الجزء السادس و الثلاثين

 


 

الجزء السادس و الثلاثين

 

كان الصمت ، الصمت المطبق محيطا بي ، لو ، لو كان كل شيء مخطط له لم يكن ليكون اسوأ مما هو عليه الآن ، هل يعلم آيدين كيف عشت تلك السنين من عمري ، كيف استيقظت من الغيبوبة ، كيف نمت فيها ، كيف ضاع عمري في الحزن و البكاء و الانهيار ، لا يعرف شيئا لا يفقه شيئا ، آيدين كان شاهدا ، شاهدا على كل ما فعله صديقه بي ، بحث عني و اصر علي كي يكفر ذنبا ، كي يضمد جرحا لن يقدر اعتى الرجال في حياتي على تضميده ، عشت حياتي كلها بين خالي عبدالرحمن و زوجته سلمى قد سافرا بي الى بريطانيا ، هناك كبرت هناك ترعرعت ، هناك استطعت ان ادخل مدرسة و اتعلم شيئا عن هذا االعالم الذي لم افقه فيه شيئا يوما ، كنت نقية ، يا الله لا اعرف كم النقاء الذي كان يحمله قلبي ، لم ارى الوجوه لكن رأيت الارواح ، روح خالي و روح عمتى سلمى ، كانا يخافا علي من الطير الطائر ، كانا يعشقان ان يكونا حولي ، لو ارضعتني امي من صدرها ما كانت ستحن علي اكثر مما فعلا ، وتلك نعم تلك الام التي لم تعد تسأل الام التي نسيت ان لها ابنة اسمها تامارا ، بنت سلماها لآيدي الزمن تتلاعب بها ، بنت لم تعد بعد عمر الثانية عشر بنتا ابدا ، كانت رائحته تعبرني روائح غريبة عطر على سيجار على خمر يده وملمسها على جلدي دفعه لي الى مكان ما و تعريته لجسدي ، اغتصابه لي مرارا و تكرارا ، انا حتى لم يعد لدي القدرة على شرح حالتي ، لم يفهم احد ما مررت به ، قد فقت في المستشفى بالكاد افتح عيني حولي اصوات تعبر سمعي رنين اشياء في عروقي ..جسدي مخدر يؤلم محطم كنت صغيرة صغيرة جدا فقط في الثانية عشرة تذكرت نعم تذكرت تلك الساعة ما حدث لي كنت اجلس تحت الاكسجين ولكن الصرخة خرجت مني خرجت مهزومة مكلومة صرت اصرخ اصرخ ارفس اتحرك بقوة اريد حريتي العودة الى رحم امي الى يدي ابي الى عين خالي اريد الرجوع الى كل ذلك قبل ان الحق بقدري ، نفق نفق طويل ما عدت ارى آخره ، كله مطبات كله حسرة كله وجع ، كانوا يحقنونني طوال الوقت بالمخدر كلما استيقظت كلما ثرت كلما صرخت ، لم ارى وجه خالي لم ارى وجه عمتي سلمى ، كنت معزولة عن كل العالم ، كانت تدخل علي كل يوم طبيبة نفسية تريدني ان احكي ان اقول ان افضفض ولكن ماذا تريدني ان اقول ما هو الذي يلزم شرحه ان هناك رجلا نام معي ليلة بأكملها يتقلب فوق جسدي ، رجل كنت اسمع انفاسه يداه لا زالت تجري على جسدي و اشعر به داخلي في عمقي !

أهكذا يكون اخضاع المرأة ؟

اهكذا يكون تركيعها طوال عمرها !

تصبح اسيرة تلك الليلة

تصبح حياتها تنتظر النهاية ، اسأل نفسي كل يوم متى سأموت !

فتاة في عمري لا زالت تلهو و تلعب و انا افكر في الموت كل ساعة كل ليلة كلما رقدت اغمض عيني و امنيتي الوحيدة هي ان لا استيقظ وكلما استيقظت نزلت دموعي حارة محسورة مهزومة يضيق بها صدري فأصرخ اصرخ اتقلب على نفسي اضرب وجهي اشد شعري ابكي اضل ابكي و خالي يحضنني يبكي معي كنت اصرخ في وجهه مفجوعة  : لااااا لااااا لاااا

كان يأخذني في حضنه و تتلقفني عمتي سلمى تبكي معي تزرعني هناك بين نهديها اشم رائحتها رائحة امي : لمااااا لماااا يا عمتي لمااااا ما ذنبي انا ما ذنبييييييييي اضل اصرخ اصرخ اصرخ حتى يبح صوتي ، ذبلت ، متت ، مت وانا حية ، كانت الدموع هي شرابي و فتات شفتي صارت طعامي و اظافري تحليتي ، صرت آكل نفسي حتى صرخ في خالي : يكفي تامارا يكفي لا تفعلي في نفسك كل هذا لا تقتليني بقهري عليكِ كان يدور في الحجرة مثل المجنون كان يكسر و يحطم و يبكي و يضرب على صدره : انتِ امانتي مسؤوليتي و قد فرطت فيك فرطت فيكِ

كان يجلس على السرير يضع وجهه بين كفيه يجهش بالبكاء الغليظ البكاء الذي لا زلت اسمعه حتى الآن في منامي وفي صحوتي ، قد سحقت قلب خالي لأنني انثى دمرت له حياته ما عاد خالي كما هو كانت الحسرة تأكله كان الموت يقترب منه حتى اصيب بسكتة قلبية ارقدته في المستشفى اياما كان لا يعي شيئا كنت انا و عمتي سلمى نزوره و نراه من خلف الزجاج كنت ابكي : لا تتركني انت ايضا لا تتخلى عني انا ابنتك ابنة قلبك ، خالي قم من اجلي و سأكون قوية قوية جدا سأهزم كل خيبات الألم !

لم اعد ابكي والدمع قد غير مساره لم يعد يخرج من عيني و صار يتسرب الى داخلي ، كان الالم يتجمع ، يزداد ، يحشر نفسه في قلبي حتى يكاد ينفجر ، هل لها ان تمطر علي اكثر من ذلك ، هل عليها ان تمحيني ان تنفيني اكثر من هذا !

ياااااااه ولم تنته تلك الايام لم تنته حتى اكتشفت انني حامل !

 

كان يدور حولها ساعة يقف يهدر بأنفاسه التي لم تهدأ حتى بحالتها الواهنة تلك يراها تستند الى ظهر السرير رأسها ملفوف في شاش كبير بعد ان تم غرزه بخمس غرز اغلقت لها الشق العميق الذي حفره بيديه في رأسها كمنجل يخترق جمجمتها.. ولا زال ثائرا غاضبا منها ، تشعر انفاسه تشعر روحه التي تحلق فوقها تكاد تخنقها ، لم تعد تامارا تشعر بشيء تجاهه كانت صامتة صامدة لا تتكلم لا تستجيب ، غرقت تامارا في ماضيها في تلك العشرين عاما التي عاشتها في المنفى من بلد الى آخر تهرب بروحها تهرب بحملها ، ضائعة في المدارات !

تشعر به يجلس على حافة السرير حركته تسمعها بوضوح يلتقط انفاسا عميقة ثم يرجعها و يسمم بها الهواء من حولها فتتسمم حقا

وهو كان ينظر الى عينيها الغائرتين الحزينتين كانتا بحرا في يوم عاصف يوم ثائر الى وجهها الذي ذبل الى شعرها الملتف حول وجهها يعانق عنقها و نهديها  الى روحها الغارقة الى جسدها الثقيل يمسح على وجهه بقسوة يغضن جبينه و يلوي شفتيه قهرا و عيناه تشتعلا كأنها بركان يهدد بالثورة يهمس لها : تامارا !

ورأس تامارا ثابت لا يستجيب ، تامارا لا تسمع غارقة في السماوات

لاااااا لااااااا صراخ صراخ بكاء ليس به عزم تضرب على بطنها بقوة لاااااا لااااا يا خالي لااااا لااااا لاااااا يا خالييييييييي كان يهجم عليها يهديء من روعها من انهيارها يرى الانهار التي تنكسب من عينيها ومن شفتيها ومن انفها تصرخ كالمجنونة في كل ركن في كل زاوية في كل سطوع ضوء ممكن في الظلمة في العتمة اقتلني يا خالي اقتلني اقتلني والا سأقتل نفسي اقتل نفسيييييي صار صراخها مبحوحا خارجا من حنجرة مقتولة لف يداه حولها يخنق يخنق يخنق حتى توارت الاشياء حتى انقلب السواد الى سواد حتى خرجت الروح تزعق وترجع كانت يدا آيدين يدا مغتصبها

تسمع صوت امرأة ما : يا سيد عبدالرحمن الاجهاض في هذا السن سيسبب لها مشاكل عديدة مستقبلية ربما ستنزف حتى تموت الرحم غير مستقر بالمرة !

كانت تهز رأسها رفضا تلتهم دموعها لا تفهم لا تعقل لما يا الله اكان للعار ان يصبح اكبر اكان للسماء ان تمطرها حجارة و تخلص ..اكانت للارض ان تبتلعها وهي حية ..انهزمت ، انهزمت تامارا وما عادت تقدر !

في تلك الاثناء سمع دق الباب تحرك اليه على مضض كان هناك ابوه واقفا يحدق فيه مليا آمرا له : تعال ورائي !

اغلق الباب خلفه يتبع اثر ابوه الى ان وصلا الى صالة داخلية جلس كل منهما في طرف ، ابوه يحدق فيه البصر بصبر ، وهو يفتح ساقيه و يستند برأسه بين ذراعيه وجهه كان مسودا غامقا حرجا حتى سمع صوت والده : تعرف ، في حياتي لم اؤذي امرأة ، كل امرأة تزوجتها اعطيتها حريتها لم اقيدها ، اقول لها ، في الساعة التي تكرهيني فيها اخبريني قولي لي و تكونين حرة ، وكان هذا وعدي هذا شرفي لأنني رجل امسك نفسي من لساني لا اخل بعهد ولا اخون وعد كما هي كما انا كلانا لدينا حقوق !

ضرب  يداه ببعضهما كان ممتعظا منه ممتعظ كثيرا من ابنه و حال كنته : ان كنت لا تريدها طلقها اتركها لحال سبيلها .. امساك بمعروف او تسريح باحسان !

المرأة ليست رهينة عندك كي تفعل بها ما ترغب !

كان يسمع و يهز رأسه، قلبه مكتوم مكتوم يشعر انه سينفجر انه يريد ان يكسر و يحطم و يدمر ، يشعر ان كل العالم ضده ، عيناه تحترقان بالدمع : تدري ذاك الزمن عندما قلت لك اخطب لي و زوجتني من البنت الخطأ ، تزوجت اختها بدلا عنها ، تدري مالذي حصل لي ، صرخ بعزم ما فيه و هو يمسك على صدره بقوة يعتصره : لقد قتلتني قتلتني

لا تعرف كيف عاشرت اختها كيف سحقتها كيف هززت ثقتها في نفسها كيف دست على احلامها كيف حطمت امالها كيف غصبتها على تناول حبوب منع الحمل كيف كنت استغل جسدها كيف كنت ارميها خارج فراشي كيف كنت اصب غضبي عليها وهذا قليل من كثير مما فعلته بها حتى ماتت تعرف مااااااتت  

التقط امحمد انفاسا متتالية يعلو صوته فوق صوت ابنه : هذا كان خطأك وحدك انت وافقت قلت لك تعال و تتعرف عليها ، تعال لابد ان تراها ، تعال وجهز لنفسك لكن انت صممت الا تحضر

انتفض في مكانه يضرب على الطاولة وكأنها لحظة فش غل فش عقدة يرفع حاجبيه بقوة كلماته بحنجرة مغلوبة على امرها صوت غائر حزين مقتول : أبعد ان خانتني ابنة اخوك العاهرة  مع ابنك الكلب كنت تريدني ان ارجع اليكم انا حتى كنت افكر ان اهاجر ان ارجع الى سوريا ان ابتعد عن كل هذا الوسخ الذي عشت و اعيش فيه انت لا تعلم ما حصل لي في الغربة لا تعلم كيف عملت هناك حتى استطيع ان اصرف على نفسي الم تقل لي لا يوجد مال كاف كي ارجع لا يوجد مال كي اكمل دراستي لقد افسدتم كل شيء انتم فعلتم و دمرتموني معكم و هذه المرأة التي في الداخل هي نتيجة هذا الدمار نتيجته

كانت صرخاته تهز البيت هزا كان آيدين مجنونا ينتفخ صدره كمحارب في غزوة يزأر يصر بأسنانه : تريد مني ان اطلقها بعد كل ما حصل لها بعد كل ذنوبي فيها تريدني ان اطلق سراحها

انتفخ صدر ابوه كمدا و اسود وجهه منه حتى اقترب منه كثيرا يشد على صدره يخنقه من عنقه يهزه بشدة : يا ابن الكلب ماذا فعلت بها ، كان وجه ابوه غامقا غاضبا عيناه كبرتا في وجه ابنه المغدور الغادر كان صامتا عيناه فقط من تتحدث عيناه تشي بكل وجع وكل فعل و كل حقارة فعلها بها حتى فتح ابوه عيناه صدمة اخرس تماما ما عاد يعرف ما يقول ما عاد يعلم ما يفعل حتى نزلت الصفعة.. صفعة قادرة صفعة محطمة صفعة ترجعه الى وزنه الى حجمه الى تاريخه الى ماضيه الى كل آثامه ، صفعة اخرجت صرخة وكان الوجهان يتنفسان في وجهي بعضهما الحرارة تتدافع الانفاس تتصادم وهو لم ينكسر ولن ينكسر يقول بغل في وجه ابوه : لم يوصلني لذاك المستوى سواك انت وسوى امي التي فضلت البقاء هناك على الرجوع معنا ، ماذا تتوقع من شاب في السابعة عشرة بلا مال بلا سند في الغربة ماذا كنت تتوقع

ضرب والده على صدره بحسرة حسرة ادمت له قلبه و ظهرت على وجهه بين عينيه في دمعه الذي تسرب على خده : توقعت رجلا ، رجلا يقف لنفسه يحارب من اجلها ، توقعت نبيا توقعت رسولا توقعت ذكرا ولكن ان تجيء لي بكل تلك الآثام ومن بينها امرأة بريئة تشتغل بتعذيبها فهذا ما لم اتوقع .. ضربه ضربة على صدره حتى ارتد في وقفته يغمض عينيه يأكل شفته يرفع رأسه للسماء يضرب بيديه على جنبيه يقول بوجع بصوت متحشرج : ما حصل قد حصل ولن اغير الواقع هذا ما جنت يداك هذا ما جنت يداك !

اعطاه ظهره حتى سمع صرخة ابوه : تعال

التفت على مضض يرفع رأسه يتنهد يجيب على مضض : نعم

اشار والده الى الباب : اخرج

التفت له بكامله يفتح عينيه فيه لا يفهم حتى ردد ابوه حانقا : قلت لك اخرج لن تصعد لها و تدمر ما تبقى من هذا الزواج ستخرج ولن تريني وجهك حتى تأتي اليها نادما معتذرا

زم شفتيه بقوة حتى انتفخ انفه يسمع لابوه الغاضب : ولا كلمة لا تنطق لا اريد ان اسمع صوتك ستخرج من هذا الباب انا قلت ولن تصعد للأعلى ..هيا ارني ظهرك !

مال رأسه هما لوى شفته نظرة اخيرة سددها الى عيني ابوه المعاند نظرة و قرار لا رجعة فيه يحرمه منها عقاب لحظي آني كان في حاجة اليه هز رأسه و خرج !

جلس امحمد على كرسي خلفه يضع اصابعه على عينه يكتم بكية وهو يرى ابنه في ضياع بغير استقرار ، زواج وراء زواج امرأة وراء امراة لم يكن تائها يوما اكثر مما هو عليه الآن رغم اعوامه الثمانية و الثلاثين لا زال آيدين تائها !

في تلك الجلسة و صله اتصال من يحي رفع هاتفه مغضن جبينه يسمع صوت ابن اخوه الغائر : عمي اريدك في المزرعة في امر ضروري !

نظر مليا الى الهاتف يرد عليه وهو ينفث انفاسه يحك جبهته : طيب !

 

 

اما عن ابنه الثاني الذي صار يجلس على كرسيه يحدق فقط في الخارج ، يراقب حركة الاشجار ، تساقط الاوراق ، صوت الريح ، دورانها ، عينا للسماء للغيوم للنجوم للزرقة للحمرة لكل شيء ما عدا ما هو داخل هذا البيت ، صارت حركته الية يأكل بلا طعم ، ينام بلا وعي ، قد اغرقه الحضور الى هنا اغرقه التصقت شفتاه على بعضهما البعض حتى ما عاد يقدر على فتحهما غار صوته وما عاد يقدر على النطق سألها اكثر من مرة ان تحضر له خمرا فرفضت كانت غاضبة منه جدا تدور في البيت الصغير هذا بلا وهج بلا روح قد كان حبسا اجباريا حبسا بلا ذنب !

تدور حوله تقترب منه تهمس له : هارون والله قد مللت لوحدي تحدث معي فلنمضي الوقت سويا لقد فاضت روحي في هذا المكان !

كانت عيناها تترقرق بالدمع وهي تراه يعود الى حاله الى نقطة انكساره الى المربع الأول وكأنك يا ابو زيد ما غزيت تهزه : هارون

كادت تشد شعرها غلا رفعت هاتفها تتصل بسكينة انتظرت طويلا ولكنها هي الاخرى لم تجب ، اتصلت بناجية و طال الانتظار و هي الاخرى لا تجيب ، تقضم شفتيها بمن ستتصل.. هي لا تملك اي ارقام هواتف اخرى سواه ..سوى هو.. ذاك الذي خانته يوما و تركته يتطوح على اعتاب الفضيحة .. زوجته كارهة له و هربت مع اخاه .. و اي شيء اكبر من ذلك يمحي رجولته يسحقها يدمرها !

تعمقت في الغرفة تتردد ترتعش يداها تتقلب عيناها تزوغ يدق قلبها بقوة في صدرها حتى جريان الدم سبب لها دوارا ...قرار الاتصال به قرار صعب غبي ولكن لابد منه اغلقت عيناها وطرقت الرقم

على الطرف الآخر كان يمشي في الشارع على غير هدى شعره يطير مع الريح الخفيفة و الشمس تسطر له رأسه لم يرد ان يركب السيارة يريد ان يمشي حتى تتعب ساقاه.. يمشي حتى ينسى انه يمشي.. حتى سمع صوت الهاتف اخرجه من جيب بنطاله و رفعه .. رقم غريب .. غضن جبينه نظر مطولا و الرقم يفصل اراد ان يضع الهاتف في جيبه حتى رن مرة اخرى هناك فتح ووضع الهاتف عند اذنه .. الصمت .. صمت .. انفاس متدافعة تحارب بعضها تصله تخرم طبلة اذنه وصوت هامس متزعزع خائف مهتز مذنب : آيدين !

توقفت ساقاه عن المشي صعدت الحرارة الى وجهه الى رأسه كادت تعميه.. قشعريرة سرت على طول ظهره وتكررالهمس : آيدين !

كانت في الطرف الآخر تكاد تقع من طولها تأكل اظافرها وجع مؤلم في امعائها المتقلبة تشعر انها ستستفرغ كل شيء لا تصدق ما تفعل تسمع فقط انفاسه الحارة تصل الى عمق روحها فتنزل منها دمعة تواصل الهمس : آيدين اخوك متعب متعب جدا متى ستأتي ..هارون طير حر لا يستطيع البقاء في قيد سيقتل نفسه !

كل كلمة كل حرف كل همسة مزقت الحشى خرمت الضلوع اغمض عينيه وزم شفتيه نظر لزرقة السماء قال كلمة واحدة فقط بصوت غليظ جدا بعيد جدا صوت ارتعدت منه اطرافها صوت تغير عليها صوت ما عادت تألفه ما عادت تتعرف عليه رجوليا فخما عميقا بروتونيا : سأتصرف !

اغلق الهاتف في وجهها و قلبه يدق دقا غريبا دقا عنيفا التقط انفاسا محبوسة ارادت التحرر من حويصلات رئته يا الله ما كل هذا يا الله لف على نفسه ينظر الى هاتفه  و يطلب رقم يحي الذي كان مشغولا يقود سيارته و هي جانبه تسأل : الطريق غريب ليس طريق البيت

كان عقله يدور وهو يغضن جبينه التفت اليها يعطها نظرة ..نظرة عميقة طويلة نظرة وعد.. نظرة شغف.. نظرة حب.. نظرة لم يهبها لامرأة غيرها : لدي موعد في المزرعة ثم ارجعك الى البيت امسك باطراف اصابعها بين اصابعه يغمرها بدفأها يرفعها الى شفتيه يقبلها بشغف و يحتفظ بها قرب قلبه يسمع صوتها يخترق خيالاته بثغرها الصغير ذاك : يحي ما بك !

في تلك الثانية جاءه هاتف آيدين رفعه فيسمع صوته البعيد وكأنه من الماضي السحيق مهموم مغموم : يحي جد حلا لحالة هارون الظاهر انه بدأ يمرض !

تنفس عميقا عميق جدا يجد ان كل شيء يضغط صدره : آيدين احجز لنا للاسبوع القادم بعد عرس صبا مباشرتا !

هز آيدين رأسه موافقا و يحي يردف : سأجعل عصام يأخذهما الى المستشفى كما يريدان و ان يخفف عنهما الرقابة ولكنني لا اضمن اي شيء لا شيء !

اغلق من آيدين يطلب رقم عصام  الذي جاءه الامر : عصام اعطي الجماعة بعض الحرية و اوصلهم للمستشفى التي يريدون !

نفث انفاسه بصعوبة ولا زال عقله يدور في مسارات مفتوحة و مغلقة سمع همهمت عصام ثم اغلق الهاتف حتى وصلا المزرعة توقف هناك على اعتاب البوابة يذكر اول مرة قبّلها فيها كانت هنا ، هنا بدأت اللعبة هنا بدأت الحكاية هنا كل شيء كل الذكرى كل الحب كل الوقت كل الايام هنا ظرف سعادة هنا صارت تملكه .

التفت اليها الى وجهها المحمر من البكاء لا تريد تركه لا تريد مغادرة المكان تخاف ان ينتهي السحر ان يرجع كل شيء الى سابق عهده ولكن لا ..سُكينة قد ملكت الروح ولن يتركها.. صارت حبيبته..عشيقته .. صارت طبيبته صارت تطير من خلية الى اخرى فيه تلتهمه حتى سلمها نفسه كاملا  تسمعه و عيناه على باب المزرعة : اقترب وجهه منها حتى مالت عليه لثم شفتيها برقة حتى اغمضت عيناها عشقا هامسا لها في عينيها صوته متعب من العاطفة احبك جدا وجدا وجدا ولن اقدم لكِ يوما غير فمي وطنا

الصقت انفها على انفه تستنشقه تحتفظ به في صدرها في حجرات قلبها تلمس جانب وجهه حتى دغدغت لحيته : لو كان فقط للزمن ان يتوقف عند هذه اللحظة

لعق شفته وضغط عليها يقول برقة :ستدخلين الى البيت ولا تخرجي منه حتى اعطك العلم !

ابتلعت ريقها وعيناها يكسوها حزنا و عشقا و عمرا اومأت برأسها نزلت من الباب اتجهت الى باب البيت الرئيسي فتحته ثم دخلت وهو انتظر العم صبحي حتى يفتح البوابة فتعصف سيارته للداخل وهناك كان عمه امحمد و طارق و الهادي التقط نفسا قويا اوقف سيارته ثم نزل !

 

عندما دخل عصام على المجدلية التي كانت تطرق بأصابع يدها على كرسي امامها وهي مطاطأة الرأس نادى عليها حتى خرجت له تنظر في لهفة تنتظر الفرج : سيدتي حددي لي ايام الذهاب الى المستشفى واذا اردتي انتِ و السيد هارون الخروج للحديقة او الذهاب الى مكان ما فقط اطلبي !

وضعت يدها على صدرها تبتسم لنفسها : شكرا لك

خرج وهي اندفعت الى الداخل الى حيث زوجها الميت انطلقت له كمن تنطلق الى الحياة مندفعة بكل حبها تقابل وجهه تنظر الى عينيه تبتسم في وجهه تمسكه بين كفيها برفق : هارون سنخرج اخيرا !

كان ينقل عيناه من عين الى عين فيها الى وجهها الى انفها الى شفتيها كان جامدا كأن الروح قد غادرته لم يستجب لم يكترث صار فقط يتطلع الى سحنتها الجميلة وكانت تبادله النظر حتى خفت كل ما فيها تهدلت يداها عن وجهه قضمت شفتاها في غيظ لنفسها و حسرة على ذاتها اغمضت عيناها و استقامت في وقفتها رفعت يداها بقل حيلة : انا لم اعد افهمك لم اعد اعرفك !

انحنت على ركبتيها امامه تضع كلتا كفيها على فخذيه تنظر للاعلى الى وجهه الذي تعشق تضيق ما بين عينيها تحكي في شجن : الا تذكر يوم جئتني تخطط للهرب معي !

حين دق جرس الباب ، قامت من مكانها في حجرتها في منفاها الذي اختارته حتى عندما يغيب آيدين لم تعد تخرج من الغرفة الا للضرورة صارت ملجأ وصارت واقعا اختارته لم تعد تريد تغييره وآيدين ايضا المتردد دائما الخجول دائما المتحفظ دائما ، فقط لو فقط كان قاسيا معها كما اول ليلة لهما معا حين رأت وجها آخر منه حين رأت عنفه رأت قوته رات لمعة عينيه المتوحشة فقط لو فعل ذلك فقط لو لم يميل للرجال !!!

اتجهت على مهل للباب تفتحه كانت ترتدي بيجامة لطيفة باللون الاحمر و الرمادي تجمع شعرها فوق رأسها كانت تفكر في عمل شيء ما يسلي وقتها كتعلم طبخة ما او قراءة مجلة من المجلات المعروفة ذاك الوقت او حتى محاولة تنظيف البيت ولكنها كانت تشعر في النهاية بالكسل ثم تعود الى غرفتها و بالنهاية يحضر آيدين ما يؤكل !

تقدمت و الجرس لم يكف عن القرع حتى فتحت وكان هناك ذاك المتشرد الخطير الذي يقف وكلتا كفيه تحيطا بفتحة الباب و رأسه يميل الى الاسفل يرتدي تيشرتا ابيضا و بنطالا من الجينز الباهت و حذاءا اسودا ذو ساق عالية.. كان قد سرح شعره هذه المرة حتى بان لون عينيه الساحر و بانت تفاصيل وجهه الرجولية الحادة و نظرة عينيه الغاوية استقام حين رآها هناك تقف نظيفة الوجه تتهدل بضع خصلات على جبهتها و عنقها تفاصيل جسدها الرائع تبتلع ريقا حرجا قلبها بدأ يدق بقوة حتى وصل الدق الى عروق عنقها.. فتحت عينيها هلعا و جزعا تخاف من نفسها اكثر مما تخاف منه ، نفسها تميل اليه تريده كل لمعة في عينيها تخبره ذلك حتى دخل و اغلق الباب خلفه ووقفا هناك على العتبة يعلوها بقامته عطره يتسلل كالسم الى عروقها فيجعلها سكرانة لا تعي شيئا كان يضغط على شفته السفلى كمن تغويه التصق صدره بصدرها حتى رفعت رأسها الى عينيه رأت الشيطان رأت الثورة رأت العشق حتى نطق : أراكِ ، تزدرينه ، تكرهينه ، تقرفينه ، التواصل بينكما معدوم ، وفي عينيكِ نظرة تخصينني بها اخبريني ما هي !

كتمت انفاسها كتمتها حتى كادت تميل واقعة بين ذراعيه مفجوعة مصدومة لقد قرأها لقد فهمها حتى احمر وجهها بقوة كان يلتهب بأفكارها حتى وضع يده على جانب وجهها فتميل بوجهها عليه كالقطة التي تحتك بسيدها تغمض عيناها حتى مال الى شفتيها يلثم ثغرها هنا تراجعت كالملسوعة يدا على قلبها ويدا على ثغرها تتحس القبلة التي منحها اياها الصدمة قد شلتها حتى قالت بهمس باكٍ : انا لست عاهرة كي تفعل ما تفعل انا ابنة عمك ولست ابنة الشارع

كان يرمقها بلهفة يغلق عينيه و يشمها يتاوه : لا تشمين نفسك انتِ تخرج منك كل روائح التحريض المباشر !

كان قلبه قد استيقظ ، بالكامل استيقظ ، يدق يجري يزحف ينهار هي اول امرأة يمنحها قُبلة اول امرأة يتمناها اول امرأة يدق قلبه بقوة لها حتى امسك بوجهها بين كفيه يقنعها بعينيه القاتلة : اتركيه وتعالي معي اخرجك من هذه الدنيا آخذك الى منتهاها ، مجدلية انا احبك !

شهقة

كانت الدموع تتسلل الى وجنتيها ترفع يدها تمسحها تكاد تنهار : اخرج ارجوك ، ارجوك اخرج .. ولكنه لم يسمع كان يتقدم لها : تريدين مني تركك تريدين مني ان اضحي بقلبي من اجل ذاك المخنث اتسأئل ايضا ان كان قد لمسك !

رفعت عيناها برعب في وجهه تكاد تصرخ ولكن الصوت خرج كأنه يتسلق سلحفاة ميتة : ماذا تقصد لا تتجاوز حدودك هذا اخاك وانا زوجته

كلما تقدم كلما تقهقرت قدماها تمنع نفسها نعم يجب ان تمنع هذا الجنون هذه الغيبة هذا الغي الذي يسبحا فيه حتى امسك برسغيها بين يديه الكبيرة الغليظة يشدها بقوة الى صدره : ما هذه الصحوة يا جميلتي ، انا اقدم لكِ عرضا سيحررك منه طوال حياتك ، اخرجي معي و نتزوج انا اريدك احبك تمنيتك مجدلية اتبعيني فقط افعلي  !

صارت تهز رأسها رفضا تهزه بقوة علما انها تعلم انها ضعيفة تعلم ان لا حيلة في يدها انها لا تعلم كيف توقفه عند حده فهي من فتح ذاك الحوار بينهما... الم تخاطبه بعيناها.. الم تبثه شوقها بهما ..الا تشتاق لشفتيه على جيدها ..ولكن لن تفعل ذالك بهذه الطريقة الحقيرة ، لن يقول الناس ان المجدلية خانت زوجها مع اخاه ، ستطلب الطلاق و تخرج رسميا من بيته ثم تتزوج هارون : اتطلق اولا !

رفع رأسه للسماء : اتريدين مني انتظارك حتى تتطلقين واذا لم يطلقك ماذا سيحصل !

رفعت يداها الى رأسها تبكي منهارة : ارجوك اتركني دعني افكر

جذبها من ذراعها حتى استلقت في حضنه يلمها له و يغمر وجهه في شعرها يقبل رأسها ينزل الى عنقها وهي تهمس : هارون ارجوك

ويهمس هو : ارجوك ماذا

كانت تدوخ من لمساته كانت تتاوه من هجومه وقلبه هو يركض مثل الخيل يضرب يصعق رفع عيناه الغائمتان بالرغبة يطبق على شفتيها حتى مال جسدها بين ذراعيه حتى مال كله لها يرفعها بين يديه يتجه بها الى الاريكة يمددها عليها و يصعد فوقها هي التي كانت تفتح عيناها رعبا : لن اؤذيك اعدك

كانت تهز رأسها بلا تبكي : هارون ارجوك لا تفعل لا تفعل سأخرج معك ساتطلق و نتزوج.. ولكنه هو كان قد عاش في خياله عاش في رغبته في مشاعره الجياشة ..فقط ..يريدها هي الآن على وجه السرعة على وجه الرياح الضاربة و صوت المواويل الغناء ..كل شيء كان يرقص فيه طربا ..تضع يدا على صدره تحاول ابعاده لكنه كان منغمسا في جيدها عند عنقها يقبل اذنها يداه تصلا الى ما تحت التيشرت الذي ترتدي و ذراع تزيح عنه ملابسه حتى حين كانت تغلق ما بين فخذيها بقوة ارخاها بقبلته على ثغرها يهمس : انتِ جميلة جميلة جدا كانت لمساته رقيقة جميلة يداعبها بلطف حتى تمكن منها وفي تلك اللحظة انهارت باكية كان يضع يدا على شعرها يربت عليه بحب و هو يلهث : انتِ الآن ملكي لي وحدي !

 رجعت الى حاضرها

نزلت دمعة كرامة تتدحرج على وجنتها رآها صار يتابعها حتى نزلت الى عنقها وهناك تُحبَس ..تركته لم يبقى منها سوى ريحها !

 

في بيت آيدين وهو هناك يجلس مقابلا لها هي التي استفاقت على واقعها هذا الذي جرجرت رجلاها له ، بعدما تماسكت وتوقفت عن البكاء صارت تنظر له نظرات حريق هائج نظرات تريد قتله نعم ستفعل ، لقد دمر لها جسدها اغرقها مثلما فعلت به تماما كان ذكيا وهي استهانت به ، لم تظن ان الوضع بينهما سيجعله يفكر ان يقوم بتخديرها ابدا لم يخطر لها ، وهو يجلس هناك مقابلا لها ينظر الى عينيها والى وعدها الذي ترسله له تلك الشرارات المنطلقة منها كان يرفع لها حاجبا يسأل : فلنبدأ من البداية ، كل سؤال سأعطك عليه جائزة ، كل اجابة سأهبك عليها حقنة فقط كي ترتاحي للأيام القادمة ومن بعدها ستعرضين نفسك على كل رجال الارض حتى تحصلين على ثمن واحدة منها فقط !

كان حقيرا لئيما متعاليا يبتلع ريقه بتؤدة يقهرها وهو يراها على الحال الذي هي عليه وعلى منظرها البائس وعيناها المتحجرتين بنظراتها عليه كأنها تريد اكله : تريدين اكلي !!

ضحك من بعدها هازئا بها هي الصامتة التي بلعت لسانها، فقط صدرها يعلو و يهبط في غل ..في ثورة.. في حقد سينفجر في وجهه ..وجهها هي  احمر قان و عيناها وآه من لون عيناها حين تشتعل يعرف ذلك يعرف مدى جمالها والى اين قد تصل به في ممارسة الحب انها ترسله الى عالم الغيب الى عالم النشوة ورغم ذلك قد كرهها : قولي لي من ارسلك فأحررك

قدم رأسه باتجاهها محذرا : اشتري راحتك يا جنين قولي لي من ارسلك و تخرجين الى حالك لن اعترض سبيلك سواء اردتي العمل هنا ام الرجوع الى حيث تنتمين لا يهمني ، فقط اريد معرفة من ارسلكِ لي ولماذا !

كان واضحا مستقيما وعدا عليه كل ما قال دفع بعلبة المخدرات تجاهها : وهذه العلبة هي لكِ !

ضيق عينيه في وجهها هي الثائرة التي شخرت ساخرة : تظن انني مثلك حقيرة ضعيفة شخصية ، انا ان خرجت من هنا ساخرج لأتعالج وليس كي انغمس في المتعة هل تفهمني انت لم تعرفني بعد يا منذر !

كانت كل كلمة تقطع عزمه تقطع روحه تضرب الصميم فتجعله مداسا حشرة مرقت في طريقها نظرات عينيها الخبيثة لقد كان هو حقا المغفل هو حقا الضعيف ، ستتعالج و تخرج للدنيا من جديد و كأنها لم تفعل شيئا يا الله اي قوة هي تلك التي فيها ، لم يتوقعها ، صدمته ، ردها الجمه ، ظن انها ستهجم على العلبة انها ستقع تحت قدماه تقبلها كي يعفو عنها و يعطها ما هو لها ، اراد اذلالها فرجع الامر كله عليه لقد اذلته هي لقد سحقته بين كفيها مثل الورقة الجافة حتى دفعت الدماء الى عروقه بقوة هائجة : اذا كان هذا تفكيرك ستبقين هنا حتى اقتلك بهذه الحقن ، لقد قتلت سابقا و مستعد لفعلها من جديد ، انتِ اختاري !

كانت شرارات التحدث تعبر فتقتل تزم شفتيها بكل غضب في مواجهة عدو لن يرحمها تقلب بصرها في كل المكان ترفع يدها الى وجهها تلمس الكدمات في عينيها وبجانب فمها ترفع عيناها : سأقول وانت ستفي بوعدك

ضرب بقوة على رقبته : على هذه الرقبة !

 

في مجلس عائلة بن زكريا مجلس صالح الذي كان يجلس وحيدا في مكانه يشرب كأس من الشاي الثقيل ، ثم يطاطأ رأسه يفكر في كل الامور التي حصلت مؤخرا ، كانت جانبه حقيبة كبيرة مليئة بالمال ستة ملايين دينار ، هناك من ستتحول حياتهم كلية الايام القادمة من سيكونون من اصحاب الملايين من ستضحك لهم الدنيا ، وهذا كان نصيبهم ، نصيبهم ان يكونوا هم سبب في علوهم على الارض فسبحان من يرفع و يخسف و من بيده الرزق ابتسم لنفسه حتى رأى خيالا رقيقا جميلا يشبه الوجه الذي تزوجه و انجب منه ، رفع رأسه اليها الى وجهها ضلا يحدقا في عيني بعضهما البعض حدقا طويلا مليا في صمت كل يبحث عن شيء في عيني الآخر ، لاحظ كيف لم يلاحظ ، لاحظ كيف انها منذ ان تزوجت من يحي وهي تعاني وهي تبكي و هي تثور وهي تعبة ..لاحظ كل شيء و يتجاهل لا يريد ان يتدخل وهي لا تريده ان يتدخل ولكنها الآن حين تقف امامه في وجهه هكذا مبحوحة من كثر البكاء حتى جفنيها منتفخان بشدة حتى عيناها كادتا تغلقان و شفتها منتفخة ووجهها متورد بقوة جلست امامه تغمض عينا و تقرص شفة تتلوى في جلستها : عمي انا اريد الطلاق !

صعدت حشرجة الى حنجرتها انزلت رأسها بين كفيها وصارت تشخر باكية تتابع : انا لم اعد احتمل ابنك لم اعد احتمل تجاهله و اهاناته

عمي يحي لا يريدني هو فقط قال انه مجبر لأنك اجبرته علي !

كان وجهه قد انتفخ غضبا و نفخ انفه و نفث نفسا و ارتفع صدره في خيبة وفي قلق : نحن لم نتمم الزواج بعد كي يحصل كل هذا !

هنا صرخت ملء فمها ودموعها تتطاير في غضب : ولن اتممه انا لم اعد ارغبه لم اعد اريده ابنك يكرهني يكرهنييييي لا يريدني لا اريد ان ابقى شوكة عالقة في خصره هو يريد الطلاق مثلي !

ضرب بعصاه الارض حين سمعها تردف : سأكلف عمي سعيد بما انه وليي بالأمر و انت كلم ابنك و لنخلص بأسرع وقت ارجوك وعندها ساترك لكم البيت بما فيه !

كانت ترفع رأسها تحديا كان المرار مسيطرا عليها ، لما ..لما هي ، هي المصنفة انها اجمل امرأة في العائلة ، صارت غير مرغوبة ، كل يقذفها الى الآخر وكأن بها مرض جذام ، كأنها عائبة ، كأنها بلا وزن ولا قيمة هي المتعلمة التي جلبت لهم شهادة من امريكا ، ابناء عمها الاقرب لها عاملوها كممسحة حتى طال بها العمر لم تعد صغيرة قد ضيعت سبع سنين من عمرها وراء شعيب و الآن لن تنتظر اكثر من اجل يحي الذي هو عالق في السماوات لا يعرف رأسه من رجليه ساعة يعشق وساعة يمل لا تفهمه لا تعد تفهمه ، لا يثق بها ، و قصة السحر و اخاها زكريا زادا الطين بينهما بله ، انتهى كل شيء انتهى لا مناص من مواجهة الحقيقة ، ان كان يعشق سكينة او ديالا فليشبع بهما لم تعد تهتم لم تعد تريده حتى سمعت صوت عمها : ربما تصبري لبعد الزواج يتغير الوضع بينكما يصبح بينكما تفاهما اكثر !

نظرت له بلؤم من بين مأساتها و دموعها : وهل اعتدل الامر بينك وبين زوجتك ماجدة التي طردتني من بيتك ، هاه قل لي كيف سأعيش مع حماة كارهة لي منذ البداية كيف !

اغلق عينه عنها بصبر : زهرة انتِ من اخترت ان يكون يحي زوجا لكِ ألا تذكري !

ضربت على فخذيها بقوة : و ندمت ندمت يا ليتني لم افكر ولم اقل لك ..انا الآن لا اريده خلصني منه لقد قلت لك سأكلم عمي سعيد ليشرع في اجراءات الطلاق و يا ليته يطلق بالحسنى افضل له والا فوالله سأفضحكم بين العرب !

نهض من مكانه يتجه لها بغيظ يدق بعصاه بغضب يشدها من عضدها بقوة : تهددينني يا كلبة

افتكت ذراعها منه بقوة حتى كادت ان تدفعه و توقعه ارضا وتشمخ برأسها : لا تشتمني ولا تقل كلبة اعلم تماما من هي الكلبة .. هنا داهمتها صفعة وصل مداها الى هناك الى شخص آخر اقترب منهما فاتحا فاها ينظر اليها وهي ترفع يدا الى وجهها تلتفت له في عنف يتطاير الشرار من عينيها تلهث غلا : هكذا اذن هذا هو جوابك !

وقف الآخر مشدوها متفرجا على مواجهة ابوه و زوجة اخوه التي كانت في يوم ما زوجته هو وهو لم يفهم الأمر ولكن اي شيء به زهرة يمقته يكرهه اقترب منها اكثر حتى نزل بوجهه الى مستواها يحدق في وجهها يغلظ صوته المشمئز منها : اوتجرؤين ان ترفعي صوتك في وجه ابي !

حدقت فيه بكره واضح في عينيها : وفي وجهك ايضا

رفعت رأسها له تتحداه ان يقدر ان ينطق ولكنه لم يعبأ حتى اقترب ايضا كثيرا جدا حتى غطى شبح جسده جسدها بالكامل : اذن غردي ماذا تقولين ، بماذا ستصرخين !

ويا ليته لم يقل يا ليته لم يتحداها فزهرة ستهدم المعبد فوق رأسه ورأس اهله و رأس ابيه ..زهرة قد فاض بها الكيل ، هم من ظلموها هم من بدأ كل الحكاية وليس هي ، هي كانت في يوم مسالمة رقيقة انثى هادئة جميلة و في يوم اسود وجدت ابوها ملقا ارضا ميتا بحسرته بحسرته بحسرته والآن ستجر عليهم الحسرات جرا : سأقول مثلا ان .. نظرت بلؤم في وجه عمها .. حنان كانت حامل !

صرخة صرخة عظيمة خرجت تمرغت صاعقة زلزال هز الارض من تحته فاتحاعيناه حتى ظن انها ستعمى سقط العكاز من يده و ترنح في مكانه ترنح حتى صار يبحث عن شيء يستند عليه

واما هو فوقف في وجهها مصدوما لم يكن يظن انه في اسوأ احلامه انها حقا ستقول انها حقا ستفعلها حتى سقطت يده على وجهها في صفعة مرغت انفها مرغت كرامتها كان منهارا غاضبا مجنونا انتفخ جسده و تعملق حتى صار كالمارد : ترفع يدك علي يا كلب يا ابن الكلب ,, كانت تصرخ في وجهه وهي ترفع يدها تحاول ضربه ولكنه امسك بها ولف ذراعها حتى التوت كان الصراخ لم يهدأ صراخه و صراخها وصراع الايادي الدامية بينهما

 وهو ينظر للأرض مكلوما محزونا مصدوما مذهولا مقتولا قلبه السكاكين تهجم فتطعن تطعن تدمي تقطع تشرح رأسه يدور حتى سقط مغشيا و هناك صراخه علا حتى بلغ الافاق: ابيييييييي

 

اما في بيت اوس ، اوس الذي قُتل في كرامته في عرضه في شرفه في كل شيء هو يوما كان فخورا به ، لقد ذاق الذل اضعافا يتقلب من قهره من فورته.. دمه يغلي ..امه قتلوها اولاد الكلب قتلوهاااااااا اخذ يصرخ يصرخ يدور حول نفسه لا يصدق يجري في البيت مثل المجنون يصرخ و الناس الذين كانوا شهودا على حاله وكيف فقد عقله لموت امه ، ماتت بسببه بسبب زوجته اخذ يلطم وجهه يقطع ثيابه لقد مرغوه عائلة بن زكريا جعلوا وجهه في الطين تحت الارض مسحوه من الدنيا : امييييي كان يبكي بصوت غلييييييظ مكلووووم محزون مقهووووور اممممممييييييي كان يطلق صراخه للسماء كيف كان حب ناجية لعنة عليه لعنة اكلت الاخضر و اليابس ، لعنة قتلت حبيبة الروح قتلت الجنة كان ابوه يجري وراءه يحاول تهدأته ولكنه ثائر ثائر لا يقدر ان يصمت لقد بات مع الدجاج ليومين يومين كاملين جلس ارضا يضع وجهه بين كفيه يبكي ظلما ..يبكي وهما ..يبكي حبا ..يبكي كل الارض.. قد فُجع قلبه فَجع ابوه و الخيمة معلقة لا زالت تستقبل المعزيين وهو صار يجلس و يبكي بين النساء لم يعد يقدر على السيطرة قد تلف كل ما فيه دموعه تجري على خده المحمر المسود خطوط جبهته تعكرت انكمشت صار يجمع قبضتيه وكأن اعصابه قد تلفت يصرخ من بين اسنان مغلقة ينظر للسماء يصرخ : يا الله يا الله يضرب على صدره بقوة يتجه للداخل الى حيث هي ، التي ورطتهم جميعا التي كانت سببا من اسباب موت امه هي تجلس هناك بين النساء تسمع وترى ما حصل في زوجها تبكي حماتها نادمة هي نادمة ندبت و شقت الثياب و تمرغت على الارض و حثت التراب فوق رأسها جرها من بين النسوة وصار يصفعها يصفعها يركلها يشتمها وهي تصرخ تولول والنساء لم يستطعن رد هجمته الصاعقة كان يفرغ كل حقده عليها كل غله فيها : انتي السبب انتي السبب يا بنت الكلب يا بنت الحرااااااام حتى سقطت على الارض لم تعد تستطيع ان تحمي نفسها و العزاء صار فوضى لا تعقل حتى اندفع ابوه للداخل يريد اخراجه بالقوة يدفعه يسيطر على جسده الثائر و لكن رذاذ غضبه كان يتناثر كان لا يصدق : انتِ طالق طالق طالق !

 

اما هو فكان للتو قد تحمم و لبس ثيابا نظيفة ، قد نقى افكاره و رتبها و جعلها مكتوبة سطر بسطر على اوتار قلبه ، ينزل رويدا الى المطبخ هناك وقف حين سمع : يا ناجية انا لا دخل لي في كل ما حصل

كانت ناجية تسمع فقط وهي تضع القهوة على النار بدلا عن الخادمة فهي لا تريد الجلوس في حضرة حماتها او من كانت حماتها والاخرى تقف فوق رأسها : انا لم اكن موجودة تعرفين ذلك  وتعرفين علاقتي بأمي كيف هي !

نفثت ناجية انفها بقوة : يا مارن يا مارن امك لم تعد تحترم احدا فضحتني و قهرتني و تسببت لي في مشاكل لا يعلم بها سوى الله !

انتِ لا تعلمين مدى القهر الذي في قلبي منها !

كانت تنظر بعمق الى وجه و سحر ناجية طويلة كثيفة العظام ممتلئة الجسد عامرة النهد و رقيقة الخصر و ناعمة العجز تعذر اوس الذي ما عاد يقدر على كتمان حبها فتسبب في كل ما حصل في حياتهم الفترة الاخيرة

ولكنها كانت تلاحق ناجية بعينيها : والآن ما هو قرارك هل سترجعين ام لا رؤوف يسأل !

توقفت يداها كلية عن وضع الفناجين وهي تسند يدها على الطاولة امامها تضغط شفتيها على بعضها  البعض بقوة تقول بقسوة : اخوكِ طلقني بلا وجه حق فليشبع بحضن امك !

صبت القهوة و خرجت و هي عازمة على وضع حد لعلاقتها مع رؤوف فهي ستنهي هذه العلاقة حتى لو كان بينهما عشر اولاد لن تهنأ في عيشها مع رجل هو اذن لأمه !

اما هي فوقفت في المطبخ وحيدة تحمل في يدها فنجان قهوة سارحة فيه حتى رأت خيالا واضحا دخل تحرك حتى فتح الثلاجة كانت تحدق مفتوحة العينين جمدت تماما لم تتوقع ان ترى رجلا هنا ، ليست بحجابها صارت واقفة مثل التمثال تغمض عينيها تدعو الله الا ينتبه لها لا يراها حتى الفنجان صار معلقا في الهواء وهو لازال ينظر الى ما داخل الثلاجة حمل في يده قنينة ماء ثم اغلق الثلاجة بصوت عال وقف هناك فتح القنينة على مهل وهو يتأملها ينظر الى وجهها مليا الى حركتها المتجمدة الى عينها المغلقة الى شفتها التي اكلتها الى نعومة ملامحها وشعرها الذي تجاوز كتفيها ولونه الاسود و جسدها الممتليء وهي ترتدي هذا الفستان الاخضر الذي يفصلها تفصيلا حتى منتصف ساقيها الممتلئتين كثيرا حتى نظر الى طلاء اظافر رجليها الصغيرة المدورة رفع حاجبا متسليا شرب الماء و اغلق القنينة ووقف ينظر اليها يريد ان يرى نهاية هذا التجمد الذي هي فيه سكنت حركته تماما وهي اذناها كانتا تلتقطان كل حركة وكل نفس كاد قلبها ان يهاجرها من شدة قرعه.. محرجة... محرجة جدا لا تريد ان تقابل رجالا هنا ولا تريد ان تمشي على خطط امها.. زاد اكلها لشفتها ومالت معها شفته حتى فتحت عيناها رويدا ترفع عينها وهناك وجدت وجهه يحدق فيها بتلك الطريقة التي كلفتها حمرة كثيرة و ارتباكا حتى اهتزت منه ساقيها تنحنحت وهي تترك الفنجان بقوة من يدها وكأنها تلقيه  حتى انسكبت القهوة على الطاولة و اعطته ظهرها و خرجت مثل التي تركض ..نظر الى السقف فرآها هناك يتطاير فستانها حول ساقيها و شعرها يتدلى حول وجهها نزلت الدمعة من عين .. عين واحدة فقط مسحها وهو يلعن.. ترك المطبخ ماسكا بيده قنينة الماء وصعد الى غرفته !

 

في تلك الاثناء التي غادر فيها المزرعة وترك تلك الحبيبة وحيدة !

رسالة من الحبيبة صبا التي اعطته ملخص سريع خطين في رسالة اسود منها وجهه و انتفخ منها صدره / ابوك واخاك ضربا زهرة لأنها طلبت الطلاق / ضرب مقود السيارة بقوة حتى كاد يهشمه صار ينفث انفه بسرعة عجيبة وزادت سرعة السيارة حتى كادت تطير حتى وصل اليهم الى هناك اوقف سيارته بطريقة مرعبة هزت كل ارض المساحة المسكونة يتوجه اليها و جاكيته يتطاير مع سرعته كان يشد بقوة على مفاتيح سيارته بل كاد يرميها ارضا ،حتى تخترق الارض و ترجع اليه ثانيتا ..يتوجه اليها الى تلك.. فتح الباب بقوة كبيرة حتى ضرب في الحائط قابلته زكية التي استغربت امره ضحكت في وجهه يحيا

لكنه تجاهلها وصار يصعد الدرج يتجاوزه بلا وعي جبينه مغضن بقوة حتى تلاقى حاجباه ..يحاول.. هو يحاول ان يلتقط انفاسه يحاول الا يثور يحاول ان يمسك اعصابه التالفة وقف لدقيقة اغمض عينه امام غرفتها صار يتنفس ببطء بطء شديد يدخل الهواء الى بطنه يحتفظ به في صدره ثم يزفره من بين شفتيه كررها عدة مرات حتى استقرت روحه و سكن جسده ثم دخل و اغلق الباب خلفه

هي من كانت تجلس هناك في شكل يرثى له شعرها الاسود المحمر معقود في لفة كبيرة فوق رأسها و نصفه يتدلى الى كتفيها وعلى وجهها المتورم الباكي.. لا زالت عيناها تقطر دما و ذلا و انهزاما.. ترتدي تيشرتا ابيضا عليه رسمة قلب احمر و بنطال جينز ازرق مقطعة اجزاء منه من الفخذ و الركبة ..و الساق مثنية اطرافه الى ما فوق ساقيها ساق تلتصق بصدرها و ساق مفرودة الى الارض و تحمل في يدها .. سيجارة !!

كانت تنشج و السيجار يندفع خارجا من شفتيها يتطاير حولها في غل في سكون وهو الناظر اليها يسمعها ببحة اغلقت حنجرتها : اخرج .. اخرج .. اخرج .. اخرج ..

كررتها وهو لا زال يقترب وهي تضع السيجار تشفط منه حتى بانت غمازتها الشهية ثغرها متورم من الضرب و علامات الاصابع لا زالت على خدها و الدمع يبلل كامل وجهها لم تشعر بالعار وهو ينظر اليها في حالتها تلك كانت تحرك اصبعين في وجهه ، الاصبعين اللذان تحمل بهما السيجارة تنظر الى عمق عينيه ترى شيئا غريبا بهما : ألا يكفي انكم طردتم اخي ، قتلتم ابي ، ابوك تزوج امي ،اخوك تسبب بمقتل اختي  والبيت مليء بأولاد صالح ، ألا يكفي انك تسمني الدفلى ، اهتزاز عميق مخيف ضحك خرج من حنجرتها المكلومة تضع السيجارة في فمها وتشفط منها على مرأى منه ثم تضع يدها على رأسها تستنشق انفها بقوة و تمسح البقايا في رسغ يدها : لا لا يكفي حتى يضربني ابوك و اخوك !

تضيق عينيها في كمد : ماذا تريد مني ، انا لم اعد اطيقك لا اريدك اريد الطلاق !

كانت السيجارة تذوي بين اصابعها وشعرها في فوضى لذيذة كان يقف ينظر الى كلها الى ما حولها الى عينيها الى ما تقوله الى ما تنطق الى وجهها اقترب كثيرا حتى رفع يده و ادار وجهها بين اصابعه في تلك اللحظة انتفخ صدره انتفخ كثيرا جدا احتقن وجهه وصار ينفث غلا ، مرر اصبعه الابهام برقة و حب فوق شفتيها التي يعشق حتى اهتزت استقام في وقفته يأخذ السيجارة من بين اصابعها الرقيقة الجميلة يرفعها الى فمه يدخنها في مرة واحدة حتى سقطت.. اخرج انفاسه في وجهها يقترب اكثر حتى انحنى وصار بين ساقيها وهي دفعت برجل على صدره هناك كمن توقفه عند حده نظر الى تلك الرجل البيضاء اللامعة ذات الاظافر الحمراء الجميلة تلمس صدره ينظر الى وجهها يفتش في عينيها : تريدين الطلاق !

عندما تناولت علبة السيجار تسحب واحدة اخرى بكل برود و قهر فيها شيء تريد حرقه في صدرها في روحها كل شيء بالنسبة لها مدمر لم يعد هناك من استقامة كل شيء  مهروس ..تشعل السيجار تحت عينيه و تسحب منه ..رؤيتها هكذا لا يدري سحبت روحه حركت شيئا في نفسه يشعر بقلبه يزداد ضراوة يزداد قوة.. تندفع الدماء الى رأسه ..كيف ..كل تلك الغزوات المتلاحقة تمر فوق روحه يهتز جسده ،وهي تحرر ضبابة وتغمض عينا حتى رفع كفه يجر شعره الى ما خلف عنقه ينظر اليها كلها.. حواسه صارت متوجسة متحسسة صوته جافلا متسائلا عميقا ببحة غليظة جدا : تريدين ان تنامي على زند ليس زندي !

كانت تدفعه بعيدا بتلك القدم التي تتسلط كالحربة على صدره ترفع رأسها للسقف دموعها تجري يراقب كل ما فيها عنقها المائل للخلف وذقنها و خصلات شعرها المتطايرة حولها ..امسك بتلك القدم التي تحتله بين يديه بقوة ..قوة كبيرة.. كان لون يديه مناقضا تماما للون بشرتها الجميلة و نعومتها و رقتها تهمس له بلا وعي : دعني طلقني انا لا احتملك ..ابتعد يا يحي و عش حياتك بعيدا عني !

كان وجهه يسود يغضن جبينه قلبه يدق بعنف على اعتاب اضلعه ، الطلاق ,, لما ,, ألن تتمسك به ,, آخر شيء توقعه منها.. مصرة لدرجة الضرب على هجره على البعاد ,, ظن نفسه لأول وهلة انه سيرتاح اذا تركها اذا رماها عند اخيها اذا افتك نفسه من بين براثنها ولكن الآن حين يصبح الأمر واقعا يشعر بحركة غريبة في نفسه احساس عجيب في روحه الدفلى تريد تركه .. هه ..

كانت لا تنظر اليه يأتيه صوتها من عمق سحيق من هناك مما وراء الحسرة ، ترفع يديها الى السماء منتشية : يا الله ما اجمل السيجار

تنفثه من انفها بدل فمها وكأنها مدخنة محنكة : تذكر عندما ارسلتموني لأميركا تذكر حقد اخاك علي تذكر يا يحي ام لا تذكر ، تذكر تعليقه لي على الشجرة لعدة ايام ام لا تذكر ، تذكر انك كنت تتفرج علي ساعتها رأيت حزنا في عينيك رأيت تواطئا و لمست حنانا ،تشير بأصبعيها متهمة في وجهه  انتم من جرني لتلك الناحية انتم من ادخلني عنوة اليها ..لو فقط تركتموني ذاك الوقت كنت سأستفيق كنت سأستقيم ولكنكم فتحتم عيني على اشياء غامضة اشياء حساسة لم اكن اعلم بوجودها في هذا العالم .. كنت فقط طفلة ,, طفلة صغيرة .. واخاك تجبر علي تجبر كثيرا !

وفيما بين الكلمات كانت تمسح انهار تسربت من داخل الروح حتى حطت رحالها على الجسد تثقله تهده تغرقه

كان يتنفس الهواء فيحبسه في صدره يلوي شفته غارت عيناه و غامت كثيرا وهي تردف : ولكنك كنت مختلفا مختلفا جدا حتى وانا في هذه الحالة ,, لم يستوعبني اي احد منكم ,, يحي انا لست متمسكة بك انا فقط لم ارد ان اغادر هذه العائلة ، أتظن انني لا استطيع ان اتزوج رجل آخر يفوقك جمالا و رجولة !

رفع رأسه بفجع في عينيها يبتلع ريقه فاتحا عينيه على مصراعيها ,, تتزوج ,, رجل آخر ,, جمال عينيها و انتفاخ شفتيها الحبيبتين و انفها الرائع و عنقها الطويل المثير و لونها الذي يعشق و شعرها الكثيف الجميل و جسدها هذا هذا كله يصبح لرجل آخر ,, كانت الثورات تعلن انفجارها في عقله في عروق دمه كيف تجرؤ كيف !

تردف بابتسامة حزينة ، آخر ملجأ لها هو الاعتراف اعلان الهزيمة ترفع ذقنه بين يديها تحدق في عينيه مليا تهمس وفي كل همسة مشقة في كل همسة موت في كل همسة راحة : أنا احررك من قيدي ، خذ سُكينة او ديالا لم يعد امرك يعنيني !

كان يبتلع ريقه بتؤدة كانت تسيطر على مداخل و مخارج عقله كانت تسري في مكان ما من جسده لا يقبل فكرة طلاقها ولا ان تكون زوجة رجل آخر ليس هو.. حتى صار يجذبها من على الكرسي وهي صارت تنزلق رويدا رويدا حتى سقطت على الارض ممددة تنظر للسقف تفرد يد الى جنبيها والاخرى تحتفظ بالسيجار فيها  و ساقيها مثنيتان وهو بينهما يرتقيها حتى قابل وجهه وجهها ولم تنظر اليه ابدا كانت لا زالت تبكي الدموع الصامتة الكالحة المالحة تنهدر بلا رحمة يهمس لها : فقط لو توقفين عصبيتك لو تتوازنين لو تتركين كل المؤامرات فقط لو تفعلين ذلك !

هه خرجت من حنجرتها بائسة ممرغة في الذل تضع كفيها فوق عينيها : يحي لا تملي علي مجددا ما افعل او لا افعل اخرج اخرج لا ادري مالذي اتى بك اخرج فحتى امك طردتني من بيتك !

كانت تشعر انفاسه الحارة على وجهها كلماته تتخبط على بشرتها سقوطه هكذا فوقها لمسةُ شفتيه فوق شفتيها لا يعلم مالذي يحصل له يريدها في تلك الحالة الانهزامية يريدها ...يريدها وهي تبكي ..يريدها وهي متمردة.. يريدها وهي تدخن قد كانت مثيرة دغدغت قلبه .. قد عاهد نفسه يوما ان يكون هو الرجل الذي يوقظ فيها الرغبة ان يعيدها الى روحها ، سيذيب كل الجليد الذي فيها و حولها قطعة وراء قطعة ..في زمن الجاهلية حين اراد ان يدفنها حية

 كانت قد سرت سريان السم في الدم.. هيجت كل ما فيه كان فمه يتفاهم مع فمها يعقد اتفاقا خطيرا موقعا.. بكل شفة موت ..بكل شفة خيار.. في كل رمق حكاية.. قصة.. شيء يُمحى ..ما هذا يا سيدتي ..شيء بلا حدود تعالي لانسيكِ الزمن.. الماضي ..و الحسرة.. تعالي و ابقي في صدري حتى ارتوي.. سكن الى روحها منحها حبا منحها شرابا وان كانت عطشى فقد ارتوت ..دربنا واحد.. و جسدنا واحد.. شيء مر حلو لا ينكسر شيء لا يعرف موطنا ولا سكنا !

فرق ما بين ساقيها و نزع ثيابها عنها هي الذاهلة الملقاة على طرقات الالم يُرد ام لا يُرد لم يعد شيء ذي جدوى لم يعد مهما ترفع السيجار و تنفخه !

تهمس من بين انفاسها الدائخة : ماذا تفعل !

همهم في فمها : انا انسان متملك وانتِ وضع يد !

اغمضت عيناها تستشعره على اعتابها : انت فاسق تدري !

يهز رأسه موافقا منتشيا : ادري

لم يكن شيئا شبيها بممارسة الحب ، قد كان اثبات هوية ، هويتها ، انتماءها اليه يرتشف شفتيها التي يهوى يخدرها موضعيا و يلجها حتى فض بكارتها بكل يسر وسهولة انتفخ صدره يلتقط نفسا ثائرا وهي هامدة مغلقة العينين بشدة لا زالت دموعها تجري وهنا توقف لا يريد ان يفعل اكثر من ذلك هي الآن امرأته له هو .. هو وحده .. وهي ستنزل من برجها العالي يوما لتلتقي معه .حتى استكان عند عنقها يقبله بلهفة يشد بيده على خصرها وهي تغلق عينيها يتمرد قلبها عليها تهمس : لقد شُفيت !

نزلت دمعة اخرى من عينها تشعر انها قد تحررت من هذا الامر على الاقل : اخرج يا يحي اخرج ولا تعد ابدا!

كان يستنشقها يستنشق عنقها و اطرافها.. اذنه لا تستجيب لما تهمس به لا يصله ذاك الاحساس بالغربة الذي تعيشه.. لا تدري.. لم يكن هناك ذاك الشغف ذاك الوصال الذي تمنته كل شيء معه في هذه اللحظات كان باهتا وكأنه كان يؤدي واجبا كان يثبت نفسه انه زوجها انه بدخوله عليها تلغي فكرة الطلاق منه.. روحها لم تكن حاضرة امسكت بيده التي على خصرها تزيحها عن جسدها واجمة : يحي اخرج انت لست في وعيك و انا لا احب ما تفعل !

نفث انفاسه بقوة وعيناه يتصاعد منها شرار قاتم غامق حريق يشتعل لقد وجد خيطا يربطه بها نعم يفعل ليس كما شعر مع سُكينة فتلك كانت حالة اخرى تلك اخترقت الروح و عبثت بالجسد كانت حارة ساخنة لا تخشى شيئا ولا احدا تلك عاش معها مالن يعشه مع اي امرأة اخرى تلك قد وهبها عشقه كاملا وهبها قلبه كانت مسكنا و ملجأ شيئا حلوا صاعقا مر على ايامه الخاوية  كانت فاتنة كانت ملهمة ..و زهرة جذبته نعم فعلت جذبته حتى التصق بها ولكنها لا تزال تصر على البعد و على الجفاء فقط لو تتخلى عن كل تلك العنجهية و تبادله الحب و تتحرر من ذاتها ، ان تكون طليقة مع نفسها ، لا زالت متعنتة متكبرة حتى في ممارسة الحب لا زالت تبعد نفسها عن قلبه القى بنفسه ثانيتا على الارض ينظر للسقف بحسرة : لا اعلم ما مشكلتك صدقا لا افعل انا احاول معكِ وانتِ تدفعينني بعيدا بعيد جدا تدفعينني الى اشياء اخرى .. انزلي لي يا زهرة انزلي .. قام جالسا لا ينظر اليها يلتقط ملابسه يرتديها على مهل ثم قام يلقي عليها نظرة من علو وهي تبدو كصورة قد رُسمت بأيدِ فنان عالمي بكل ذاك البذخ الجسدي الجميل صورة معلقة على جدران المتاحف صورة يتمنى كل رجل لمسها قلبت نفسها في وجهه حتى قابله ظهرها تلتقط علبة السيجار تشعلها على مهل ولا يرى منها سوى دخانها و شعرها الذي انفرد على ظهرها العاري حتى تفاصيل ردفيها و ساقيها كل شيء فيها يعلن فيه الحسرة ..

 امرها بغلظة : انتقلي الى بيت اهلي !

ثنى كمي قميصه نظر للسقف ثم اعطاها ظهره و خرج !

خرج اليهم يريد ان يصفي حسابا هناك ما بين البيتين تسرع خطواته الى ان دخل نظر حوله لا احد ، صعد الدرجات بسرعة حتى سمع اصوات تصدر من تلك الغرفة الكبيرة غرفة والديه ، تقدم ناحها كان وجهه عاصفا غاضبا ذاك الغضب الذي كتمه في نفسه بين ضلوعه دخل وهناك والده كان راقدا على السرير مصفرا متعبا مجهدا و امه تنظر له في حسرة و صبا تقابله بنظرة و اخاه يجلس على الدكة نفخ صدره و تقدم له وهو يلف قبضته لفة عنيفة اقترب بسرعة كبيرة جدا يسدد لكمات متلاحقة على وجه شقيقه الذي فُجع الذي سقط من على كرسيه ويحي فوقه يسدد لكمات متتالية لم يعد يعقل شيئا لم يعد يريد منهم شيئا يزأر يثور وهو يمسك بقوة بقمة قميص شقيقه يرفع رأسه الى وجهه يحذره : آخر مرة تضرب امرأة تخصني ، آخر مرة تضرب الدفلى رمى به ارضا وقام عنه يلتفت اليهم جميعا من كانوا فاتحين عيونا و افواها لا يصدقون ما حصل الكل جمد مفجوعا لم تنبس منهم بنت شفة كان منظره عاصفا مخيفا تتطاير الكلمات من فمه لاهثا بشعره المتهدل على جبهته و قميصه الغير مرتب يرفع في وجوههم اصبعا : ان كان هذا البيت بيتي فهو بيت الدفلى ايضا وان لم تريدوها فانتم لن تريدوني لن يطرد احد زهرة من البيت ولن يرفع احد منكم اصبعا عليها والا كسرته

كان اخاه يقف خلفه تماما وهو يضع يده على صدغه يحرك فكه بقوة كأنه يعدله كان منفوخ الصدر غائم الوجه ينظر الى ظهر اخاه الغاضب : انا لم اتعدى يوما على زوجة احد كي تتعدوا على زوجتي هل هذا واضح !

كانت امه ترفع يدا الى فمها و عيناها مليئة بالصدمة و ابوه يغلق عينه بقوة لا يريد ان يرى ولا يسمع و صبا تغلق فمها فمن حقه ما يقول هي ايضا لم تحب ما فعلوه بها وهي قد رأت منظر وجهها و سمعت صراخها و شعيب يعتدي عليها بالضرب ليس من حقه ما فعل حتى ان كانت مخطأة !

حل الصمت .. الصمت المطبق كل ينظر الى وجه الآخر حتى التفت الى وجه اخاه التقت نظراتهما طويلا و عميقا جدا يهمس له بتحذير مشددا: انا وحدي  من

يتفاهم معها  انا وحدي !

 التقط نفسا عميقا : زهرة قد اصبحت زوجتي رسميا قد دخلت بها !

صوت شخرة من خلفه و همسة : قدرت على تلك اللبوة !

التفت له يحذره بعينه فيما رفع شعيب له حاجبا متسائلا .. كيف حصل هذا مع مشكلته !!

امه التي صدمت : والعرس ! ألن يكون هناك عرس ألن يفرحني احد منكم !

نظر اليها بأسف : امي هي تطلب الطلاق كيف تريدين عرسا !

فكر طويلا طويلا جدا قبل ان يرمي بفاجعة اخرى في وجوههم كان ينظر الى الشرفة وما بعدها يشعر الآن ان كل شيء في قبضة يده

وضع يدا على خصره يطأطأ رأسه يلقي عليهم قوله  : غدا سأذهب لخطبة سُكينة ابنة عمي سعيد !

!

وضع يدا على خصره يطأطأ رأسه يلقي عليهم بفاجعة اخرى : غدا سأذهب لخطبة سُكينة ابنة عمي سعيد !

توقفت الانفاس في الصدور و دارت العيون نظر الى كل عين منهم اعطاهم ظهره و خرج الى غرفته الى هناك الى ملجأه يغلق عليه باب الحمام يخلع عنه ثيابه و يتحرر تحت الماء الجاري كانت لا زالت بقايا غضب بين اضلعه .. بقايا منها .. من الدفلى .. يريد ان يستقر ان يهدأ حتى قفزت تلك الحبيبة الى روحه قفزا لو كان فقط عاش معها على البحر لباقي عمره تسليه تحاكيه تربيه على يديها تعانقه تقبله بشغفها تبكي على ذراعه و يلتقمها بين شفتيه فقط لو فقط يتحرر !

 

اما هي التي عادت بعدما احضرها عمها امحمد الذي كان واجما عبوسا كأن المطر كان يسقط عليه كالحجارة وجهه مسودا لم ينظر الى وجهها ابدا حتى انها حاولت الحديث معه همست له : عمي

صرخ فيها بكل قوته كان سيكسرها سيحطم وجهها سيقسمها نصفين : اخرسي اخرسي لا اريد ان اسمع صوتك ابدا

كان يقود و يداه تمسكا بقوة و غل بمقود السيارة الذي صار يأن تحت وطأة غضبته يحك جبينه كل فينة ينظر بتوتر الى المرآة اغمضت عيناها تأكل شفتاها : لما يا يحي لما تركتني معه لما احضرتني الى المزرعة هل اخبرته هل قلت له ما حصل امسكت بشفاهها بين اصابعها وقلبها يطرق يجري يلهث اذا كان حال عمها هكذا يعني ان يحي قد قال له قد اخبره قد تبرأ منها ومن فعلته بها ومعها ..يرسلها الى البيت معه و يخرج هو بلا اي مقدمات ولا وداع ، قل لي على الاقل ، نادني يا حبيبتي ، ودعني بحضن وقبلة ولكن هكذا !

حين وصلا الى البيت كاد ان يرميها خارج السيارة حتى خرج اخوه سعيد من باب البيت و هي تمد الخطوة قبله : امحمد مالذي جاء بك

سلم عليه باليد وهي تلتفت عليه تريد ان تسمع ما يقول.. قلبها ما عاد هدأ خائفة جدا ترتعش اطرافها اصفر وجهها بعدما هرب الدم منه ابتسم عمها امحمد في وجه شقيقه : كنت عند صالح و ارادت سُكينة العودة فأرجعتها !

اغمضت عيناها راحتا وهو يلقي اليها بنظرة لو بيده لقتلتها كانت سهاما لا ترحم ..تهربت من وجهه وهي تدخل الى البيت وهناك تقابل من يريدون الخروج حماة ناجية التي تكرهها حقا و بنت معها لم ترها منذ سنين رفعت حاجبا في وجه حماة ناجية كأنها تحتقرها او تقول لها ماذا تفعلين في بيتنا بعد ان دمرتي حياة اختي و شوهتي سمعتها في كل البلاد ، فقط تجاهلتهم و استمرت الى الاعلى الى غرفتها و هن بقين ينظرن الى ما خلفته من تجاهل احمر وجه مارن بشدة ما هكذا يكون الطرد ولا الجلد تشعر انها اليوم قد اهينت بما فيه الكفاية في هذا البيت ، خرجت تلحقها امها و سعيد وامحمد لا زالا يقفان هناك وهي تقترب من سيارتها مع امها كانت تضع الحجاب فوق رأسها و ترتدي عباءة و نظارة شمسية لفت برأسها قليلا حتى تجمدت عيناها على من كان يحدق فيها ، ما بقي من وجهها كان ملفتا كان جميلا وهو يحب النساء الممتلئات و جدا رفعت له حاجبا ثم ركبت و بجانبها امها اشغلت سيارتها و تركت غبارا خلفها حتى قال لأخوه : من هؤلاء !

اجابه سعيد في غم و هو يتنهد : اهل رؤوف جاؤوا من اجل ارجاع ناجية ولكنها عنيدة تعرف مدى عناد اولادي لم تقدر امه على اقناعها ، ناجية ستطلق رسميا !

هز امحمد رأسه و باله لا زال مع تلك التي استحقرته بنظراتها المتعالية وكأنها تقول له .. ماذا تريد او لما تنظر الي ايها الكهل العجوز !!

رجع الى وجه اخاه يسر له : يحي يريد ان يخطب سُكينة !

التفت وجه سعيد بسرعة الى وجه اخاه كانت عيناه تشع فرحا غمره الحماس حتى ضحك لا يصدق ان احدا من ابناء صالح يريد ان يناسبه فرد مغتبطا : الساعة المباركة .. دخلا سويا الى المجلس الخارجي ونادى حتى يأتيه الشاي !

وفي الاعلى حين صعدت ناجية الى غرفة اختها التي بدأت تخلع ثيابها التي قرفت منها حقا تزيح بلوزتها عنها وبقيت بحمالة صدرها و فتحت سحاب بنطالها تريد خلعه واذا بناجية تدخل عليها استدارت بخوف الى الباب وهي تضع يدا فوق قلبها الهائج كل شيء صار يخيفها حتى الخطوات حتى الهمسات كانت فاتحتا عينا على وسعها و اختها تسألها : ما بكِ لما تبدين مشدوهة !

هزت رأسها لثوان وهي تقلب وجهها بعيدا عن وجه ناجية المتفحص : لا شيء كنت سارحة و اخفتني

كانت عينا ناجية تقترب اكثر ترفع حاجبا في وجه اختها تلوي شفتا بابتسامة شغب عليها.. لمعت عينيها و سُكينة تنظر لها في ذهول حتى رفعت ناجية شعر سكينة الى جانبها تلمس عنقها : ما هذا الاثر !

ابتلعت سكينة لسانها ابتلعته كلية ما عادت تنطق قلبها دق بحدة حتى كاد ينفجر صعدت الدماء الى وجهها حين فتحت ناجية عيناها في عين اختها : اثر قبلة !.. هزت رأسها بل آثار قُبل !

رفعت كفيها الى عنقها تخبأه او تتحسسه لم تفطن لم تنظر الى المرآة ابدا الدغدغة وصلت حلقها تحاول بلع ريقها ، انتفخ صدر ناجية صبرا تغلق عيناها : مع من !

فتحت فاها فتحته فقط كالمغارة لم تعد تدري ما تقول او ما تبرر لا صوت لا حنجرة صارت بكماء ويدها تدافع عن تلك القبلات همست لها ناجية : ستتكلمين ام اخبر امي !

تحركت من مكانها حين لم تجد استجابة من سكينة المذهولة المتجمدة مكانها تراها تريد ان تخرج حتى صرخت فيها و هي تسبقها الى الباب تسده عليها تنظر برعب في وجهها : لا تتحدثي مع احد ولا شأن لكِ بما افعل !

امسكت بها ناجية بعضدها تهزها بقوة غاضبة : كيف لا شأن لي ؟ ..قولي لي الآن مع من كنتِ والا فوالله الخبر سيصل للمؤيد

انتفخ وجه سكينة غضبا لمعت عيناها : ناجية لا تهدديني انا لا ينقصني وان تجرأتِ على النطق بكلمة واحدة لأي احد سأهرب من البيت كما فعلت المجدلية و سأجعل عاركم على كل لسان !

حدقت كلتاهما في عين الأخرى حين نطقت ناجية بابتسامة تجرها من يدها الى السرير : يا غبية انا فقط استفزك ، والآن قولي لي ما هذا وممن وكيف سنتصرف في حال كان هناك فضيحة !

جلست على السرير تخطط ماذا تقول حتى رفعت وجهها في وجه اختها : الامر لم يتخطى ما تري لم افعل شيئا خاطئا تعرفين كانت فقط قبلات !

عضت ناجية شفتيها قهرا: مع من يا فاجرة

ابتلعت ريقها بتؤدة : يحي !

شهقة و صدمة و يد رُفعت الى فمها وعينا مفتوحة همست لها : تكذبين !

هزت سكينة رأسها متألمة موجوعة قلبها يخبو في الظلمة انهارت باكية تشهق حتى فجعت اختها : احبه يا ناجية احبه ولا اقدر ان اسيطر على هذا الحب انا اشتاقه كانت دموعها تجري و اختها مصدومة من منظرها كانت تدس رأسها في الوسادة تموت كمدا وقهرا ارادت وداعه ارادت رؤيته قبل ان يتركها ارادت لمس شفتيه كان قلبها يتمزق بين اضلعها لا تعلم لما فعل ذلك لما وشى بها عند عمه لما فضحها بينهم ،

اقتربت ناجية تربت على ظهر اختها وهي تضرب خدا و تقرص شفة تهمس لها : يا الله كم انكِ متهورة ، سُكينة الانثى وحدها هي من تدفع ثمن كل شيء يحصل مع رجل تحبه !

 

اما في بيت صالح فالجدالات لم تتوقف كانت ماجدة تتقلب على النار ، كانت تشك طوال الوقت ان هناك ما هو بين يحي و سكينة ، رأتهما رأت الذنب في عينيهما ولكن ان اراد الزواج بها فلا بأس ، ولكن ايضا ما حيرها موقفه تجاه زهرة و دفاعه عنها ، ان كان يريد سُكينة فلما يدافع عن زهرة !! لا تفهم شيئا لم تعد .. حتى سألت صبا التي تنظر الى هاتفها فقط تقلب هنا وهناك هي في الحقيقة تريد ان تستوعب كل ما حصل ، تستوعب ان يحي ضرب شعيب وانه قد سكت له هو الآخر فهي تخيلت مذبحة بينهما فليس شعيب بمن يسكت على هكذا امر ..

رق قلبها على زهرة ووقفت في صف شقيقها ان كانت امها طردتها فكيف ستعيش بينهم اذا تزوجته لا تفهم امها ولما فعلت ذلك !

طلبه الزواج من سكينة ابتسمت لذلك بشدة حتى بدأت تضحك مع نفسها وهي تغلق ثغرها الجميل بكف يدها اذن لقد حققت سكينة ما كانت تريد لقد جنحت في رهانها ونجحت فيه  حتى انه يريد الزواج منها ولكن ما الذي فعلته كي يرمي بها كالقنبلة في وجوههم حتى اخترقها صوت امها : صبا لم ارى ديالا مختفية هل هي في غرفتها !

فتحت عيناها ذهولا ايضا فهي لم ترى ديالا منذ ايام في البيت قلبت شفتها ورفعت كتفها وقامت من مكانها بسرعة تقول : سأنظر والله نسيتها تماما حين كانت تمشي بين الاروقة حتى وصلت جناح ديالا فتحته لم يقابلها سوى الظلام و البرودة.. فارغة خاوية ..لا روح فيها ..الصالة فارغة و الغرفة مرتبة و معطرة و نظيفة و الحمام فارغ ايضا ..لوت رقبتها تساؤلا حتى تركت الجناح خرجت وهي تطرق على باب يحي الملاصق ثم دخلت كان هناك يستلقي على السرير متحمما شعره مبلل و يرتدي بنطال جينز فاتح و تي شرت اسود اللون ، على حجره اللاب توب رفع عينيه في عين اخته التي قالت له هامسة : يحي اظن ان ديالا قد تركت البيت !

لوى رقبته يستوعب همس لنفسه مبحوحا ديالا !

صار وجهه قاتما كيف .. كيف نسيها .. نسي ديالا .. لم يعد يذكرها .. هي من كان عندها تلك الليلة .. هي التي قالت له أنت لي .. لا زالت ذراعاها تلتفا حول خصره .. كيف نسيها صار ينظر بصدمة الى وجه اخته ترك اللاب على سريره وقام يتخطى اخته قلبه يركض مفجوعا عيناه صارتا حمراوان بشدة صار كأنه يركض الى هناك الى حيث كانت تلك الرقيقة الجميلة الغالية تتبعه صبا التي ترى كل ما على وجهه تحك جبهتها .. لم تعد تفهم اخاها ولا ما يفعل ثلاث نساء دفعة واحدة ما هذا القلب الذي تحمل يا يحي صار يفتح الخزائن الفارغة حتى ترتطم بالحوائط يتركها مفتوحة على مصراعيها لا شيء سوى عطر.. بقاياها.. حتى روحها لم تعد هنا كان يدور حول نفسه تائها حتى سمع صوت اخته تهمس : يحي ليس جيدا ما تفعله !

كان يفتح عيناه فيها يرى كل كلمة تخرج من شفتيها : ديالا تركت البيت منذ ايام !

صعد كفه الى قلبه يطحن اسنانه ببعضها البعض يموت غيظا يموت قهرا كيف خرجت الم يقل لها ان خرجت سيقطع ساقيها الم يقل لها المرأة التي تمنح نفسها لي تبقى لي .. تركته هكذا بلا مقدمات ، غادر الغرفة متوجها الى سريره يحمل هاتفه يطلب رقمها صار يرن يرن يرن حتى اقفل .. ضغط مرة اخرى ولا مجيب .. طلب رقم بروين فجاءه صوت .. الرقم المطلوب مقفل !!!

جلس على السرير يضع وجهه بين كفيه قد غار قلبه قد سقط شيء فيه.. شيء في العمق يتقلب بين الهوى و الجوى ، وجهها شعرها طولها جمالها رقتها دلالها صوتها خجلها حبها رقصها كلها كانت قصة وقلبه على اعتاب صدره صار خفيظا متعبا وصبا تهمس : يحيا من بعد امرأة واحدة اصبحت تعشق ثلاث نساء .. مالذي تفعله بنفسك !

كان وجهه مسودا عيناه تشققت بالحمرة نعم نعم هو يعشق ثلاث نساء ثلاثة مرة واحدة يريدهن جميعا لكل واحدة جزء من روحه  احداهن القلب و اخرى العقل واخرى النفس و الجسد يبقى للجميع

لكن هي .. هي وحدها من فرت .. من تركته .. يتخبط .. لما .. كيف طاوعتها نفسها على رجل قال لها هنا تنتمين هنا على صدره .. رجل قبّل شفتيها و داعب نهديها ، اهكذا تتركه اهكذا ترحل !!

وقف عاصفا بلا حذاء يخرج بسرعة الجري من الغرفة ينزل بسرعة البرق من الدرج ..الى هناك الى سيارته.. الى هناك الى الحي ..الى هناك الى البيت.. يطرق يطرق يطرق وما من مجيب يكسر الباب برجله الحافية يريد ان يصرخ باسمها يصرخ حتى يسمعه كل الحي كل المدينة كل العالم حتى صوته يصل الى خارج المجرة ..دياااااالاااااااا

 ديالا وبروين تركا البيت !!

 

في الأعلى في بيت صالح في الطابق الثالث حين كانت وحيدة تجلس تفتح كتابا عنوانه دم الحسين  وجدته في مكتبته جلست تتصفحه ولكن حين رأت جسدا صغيرا رائعا جميلا متسللا اليها ينظر الى عينيها حتى سقط قلبها وهي تذكر الله يا الله جماله مثل جمال امه اتجهت له نزلت لمستواه ابتسمت في وجهه بحب فيها : ما اسمك !

كانت تداعبه وهي تلمس وجهه و تمرر يدها فوق رأسه تريد حمله يا الله ما اجمله تريد احتضانه جسده الصغير اللذيذ و نظرة عينيه المتوسعة فيها النظرة البريئة البهية كررت عليه في ذهوله : ما اسمك .. اسمك انت ما هو !

هنا رفعته على صدرها تقبل وجنته وتتجه به الى الثلاجة تخرج منها قطعة شوكولا تفتحها و تمدها له التقطها بسرعة من بين اصابعها اتجهت ساقيها به الى الردهة المشتركة وهناك وجدت امه تجلس على الاريكة بجمالها الذي يفوق الخيال يا الله سبحان من خلقها بهية شهية رائعة كل شيء فيها لا يوصف التقت عيناهما تسألها بود وهي محمرة الخدين لا زالت تشعر بالحرج منها قرصت شفتيها : ما اسمه !

اغمضت راعيل عينيها لبرهة وهي تقول بصوت رخيم جميل : تاج !

في الحقيقة اسمه الكامل تاج الزين !

غضنت نجلا جبينها وهي تحضنه الى صدرها تقبل وجنته مرة اخرى : الزين !

اومأت راعيل بعينها : اسم ابوه !

آآآآآه طويلة خرجت من حنجرة نجلاء التي هزت رأسها تفهما هممم محرجة تريد ان تسأل : لهجتك غريبة !

ابتسمت راعيل بود : يمنية مختلطة بلغة اخرى !

كان صوت آذان المغرب يصدح في الآفاق الله اكبر الله اكبر

صارت نجلاء تردد معه بصوت عال وهي تداعب وجنتي تاج الممتلئة الحلوة وراعيل تراقبها عن كثب تراقب شفتيها و عينيها و جمال ملابسها الفستان الرقيق ذو اللون الابيض الذي ترتدي شعرها الذي تجمع بضع خصلات من غرته للوراء حتى بانت جبهتها حتى التقت بعينيها : هل نصلي جماعة !

ارتبكت حتى احمر وجهها قامت بسرعة كالملسوعة تتقدم ناح نجلاء تريد الصبي : انا سأصلي في حجرتي اخذت تاج من بين يدي نجلاء و اتجهت به الى الممر المقابل هناك حين اغلقت الباب خلفها و بقيت نجلاء وحيدة جالسة في مكانها تنظر الى ما خلف هذه النافذة ، الليل بينهما كان عسيرا عسير جدا قد بكت بكت حتى ارتوى الفراش ، قد بكت كل شيء حياتها ذكرياتها خسرانها فقدانها كل شيء ولا زالت تذكره .. لقمان ...

كانت تتطاول برأسها تراقبه تراقب حركته تعشق وجهه الجميل تحب طوله و عرض صدره كان رجلا بكل ما تعني الكلمة من معنى ، تضل تحدق فيه حتى وهي بين صديقاتها بل وكن هن معها يشتركن في الرقابه عليه كل منهن تحمل لها خبرا عنه ان كانت غائبة وهو صار يتلقى تلك الاشارات الغامضة اشارات تقصده تخترقه حتى تلج صدره تهز قلبه لا يدري يضل يدور حول نفسه يتطلع الى كل العيون الى كل الوجوه ولا يرى سوى شعرا طويلا رائعا يتحرك هربا .. شكا .. صار يغضن جبينه و يضيق عينيه في كل مرة وهي كانت تبتسم مع نفسها قلبها يحلق يسرح يهوى قلبها ما عاد مستقرا ، تحتاجه ، تحتاج هذا الحب هذه اللهفة تحتاج ان تكون غارقة في اي احد يحبها ولكنه هو كان استثناءا حتى مرة مال بظهره يرفع رأسه فالتقت عيناه بعينيها النجلاوين صاعقة اخترقت روحه بسمة عبرت شفتيها البارزتين خجلا تطأطأ رأسا صارت تغلي وهو ينظر ، كان حديث العيون في كل مرة طويلا شهيا يضرب القلب و يهز الصدر حتى تقدم لها يوما خجلا يتقرب منها مال عليها هي التي تضحك كان الفرح يغمر روحها يغمر عمرها سعيدة جدا قد قام اخيرا بتلك الخطوة جلس جانبها مال بجسده عليها هي التي ارتبكت واخذت تلعق شفتيها وقلبها صار يطرق بحدة حتى ارتعشت يديها كان يحدثها حديث عاشق مليء بالوله يميل عليها : تدرين انكِ جميلة .. قد عذبتني .. انا لقمان  

التقت لثانية بعينيه حتى غامتا حبا : نجلا ,, صوتها المبحوح اخذ بلبه ابتسم ، هو يكبرها بثلاث اعوام على الاقل يدرس في السنة الرابعة على ابواب التخرج وهي لا زالت في السنة الاولى ، الاولى دراستا والاولى حبا !

تبادلا الولع الشوق الحب كان لقاءهما كل يوم لا ينضب يميل عليها يحاكيها و تميل عليه توشوشه ، كانت حكاية كل من يراها سيرى النهاية نهايتها زواج ..حب للأبد ..اطفال,, وكل شيء حلو في هذه الحياة ، كانت ترجع للبيت منتشية به لا شيء في بالها ولا خيالها سواه عاشت حالة توهان غريبة صار جسدها خفيفا تتنهد بولع تستنشق حتى تشم انفاسه التي مالت عليها ..عطره و لون عينيه و عَظمة جسده ..كانت محظوظة جدا ان احبها ان نظر اليها هي التي كانت في ذاك الوقت ضعيفة الايمان بنفسها ، مهتزة ، شكاكة ، تتعلق بأي احد يلقي لها بكلمة حب او ود .. لكنه كان اكثر اختلافا حتى عرضت عليه يوما ان تأتيه في بيته وهو لأنه يحبها لم يمانع ، كلما حانت فرصة لها خرجت من بيت اهلها تتجه الى بيت اهله هناك يفتح لها بابا جانبيا يخرج يخبر اهله ان اصحابه معه لا يجب ان يزعجوهم .. يغلق كل الابواب و يبقيا سويا .. ماذا يفعلا .. يلعبا البلايستيشن او يجلسا يدعيان انه يشرح لها ما لا تفهمه ولكن كل منهما كان غارق في عالم الآخر الذي يعذب جوفه ...كانت تعاركه تحاربه تضربه وهو يتسلى بوجودها معه يحب ابتسامتها يحب روحها يحب شجاعتها يحب حبها له و مغامرتها في سبيله ، يضلا هكذا حتى ينتهيا ثم تجلس ساكنة تضع يدها في يده اصابعها تلف اصابعه يتهامسا حبا ينظرا ولعا يهمس لها في اذنها : كم هو رائع وجودك معي هنا ، كانت تخجل جدا تقضم شفتيها تداعب اصابعه التي بين اصابعها تهمس له : ان كان سيجمعنا بيت واحد يوما ما !

كانت تنظر مباشرتا الى عينيه المتشوقتان لها تارة تحدق في شفتيه في لهفة و تارة تحدق في عينيه حتى تقوم من مكانها مودعة اياه ، تكررت لقاءتهما في بيته ..تعود عليها احبها.. كان لا يتركها في الكلية التي جمعتهما كانا يسرقا الوقت و ينفردا بحبهما في احد الاماكن المغلقة المظلمة جسدها يشتعل و جسده يحترق ..و في البيت الذي تزوره فيه كأنه قد اضحى بيتها تحفظ كل تفاصيله ، تحب لحظات الحب تلك ، لحظات التوهان التي تعيشها معه ، كانت تنسى كل مآسي البيت كل الضرب و العراك و الشتم و الذل ، تهرب تهرب بعيدا بروحها عن كل شيء في هذه الدنيا حتى وعدها : نجلا عندما اتخرج و اجد عملا سآتي لخطبتك !

كانت تحدق فيه مصدومة مبهورة تفتر شفتاها عن ابتسامة جميلة حتى يرفع اصبع يلمس تلك الشامة التي على خدها حبة الخال التي تزين شفتها ترتعش ويصبح قلبها مهرولا فيكف عند ذاك الحد رغم ان الرغبة تأكل جوفه يريدها يريد ان يمارس الحب معها حقا يريدها ولن تخسر شيئا كلما مال بفمه ليقبلها كانت تهرب منه خجلا تضع يداها على ثغرها تهز رأسها تمنعه كان يهمس في وجهها : نجلا انا احتاجك انكِ تتعبينني !

كانت عيناه متعبتان حقا تؤلمه اللذة كيف تبقى بجانبه هكذا ولا يلمسها انه يريدها يحبها يعشقها وهي تتمنع عنه كان يسألها : فقط قُبلة !

ترد وهي تحمل الجهاز و تلعب : القُبلة تجر اخواتها !

كان يرفع رأسه للسماء سائلا الله الصبر على ما هو فيه قد وقع اسير شراكها ، قد صبر تلله قد فعل كل يوم متلاصقان يتفتقان عشقا حبا رغبة وكله بلا شيء لا شيء حتى يدوخ رأسه !

حتى اقترحت عليه : تعال انت الى بيتنا ، سأخبرهم انك مدرس خصوصي .. مالت عليه تغويه بعينيها التي يعشق فما استطاع ان يرفض وهو يقرص شفتها بإصبعين و يرفعهما الى شفتيه يقبلهما !

انتفضت عليه ..على دخوله المفاجيء عليها كان وجهه بلا خير ، من الصباح لم تره افتقدته في نفسها ولكن عيناه مشتعلة ..النار تخرج تلهب تحرق تستعر امرها بصوت حاد غليظ : ارتدي ثيابك و انزلي انتظرك في السيارة !

دق قلبها برعب رعب جدا ارتعشت يداها حتى تعرقت صارت تلبس الخمار و الثياب عليها صارت تعض شفتيها رأسها قد داخ حقا توترت بشدة حتى ما عادت قادرة على بلع ريقها نزلت تجر خطواتها اليه جرا تركب السيارة معه ، قبض بكلتا يديه على المقود كانت السيارة حااااارة ساااااخنة بفعل شرارات تخرج من جسده كان يغلي وهو يقود و عقد اصابعه ابيضت و عروق يده برزت يكتم انفاسه عنها ، لا تدري ما يحصل كان يجري بكل قوة يملكها حتى ظنت ان السيارة ستنقلب بهم ، تعرف هذا الطريق وهذه البيوت تعرف كل تفاصيل هذا الحي الراقي الجميل و بيت اهلها كان من اكبر و افخم البيوت فيه هناك وقفت السيارة تلك الفينة خرج اخوها الصديق الذي كان ينتظر بعد اتصال ورده منه .. من شعيب .. امرها قائلا .. انزلي ، نظرت اليه في ذهول و اخوها يقترب و عندما فتحت باب السيارة و داست قدماها الارض و اخوها ملاصقا لها ووجهيهما اليه نطق فيهما : أنتِ طالق !

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...