الجزء الخامس عشر
جبال من الملح تفصل بيني و بينك
كيف سأكسر هذا الجليد
وكيف سأقطع هذه المسافة بين شفاه تريد اغتيالي
وبين سرير يريد اعتقالي
وبين ضفيرة شعر تكبلني بالحديد
قبل يومين من الان
كان الارهاق والارق قد استنفذا كل طاقتها
التفكير يبحر بها في عوالم لم تتخيل يوما انها ستكونها
تارة تبكي و تارة تغفل لم ترى الراحة طيلة هذه الايام التي قضتها هنا امام البحر و تحت الشمس ، الهم يضرب قلبها بلا رحمة
تريد الغرق نعم الغرق فكل ما حولها قاتم لا يناسب حياتها ولا يناسب عقلها
يرجف قلبها كلما سمعت صوته
لا تريد ان تميل له لا تريد
انها تخون كل شيء حبيب قريب الى القلب
انها تخون رباب التي ماتت في ظروف غامضة
انها تخون الصادق الذي لا يُعلم ما حل به سوى هذا الرجل
هذا الرجل الذي دخل حياتهم كالإعصار فدمر كل ما مر عليه
وهي واحدة من مخلفات هذا الدمار
لكن ذكرى الطفولة لا زالت تقفز امام عيناها ، كيف لا تتذكره حين يذكرها انه يعرفها
انه يتذكر حبة الخال التي فوق شفتها و يتذكر الندبة التي على بطنها
كيف لا تتذكره ، فهو يحاصرها
هناك هو و شخصيته و بهاء طلعته ، انه هو يتلاعب بعواطفها ، فتراه يستكين معها ويحاول مداعبتها وتارة اخرى تجده كانه ينفر منها و يتسلى بها
كل المناظر تمر امام ناضريها ضبابية من كثرة الدموع التي تغشيها
نعم لقد تركوا تلك البقعة المشمسة بعد هاتف تلقاه
ذلك الهاتف اقض مضجعه و اثقل كاهله و تركه صامتا ، دخل عليها الغرفة يوقضها من نومها بصوته الغليظ ووجه المكفهر : نجلا انهضي يجب ان نغادر !
هكذا القى امره و اعطاها ظهره و خرج
حين نهضت توضأت من جديد و لبست ثيابها ولملمت ما معها من ثياب في حقيبة صغيرة ثم لبست جلبابها و خمارها و تجهزت
كل طريق العودة .. العودة الى اين والى اي وجهة لا تدري .. لكن طريق العودة كان صامتا بالكاد تسمع انفاسه تنظر الى جانب وجهه فتراه معقد الحاجبين مركزا على طريقه
الطريق الذي دخل الى المدينة المكفهرة ، الى الطريق الصعبة الى الطرق الترابية فهنا لا تجد الا الغبار و من حين الى اخر المناظر العشوائية
يا الهي كم تكره هذا الجزء من المدينة الغير لائق والغير حضاري
ومن جهة اخرى وصلا الى مكان تراه لاول مرة ، اسوار عالية و بوابة ضخمة و حرس مدجج بالسلاح
كانت الحيرة هي المسيطرة على ملامحها
فُتحت البوابة على مصراعيها
فتحت فاها وهي ترى ما يمر امام ناظريها
كان طريق طويل معبد مسيج بالاشجار الوارفة العملاقة المتداخلة على طوله فوقهم
لم ترى نهاية هذا الطريق بل رات على جانبيه حدائق خلابة ، هنا بحيرات وهنا شلال و هناك حدائق زهور وهذه طيور زينة و طاوووس يتباهى بمشيته و مساحات شاسعة لم ترى حدودها
كان شيء يفوق الخيال و هي تراهم يتقدمون الى حيث قصر كبير نعم قصر بكل ما تعني الكلمة من معني لا تدري كيف تصفه
نعم كانت تعيش مع اهلها حياة مترفة وفي مزرعة كبيرة و جميلة ولكن هنا تغلبت هذه الارض على بيت اهلها وحتى بيت اهل زوجها !
نهبت السيارة الارض نهبا توقف ثم راته يترجل
لا تدري ما تفعل الى ان رأته يدور حول السيارة ليفتح لها الباب
اقشعر بدنها وهي ترى كل ذلك العدد من الرجال المسلحين حول القصر و خارجه بشيء يشبه الثكنة العسكرية !
نزلت و رجلاها ترتعدان ، فأي مكان هو هذا ولماذا اتى بها هنا ؟!!
كل الرجال التفتوا لتحيته نعم فهو يبدو كزعيم عصابة وهذا مقره ، يبدو مسيطرا و قويا و مهابا حين التفت له الجميع منحنيا ، امسك بذراعها واخذ يمشي معها مانحا لها فرصة كي ترى طريقها امامها وكانت تتبعه لانها خائفة ، هدوءه و شكله لا يبشران بخير ولا تدري هل تتحاور معه ام تصمت كي لا ينفجر فيها ، هي فيها ما يكفيها لا تريد صداعا ولا عراكا
ان رماها في غرفة في هذا القصر .. فكثر الله خيره .. ربما ستجلس او تنام حتى ، تريد الهرب بروحها و بنفسها و بجسدها من هذه الدوامة
دخول القصر كان شيئا اخر سيظل محفورا في ذاكرتها ، علو السقف و الزخارف الذهبية و القبة التي تنتصفه فيها رسومات من العصر الذهبي و الدرج المتفرع و الثريات العملاقة المتدلية و غرف الطعام التي تكفي لمائة شخص مرة واحدة ، الاثاث الذي يكلف مئات الالاف من الدولارات و التحف الغالية الثمن ، لا تدري كيف انه شيء رائع و مهيب جدا
كل شيء يلمع وكانه لم يمس ابدا من الداخل و الخارج
اهذه هي مملكتك يا زين !
