الجزء الرابع عشر
لا يدري عن كم الاحلام التي اخترقت عقله هذه الليلة
من المفترض ان تكون ليلة العمر معها
الم ينتظر مطولا ان يجدها وان تبقى جواره
ايسميه حبا ، بالطبع لا ليس حبا
هو حماية هو ذنب هو كل شيء حمله في قلبه لها عدا الحب !
نظر الى السقف مطولا يشعر انه يستطيع ان يبقى طوال الوقت في السرير
ولكن هناك امراة قد اتى بها بعد عراك ثم تركها لحالها لربما عرفت كيف تدبر امرها
هل فكر يوما في كيف تشعر هذه المراة تجاهه ؟
ايعترف لنفسه انها قد تكرهه ، تحتقره ، لا تحترمه ، تتجاهله وتتجاهل وجوده
لا ينفي ان كل ذلك من حقها نعم حقها فالله وحده اعلم لما هو معها الان ولم تزوجها من الاصل .
تقلب و نحى غطاء السرير عنه جلس في مكانه على طرفه ثم استدار برأسه الى الباب
الان ربما سيكون اول نهار لهما كزوجين ، نعم طالما هي الان تحت سقفه و تحت جناحه فلن يتركها ما حي !
سمع حركة الاثاث على الارض ، حركة ازاحة ممكن .. عقد حاجبيه ثم استقام على حيله و تحرك باتجاه الباب
كان يخرج بلا ثياب الى غرفة الجلوس ، نعم فقط بلباسه الداخلي ناسيا تماما ان المرأة للتو تعرفه فلربما خجلت منه
ولكن حال فتحه الباب امتد بصره اليها ، الى تلك الجميلة التي تمد يداها تحرك اثاث الغرفة ، بدت الغرفة مقلوبة ولكن ليس اشد من انقلابه وهو يراها بعد طول انتظار هكذا بحرية ، شعرها الذهبي ينسدل على ظهرها و يتحرك جيئة و ذهابا مع حركتها ولا تأبه
ترتدي بيجامة منزلية خليط بين الاسود و الاحمر والتي تبدي انحناءات جسدها الرقيق
استند الى حافة الباب وهو يعقد ذراعيه عند صدره يتابع تموجاتها
عض على شفته لبرهة ، لا يدري لما شعر بالحرارة والاحراج عندما تحمحم كأنه يسرح حنجرته كي تفطن لوجوده
هنا التفتت له على غفلة تحاول ان تلتقي بعينيه هذه النظرة التي تتعبه ، نعم تتعبه ، كم هي تائهة و تبدو محرجة فوقفت مكانها تغرد على مسامعه : أسفة هل ايقضتك !
تحرك من مكانه يمشي حافيا ساهيا عن مظهره والذي ربما لقلة فطنتها لم تنتبه لما يرتدي ولم تبد اي رد فعل تجاهه : لا عليك خذي راحتك فهذا المكان قد اصبح بيتك
عندما وصل اليها ووقف امامها رفعت نظرها بتلقائية له لا يبدو عليها الجزع ولا يبدو عليها انها تخافه او انها لا تريد الاخذ و العطى معه ، بل بالعكس !
حاول ان يفتح موضوعا فهو متوتر الان كثيرا ربما لا يقارن توتره بهدوءها لا يدري ما يفعل او ما يقول فحرك كفه الى شعره يدغدغ نهايته عند رقبته : هل احببت المكان ؟! اقصد هل اعجبك الاثاث ، ربما هناك الكثير في حاجة للتغيير وعلى ما يبدو لا يعجبك تموضعه !
كانت تنصت له لكل شيء ، لخطواته ولأنفاسه ولكلماته تستشعر الحرج و التردد في مخاطبتها ، هي لا تريد الان ان تعقد المسائل اكثر مما هي ، ستأحذه بالمسايسة حتى يسمح لها مجددا او ان تعرف منه هل ستلتقي ثانيتا بعائلتها و خاصتا بجهاد ؟!
عضت على شفتها وهي تحني رأسها في خجل تقول بصوت هامس : كنت ارتب الاثاث حتى احفظ مكانه بخطواتي وحتى لا اتعثر به !!!
غضن جبينه وهو ينظر حوله هناك مساحات و تضييق بين الاثاث متباين يراه بوضوح ، لم يخطر بباله بالمرة ان هناك شيء في تلك المرأة التي ترتب له حياته من جديد حين نطق : انا ارى انه سابقا كان ... اجمل !
تردد قليلا كي لا يحرجها وهو ينطق كلماته ولكنها ردت عليه قائلة : ولكن انا من لا تراه !
انتقل بسرعة الى وجهها يبحث فيه وهي تنظر اليه
ساد الصمت الثقيل هو لا يفهم لا يرتب افكاره : عذرا ماذا تقصدين لا افهم !
اقترب منها اكثر حتى تخبطت انفاسه على شعرها حين قالت : الم يخبرك ابي انني بصيرة ؟
قالتها ببساطة وكان كل الارض ستعلم ماهي بصيرة ، ستعلم ان كل حياته للتو دمرت دمارا اخر ، لا ترى السواد الذي اكتسح وجهه و الصدمة التي كست عينيه حين بالكاد خرج صوته متقطعا هامسا اقترب اكثر حتى التصق بها ، لا تعرف لما اصابها الذعر حينها لقد تغير تماما تماما لا تدري اصبح غاضبا وهو يضغط بأصابعه الى ذراعها الذي تنملت اطرافه كاد ان يلوي ذراعها وهو يقول : انا لم افهم مالذي تقولينه
هزها هزات متتالية بلا رحمة كان يصر على اسنانه فهو الان لا يسيطر على ما يحصل بداخله صرخ بها : كيف كيف اتقولي لي انك ضريرة انك عمياء اتقولي لي ذلك بعد كل تلك السنين ماذا يحصل بالله ماذا يحصل
لم يدري بنفسه و الخوف الذي على وجهها حتى بدات الدموع تتقاطر على جفنيها صرخت به : نعم ضريرة ضريرة لا اراك لا ارى شيئا فقط الظلام الظلام و كفى ، هل تشعر انك خدعت هل خدعت بالمراة التي جريت خلفها لتعرف في النهاية انها لا تراك !!!
ترك ذراعها لا يدري ما يفعل الدماء تغلي في عروقه و انفاسه تتهدل و صدره يضيق وهو يتقهقر في وقفته و يتراجع بخطواته الى حيث مكان يجلس فيه نزل على الكرسي بقوة وهو لا يكاد يصدق الدمار حل به يشعر بالثورة نعم الثورة يريد الصراخ يريد الموت كيف ذلك ، : منذ ،،، منذ متى ؟!!
صوته كان مخنوقا وهو يسأل و الحزن في نبرته بدا جليا : منذ متى وانتي هكذا ؟!!
اغمض عينيه وهو يسمع جوابها المخنوق مثله تماما فهي لم تتوقع ان يحصل ذلك ، توقعت انه يعرف كل تفاصيلها بما انه كره اختها من اجلها و طاردها و تزوجها بلا علم منها وبلا موافقة منها ، اسيكون الان الذنب ذنبها انها عمياء !!
مسحت دموعها التي جرت على خدها لا تدري لما تشعر بالاهانة و انكسار الانثى فيها
نعم انكسرت ، حتى وان يكن الزواج ليس رغبة منها ولكن ان تكون هكذا رد فعله على حالها فهذا كثير و مهين وجلي على صوته و تكسره !
قالت له : ضريرة منذ الولادة
خرجت منه الان اه طويلة آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه خرجت قوية مجلجلة غاضبة مصدومة خرجت من اتون جوفه ارتخى جسده حتى كاد يقع على الارض و رأسه يكاد يلامسها شعر بالدم يصعد لدماغه حتى لا يكاد يرى انه يفقد القدرة على الحركة يفقد القدرة على التعامل مع هذا الشيء الجديد لما حصل ذلك لما لم يعرف كيف ونظراتها التائها في كل مرة ترسل له رسائل تحذير كيف ؟!!لا يصدق لا يصدق اخذ يشد شعره ثم نهض مترنحا من مكانه بالكاد يرى اي شيء امامه ، يحتاج الى ماء ينكسب فوق جسده الحار وان يطفا ناره
كيف الحل الان وهي اصبحت اكثر صعوبة ، كيف سيخبرها الحكاية وهي حتى لم تره لم تعرفه لن تتذكره !!
مالذي فعله لقد دمرها بكل ما تعني الكلمة من معنى ... دمرها !!!
وضع جسده الساخن تحت الماء البارد ضل ينفض رأسه بشدة في كل مرة و يبصق من بين شفتيه ، يشعر بالغل كيف سيتصرف الأن معها كيف ؟!!لم يفق من صدمته خرج مبلالا لم يأبه لان ينشف نفسه بل خرج متسحبا الى غرفته تاركا تلك المسكينة تنظر للفراغ الى افكار عقلها فقط ، تتخيل كل ما حدث و يحدث ، تشعر بالخذلان لا تدري لماذا ؟
تركها هكذا كأنه يتهمها انها السبب في ضرر عيناها انها السبب في انقلاب حياته انها السبب في كل شيء و لنهاية الدنيا لا تعرف لقد اربكها حقا فلا تدري هل تذهب لتطمئن عليه ام تجلس و تتفرج وهو يأكل نفسه لانه اتخذ قرارا منفردا بلا اي تفاصيل !
هل تدخل الى غرفتها وتغلق عليها الباب حتى يأتي هو اليها و تفهم منه ما خطبه ام تتابع حياتها وكأن شيئا لم يكن
ام تجعل الأمر كأنه انتقام منه لما فعل ؟!!
حارت في امرها فتنهدت و الدموع الصامتة لم تتوقف ..فلما شعرت بالحزن على نفسها الان لما ؟!
اما هو فقد جلس على حافة فراشه و اول امر فعله هو ان رفع هاتفه ليرد عليه الطرف الاخر في الحال فقال في صوت غائر متعب : يحي احتاجك !
المجدلية و باتريشيا اللتان كانتا تجلسان على طاولة واحدة كل منهما تفرد ورق اللعب امامها وهذا حالهما كل يوم
هن الاثنتان تعانين من هذا المتوحش الذي يجلس في الداخل لا شغل له سوى الاوامر و تحطيم مساعيهن في مساعدته للخروج من حاله المزري
هارون اصبح متسلطا لدرجة ان احدا لم يعد يطيقه وفي الحقيقة هناك الكثير من افراد العائلة الذين لا يطيقونه لعدة اسباب منها .. خيانته لاخاه ، هروبه مع المجدلية و الزواج منها ، انظمامه للتنظيم الارهابي ، تهديده المستمر لهم بالتصفية ، قسوته و بروده و عنجهيته التي تعلمها بعدة طرق في حياته
لا تدري المجدلية لما اصبحت تغار من باتريشيا ، نعم تغار وهي التي اتت بها بنفسها لتخدم زوجها و تعاني منه الامرين !
لا والله لم ترى من باتريشيا حتى الان الا كل الخير وانها تسعى جادة محاولة السيطرة على جنون زوجها و على رأب العلاقة بينهما ، فهي ساعات تعطي للمجدلية نصائح تحاول بها دفع المجدلية في اتجاه زوجها .
او دفع هارون للخروج من عزلته ومخالطة الناس و الخلاص من فكرته عن حياته و تركها تسير بسهولة و يسر بدل ذلك التعنت الذي يمارسه عليها .
ولكن ان تكون باتريشيا هي فتاة هارون المفضلة بين هذه الجدران هو امر تحسه وتشعر به ، تعلم ان زوجها جاف و قاس وانه لا يعامل باتريشيا الا كجارية اخرى له فهو لا يسمع القصص الا منها ولا يحاور في الكتب الا هي ولا يأكل الا معها !
هزت رأسها وهي تبعد كل هذه الافكار عنها
هي لا تجرؤ الان على تركه ، فهي قد علقت معه مدى الحياة منذ ان تركت العالم اجمع من اجله وهربت معه .
منذ ان تحدت العائلة والعادات والتقاليد و قررت ان ترى الحياة بعيني رجل مثالي في نظرها مثل هارون
فتلك الايام حين كانت زوجة ايدين لم تكن تشعر انها حية ..
في ماضي المجدلية ...
عندما بلغت بوقت قصير فدخل عليها والدها يجلس بجوارها على السرير يقول لها : قد طلبك ابن عمك
جفلت وهي تنظر له ، من ، طلبها ابن عمها !!
كانت عبارة قصيرة مبتورة و لأنه لا يريد ان يطيل الحديث فقد اكمل على وجه السرعة : طلب عمك ان نكتب الكتاب و تتزوجا قريبا حين يرجع هذه الايام من بريطانيا
بريطانيا !
لا زالت تفتح فاها مندهشا رغم ان الامر بدا طبيعيا عند والدها
ولكنه بالنسبة لها كان رعبا و مفاجاة و خجلا نزلوا جميعا عليها تلك الفينة فقد باغتها والدها
ثم ماذا من لا تعرف بريطانيا لا يوجد هناك الا ايدين
وهنا جُنت نعم جنت وهي ترى جحيما امام عيناها فصرخت بغير وعي في وجه والدها : لااااا
قفزت من السرير على مرأى من اباها المتفاجيء من ردة فعلها
ثم سألها بهدوء : كيف لا ماذا تعنين بلا ؟!!
ارتبكت وهي تهتز من خوفها ، كانت ترتعد بقوة فمن يجرؤ على ان يقول لوالد مثل والدها لا ، اباها الكبير في العائلة وهو رجل حريص على ان يعطي كلمة لا يتراجع عنها ، وفي حال ان العريس هو ابن عمها فبالتاكيد قد اعطى جوابا ايجابيا قبل ان يطرق بابها ، فاخبارها بالامر هو من باب العلم بالشيء وليس لأخذ رأيها
آيدين الم يجدوا الا ذلك المخنث كي يزوجوني له قرفت منه ومن نفسها فهي لا ترى في آيدين رجل احلامها ، فليس فيه ذرة رجولة ، ان لبس ملابس نسائية ستليق عليه اكثر منها
اخذ الرعب يدب فيها اكثر وهي تهز رأسها بلااااا لا يا ابي لا لا اريد آيدين
هكذا بكل جرأة قالتها
هنا اقترب والدها بسرعة يجر شعر رأسها حتى قطع شعرها : وهل تجرؤين يا بنت الكلب على مخالفتي ، هل تريدين ان تمرغي وجهي في التراب امام اعمامك
نزلت وهي تبكي تحب يد اباها بكل قوة : لا يا ابي لا لا ارجوك لا زوجني من اي احد تريده الا هو
ولكن لم يكن في اول حياتها الا هو آيدين
آيدين الذي تزوجته كان شيئا آخر بعد ان رجع من بريطانيا بدون ان يحمل معه اي شهادة ، هكذا قرر الرجوع بين ليلة و ضحاها حتى بدون حقيبة ملابسه
في ليلة كتب الكتاب كان الكل سعيدا و يغني و يرقص و هي كانت قمر بين النجوم
كانت ناضجة ، جميلة ولكن تعيسة و حزينة
كانت تلعب بخاتم زواجها و تشرد للبعيد ، يا الهي كلما تخيلت منظر آيدين تشعر انها ستستفرغ كل ما في جوفها فتغمض عينها بقوة ، لا تريد ان تراه ولا ان تعاشره ، فسمعته هنا بين الذكور كانت تكفي الى مقدار القرف الذي كان يعيش فيه فما بالك وهو هناك وحيد في الغربة حيث كل شيء مباح ، زاد القرف في نفسها حتى قامت تجري للحمام تستفرغ تحت عيون الضيوف الذين شكوا في امرها !!
اما عن ليلة الزفاف فحدث ولا حرج
كل شيء جرى تحت ناضريها اتعبها بشدة ، ترى الجميع يصول و يجول و يهيئون المكان لها وله وهي في عالم آخر ، عالم لا تدري كيف ستتخلص من آيدين فيه ، عالم يطبق عليها من اربع جهات ولا يجعل لها بقعة تتنفس منها ، كل شيء جرى كلمح البصر و جاءت لحظة ان ترفع عينها فيه
ففعلت ، كان طويلا نعم ، عريضا نعم ، ابيضا نحيلا نعم ، ولكن وجهه الان نبتت فيه لحية بل تغيرت نظراته ، هل ترى الحزن و الهم على ملامحه نعم ترى
ومع كل ذلك شفتيه و نعومة بشرته و جمال وجهه لا يشجعها ابدا على ان تكون لطيفة معه في اسوأ الاحوال فصرفت نظرها بقرف عنه فكل مظهره ما هو الا تغطية لافعاله الحقيرة داخل البلد و خارجه يا الهي كيف ستتحمله كيف ستعيش معه انها تكرهه تكرهه و تشمئز منه
آيدين الذي رجع للتو كان في عالم اخر في الحقيقة لم ينتبه فيه لاي تفصيل يجري
فلما قال له والده انه خطب له المجدلية لم يعارض وحين قرروا موعد الزواج لم يعارض وحين تزووج الان لم يعارض فكل شيء جرى وكانه مسير لا مخير كانه في حلم
هو لا يرى المجدلية لا يراها وفي الحقيقة لا يهتم من هي ولا كيف تبدو
ففي هذه النقطة كان الجميع متشابها فالاثنان ضدان
عندما خرجا من القاعة واتجها للفندق كانا متوتران جدا وايضا لا زالا صغيران على شيئ مثل الزواج وتحمل المسؤولية
كل كان في عالمه الى ان وصلا و اخذا المصعد للذهاب الى الجناح الذي حجزه لليلة العمر دخل ودخلت وراءه ، اول شيء قامت به هو ان تجلس على الاريكة ولم تنطق بحرف
اما هو فتنهد وهو يفك ربطة عنقه التي خنقته لم يلتفت لها بل دخل يرى الغرفة و يلقي ملابسه عن جسده يتحمم
كانت تسمع صوت الماء فاستغلت الفرصة و قامت تبدل ملابسها ببجامة ناعمة ولكنها ليس لعروس مثلها فهي لا تريد منه ان يلمسها مهما كلف الامر
ولكن تلك اللحظة طرأ على رأسها امرا ، ان كان يفكر انه سيعاشرها الليلة كزوجة فلينسى .. هممم ... تنفست الصعداء في لؤوم وهي تلوي وجهها بعجرفة و رفعت حاجبا حين خرج ونظر اليها على ذلك الحال ، لم ينطق تخطاها وهو ينشف شعر رأسه ثم جلس على حافة السرير وهو لا يزال يرتدي روب الاستحمام
لكن عندما وقف لينزع الروب عنه تحركت عيناها بعيدا وقالت له: توقف
تفاجأ من كلماتها التي تبدو امرا لا طلبا
نظر الى عينيها فرأى فيهما القرف نعم القرف و خرج ذلك القرف على هيئة كلمات لم يكن ليوم ان يسمعها و لا يقتل صاحبها : لا داع لكل ذلك ، انا لن اعاشرك كزوجة ، وضعت اظفر ملون عند رأسها وهي تقول : ضع ذلك في رأسك ، الا تظن انني اعرف انك تزوجتني كي تغطي على علاقاتك العاطفية !
هنا بان السؤال على وجههه ، حقا متفاجيء منها لا يعرف كيف يتصرف في هكذا حال انها تصرح انها لا تريده بل متقززة منه : اي علاقات انا ليس لي علاقات مع اي انثى
هنا ضحكت وبانت اسنانها حتى وصلت ضحكتها للسماء ، في الحقيقة دمعت عيناها قليلا من الضحك وهي ترد : اخ يا الله ومن قال لك انها علاقات مع اناث !!
ضل هناك واقفا بشعره المبلل و روبه الشبه مفتوح يحدق فيها ، لا يصدق
لا يصدق حتى ارتفع الدم الى دماغه فلم يعد يرى امامه سوى الشيطان حين هجم عليها يمسك بشعرها يهزها بعنف : ماذا تقولين ايتها الحقيرة اي قصص تؤلفين
حاولت ان تفك عقدة رأسها وهي تقاومه وتصرخ فيه : اتركني ايها الحقير الشاذ
لا يدري كيف هجم عليها ليضربها بقسوة ، حتى علم على جسدها وهي تصرخ و تبكي و تولول فهذا ما جنت يداها ، لا يدري يريد قتلها وان يشرب من دمها مالذي تقوله مالذي تعرفه لا يدري فكل ما يعرفه الان انه خرج عن السيطرة !!
ان كنت تعرف آيدين وقت السلم فلن تعرفه وقت الحرب فلكل فعل عنده له رد فعل قاتل !
في ماضي آيدين حين رجع الى المبنى الذي يقطنه منهك من الجري ومرعوبا من فعلته
هل حقا قتل
نظر الى ملابسه الملطخة بالدماء وهو لا يكاد يصدق ، كيف حصل ذلك كيف فقد اعصابه وكيف وصل به الحال ان يقتل احدهم
دخل للمبنى منهك لا تكاد رجلاه تحملاه خائف يرتجف حتى جسده بدى يهتز من شدة خوفه و اسنانه تصطك ببعضها البعض وجد الدرج فجلس وهو يتخبط
الان ستأتي الشرطة و تقبض عليه و يعيش نصف حياته في السجن وليس بين اهله كي يساعدوه و يخرجوه من هذه الورطة
كان يتخلل اصابعه في شعره جيئة و ذهابا يفكر و يحاول ان يعرف ما يفعل
هل يهرب الان هي سيلحق بأول طائرة الى اقرب بلد ، ام ان اسمه سيعمم على المداخل و المخارج
كان يفكر بعمق حين اخترق مسامعه و جلس بجانبه شخص لم يتعرف عليه قبلا
جلس ذلك الرجل وهو يحدق في وجه ايدين و نطق : شو بك يا زلمي ليش قاعد هون
تجاهله آيدين الغارق في افكاره فهو لا يريد المزيد من القلق ولا ان يعرف احد عما فعل
ولكن كيف والامر الان سيكون بيد الشرطة
ربت ذلك الرجل على فخذه وهو يقول : والله انو شكلك ما بيطمن
قلي شو بك يمكن اقدر اعملك شي
تنهد هارون في سره والتفت الى الرجل متبرما وعلى ملامحه كل ذلك الخوف : هل لك ان تتركني وشأني ارجوك لا اريد قلقا
: له له يا زلمي شو عم تحكي ، باين انك مو منيح ، الي شو بك تحتى ساعدك الناس لبعضا يا زلمي وبالمناسبة انا جارك هون بالعمارة اسمي ايميل ، محسوبك من لبنان
مد يده كي يصافح ايدين الذي شعر بالتوهان فمد يده على عجالة فيما الاخر كان يرى كم قميص آيدين المضرج بالدماء فشك في امره وهو يشدد على كف آيدين : شو هاد ؟!!
نظر الاثنان الى القميص فيما ارتجف فك آيدين و ارتجفت شفتاه اللتان لفتتا نظر الرجل
: قلي شو عامل تأقدر ساعدك ، كان القلق جليا على ايميل الذي حفز آيدين بقلقه ولكنه انكر : قلت لك اتركني في حالي على كل سأذهب الى شقتي
ولكن الاخر لم يسكت بل جذب آيدين بقوة الى جانبه الامر الذي جعل آيدين يتفاجأ و يخاف منه ومن نظراته القاسية حين كرر : بدك هلأ تقلي شو صار والا ماراح اتركك بحالك ، الباين انك عامل مصيبة و تيابك كتير كتير ادل على هالشي فإزا في شي ما بيطمن صاير انا بساعدك قلي وما راح يصير الا اللي بيرضيك
هنا نظر له مطولا لا يعرف ما يقول ، هل يخبره حقا بالحقيقة وهل سيساعده ام يزيد الطين بله و يتورط هذا الرجل و يتورط هو ايضا قبل ان يهرب : لك قلي يا زلمي والله مرمرت قلبي قلي شو بك ، ما عندك سقة فيني لانك اول مرة تشوفني بس لا تخاف والله انا بنحط على يمينك ولا يهمك شي
هنا تردد كثيرا في قول الحقيقة ولكن لابد له من مساعدة : انا قتلت
هكذا خرجت منه الكلمات بسرعة قبل ان يتردد
لم يبدو على الرجل الاخر التأثر بل قال : قلي مين اتلت و وين ؟!!
هكذا بكل بساطة اخبره ما حصل فلم يجد الا ان ذلك الرجل قائلا : هلأ بتروح على شقتك و تتحمم و تنام ولا على بالك را حللك الموضوع !
ونعم نعم قد حل ايميل الموضوع ، لا يدري التفاصيل ولكن كل ما يعرفه انه كان ينتظر الشرطة ولم تأتي !
ومن هنا بدات علاقة آيدين الغريبة ب رجل يدعى إيميل !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق