا ينقصنا ان نملأ البلاد بالسود ، اريدهم جميعا هنا امامي حتى أُنزل بهم العقاب المناسب ، تحركوا .
تفرق الجمع بسرعة شديدة يركبون سيارات معتمة الزجاج يتسابقون كي ينفّذوا ما امرهم به فهم في غنى عن اي عقاب قد يُلحِقه بهم بسبب هؤلاء الهمج الذين يحرسونهم !
عدّل وقفته ورفع ياقة جاكيته الأسود حتى غطت رقبته بدا متشنجا يفتقد للصبر فكارثة إن وشى احد أولئك الافارقة بمكان هذا المعسكر فيتسبب بثورة الناس ضدهم و هذا الأمر تطلّب منه التدخل شخصيا فهذا المكان هو ملكه ، أما ذاك القناع المتحاذق فسينزع ذاك القناع عنه ومعه سيسلخ جلده وسينزل عليه سخط ما بعده سخط .
في تلك الأثناء وهو يتنفس الهواء المُحمّل بالغبار و الريح تطير شعره و تعبث بأطراف سترته رفع هاتفه ليقرأ رسالة ، رسالة من ضمن كم تلك الرسائل التي تصله يوميا او ساعيّا رسالة مضمونها " أنها تخرج من بيتها للعبادة ثم تعود " 
ومن بين الرسائل صورا عديدة ، صور طفل صغير جميل ، و صور امرأة مختمرة ، من كل الزوايا التُقِطت لهما وهما في حديقة او في شارع او على البحر ، و احيانا صورة تجمع ثلاثة اشخاص " المرأة و الطفل و رجل معهما " 
يظل يُحدّق في الصور و يقلّبها بإصبعه يُكبّرها و يُصغّرها و يُحاورها في سره ، يتنهد ثم يدُس هاتفه في جيبه الداخلي قرب قلبه ثم يركب سيارته و خلفه حرسه المدجج بالسلاح و يترك المعسكر و يرحل ! 
,
,
أما هي فكانت ترتدي فستانا واسعا ربيعيا اخضرا مطبّعا بالورود ، تربطه عند خصرها فيكشف عن ساقيها البضتين ، تشمّر عن أكمامها و ترفع شعرها و تعقصه في لفة فوق رأسها ، وتعود لتحمل أدوات تنظيف الحديقة من اوراق شجرة المشمش المتساقطة و من نباتات متطفلة تغرس فيها سكينا حادا ثم تقتلعها من جذورها ، تلقي بعض المرات نظرات حنونة مترقبة تجاه الطفل و الرجل اللذان يلعبان قبالها ، صارت تجمع الورق و النباتات و ترمي بهم في صندوق خشبي عميق ثم تنتصب تمسح بكفها عرقها و تغمض نصف عين ناظرة في اتجاه الشمس الحارقة التفتت حين دق الباب دقتين ثم رأت ورقة تُدفع من تحته ، القت نظرة على والدها بسرعة شديدة ثم اتجهت بخطوات متسارعة الى الورقة تخبأها بين أصابعها ثم تدخل كمجرمة قد يُشك في أمرها متجهة لغرفتها تقفلها عليها بالمفتاح جيدا ، تتنفس الصعداء و تغمض عينيها ثم تفتحهما ، يضرب قلبها برعب ، تخشى أن تفتح الورقة ، تريد تجاهلها ، تنظر الى الشباك و تقف لتتطلع اليه بنظرة ملؤها الحسرة تتشجع لتفتح الورقة لتقرأ السطرين اللذين خُطّا فيها " رصاصة واحدة تكفي " " الموعد ، باريس ، يوم ... المكان ..... " 
جعّدت الورقة بين أصابعها ثم اتجهت بها الى المطبخ الصغير الضيق الذي لا يحتمل داخله سوى شخص واحد تمتد يداها للكبريت فتشعل واحدة ثم تحرق الورقة ! 
تشاهدها تتحول الى الرماد ، تلتقط أنفاسها ثم تخرج اليهما تتلقفه بحبور في أحضانها و تمسك بذراعيه و تدور به و يبدآ صراخا و ضحكا و في تلك الفينة تنسى كل شيء حولها حتى الرصاصة !
،
،
,
كبير العائلة الذي قضى ليلته كالمعتاد عند حبيبة قلبه و زوجته الاولى ، ها هو يسابق خطواته للزوجة الثانية التي اخذت تتذمر و تغرقه اتصالات و شكاوى و غيرة عمياء ، تغرقه حقدا و غضبا و رغم انه مشغول مع الرجال الذين يطأوون بيته للاحتفال بابنه الا انه قد تركهم خلفه ليفزع لها ليرى ما حالها و اذ بأول خطوات يخطوها لداخل غرفتها يجدها ممددة مغتاظة ووجهها يتلون من عدم رضاها تضع يدها على بطنها الكبيرة التي انخفضت كثيرا دليلا على اقتراب ولادتها ، ميادة كانت جميلة جميلة جدا وقد اورثت هذا الجمال الخارق لبناتها كان وجهها طويلا ابيضا مشعا نقيا بخدود حمراء طبيعية و تورد مذهل لعنقها وجسدها الممتلء بحلاوة و شعرها الحريري الذي تقصه باستمرار حتى كتفيها يتهدل بكامل نعومته على خديها ، و شفتيها وآه من شفتيها وهل دوّخه شيء فيها اكثر منهما كانتا كالعنب المقطوف شديدي الحلاوة قد كتب فيهما يوما شعرا حين قال : 
شفتان معصيتان .. أصفح عنهما 
ما دام يرشح منهما الياقوت 
إن الشفاه الصابرات أحبها 
ينهار فوق عقيقها الجبروت 
و عينيها بلون العسل المصفّى مشرقتان كشمس في صيفٍ ذي حِرقة و كل حاجب كمحاربٍ سلّط سلاحه لقتالٍ كأنه في غزوة ! 
كان فيها الكثير من الغرور و القوة نظرت له من اسفله الى اعلاه في تعالي : حمدا لله أنني رأيتك كنت أقول ، أقصد أنني كنت أظن أنك قد هاجرت !
و هي تعطيه ابتسامة مشرقة مستفزة 
تنهد و هو يسير اليها و يضع يده فوق يديها يتلمس ابنه او ابنته بحب فهو قد نسي كيف يصير أبا و جهز نفسه لأن يصبح جدا و لكن لسوء حظه أنه سيرزق بطفل قبل أبنائه الذين أصبحوا يفوقونه طولا !
تفهمها قليلا و عتب عليها كثيرا : أتستخسرين فيها أن أظل جانبها كي أجبر بخاطرها و يا ليتها ترضى !
تنهدت وهي تربت على يده برقة و يدها متروسة بالذهب و العقيق ،الاساور و الخواتم : لا تبتأس فهي الخاسرة ، لديك أنا يا صالح فلا تخسرني !
تواصل في لوم خفي : فأنت منذ أن وطأت دارها تجاهلتني وانا في حالتي هذه ؛ إعدل يا صالح إعدل !
رفع رأسه لها باستغراب يسألها مضيق العينين : أعدل ؟! 
أوَكلُ ذالك ولم أعدل ، قام من السرير وهو يدور في الغرفة و صوته يغلّظُ بلوم على نفسه : لا والله لا والله إنّ كفّتي لمائلة ، عشر سنوات انام هنا معك في مضجعك ، عشر سنوات اشحذ منها الكلام ، اشحذ منها النظرة اشحذ منها العفو ، ضرب بعصاته على الكرسي بغل : حتى أنها رغم أنني طبيعي معها لم تقلها لم تقل قد سامحتك يا صالح !
أخذ يسمع نشيجها رجع اليها بسرعة ينحني عليها وهي تمسح دموعها بيديها : ألهذه الدرجة تحبها 
امسك بأناملها بين يديه يُقبّلها بلهفة : و احبكِ انتِ ايضا احبكِ ولن تشكّي في هذا الامر ابدا ، ماجدة هي ابنة خالي هي وصيته هي حبيبته هي يتيمته هي أول امرأة في حياتي وأم أبنائي، ربّت رجالا أُسودا ذكرهم يثير الرعب في القلوب ان رميتهم في حرب جاؤوني بالرقاب ، لا اريد ان استعرض عليكِ الآن من هي ماجدة و عليكِ انتِ ان تفهميها لأنكِ إمرأة مثلها ، اريد أن نرسو على البر يا ميّادة لا أن نحرق السفن !
تشبثت برقبة سترته تشده اليها تحتضنه لا تفكر يوما أن تتركني من أجلها يا صالح ! 
ضمها لصدره أكثر يُقبّل قمة رأسها و يستنشق أنفاسها و هو غارق في حيرته وخوفه !
،
،
،
غابت الشمس و تلونت السماء بالقتامة و كأنها شفاه امرأة كانت تشرب النبيذ الاحمر ، تسقط خلف البيوت ومن خلفها الجبال ثم بحارا تخلع عنها قميصها فيتعرى النهار و يسقط صريع الحمى من البرد فيا أيها الشمس ارتدي نعليك و تسابقي مع دوران هذه الارض و تقدمي الينا بمشروبك الساخن الذي يلهب مقلتينا ، يا ايها الرب الناظر الينا غطنا و تب علينا 
أفديكَ بل قلّ أن يفديك ذو دنفٍ """ هل في المذلّة للمشتاق من عار
بي منك شوقٌ لو أن الصخر يحمله """ تفطّر الصخر عن مستوقد النار
قد دبّ حبّك في الأعضاء من جسدي """ دبيب لفظى من روحي وإضماري
ولا تنفّست إلا كنت مع نفسي """ وكل جارحة من خاطري جاري

صوت غناء لرجل يجلس و يغمض عينيه و يتمايل مع كل لفظ عاشق لمولاه ، يصدح صوته و ينخفض حسه و يعبر لحنه محطة الوجدان ، فينشغل " هم " بالدوران ، و ، الدوران ، و ، الدوران ، فتشخص ابصارهم و تتراقص قبب قفاطينهم البيضاء المزركشة الاطراف ، كانوا يحلقون بأجسادهم لعنان السماء فيلمسون النجوم و الكواكب و الملائكة، يتباكون على حياة فانية و تعلّق بالرب لا يدوم الا ثوانيا ، يقدسون اسمه ، يتغنون بحبه ، يترفعون عن كل منكر ، ينادون " الحبايب " في غفلة عن كل قلب ذاهل ، يصرخون بالعشق صراخ مجنون كابد الوجد و تأجج الضلوع ، تتلوى قفاطينهم و تتطاير طواقيهم و تظل ارجلهم تدور كدوران الرحى في الغدير ، يا الله اني استودعتك امنياتي يا الله اتيتك مجردا من البلاء اتيتك حافيا عاريا لترضى فلترضى عني يا من تلبي النداء !
صار يصرخ و يصرخ بصوته الغليظ المتفجر من آتون الحزن ينظر للسماء و تدمع عيناه يصرخ حتى غلبه الوجد فبكى ، يصرخ لتبلغ حاجاته الافاق و يبدد السكون المعتم ليسقط أخيرا ممدا على الارض فتتساقط عليه نجمات السماء .
انهى المنشد تلاواته و قد سكنت ارواحهم الطمأنينة يتخذ كل منهم متكأ يجلس عليه و روحه خفيفة من البوح ينتظرون ساعة هدوء و راحة ثم يهبون لتغيير ثيابهم و يرحل كل منهم الى داره و كانوا " هم "" الزين ، يحي ، طارق و الهادي " أُقفلت البوابات بعدهم و أُطفأت الانوار و سكن القصر في الظلام !
،
،
،







القتال معك.. بين الحين والحين 
والإشتباك مع نهديك 
بالسلاح الأبيض... 
ضرورةٌ ستراتيجية.. 
حتى تظل شرايين الحب مفتوحة 
وحتى لا يصاب القلب 
بجلطةٍ عاطفية....
انتهى اليوم ، انتهى وجع دفنك اليوم بارادتي نثرت التراب عند قبرك ووضعت ازهارا ورحلت 
هذا هو كل ما تبقى لكِ مني ، كل ما غامرت من اجله بسببك ، اقبره اليوم و اعطيك ظهري و ارحل 
ابتدأت حياة جديدة يا حنان
خالية من صوتك و من عذب منطقك و من رقتك ومن مرضك ، اه يا حنان ، انتهى كل شيء و ابتدا الان شيء اخر ، انتِ رحلتِ وانا اعيش حياة اخرى اتنعم بعيشي و اكل و اشرب و تعلق قلبي بفتاة ذات بحة صوت غنّاء و جسد صغير و عينان كبيرتان كعيني المجانين وكم كان الجرح فيهما ومنهما عظيما 
انا كما قال شكسبير انا كلي شوك انا اخز ، وانا الان اخزك في قبرك و لعلك تتلوين الان من عظم الخيانة ، الم اعدك يوما ساعة حب انك الاولى والاخيرة في حياتي ، حسنا لم يعد الامر في يدي و تجاوزني الى قلبي فما افعل بحق الله أاتمسك بحق قلبي ام اتركه و انهره و اترك الحرقة فيه و عليه ..

اغمض عينيه بقوة ثم فتحهما وهو يخرج و يغلق باب غرفتهما السرية معا الى غير عودة او ربما الى حين ان يظهر خذلان القلب الاخر فهو معلق ولا ضمان بين يديه !
تحرك ببطئ الى مخدعه فتح بابه بخذلان و حسرة على من وعدها وها هو منافق اخر في حياتها البائسة التي لم تكن يوما لها الخيار فيها .
توجه الى خزانة ملابسه فتح بابها بقوة حتى ارتدت عليه تضرب ذراعيه امسك بربطة عنقه المدلاة باهمال على صدره بشدة ليخرجها خلال رأسه و يرمي بها بعيدا الحق فعله بقميصه الذي شقه من اعلى عنقه الى اخره حتى اخذت ازراره تتدحرج و ترن على الارض حتى همد دورانها و هو يرمي بالقميص تحت قدميه تحرر من جميع ملابسه وداس بقدمه عليها ، عريس هه نعم هو الليلة و غدا عريس !! ، كانت امامه امام عينيه بفستان زفاف ابيض لطالما حلمت بارتدائه في ليلة العمر ، ليلة زواج و اشهار لا يداريا فيها حبهما او ملامستهما بعد الان ، كل تلك البالونات التي كانت تلتصق بالسقف و تتحرك تحت اقدامه و هو يبتسم لوجهها البريء الرقيق لتصدمه بابتسامة شقت انفاسه ورمت بذعر فقدانها بين عينيه : سنكون اسرة صغيرة !!

اخذ يضحك و هو يمسك بظلفتي الخزانة و وجهه ينحني للاسفل في جنازة و بكاء ، وبتلك الانخفاضة رأى ذاك الجسد الذي يقهره و يكرهه الان يحاول التسلل على اطراف اصابعه و مغمض عينيه بوجل و رعب و رعشة ملكت اطرافها حتى اخرستها ، كانت كالاطفال الذين يغمضون اعينهم ثم يعتقدون ان لا احد يراهم !
تحمحم بقوة فوقفت مكانها و من رعبها لم تعد قدماها تحملانها حتى جلست على ركبتيها تحاول تهدأة نفسها ولسانها يلهج بذكر الله وطلب العون ، اصابه الهلع من منظرها وهو يظن انها ستفقد وعيها حتى انحنى بسرعة في اتجاهها يمسك بعضدها متسائلا بقلق : هيه انتي هل انت بخير ؟!
لا يدري لما استصعب هذه المرة نطق اسمها ولما ارتعد خافقه حين رآها تهوي فلا يريد فقدانها هي الاخرى فكم هو مؤلم فقدان انثى تخصك !
ولكنها عوضا عن طمأنته صرخت في وجهه بذعر و هي تدير وجهها الى الجهة الاخرى و تغطيه بيدها : تستر تستر 
رفع حاجبه بدهشة ثم التوت شفتيه باستهزاء رادا : غبية و مثيرة للشفقة ألن ينتهي أبدا اقتحامك لغرفتي أم أنك تريدين التعجيل في الامر !
رفع كلاهما حاجبه هي مصدومة من قوله و هو ينتظر تفسيرا يقنعه .
توجه ناح خزانته التقط منها سروالا قصيرا ارتداه بروية وهو يتمالك نفسه بألا يثور عليها او يسحق تلك الكبرياء البليدة التي تدعيها .
استقام في وقفته وهو يفتح ساقيه و هو ينظر اليها هو مضطرب ربما مثلها تماما تبا لذالك الخافق اللعين لما يبدأ بسبب شخص ما ان يدق كالأبله لما ؟!!
انعقد حاجبيه وهو يراها ترفع رأسها رويدا تحدق ذاهلة وهي تبلع ريقها هلعا لا يا الهي يا مولاي اعني على ما بليتني به !
نهضت من جلستها بارتباك وهي تستدير كلية لتعطيه ظهرها وتقول في همس بالكاد خرج من حنجرتها الجافة وكأن حريق قد شب فيها : لا بد ان نتحدث هناك بعض الاشياء التي يجب علي توضيحها و عليك انت توضيح الكثير ايضا !!
اخذت تقول بشجاعة : كيف كان حالك مع رباب ؟! 
سمعت تأففه و هو يقف خلفها ، لقد مل حقا من الشرح لكل من قابله ، بالتلوي ، بالكذب ، فقط كي يصل لمراده : ان كنت تسألين ان كنت عاشرتها فسأقول لك لا ؛ وفي هذه الحال فطلاقي لها صحيحا بينا و زواجي منك اكثر صحة لأنني لم اختل بها ! 
سمعته يقترب تماما خلف ظهرها يكاد يلتصق و انفاسه تضرب عنقها و تحرك خصيلات شعرها : اين كنتِ ساعة كتبتُ كتابي عليها ؟! 
سؤال كان يريد جوابه بفارغ الصبر ، هل شاهدت ملاءة براءة شقيقتها فان فعلت فهو امر سيُبطل كل ما يحاول ايهامها به ، رغم انه جراء وضعها كله الاسبوع الفائت كل ما يستطيع قوله انها تظن حقا انه لم يدخل بشقيقتها و لا تعلم التفاصيل و الا لما هدؤها هذا ؟! كيف تقف و تتقبل وضعها المشبوه معه ؟! 
تستحي حتى الان ان تلتفت له ، ان تتحدث بصراحة ، هناك الكثير رهن قلبها ، عديد الكلمات و الاعتراضات و النية المبيتة ! 
كان يجن في كل مرة يسمع بحة صوتها ، يريد ان يقف او يجلس الليل كله يستمع لها و يغرق في عينيها : لم اكن هناك ساعتها و لكن هناك امر مهم اردت التحدث فيه ، امر اخر ، حياتي ،
سكنت عندما لم تستمع الا لتنفسه القريب منها و من تلك الشرارات التي تخرج من جسده خلفها تماما وظهر تأثيرها على كتفيها اللذان اخذا يهتزا بشدة و اسنانها تصطك و جسدها يتعرق . يا الهي هل علي ان اعاني الان من هذا الاقتراب الحميم لا يا الله اسعفني بتلك الكلمات فاخذت تقول بسرعة دون فواصل او نقاش بين جملة و اخرى : اسمع يا ابن الناس انا امرأة قد أُجبرت على هذا الوضع وعلى هذا الزواج دون ارادة مني وانا اعتبر هذا الامر ابتلاء من رب العالمين و اختباره لي لذالك اقول لك انت.. بلائي .. ابتلعت ريقها وهي تشعر بانفاسه تخترق اذنها يا الهي كم هي حارة حااااارة كخط استوائي ينتوي صهرها تبا تبا ، اخذت تتابع بينما وضع اصبعا على كتفها يدفع شعرة و يرتبها حتى رفعت يدها تلمس ما لمسه ، انت بلائي و انا هنا لسبب الله اعلم به وما ستراه مني او علي هو مسؤوليتك وحدك فهناك الكثير مما لا تعرفه ولن تعرفه فلذالك اطالبك بأن لا نتقارب ولا نتلامس و لا تطالبني بأي حقوق كانت ، سأحاول ان أُغيّر ان لم يكن بيدي فسيكون بلساني و ان لم يكن بلساني سيكون بقلبي وذالك اضعف الايمان حتى يقضي الله امرا كان مفعولا ، فحد الله ما بيننا !!
التخبط كل ما تشعر به ، حالة التذاوي التي ترافقها ، كل ما سيحصل لحياتها لاحقا قد بررته له الان ، هو ليس بالقديس و هي ليست سليلة الانبياء ولكل منهما اسراره المعتمة و التي قد تسحق حياة اي منهما في اي لحظة ، اجل عليها ان تضع الحدود و الاسلاك الشائكة، ان تبني مدينة لها وحدها يكون هو غريب فيها مبعد عنها و منفي فيها ، هي انثى لم تعد تثق بأي شيء يحتويها !

واحد 
اثنان 
ثلاثة 
لا رد 
لا شيء 
سوى انفاس حارة متتابعة وربما غاضبة او ثائرة 
ربما انفاس شيطانية 
التفتت ببطئ وهي ترفع رأسها لتنك العينين الغامقتين الثائرتين يا الهي فتلك النار لن تخمد ابدا هناك حريق بعيد بعيد ترى شراره تشم رائحته كورت بلا وعي كفها كقبضة رفعتها لتضغط بها برقة على بطنه العاري وهي تقول بارتباك متجاهلة كل تلك الصواعق و البراكين : فهمت !!
لا لا 
وأنّى لرجل ان يفهم شرط كريه كهذا !! هو لن يعتبر نفسه رجلا ان اخرجها من هنا قبل أن يجعلها تبتلع كلماتها في حلقها ، سيجعلها تتكور حتى لا تستطيع ابتلاعها حتى تغص بها حتى تكتوي بنار الاقتراب و سيرى بعدها كيف سيكون طلبها شاقا عليها وستعلم اي نوع من الابتلاء هو ، زوجته حلاله ولا يلمسها ولا يتمتع بها وهو حق تعرفه و تفهمه هي المرأة العاقلة الورعة المتدينة أن تأتيه ولو كانت على التنور ، هه في الأساس هل تصدق تلك الترهات التي تفوهت بها شفتيها الزكيتين ، إذن لما بنات الماخور و بنات الحرام يستمتعن و يطالبن بالمزيد من الرجال حتى يعاشرن الف رجل ؟ ، لما تسلم المرأة نفسها للرجل بمجرد وعده لها بالزواج ؟ ، عندما يفتح لها تلك الجرة تخرج من عفتها و يسهل أغوائها ، فما بالك برجل و امرأته حلاله زلاله تتحرك أمامه تنام بجانبه فكيف يغمض أحدهما عيناه دون الآخر بلا أي فعل و انتظار رد الفعل ؟ ، كتلك المرأة التي كانت تخاصم زوجها و تمنع نفسها عنه ثم يأتيها في الليل بقوته حتى تضعف و تفتح له ساقيها قائلة: ويلك لقد جئتني بشفيع لا أستطيع رده !! 
تعرف لابد انها كذالك ، حين أخذ يقترب منها هامسا بحرارة : لا تحبين أن تجربيني ، ان تمارسي الحب معي ، لربما اعجبك ، انحنى يتحدث في اذنها : انا متأكد انني سأعجبك ! 
طبول تقرع في اذنيها حرارة و دخان و رعشات تتوالى خوفا و حياءا حين جمع عضديه تحت ردفيها يرفعها إلى مستوى أنفه و صدرها يهبط بقوة و ينزل كطود الجبال كالزلازل و الصواعق تتخبط معه : إذاً لما بقيتِ يوم قبّلتك ولم ترحلي قبل وصولي ؟، لما انتِ في حجرتي الآن تختلين بي و انا عاري تماما ، لما لا زلت واقفة الآن أمامي ؟ ، ثم تتمنعين و تلقين عليا المحاضرات الدينية ؟ ، بأي ميزان تزنين ؟ قولي لي قولي لي، حين أخذ يشد شفتيها بطرف أسنانه ،
نُطق اي لسان هذا الذي باغتها الآن بالخرس و اي جسد أصابته الحُمى كل ما فيها خائن حقير حقير حقير 
حين وضعت يدها على كتفه تدفعه بشده حتى ادمى شفتيها بأسنانه المتشبثة بها و هي تنطق كلمتها المحببة لإهانته عندما تدرك أنها قد خسرت جولتها : قوّاد خبير في النساء !!
ولما لا يا زوجي العزيز 
قلّي مع كم امرأة نمت و .......قرص عينه فيها محذرا مغبة تجاوزها الحدود :
اخرسي يا وقحة فأما النساء فمعكِ حق لقد شبعتُ منهن أما أنتِ فلستِ إلاّ بقاياهن !!
احفظي هذا الدرس جيدا انتِ الآن زوجة القوّاد و ستكونين محظيته التي سيُمتّع وقته بها 
اختلطت الأنفاس الثائرة و المحطمة و الهائجة حتى انزلها على الأرض دافعا لها بإهانة نافرا طالبا منها الخروج فخرجت مُهانة مرفوعة الرأس تجر خطايا سعت إليها!!!
،
،
،
أما هو من توقفت سيارته أمام مبنى قديم ، اطفأ المحرك و نزل يجر خطاه اليها ، الى تلك الفتاة الاوكرانية الفاتنة التي لم يرى في جمالها لا في السود ولا في البيض ، ترتدي فقط صديرية تكشف نصف صدرها الصغير و شورتا قصيرا مقطع باهت ، كانت شقراء بشدة لا يبرز في وجهها سوى لون عينيها الاخضر اما الباقي فيمكنك رميه في القمامة ! 
استقبلته وعلى شفتيها احلى ابتسامة وهو يلف يديه حول خصرها يجذبها اليه في قُبلة فنانة ، ابتعد عنها و هو يُخرج من جيبه كيس المخدر يضعه في يدها ثم تشير له الى الحمام كي ينفذ طقسه اليومي قبل الرقاد ، يغسل وجهه و يخلع ثيابه و يظل يتطلع طويلا الى ملامحه المسودة و الى عضلاته الضامرة و الى نحوله المفجع و الى خديه اللذين شُفطا للداخل ليصبحا كمغارتين في وجهه الذي كان وسيما يوما ،حدّق في البقع البنفسجية في وجهه و الى الخط الازرق حول عنقه ثم اخذ يتوعد في نفسه ، نظر بعدها الى ابطيه و صار يشمهما ثم قرر الاستحمام !
وفي هذه الاثناء كانت هي قد اخذتها النشوة ففتحت اغنية صارت تتمايل عليها بطريقة انثوية مثيرة و صارت الشقة تنبض من علو الموسيقى ، رقصت حتى اصابها الملل ولم يخرج ، توجهت للكيس الابيض فتحته ووزعت قليلا منه على الطاولة و قسمته لاربع اقسام صغيرة طولية متساوية تكفي لشمها امسكت بالعود " الشفاطة " ووضعته بينها وبين البودرة و في شفطة واحدة دخل المخدر لأنفها ليعبر بسرعة شديدة عروقها و ثانية جزء فقط من الثانية حتى انتفضت كالمصروعة تتفجر الرغوة البيضاء من فمها و انفها تخرج الدماء منه بغزارة و ازرقت ثم انحنت على الارض و سقطت .
اما هو فلا زال تحت الماء يستحم ، اكمل استحمامه ثم مسح جسده و عطّره و لف منشفة حول خصره و خرج ليعبر ممرا ثم يلج الحجرة الصغيرة المحتوية على صوفا واحدة و تلفاز مطفأ القى نظرة ثم سارع اليها مفجوعا مذهولا يحدق فيها رفع يده لرأسه في حيرة و جمود : تبااااا تبا 
انحنى يضربها بيده على قلبها بقوة و يصر من بين اسنانه غاضبا منها : يا لغبائك هذا يُحقن في الوريد تبا لقد افسدتي علينا الليلة تحتاجين الان لحقنة في القلب !
كان للعقار لابد وان يُذوّب على النار ثم يُحقن في الوريد لا ان يُشم فيفجر الدماغ ، وهذا شيء يعرفه من هم خبراء في السموم و ليس ساذجة مثلها ماتت وهي تحاول النشوة ! 
تناول هاتفه بسرعة ليتصل بشقيقه الذي لبى النداء و ربع ساعة وكان يقف امام المبنى الغارق في السكون عدا عن صوت موسيقى تضرب من احد الشقق بجنون ، هرول لاهثا بجثته الضخمة ولا زال يرتدي زيه العسكري ، فتح له منذر الباب و ادخله بسرعة بعدما ارتدى ملابسه و انجز عمله ألا وهو لف الفتاة في غطاء ، فُجع اخاه و غضب منه : الن تتوقف مصائبك ابدا هل جننت 
يحك الاخر رأسه بحرج و تبرّم : هي الغبية لا تعرف الأسس و القواعد !
القى اليه الآخر نظرة حادة توجه على اثرها الى الجثة رفعها ببساطة على كتفه و توجه بها الى الباب الذي كان يراقب خارجه اخاه ، نزلا بسرعة و رمياها في الخلفية و قادا السيارة بهدوء و روية ، توجه مؤيد له بالحديث : قل لي ماذا ستفعل الآن مع الصدّيق ، اقسم بالله انني بعدما رأيتك اردتُ ان افجر رأسه !
وضرب على مقوده بحده ، فيجيب الآخر بهدوء و بساطة : ماذا تعتقد أنني فاعلُ ، سأقتله ولكن على طريقتي ! 
نظرا الى بعضهما البعض احدهما مغضّن الجبين ولم يفهم و الآخر كان قد خطط لأمره منذ زمن ! 
وصلا الى مجمّع القمامة اخرجا الجثة من السيارة رمياها بكل بساطة و غادرا المكان !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...