كالمسحورة وصل بها الى غرفة لا ليست غرفة ستظلمها ان قالت انها غرفة
بل هي منزل متكامل داخل القصر و غرفة النوم ذات نفسها ذات حجم مهول و اثاث كأنه خرج من كتاب الف ليلة و ليلة ، اسود و احمر كان ناريا دخانيا حميميا و الستائر التي تحاوط السرير من كل جهاته
حين وصل بها ووقف هناك استدارت عليه ترفع رأسها له ، كان ينظر الى وجهها وكأنه يراه من خلف الخمار
تلك النظرات المتبادلة اشعلت فتيلا حارقا في قلبه
الم يراها اول مرة في هيئتها هذه ، اخذ الدم يجري بقوة في عروقه الى ان وصل به الحال الذي افزعها ان نزع عنها الخمار بقوة كانت عيناه تشتعلان ولا تحتملا صبرا حين رفعها بين ذراعيه عاليا مندفعا بها الى الجدار هناك ثبتها وهي ترتعب فاتحة عينا على مصراعيها تنظر الى عينيه والى وحشيته لا تدرك ما يحصل وهو ينزع غطاء رأسها فيتهدل شعرها بين ثنايا عنقها فانفرجت شفتاه عن ابتسامة متعة ، لم يمنحها الوقت الكافي لكي تنطق فهو قد هجم على شفتيها يقبلها بعنف شديد
كانت ترفس ، كانت مستضعفة ، تتلوى . اما هو يريد ان يشفي غليل قلبه بقبلته تلك التي وضع فيها كل رغبته وكل ذكرياته
لم تستطع الدفاع عن نفسها امام هذا الهجوم المباغث فكل تصرفاته هي محض جنون
كان مندفعا ولم يترك لها مجالا للتنفس و هو يمرغ شفتيها بشفتيه
يريدها ان ترى كم هو قادر على اخضاعها
كم هو فقط كان صبورا و لطيفا معها حتى الان
ان فكرت يوما انه سيتركها في حالها وانه لن يضاجعها كما يريد وكلما اراد فهي مخطأة
يداها تقاومان كتفيه الملتصقين بها
تشعر به قد تضخم و توحش كان يلهث كأنه في سباق
طعم قبلاته كان مختلفا
كان ساخنا وحلوا و شهيا
و شيئا فشيئا اخذ الخجل و الدم يجريان بقوة في عروقها
لكنها لا تريد الاستسلام بهذه السهولة ، امن قبلة ستخضع ؟!!
كان الدافع لها هو كرامتها لا تريده ان يرى انها متلهفة لشفته ولجسده و ليداه كي تداعبان جسدها
تريده ان يدرك انها انثى لها كرامة ولها عزة نفس و لن تخضع بسهولة لن تخضع
كانت حربا شعواء بين روحين
ولكن هو من انهى هذا الحوار الغامض حين خفف حدة قبلته فصارت ناعمة حنونة
هنا فتحت عيناها لا تدري فقد دغدغتها تلك القبلة و دغدغت قلبها فالتقت نظراتهما
كان يلهث نعم يلهث حين همس فيها : الان استطيع ان اسافر وانا مرتاح !
خرجت من حنجرتها اهة صدمة !
رغم ان الدماء في عروقه تكاد تنفجر ، رغم انه يشعر انه كان يجب عليه ان يكمل ما بدأه معها و يجعلها امرأته حقا و انه بالقوة قد تحكم في رغباته كي ينهي هذه القبلة بأشياء اعمق بكثير ولكن عقله حقا كان مشتتا ، بين هنا وهناك ، بين افكار متضاربة ، كان يجب ان يذهب وحالا لذلك قد اتى بها هنا لكي تكون بين حراسه وبين خدمه و بين كل الاخريات في هذا المكان !
خرج لسيارته من جديد يقودها الى المطار و هناك منه الى القاهرة ثم الى العاصمة باريس ، وهناك سيعرف ، ان كانت هي هناك و استجابت له فيعني انها مستعدة للحوار و سيعرف منها هل الولد ولده حقا ام من يكون !!!
قبلها بيومين عند حدود بقعة مباركة
بقعة اغتُصبت عن قاطنيها و سكنها اخرون ، اخرون من كل جنسيات و بقاع الارض و جعلوها بقعتهم المقدسة
هنا عند المسجد الاقصى الحبيب على ابوابه وعلى حدوده وبين اطرافه كانت تقطن
كانت تخدم المعبد اليهودي بل وكانت تأخذ طفلها اليه تعلمه دينها و تتأمل ان يكون ذات يوم متمسكا باليهودية مثلها مهما حصل معه و ان يكون خادما لديانته و ان يكون يوما حاخاما ينير طريق الناس !
تلك هي التي لم تهزمها الظروف ولا الدين ان تسلك طريقها
لم يهزمها الزمن حين حولها من ساعة الى اخرى الى جارية ثم الى ام !
