الجزء السابع والثلاثين





 

 

 

الجزء السابع والثلاثين

 

 

من عمق الذكرى

ذاك الزمن السحيق الذي نخشى ، تلك الذكريات التي نطمرها وما تعود ترجع ، ترافقنا مرات هكذا تفاجئنا انها لا زالت حاضرة لا زالت هناك ، كيف نمحيها ، كيف نجليها عن ارواحنا و نبعدها عن افئدتنا ، انها موجعة .. موجعة جدا .. وجعها يعصر القلب يعصره حتى لا يبقى فيه قطرة دم ، ذكريات خلقت لنا حاضر و مستقبل مبهم ، ذكريات تدفعنا اليها شوقا مرة اخرى ولا ننساها تعبنا معها ..لقد تعبنا حقا فعلنا ..لقد رسمتنا رسمت ساعاتنا رسمت شخصياتنا تلعب بنا مثل الاراجوز ..

حين ينظر لها من بُعد ..هكذا وهي مقلوبة تبكي تبكي تبكي تستنجد تنشج وجهها الصغير يتلوى تحاول فك نفسها شعرها يتدلى و يداها ازرقت في حبالها و فستانها قد عراها حتى وسطها ولم يكن يأبه !

كان مقهورا محسورا عيناه تدمع غائمتان في الظلمة يضع اصبعا بين اسنانه يعض عليه من الغيظ ، لم يعد يحتمل لا لم يعد ، وامها لم تسأل حين اخبرها شعيب انها تنام عندهم ولكنها في الحقيقة تنام في الخارج معلقة على الشجرة

سيخالف امره ، سيخالف امر اخوه و سيفكها ، اشتد عزمه و اتجه لها هي المنهارة الخائفة وقف امامها تماما ، ذاك الجسد الصغير الرقيق ، كان اللعاب الحار يتقطر من بين شفتيها و دموع عينيها لم تكف ، قد كان رعبا ما عاشته كان صاعقة حلت على ايامها ماذا فعلت كي يفعل بها هذا ما السبب لما يحقد عليها لما يكرهها لما ضربها حتى اصابعه الكبيرة لا زالت تعلم على خديها ضربها ذات اليمين وذات الشمال شد شعرها مرغها في تراب ارض المزرعة كان يركل جسدها بغل و حقد حتى كادت ان تشل بسبب ركلاته و ضرباته الشرسة .. اخذ يفك وثاقها بسرعة كبيرة وهو يلهث كان مغضن جبينه بحدة و وجهه قد اظلم حتى حملها بين ذراعيه و هي تتمسك بعنقه تنهار باكية لا تفهم !

كان يحملها مثل الطفلة الحبيبة يغمرها في احضانه وهي وجهها عند عنقه تبلله له بدموعها و تتقبل اذنه شهقاتها بكل رحابة.. مشى بها حتى اجلسها بجانبه على كرسي في الحديقة يميل عليها غائما : زهرة لا تبكي كفى لن اجعله يفعل ذلك بكِ مرة اخرى !

كانت تضم كلتا ساقيها الى صدرها و تحبس رأسها بينهما و يدها تجمع كل ذلك في نوبة بكاء عنيفة .. صار جانبها يتنهد يرفع يده الى شعرها يربت عليه برقة يهمس لها بوجع : زهرة حبيبتي لا تبكي !

يا الله رفع وجهه للسماء قد فطرت له قلبه يشعر بالوجع كانت تهمس باكية يصله همسها بعيدا متقطعا متحشرجا حرجا : لما .. ماذا فعلت.. انا ..كي.. يفعل.. بي ذلك !

التقم الهواء بفمه حتى نفخ صدره هو الشاب الذي تعدى العشرين من العمر كان رجلا رجلا يستطيع حتى الزواج تلك الفترة حين كان الجميع يعيش في المزرعة ،

 كانت الاشجار تتمايل عليهما و تظلهما بظلها رغم السخونة و الحرارة التي في الخارج الا انه ابى ان يتركها على هذا الحال الذي تركها اخاه عليه : زهرة توقفي عن البكاء اولا ثم انظري لي كي افهمكِ ما فعلتِ !

رفعت رأسها وبان عليه وجهها المحتقن بالحمرة شعرها ملتصق على جبهتها من الرطوبة و البكاء ..كانت تمسح انفها بطرف فستانها لم تنظر له كانت حزينة جدا.. ميتة جدا ..على سنها هذا ذو السبع سنوات ،،اربع ليال معلقة لم يسأل عنها احد ..في الليل و النهار اصوات خشخشات اقدام وكل شيء يهيج الفزع في الروح فتفقد اعصابها و تضل تبكي و تصرخ هناك في البعيد خلف الاصطبل هنا حيث لا احد قادر على ان يسمع او يرى شيئا كان عذابا كان انتزاع روح من جسد كان عقدة نفسية

وضع يده تحت ذقنها يلف لها وجهها تجاه وجهه عند عيناه.. تضل تنظر اليه و الدموع تتدفق من عينيها الجميلتين حتى تحمر شفتاها بقوة تصير اهدابها مثل النصال الحادة تلتهب بشرتها البيضاء الجميلة الرقيقة يتنهد وهو يتطلع اليها : ما فعلته يا عزيزتي خاطيء ، خاطيء جدا ، تنفس لا يدري كيف يصوغ تلك الجمل كيف يفهمها الامر الذي قد يتحول الى الخطورة مستقبلا : زهرة للجسد حرمة !

كانت تنظر اليه بعينين متسائلتين لا تفهم فأغمض عينيه صبرا لا يدري ما يقول يريد تبسيط الأمر لا يريد ان يتعمق في شيء هي صغيرة عليه جدا : زهرة جسدك لا تسمحي لأي أحد ان يلمسه ، لا صديق ولا قريب .. لا تجعلي احد يلمس صدرك ولا ... تردد لا يريد ..لا يريد ان يفصح ان يقول فهذا كلام كبير عليها كبير جدا .. جسدك كله كله لا تدعي احد يمد يده عليه ، ان فعل فقط قولي لي.. اسري لي بما هذا الشخص يفعل ..وانا اتصرف هل تفهمين !

كانت تبتلع ريقها و تهز رأسها : انا لم افعل شيئا خاطئا !

مال عليها يقترب من وجهها : ولكن هتان فعلت !

نظرت الى عينيه تتعلق بهما : هتان تقول انني جميلة ، انني اجمل بنت في المدرسة !

عض شفتيه بقوة حتى كاد يدميهما تلك الفاسدة سينال منها سترى ما سيفعل بها ، زفر انفه : نعم انتِ جميلة رغما عن انف هتان ، اياكِ ثم اياكِ ان تخالطيها او تتحدثي معها ، اياكِ ان تستفرد بكِ هل فهمتي يا زهرة لا تجعلي احدا يحاول تقبيل شفتيكِ!

كانت تنظر بحيرة الى وجهه تدور بين عينيه التي تتطلع لها بعينين شبه مغمضتين ترفع اصابعها الرقيقة اللطيفة الى شفتيها الصغيرتين الحمراوين تتحسسهما متسائلة في نفسها .. ولما الشفاه !!

كان ينفخ الهواء الذي ملأ صدغيه توتر جدا لا يعرف ما يحصل ابتعد بنظره عنها يتهرب .

كانت تحاول ان تمسح دموع عينيها بقوة من على وجنتيها تقول ببحة خفيضة : هل تظن انني جميلة !

مال برأسه بين ساقيه المفتوحتين يغمر يداه في شعره يضحك يهز رأسه : نعم انتِ جميلة .. همس لنفسه .. ارجو ألّا يكون هذا الجمال وبالا عليكِ !

سحبها من ذراعها حتى وقفت امامه يداه تتمسك برسغيها تقترب من وجهه : عديني ان لا تتحدثي مع تلك الفتاة الغير سوية ثانيتا !

هزت رأسها بحماس ثم مالت عليه قبلته على خده و القت بذراعيها حول عنقه تغمره بها ثم تركته فجأة و راحت تركض وهو يراقبها بعينيه يرفع يدا الى قلبه يغمض عينه يعض شفته لا يصدق لا يصدق !

 

 

، لا تدري ما يحصل كان يجري بكل قوة يملكها حتى ظنت ان السيارة ستنقلب بهم ، تعرف هذا الطريق وهذه البيوت تعرف كل تفاصيل هذا الحي الراقي الجميل و بيت اهلها كان من اكبر و افخم البيوت فيه هناك وقفت السيارة تلك الفينة خرج اخوها الصديق الذي كان ينتظر بعد اتصال ورده منه .. من شعيب .. امرها قائلا .. انزلي ، نظرت اليه في ذهول و اخوها يقترب و عندما فتحت باب السيارة و داست قدماها الارض و اخوها ملاصقا لها ووجهيهما اليه نطق فيهما : أنتِ طالق !

صارت تتنفس من انفها بقوة ، صار الغضب يشتعل في حناياها ، ذاك الحقير المنحط الحقيييير كانت مغتاظة مغتاظة تبكي من تحت خمارها تشعر بالذل تشعر بمرمغة الكرامة تشعر انها لا شيء بما فعله أهكذا يتخلص منها ، كان يستطع قولها لها في البيت بينهما ولكنه لم يمنحها الوقت الكافي حتى مال الى باب السيارة على مرأى منهما هما المصدومين اغلقه و اشعل فرامل السيارة و خلفهما وراء غبار عجلاته ، ضلا هناك هي تنشج و تنتحب تحت خمارها قد مزقها قد حطمها قد رأت في عينيه وعدا ، رأت حبا ، رأت عشقا ، رأت مواساة ، رأت تعاطفا ، لما لما لما الآن لما !

صار اخوها يجرها من ذراعها الى الداخل الى حيث الحديقة كان يجرها مثل الدابة يتنفس بقوة صدره يعلو و يهبط بثورة سيقتلها سيقتلها كانت تتعثر في جلبابها حتى تواريا خلف الفيلا يدفعها الى الجدار بقوة حتى ارتطمت فيه يؤلم كتفها مد يده و رفع الخمار عنها بحدة حتى ادمى لها بشرة وجهها اقترب بغل يمسك بذقنها بين يديه وهو يطحن اسنانه سوية يهمس بحقد : ماذا فعلتي يا كلبة كي يطلقك هكذا ماذا فعلتي

كان يعتصر وجهها بين اصابعه وهي تأن الدموع تنزلق من بين اصابعه كانت مصدومة مذهولة شيء ما وقع في عمق روحها ..فراغ ..لا تدري خواء.. شيء مفزع ..تريد الصراخ ولا تقدر، كأن احدهم قد كممها و لف عصابة حول عينيها لا ترى شيئا مجرووووووحة مقتولة صار صدرها يشهق بالبكاء والصديق يهزها بقوة وهو يقترب من وجهها اكثر : قولي انطقي ماذا حدث كي يطلقك لم يمض على زواجك سوى شهر واحد يا كلبة ضغط اسنانه و عيناه تستعرا جمرا : قولييييييي يا حقيرة يا بنت الكلب انطقي قبل ان احطم وجهك هذه الساعة

رفعت يدها الى وجهها تخبأه عنه وعن رذاذه الحاقد المقيت : لا اعرف لا اعرف ، حتى فتحت عيناها في وجهه بكل حقد : هذا عندما تزوجني من قواد شبع ثم رماني !

هنا لم يحتمل حتى وضع كامل ذراعه تحت ذقنها يضغط على رقبتها بكل الحقد الذي في نفسه كانت تختنق وجهها يسود : تكذبين علي يا كلبة في حياتي لم اسمع انه قد طلق امرأة تزوجها ، النساء عنده اما يعشن في كنفه او يمتن... لا خيار اخر امامهن ، قولي لي انتِ ماذا فعلتي قبل ان اطرق رأسك في الجدار !

تكاد تصرخ هما و غما : أسأله قل له ..لما لم تسأله ..لما لم توقفه انا نفسي لم اعرف لما طلقني هكذا بهذه الطريقة !

ارتخت قبضته عنها وهو يلفظ انفاسا حارة كان وجهه يشتعل بالحمرة القاتلة و شفتاه تأكل بعضها البعض مال عليها بغلظة يحذرها : اياكِ ان يعرف والديكِ بالأمر فلنصبر قليلا حتى نرى ماذا يريد وماذا سيفعل ، هل فهمتي ..هذ الأمر لا يخرج من بيننا !

