( 10 ) آخر أنثى قبيل وصول التتار




نرجسية

إمرأةٌ مطفأة الذكاء 
غبيةٌ في قمة الغباء 
هل ممكنٌ أن تبلغي خمساً وعشرين سنه؟ 
ولا تزالين تعيشين على هوامش التاريخ والأشياء 
هل ممكنٌ.. 
أيتها الساذجة، السطحية، الحمقاء 
هل ممكنٌ أن تجهلي.. 
أني الذي أسس جمهورية النساء؟؟

جميل ، جميل هو العشق ، هو كلعبة نمتطيها كلما اراد قلبنا ، ان يدق لرؤية هذه ثم لتلك ثم لكلهن ، ثم ماذا ؟! ، أن نجلس و نتفرج على فشلنا و خيباتنا واحدة وراء الاخرى ، نظل نجري و نطمح للتعديل ، و لكن هيهات ، قد يلفظنا العشق قبل أن نلفظه ، لسنا نعشق بصدق لماذا ، لأننا عاديون ،لسنا مميزون ، فالحب يطرق فقط ابواب من يقدّره ، من يتبناه و يرضعه من ثدي المعاناة و الفقد ، وماذا عن الغيرة ، تلك البذرة التي يحبل بها الحب ، نربيها حتى تفضحنا ، تظل شيء كالحرام نخفيه ، ننكره و احيانا نستبعده ، الغيرة تلك القيود الصارخة ، قيود الاستبداد و التحكم نُقيّد بها من نريد و نجعله يتخبط في شجرة عملاقة و في جدار مصمت ، نخنقه بقيودنا حتى يلفظ أنفاس الحب ، وها نحن خطوة خطوة نقتل العشق بأيادينا ! 

قبل ايام من العرس المشهود لكبير عائلته 
ها هو يجلس بين جموع بشرية في ارض منزلهم العملاق و بيوت الشعر تتوزع في كل مكان 
هنا رجال يتسابقون بالخيول العربية الاصيلة 
وهناك رجال يتسابقون برمي البندقية 
واخرون يجلسون في مجموعات شعرية بينهم الشعراء و الخطباء و الفرق الموسيقية 
كانت انغام الزكرة الجميلة تبلغ الآفاق و رقص الرجال البالغين يُزين ايام تلك القبيلة !
كان صوت الشاعر يقول : 
وين مـــا نقـول نهونك
يلي مذبلني سواد عيونك
لا حذاك في الدنيا علم لا دونك
ولكن خسارة فيك عاكس عوني 
ما زال ما عندي نقص قانونك
كيف ماأنت عندك نقص قانوني 
ونجن قيس من ليلي ونا مجنونك
حتي ونا سليم الناس يحسابوني
وين ما ثمر غيري قطف عرجونك
ونا الهم لو يقتل كبار غبوني 
وين ما نقول كفايا
وما عاد نجر معاك في سهرايا 
من يوماً رضيتي بالخراب معايا

واخترتي اللي ماكان غالي دوني
عليك غير ماي ساعة عدد يا منايا
ما هن سويا واجدات ديوني 
وظلمك وجفاك مخلَفات سوايا
ساكنات جوا ضربهن دكنوني 
وزولك هداك السمح كان تهايا
وانتي ترتشاقي مشيتك فصعوني
تقول تشغلي في بهيب عنايا
وانكان غمضت عيني حذاي تكوني


كان الجميع يضحك مستأنسا بتلك الكلمات الاصيلة والتصفيق و التصفقير يعلو على كل صوت .

موائد الطعام لم تُرفع ابداً من امام مضيفيها !
ولدان يدورون بالشاي و الكعك و التمر .
بهجة الفرحة بكبير عائلته الذي يتزوج لأول مرة !

بين الزمزامات و اغانيهن الشعبية باصوات نسائية خلابة
و طبلة ليبية مذهلة و ضرب دف مبهر
و عجائز راقصات بحبور
و الضحكة تزين وجوههن المتوشمة بوشوم خضراء تشق الذقون . 
وبين رائحة الاكلات الشعبية من الكسكسي و المكرونة و المحاشي
و الاكلات الجانبية
التي تفوح بلذة في الجو تعطي بهرجة لهكذا مناسبة لا تكتمل الا بالأكل الطيب الشعبي .

هناك بين النساء الجميلات المتحليات بالبدل العربية الأصيلة
و الذهب الثقيل من الرأس للساق 
التاج و العقد و النبائل الكبار و الخلاخيل العملاقة
و الشناقيل المتدلية من الأذن الى الأعناق بدلال !
ترتدي بدلة حريرية ذهبية بصديرية للركبة منقوشة بالذهب
و يداها مخضبتان بالحناء القاني الحمرة و سروال عربي يضيق عند ساقيها
و يزين رجليها حذاء ذهبي عال عربي مزين بنقوش فاخرة تراثية !
شعرها الأسود يتدلى على كتفيها في تسريحة بسيطة
و غرتها تغطي عينيها المكحلة و المزينة برسم عين اسود مسحوب
و لون ذهبي لمّاع يغطي الجفون و اهداب قد طالت بفعل الماسكرا الشفافة 
و خدين مرتفعي العظام بلمحة بودر احمر مذهب 
و شفتاها مزينتان بالحمرة القانية ما زاد من جمال تلك الحبة السوداء فوق شفتيها الممتلئتين ، عطرها يأخذ بألباب العقلاء و هي تمشي بين الناس بخُيلاء جريحة !
لم تلتفت لنفسها في المرآة كي تنظر و تعرف كم تغيرت و كم تزينت و كم تبدو بهية !
تلك القصيرة التي طالت في ثوان !
تجلس بجانب والدتها السعيدة تُحيي الجميلات امثالها من بنات القبيلة بهزة رأس او ايماءة عنق او سلام باليد او قُبلة على الخد !
تمد اليها أمها بسلة مملؤة باحتياجات كل عروس قبل زواجها 
سلة مصنوعة من القش ملفوفة بورق السلوفان مزين بربطات مختلفة الالوان البهيجة : الحناء و السواك و الكحل العربي و اللوبان و المسك و العنبر و عطور شرقية فخمة تثري خزانة اي امرأة : نجلاء قد اصبحت عروس فهذه الاشياء جميعا لابد وان تستخدميها ، انتي في قبيلة كبيرة ذات نفوذ ومال وثروة استغليها !
وكأن استغلال النفوذ بالوجه السمح و الجسد ! 
هذه مني انا بعيدا عما سيأتيك .
نظرت الى والدتها بطرف عينها بابتسامة استهزاء ملتوية : امي هل تدركين انني اتزوج قوّااااد !
جائتها قرصة مباغتة من امها على فخذها تشعر ان لحمها قد اصبح مزرقا 
وهي تكاد ان تصرخ مفتوحة العينين بصدمة جراء محاولة امها لتأديبها : اصمتتتي ، 
احمدي الله انك بعد هذا العمر تتزوجين ، ومن من ؟! من رجل معروف بين القبائل 
سمعته لا يُشق لها غبار ! ، ان اراد سحقك و سحقنا سيفعل ،
ثم انظري الى نفسك تكادين تدخلين الثلاثين !! ،
تهرب منك الناس جميعا ولم يأتك خطّاب ابداً 
جرّاء تلك الملابس السوداء المهلهلة التي تغطيك في كل وقت من العشاء للصباح !
ترد بسقم مميت : انه اللباس الشرعي !
: نعم لم نقل شيئا ولكنكِ تضعين البهار على كل شيء في حياتك حتى لم يعد لكِ طعم ، كوني معتدلة !
انظري يا ابنتي : زوجك دلليله و حافظي عليه حتى لا يلتفت لإمراة غيرك اي شعرة في جسدك و في وجهك اقتلعيها خصوصا حاجبيك لا تتركيهما كحواجب الرجال !
رددتُ بأدب : امي لعن الله النامصة و المتنمصة !
ترد في غير اكتراث متكأة على طرف كرسيها تحني جانبها لجانبي : ما تفعلينه هو لزوجك !
وإن كنتِ تريدين بعض الدروس فاتصلي بي و لا تخجلي !
اجل فمِن مَن اخجل ؟! من امي التي ضاجعت والدي وهي في الرابعة عشرة من عمرها و حملت بطفل منه ؟! امي الخبيرة بأمور الزواج حتى قبل ان تبلغ السن القانوني !
اجل فمن احسن من امي كي ترشدني الى صحة الحياة الزوجية فقليل هن الامهات اللواتي يحدثن بناتهن عن هكذا ليلة ، ماذا يفعلن وكيف يتصرفن ، هل يظهرن بمظهر الفاجرة من اول ليلة ام يلتزمن السكوت و الانصياع ليدي الرجل وادعاء البراءة !
انا لست بريئة ! 
ولكنني لا اعرف شيئا بذاته " بكيف و متى " ولم اقرأ شيئا مخجلاً كهذا في حياتي ،
حياتي هي الدين وفقط منذ زمن ليس بالبعيد ،
اجل هناك العديد من الامور الزوجية التي يناقشها القرآن الكريم ولكنني فقط ادرسها كمنهاج علم وليس اكثر !
اردت اقفال الموضوع عن امي التي تريد على ما يبدو اعطاء اول دروسها في كيف سأضاجع زوجي القوّاد سألتُ : كيف حال رباب ؟!
تجيب : عليك ان تتهيأي و تتزيني و تتحضري السواك لا يترك شفتيكِ و البخور لا يغادر غرفتك و اللبان رائحته دائما في فمك و الحناء هي زينتك لولا ان العادات قد اندثرت منذ عهد لكنت شققت ذقنك بوشم يزيدك جمالا ..!
: لعن الله الواشمة و المستوشمة ، هل تعطونها الدواء ؟!
: كلما اراد زوجك منك الذهاب معه الى الفراش لا تمانعي فلكِ الأجر بإذن الله !
: هل ذهبتْ الى المستشفى ؟!
: ارضيه و عاكسيه و داعبيه و شاكسيه و سليه !
: متى ستأخذونها ؟!
: كوني له الحليلة و العشيقة كوني له اربع نساء في وقتٍ واحد فزوجك فحل عربي قوي البأس وعظيم الشأن انجبي له الأولاد فيرتقي شأنكِ بين النساء !
ايقنتُ ان امي في عالم آخر قمتُ وتركتها !
فما ينقصني هو ان استسلم لرجل داس على كرامتي طلّق اختي و تزوجني في ذات اللحظة دون نغزة ضمير تذكر !
رجل ؛ انا نجلاء ؛ جعلني قُربان لشهواته ! 
رجل يمارس كل اعمال الرذيلة دون رادع ودون دين 
رجل هو نقيضي تماماً .. 
لعنك الله يا صدّيق ..

همجية الشفتين

لفي تحارير الهوى .. وامضي
أنا في السماء .. وأنت في الأرض ..
ولتبتلعك زوابع البغض ..
همجية الشفتين .. بئس هوىً
عطلت صدري عند تاجرةٍ
كالدود ، من روضٍ إلى روض ..
فهزئت من عطري .. ومن ومضي
ما أنت من بعدي .. سوى طللٍ
حاولت أن أدنيك من قممي
فهزئت من عطري .. ومن ومضي
ما أنت من بعدي .. سوى طللٍ
أنقاضه تبكي على بعض ..

منذ زمن كنت ارى العالم ابيضا نقيا لا تداخل لألوان اخرى فيه ولا حتى الوردي !
نقاء ثلج و بياض قلب و صفاء ثوب و نظافة ضمير !
كنت ارى العالم بعيون عسلية !
كنت اتبع طرق القوافل البرية و اركب الجمال الصحراوية و اتبع سراب النهايات !
كل الطرق كانت مفتوحة وكانت معقولة و كانت قويمة ، كلها كانت تؤدي لحياة عظيمة !
وجاء الجحيم يوما فاردا لي ذراعيه فركضت اليه ملء رئتي اقفز ليتلقفني بحبور !
ولا زلت مسجونة في قفص من نور !

هناك في عتمة الانفس و ظل الشيطان الرجيم تتكيء على ظهر كرسيّ ذات الجسد الجميل و تزيح شعرها جانباً هامسة في عنقها بحرارة و هي تشمه بقوة منتشية : اقسم انني اشم رائحة رجل فيكِ ؟! ، هل تحصلتي عليه من تريدينه في فراشك ؟! لعقت بطرف لسانها خلف اذن الجالسة بهدوء وكأن لا شيء يحدث حولها لتسمع الفحيح : هل مازلتِ عذراء ؟!!
تقف مذهولة و غاضبة تسحب انفاساً ترفع صدرها و تجذب الأخرى من يديها تجرها خلفها .
الانثيين ، احداهما ترتدي ثوباً ابيض من الساتان طويلاً حتى ساقيها و بذيل يجره خلفه فوقه قطعة شيفون مطرزة بالبنفسج من الاطراف بنفس طول الاول و بذيل دائري اطول و اكمام طويلة متوسعة حتى اطراف الانامل و شعرها الأسود الطويل يتطاير بحرية على جانبيها و عنقها الطويل الوردي يتمايل بعظمة السلاطين ، والاخرى ترتدي فستان اخضر عشبي قصير الى فخذيها و كعب عال بأحجار لامعة و شعر قصير ناعم حتى اذنيها ، كانتا جذابتان ملفتتان للنظر و جميلتان حد الاختناق !
بعد ان قطعت بها كل الممرات و كل الابواب و كل الطوابق كي تقفا وجها الى وجه في عتمة الطابق الثالث و ممراته الفارغة الا من انفاس احداهما وهي تقترب من صديقتها تريد ان تلعقها كما الهرة والاخرى تتضايق من فعلها الجريء وهي تدفعها بعيدا عنها : لا اريد اي شبهات او تصاريح سخيفة من فمك أفهمتِ ؟!
كانت تهددها و هي تنظر لها بحدة و غضب وتطرق على صدرها بإصبع رقيق ملتوٍ تقول كلماتها ببطء شديد : هذا ليس الزمان ولا المكان المناسب لهكذا تصريحات وهكذا احاديث خاصة لا نريد اثارة الشكوك !!
تقترب الاخرى اكثر كي تبقى اليد المرفوعة في وجهها تصدها عن الاقتراب الحميم الكثير تبتلع ريقها برغبة التمعت منها عينيها في تلك العتمة اغمضت عينيها تشم رائحة عطر الورد و رائحة حناء يديها اللذيذتين للعقهما بالكاد يخرج صوتها بكلمات لا تريد منها الا جواب مناف لما تفكر به : اصدقيني القول هل فعلتها ،، معه ؟!
تتأفف الاخرى في حُمق ونبرات همسها تزدادُ احتداداً : قلت لا شأن لكِ ثم هذا شيء يخصني وحدي ولن اشركك فيه يوماً ، انتبهي لنفسك قلت لكِ انا من يتحكم في اللعبة و ليس انتِ ؟!
بإصرار العشيق الذي يخونه حبيبه وهي تحاول اخضاع الواقفة مستنفرة تكاد ان تبصق الغضب في وجهها تمسك باليد المحنكة بقوة تمنعها عن اي حركة قد تودي بهما معا في هذا المكان ، كان شيئا اشبه بالعراك الصامت : قولي لي كيف كانت لمساته .. و همساته.. و قبلاته هل افضل مني او اعنف مني او ارق مني ، تتلظى بغيظ و غيرة : مالذي يعطيه لكِ الرجل ولم اعطكِ اياه !
تتلفت الاخرى في وجل وخوف بالعة ريقها وعينها تدور في الظلمة : قلت لكِ اخفضي صوتك وتحكمي في نفسك ولا تضعي اصبعا علي ، كم مرة علي ان اكرر لن يحصل ما تفكرين فيه هنا ليس هذا مكاننا ابتعدي ارجوكي ثم لن أتناقش في امر يخصني معك!
: كلكِ تخصينني !
وضعت الشقية شفتيها على عنق تلك المنهارة من الخوف فهذه التي امامها لا تخاف احدا وغلطة منها قد تضيع بها دون قصد !! 
تكرر في جمود وهي تربع يديها حول صدرها : انت تعرفين انك فقط خيط لعبة احركه كيفما اريد كم مرة سأكرر على مسامعك هذا الكلام انا وانتي متزوجتان لا مستقبل لما يحصل بيننا أفهمتي ؟! ،
فتجيبها الاخرى في غل ملأ عروقها جعله يغلي غلي الحميم : لعبتك هذه قد اقلبها عليكِ يا ... حبيبتي ! و لوت شفتيها في استفزاز مهدد !
كانت تقرص عينها في عين الاخرى بحدة و اندفاع و غضب : والله أستطيع أن أنسفك لجرأتك هذه و تعرفين تماما بالمللي ما هي قدراتي و الآن كفاكِ لغطا و تفاهة في اللعب و ارحلي الآن او ابقي في الاسفل صامتة لا اريدك ان تقتربي مني او تحتكي بي او تخاطبيني ! لا ادري اساسا مالذي احضرك ؟!
تتنهد الاخرى و تعض شفتيها بوجع : سأخرج ولن اتحدث معكِ و لكن هذه الليلة ستبقى كالحرقة في قلبي !
مشت بعيدا عنها وتركتها في العتمة و هي تدعي عليها من قلب : عسى الله ان يحرقكِ كلك !
رفعت رأسها الجميل بعينيها الخائفتين المرعوبتين للسماء ويداها تلامسان ذراعها لتحضن نفسها كالطفلة برجاء خفي وهي تدعو بصوت مسموع خفيف : يارب لا اريد ان اخسره لا ارييييييد !! 

في قمة رعبها و فزعها و خفقان قلبها الاهوج ترى عينين ذئبيتين و رجلين سوداوين كبيرتين و صوت شديد الغلظة : تخسرين من !
اقترب منها بسرعة شديدة وهو يلوي ذراعها بقوة آنت منها و اغمضت عينيها و عضت على شفتيها حتى لا تطلق صرخة آهة موجوعة ذراعها يكاد يطير عظامها تكاد تتحطم بين يديه يلوي جسدها فيلتصق ظهرها بصدره و يمسك بذقنها يرفعه عاليا بشدة و عنف حتى خالت انه الساعة سيفصل رقبتها عن جسدها كان يتنفس بقوة و ينفث بغضب بالكاد سيطر عليه : ايتها الداعرة اقسم انني سأنحرك يوما ، صار يهزها بقوة و ذراعها يكاد يُقتلع و بكاءها اصبح وشيكا و هي تريد ان تلف وجهها اليه لتقابله لتصرخ فيه : اتركني يا حقير و الا اقسم انني سأفضحك الليلة !
الشر ينفثه من بين اسنانه و كان انتفاخ وجهه مخيفا و لعظمة خلقته و طوله مهابة عظيمة اراد ان ينشب انيابه فيها و يقتلع عينيها الوقحتين شرسا كالذئب كان : تفضحي من يا فاجرة ألَا ترين عِوجك ، والله ان عرف الناس سيأكلونك حيه ولكن انتظري سيأتي اليوم الذي ستتربين فيه ايتها الوسخة مارسي الاعيبك الشيطانية خارج هذا المكان الذي لا يقبل الشذوذ و العربدة يا ساقطة !
كانت غااااضبة و تريد عضه و ضربه وركله تريد أن تصرخ أن تبكي أن تثأر لكرامتها المهانة وصدرها يثور ووجهها يغلي من غيظه وبؤسه فأي حظ رمى به في هذه اللحظات هنا ، وهو كذالك من غضبه شعر انه يريد اقتلاع شعرها بيديه من جذوره و الرمي بها من هذا الطابق الى الارض كي يتهشم رأسها الخبيث !
بصقت غلها على وجهه بحقد كساحرة جميلة تحولت فجأة لعجوز لئيم شريرة تنفث سُمّها و تحرك عصاها لتصيبه في مقتل : يا حبيبي التاااااريخ لن تهرب من تبعاته صدقني لن تهرب !
سكن كلاهما عن الحركة لسماعهما صوت حذاء يبتعد عن المكان بعد ان سمع كل محادثتهما استدارا الى بعضهما البعض في رغبة مميتة بالقتل وهي تهدد برفع اصبعها المطلي بالبنفسج و الابيض في وجهه بتهديد : اقسم بالله ان علم اي احد بما دار بيننا تعرف اي مصائب ستنزل على رأسك !
امسك بفكها يكاد يكسره حتى التوت شفتاها وصارت تأن وهي تضرب يده المتشبثة بها يريد تقطيعها لقطع صغيرة جدا جدا هرسها و رميها للكلاب ، أججت غضبه الكاسح الذي كادت عروق قلبه منها أن تنفجر يا الهي كم يكرهها بل فاق حدود الكره بمراحل هو يمقتها يود ذبحها و الخلاص منها هكذا نحر من العِرق للعِرق بلا ندم و لا أسف : اصمتتتتتتتتتتي أبعد كل هذا لكِ وجه تتحدثين والله لأقطعن لسانك ولكن انتظري حتى يقطعه لكِ بنفسه ليتك بقيتي عنده ولم تعودي لنا بعارك استغفر الله .. !
تركها دافعا لها بقوة على الارض نافراً منها حتى سقطت تتقلب تتوجع و هي تمسك بذراعها الذي التوى بفعل غيظه و قسوته و هو يبتعد عنها و يضرب بطرف حذائه الاسود اللمّاع عظمة ساقها بقوة جعلها تكز بأسنانها وجعاً و الماً لا يُطاااااااق !
وفي تلك العتمة يرن هاتف خليوي !
،
،
،

كان يحترق بغيظه بل ضبابة الغضب غطت على عينيه وهو يغلق هاتفه بقوة كاد ان يحطمه بين يديه و هو يتوعدها في سرّه واقفا بجانب باب خلفي تُغطيه شجيرات الورد البلدي الابيض و الفل الذي يفوح عبيره في ليلة ربيع هادئة كهذه بينما اصوات عزف الموسيقى لم يتوقف من كلا الجانبين و الرقص على اوجه و الغناء يزعزع هدأة الليل سمع خطوات انثوية تقترب بسرعة شديدة تبدو كمن يجري وصلت الى الباب فتحته وخرجت منه لتقابله وهي تغلق هاتفها كان وجهها شاحبا كأن الدماء قد فرت منه وهي تصرخ بوجهه بعينين يملؤهما النفور و الغضب : ماذا تريد ؟!
يمسك بها من ذراعها و هو يكز على اسنانه :لي ساعة ارن عليكي و تتجاهليني اين كنتِ ، تنفس بصبر وقال : اريد ان نتفاهم ؟!
حاولت تحرير ذراعها من قبضته الفولاذية وهي تهمس : اتركني اي حديث تريد ان تحكيه لقد انتهى كل شيء كل شيء !
حسنا تعالي معي !
اخذ يجرها امامه !
وهي مغلقة الفم لا تريد ان تصرخ او تثير فضيحة هي في غنى عنها الان وكافة القبيلة هنا و ان سمع احد طرطشة كلمات ستنتهي و تنتهي اشياء كثيرة معها !
كانا كمن يركضا من سرعة خطواتهما وهي تحاول مراراً تحرير يدها منه وهي تتلوى : الم اقل اتركني !
: لا اثق بك !
كان مغضن الجبين و جاهز للصراع 
سألها في عجلة : ما بها ساقك ؟ 
تجيب بتجاهل : لا تخف ليس شيئا مهما !
واصل سيره بسرعة الجري معها وهي تتألم ثم رمى بها في بقعة بعيدة مظلمة جداً بين اشجار البونساي العملاقة التي جُلبت خصيصا من اليابان لتزين حدائقهم ، وهو يقول : اشرحي لي الان كل ما فعلته ، لما وافقتي على الزواج من ذالك الكلب ، لما تخليتي عني ما الذي جرى لكل اتفاقاتنا ، لكل حياة اردتها معك ؟!
خرجت منها همهمة مكذبة له غير مصدقة انه لا يعرف ، بجدية مهنية اجابته : ألا تعرف انه يهدد عائلتنا بالكامل !
قاطعها قانطاً معارضاً بأسنان منطبقة من غيظها وعينين تقدحان شرراً : اعرف اعرف ولكن مالذي ستفعلينه انتِ لم يفعله الآخرون !
تهربت بنظراتها بعيداً فهو بوقوفه معها الان يربكها و يضعفها و يجعل قلبها حراريا و براكين معدتها تتوتر كي تعلن انفجارات قريبة و تطلق حمم هو في غنى عن ان تلمسه ابتلعت شفتها السفلى في حزن بلغ عينيها ووضعت اصبعا لوهلة على شفتيها لتقول بحسرة : حتى وان ، انت لم ترد ان نتزوج يوما كل ما اردته هو ان تلهوو معي كما تلهو مع تنك الفاجرات اذا لا تذكر سأُذكِرك !
اقترب منها بهدوء و اخذت كل اطرافها تذوب و هي تراقب خطواته فابتعدت خطوة واحدة تكتف يداها حول صدرها صار ملاصقاً لها فقط ترى نور عينيه من ضوء القمر المكتمل الاستدارة الليلة وتلك الالحان تصلهما من مكان سحيق تضفي جواً حميميا على تلك البقعة المظلمة وضعت يدها على صدره تصده عنها في محاولة ضعيفة : انا الآن في حكم المتزوجة لا تقربني انا ارجو... وو .. ك 
اخذت الكلمات تتقطع بين شفتيها بهمس غير مسموع وهي تبكي بمرارة فكم خذلها هذا الرجل وكم احبته وكم كرهته وكم عشقته 
احنى وجهه عليها يقبل شفتها السفلى بجوع مميت للحظة استسلمت بين ذراعيه ، تريده وبشدة تشعر بجوع تلك الايام ينقضي الآن وكأنه لم يكن ، التصقت به تلف يدها حول خاصرته وهي تبادله القبلة بحرارة قد تعودا عليها ايام ان كانت مسماة باسمه صار يتمتم بجوع و لهفة : احبك انا احبك لا تتركيني لا تجعلي رجل اخر يلمسك لا تتركيه يُقبّلك لا تتركيه ، عديني بذالك ستكونين لي وحدي عديني !
صار كالمجنون بقبلتها و استسلامها و يده تشد على رأسها تقرب وجهها له اكثر صار يقبل وجهها كالمجنون الجائع حتى اكتفى ثم ابتعد عنها بوجهه الاحمر كأن حرارة الكون تخلّقت منه : اريدك لي وحدي وحدي انا ، وضع كفها الرقيق على قلبه لتتلمس سرعة خفقانه المريع كان يلهث وهو يقول :عديني انه لن يلمسك ؟! 
وكأن لمس رجل اخر لها هو فقط ما سيقتله و يقتلها و لم يعلم ان للقلوب رأي آخر !
كانت منتشية تعشق هذا التملّك و هذه الرغبة المميتة القاهرة تحب ان ينسبها لنفسه ان يضمها كضلع منه لن يكسره يوما .
وهو صار يحرك خصلات شعرها بين يديه بحب و يدوّر في اصابعه اطرافه الملساء وينظر الى عينيها المغمضتين والى بلل خديها و حمرة شفتيها الباهتة الملطخة لوجهها بفعل شراسه شفتيه كان يتأملها وكأن دهرا قد مر على آخر مرة قد رآها و تعلق على صدرها كالطفل الرضيع الجائع لأحضان ام تؤيه وللحظة شعرت به عند بطنها و دفيء غريب يلامس بشرتها و صوت نحيبه قد علا .. كان يبكي ، يبكيها يبكي خسرانها و ضياعه ، صار ممسكا بقوة بخصرها يدفعه تجاهه و رأسه تعانق بطنها و يدها تشد على رأسه تدفنه بين طياتها و هي تنظر الى السماء لكم احبته و أحبت طفولته و براءته و تعلقت به : تذبحني الغيرة تذبحنيييييي ! 
اجهش يا حبيبي بالبكاء ، ابكي يا من كنت يوما الدواء ، فمنذ أن لفظتني لم يعد لي بالعالم بعدك لا رجال و لا نساء ، ابكي يا من استودعتَ رحمي رغباتك و جلستُ يوما على فخذيك تتلو علي شِعرَك و حكاياتك ، يا من كنت يوماً ضوءاً تحدّى الظلام و سيطر على كل حياتي و ذاتك ، منذر ، يا منذر ، يا ايها الطبيب المريض بالكسلِ و النشوةِ و النساء هل ستعود يوماً تكون الحياة قد قاربت الفناء ؟! 
ولكن بعد ايام قليلة يا سيدي سأصبح زوجة رجل آخر فلتنسى هذه اللحظات وهذه القبلات وهذه الحميمية فلابد ان حلاوة الجو قد سيطرت عليهما بقوة تركته ينحني على الارض يجهش ببكاءه المر و رحلت عنه باكية بعينين حمراوين و قلب مهشم لن يعرف يوما الا قلب رجل واحد احبها بصدق لنفسها ... هو !
ما ان ابتعد الملاك الابيض الشفاف حتى جرت قدماه و بيده خيط رفيع حديدي و بوجهه المكفهر الحانق الغااااضب حد الموووت ينقض على رقبة المحني على الارض يريد ان يلف الخيط حول رقبته و هو يزبد ويرغي و الاخر الذي تعلق الخيط حول عنقه ويده تقف حاجزا بينه وبين الموت يشد الخيط بكامل قواه بعيدا عن ساعة موته كان كلاهما مندفعاً و حانقاً و غاضباً و انفاسهما يتلاعب بها الجو ببرودة و لهيب النار يوقد عضلات قد فترت من كثرة الشد و الجذب حتى تراخى الاثنان ساقطان على الارض ممدان عليها ووجهما الى السماء يتنفسان بعنف شديييييد و يزمجران كالأسود التي أُطلقت من اقفاصها التفتا الى بعضهما البعض و بدا عراك الايدي العنيييفة المميتة و الكلمات و الشتائم البذيئة ، يا بن الكلللللب سأنحرك ، سأقتلك سأقتلك 
تدافعا كالعمالقة و رجلاهما بالكاد تثبت على الارض من سرعة حركتهما صارا ينقضا على بعضهما كالضواري المفترسة ضربات الوجه و لكمات الصدر و ركلات الساق كحلبة مصارعة مفتوحة ليس لها وقت او زمن فمن يُقتل هو الخاسر ! 
سقطا على الارض يتمرغا عليها وكل منهما يسدد ضربات يده القوية و المملؤة غضبا على الطرف الاخر كي يدميه و يصنع ندوب معركة ابدية ، في كل مرة احدهما فوق الاخر كي يذيقه من عجائب لكماته مذاقا له لذة الثأر ولذة الانتقام ولذة مذاق الفوز بمن هي لهما معا !!
،
،
،

في حجرة صغيرة بعيدة بمسافة غير هينة عن القصر العملاق رجل كان يُسكت بوسادة صوت امرأة تأن وهو يقرص عينه فيها بغيظ مكتوم : اخرسي يا بنت الكلب ستفضحيننا !
اخذ يثبتها مكانها حتى لا تتلوى كي يهدأ قليلا وتهدأ انفاسه الهائجة و تقل حدة احمرار وجهه انسحب و هو يُعدّل ثيابه وهي قد امسكت بتلابيبه تحاول جرّه اليها تُقبّل يديه تهمس له في ولهٍ و بكاء و لوعة قطّعت فؤادها : أحبك سيدي !. 
تجاهلها و صار يُعدّل هندامه و يرتب شعره و يُملّس ثيابه ثم اخذ يمسح على لحيته توجه الى الباب فتحه وهو يعطيها ظهره حذّرها بخشونةٍ و ازدراء : لا اريد في يوم ان تأتي لي لتقولي انكِ حامل بابن حرام ساعتها لن ارحمك ، مفهوم ؟! 
خرج و تركها و في رأسها الف شيطان و فكرة ، الف حالة ، الف سُكرة ،
إنه شعبها الذي تريد حُكمه ! 
.
.
.
.
حديث نساء وهي تمر بجانب غرفة مفتوحة للضيوف لفت سماعها فسكنت حركة رجليها عن متابعة المشي و اسندت ظهرها الى جدار الغرفة تستمتع الى افواه المجانين : والله قلت لكُن لقد تزوج اختها الشهر الفائت فقط !
اخذت العيون تفتح و الاذان تستمع و صوت الحوار يتردد في الحجرة اكثر : يمكن ان تكوني مخطأة فهذا لا يمكن ولم نسمع عن اي زواج له منذ مدة !
ترد في تأكيد : اقسم بالله انها الحقيقة هم جيران عمي نعم زواج اختها الصغرى منه لم يكن كبيرا حضره الرجال فقط وبضع نساء من العائلة والله كما اقول لكي !
اخذت الافواه تتلوى وكأنهن سمعن العار : استغفر الله العظيم .
لتكمل الاخرى قصتها المثيرة : والله اختها اصغر منها عمرها ستة عشر عام و معاقة ذهنيا و جسديا ، وضعت يدها حول فمها كأنها تهمس لهن وهي تغمز بعينها : الله اعلم لما طلقها و تزوجها !
صوت خبيث يرد : أليست هي نفسها التي تعمل مُحفّظة في مسجد ، همم ياما تحت السواهي دواهي هذي هي البنات المتخفيات خلف الحجاب و الجلابيب الطويلة و الخمار الأسود وهن يفعلن العار !
تدخلت احدى الثرثارات : و الله لم اعد استغرب شيئا بعدما سمعنا عن الحما الذي يضاجع زوجة ابنه ! 
انتقل الحديث بعدها لمناقشة هذا الأمر الجلل عن الحما و زوجة ابنه ! 

لم يُصب العرب تماما حين قالوا " ثلاثة ما بيتخبو : الحب و الحمل و ركوب الجمل " فبالنسبة لها هذه الفينة ستضيف " الفضيحة و الحرام " ! 
وضعت يدا على صدرها تشعر بأن قلبها ينتفخ لم يعد يحتمل ، دموعها اخذت تجري بحرية على خدها بقوة و اخذت تشهق انفاسها و تجر عبراتها تركت المكان وهي تركض لا ترى امامها الى حيث الطابق الثالث الى مخدعه و قبرها المعتم اخذت تركض و بيدها هاتفها تراسله ، تريده ، تريد ضربه و خربشته و عضه و البصق في وجهه ، تريد ان تحرقه بالنار ، ان ترميه من قمة جبل ، تكرهه و تحقد بقوة و مرارة ، ظلت تصعد الدرجات الى ان وصلت الى بابه فتحته ودخلت و اغلقته بالقوة و اتجهت بهدوء الى السرير و اخذت تبكي بعنف مرير بفم مفتوح وهي تدعو .. حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيييييييييييل ، اهذه هي نهايتك يا نجلاء ، ان اوصم بالعار ، ان أُتهم بالزنا ، أن يُهتك شرفي و يُدنّس عرضي جهارا نهارا بأفواه النساء ، أن اكون بديلة بعقلها ، أن اكون صفقة تبادل مربح و مميت بنفس الوقت ، أن أحمل الخطايا تلو الخطايا على كتفي ، أنا اريد الموووووت الموووووت الموت وحده المووووت يا اولاد الكلب صرخت بقوة و مرارة و هي تضرب الفراش مقهورة محسورة تشير الى صدرها بغل انا لست زانية اناااااا لست زانية ، ملعونون كلكم ملعونووووون ما ذنبي أنا ما ذنبييييي 

فُجعت من حركة اليد الكبيرة التي لامست ذراعها وهي تفتح عينها برعب وجدته امامها صرخت به ببحة منهارة بالكاد خرجت منها الكلمات تزحف كجرادة عالقة في حلقها : لقد دمرتني و دمرت سمعتي لن اسامحك ايها القوّاد اخذت ترفسه و تضرب صدره وهو يضمها اليه في حنيه بقوة ويد تضم وجهها الرقيق قرب قلبه : اوشششش اهدأييييي ماذا الآن ماذا حصل لا اجدك إلاّ ثائرة و صارخة ، اخذ يهدهدها و هي تنشج بالبكاء المرير على ما يمر في حياتها بين لمحة عين و التفاتة تغير كل شيء اخذت تشتكي له : تلوكني الألسن !
وضع يده على شفتيها برقة وهو يسكتها : سأقطع لسان ودابر اي احد يشك في طهارتك اقسم لك ، ما تسمعينه من ايهم كان ابصقيه من اذنيك فورا هنا ستواجهين انواعا مختلفة من الناس لا اريدك ان تضعفي امامهم ردي كيدهم في نحورهم و سيسكتون !
تشعر انها تائهة و الطريق امامها شديد الظلمة : من يُسكت السِنة النسوة المتربصة شرا ؟! 
تضيق عينيها في وجع و تبلع ريقها بخوف للسؤال الذي لابد منه : لما تزوجت بي ولما طلقت شقيقتي ، ما صحة هذا الزواج الملعون ،أتعرف بما اشعر اقسم انني اموووت حراااام والله حرااام ما فعلته كيف طاوعتك نفسك على تطليقها و ووو .. تزويجي منك الا تخاف ان ادعي عليك دعوة مظلوم فوالله هو المنتقم الجبار ؟! او او او فقط كي تذلني و تنتقم من صدّيق ! 
لا تدري لما اندفعت في البوح عما تشعر به من قهر نفسي و جسدي الى من ستعلق امل ان يخلصها مما هي فيه كل حياة الحلال التي حلمت بها يوما ها هي تتركها غارقة في الحرام ومع من ؟! مع اسياد الحرام !
اخذ يتنهد بضيق فاردا يدا على خاصرتها ناظرا مباشرة لعينيها الذباحتين لتنزلا رويدا الى حيث شفتيها المغريتين يهمس لهما : نجلاء اصمتي فما نفعله ليس لك علاقة فيه لا تستنتجي اشياء من رأسك و تعيشي عالما من صنعك فقط ، بكامل حريتي قد اخترتك فهمتي !
استراحت على صدره اكثر فلمن ستلجأ الى أم ستعلمها كيف ترضيه ام الى والد و اخ قد باعاها و بادلاها باختها ام لأخ لا تعرف اين هو ؟!
الصادق فقط هو من سيدافع عنها لأنه قد ذاق مرارة الظلم و عاش مجبرا مثلها على الحرام ، خرج السؤال من فمها دون ان تستوعبه : اين هو الصادق ؟!
اغمض عينيه بقوة و هو يزيح رأسها عن صدره فتجلس على السرير و دموع عينيها قد جعلت من عينيها قانية السواد من كحلها و انمسحت حمرة شفتيها في قميصه الاسود و تمرغ شعرها بلا ترتيب على صدره صرخت به و هي ترفع يدها بالسؤال بعينين متوسعتين كالمجانين : اين الصادق ؟! لقد خرجتم ثلاثة و رجعتم اثنين ايييييييييييين الصاااااااااااااادق ايييييييييييين اخذت تضرب الفراش بقوة يدها وهو واقف بالكاد يسيطر على اعصابه رأسه يرفعه الى السقف وكأنه يُحدّق في السماء لمساعدته، التقط جاكيته الاسود وهو يزرر اكمام قميصه وهمّ بالخروج عبس وجهه وتغضن جبينه حتى بان مفرقه قائلا بهدوء محذر منهيا لحوار ليس زمانه مناسبا البتة : جئت لأغير ثيابي و لأخرج من جديد لا استطيع البقاء لوقت اطول علي الجلوس مع الرجال ثم احتدت ملامحه غير راضٍ عن فتحها لموضوع معقد و بائس : قريبا ، قريبا جدا ستعرفين مصير اخاك !
اندفع للباب مغادرا تاركا اياها في حيرتها تتخبط ، لا يعلم لما بدأ يضايقه الوضع كله وهي بالذات اكبر هذه الضيقات ، يشعر أنها ستصبح حِملاً و ضغطاً ليس أكثر !
اوقفته قائلة بتصميم : انتظر ، علينا ان نناقش امر طلاقك اريد أن افهم وضعي ؟! 
شُعيب ، شُعيب ، 
كانت اول مرة تلفظ اسمه ، تلفظه برقة و حرج التفت لها يتفرس فيها مطولا ثم التفت عنها 
خرج و اغلق الباب خلفه و هي ضمّت نفسها تشعر بالبرد ،
لا تدري لما اصبحت مزدوجة المعيار ساعة تلجأ له ليمسح على رأسها كالطفلة التي تحتاج الى عناية و ساعة تصرخ و تقيم الدنيا في وجهه ! ،
لم تعد تفهم شيئا ولا نفسها و لا تدري لما بدأت تستسلم للأمر الواقع و لكنها و لابد ان تفهم ما جرى بينه و بين رباب و هذا امر لن تتأخر كثيرا في الكشف عن ملابساته !!

الساعة الرابعة فجرا سكن صوت الموسيقى و فقط همسات هادئة بين الرجال الممدين على الارض في مراقدهم في الخيام و هدأ صوت النساء و لجوئهن لسرائرهن او من توسدن الارض نياما على جنوبهن ..
الكثير من الوجوه نامت متألمة لوجع وفراق و ذنوب و رضا !
،
،

لكن يظل هناك عيون لم تنم ، تظل تُقلّب في الصور ، يتنهد و يغمض عينيه بوجع 
يفتح هاتفه من جديد فيتطلّع الى وجهها ، الى عينيها السوداوان و ضحكتها الجميلة و شقاوتها اللذيذة ، يتطلع الى شعرها الذي عرفه يوما اسودا ثم تحول الى كتلة رمادية بين عشية و ضحاها ، يتقلب على جنبه يتطلع للجدار و يبدأ يعرض صورا و مواقف تخصها و تهز صورتها فتجعلها مشوشة ، يجعلها بشعة ، حين رآها مرة تتحدث بهمس خجول ، كان وجهها محمرا بشدة و تعض على شفتها من الحياء ، كانت ساعة تنظر له و ساعة تهرب من نظراته ، و " هو " قد كان منسجما يستمع لوشوشتها و بوحها ، يرفع أصابعه ليزيح خصلات تهدلت او يمسح دمعة خائنة قاربت الهطول يلمس بها صفحة خدها ، كان يستبيح كل شيء فيها ، كان يعشقها ، كلما نظر اليها دمعت عينه ، كان يراقبها كظلها ، يغار عليها من خيالها ، يدأب أن يرضيها ، كان ملتصقا بها كتوأم سيامي ، كان يتحدث له عنها بكل شغف و كأنه قد ملك الدنيا ان ملك حبها ، يقول له أنها متعلقة به ، أنها تحكي له كل أسرارها ، أنها تعتبره مميزا ، أنه مقرّب وفي ، لا ينسى أنه كان حين يراهما سويا كأنهما عصفوري حب ، كانا كأنهما يتناجيان ، كانا بنفس السن و نفس المهنة ، يذكر حين كان يناديها أمامه بــِ " قطعة السكر " كان غزلا ، و حين يندمجا بالبوح و يأتي هو فيخرسا و يظلا ينظرا الى بعضهما البعض و كأنه قد قطع عليهما وصلة العشق ، يذكر أنها كانت تناديه بِــ " يا قلبي " 
وهو .. حين يتحدث عن" هو " فيقصد به " زكريا " 
زكريا الذي أسرّ له ذات بوح وهو يحرق عقب سيجاره و يرميه بلا اكتراث تحت قدميه يسحقه بحذائه الرياضي ، 
أنه استخدمها و أنها لم تعد له سوى فضلة !
أنها كانت تمارس الحب معه بكل شغف قد عرفه في امرأة 
أنها لم تكن عذراء يوما !
كان اعترافا سافرا كالحَربَة التي تخترق بطنه لتخرج ببقايا امعاءه من ظهره !
كان هكذا شديد اللؤم و الخبث في الدفاع عن ممتلكاته !
وهي .. كانت دائما دائما مشبوهة الشفتين !
في كل شق منهما مقبرة وفي كل شَفة كان هو مدفون في تابوت !
مسح على عينيه يعتصرهما بين أصابعه ، ماهي هذه حالة العشق التي تعيش معه ، ماهو هذا التعلق يا غالية ، وانا الذي انهكه حبه ، تقلّب على فراشه يلهث ، يلهث بشدة ، ينحره هذا الحب ، هذا الحب هو محرقته في مضجعه 
ولكن .. سيصبر ، سيصبر حتى الغد ثم سيصرخ باسمها حتى تسمعه السماء فلربما تفتح أبوابها لمناجاته فتعيدها له يوما ! 
سيصبر ! 
،
،


وماذا عن رباب الصغيرة التي تبكي بمرارة ، تتخبط في الظُلمة في الأبواب المغلقة و في الشبابيك المقفلة ،
تتخبط في الجدران و تضرب رأسها فيها ، تنادي باسم اختها : نجلاااااااء وصوتها يتهدل من الرعب و البكاء ، يتردد صدى صوتها المتعَب فقط بين جدران حجرتها ، تنادي و الريح تعصف بممرات بيتهم الساكن ، تضرب رأسها بيديها بهيجان مميت تتقلب على الارض فاتحة فاها صارخا متقطعا تظل تتقلب و تتقلب ترفس بساقيها و تتناثر علب ادويتها امامها فتلتقط ما يصل يديها لتبتلعه في وهم ! 
رباب التي تزحف للمرحاض ليلفظ رحمها شلالا من الدماء المتخثرة ، رباب التي يُنهك جسدها و تزرّق شفتاها و ترتعد كأنها جثة رُميت في المحيط ومع ذالك تقاتل ، تناضل و يظل لسانها الثقيل يردد بنغمة ثخينة مرتعشة ممدة : يآسييييين ، يآسيييين 
ومن يسمعها يظن أنها تقرأ القرآن ، رباب التي تلوّت وخربشت الأرض و عضّت يديها حتى قطعتها ، نزحت دمائها حتى سقطت ! 


اله اسمه الرجل
يعيش بداخلي وحشٌ 
جميلٌ اسمه الرجل 
له عينان دافئتان .. 
يقطر منهما العسل 
ألامس صدره العاري 
ألامسه . وأختجل .. 
قروناً .. وهو مخبوءٌ 
بصدري .. ليس يرتحل 
ينام وراء أثوابي .. 
ينام كأنه الأجلً 
أخاف. أخاف أوقظه 
فيشعلني .. ويشتعل 
كمخلوقٍ خرافيٍ 
يعيش بذهننا الرجل 
تصورناه تنيناً .. 
له تسعون إصبعةً 
وشدقٌ أحمرٌ ثمل .. 
تصورناه خفاشاً .. 
مع الظلمات ينتقل 
تخيلناه ثعباناً 
أمد يدي لأقتله 
أمد يدي.. ولا أصل 
إلهٌ في معابدنا 
نصليه ونبتهل 
يغازلنا .. 
وحين يجوع يأكلنا 
ويملأ الكأس من دمنا .. 
ويغتسل .. 
إلهٌ لا نقاومه 
يعذبنا ونحتمل .. 
ويجذبنا نعاجاً من ضفائرنا 
ونحتمل 
ويلهو في مشاعرنا 
ويلهو في مصائرنا 
ونحتمل 
ويدمينا .. ويؤذينا 
ويقتلنا .. ويحيينا 
ويأمرنا فنمتثل 
إلهٌ ما له عمرٌ 
إلهٌ . إسمه الرجل ...


من مذكرات غالية 


حزني كالرقص يبدأ فأنسجم ، كذاتي المتقافزة على كل النوتات الموسيقية ، لم اعد اجيد القفز ولم اعد ذاك المايسترو البارع في تحريك عصاته السحرية 
يحي كل النوتات معك تنتهي برقصة ، وآخر رقصاتنا الالم !
قد صرتَ خبيراً في فن المسافات وتفننت في غرس سكين الهجر الدامي في قلبٍ تعبّد لك !
في قلبٍ تشرد على طُرقات مزاجيتك!
كان للبريء احلام وقد اقصيتني لأقصى الشمال بقُبلة هوائية !
فهمتُ الآن وجعك زكريا !
يحي أنتَ لستَ استثناء في مجتمع يُكذّب الصدق و يُصدّق الكذب .
أنتَ كنتَ مجرد لعبة بيد رجل مُغرم !
يحي ، لن اسامح يوما من وضعني و الساقطات في خانة واحدة !
وكيف وقفت امام عتبة قصركم اشحذ الشوق و جنون المشاعر .

اردت ان اثبت برائتي مما رأت عيناك و لو كان اثباتها سيكلفني .. عذريتي !
ادخلوني و مشيت بين خضرة الجنان ، روائح عدة اخترقت انفي في لُجة افكاري ، اغمضت عيني بغباء و حسرة فكيف لي ان اتتبع اثرك بعد كل تلك الشتائم !
صرتُ اتلفت في عُقرِ داركم كمجنونة اضاعت طريقها و عقلها سيرجع لها فقط ان رأتك ، درتُ ودرت وما اردتُ ان ادق باب سيفتح عليّ نيران جهنم .
تشبثتُ بحقيبتي و انا ألجُ لإحدى الغرف الخلفية الخشبية بكراس داخلية و بخارها الحار قد اعمى لي بصري و انتفضتُ ذاهلة ليديك المطوقة لخصري و همسك الجارح ُيقطّع حميم الجوى : مجيئك لداري لا يعني الا شيء واحد .. فمرحبا بك !
واي مرحبا تلك التي جعلتني اهوي كفتاة ليل تريد ان ُتسقى من عذب لهاثك من عذب انينك ومن عذب شفتيك .
تريد تتبع تلك الرغبات الحسية الموجعة ، تلك اللذة التي يتذوقها اللسان فيطاردها الجسد بحثا عن المزيد حتى الإكتفاء و العودة للوطن !
أنتَ وطني يا يحي !
: انتِ لستِ الاّ ساقطة تلهو بجعلي اتضورُ جوعاً لشفتيها !
شفتاك تنزل علي كاللهب و يداك تدكان اخر حصوني وفي لحظة.. انتهى اللهو و ابتدأت الحرب !
طرتُ خارجة راكضة بكل قوتي الهث اصطدمت بإحدى اناث منزلكم دُرت حول نفسي كدوّار شمس يتبع ضوء مزيف فقط كي لا أُغلق علي بُتيلاتي !
اراها تركض لكما تحاول تخليصكما من وثاقٍ وثقتماني به ، خرجتُ وانا لا ارى اين تدوس قدمي حتى فقدتُ سيطرتي وانا ارى وجه عجوز يُحدّق برعبٍ في وجهي ، 
يحي للتوِّ قد يتّمتُ عائلةً بسببك !!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...