رغم انها كانت تعيش حياة بسيطة جدا في بيت مؤجر في قلب المدينة المقدسة
كانت لا تعتقد ابدا ان الايام ستدور و سيجدها بل يهددها في قلب بيتها و بأبنها الوحيد الذي خرجت به من الدنيا التي جارت عليها
كانت تسرح كثيرا حين اثارت شكوك والدها ولكنها احبت ان تطمئنه فاتجهت له و جلست بجانبه تضع يدا على فخذه و تضغط عليها : ابي
ابي انا سأسافر لخمس ايام تقريبا ، لا اريدك ان تقلق علي ، لابد لي من السفر يا ابي !
ولكن كلماتها تلك هي ما اثارت الخوف في قلبه فنظر اليها في قلق : هل تظنين انك بكلماتك هذه تطمئنيني ؟!! ، منذ فترة وانت قلقة و متعبة و ذلك ظاهر بوضوح تحت عينيك !
لا اعرف ما يقلقكك الا تبوحي لي بما في قلبك يا ابنتي !
لا تريد ان تزيد على جروح اباها جرحا جديدا
نعم هو يعيش هنا أمن ، ولكن حنينه الى وطنهم لم يفارقه ، تراه في عينيه في سرحانه في كل لهجته اليمنية التي لم يتخلى عنها ، هو عربي نعم عربي ولد بديانة اخرى ، ديانة يكرهها اغلب العالم ، لكنه عاش عليها و تمسك بها بل ارسل ابنته الوحيدة منذ نعومة اظفارها كي تتعلم المزامير و تدرسها عن كثب ، ولكن كل ما حصل و تهديدهم و تهجيرهم دفع به للخروج من ارضه و الذهاب الى ارض المقدس هناك سيجد الامان و حقه كانسان له ديانة اخرى ليست الاسلام !!
: ابي ارجوك اعطني فرصة كي احقق السلام في حياتي و حياة ابني
كان يهز رأسه موافقا على مضض لانه يثق فيها وفي قوتها و قراراتها
: حسنا يا ابنتي افعلي ما ترغبين و اتمنى حقا ان تصلي الى ما تطمحي
ارتاحت نفسها على ابيها و لكن لم ترتح على ذلك الرجل الذي ينتظرها هناك ، ستواجهه وحيدة بعد كل هذه السنين ، ستراه من جديد و ستعود اليها كل ذكرى سيئة عفنة مرت في حياتها و اوصلتها له !
الان هي هنا في قلب باريس في جادة الشانزليه
بدا انه لم يتخل عن واجباته تجاهها فهو قد حجز لها جناحا خياليا لم تكن لتحلم انها ستجلس في مكان مثله ، كل شيء هاديء و جميل وملائم
لا تشعر بالرغبة في مغادرة الجناح و النزول للشارع
هي فقط تترقبه
تترقب حضوره
هذا الرجل الذي زلزل عالمها و جعلها تعيش جحيما على الارض
هذا الرجل الذي كان سببا في عار و مأساة لن تنساهما حتى يدخلونها القبر
هذا الرجل المقيت الجلف لا تقبله ولا تريد رؤيته بعد كل ما فعله معها
بعدما استباحها و استباح جسدها و عاملها كانها جارية تحت قدميه
المشكلة انها حقا في شرعه كانت جارية و ملك يمين و حلال عليه مغازلتها و النوم معها متى شاء.
ماذا ستقول له وماذا ستروي ؟!!
اتقول انها عندما هربت منه ذاقت الامرين عند وصولها و هي ترى وجه اباها هناك ينتظرها
اتقول انها كرهت عمرها و جسدها و تمنت حرقه بالنار في كل مرة تتذكر انه لمسها بلا زواج او عقد شرعي
هل تقول له انها اضطرت لعديد التنازلات و الاختباء لفترة طويلة عن اعين الناس ؟!!
ماذا تقول انها عار على نفسها
ان الحياة بالنسبة لها اصبحت مرحلة حقيرة لا تطاق
انها تخالف كل اية في شرعها و دينها حتى وهي هنا تلبي رغبته في رؤيتها
ماذا تقول وعن ماذا تتحدث
فكل شيء في هذا الرأس متعب جدا على صغر سنها متعب جدا يا زين متعب !
تدفع ستارة الشباك لترى الشارع
هناك حيث الزحام و الناس و المقاهي و المطاعم
هناك من يضحكون نعم يضحكون لقد نسيت حتى الضحك منذ زمن بعيد زمن الجواري
هناك من يتريضون و هناك من يتربصون
تعلم انها هنا تحت رقابة
فإن كان وصل الى اعتى مكان لا تجرؤ عيون الجواسيس عليه قد وصلها ، فما بالك هنا؟
لما اختار مكانا بعيدا قارة اخرى ليلتقيا فيها ؟!
عندما تنظر من خلف النافذة تشعر انها تحسد كل الناس حتى التعساء منهم هناك في الخارج على كل شيء لانهم يعيشون الحياة ببساطة
اما هي فعاشت على تعقيدات كثيرة و تداخلات لا يعلم بها الا الله وحده ما جعلها مكفهرة قد لا يرى الكثيرون ضحكتها الا ما ندر فهي بالكاد تبتسم حتى ، فالجدية تبدو على محياها الرائع الجمال.
تلعنه
تلعن هذا الجمال الذي قادها الى هذه الطرق التي تقاطعت مع رجل مثل زين
فأن كانت امرأة عادية لم يكن لينظر اليها ، هذا هو رأيها فيه !
عندما سمعت صوت قفل الباب ارتعدت ، ارتعش قلبها و اغلقت عيناها بشدة و التقمت شفتيها و بسرعة انزلت الخمار على وجهها
نعم مثل هنا مثل هناك كلهن مختمرات هذا اول ما خطر بباله حين فتح الباب و رأها هناك تنظر للخارج و تحرك يدها عن خمارها كانها انزلته للتو
اغلق الباب و تقدم بخطواته وكل خطوة كانت تدوس على قلبها
لم يكن ليعرف انها حقا هنا قبل ان يراها
يراها بكل ذاك الماضي
الماضي الذي حوله الى شخص آخر
اهتز رأسها وهي تسمع اولى كلمات خرجت من حنجرته ، يا الهي كيف للماضي ان يعود هكذا يا له من وجع
قال في هدوء : لا داع لما تلبسين
فردت عليه في الحال : لا احل لك كي تراني
خرجت من حنجرته شخرة سخرية : انت لا زلتي ملكي
هنا التفتت له فهز رأسه : نعم صدقي ذلك انا رجلك لا زلت و انتي ملكي حتى اموت ، اعتقد ان الامر قد وصلك بالصورة الصحيحة فلست انا من يترك ممتلكاته في يد غيره
كانت العنجهية هي سمة كلماته ، كان يتفوق عليها في كل شيء
سحب كرسي و جلس عليه بالمقلوب و استند على مرفقه ثم ربت على المقعد المقابل له : تعالي تعالي هنا اجلسي استريحي فهناك مايجب ان يقال وما يجب ان ترويه
تقدمت بكل ثقة و جلست حيث اشار في مواجهة بعضهما البعض
كل منهما في قلبه احاسيس مختلفة للآخر
الاخر الذي تركه في غمار هذه الحياة يتخبط
ان كان قد احبها يوما ، فهو قد فعل من كل قلبه ولم يتخيل يوما انه سيحب امراة مثلما احبها
حبها كان مختلفا ، ليس كحبه لحنان !
يجلسان الان على طاولة الحوار ضدين !
: انا لا احب ان اتحدث لأي احد في العالم لا ارى عيناه فهلا اذا تكرمتي نزعتي الخمار والا سأنزعه عنك بالقوة و انتي تعرفين ماهي القوة التي سامارسها عليك
كانت نظراته تتحداها ان تقول لا .
تأففت : عيناي فقط ليس الا
اشار بيده بلا اهتمام على ان تفعل ما تريد فاظهرت عيناها وتركت الباقي مندسا تحت لباسها الاسود
اطال النظر كثيرا الى تلك العينين ، العينين اللتان انقذتاه من الموت ذات يوم
العينان اللتان تعلق بهما و اصبحتا روحه
العينان اللتان غدرتا به و تركته في يوم بلا قمر
العينان اللتان خدعتاه بطفل !!
قست عيناه تلك اللحظة : انا لم ات بك هنا لاتغزل بك ، انا هنا لأفهم ، اخرج جهازه النقال من جيب بدلته و فتح على صورة و قلب الهاتف لترى تلك الصورة ، انتظر منها اماءه ان ترتبك ان يهتز جفنها انتظر ان تقول نعم انا مذنبة : من هذا ؟!!
بكل برود تنكر
: هذا الطفل من ؟!!
: انا لا اعرف عمن تتحدث ، من هذا الطفل ؟!!
: الان لا تعرفينه ، سوف تعرفينه حين تنطلق الرصاصة لتخترق جمجمته
كانت تتصرف معه بكل البرود الذي في العالم
هنا هو ليس له سلطة عليها
لن يستطيع ان يجبرها على اي شيء لا شيء لا شيء يا زين لا شيء
ازداد التعنت في نفسها وهي ترفع رأسها بصمود قل نظيره : اقتله و ستندم ، انت اول من سيندم صدقني
دار بوجهه يمينا و يسارا للاعلى وللاسفل في كل مكان ، لا يوجد فكرة ، لا ، الا فكرة واحدة وهي انها حقا عاهرة تلك اللحظة اطلق يده تتشبث في مؤخرة رأسها افزعتها الحركة التي قربت وجهها منه و تقابلت انفاسهما اخيرا هو غاضب جدا و كان يكبته وهي خائفة نعم خافت تلك اللحظة وهو يقول من بين اسنانه : اقسم بالله ادفنك هنا و لا احد سيدري و سأخرج الصبي من ذلك المكان حتى لو جثة متعفنة اتفهميني
انا ايتها الحقيرة ابني يذهب الى الكنيس ليصلي و يعبد لا ادري ماذا
انا ابني يتعمد في الكنيس اليهودي
انا ابني يتعلم الديانة اليهودية
لما تنكرين علي ذلك الصبي
انتقلت يده الى رقبتها كمحاولة لخنقها : تبا لك يا امرأة والف تب
اقسم بالله ان لم تاتي به لاقتلك و اقتله و اقتل والدك هل فهمتي يا ... راعيل !
كانت تنتفض في مكانها لا هواء يصل لحلقها الدموع تنتشر على خديها الهواء الحار يحيط بها و قلبها يرجف ، صرخت فيه : لماذا لماذا؟ ، انت ليس لديك الحق في الصبي هو ابني انا ، انا من حملت به و من انجبته
: اخرسي ايتها الوضيعه الان هو ابنك ؟ ، من اين؟ من الهواء ؟!
: صفني بأي صفة تعجبك ، عاهرة و وضيعة لا تنسى في يوم من الايام كنت تقبل يدي كي ارضى بك
هراء .. صرخة خرجت منه ... اخرستها .. انتي كنتي ملكي و ستظلين ملكي و الولد ولدي ستحضرينه او ستجيئين معه ، ابني انا يدين بديانة غير الاسلام .. ابني انا
كان لا يصدق ما يسمع لقد كان الصبي حقا ابنه من صلبه شيء جعل الدموع تتوقف على جفنيه \انه غاضب جدا و الثورة تخترق عقله ، ان كان بيده الان يجعل حياتها جحيما اكثر مما تتخيل بل الخيال سيكون كثيرا عليها
ابنه يهودي .. يا سلام .. يا سلام
خرجت الكلمات متقطعة من حلقها : الولد لا يملك جواز سفر
كاااااذبة , صرخته كانت مجلجلة هزت الغرفة و هزتها حتى انكمشت على نفسها منه
تبدو الان ضعيفة و صغيرة امامه
تراه في ذلك المظهر ، البدلة السوداء المنطبقة على جسده الضخم ، واطراف شعره التي تلامس رقبته ولحيته التي تغطي وجهه و الغضب الذي في عينيه تكاد ترى نار تخرج من ثناياه
هي تعرف ان كل ما حصل ما كان يجب ان يحصل
كان اولا لابد لها من اسقاط الجنين بما انه ليس بزواج و ليس من رجل يهودي و الحمل به و ظهور الحمل هو عار سيطول عائلتها كاملة
لا تعرف لما تعلقت به و ارادته ، تلك الروح التي تنمو في احشائها ، ذلك الجسد الملائكي الصغير الذي حملته بين ذراعيها ، ذلك الطفل الذي ارضعته وسهرت على راحته حتى بدا المشي واللعب و الكلام
: انه ابني ابني انا وليس ابنك ، انت من جعلني حامل و بالقوة انا لم ارد الحمل انت من فعله اتذكر تلك الليلة ، تذكر جيدا انني لم اردك فكيف تتهمني الان بخطف ابنك الذي لم اعرف اصلا انه كان سيكون
انت لا تعلم عن العار و الاذى النفسي الذي اصابني حين عرفت انني حامل
اذا كان هناك احد عاهر بيننا فهو انت
تلك اللحظة نالتها صفعة لم تكن تحلم بها ، صفعة اسقطتها ارضا حين تقدم بلا وعي يشد رأسها بين كفيه : انا عاملتك بما يرضي الله و كنت اغلى عندي من نفسي ، لو كنتي فقط بقيتي لم يكن ليلحقك عار ، كنت سأتزوجك
قاطعته بسرعة : حتى وانا يهودية
: نعم كنت ساتزوجك طالما تحملين طفلا مني كنت سأتزوجك
: و انا لم اكن لأقبل ان اعيش كواحدة مثل كل تلك النساء في قصرك
هل تعتقد انني نسيت ماذا يجري هناك
هل نسيت انني اعرف انك تتاجر بالنساء
انك تحبسهم في معتقلات للتهريب
كلا انا لم اكن لاتزوج رجل مثلك
ضغط على رقبتها : بل ستفعلين و سيعود ابني لحضني
: ما اسمه ، قولي لي ما اسمه
ترددت قليلا قبل ان تنطق : تاج
تركها وهو يقف لا يكاد يكظم غيضه اتجه بوجهه للسماء وهو يصرخ : يا الله
كانت صرخة مدوية هزت روحه و اثقلتها صار يدور حول نفسه في الغرفة مثل اسد اسير ، يريد ان يختلي بنفسه
ان يستوعب هذا الكم من الاذى
لديه طفل .. طفل .. طفل يهودي !وما اكبرها من كارثة !
خرج من الغرفة و اغلق الباب خلفه يريد ان يختلي بنفسه وان يبكي على كفيه
الم يكفي انه قد خسر طفل منذ زمن كانت تحمله حنان !
الن يلتق بطفل منه يحمله يؤذن في اذنه و يحبه و يسميه و يطهره ويدلله و يعلمه كيف يكون رجلا !
كانت الدنيا تدور به فبقدر ما كان يتوق لأن يراها هي تلك الذكرى الجميلة في روحه ، بقدر ما يشعر الان بالخذلان و الهم يجتاحانه اجتياحا ، هل ستحضر الطفل هنا ..
نعم لن يتركها ترحل من هنا حتى يأتي ابنه لن يجعلها ترحل لن يفعل ولذلك سيكون حارس عليها حتى يصل ابنه !
ميادة و صالح
قد جاء هذا الطفل اخيرا
جاء في وقت ان حياته مقلوبة
ابناءه ليسوا جانبه و ابنته تركت البيت مع امها
كانت بنتا حملها بين كفيه اذن في اذنها و هدهدها قليلا ثم مدها الى امها
كانت ميادة بعد العملية القيصرية لا زالت متعبة بالكاد تفتح عيناها و هي تاخذ الطفلة من زوجها و تضعها على صدرها ثم تلقمها ثديها
اما هو فكان سارحا بفكره ، من يراه سيقول ان من جاء حفيدا له وليس ابنا جديدا
بنت اخرى تضاف الى لائحة عائلته التي تشهد عصرا من التشتت
نظر الى ميادة وهي تترك الطفلة ترضع وهي اغمضت عيناها ونامت
وبعد قليل نامت الصغيرة هي الاخرى وهو ضل قاعدا مكانه يشاهدهما وفي قلبه غصة
يعلم ان كل ما حصل اذى ماجدة بالدرجة الاولى ، و اخيرا امر من تسمى آسيا
ان يعلم فقط ما يجري سيقسم رقبة من يحاول ان يدمر علاقته بزوجته ، لا يحتمل ان تغضب ماجدة فما بالك وهي قد تركت له البيت كله غير آبهة بتعلقه بها وحبه لها
امور كثيرة في حياته جرت و تجري و سببها شخص واحد
شخص واحد لا يستطيع ان يخرجه من حياته لا يستطيع ان يمد اصبع عليه شخص واحد يتلاعب به و بأسرته وهو واقف يتفرج ، يتفرج و يتألم
بسبب هذا الشخص تورط بتزويج حنان و شعيب ، وبسبب هذا الشخص زوج زهرة من يحي و بسببه سيزوج صبا من الصديق
لا يستطيع ان يواجه هذا الضغط لان كل حياته كلها في كفة وان باح هذا الشخص بمعلومة واحدة تخصه سيدمرهم جميعا من صغيرهم لكبيرهم ، هذا الشخص يمسكه من يده و يلوي ذراعه فلا يستطيع ان يقول لا رغم جبروته و سلطته في عالمه الذي يعيش فيه بين المتنفذين في البلاد ، كذلك ان باح بشيء فسمعته ستنهار
يعلم ان ماضيه لم يكن مشرفا ولكن هذا الماضي شوكة عالقة في خصره تنخزه كلما استدار وكيفما تلفت
لا يدري ما العمل لايقاف هذه الجريمة في حقه و حق عائلته
فإن كان لشيء ان يوقف هذا الشخص فهو الموت وهو لا يريد ان يقتله لا يريد... لأنه قريب الى قلبه !!
منذر
منذر كان طبيبا متمكنا وكان سيصبح ذو شأن عال في البلاد
كان يلقي المحاضرات في كلية الطب
وكان يمارس مهنته في مستشفى لجراحة القلب
كان على عتبات الترقي و ربما كان ليكون عالميا في مجاله و يُقبل المرضى عليه من الشرق و الغرب
.
كان يختلف عما هو عليه الان ، ليس مظهره وحده الذي كان انيقا جميلا و فارعا و رجلا حقيقيا
بل كان رجل محترم يحترمه الرجال و النساء
يجلس خلف مكتبه مشغولا هنا تقارير طبية و هنا نتائج رسم قلب و هنا كتب و محاضرات
كان رجل مشغول بكل ما تعني الكلمة من معنى وليس في وقته دقيقة فراغ كي يهدرها في مكالمات او حوارات سخيفة ، كان جديا زيادة عن اللزوم و كان محافظا هذا ما كان عليه ، حتى وصلت على المستشفى ممرضة اجنبية اسمها .. جنين !
اول مرة تدخل فيها جنين للمستشفى لفتت نظر الكل ، حتى النساء
لانها لم تكن محجبة هذا اولا ، فقد كانت متحررة بشعر ذهبي مموج تتهدل خصلاته بين وجنتيها و يسحر كل من يراه
اما عيناها فكانتا خضراوان و هذا الخليط من الالوان كان يجذب من هم قاتمي البشرة و داكني الشعر كعادة البلاد العربية ، عدا عن جمالها الغربي و خديها الورديين و بياض جلدها و نعومتها ، كانت ملابسها تصف الكثير من جسدها والذي لم يوفر طاقة انثوية الا احتواها ، كانت ناهدة الصدر رقيقة الخصر و مملوءة الساقين
تتحدث العربية مكسره فكل شيء مخاطب هو مؤنث !، كأن تقول : انتي هلوة كتير
كان منذر منهمك في عمله ، مشغول عن كل شيء الا صبا حبيبة القلب و الروح
كان كل مرة يؤجل الزواج لاسباب علمية و عملية ، ففي هذه البلاد لقاءات و محاضرات وفي تلك عمليات و اطباء من الخارج و هنا لا يجد فسحة ليحك رأسه
كانت صبا تعاتبه بانه لا يحبها والا لن يتركها مقابل عمله ولكنه كان يهدأها حين ياخذها في احضانه و تتجاوب معه حتى يتبادلا القبل بشغف كتصبيرة الى حين الزواج او الى لقاء اخر بينهما .
انشغل عنها بعمله وهي التي كانت متلهفة لحبه و البقاء جواره ، وعدته انها لن تكون عائقا في سبيل ان يحقق ما يصبو اليه
وعدته انها ستسانده حتى يصبح طبيبا معروفا في كل البلاد وان الزواج لن يضر بها بل سيساعدها في ان تكون شريكة حقيقية له ولن تكون قبلاتهما محرمة بعد الان
الا انه ماطل ولا يعرف لماذا رغم حبه الشديد لها ، ربما لانه لا يحتاج للقيود في البيت الذي سيدخله اخر النهار ، ربما يقصر في حقها و تتعب معه لان جولاته الليلية لا تنتهي !
حياة الطبيب ليست سهلة و ليس من السهل ان تتزوج و تنشأ بيتا و تتحمل مسؤوليات اخرى و عبء اخر بجانب عملك و هذا مالم تؤمن به صبا
كان استدعاء له على جهازه الخاص لغرفة العمليات ، حين غادر مكتبه و اتجه عبر ممرات المستشفى التي تفوح منها روائح التعقيم و كانت خطواته ترن على سيراميك الممر الى ان وصل الى غرفة التغيير وفتح الباب
نعم كان يسمع همسات و لمزات عن تلك الممرضة الجديدة التي جاءت للتو ، الكل يتحدث عنها ، الكل يتغامز عليها ، الكل يحتقر شكلها و الكل يتمنى ان يضاجعها ,, عدا النساء طبعا
فقد سمع من اكثر من ممرض انها تصلح للتسلية فهي صغيرة السن و جميلة جدا و الكل مجنون بمظهرها الاوروبي الفاتن
وهو هنا وجه لوجه معها بصراحة لفتت نظره ، كانت مشعة كاشعة الشمس وكانت ناضجة وكانت بريئة بتلك الابتسامة التي علقت على شفتها حين رأها
هز رأسه والتفت عنها عندما قالت : iam your Assistent tonight dr.Munther
كان يعقم يديه وهو ينظر اليها بطرف عينيه لم يرد ان يتجاهلها فقال لها : then be ready ; it is not an easy operation
نظرت له بتلك الابتسامة المشرقة وهي توميء برأسها له ثم دفعا الباب و دخلا سوية لاجراء العملية
و لكنها لم تكن العملية الوحيدة التي مارساها سويا بل ارتقت لاكثر من ذلك !!
مرعية الضحية
اما مرعية التي منذ ان تحررت من اسرها وهي تتمتع بحياتها واي استمتاع
عندما تفكر انها قد تخسر حياته في اي لحظة سواء كان بحادث عارض او بحادث مقصود مثلما حدث معها
كانت تركع و تسجد و تصلي و تحمد الله ليل نهار ان اخرجها من هناك سالمة غانمة
هي قد تخيلت اشياء مفزعة قد تحدث معها ، فهي لم تسمع عن حادثة اختطاف انثى ترجع منها المراة سليمة لأهلها
ولكن هي لا اهل لها ، لا احد سيهتم ان رجعت ام لا ، ان خطفت ام لا ، ان تم الاعتداء عليها او قتلها و دفنها ، لا احد يهتم
حتى سكان العمارة هم نفسهم لا يهتمون لبعضهم البعض
هنا فقط تجد التجسس و التحسس و الحسد و الحقد و تاليف القصص او الزيادة عليها
كل شيء هنا له قواعد وله بهاراته الخاصة به
شقتها معدمة فقيرة جدا ، هنا كنبة ممزقة وحيدة تقابل جهاز التلفاز القديم
وهناك غرفة صغيرة جدا فيها سرير فردي ودولاب بضلفة واحدة و باب اخر للحمام الذي ان رأيته لن تدخله لقلة الامكانيات فيه ولشدة فقر الارضية و الجدران و دش الحمام او المقعد الارضي .
كل ذلك لم يعد يهمها حقا ، ستعيش الحياة ما بقي منها بأي وسيلة كانت حتى يأخذ الله روحها ، فهي ان كانت تتضايق قديما من الحمام فهي الان سعيدة جدا ان لديها واحد وان لديها سقف وباب ومكان تنام عليه ولن تضطر ان تعيش عيشة الزرائب
ولكن عند تلك النقطة دق الباب فنهضت من على اريكتها التي تغوض بها الى الارض تقترب من الباب الذي فتحته وفتحت معه عيناها من الرعب
الم تكن الان تحمد الله انها لن تعود للزريبة ولكن هذا الرجل قد قال لا بل ستعودين
تقدم نحوها وهي قد انخرست تماما لم تقدر على النطق بل فقط الخوف و الخوف الشديد الذي سد حلقها و صار يضرب صواعق في صدرها حتى رفعت يداها تدافع عن نفسها
وهو تقدم نعم بكل حرية تقدم وهو يغلق الباب خلفه
كلما تقدم خطوة تاخرت هي خطوة كان يتقدم وتتقهر حتى وجدت نفسها ساقطة على الاريكة
تبلع ريقها بصوت عال فالخوف قد بلغ مبلغه فيها ، ماذا يريد ولماذا حضر لا تعرف ،ايشك فيها هل ارتكبت ما يستحق التعذيب
هزت رأسها بشكل يثير الشفقة وهي تقول : أأأأأ... ااانا لم افعل شيئا ، اقسم بالله لم امسك هاتفا ولم اصور احدا
كان ينظر لارتباكها وهو يتسلى بها : الحمدلله لقد طمأنتني ، كنت اظن انك قد عاودت الكرة
فوضعت اصبعا على فمها تحلف بالله ايمانا عظيمة انها لم تفعل ولن تفعل
في هذه اللحظة التي تخافها القى بنفسه جانبها وفي لحظة وجدت نفسها في احضانه يلف ذراعه حول جذعها و يقربها منه ثم يرفع ساقا فوق ساق على طاولتها الصغيرة التي ربما لن تنجو من ثقل حذائه و ثقله هو ذاته
لم يعد شيئا يهم بقدر ما قرع قلبها تكاد يغمى عليها
انها تلتصق برجل غريب في عقر دارها
انها ادخلت رجل غريب الى شقتها
انها تجلس جنب الى جنب مع هذا الوحش
ارتعب عقلها مما يريد منها ، لا تريد السؤال .. لا تريد ...هناك مطبات عديدة لسؤال مثل ذلك لرجل مثله
كانت عيناها المرعوبتان تتابعان ما يقوم به ، فهو قد اخذ الجهاز و صار يقلب بين القنوات وحين لم يجد شيئا رمى الجهاز والتفت الى وجهها الملتصق بكتفه و سخونة تنفسه تنزل عليها و عيناه تتابعان عيناها : شيء ممل اليس كذلك ، اشار بيده الى الشباك و هو يرفع حاجبيه ، هنا كنت تصوريننا !