اقتربت منه اكثر حتى تلاقت انفاسهما غلا : انا لم اعد اريده ان كان رماني بهذه الطريقة فأنا لا اريده لا اريده

وضع كفه على فمها يخرسها حتى كاد يخنقها : اخرسي اخرسي ليس هذا الوقت المناسب لكل هذا.. عرسي من اخته قريب و لن اجعلك انتِ ولا هو تفسدانه هل فهمتِ!

جرها امامه والآن ارتدي خمارك و ادخلي ولا تُري اي احد منهما انه هناك شيء بينكما والا فوالله سأذبحك صارت تجر الخطوة جرا ذاهلة عن نفسها وعما حصل لها هذه الثواني القليلة.. الثواني التي دهستها حتى انها لم تصلي صلاتها دخلت لم ترى احدا كان والديها في جناحهما و اخوها خلفها يعلوها بقامته المديدة يتآكله الغيظ يحقد عليه يحقد جدا يكرهه لا يعرف كيف سيتعامل معه ان كان قد احضر النجلا الى البيت بهذه الطريقة يعني انه لا ينتوي خيرا لا له ولا لها ، يعني انه يريد حربا يريد دمارا ، العقد بينهما كان واحدة بواحدة امرأة بامرأة هكذا كان ، اخذ يدور حول نفسه منتفخة اوداجه وهو يراها تصعد الى غرفتها هكذا لا يدري كيف سيبررا لوالديهما ما حصل ، جلس على الاريكة يضع رأسه بين كفيه يلفظ انفاسا حارة : تبا لك يا شعيب تبا تريد ان تفسد علي كل شيء .كل شيء !

وهي صعدت لا تدري ، غربة ، وحدة ، وجع ، صارت حطاما ، هو لم يلمسها الاّ منذ وقت قريب تحمد الله انه حدث في هذا الوقت وليس اول زواجهما والا كانت الفضيحة قاتلة ، نزعت عنها كل شيء الخمار و الجلباب و رمت بالحذاء جانبا مسحت دموعها بقسوة و رفعت ذقنها للاعلى .. لن ابكي .. لن اجعله يبكيني .. انا قد تخصلت منه .. تخصلت من القواد .. لا اريده . لا اريده .. شدت شعرها بشدة كادت ان تقطعه هذا الحقير لو صفعها لو قتلها سيكون اهون عليها من هذا الفصل الذي فعله بها اشتعلت عيناها مرارا لا تعرف لا تفهم لا تدري كيف تتصرف ،

غرفتها ، تنظر حولها ، كل شيء كما هو ، كما تركته ، كأنها غابت دهرا وليس شهرا ، كتبها ، صورها هي ورباب المعلقة على الحائط ، قامت اليهم ، تنظر ترفع رأسها يشدها الحنين تبتسم لنفسها ، هنا هي في احضان الصادق ، هنا تضحك مع رباب و هي تطعمها ، هنا في الصور داخل الاطر كانت سعيدة كانت فرحة و خارج الأطر هي عبارة عن حشرة يدوسها كل من يقابلها ابتداءا من اهلها و مرورا بلقمان ثم هذا القواد الذي عاشت معه شيئا جديدا شيئا فريدا ، قد كادت ان تحبه كادت ان تهبه قلبها كاملا ولكن كان هناك في كل مرة حاجز كان جدار يرتفع حتى صار مبنيا من حديد لن تستطيع هده ، كم مرة استخارت الله حتى وهي في وضعها المزري معه ، حتى وهي تعرف انها قد تدمر حياتها في اول يومين منهما معه ، ذنبه نعم ذنبه كله ذنبه ، لو فقط اخذوا رأيها ما كانت لتتزوج مدى الحياة كانت ستعيش عازبة تخدم الخلوة و تحفظ البنات القرآن و تنتهي وهي في عبادة تموت على سجادتها ، ولكن كل هذا .. كل حياتها هذه من اولها حتى آخرها من كان يتوقعها من !!!

 

اما هو فقد توقف على قارعة الطريق يطفيء محرك سيارته يتكيء برأسه على مسند مقعده يغمض عينيه التي اذا فتحها سينهمر منها الدمع انهارا ، قد قتله حبها قتله عشقها قد خدعته قد كذبت عليه تلك الفاسدة ضرب على مقود السيارة بقوة وكان شعره يتهدل على جانبي اذنه و على جبهته يقرص شفتيه قهرا كان يكتم كل شيء في صدره يكتمه يدسه يحشره حتى يكاد يصاب بسكتة.. مال على المقود بكلتا يديه يغمض عينيه بشدة وكأن امعائه تثور تثقل روحه تهزم جسده حتى فتح باب السيارة فجأة وصار يستفرغ يستفرغ بقوة حتى كادت روحه تخرج احمرت عيناه مسح فمه ثم اغلق الباب ثانيتا رأسه يدور يدور يدور يشعر انه في عالم آخر عالم هو دخله هو من جنى فيه على نفسه

حين عقد العزم على ان يذهب اليه ، الى ذاك العدو ، الضر ، العشيق لزوجته ، كل خطوة كانت وعدا بالاعدام ، قلق و توتر و همُّ على قلبه يريد ان يراه ان يعرف اي نوع من الرجال هو ، امثل مافي الصورة ام اشر ام احسن ، صار يستنشق انفه بقوة وهو يعبر باب الشركة الصغيرة هناك وقف يسأل السكرتيرة ان تدخله اليه وكان قلبه يكاد ان يتوقف ، يريد ان يتماسك لا يريد ان يرفع يده و يقتله لا يريد ان يرفع سلاحه ويفرغه فيه لا يريد ...فقط يريد ان يراه وان يفهم منه الحكاية التي لم يفهمها !

استجاب لقمان وهو تقدم برجله الى مكتب جميل فخم رائحته عطرة وهناك خلف الطاولة يجلس هو ضخم الجثة اكثر مما اعتقد عريض المنكبين و ذو شعر رمادي و لحية سوداء و وجه مشرق عينين سوداوين تحت حاجبين كثيفين و انف مستقيم و شفتين غليظتين كان جميلا ورجلا مهابا ، صار يتقدم له ووقف هو حتى ماثله في الطول مد يده : يا مرحبا يا مرحبا اهلا اهلا سيد شعيب تفضل تفضل

هكذا كان ترحيبه وهو مد يده الصقها في يد من كانت تلهو معه.. في اليدين اللتان قهرته.. اليدين اللتان عبثت بجسدها وهي سمحت له

كان لقمان يبتسم في وجه شعيب معتقدا انه قد جاء في امر يخص العمل بينهما فقال بصوت غليظ جميل : اهلين والله فيك سيد شعيب كيف الحال

نزع نظاراته والقاها امامه على الطاولة و لف ساق فوق ساق بالكاد ابتسم وهو يطلق اصابع يديه فوق الطاولة كمن يطرق عليها : الحمدلله يسلم حالك

صمت الاثنان حتى مال لقمان بجسده الى الامام : تفاجأت صراحة من حضورك !

كان يطأطأ رأسه ، يسمعه ، انه الصوت الذي كان يوشوش في اذنها ، الصوت الذي اغواها فسلمته نفسها !

لوى شفته غلا و حقدا هو هنا يريد الحقيقة يريد الثأر ليس الا : هناك امر بيننا علينا التباحث فيه و توضيحه !

غضن لقمان جبينه متسائلا بعينيه حين نظر شعيب الى عينيه مباشرتا قائلا بحدة : نجلا!

غضن لقمان جبينه اكثر و احتدت عينيه لا يفهم حتى كرر : نجلاء معاذ بن هلال تعرفها !

مرَّ المُر ، مر الألم ، مرت الذكرى هكذا يا سبحان الله منذ ما يقارب الخمسة عشرة سنة او اكثر لم يسمع عنها

لوى شفته وهو يمسك بقلم من بين اصابعه يضرب به على كف يده الاخرى والاخر ينتظر على نار يتقلب يتفحص وجه من امامه كان هناك اشراقة في عينيه حين مر عليه اسمها لمعة غريبة صمت عجيب وكأنه يمجّد تلك الأنثى ، لم يرد ان يرفع رأسه في وجه شعيب وهو يجب : لما هل تعرفها !

اعرفها كيف لا اعرفها ، أليست هي من قلبت عالمي ، هي التي جعلتني لا اعشق من النساء سواها ، هي التي حشرتني و ارقدتني الفراش ، هي التي تذوب عشقا ، تلك اللبوة ، هي كل شيء ، هي الامر هي الحاضر هي الزمن هي الدنيا هي مدن الحب مجتمعة أليست هذه هي !

نفث انفاسه لا يريد ان يطيل هذا الحديث ولا ان يجلس مع رجل قد ضاجعها قبله و سرق منه متعته التي يهوى : انا زوجها !

اسود وجه لقمان وهو ينظر بقوة في عيني شعيب الذي اعطاه نظرة تعالي قلب شفتاه ممتعضا لا يريد حقا ان يخوض جدالا من الماضي شيء غريب هذا الذي يحصل لما مالذي ذكره به : اهه ،، وانا ما علاقتي بالأمر !

صار ينظر الى كل لمحة من لمحات ذاك القاسي الجالس في حضرته وكأنه هو مالك المكان بثيابه الباذخة و ساعة يده و وجهه الجميل وشعره الكثيف و شخصيته المعروفة في البلاد التقط نفسا حتى عبأ صدره ، نجلاء تزوجت هي التي رفضته بل و اتهمته بتهمة هو بريء منها !

صار الحوار قد اتخذ منحنى اخر صارت الغرفة ضيقة معتمة سُلط ضوئها عليهما على وجهيهما و انفعالاتهما كل غارق في تاريخ و ماض : كيف كانت علاقتك بالنجلا !

جاء السؤال مباغتا وهو حتى الآن لا يفهم لما كل هذا !

حتى قال : عفوا سيد شعيب انا حتى الآن لا ارى اي داع من فتح موضوع هو من الماضي ، لاكثر من خمسة عشر سنة لم ارها ، كانت علاقتنا جميلة لطيفة وكنت حقا افكر في الزواج منها ولكن .. هز كتفيه .. لم يكن هناك نصيب  !

كان يضغط خده بأصابع يديه مقهورا محسورا يكاد الدمع يطفر من بين اجفانه الحادة صدره ينتفخ بالهم : كيف يعني جميلة لطيفة !

كان الحوار محرجا و الاجوبة اشد احراجا لا يجد من داع لكل هذا : يعني انها كانت لطيفة و جميلة .. لا شيء اخر عندي لأقوله !

اقترب بوجهه اكثر يقولها رغما عنه عن انفاسه المقتولة : هل لمستها !

رفع لقمان رأسه بسرعة و رعب في وجه شعيب وهو ينكر بسرعة : ابدا انا لم ارد لها سوى الخير ، هي نفسها لم تدعني المسها لم ترد اي علاقة قبل الزواج !

غضن جبينه و اسود وجهه يكاد يصرخ يثور يريد ان يكسر الطاولة و المكتب فوق رأسه لا يكاد يتحمل ما يفعل وان يناقش حياة زوجته الجنسية قبله كان يبتلع ريقه بقوة : نجلا تقول انك قد لمستها ذاك الزمن !

اسود وجه لقمان هو الآخر كان ممتعضا و مهدودا وهو يتذكر كل ذلك كل ذاك الوقت كيف رجع به الزمن في فترة قصيرة الى الخلف الى الانفتاح الى التشتت الى العلاقات المحرمة نظر للسقف ثم نزل بنظره الى عيني شعيب يقول بقوة و عزيمة و تصميم : نجلا تهيأ لها اني قد لمستها ولكن والله انني لم افعل لم المسها ولم افعل لها اي شيء

تنهد بقوة و هو يرجع بظهره الى الخلف : قد جائتني يوما منهارة تبكي تصرخ في وجهي تضربني تبصق علي : يا حقير يا تافه يا ابن الكلب

كانت هائجة ثائرة لا يعرف ما بها حتى اقتربت من وجهه بكل قوة و اندفاع تصفع خده حتى ادارت له رأسه و هي تشير الى نفسها : استغليت حالتي النفسية و اعتديت علي !

كان العراك في منزله حين جاءته كأنها تجري تقتحم عليه خلوته تفزعه تفجعه تتهمه : لقد استغليتني استغليت ضعفي انك احقر من رأيت !

اقترب منها كثيرا حتى امسك برسغيها بين يديه كان غاضبا منها جدا كانت انفاسهما تتدافع تحاول رفسه يحاول ان يسيطر عليها : كفي كفي الآن ماذا تفعلين ، لم افهم ما تقولين !

كانت قريبة جدا من وجهه تقول بخذلان و الدموع تنهمر على وجهها : تنكر انك قد اغتصبتني المرة الماضية حين نمت عندك !

فتح عينيه على اتساعهما مصدوما : ماذا !

صرخت فيه حتى سُمع صوتهما خارج الحجرة و بدأ دق الباب عليهما هما المتواجهان بعنف : ماذا تقولين ماذا تخرفين انا لم المسك ولم افعل شيئا من قال لكِ هذا الكلام !

كانت تهز رأسها ومع شعرها الذي يلتف حتى دخل الى شفتيها فتبصقه منهما : انا  كنت عند الطبيبة وقالت لي انني لست عذراء !

تنكر انك قد فعلتها انك قد انتزعت برائتي كانت تهتز بين يديه منهارة تبكي وهو لا يفهم يحاول ان يسيطر على الوضع قلبه هبط في صدره و الباب يدق وصوت امه : لقمان ما هذا من هناك من معك

صرخ في الباب: امي هذا صوت التلفاز ارجوك ابتعدي من هنا !

كان يمارس قوة كبيرة للسيطرة عليها هي المنهارة : نجلا نجلا انظري لي و قسما بالله لم افعل لكِ شيئا ، قد جئتي المرة الماضية دائخة لا اعرف لماذا نمتي مباشرتا انا لم اضايقك قد تركتك تنامين نمتي نوما عميقا تخيلت ان هناك امر ما حصل لكِ كي يحصل فيكِ هذا ، كانت تتقلب وهو يديرها له : اسمعيني صدقيني انا لم افكر ان اضرك ابدا

كانت منهارة لا تستطيع حتى الصراخ : تكذب تكذب كانت تسقط الى الارض وهو يسقط معها منهارا مثلها يكاد يبكي  : افهميني الامر لما ذهبتي الى المستشفى ولما قالت لكِ الطبيبة انكِ لستِ عذراء !

كان ممتعضا وجهه غائرا مصدوما مسودا لا يفهم ، مالذي تخرفه ، ليست عذراء .. كيف .. لما .. مالذي فعلته !

يريد هو الآخر ان يفهم ما حصل مع الفتاة التي يعشق التي يريد ان يتزوج منها بعد ان يتخرج وهي نزلت على الارض تجر دموعها و يقطر انفها لا تصدق لا تصدق : لا ادري ، ذهبت لأنني اشعر بتعب مميت في بطني ، الم غريب ، حولني الطبيب الى طبيبة نسائية هناك ارادت الكشف بالسونار على الرحم فوجدت التهابات شديدة ثم قررت الكشف على المنطقة السفلية حتى ترى الى اين وصلت الالتهابات وما سببها .. كانت تمسح انفها بقوة .. قالت لي انتِ لستِ عذراء !

آآآآآآآآآآآآآآه سقطت على الارض تتمسح بها تتقلب تنتحب تموت وهو جلس منهارا خائبا محسورا مقهورا يعض على انامله من القهر يشك بها هل تريد ان تلصق القصة به الآن !

رغم حبه لها فقد تزعزع شيء في اعماقه تجاهها : هل انتِ متأكدة انكِ لم تنامي مع اي رجل قبلا !

سقطت العبارة عليها مثل المطرقة مطرقة عملاقة هشمت لها دماغها نظرت له من بين دموعها مفتوحة العينين في صدمة تهمس مبحوحة : ماذا !

كانت عيناه شديدة الاستحقار : ربما نمتي مع رجل و نسيتي !

صارت تقوم من مكانها رويدا رويدا الى ان استقامت واقفة مذهولة لا تستوعب منه هو ان يقول لها هذا الكلام حتى جرها من ذراعها بحقد اعمى بقرف باشمئزاز : اخرجي يا عاهرة و لا اريد رؤيتك في حياتي مرة اخرى ،مقرفة وسخة رماها عند الباب و اغلقه في وجهها متبرأ منها ومن حبها لم يمنحها ثقة ولا عهدا ، اين كل ذلك .. كانت واقفة امام باب بيته تنظر اليه لا تصدق لا تصدق يكاد رأسها ينفجر امسكت به بين يديها تلف في الشارع تمشي مستوهة لا تدري اين تمشي !

انتهى من رواية الحكاية التي قالها بأمانة بكل حرف فيها ، حين ينظر الى وجه زوجها الآن يفهمه ، يعرف ذاك الشعور ، حين ينهار الايمان ، حين تصفعك الحقيقة .. كان وجهه مظلما جدا وهويسمع : هذا القرآن اقسم عليه بحياتي و حياة اولادي انني لم المسها ولم افعل بها شيئا والله على ما اقول شهيد !

لا يكاد يقف على ساقيه كان مهتزا مرتعشا هو الرجل المتماسك ابدا قد هزته قد مرمدته قد حشرته في زاوية لا يعرف وقف خارجا لم يسلم حتى مذهولا ..النجلاء كانت فاسدة !

ادار محرك السيارة وهو يتجه بها الى القصر الى هناك الى حيث يختلي بنفسه و ينقي افكاره و يلغيها منها سيمسحها كأنها لم تكن في حياته ، هي عابرة سبيل قد مرت واخذ وقته معها و انتهى الأمر ، هي هكذا ..هكذا كانت ..حتى نزلت دمعة حقيرة تهذب حقده مسحها بكبرياء يشتم اللعنة .. اعطيتك وقتا يا النجلاء ، اعطيتك حرية ، لو فقط صارحتني بكل ما في حياتك ، لو قلتِ لي ما يحصل معكِ ، لكنك كاذبة عاهرة منافقة مستغلة ، حتى طلاقها جاء متأخرا حتى دخوله بها كان خدعة قد خططت لها ,,

لو شك فقط في اعترافات لقمان ، اي رجل غيره كان سيتباهى بما فعل ولكن هو لا لم يفعل قد كان صادقا لم يحتج لان يكذب عليه ابدا ، كان يستطيع قهره وتحديه انها احبته هو و خسرت شرفها معه هو

 لن يلوم نفسه أبدا انه اقتحم حياة امرأة هي لم تعرف به هي مجرد لقاء عابر في الزمن السحيق ، امرأة ضُربت كي تتزوج به لم يضربه احد على يده ,, هو لا يريد ان يُحمل نفسه المسؤولية ولا الذنب !

لطالما عشق العذراوات هو لا يتقبل اي امرأة ليست عذراء ، حنان كانت عذرا ، و راعيل كانت عذرا وحتى رباب كانت عذرا ، ابدا في حياته لم يضاجع امرأة لم تكن زوجة لا يحب مضاجعة العاهرات ولا حتى النساء اللواتي في قصره .. لم يرغبهن البتة رغم ما يحملن من جمال ورغم شك زوجاته فيه انه يرقد معهن ولكن كل شيء غير ما يبدو ، هو يحب العفاف يحب الطهر يحب النقاء ان تولد المرأة على يده ،

يضرب على قلبه يسكته يعطه وقتا .. مهلا مهلا ستنساها و ستكون عابرة او ميتة مثل سابقاتها !!

 

اما هو فقد اظلم عليه الليل ، اظلم جدا جدا ، صار كالحا صار لا يُنظَر

للمرة الالف يطلب رقم بروين للمرة الألف يطلب رقمها ، يرن انه يرن و تتجاهله ، هو تتجاهله امرأة !

صار يعصر الهاتف في قبضته يتميز غيظا اهكذا تفعل به هكذا !

جلس على سريره لم يذق طعم النوم لم يقدر ان يتمدد يشعر بظهره يحترق يأن يتألم ، يشد على قلبه مسود الوجه.. لقد اهملها ، نعم فعل ، هي لم تحتمل هذا الاهمال !

لم يظن حقا انها قد غادرته لأنها قد سمعته ، سمعته يحب و يعشق و يتقلب ، كانت كل حركة منه ومن عشيقته صورة تتلون امام ناظريها تتحرك ، كانت تبكي تنتحب ألم تكن عنده قبل ساعة ، كيف يكذب ويقول انه مسحور !

لما انطوت عليها كذبة الحب و العشق و الرجولة لما ، قد ضحك عليها تحمد الله انها لم تسلمه نفسها والا فإنها كانت ستكون في خبر كان ، كان سيعبث بها ويتركها بفضيحتها هذا العاهر الحقير ..

حتى اقترب منها اخوها : ديالا وما الحل الآن !

كانت منطوية على نفسها تهمس له : كلمها قل لها عن مكاننا !

هز رأسه موافقا وهو يلوي شفته ممتعضا ينتوي شرا : الآن لدي كل شيء وهي من سيتحرك !

القت بنظرها عليه تسقط دمعة تمسحها بسرعة : نعم قل لها اننا سنتروى قليلا لا تستعجل يا بروين !

 

حين دخلت  صبا المشغولة كثيرا عليه كانت طوال الوقت تراقبه ، خروجه ، دخوله ، عصبيته ، تخاف عليه كثيرا ، كثيرا جدا ، تحب اخاها تحبه جدا ، قد عانى يحي من كل الاطراف ، عانى حين اختارت زهرة الزواج من شعيب بدلا عنه ، قد عاش اياما لا يعلم بها سوى الله ، لم يتخيل ان تفضل شعيب الذي يكرهها و يعذبها و يحتقرها عليه لم يتوقع ابدا ، عاش اياما ترك فيها البيت و المزرعة وكل مكان ،انطوى على نفسه صار كتوما لا يحادث اي احد بما يجري في حياته ، قد احب زهرة احبها رغم انها لم تكن سوية ، كانت تحديا له ، ارادها ، ولكن كان قد نسيها بمجرد ان اصبحت زوجة شعيب ، صار فقط يراقبها ، لم تعد هي كما هي في قلبه ، حرم نفسه عليها ، تنفست بعمق ، غالية التي ماتت و دفن روحه معها ، الآن سكينة التي لا تعرف ما جرى بينهما ابدا ابدا ، ديالا التي قهرته وهربت منه لا تدري لما فعلت ذلك كان من الاجدر ان تنبه اهل البيت الى خروجها حتى لا يقلقوا عليها وخصوصا هو من كان سعيدا بها و بحضورها لانها تشبه الحبيبة القديمة !

كان يجلس حتى لا نفس لديه في السيجار تقترب حتى جلست جانبه : يحي اذا كنت تريد طلب يد سكينة غدا فيجب عليك ان ترتاح ، ارح عقلك لا تفكر.. ما حصل قد حصل ، خرجت بارادتها لن تجبرها على البقاء معنا !

يهمس لها محسورا يغمر كفيه في عمق شعره : انتِ لا تفهمي لا تفهمي شيئا !

اومأت برأسها رغم انه لا يراها ويرى تعابير وجهها : اعرف اعلم تماما ما تمر به ، انت فقط تائه حائر لا تدري من تحب ومن تعشق ، لابد ان تستقر على رأي ،على واحدة منهن !

التقط نفسا عميقا والتفت قليلا الى وجهها : واذا قلت انني اريدهن كلهن !

رفعت حاجبيها و اطبقت شفتيها على بعضها البعض : اذا كان لديك المقدرة !

كل واحدة من عالم يا يحي ، زهرة غامضة متمردة ، سكينة مندفعة لئيمة ، ديالا رقيقة طيبة !

لا اتكلم عن الجمال فلكل واحدة منهن طعم وشكل و جمال مختلف عن الاخرى ، ألا ترى انك اناني قليلا !

فرك شعر رأسه في هم وهو يحدق في الشرفة و في الظلمة في الخارج يأكل شفتيه : اريد زهرة و اعشق سُكينة و قلبي يرق لديالا !

تنهدت هي تعرف كل هذه التقلبات في العلاقات ولكن هذا كثير كثير جدا عليه : اترك ديالا حتى انها صغيرة لن تنجو بين سكينة وزهرة ، لديك الان زهرة و سكينة اعرف كيف ستتصرف معهن قبلا وهن سويا قبل ان يشيب شعر رأسك منهن فوالله ستكون حربا طاحنة !

يسمع يلوي شفته غير واثق : زهرة ما عادت تريدني ولا تهتم اصلا ممن سأتزوج !

ربتت على فخذه : اتركها هي الخاسرة ان قلتَ انك تعشق سُكينة فيجب ان تكتفي بها لا ان تكسر قلبها بتجميع النساء من حولك هذا ليس صحيا للعلاقة و بدايتها !

رمى نفسه بقوة على الفراش حتى صار ينظر للسقف وهي تنظر اليه : الآن يجب ان تنام حتى ترتاح و تستفيق نشيطا من اجل طلب من تحب !

قامت وتركته متخبطا في روحه ، قلبه يذوي غار في صدره يريدها يريد ديالا يريد ان يقبلها مجددا ان يعاكسها ان يركبها على ظهر الخيل معه ان يجمع شعرها بين كفيه ثم يتركه يطير مع الريح ان يراها في فساتينها الرقيقة و احذيتها البيضاء ان يرى فيها وجه الحبيبة ، لما تركته لما !

يتقلب لينام على جنبه يغمض عينيه يعتصر قلبه سلام عليكِ يا غاليتي ، يا من نسيتك ، سلام على روحك على طيب ثراكِ على رائحتك في جوف الارض .. غالية اترينني ، لولا كنتِ حية ما كنت اخترت من النساء غيرك حبيبة ..غيرك عشيقة ، ساكتفي بكِ ، كلهن اجتمعن بكِ ، التمرد الاندفاع القوة الجمال الشغف الحب الشغب  كله منكِ كله انتِ ، تقلب على ظهره يتأوه ألما.. في خيالي اريد وصالك حتى وانتِ تحت الارض لا مناص من شوقي ، احببتك و احبك كل يوم اكثر ، غالية خاطبيني انثري عليا عطرك لا تتجاهليني ، تركتني مبكرا مبكرا جدا جدا امد لكِ يدي فخذيني لا اريدني اصبحت متخبطا عالقا بينك يا روح وبين ثلاث من نون النسوة احداهما رفعتني و اخرى كسرتني و اخرى سكنتني و ما عاد النحو يُفهم ، لن يقدر احد على اعرابي غيرك .. لا احد يفهم شفاهي سوى شفتاكِ ولا يفهم حدود الملح على لساني.. اشمك اشمك اراكِ اتنفسك تقلب مرة اخرى على بطنه لا يعلم ما يحل به يريدها يراها يعشقها ولا زالت هي تحت التراب تنادي !

رسائل الى يحي

ولا زالت هي تناديه يحي

يحيا قد غادرني زكريا ، بعد ان فتت الجوى ، بعد ان جعلني اتقلب على السهاد ،، يحي ،، يا الله يا يحي كيف اصبح وجهك غريبا

منسيا ،، بعيدا ،، سرابا ،، الملامح قد خفتت حدتها ،، ما عدت اراك يا يحيا ما عدت اراك ،، يحيا وضعت نقطة النهاية على كل شيء

على سكرات موتي ، على زكريا و عشقه ، عليك وعلى ذاتي لانك ذاتي ولاني احب ذاتي ما نسيتك ،، رحل زكريا يا يحيا بعد ان كتب لنفسه تاريخ على جسدي ، بعد ان حفر اسمه في موسوعة كتاباتي ، صار اسم زكريا بين كل حرف و حرف وفي كل سطر ،، غلبني زكريا يا يحيا ، غلبني وربما انا حبلى !

كان اغتصاب زكريا لي غريبا ، كان رقيقا ، كان شغوفا ، كان حبيبا ، ولكنه يضل اغتصاب ، كل شيء خارج عن ارادتي هو اغتصاب ،، لم يعد شيء يذكر ،، افلت زكريا من عقابك من يداك ، كنت اظن يا يحي انك المغوار انك ستأتي لتدفع الباب علينا بقوة انك ستخبأني وراء ظهرك انك ستلطم زكريا على وجهه انك ستدوسه انك سترميه بالرصاص انك لن تتركه حيا ،، زكريا عبث بحبيبتك يا يحي وانت راض صامت ، ما حل بحبنا يا ترى ،، هل سأراك مرة اخرى فقط قل لي !

دعكت الورقة بين يديها كالكرة  ثم رمتها حتى تدحرجت تحت السرير !

قامت تدور في الحجرة ، الحجرة التي كانت مسكنا لرجل استباحها كلها ، تنظر للفراش الذي مزقته بسكين كبيرة حتى تناثر صوفه خارجا منه و ملء كل الارضية ،اصبحت الغرفة تسبح على غيمة بيضاء قطنية ..تنظر الى السقف ولا تسمع صوتا ..جدها ليس هناك مثل العادة هو كذلك تركها في غيها تتخبط لم يستفزه رؤية زكريا يغتصبها ، لمت نفسها ماعادت تبكي ، صارت فقط تراوح مكانها ، خرج زكريا مخلفا اياها جثة ، شبع شبع ملء بطنه حتى اكتفى وملء بطنها هي بجوعه !

تنظر حتى صارت بطنها كبيرة ، الوجنة متيبسة ، الوجه مصفر ، الجسد ذبل و نقص ، الروح .. ههه .. ماذا عنها اين هي الروح !

انفصام عن الزمن ، وبطنها يكبر ،، تنتحر .. تغمض عينيها بشدة تبلع شفتيها بوهن ,, تقتله ,, النفس التي حرم الله الا بالحق ,, ولكن ,, لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ,, تفعل ,, تقتله ,, النفس الطاهرة التي وضعها زكريا في رحمها تقتله ,, محبوسة انا يا يحي ,, صرت حبيسة بطني ,, حبيسة عاري ,, حبيسة جسدي ,, حبيسة زكريا ,, قد حقق زكريا مبتغاه اخيرا حققه وها هو ولد منه ينمو في رحمي ,, صار هناك رابط بيني وبينه اقوى من رابطي بينك وبيني ,, يحيا انتهى زماننا ولا اسف !

 

عاد ليلا ، عاد دائخا ، لقد تركها ، لقد اطلق سراحها اخيرا ، قد وعدها ووعد الحر دين رغم انها لا تستحق الغفران ولا تستحق الحياة ، هي من سحقت حياته و دعستها كأها حياة حيوان لا انسان كان له مستقبل كان له حب و امرأة ، عاد ويا ليته ما عاد ، كان متخبطا عيناه حمراوان يسبح في السماوات ينظر للسماء و نجومها الى القمر الى ما يخلفه في ليال مثل هذه ، اطلق سراحها وهي قد باحت ,, ولكن من هي تلك المرأة وماذا تريد منه لما فعلت ما فعلت معه !!

ايكون جزاء عملية خاطئة ، ايكون قد قتل انسان يوما تحت يديه ، ايكون قد اساء لها بلفظا ، ايكون قد اعتدى على احد غال عليها ، هو لا يذكر سوى الاستقامة في حياته و باتريشيا كانت الذنب الوحيد ، لا شيء قبلها كان للتو مختونا ، لا علاقات انسانية ولا وجدانية سوى مع تلك الصغيرة التي كبرت بين يديه و رباها عليهما الحبيبة صبا ، كان وجهه يكسوه الهم و الحيرة ، نفث انفه بقوة وهو يلاقي ابوه على باب البيت استقبله بنظرة غاضبة وهو يرى منظره الشبيه بمنظر المتشردين و الحقراء و الدون من المجتمع مسكه من قميصه كطفل صغير وهو يستسلم ليدا والده : ما هذا المنظر اتخرج للشارع بصدر مفتوح و شعر معقوص بئس ما انجبت امك !

رمى به كأنه يرمي قمامة كان يكره منظر ابنه الاكبر هكذا ، انه يعذبه يسرق روحه يخاف عليه : منذر يا منذر اخرج خارج البلاد وتعالج فوالله ستموت تحت تأثير هذه الاشياء التي تتناولها !

هزء منذر من كلام ابوه و كثيرا وهو يلوي شفته : هذه الاشياء صنيعتكم ، من وفرها لي غيركم !

اراد تخطي ابوه الذي اوقفه بضربة كتف : انت غائب عن البيت ولا تعلم ما حل به ابدا ..هكذا تجيء و تدخل ولا تسأل ما حصل ,, اخويك كانا بالسجن و بنت ناجية كانت مخطوفة و رؤوف خرج من السجن و يحيا يطلب يد سكينة !

رفع رأسه بحدة في وجه ابوه ينظر الى كلتا عينيه بتعمق يدور يبحث .. ماذا !!

انزل رأسه مصدوما يحيا يطلب يد سُكينة !

لم يلفت انتباهه سوى هذا الامر وتابع والده : زواج صبا نهاية الاسبوع لا اريد مصائب منك هل فهمت !

كان ينظر بعيون بائسة الى والده ,, ترقرقت عيناه بالدمع احمرتا بقوة وذهول تتزوج نهاية الاسبوع صبا !

كان يهمس بكلام غير مفهوم صبا لا صبا لا

هذه حبيبة القلب روح الفؤاد تزف لرجل آخر غيره

يلمسها رجل آخر غيره

تتلوى بين يدي رجل آخر غيره

يقبلها رجل آخر غيره

تراجع بجسده عن ابيه لما تستعجلون تشييع جنازتي !

راح يمشي كالمخمور بين اروقة البيت وصوت والده يقترب من بعيد : غدا استعد سيأتي الجماعة و معهم الشيخ !

هز رأسه بصبر و ارتقى الدرج مذبوحا مسلوخا وكأن امه قد لفظته من رحمها

وهناك ايضا ناجية و سكينة الجالستان سوية لا تعرفان اصلا بما حصل وبما يخطط له يحي حتى دخل عليهما منذر تفاجئتا من منظره وهي بالذات تنظر له نظرات ذات معنى ، يقرأ عينيها كأنها تسأله ما حل بباتريشيا ، لكنه تجاهل كل ذلك وهو يسألها : تريدين يحي !

شهقة و صدمة و كادت ان تصرخ وهي جالسة صار جسدها يرتعش بشدة كادت ان تصاب بصدمة عصبية وصل به الحال ان اخبر اخوتها

رفعت كف الى فمها تغير نظرها الى اختها التي اصفر لونها وهو واقف لا يعلم ما يجري ما بها اقترب منها اكثر حتى صار مقابلا لها : ما بكِ

لم تستطع الكلام كل شيء وقف في الحلق بل جف جف كثيرا حتى لن ترويه انهار بكبرها عيناها تدمع شفتاها تهتز بشدة مرعوبة حتى تكاد تفقد وعيها و العين فقدت نظرها امسك برسغها يهزها : هاي ما بكِ سكينة

قامت ناجية من مكانها وهي تبعد يده عن يد اختها هي مرعوبة مثلها تماما ولكن رد فعل اختها شكك منذر فيها صارت تقرصها بنظراتها : اخي لا اعلم ولكن سكينة ليس لها اي علاقة بيحي لذلك هي مصدومة انك تقول ذلك ,, لما !

كان يحدق فيها النظر يسبر غورها يسبح في عينيها يلتقط اشارة ، يلتقط شيئا دمعا ,, حزنا ,, خذلانا ,, ربما حبا !

يفتش في ثناياها حتى التفت على ناجية يقول بتؤدة بصوت يقتل كل خلية فيها حتى شحب وجهها : ابي ... يقول ... ان ... يحي ... سيأتي ... غدا ... طالبا ... اختك !

التوت رقبة ناجية تفتح عينا على وسعها في وجه اختها المصدومة التي لم تستوعب بعد ما قيل وهو ضل ينقل بصره بينهما حتى نائت عنه ابتسامة لؤم و حشرجة من حنجرته رفع حاجبا و كرر جملته مع بعضها : يحي سيأتي غدا طالبا ايد سكينة !

 

طال الصمت بينهم حتى التفت خارجا مغلقا الباب خلفه متوجها من فوره الى غرفة شقيقه الذي كان فاردا ذراعيه و يديه على السرير يتأمل السقف و يتخيلها هناك

اما في غرفتها هي المصعوقة التي تبدلت دموع الرعب فيها الى دموع فرح وهي تحضن اختها بقوة لا تصدق لا تصدق حقا انه يفعلها انه جاء اليها خاطبا انه يريدها يريد ان يتمم عقده عليها انه يحبها ركضت الى حيث هاتفها و فتحته فمن بعد ما تركها و سلوك عمها تجاهها قد اغلقت هاتفها لا تريد ان تتصل به ولا ان يتصل بها وما ان فتح الهاتف وهي تقضم اظافرها متوترة وهي تشير لناجية بعينيها ان تخرج ضحكت ناجية وهي تقذف عليها قبلا و تقول : القبلة جائت بنتيجة اخذت تضحك وهي خارجة تغلق الباب خلفها .

وهي وقفت هناك تطلب رقمه هو المتعلقة انظاره بالسماء يكاد يطير محلقا حين سمع رنة هاتفه رأى رقمها الذي لم يحفظه باسمها ، صار يحدق فيه مليا صارت الذكرى تتقلب في رأسه منظرها بين يديه وعلى فخذيه على البحر قبلاتها ..و عشقها على الرمل.. ليل و ليل ..و صحوة و حب لا ينتهي ..هذه هي التي منحته الراحة والامان انها هي وحدها من هزت له عرشه تختلف تختلف عنهن بتمسكها به لا ترضى بغيره ولا تهوى احد سواه صار قلبه يطرق يطرق بعزم بفيضان حتى صعد الدم الى وجهه وصار محمرا .. رفع الهاتف الى اذنه يتنهد وصلها صوته وهي التي اخذت تحمر بقوة و ترجف يديها رأسها يدوخ و ريقها يجف وكأنه اول عهدها بالحب رغم كل ما فعلاه ورغم انها قد تكون حامل ايضا ولكن دق القلب الذي وصل لكليهما عن الآخر و صوت انفاسه يعبر اذنه فيسخن فيتخيلا نفسيهما في احضان بعضهما البعض فيثور جسده يهمس لها : ماذا تفعلين بي !

كانت دمعة ولع و تعلق و عشق تخرج تتدحرج كما دائما حين تراه او تسمعه تهمس له : احبك يحي ,, احبك حتى آخر يوم من عمري ,, يحي تعال ,, كان صوتها موشوشا مليئا بالنشوة و الشهوة شيء محرض شيء لذيذ يدغدغ الرغبة : تعال ,, بصوت كله عاطفة ممرغة في الهوى

التقط انفاسه فقط يسمع يتلوى يغلق عينيه يتأوه لا يعرف ماذا فعلت تلك الطفلة فيه ، بنت في نصف عمره او اقل لا يعرف لكنها قد لعبت بعقله و بقلبه وما كان له سوى ان يستجيب اغلق هاتفه دون ان يعطها وعدا بلا تردد تحرك للخارج ركب سيارته وقادها اليها هناك على اعتاب بوابتهم توقف وهي التي كانت تعتقد انه قد تجاهلها كانت تقف على الشرفة تبكي، لما ..لما اغلق الهاتف في وجهها حتى رأت انوار سيارة عند بوابة البيت طرق قلبها ، اطفأ كل شيء وصار هناك في الظلمة لا يريد ان ينزل الى بيت عمه انتظر طويلا يضع اصبعا بين اسنانه يتلوى حتى رأى الباب الجانبي يُفتح و يخرج منه كائن صغير نحاسي الشعر جميل الوجه صغير الثغر اكحل العينين يرتدي فستانا قصيرا الى الركبة ذو لون اسود يكشف عضديها و نحرها و ساقيها ابتسم في نشوة بل افتر ثغره عن ضحكةِ حب جذلى و لمعت عيناه طربا و غناءا و لهفة.. حتى فتحت الباب و فاح عطرها جلس كل منهما ينظر للأمام حتى التفت كل الى الآخر فتعانقا حبا شفتيه تمرغ شفتيها بلهفة لم يعد يصبر يغدقها بقبلاته نحرها ثغرها جيدها وكان بينهما المقود كانت السيارة تأن من الحرارة المتولعة كان شيء حر شيء غريب شيء لا يستطيع تفسيره , الشوق في كل قبله في كل ريق يبتلعه منها يجذبها بقوة حتى جلست مقابلة له على فخذيه تسر له بهمس حارق ملتهب مثير : احبك احبك اشتقت لك يا الله كم اشتاقكك احبك يحي احبك ...كان حبها له غير مشروط هكذا تعطي بلا حدود يشم عنقها ينزل الى نهديها تتعلق برقبته تحبسه في صدرها ، اول تجربة فريدة يمارس فيها الحب مع انثاه في سيارة هكذا بكل هذه اللهفة تهمس له طوال الوقت و تأن وتتأوه تعض رقبته لو كان بيدها لأسمعت كل المدينة، لصرخت وقالت هذا هو حبيبي انا ..هذه انا بين يديه سأفعل كل ما يرغب سأحبه هنا وفي الشارع و في البيت و على الفراش و في البحر وفي النهر و عند القمر حتى همس بإثارة  : تدرين بهذه الملابس لن استطيع ان ارى شيئا

حتى امسكت بيداه تجرها فوق فخذيها برقة وهو يبتلع ريقه و جسده يأن بقوة كانت تلعب به و معه لم تترك شفتيه وهي تفعل فعلها كانت تقبله ويداه تجرها الى ما تحت فستانها  الى ما بعد فخذيها الى خصرها الى نهديها : هكذا افضل !

قد كان شيئا مجنونا حلوا ممتعا لم يندم يوما انه قد فعلها شعرها يغطي وجهه في ظلمة حالكة و كل جسدها بين يديه يضغطها باتجاهه يلتقم ثغرها فيسبحا سوية في عالم آخر عالم خاص بهما وحدهما عالم ملون جميل لا شك فيه حتى استكان و اغلق عينيه وهي تلهث عند شفتيه كلاهما كان متعرقا قبل شفتيها مرة اخرى يهمس لها : هل اخبروكِ !

كانت لا تزال تعيش النشوة تعيش اللحظة تعيش الحب : تدري لا يهم ,, في هذه اللحظة هذا فقط ما يهم انك هنا وانا هنا لا يهم ان خطبتني ولا ان تزوجتني انا احب ان اكون عشيقتك !

ضغط بأسنانه على شفتيه لا يدري كيف تخترقه كيف توصله الى هذه الدرجة من العشق و التفاهم هي لا تهتم حقا لا تفعل ،هي فقط سعيدة انها معه انه يحبها و يرغبها و هي تموت في روحه : انتِ مجنونة قلتها لكِ من البداية ولكن هذا العبث لابد ان ينتهي حسنا !

كانت تمسك جانبي وجهه بين كفيها غارقة في شفتيه لم تشبع منه بعد  وهو يضع كلتا كفيه على شعرها الطويل الذي يعشق لونه ..تفتنه رائحته هو فقط اليوم صباحا قد تركها ولكنه لا زال يرغبها بشدة حتى همست : قلتَ لعمي عنا !

قال بجديه وهو يراقب وجهها في الظلمة و ثغرها الشهي المتزين بريقه : حتى يعرف انني جدي معكِ اذا حصل ما حصل سيقف عمي معنا هل فهمتي !

قلقت في عينيه : لما.. لا تخفني !

تفرس في ملامحها الجميلة : هو حق من حقوقك لن اقصر فيه  !

كانت تسرّح بأصابعها شعره الى ما خلف اذنيه تقترب و تتنفس عنقه

التقط انفاسا متسارعة : كم من الوقت لديكِ الآن !

صارت تقبل كل وجهه : كل الوقت كل الوقت

حتى اخذها في احضانه مرة اخرى !

 

الصباح

في المانيا مدينة شتوتغارت حيث هناك لأول مرة يخرجا من البيت الصغير الى حيث الهواء العليل و المدينة و الناس و الشجر و الحجر و كل شيء يسر النظر ، هنا الهواء نظيف ، هنا المدينة مزدحمة ، رائعة جميلة شديدة النظافة ، النساء الشقراوات ، الرجال عريضي الاجساد و طوال القامة ، هنا الحضارة هنا وطن آخر !

كان عصام يقود بهما السيارة وهو حريص كل الحرص على مراقبة المرايا لا يريد ان تفوته الفائتة و خلفه وامامه ايضا سيارات تابعة له كانا تحت رقابة مشددة وهي تضل تنظر الى الخارج ساهمة ، في الحقيقة هي اول مرة تسافر فيها الى المانيا ، لا تحبذها ، ليست قريبة لقلبها ليس مثل لندن او حتى البندقية ، تشعر بثقالة الناس و البيئة و السكون الذي يحل على كامل البلاد بعد السادسة مساءا !

تلتفت اليه تنظر الى وجهه وهو يحدق في الخارج كان لا زال صامتا لم يتحدث معها لم يناقشا تفاصيل لم يكن لديه اي نية في الحديث معها ، ان يتعبها و يثبط عزائمها تنظر الى فخذيه وتتخيل تلك الساق الاصطناعية تتخيل ان بنطاله يمتلء بساق حتى لو كانت بلاتينا لا يهم المهم ان يفرد طوله ان يقوم ان يستطيع المشي مرة اخرى حتى لو اعتمد على العكاز لفترة كم سيسعدها ان ترى طوله امامها مرة اخرى ابتسمت مع نفسها حين وصلا الى العيادة التي من المفترض ان يقيسا فيها ساقيه و يبدآ وضع جدول علاج للتدريب و تجهيز الساقين و بضع اشياء اخرى ,, تحمل في يدها مجلد فيه اوراق خاصة به دخلا عند الاستقبال وكانت بالكاد تعرف كيف تتحدث معهم باللغة الانجليزية فهم لن يتقبلوا الا لغتهم !

تركهم عصام وهو يجلس في السيارة يراقب الوضع وهي تقف وراء كرسي زوجها الصامت الذي وكأنه سيتم قتله بدل تأهيله !

كانت تهز راسها والممرضة تسبقها الى غرفة من الغرف المجهزة لهما على التوقيت جلست هناك مقابلة له : هل لك ان تبتسم على الاقل !

لف رأسه اليها يلوي شفتا رفعت رأسها للسماء : الحمدلله الآن نستطيع ان نفعل ما نريد لا تحملها اكثر مما هي لا ادري لما لا تأخذ الامور ببساطة !

كانت تتذمر منه ومن اسلوبه وعدم شكره لله على ما سيؤول اليه امره

ضلت صامتة حتى سمعت ورأت طبيب في العقد الخامس من العمر تلحق به ممرضة شقراء ، سلم الطبيب وهو يحاول ان يتكلم الانجليزية يسال عن الاسم و عن الحالة تستعرض ناجية عليه كل شيء و تعطه الاوراق الخاصة بوركي هارون كان الطبيب يهز رأسه بتفهم وهو ينظر الى تلك الاوراق حتى قال : علينا ان نتبع فحوصات جديدة لمعرفة مدى قصر العضلات فهذا اهم شيء ,, من بعد تصنيع الاطراف الخاصة بالسيد هارون سنبدأ معه العلاج الفيزيائي و تأهيل الوركين لتحمل الاعضاء الجديدة و التمكن من المشي بها وهذا سيتطلب وقتا طويلا قد يتعدى الست اشهر على الاقل !

هزت رأسها تفهما وهي تكاد تطير من الداخل كادت ان تصفق طربا ، حتى بدأت الفحوصات و تمدد هارون على السرير و بدا الطبيب يفحص بدقة و يقيس ابعاد الساق و القدم و يطرق هنا و هناك و يضغط على العضلات و يعاين الركبة تجاوز الامر الساعتين وكل منهما ينظر الى الآخر حتى طرق قلبه يشعر انه حقا سيفعلها انه حقا سيمشي من جديد سيعيش الحياة مرة اخرى لا يعرف كيف اجتاحه هذا الشعور الجميل شعور راحة و ثقة كان ينظر اليها والى عينيها الغائبتين في النشوى يرى صدق نظراتها يرى اهتمامها يرى فرحتها في عينيها يا الله كم يحبها تلك الطفلة !

قريبا منهم ليس ببعيد عيون مراقبة يقف هناك يرتدي نظارة شمسية و جاكيت رمادي طويل حتى الركبة مع بنطال اسود و قميص اسود شعره الاسود مسرح بحيث تسقط بضع خصلات على عينه اليسرى يشفط سيجار .

ضل واقفا هناك لم يمل الوقوف ..فقط عيناه على باب تلك العيادة وهو يهمس لنفسه : لك يخرب بيتكن مفكرين انكن راح تهربوا مني بهالعصام !

صار يضحك مع نفسه متسليا وهو يدير رأسه في عدة اماكن بحيث لا تغفل عينه عن ذاك الباب لفت في طريقه عدة وجوه بطوله و مظهره العربي الثقيل وجمال وجهه ، كان يلقي التحايا على من يمرون امامه / قوتن تاغ قوتن تاغ / يهز رأسه

حتى رآهما يخرجان من هناك ، هي بفستان قصير حتى ركبتيها و حذاء ارضي جميل و شعرها يتهدل على وجهها و كتفيها صار يحدق النظر فيها مليا يدقق من اظفر رجلها مرورا بساقيها ثم ركبتيها ثم تفاصيل جسدها الجميل و شعرها ووجهها الفتان : اي والله ما بكِ شي وانا اللي كنت عم ظن ان اللبنانيات اجمل نساء العرب !

ابتسم لنفسه وهو يراقب الاخر الذي يشبه رجل يعرفه جيدا امسك بالسيجار بين اصبعيه : يا هلا والله حبيبي هارون هلا والله بالأمير !

تحركت السيارة بهم وهو ضل واقفا لم يتحرك ولم يتبعهم حتى سمع صوت خلفه : معلم ما راح نروح وراهن !

رفع حاجبه رفضا : لا ، ما بدا ..راح نشوف هالوشوش الحلوي هون تلت مرات بالاسبوع ولست شهور كمان ,,, حبيبنا ما راح يطول ما راح يطول كتير راح يجي فارد جناحاتو !

التفت عليه شبانه رفعوا المسابح للأعلى وصاروا يرقصون الدبكة !

 

اما عنه هو من يفرد اجنحته فقد ضل الليل كله يدور في الشوارع ، لم يخف على نفسه ، دخل اماكن مظلمة ، مهجورة ، مناطق حرب ، اصوات ضرب ورصاص و موت ورائحة دم ، كان ينتقل من زقاق الى آخر حتى وقف على البحر هناك حيث كانت بضع موجات صغيرة تضرب الصخور على بحر الصابري العتيق تقدم في ظلمة الليل و جلس على احد الصخور اقترب كثيرا من البحر و شم الملح و تناثر الرذاذ على وجهه في يده عود رقيق صار يكسره رويدا ببطء شديد ، يراجع نفسه ، اذا كان لم يعد يطيقها بعد علاقتها المشبوهة بابن خالها عليه ان يفكر جديا في الطلاق ، اغمض عينيه نعم هو يفكر في الطلاق قلبه لن يحتمل خيانة و هجر امرأة اخرى قد وهبها قلبه ، كان صوت الهدوء و البحر يخترقا روحه يؤنسانه يداعبان خياله لقد انطفأت تامارا ما عادت هي ، يذكر تلك الايام التي كانت فيها بين ذراعيه جميلة شغوفة رقيقة حبيبة كلها كانت هكذا لم يشك لو للحظة انها خائنة حقيرة ، آيدين اصبح لا يشك مرتين ان زوجته خائنة بل اصبح الامر يقينا كل شيء يثبت كل شيء يشي بهما ,, اول مرة اخذها منهم كان ذاك الفتى يريد قتله قد احتضنته وصارت تقبله ، حين ذهب و ترك معها ابنة عمه جاء هو نفسه ثائرا اخذها من بيته بلا اذنه بل حملها على يديه مثل الطفلة كما قالت سكينة و الثالثة في بيته حين اراد ان يتحدث معها وقال لها انها ستبقى هنا و اشار الى صدره ، كان يعض على شفتيه قهرا يهز رأسه كمدا وحزنا لما هو بالذات يحصل معه كل ذلك ، كل شيء في حياته كان غريبا عجيبا حتى انه لا يصدق كل ما فعله في لندن وي كأنه لم يكن يوما !

كيف سيرجع الى ايميل كيف سيقابله !

من ناحية.. ايميل لم يشي به في المحكمة لم يقل انه هو من اغتصب الفتاة بل حمل القضية على عاتقه و حُبس ظلما ،والّا سيوضع اسمه على لائحة الانتربول ولن يستطع حتى ان يعمل عمله هذا في الدولة .. نعم في هذه بالذات ايميل كان بريئا ، التقط نفسا عميقا ، هل يحل الامور بالحسنى معه ام سيضطر كما قال يحي الى قتله لا يعرف اصلا كيف سيقتلونه والى ما يخطط يحي ,, شغل العصابات ابتعد عنه من زمن ايميل لم يعد له ،رغم انه رجل امن و ضابط في الدولة فهو في حياته لم يتعمق في كل تلك الامور حتى عمله حسب مزاجه و الشكر لوالده و اعمامه !

قرر الرجوع الى البيت بيته و ترك تامارا ليومين عند والده ستهتم بها العمة صفية التي تنظف البيت و تطبخ لوالده يستغرب ان والده حتى الآن لم يتزوج منها رغم انها قريبة منه جدا وبينهما ود ومحبة وتخدمه من قلب ورب وفي سنه او اصغر و تناسبه تماما حتى يستقر في حياته بدل التنقل من دولة الى اخرى و البحث عن صيد جديد في كل قارة .

هارون و المجدلية قصة اخرى هل سيتعامل معهما هل سيتحدث معهما هل يسلم عليهما ام لا.. كيف سيجلس في مكان واحد معهما بعد طول تلك السنين هو لم يرى اي منهما ، رفع صدره يستنشق هواءا نظيفا هواء الليل لا يوجد اجمل منه في هذه المدينة الرائعة المدينة التي اصبحت عشقا اصبحت غراما اصبحت وطنا له رغم انه حين وصل لأول مرة مع اخوه هنا لم يتعودا على الرطوبة و الشمس الحارقة و اللهجة الغريبة ومن حسن حظه انه تعود بسرعة على اللهجة و احبها وصار يتقنها كأنه خُلق هنا بين هذه الجدران وهذا البحر وهذه الحدود وصل الى بيته وفتح الباب يا الله يشعر انه قد تركه منذ قرن ، اول بيت اعطاه له والده هدية، البيت الذي تزوج فيه المجدلية ثم يارا ثم هي الخائنة الحقيرة تامارا !

تجول بين الغرف ينظر فيها والى ما حل بها في وجود منذر ثم دخل الى الحمام وهناك في البانيو كانت مستلقاة حورية بحر مغمضة عيناها تحيط بها رغوة الصابون وجهها مزرق وحتى عضدها و رسغيها كل جسدها كان يأن استغلت خروج منذر و اكلت ثم شربت وبعدها قررت الاستحمام بما ان البيت فارغ ولا تعرف اصلا ان كان مالكه قد حضر ام لا ..شعرها المتموج يسترخي على كتفيها المبللين و بضع رغوات عليه لم تشعر بقفل الباب كانت في غيبوبة في راحة شبه نائمة هو الذي يقف يحدق فيها يرفع حاجبا : السيدة قد اخذت راحتها !

اتكأ بجذعه على الباب الذي اقفله واحدث صوتا اجفلها هي التي فتحت عيناها ببطء شديد لا تستوعب بعد انها غارقة في حمام عدلت وضع رقبتها و تنهدت ثم قامت من مكانها وفي تلك اللحظة وقعت عينها في عينه هو الذي كان يلوي شفتا فتحت عينيها على وسعهما تستوعب ما هي فيه حتى تقدم منها حاملا منشفة في يده يمدها لها ..فقط ..كان ينظر الى عينيها الخضراوين تماسكت وهي تمد يدها تسحب المنشفة و تلفها امام ناظريه على جسدها الذي شبه قد حفظ كل استدارة فيه ، في الحقيقة لم يهتز كثيرا فهو قد رأى تلك المناظر في حياته ولم تعد تؤثر فيه كان وجهها يحمر تحاول ان تتأسف : اسفة حقا لقد احتجت للحمام!

سبقها الى الباب يقول : لا بأس ارتدي ثيابك و تعالي اريد التحدث معكِ !

صار صدرها يهبط و ينزل بسرعة انه يشبهه يشبه هارون ولكنه اشد جمالا و هيبة و شخصية منه كان مثيرا لدرجة كبيرة ، شعره رائع و وجهه يا الله عشقت وجهه جسده هزت رأسها لا تفهم ما هذا النوع من الرجال الذي يسيل له لعابها !

صارت تجفف شعرها و رتبت نفسها ثم خرجت له هو الجالس على الاريكة مرخيا جسده ورأسه الى السقف ينتظر في صبر جلست امامه حين استقام تناول علبة السيجار التقط واحدة اشعلها ثم عرض عليها سيجارة تناولتها شاكرة التقى وجهيهما لاشعال السيجارة لها ، شفطت منها حتى استرخت وهي ترفع يدها له : شكرا لك انا حقا ممتنة !

باتريشيا : هذا اسمك اليس كذلك !

كان الدخان يتطاير حولهما : اهه ، اشارت موافقة ,, جنين !

رفع حاجبا : باتريشيا او جنين

اشارت بإصبعيها الاثنين !

: نستطيع ان نتحدث الانجليزية اذا رغبتي

فهزت رأسها نفيا : لا انا احب لهجتكم و ادرب نفسي عليها !

مالت شفته بابتسامة : كنتِ تعملين عند اخي !

جلست وكأنه بيتها تضع ساق فوق ساق تسترخي : نعم افعل وحتى هذه اللحظة انا لا زلت ممرضته !

: اخبريني عنه

لوت رقبتها : مستفز يقتل و مهمل ايضا

هز رأسه بعينين شبه مغمضتين : وعلاقته بزوجته !

هنا تحمست : سيئة ، هو بالكاد يتحدث معها ، يهملها ، يؤذيها ، لا يعاشرها كزوج ..منفرد طوال وقته في غرفة خاصة به ، مجنون لا يعرف رأسه من رجليه متعب حقا التعامل معه !

اشارت بيدها : رغم انني تمنيته !

صار يحدق فيها طويلا لا يعرف ان كان مصدوما ان كانت هذه الاخبار تسره ان يعرفها.. المجدلية تعاني ممن هربت معه ولا يعاشرها هه الم تفر معه لهذه الغاية اصلا !

اهتز صدره بالألم لا يريد ان يشمت ولكن شيء في صدره اهتز طربا هذا جزاء خيانتها له لو فقط بقيت معه ربما لم يكن ليفكر في الزواج من تامارا ، لا يعلم لو تغيرت الاقدار ما كان سيحصل لا يعرف !

: وماذا عن منذر

ردت بكل برود فيها  لقد سوينا الأمر !

ثم اردفت: هل استطيع النوم هنا الليلة فأنا متعبة حقا

اوقفها : قلتِ انكِ قد تمنيته !

قلبت شفتيها بغير اكتراث : السيد هارون انسان جذاب و جميل عرضت عليه نفسي و رفض !

اغلق عينيه لا يصدق وقاحتها ابدا لم يجرؤ ولا واحد بالمائة ان يتوقع ما تقول !

ينظر اليها بتساؤل : ولماذا !

هنا ظهر الحزن والعبوس على وجهها بشدة انزلت السيجار من يدها حتى لمعت عيناها : احيانا اريد ان انسى و هذه هي الطريقة الوحيدة !

: تنسين ماذا ؟!!

نظرت لبرهة الى عينيه ثم انزلتها الى الطاولة تنفض السيجار من يدها: انسى انني وحيدة وان هناك رجل في حياتي احبه و يحبني !

هارون لم يكن هدفا اردت فقط مضاجعة رجل هذا كل شيء !

افتر ثغره عن ضحكة غريبة يا لها من وقحة كيف تجاهر امامه هكذا بما تريد ان تفعل.. ومع من ..مع هارون وامام ناظري المجدلية : هذا كل ما تريدين العاطفة

اضافت تعد على اصابعها : القبلات الجنس الحب الرغبة الاحساس كل شيء افتقده منذ سنين !

هنا ان خرجت مع رجل سيقولون انني عاهرة وانا لست عاهرة انا ان صاحبت سأكون وفية لمن اصاحب لا اكترث لكثرة العلاقات لست منفلتة كما كان يظن الكثيرون و اهمهم منذر !

رفع سيجار جديد الى شفتيه يشعله : نمتي مع منذر !

ردت كأنها قرصان بحر : آي !

اخذ يضحك عليها يا الله ما ابسطها ، حدق فيها طويلا ثم سألها وهو شبه مغمض لعينيه : ان اردتِ يوما خيانة زوجك او صديقك ماذا تفعلين او ماذا تقولين له !

نظرت له بطرف عينها : اتركه ببساطة اقول له الحقيقة و اتركه انا لا اخبء مشاعري عندما احببت منذر قد فعلت حقا فعلت ، راحت تنفض السيجار الذي صار كأنه ضبابة فوق رأسيهما : احببته واستمتعت معه وهو كان عاشقا مبتدأ لا بأس به !

قلبت شفتيها وهنا هذه المرة ضحك بصوت عال لا يعلم كيف.. انه فقط يضحك يا الهي لو يسمع منذر ما تقول عنه حتى اقترح عليها : اقترح عليكِ ان تكوني عشيقتي !

نظرت له تقيمه بعينيها من رأسه الى وجهه الى عينيه الى لحيته و شفتيه ثم جسده العريض الى ساقيه : ما هذا العرض السخي سيد آيدين !

هو نفسه لا يصدق ما قال كيف خرجت منه ، منذ سنوات لم يهنأ في حياته الشخصية كما يريد ، كل زيجاته كانت كارثة حتى هذه اللحظة التي ضاجع فيها تامارا اكتشف خيانتها له : لا تبدين متحمسة !

مالت بجسدها الى الامام : عرضك غريب نحن الان فقط تلاقينا

فرد نفسه على الصوفا : وماذا عن كل تلك الشكوى وحاجتك لرجل في حياتك قد صدعتي رأسي بها وحين اعرض عليكِ عرضا ترفضينه

اشارت له بأصبع : من قال انني ارفض انا لم ارفض انا فقط استغرب !

قام من مكانه فاردا طوله يحدق فيها : ان وافقتي انا في الداخل !

كان اتفاقا غريبا لا تعرف كيف حصل ولما حصل ، هو متزوج تعرف هذا ولكن لا تعرف اين هي زوجته ولما اختارها هي لهذا الشيء الذي يريد ، اتكأت على الاريكة تنفخ السيجار من فمها هو رجل جميل يبدو سخيا يريدها هي عشيقة تستمتع معه بوقتها بلا اي ذنوب فلما لا !

اطفأت السيجار و توجهت ساقاها اليه الى تلك الحجرة فتحتها هو الذي كان يبدل ملابسه فكان عاري الصدر و الساقين كان ضخما جميل الجسد رغم انها تخمن ان لونه الاصلي ابيض لكنه خمريا اغلق باب الخزانة يجلس يضع ساق تحته : وافقتي !

يسأل وكأنه امر عملي امر عادي شيء لابد منه و كأنه رجع الى آيدين ذاك الزمن الغابر آيدين الذي يتقطع جسده بين كل النساء... ام هو شيء في روحه في خلاياه في شخصيته لا يستطيع كبحه !

رفعت كمي قميصها تفرد له ذراعها ليرى تلك الآثار المقيتة عليها رفع رأسه مصدوما وهي تجيبه بلا سؤال : منذر حقنني بالمخدرات !

هوى قلبه في جوفه غضن جبينه بقوة و فتح فمه غير مصدق

انزلت كميها لا تكترث تقول ببساطة :سأتعالج !

جلست جانبه على السرير هو المصعوق كيف يفعل منذر بامرأة ما فعله

صار يحدق فيها هي السارحة بخيالها يرى الحزن في عينيها حزن عميق شديد غائم غائر موجع رفع شعرها الى ما خلف اذنها هي التي تعض شفتيها قهرا و خجلا ، نعم خجلة فهي منذ سنين لم تفعلها مع اي رجل تشعر انها يجب ان تخبأ جسدها عن كل الأعين رغم وقاحتها  و بجاحتها في تصريحاتها ولكن لا زال هناك شيء فيها يشعر بالخبؤ بالتستر

نظرت الى عينيه تسأل : هل لا زلتَ تريد !

كان يبتلع ريقه وعيناه تلمعان حزنا لا يعلم لما... اقترب من شفتيها وهو يقبلها برقة يهمس لها : نعم اريد !

 

اما عنه هو من يستلقي متثاقلا ، الذي يشد وثاق جسده و يحكم قبضته عليه ، لم يتحرك من ساعتها ، صار طريح الفراش ، لا يصدق انها قد انتهت ، انه قد سرحها ، قد طلقها ، اغمض عينيه حزنا ، هو الذي في عمره لم يطلق امرأة لم يفعلها ولكنها هي جعلته يفعل كل شيء يغاير طبيعته كل شيء ضده هي اول امرأة يعتقها من قيده برغبته النجلا انتهت ما عادت رغبة ما عادت زوجة صارت غريبة ولربما ستصبح لرجل آخر من بعده اغلق عينيه بفقد بتمهل قرار كان لابد منه لن يقبل انها قد تكون انها ضاجعت اكثر من رجل ، انها منحت جسدها لأيا كان ، انها اتهمت رجل آخر بما فعلت رجل كانت تزوره في بيته و تختلي به و يسمعها كلمات رنانة و غزل و ربما ايضا يداعبها بعينيه او بشفتيه ، لم يعد يقدر ان تكون معه.. كرامته لا تسمح ..هو الرجل الذي يعرف كل ما يتعلق بالنساء ، النساء اللواتي من خلالهن يتجسس على ذوي السلطة ومن خلالهن يبتز بهن الرجال ومن خلالهن يقدم النشوى !

التقم انفاسه لا مناص لا مناص وضع يده فوق قلبه ولكن لما ، لما يشعر هكذا اذا كان مرتاحا لما يشعر انه ميت انه مقتول ان شاحنة قد مرت على روحه و هزمتها انه لا يستطيع حتى الحديث

لما اختار الهروب الى هنا الى وحدانيته الى افكاره بها و عنها ، مهملا زوجة اخرى و ابن قد قال انه سيعلمه كل شيء وهو حتى هذه اللحظة لم يفعل !

كان صدره هامدا وكأن الهواء توقف عن النفوذ الى جسده

قد ارّخَ نفسه يوما بيوم لقاءها ، قد حفظ تلك الحبة وتلك الشفاه حتى يستطيع ان يرسمها قد حفظ لغة عينيها و خوفها و هزيمتها

قد حفظ لؤمها وكلماتها و صوت تجويدها

في فترة بسيطة حفظ كل شيء عنها حتى ما عاد يذكر انه لم يلتقها الا حاضرا بعد طول سنين !

لما يا نجلاء !

لما فرطتي في نفسك !

لما منحتها لكل من هب و دب !

حتى انني لم اسألك لما حاولتِ قتل نفسك هل كان بعد او قبل ان تخسري عفتك ان تفرطي في طهارتك !

لما كنتِ في مستشفى نفسي لأي شيء كنتِ تتعالجين !

قد فاتني الكثير عنكِ

حياتك زاخمة ، معقدة ، كبيرة علي انا المحنك في امور الحياة و الدنيا لم استطع ان اكتشفك !

ارخي نفسي و اشد حبال حول عنقي ، تركك شر لابد منه فأنا لم اعد اثق بكِ ، انتِ كاذبة بريئة في عينيك لؤم و تزورين القول و تخدعين الفؤاد و تقرصين القلب و تقتلين الغواية تبا لكِ يا نجلاء والف تب لم اشبع من وصالك بعد حتى دفعتني عن جرف هار فانهار بي في الجحيم قد دفعتني الى مالم تدفعني اليه امرأة اخرى !

تحرك من مكانه عازما يتجه الى هناك الى حيث امرأة قد اهملها على حساب مشاعره مع تلك الخائنة الحقيرة حتى حين دخل البيت و صعد الى جناحه الذي كان هادئا ، تقدم بساقيه الى حيث قد تكون كانت رائحة الحجرة تفوح مسكا و صابونا و عطورا رائحة عذبة جميلة تخترق نفسه ، يدور برأسه حتى وجدها هناك جالسة على الاريكة تسرح شعرها الطويل جدا والمبلل تميل بعنقها الى يمينها و تغرس المشط في فروة رأسها حتى تسترخي و عيناها مغمضة كانت ترتدي ذات فستان النوم الابيض القصير و العاري الكتفين في ليلة باتت في الفندق في باريس كان يبرز كل فتنتها و جمالها و نظافتها حتى انه يستطيع ان يرى روحها الشفافة من خلاله كان يعض شفته من الداخل وهو يقترب منها هي التي فتحت عيناها حتى ارتجف جسده يا الله كم هي جميلة بتلك العين الصفراء مثل القطط توقف المشط على اعتاب شعرها فأنزلته ,, هي لا زالت عاتبة عاتبة بشدة ، منذ حضرت الى هنا نساها ، اهملها ، نسي ابنه الذي كان متمسكا به ان يرجع معه الى البلاد جلس مقابلا لها هي التي اعتدلت في جلستها تفوح منها كل انواع العطور المهيجة للروح تنظر الى عينيه التي تحدق بها ناعستين حتى نطق بصوت مبحوح غائر : أنتِ لم تخونيني وانت هناك أليس كذلك !

طرق قلبها فجعا اغمضت عينيها تأكل شفتيها حتى كادت تبكي همست موؤدة : الزنا محرم حتى في شريعتي , اردفت وهي تبتلع ريقها حسرة : كنت تراقبني لما لم يخبروك !

تنهد بقوة : هل اتصلتِ بوالدك !

هزت رأسها نفيا : ليس لدي هاتف

ترددت قليلا قبل ان تقول حرجا وجهها يحمر خجلا حتى صعدت الحمرة الى خديها فجعلتها بهية شهية : زين .. جاءت مبحوحة .. احتاج ثيابا لي و لتاج !

ابتعدت بنظرها عنه لا تدري لما تشعر انها تشحذ منه كل شيء

تابعت بسهو : انت منذ حضرنا لا تهتم بأي شيء يخصنا وكأنك لا ترانا ، ابنك طوال الوقت وحيدا لم يصعد احد ليراه ، مسحت دمعة من عينها اوجعت له قلبه كانت تترقرق طوال الوقت تشعر بالوجع : قلت انه في بيت اجداده سيعتنون به واذ بي اجد نفسي وحيدة تماما لا انت ولا هم !

وضعت كفها على شفتيها تتعبر ، يا ليتها ما تركت والدها كان مؤنسها في وحدتها كان يهتم لتاج و يحبه و يقدسه و يعلمه اما هنا فكل شخص في حال وفي حياة لا تفهم

هو الذي شعر بالخجل من نفسه يشعر انه قد ظلمها معه ، كل تلك الحرب من اجلها حتى خبت مشاعره بسبب تلك العاهرة اهتم بنجلاء وطلب وصالها و سلمها قلبه و حبه على حساب هذه الجميلة و ابنها الذي لم يكن له اي تواصل معه

انتفخ صدره وهو يمد يده يجذبها الى احضانه جلست على فخذيه محرجة رفع كفه يمسح دمعها : لا تبكي ، رغم انكِ جميلة وانتِ تبكي ولكن لا احب دموعك ، سأفعل كل ما تحبين كل ما ترغبين ، سنخرج سويا نشتري لكِ الثياب و لتاج و سأوصي زكية ان تأتي له لتلعب ، وسأكلم امي ايضا التي لا تكلمني انا ذاتي لهذا السبب ، امي لا زالت مصدومة ، اما والدي فهو مشغول لن تريه سوى ما ندر !

كان يمسك بكفيها يربت عليهما برقة وهي كانت صامتة حتى كان يزيح شعرها الذي بلل كفه جانبا يغرق في عنقها يشم تلك الرائحة التي يحب و يعشق كان قلبها يهتز و ريقها يجف لا زالت تخاف منه لا زالت لم تنسجم معه العلاقة بينهما باهتة وغير واضحة تعلم انه يفضل نجلاء عليها انه يعشقها وهي لا ، هي مجرد امرأة جلبها مع طفل لبيته هذا كل شيء !

حتى شعرت بقوة و لهيب انفاسه على كتفها و يداه تتحرك بإتجاه نهدها ابتعلت ريقها و زاد ضرب قلبها حتى اذا التفتت في وجهه وجدت شفتاها اسيرة شفتيه اغلقت عيناها و جسدها يلتهب بحرارته كانت قبلة موجعة حلوة شهية رقيقة هيجت كل ما فيه وفيها هي التي تذوق القبلة منه لأول مرة حتى اذا نظر الى عينيها مرة اخرى قام يحملها بين ذراعيه هي التي تمسكت بعنقه تحمر خجلا حتى اغلق الباب خلفهما !

 

يوم الجمعة بعد صلاة العصر

 

عند زهرة التي كانت تلقي نظرات غائمة من الاعلى ، تراقب السيارات التي تجمع فيها الرجال ، تراقب ثيابهم التي يرتدونها ، تراقب صورهم و وجوههم ، كل هؤلاء الخونة ، كانت تضع ذراع تحت الاخرى ترفع سيجارة الى شفتيها وهناك رأته هو يتقدم الجميع ، هناك كان يسلم ، يمد يده ، كان يضحك يا الله لكم من الوقت لم ترى ضحكته ، حماسه ، روحه ، كانت تنفث انفاسها لم تعد تشعر بشيء لا بالقهر ولا بالعجز كل شيء خبا في ذاتها هي زوجته التي قال لها انتقلي الى بيتي وها هو ذا جمع امة لا اله الا الله كي يطلب اليوم يد امرأة نافستها عليه و ظفرت به !

لوهلة وهي واقفة هناك رفع رأسه الى حيث هي الى حيث مكانها التقت عيناهما وهي تضع السيجارة بين شفتيها ترفع له حاجبا كان رأسه مرفوعا لها عيناه مغيمة مثقلة طال تفاوض النظرات بينهما الذي انهته بأن اسدلت الستار على وجهها الجميل جدا على ثغرها الفاتن على بشرتها البيضاء النقية على اصابع يدها الرقيقة الطويلة على شعرها الكثيف الرائع اغلقت كل شيء بينهما واعطته ظهرها لا تكترث .. وهذا ما دفعني عنكِ يا زهرة هذا ما دفعني عنكِ .. برودك !

وصل الجمع الى منزل عمه سعيد ، الكل كان حاضرا ، اخوه و ابوه المتعب حقا وجهه لا زال مصفرا ولم يتحدث كثيرا يشعر انه غائب عنهم ، عمه امحمد الذي تبادل النظرات الحارة معه ، آيدين الذي قضى ليلة من ليالي الف ليلة و ليلة مع امرأة خبيرة في الجسد ، الزين الذي مال قلبه لتلك الفاتنة اليهودية ، طارق الفارغ من النساء ، الهادي محب النساء ، يقف في المواجهة عمه سعيد المغتبط فرحا يكاد يطير ، المنذر و المؤيد و ياسين !

هناك من على الشرفة التي تبكي عشقا و فرحا و اختها تحتضنها بين ذراعيها تبارك لها !

حين جلس الجميع و بدأ صالح يتكلم وسط مجلس اجتمع فيه اكثر من عشرين شيخا من مختلف القبائل و شاعرا و حكيما و شيوخ مساجد كان المجلس عامرا وكان كل ما لذ و طاب قد فرد على الطاولات امامهم وبعد شرب القهوة : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ،، اليوم يا جماعة الخير نجتمع انا و اخوتي في حضوركم لطلب يد ابنة اخي الصغرى لابني يحي !

ويحي الذي هو مطأطأ الرأس قلق متوتر و قلبه يرفرف ينظر الى تلك الوجوه .. منذر و مؤيد و ياسين .. كان يضيق نظره فيهم يلتقط نفسا عميقا حين سمع عمه سعيد يضحك : الساعة المباركة ان نكون اخوة و اصهارا بإذن الله .. كان الجميع فرحا يسمعون و يتهامسون حتى نطق فيهم صوتا غليظا حاقدا مغلولا شق صف الجماعة و فجع قلوب محبة : انا اخوها الاكبر .. غير موافق !

تسلط الفزع .. العيون .. الدهشة .. عليه ، هو الذي كان ينظر بمكر في وجه يحي الذي اسود من صدمته بل ارتفع صدره بقوة يتنفس ، صار المجلس هادئا كأن الريح تصفر فيه حتى تكلم اخاها الاخر المؤيد : ولا انا موافق ، ليرد الثالث : ولا انا !

ثلاث طعنات اخترقت قلب ابيهم و سودوا له وجهه امام العرب ثلاث طعنات سددودها الى اعمامهم المسودي الوجوه ، ثلاث طعنات في وجوه ابناء اعمامهم الغاضبين ، تعالت الانفاس تهادت تحاربت صارت تطحن بعضها صارت تعلو تعلو تعلو حتى قام من مكانه يتجه له بسرعة عجيبة يمسك به من قميصه يشده له للأعلى وهنا قام المجلس كله وهو يهز جسد منذر بين يديه : هل جننت !هل جننت !

كان اللؤم و الحقارة كلها في عينيه : واحدة بواحدة !

فتح عينيه فيه مفجوعا و العرب من خلفه وامامه تشهد الجميع صار مترقبا صاروا متأهبين لقتال و اخوه من خلفه : ما قصدك

نظر اليه بقوة و اخوه المؤيد ايضا من خلفه يحدجهم بنظرات قاتلة : كما اخذتم 

 مني ابنة عمي لن اعطيكم اختي !

تدخل الشيخ بقوله : يا سادة ، يا سادة ،إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، هل اخلاق السيد يحي تعيبه !

نظر بحقد في وجه الشيخ وجهه كان مسودا جدا وكل ملامح وجهه المشوهة و شعره المعقوص فوق رأسه و السواد تحت عينيه كلها تقول كلها تشي بمن هو ليس ذا خلق ولكنه يعاند يقول : ولو كان نبيا ، صدّيقا ، رسولا منزلا ، اختي ابعد له من انفه !

كاد ان يلكمه ان يحطم وجهه صار ثائرا منتفخا من الغضب يريد ان يصرخ وهو يلتفت الى وجه اخاه و ابيه و عمه الذي صدم بح بكلماته : حسبي الله ونعم الوكيل جلس مصدوما حتى قام صالح المتعب يجر خطواته ، صاروا فرجة للعالم المتفرج : اجلس يا منذر و لنكتب الكتاب

صرخ منذر بكل ما فيه حتى اهتزت قلوب الرجال : اقسم بالله لأقتلها لو كتبتم كتابه عليها الآن اقتلها ولا اسف ، قلت لكم واحدة بواحدة تعطوني بنت عمي اعطكم اختي غير هذا لا شيء !

هنا نزلت اللكمة على وجهه حتى تحرك المؤيد يمسك بزمام يحي ثم تحرك شعيب يمسك بيدي المؤيد صاروا يتدافعون في المجلس مثل العمالقة صاروا يتضاربون مثل الوحوش الضارية ابناء العم صاروا اعداءا الكل سن سيفه و يريد القطع والقتل حتى صرخ فيه : انا احجر عليها !

صمت المجلس و ركعت الاكف و الكل صار ينظر له الى وجهه الحقود عليهم الى اصرار عينيه وهو يكررها : انا احجر على سُكينة !

جلس ابوه مشدوها ينزل الدمع من عينه التفت حوله آيدين المفجوع و صحب يحي يهدأونه فلم يتوقع احد منهم ما حصل وهؤلاء العمالقة يتدافعون امامهم هكذا بكل جبروت وكررها للمرة الثالثة : ان زوجتها فأنا قاتلك !

صرخة خرجت من فم عمه الذي انهار هو الآخر قد وصلت بينهم للدم بعد ان كانت ستكون مصاهرة ود و لم شمل !

حتى سمعوا صوت الشيخ يردد : يا جماعة لا حول ولا قوة الا بالله تعوذوا من الشيطان ، يا سيد منذر الرسول عليه الصلاة و السلام قال لا ارى للمتحابين الا الزواج ,, لا تضيع حياة اختك !

لكنه صرخ في المجلس يكاد يقطع ثيابه عيناه تبكيان غائرتان مسودتان : قلها لهم قلها لهم من اعطوا خطيبتي لرجل آخر قلها لهم قلها

حتى رفع وجهه في وجه يحي متحديا بجبروت وهو يمسك على شاربه : والله والله والله حتى يشيب رأسك و رأسها !

ياسين الذي انطلق الى الداخل يجري يلهث وجهه مصفرا دخل عليهن امها وامه وصبا و ناجية الكل يترقب حتى راوا منظره المفجع فتحن اعينهن عن وسعها وتلك العروس التي تجلس بينهم قلبها يطرق كالمطارق العملاقة صرخت امه : ماذا حدث !

اجاب وهو يلهث : اخوتي رفضوا يحي و يحي قد حجر على سكينة !

تدافعت الشهقات وهو يتابع : الجميع تضارب في المجلس !

وقفن على ارجلهن شاحبة وجوههن التفت الجميع عليها هي التي فجعت في روحها في عمرها عيناها تبكي تصرخ رمت بكوب العصير من يدها وهي ترتقي الدرج بسرعة تلحقها اختها و صبا من ورائها وامهما تبكيان حسرة ووجعا

خرج الجميع من المجلس المكتئب صاروا يتدافعون لا ينظرون الى بعضهم البعض القى الجميع السلام وخرجوا وهو في لجة تدور به الارض ولا زال منذر في الداخل مجنونا يصرخ : ارجعوا لي صبا ارجعوا لي صبا حتى صم آذان العالم خرج يقف هناك حوله صحبه و اخوه و ابن عمه مال عليه الهادي : خير ما فعلت خير ما فعلت !

التفت ينظر الى وجه عمه امحمد المسود تبادلا النظرات هز رأسه له و اتجه الى الخارج وفي غمرة بعده عنها غمرة حرقة روحه و سواد وجهه امام العالم يسمع صراخها صراخ شق سمعه صراخ ادمى روحه : يحياااااااااااااا كانت تصرخ تصرخ كالمجنونة في الشرفة شعرها يتطاير حولها لا تصدق لا تصدق تبكي قهرا حتى التفت لها المؤيد ذهب اليها يجري و ناجية التي جرتها هي وصبا الى الداخل و اغلقا الشرفة عليها هي الصارخة المحطمة حتى دخل عليها المؤيد هجم عليها بصفعة حارة حارقة لا ترحم يشد شعرها بقوة بين يديه : يا سافلة يا منحطة لم ينقص سوى ان تجري خلفه !

حتى وقعت يد على ساعده توقفه بحدة يد غريبة عليه ، يد رقيقة جميلة باظافرها و زينتها و رائحة عطرها نقل نظره بسرعة و حدة اللى ذلك الوجه و العينين الحادتين : لا تلمسها لا تضع اصبعا عليها !

وقف مواجها لها وتلك تنتحب و اختها تجرها تدفعها الى حيث غرفتها تلقيها هناك تسقط على السرير منهارة

اما هي وقفت في مواجهة المؤيد الذي لم يستطع حتى النظر في عينيها لا يدري قد شعر بشيء غريب في قلبه كانت لا زالت تقف في وجهه تتهمه : تقايضونني بها وانتم تعلمون ما حصل . كل ما حصل .. هزت رأسها .. عيب عليكم عيب .. كسرتم قلب اخي كسرتموه .. ضربت على صدره بأصبع : انت انت تعلم كيف هو حال اخوك كيف اصبح اخوك زير نساء متعاطي مخدرات هل تريدني ان اضيع عمري معه

رفعت وجهه لها بطرف اصابعها هو المتفاجيء منها و بها ..هو لا يختلط بها كثيرا ولا يراها اصلا ، كان ينقل عينيه من عين الى اخرى فيها ينظر الى جمال وجهها كبر و سواد عينيها عرض حاجبيها و بروز شفتيها و استقامة انفها و قوة نظراتها و حركة شعرها الأسود الملتف حول عنقها شيء صم اذنه طنين ارتقى كأنه لم يعد يسمع : راجع نفسك يا مؤيد راجع نفسك !

اعطته ظهرها ولكنه امسك برسغها بشدة يلفها له و ثانية حتى كانت بين احضانه، يغرقها بقبلة اخترقت جوفها، قبلة لم يعد يعقل فيها شيئا قبلة افرغ فيها كل حقده على هذه الدنيا على ما حصل في الخارج على ما جنت يداه في البريئة قُبلة عبثت بجسدها حتى حين اطلق سراحها بوجهها المحتقن بالحمرة ترفع يدها الى شفتيها فاتحتا فاها نظراتها مشدوهة مصدومة الدم يغلي في عروقها تقابل انفاسه الحارة التي تسقط عليها وكل جسدها ملتصق بجسده حتى لمها مرة اخرى الى وجهه يقبلها برقة حتى رفعت يدها الى عنقه تبادله القُبلة كان يعتصرها بقوة بين ذراعيه يده على خصرها الذي كاد ان يطبق عليه بكلا كفيه يشد شعرها ويرفع رأسها لينزل على عنقها وهي تهمس : كفى كفى وكأن جرس الانذار قد اخترق عقله او ما بقي منه حتى توقف على اعتاب ترقوتها يدفن رأسه هناك لا يدري مالذي حصل له كيف فعل ذلك كيف غرق فيها محبوبة اخوه و خطيبة الصديق ويده لا زالت عالقة في شعرها ويداها على صدره همست مرة اخرى تغمض عيناها : كفى !

رفع وجهه في وجهها كان صدرها يهبط وينزل بسرعة عجيبة مثله تماما كانت الرغبة تغزو كلاهما تغمض عيناها تكرر : كفى !

دفعته بعيدا و اعطته ظهرها وخرجت تجر خطواتها ترفع يدها الى شفتيها و الدموع تنهمر من عينيها قلبها يدلف دلف الطبول خرجت الشهقات منها تباعا لا تعرف مالذي يجري في دمها استندت على الجدار تهدأ من روعها و تسكت قلبها تحاول ان تسيطر على رعشة يداها و عنقها الذي فعل بها الاعاجيب ترتب هندامها وتنزل للأسفل ترى وجه امها الغارق في دموعه يرتديان الثياب على عجل و يخرجن الى سيارتها تلقي نظرة اخيرة على تلك الشرفة فتراه هناك يخترق روحها بعينيه هزت رأسها تجليه ثم تنطلق  !

 

هناك حين وصل صالح مع اولاده كل يغمر رأسه في التراب كان بالكاد يمشي بالكاد يتكيء على عصاه اهتزت اهتزت بقوة اهتز جسده اهتزت كل حياته مال بجسده حتى التقطه اولاده قبل ان يصل للأرض يصرخان بقوة : ابييييييييي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...