ضحك حتى بانت نواجذه كان يضحك هكذا بلا سبب يضحك ضحك مستمر لا تدري ما سببه، ترتعش هي فقط !
كان قد غمر كامل جذعها الضعيف الى صدره حتى غاص وجهها في ثناياه
لا تدري هل يفعل ذلك عن عمد ، هل يريد الان اغتصابها نعم هي اول فكرة خطرت في بالها حين جلس جانبها ، الرجل يريد ان يفقدها براءتها هذا واضح لها و ربما له ايضا ، لا مجال ان يأتي و يدخل و يجلس و يضحك و يغمرها هكذا الا ان اراد شيئا و هذا الشيئ هي تعرفه حين اغمضت عيناها بقوة تمنت هذه اللحظة الموت نعم الموت لربما لو كتمت انفاسها ستموت وتتخلص منه !
ولكنه على عكس ما توقعت قام من مكانه محررا اياها من احضانه بكل برود يملك في العالم : لديك شقة ... مميزة , اخذ يجول بأنظاره على الشقة الصغيرة يتابع بنظراته كل تفصيل هنا وهناك كانه يفتش عن شيء ما ، تلك النظرات اقلقتها ووترتها اكثر : انا ليس لدي شيء يذكر ولا شيء يستحق
التفت لها بنظرة غريبة : حقا ؟!!
كانت الكلمة تتردد في الغرفة على مسامعها
تدرك ان سخافة ما تقوله و هو لن يستمع لها فهو جاء هنا لغرض ما , اما انه يبحث عن شيء ام انه يريدها هي كما في مخيلتها لا شيء اخر
: ربما تتسألين لما اتيت ، لا تخافي ، جئت كي اطمئن انك بخير
يا الهي وهل يخاف الذئب على الضحية !!
هذا ما جال بخاطرها ، اومئت برأسها : انا بخير
:هممم حسنا ارى ذلك
يعتقد انها اغبى مما ظن و ساذجة كثيرا خصوصا بتلك العينان المنفرجتان
جال بنظره عليها وهي تحاول ان تخفي نفسها بين طيات البلوفر البالي الذي ترتديه و البنطال الجينز و تلك القبعة التى تضعها على شعرها و يغطيه بينما ينسدل باقيه على جوانب جسدها
بدت مرتبة و نظيفة لا يوجد ما يميزها وهي ليست بالجميلة بل اقل من العادية ربما لو كان لونها فاتحا قليلا كانت ستكون افضل !
دارت في خلده تلك الكلمات التي خرجت تتسابق على لسانه : تعلمين ما اريد
هزت راسها نافية ، الرعب يدب بين جنبيها دبا وقلبها يتسابق عند اعتاب حلقها
: اتيت لان هناك شيء لم انجزه معك
: شيء اريده منكي
اقترب بخطواته منها وهو يهمس : ان احطم ذلك السرير وانا فوقك ، رفع حاجبه ، ما رأيك
ارتعد جسدها كانها في عاصفة هي كانت تعرف ان هذه النهاية كانت لتظن وهي في الزريبة انها ستلقى على قارعة الطريق عارية ، انها ستصبح مجرد جسد لرجل نافذ
كيف صدقت لثانية انه سيتركها فهؤلاء القوم لا يفعلون الا ما يرغبون و نحن تحت المداس
لم تصرخ ولم تولول ولم تبكي ولم تفعل شيئا فالصدمة فقط هي ما كانت على محياها
اينتظر منها ان توافق راضية ام ان يرغمها على تلك الفعلة
في تلك الاثناء كانت فقط تناجي الله سبحانه في قلبها يا الله يا رب العباد اخرجني من الضيق الى الفرج اللهم ابعده عني و ابعدني عنه يا رب
في تلك الثانية كان الباب يطرق طرقات متتابعة طرق لها قلبها فرحا فقفزت تجري قبل ان يلحقها وفتحت الباب
كان هناك فتاة صغيرة تقف على العتبة تبتسم في وجه مرعية : لقد مللت من البيت ومن تنظيف البيت ، هلا نلعب سوية !
كادت ان تلقي بنفسها في احضان الصغيرة و تبكي وهي تلتفت خلفها فتراه ينظر لها نظرات غريبة ، اضطر ان ينسحب وهو يقول : حسنا لن تهربي و لنا لقاء اخر !
خرج من فتحة الباب يتخطى البنتين وفي تلك اللحظة سقطت على الارض لا تحملها ساقاها تغطي وجهها بيدها وتبكي بمرارة اندفعت تلك الطفلة اليها قفزت لها تحضنها و تسألها في جزع : ملك ما بك ؟!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق