الجزء الثامن و الثلاثين
تناديك روحي .. ونزف جروحي .. وقرع فؤادي على باب صدري .. فلا تتجاهل ندائي حبيبي فإنك تعلم دائي و تدري .
الجميع هنا ، كل العائلة هنا ، الكل صامت ، الكل يتآكله القلق و التوتر ، ومنهم من يشعر بالغل و القهر و العجز ، لم تتلاقى النظرات إلا ما ندر ، كان الممر مليئا بالجميع نساءا ورجالا ، هناك خلف ذالك الباب يرقد صالح الذي احاطت به كل الاجهزة الطبية التي تزعق و ترن و تخدر و تنوم و تستغيث ، كلها هناك اسلاك شائكة حول روحه حول نفسه التي ما عادت تقدر على تلقي صدمة اخرى ولا فضيحة اخرى ، كان امر الخطبة قاسما لظهره ، انحل العهد الذي بينه وبين اخوه وما هكذا اراد ما هكذا ،
هناك في الزاوية تحتضن ماجدة صبا التي تجهش بالبكاء المرير لم تستطع السيطرة على نفسها وهي ترى والدها ، عامود هذه العائلة راقدا ، تراه مهدودا مريضا مالت عليه الدنيا بجدرانها العفنة ، ما هكذا توقعت ، لطالما كان سدا منيعا ، لطالما لم تهده اعتى الصدمات والانتكاسات ، فلما الآن لما !
سعيد و ابنه المؤيد الذي يحدق مليا في تلك التي تبكي ، تلك التي ذاق طعم شفتاها ذاق طعم قبلتها ذاق شيئا لم يذقه قبلا ، ساعة يرفع رأسه يراقبها وهي تنتحب فيتقطع قلبه و تغتم روحه ويعض شفته و تارة ينظر الى ما حوله و يستمع الى ابوه اللائم له : هذا جزاه ، هذا جزاء اخي الذي اخرجك من السجن فوالله من غيره كنت لتبقى هناك كل عمرك وكانوا سيجردوك من لقبك و ينقلوك الى تشاد أهكذا تفعل معه هكذا !
كان ينظر بصمت الى عيني والده حديث طويل كلام كثير تقوله العين ولا ينطقه اللسان / وماذا عنها / كيف سنحصل عليها ، كيف سيحبها ومنذر وما انا فاعل بنفسي معها كيف ستتزوج رجل آخر غيرنا !
علا صدره يلتقط نفسا ينظر الى عيني يحي الذي ينظر اليه مليا كان وجهه مسودا حانقا غاضبا لا يكاد يسيطر على اعصابه حتى هنا وهو يراهم واقفين هكذا وكأنهم لم يفعلوا شيئا !
التفت حتى رآها هي ايضا هناك تنظر الى هاتفها مليا تقلب فيه لا تنظر اليه حتى لاحت منها نظرة حزن نظرة لوم كمن تقول : ألم اقل لك ألا تصرح ألا تأتي ، قلت لك انا ارضى ان اكون عشيقة لا اريد الزواج ، انظر ماذا فعل الزواج !! لقد دمر علاقتنا ، لوما ما فعلته كنت سأدخل واخرج كما اريد اما الآن ففرضت عليها رقابة مشددة لن تستطيع التصرف براحتها ولا الخروج الى اي مكان بلا اي احد من اخوتها الذين صاروا لا يثقون بها ، طأطأت رأسها مجددا للهاتف وهي ترفع يدا الى عينيها تمسح دمعة حائرة
التفت بوجهه الى الاخرى التي كانت تنظر للسقف تنفخ فمها كل فينة و اختها وكأنها متضايقة حتى قامت من مكانها يراها تتجه لخارج القسم الذي هم فيه حتى قام ولحق بها على اعين تلك التي فتحتها على مصراعيها تراقبه عضت شفتيها ببعضها البعض غيظا و كادت ان تصرخ في كل المستشفى من غلها وهي تهز ساقها بتوتر تريد ان تقوم هي الاخرى خلفه تراه مالذي يريده منها !
اما هو فقد لحقها هي التي كانت تفتح الغرف غرفة وراء غرفة وراء غرفة حتى وجدت واحدة خالية دخلتها وتريد ان تغلق الباب عليها حتى دفع الباب و دخل و اغلق الباب عليهما !
تنهدت وهي تعطه ظهرها و تقلب نظرها في كل الغرفة و معداتها الطبية و هدوءها رائحة المعقم التي تنفذ الى الرئة .
صارت تعبث بحقيبتها حتى اخرجت لها علبة السيجار وقبل ان تحاول ان تخرج واحدة منها حتى قبض بيده على العلبة يسحقها بين يديه رفعت له حاجبا وهي ترى عيناه التي غمق لونها من الغضب وهو يتحدث من بين اسنانه : فقط بعض الاحترام ، طوال الوقت وانتِ تنفخين لا ادري ما بكِ !
حررت رأسها من غطاء الرأس وكأنه كان يخنقها و هي تجلس على السرير لا ترد عليه لم تنظر اليه حتى ..كانت غارقة غارقة جدا ، لم تعد روحها معها لم تعد ، صار يضايقها تواجدها في نفس المكان معه وضعت وجهها بين كفيها بالكاد تتكلم : هلا خرجت وتركتني !
زم شفتيه و نفث نفسا وهو يحدق فيها النظر : زهرة .. خرجت بصوت عميق حزين موجع .. كوني موالية لهذه العائلة مرة واحدة فقط .. مرة واحدة !
اقترب حتى جلس جانبها صار عطرهما يختلطا سويا في انفيهما هو يعقد ذراعيه وهي تجيب بهمس : تعلم انا لا اكترث لأبوك ! ولا للعائلة اعتقد ان وقتي معكم قد انتهى !
رفع رأسه للسقف يغمض عينه لوهلة يردد كأنه اصبح غير قادر على الحديث معها كل صوته مكتوم مهموم لا يكفي مصيبة والده : طلاق لن اطلق .. صمت يحدق في جانب وجهها يهمس فيه انا استغرب كل ردود افعالك على كل ما حدث وكأنه لا يمت لكِ بصلة من اين اتيتي بكل هذا البرود لم اعهدك هكذا .. لا والله !
صارت تحك رأسها تريد حقا السيجارة التي كانت في قبضة يده هشمها حتى تناثر التبغ على الارض ، تدور بعينيها في كل الحجرة ترتب الكلمات في رأسها تنطقها بكل سهو فيها : ماذا هل توقعت مثلا ان اندب او اقطع ثيابي او ان اهجم على سُكينة اخربش وجهها ...أنت اخترت ..بعد يوم واحد من دخولك علي رحت تجري الى احضان واحدة اخرى .. كانت تفحمه بكلامها هو الصامت ابدا فقط يستمع لها يلوي شفتاه غيظا وهي تتابع : حتى الطلاق لم يعد مهما كم من امرأة لم تطلق و عاشت حياتها بعيدة جدا عن زوجها ..
لاحت منه نظرة تحذير لعينيها التي تبحث عنها .. عن الزهرة .. فيها ..تريد ان ترى صورتها هناك في عمق عينيه كما رأتها عندما كانت في السابعة من العمر تريد ان يكتفي بها امرأة في حياته ، ان كان يبحث عن اخريات فهو غير مقتنع .. غير مقتنع !
التفتت لبرهة بعينين متسائلتين : يحي ماذا تريد من هذا النقاش ، لقد خرجتَ امام ناظري تطلب امرأة اخرى ، واحدة مستعدة ان تلبي كل متطلباتك مستعدة ان تلعقك من قدميك حتى رأسك اعتقد انها تكفي ، فلما تصر على وجودي معك !
كان كتفه ملاصقا لكتفها حتى شعرها قد سقطت خصلات منه على كتفه ينظر فقط الى جانب وجهها الجميل الى حركة شفتيها يسمع صوت همسها الميت ، زهرة ما عادت تريد حربا ولا تريد ان تدافع عن شيء هو لها قد انهزمت روحها حقا قد فعلت حتى خرج سؤاله لها من قهرِ ما فيه : لما تزوجتي اخي !
كان اخوه دائما بينه وبينها ، دائما ما يراه هو بدلا عنه معها ، نعم هي كانت عذراء الفرج ولكنها لم تكن عذراء السريرة ولا عذراء المشاعر وربما ايضا ليست عذراء الجسد ..قد سبقها اليه اثنين ذكر و انثى وهي تعلقت ولا يدري الى اين وصلت الغراميات بينهم ، ألا يظن انها تظن انه ليس رجلا لقبوله لها و تعلقه بها وهي كانت على علاقة بامرأة مثلها !!
هو حتى الآن يمسك اعصابه يمسك قلبه يمسك كل شيء بيديه ولا يريد ان تفلت الامور ، لا يريد ان يعاملها بقسوة لا يريد ان يضربها ولا ان يحبسها ولا ان يأخذ منها جسدها بالقوة ..لا يريدها ان تنغمس في شيء هي ستضيع فيه ، شيء هو شرفه وشرف العائلة هو عِرض كل من حوله لن يقال عنها انها تعشق امرأة و زوجها موجود امامها !
رفعت في سرعة نظرها في عينيه الغائمتين اللتان تلومانها هي على ما سلف على ما حصل في قادم الزمن تقرأ شيئا عجيبا في عينيه تقرأ حزنا تقرأ لوما تقرأ ترديا لا تعرف لا تفهم وهي تعض شفتيها التي يحب بأسنانها البيضاء تبتلع ريقها ترفع يدها الى شعرها تدفعه خلف اذنها التي معلق بها حلق ذهبي جميل و اسوارة رقيقة تلف حول رسغها هزت رأسها حتى تناثر شعرها حولها فبدت خيالية شديدة الجمال حتى نطقت : حتى لا يحصل ما يحصل الآن !
لفت كلتا يديها حول جسدها تنظر امامها : لو تزوجته كنت لن استغرب اي فعل معه تجاهي.. لم اشعر اني محطمة كما اشعر الآن ، انت قد حطمتني حرفيا قد فعلت وانا اقولها لك صراحتا لا اريد لفا ولا دورانا ، الحياة معك اتعبتني رغم اننا حقا لم نعش سويا ولكن المكتوب يظهر من عنوانه !
تخرج الكلمة منه ممزقة محروقة : وهتان الى اين !
تلك اللحظة نزلت من عينها دمعة.. دمعة مليئة بالكرامة ، دمعة هم ..تقول بكل قهر فيها شيء شبيه بالصراخ : هتان تبنتني في وقت تخليتم انتم فيه عني ، هي ليست سوى صديقة !
التفت عليها بكامل جسده يضع اصابعه على صدغه يعتصره يحاول ان يصدق : هل نمتي معها .. برودك معي لا تبرير له سوى ذلك !
كان صدره يرتفع و يهبط بسرعة عجيبة سرعة رعب سرعة خوف لأول مرة يصارحها بهكذا سؤال هكذا عار يشك به اخوته شعيب و صبا و مليكة ايضا ،شحبت حتى كادت تغص في ريقها بهت لونها انفرجت شفتاها رفعت رأسها للسماء تغلق عينيها تتمنى لو تنشق الارض و تبتلعها زوجها يسألها ان كانت نامت مع امرأة ! يا الله يا الله الى اين ستصل المواصيل بينهما لا تعلم لا تعرف !
كانت الدموع تنزل مدرارا و هي تضغط على اسنانها بقوة بحقد في وجهه : ان كنت تظن انني شاذة فلما تحتفظ بي اطلق سراحي دعني في حالي يحي لن تهنأ ولن اهنأ طالما تفكر بي بهذه الطريقة ، كانت كأنها تندب وهي تمسح بقوة عينيها و انفها : هي مجرد صديقة فقط صديقة طفولة لا دخل لي بمشاعرها تجاهي انا ممتنة لها لاشياء هي تفعلها من اجلي !
عيناه مشككتان بحدة في وجهها : هكذا بلا مقابل !
وضعت يدها على رأسها تشد شعرها تكاد تنتفه ترد بعصبية : يحي طلقني واخلص مني لن تتحصل مني على اي اجابات تشفي غليلك .
ضيق عينيه في وجهها يحذرها بهمس : زهرة ان رأيت هتان في بيتنا او حدوده سأقتلها قد حذرتك وقد اعذر من انذر !
جمعت شعرها في كومة فوق رأسها تضع الباقي خلف اذنها مرعوبة مهزومة تكاد تصرخ حتى يسمعها الموتى قبل الاحياء : إنفها حتى من الكرة الارضية كلها لا تدخلني بثأرك معها
رفع صدره يلتقم الهواء بقوة في صدره وهي تتابع بتصميم وقوة قد طفح بها الكيل : انا سأفتح المدرسة مجددا سأبتعد عن طريقك لن تراني الا ما ندر وانت افعل ما يحلو لك ، اخطب تزوج اعشق حقيقة يا يحي انت حر ،
اذا كنت تريد كلمة اخيرة .. صارت تنظر الى عمق عينيه المتوهجتين تنظر الى شفتيه : أنت تبحث عنها فينا !
قامت من مكانها ترفع حقيبتها في يدها تسحب الغطاء فوق شعرها ثم تتحرك وتتركه هناك في العتمة مفجوعا مصدوعا حيث قلبه الذي يهرول في صدره لا يصدق انها حقا تقول ذلك انها تفعل انها انهزمت انها لم تعد تحبه انها تبتعد هكذا بهذه الطريقة المتعبة ، لقد كانت حقا متعَبة لم تعد تهتم ..وضع وجهه بين كفيه يغمره بينهما يتشقق صدره هو الذي تمنى ان يغمرها هنا بين ذراعيه ان يفهمها و تفهمه لا يريد ان يظلمها ولا ان تميل كفته كليتا لامرأة اخرى ، عزم على الزواج منها و سيكون هذا ما سيحصل سيطوعها سيمرسها سيخضعها لسلطته و يوقف تمرد قلبها ضده !
هي التي خرجت وعبرت من جانبها صبا التي تتجه الى الحمام كي تغسل وجهها و تصحصح بعد كل تلك العبرات التي تعبرتها كل تلك الآثام التي ارتكبتها ، لقد قبّلت المؤيد ، الرجل الذي لم يخطر على بالها يوما لا كحبيب ولا كإبن عم ، والادهى انه شقيق ذاك الذي كان يوما حبيبا وعشيقا الذي تبادلت معه القبلات الحارة في مكتبه ذاك الذي تخلى عنها وها هو يرتكب المصائب من اجلها ، انها تخون كل شيء ، اخوتها ، والدها ، امها ، خطيبها الذي ستتزوج به نهاية الاسبوع ، تخون التربية و القلب ما الذي فعلته لا تعلم لما حصل ما حصل لما انجرفت معه في تلك القبلة رفعت يداها الى شفتاها تزداد عليها العبرات و تنهمرالدموع تغمض عيناها بشدة تلعن نفسها وهي تعتصر صدرها بيدها وهي تنظر للمرآة وجدته هناك خلفها حتى اتسعت عيناها رعبا وهو يمسك بذراعها يجرها الى باب من ابواب الحمام و اغلقه عليهما ، مكان ضيق صغير بينهما التواليت كانت لا تستوعب ما يفعل هي هناك وجه لوجه معه هو ضخم الجثة الذي نزل وزنه الايام الماضية حتى صار خصره يميل للنحافة و شعره قد طال و عيناه المرعبة السوداء تنظر لها بتلك الطريقة العجيبة لا تدري ما تفعل او ما تقول حتى همست من بين شفاه مقتولة كالمهووسة ترجوه بعينيها بدموعها : ماذا تفعل ، مؤيد انسى ما حصل لقد كانت لحظة جنون لحظة فقدان عقل ، ارجوك اتركني سيقتلونني اخوتي ان عرفوا ما افعل !
حتى مد يده الى وجنتيها يمسح دموعها وتركته يفعل حتى اهتز قلبها بين اضلعها صار يطرق يطرق يطرق بسرعة شديدة حتى كادت ان تفقد الوعي تخاف ان ينخفض ضغطها و يصبحا في بلوة اخرى وهو يهمس لها : ما حصل لم يكن خطأ ابدا لم يكن !
صارت تراقبه تراقب ذاك العرق في عنقه الذي كان يدق بسرعة عجيبة سرعة تخبرها عما يحصل في قلبه هو الآخر ، كانت عيناه تخبرها كل شيء وهو يقترب حتى التصق بها هي التي استندت على الجدار تغمر رأسها بين كتفيها تبتعد عنه عن هجومه : ارجوك اخرج ابتعد لا تلمسني زواجي بعد ايام !
ولكنه كان قد انزل رأسه الى مستوى وجهها : ومن قال انني سأجعل اي رجل غيري يلمسك !
امسك برسغها وهي مغمضة العينين ترتعش مما اصابها تشعر بالدوار ، دوار شديد جدا حتى ارتخت قدماها وصارت كتلة لحم بلا عظم وهي تترنح و تسقط لا تتمسك بشي ء سواه هو من تمسك بها مفتوح العينين بشدة مفجوعا وهو يراها تشحب بقوة تسقط ويلمها بين ذراعيه الى صدره يكاد يصرخ لا لا ليس مرة اخرى غام وجهه وهو ينادي من بين ظلمتها : صبا صبا صبا صار يضرب على وجهها يهمس مبحوحا باسمها الذي بدأ يعشق ..هي التي لا تسمع شيئا صار كل شيء غامق كل شيء مبهم كل شيء يحلق فوقها في دوران غريب الدنيا تجري بها الدم ينسحب من عروقها و انفاسه تقترب بلهفة لهفة قاتلة من عينيها يده تتشبث بوجهها كان محزونا مهووسا مرتبكا : صبا ماذا جرى لكِ صباااااا ، حتى امسك بحقيبتها بين يديه يفرغها بسرعة على ارض الحمام يفتش بين اشياءها حتى وجد تلك علبة الدواء وهي تكاد ان تموت حتى التقط حبة ووضعها في فمها جلس على الارضية وهو يحتضن وجهها في ثنايا صدره كأنه يهدهدها خائف خائف لا يدري كيف يفعل او يتصرف ،كانت مرتخية كأنها بلا روح شفتاها شحبتا عيناها مغلقتان كأنها نائمة ، لأول مرة في حياته يشعر هكذا اول مرة يرتبك امام حالة مثل حالتها هي المرأة التي تعلق بها من قُبلة ، اعتبرها ملكه ، لانها حقيقة قد صارت ملكه ، صبا لن تكون لا للمنذر ولا للصديق بل له له وحده ، الصق خده بخدها هي التي بدأت تستفيق من غفوتها ، شعر ذقنه الذي يدغدغها ..انفاسه التي تعبرها دفء خده يا الله لا تعرف ماذا يحصل !
تسمع اصوات خارج اطار هذا الباب حتى صار قلبها يرقع بقوة لا تحتمل تهمس له وهي تبكي في عمق ظلمة جسده : خائفة سيروننا !
رفعها الى حيث قلبه هناك اودعها كلتا ذراعيه تلفانها في حضنه يجلس بها على الارض بكل راحة يوشوش لها.. رأسها في دفيء صدره تشم ملابسه تشم عطر الحلاقة تشم جسده شيء حميمي تشعره معه وحده : ششش لا تقلقي ستخرجي !
كان يسمع كل حوارات تلك الفتيات لا يعرف ان كن ممرضات او زائرات مثلهم وهي تاهت في احضانه الواسعة حتى يكاد يلتقمها كلها بين اضلعه يضغط بذراعيه عليها في اتجاهه يا الله انه يشتاقها يريدها يشم رائحتها شعرها الذي يلامس ذقنه و رعشة شفتيها المرتعبة ورقة اصابعها التي تتمسك بها على قميصه من شدة ما تشعر من خوف ، حتى سمعا صوت الباب يُفتح و يُغلق فاغلقت عيناها هي راحتا و حل الهدوء بين الجدران و تلاشت الاصوات وهي ترفع عيناها الى حيث عيناه التي لم تتركاها كانت غائمة بالحب غائمة بالرهبة و الرغبة حتى انخفض بوجهه على وجهها يقبل خديها و جبينها و ذقنها ثم يغرق في شفتيها وهي قد غرقت معه غرقت حتى ما عادت تدري مالذي تفعله كان يسحبها معه الى روحه الى عمقه الى عالم آخر عالم مختلف عمن قبله ومن سيكون بعده كان يجبر نفسه ان يكتفي فقط بقبلتها يجبر عقله على الا يرتكب فيها اكثر من ذلك رغم انه في هذه اللحظة المتهيجة فيها روحه يشعر انه سيحطم كل شيء و يعلمها كل شيء في الحب كل شيء في العشق كل اخبار الغرام كل متاهات اللذة و شفتاه لم تكف عن اكتشاف عمق شفتاها ولسانها و ريقها هي التي تعلقت بعنقه تنهل منه ما تستطيع ان تنهل ان تستلذ بما يمنح و يشعل فيها النشوى ، ان تنطلق معه الى عالم لن تراه مع الصديق ، عالم تكتشفه معه وحده وحركة شفتيها فوق شفتيه تشعلان فيه نارا ماعاد يسيطر عليها فرفع يده يتحسس طريقه الى ما تحت ملابسها وفي تلك اللحظة استفاقت على نفسها وفتحت عيناها تبتعد عن مدار شفتيه تسحب نفسها منه بسرعة برعب تهمس : لا !
أصبح حضنه خاويا باردا حتى وضع كفيه على وجهه يكتم رغبة حتى احمر وجهه بقوة صارت تلملم حاجاتها من الارض في رعشة اندفعت واقفة فتحت الباب ثم خرجت وتركته هو هناك على ارض التواليت يتقلب مع ذاته في اللهفة !
شعيب الذي كان جالسا هو الآخر يراقب من يدخل ومن يخرج من هذه الحجرة يراقب عيني منذر التي يقتله فيها بشرارها كمن يقول .. تقتل القتيل و تحضر جنازته .. لف وجهه عنه وهو ينظر الى الممر فيرى صبا تتجه الى مكانها عند امها ثم يحي الذي جاء اخيرا ولا يعرف اين كان.. هو الذي جلس مع نفسه حتى دخل عليه عمه يتجه له : انظر الآن كل المصائب التي حصلت من تحت رأسك !
كان لا ينظر الى عيني عمه و تقبل منه كل كلمة يقولها وهو ممتعض مشدود الوجه مغضن الجبين : عمي ارجوك انا لا ينقصني ، انا متعب ليومين لم انم.. ان كان بشأن سُكينة فأنا سأفعل اي شيء حتى لو كان خطفها !
ضربه عمه بقوة بقبضته على صدره : يا ولد البنت صارت لك لا ترتكب اي حماقة اخرى دعنا نفكر كيف سنحل الامر ولا نفجع عمك سعيد لا نريد مصيبة تتفتت بسببها العائلة ، يجب ان نفكر مليا قبل اي خطوة نتخذها في هذا الشأن ، قد يتسبب الأمر بثورة و قد تصل للقتل هل تفهم ابناء عمك قد يقتلونك و يقتلونها قبلك !
صار امحمد يعبر الحجرة جيئة وذهابا : الحجر عليها كان افضل شيء فعلته ولكن انا لا اضمن تصرفات منذر قد ينتقم منكم فيها وهذا شيء لن ارضاه ، الاوراق معي ان اردت !
امسك بيد عمه يضغط عليها هو متعب جدا متعب حقا : عمي دعها معك انا قريبا سأسافر، فقط اطمئن على ابي و اريد اخذ الدفلى معي ،لا اريد اي تعقيدات او مشاكل قبل سفري حتى لا اضيع الوقت.. هناك زكريا و هارون ينتظراني المشاكل كبيرة في الخارج الله وحده يعلم !
انتفض قلب امحمد يقترب بوجه مغموم : ماذا تقصد هل هارون في خطر !
مسح على وجهه لا يدري كيف زلق بكلامه امام عمه يريد ان يطمأنه : مشاكل بسيطة فقط مع زكريا واخاف ان يتورط هارون والمجدلية بها !
صار امحمد يحدق مليا في وجه يحي الذي بادله النظرة الواثقة حتى لا يشك في امره تنهد : كما تريد ولكن حين ترجع لا بد ان نحل امر سكينة بأسرع ما يمكن تفهم !
هز رأسه موافقا ثم خرجا سويا من الحجرة هناك قابلا الصديق الذي جاء هو الآخر على عجل حين سمع بما حصل مع حماه المستقبلي يرتدي القفطان الابيض الطويل و سرواله الابيض و حذاء بني يلمع و شعره مسرح و يلمع هناك تقدم منه شعيب الذي لم يجعله يعبر اكثر من ذلك : مالذي تفعله هنا !
وقفا في مواجهة بعضهما البعض كل يشتعل في وجه الآخر ، سلط عليه حاجبا مرفوعا حادا : جئت لأرى عمي ام انك لمجرد ان طلقت اختي ستأخذ مني اختك ، الامور لن تجري بهذه الطريقة العالم كله صار يعلم انني خطيبها و عرسنا قريب نهاية هذا الاسبوع بالتحديد ، سواء خرج عمي او لم يخرج من المستشفى
هناك انتفخ صدره غضبا حتى رماه على الجدار يضغط على صدره بقوةِ ذراعه : هل تجرؤ على فعلها يا كلب
ضحك باستفزاز : والّا ان جائتني بلا عرس خيرا من النفاق !
القرار لكم اعتقد ان الوضع قد تعقد و طال اكثر مما ينبغي لذلك لا اهتم ان كان هناك عرس !
تركه وهو يعدل هندامه وهو ينظر اليه هكذا ، اراد بشدة ان يسأل عنها ان يطمئن عليها ولكن عقله رفض تلك الفكرة المجنونة حتى قال له : لم يعلم احد بأمر الطلاق حتى تشهره انت !
تركه في ضياعه و وجهه المغموم يمسح جبينه و يرفع شعره الى الخلف في توتر !
اذا كانت قد سمعت عن والده لما لم تأتي لما لم تجري اليه ، اصارت نذلة لهذه الدرجة هي الفاجرة التي ما عادت تعرف اي رجل ضاجعت و فقدت معه برائتها !
في هذه اللحظة يجبر نفسه جبرا على الا يذهب اليها ان يجرها من شعرها ان يهينها ان يتفشش فيها ان يقول لكل العالم انها عاهرة انها حقيرة تافهة سيجعل العالم تدوس عليها بأقدامهم يهرسونها ينهونها من الدنيا فحقده عليها لم ولن ينتهي ، الغفلة التي اخذته فيها ، تلك اللهفة التي جرت بها عليه ، تلك الكلمات التي رمتها في وجهه .. دقة بدقة .. ذلك الالم في جوفها في حرقتها وهي تصرخ .. لم ادري لم ادري لم اقصد لم اقصد .. لكنكِ سحقتني ,, سحقتي رجل يسمى الزين رجل يركع له رجال السلطة فكيف بها هي ان تفعل فيه تلك الافاعيل و يخرس بل يتركها يسلمها لأهلها صاغ سليم .. سليم . سليم .. !
كان قد عبر امام مدخل المستشفى يخرج يريد ان يشعل سيجارة فإذا به يجدها هناك جالسة على سيارتها ..السماء حمراء صافية و هي تقلب في هاتفها غير مكترثة بكل ما فعلته حين اقترب منها رويدا حتى غطى ظله جسدها رفعت عيناها لبرهة الى عينيه ثم عادت الى هاتفها لم تعره انتباها حتى سمعت غله وحقده الذي ينفثه : ارتحتي الآن ارتحتي ,, قد ارقدته الفراش اعلم منذ ان قلتي له وابي في حال غير الحال
اقترب حتى يكاد يفعصها بين اصبعين هي التي تلوي شفتيها و تحقره بنظراتها حتى اثارت اعصابه : ان حصل اي شيء في ابي يا زهرة والله لتندمين طوال عمرك .
ابتسمت حتى بانت غمازتها التي تشبه غمازته تماما وهي تضغط على شفتيها بأسنانها : اعلى ما في خيلك .. اركبه .. ان وضعت علي اصبعا .. نظرت له نظرة شريرة وهي قد قامت حتى كادت تلتصق به رافعة رأسها في وجهه هو الذي يحدق في عينها بشدة : لدي اكثر من مجرد جلطة ، سأجعلك تموت وانت واقف ، تدري ابتعد عن طريقي افضل لك ولا تحاول لا التطاول علي ولا تهديدي وإلا فوالله سأقول شيئا سيمحيك !
صار صدره يعلو و يهبط في ثورة يا الله كم يريد ان يفصل رقبتها عن جسدها : تدرين كيف تعيش الحشرات ، هناك من تعيش على القمامة ، هناك من تعيش على الدم وهناك من تعيش على الابتزاز مثلك أنتِ لم تتجاوزي كونكِ حشرة في مداري وسأسحقها ذات يوم .. سنتواجه يا الدفلى .. قالها وهو يبصق و يتركها ترجع الى حالتها تنظر الى ظهره بنظرة لئيمة !
في تلك الاروقة التي تنفذ منها كل روائح الموت ..حولهم هنا اصوات ، هنا صراخ ، هنا الم ، هنا كل شيء يقود الى الآخرة
وهما هنا يلتقيان وجها لوجه ، هو كان مكفهرا وهو يقول : لم اتوقعها منك انت بالذات ، تعلم لطالما وقفت في ظهرك لطالما كنت عضيدك وانت طعنت يا مؤيد طعنت !
كان ينظر له بعينين يملوءهما العجز و الآخر يتابع بغل من بين اسنانه وعيناه منفطرتان يضرب بقبضة على صدر ابن عمه : تدري ام لا تدري عن مليكة !
فتح عينه فيه عينا كبيرة عينا مصدومة يهمس : ماذا !
: سمعتني.. مليكة التي كانت حامل منك !
شحب وجهه جدا فغر فاها وفتح عينا : عما تتكلم ماذا تقول لا تجنني !
اقترب منه اكثر وكل جسده تخرج منه شرارات قاتله : مليكة كانت حامل منك ، كنت تنام معها و تخدعنا ، كنت تطعنا في ظهرنا و علمنا وسكتنا !
كان وجهه يصفر بل يحمر لا يعرف كيف يبرر فعلته وهو يرفع يده يضعها على لحيته يحاول ان يبرر : انا لم اعلم بما تقول
تحشرج حلقه هازئا : اعتقد كل منا يعرف ما يمكن ان يحصل حين تسرف في علاقة مع امرأة !
تدري ان علم والدي بما فعلت ما كان ليحصل !
الم تسأل عن مكانها اين هي مليكة !
صار يحدق في عينه في ذهول و صمت وهو ينطق : ماتت ودفنتها بيدي هاتين بابنك معها !
صار يتنفس بعنف عنف كبير مصعوقا حين تركه ذاك يعطه ظهره وهو اصبح القلق يجتاحه . هل تعرف صبا عن علاقته بمليكة !
وفي مكان آخر حين جلس آيدين بجانب المنذر الذي لم يرفع رأسه أبدا وعيناه كانتا شديدتا الحمرة يميل عليه بقول لا يسمعه سواه : ضربتها في بيتي و سكت ، حبستها في بيتي و سكت ولكن ان تخدرها في بيتي فهذا ما لن اسكت عنه !
التفت برأسه في سرعة وهو يلوي شفته غير مكترث : ماذا ستفعل ستضربني ، هيا تعال حتى انت كلكم يعرف انه ليست لدي القوة للضرب ان جسدي اصبح منهارا ضعيفاا وكله من من .. من السبب .. لا تقل لي انك قد جلست معها وتكلمت معها او .... نظر عميقا في عين آيدين حتى اخذ يضحك رفع يده الى شعره يغرز اصابعه فيه : نمت معها !
تلك الساقطة !
شد آيدين شفتيه و اطبقهما : هذا ليس موضوعنا ، هز الآخر رأسه : نعم ليس موضوعنا ان تنام مع من دمرت حياتي !
مال عليه بقوة : منذر ما فعلته لا يمت بالرجولة بشيء ، كان باستطاعتك استجوابها بطرق اخرى اشد رقة وكانت ستستجيب !
ولكن انت لا اعرف لم يبقى بك عقل !
هز رأسه ثانيتا : حسنا حسنا ؟، انا المجنون وانا الساقط التافه الذي ضيع فتاة بريئة .. فتاة ليل .. فاسدة .. تعمل عند مروجي المخدرات !
فتح الآخر عينه ذهولا : ماذا تخرف الفتاة ليست هكذا !
رفع نفسه في وجه آيدين : لأنك نمت معها ليلة اصبحت تصدقها .. افعل.. افعل مثلي حتى تجد نفسك غارقا !
تركه وقام لا يريد ان يتابع هذا الجدال العقيم فما يقوله ابن عمه شيء لا يعقل !
خرج المنذر ورأسه سينفجر ، لا يصدق ان ابن عمه يتعاطف مع تلك الحقيرة تلك التافهة ونام معها ايضا صار يحك رأسه بقوة حتى رأى وجه يحي امامه لم يقل اي كلمة حتى امسك المنذر بعضده بقوة يضغط عليه يتقابل وجهاهما جانبيا يقول له و قلبه ينفطر و عيناه سوداوان بشدة من شدة ما يلاقي من قهر.. من كبد : هل رأيت ، هل رأيت ما يفعله الحب ، ما يفعله الرفض .. ذق بعضا مما ذقته !
: إن كنتَ رجل يُعتمد عليه ، إن كنت بصحتك ، لم اكن لأوافق ان تكون صبا لرجل غيرك .. ولكن يا منذر ليس لدينا إلّا واحدة فقط !
ترك ذراع يحي و خرج يرفع سيجارا ينفثه بحرقة !
لم تدخل زهرة ثانيتا الى المكان كانت في الخارج تنتظر في ملل ساعة تجلس على سيارتها و ساعة تجلس داخلها و تستمع الى الموسيقى تبتسم لنفسها تغمض عينها كانت رائقة مرتاحة تشعر بقلبها قد همد قد نال مبتغاه اخيرا حتى طرق احدهم على زجاج السيارة فتحت عيناها فكان هو يقف عند بابها بمظهره الشبابي الجميل ذاك.. فتحت الزجاج لا تنظر اليه : ماذا تريد !
وضع يد على سقف السيارة يميل بجسده وهو يضع قطعة السواك بين اسنانه البيضاء : فقط مررت اسلم !
همست : وسلّمت !
افترت شفتاه عن ابتسامة : سلّمت .. سلّمت جدا !
ضرب باب السيارة بيده ثم تركها و ذهب !
وهي المكتومة التي يكاد عقلها ينفجر لكل ما حصل تلك الساعات الماضية ، تغير الحال ، كانت تطير كانت تعشق كانت تحب وكانت ستكون له ، لم تظن يوما لم تفكر حتى ان اخوتها سيقفون حجر عثرة كان عقلها مشغولا تنظر الى هاتفها بلا وعي وهي تلتفت الى وجهه هو الذي كان يحدق في وجهها بتلك النظرة الحبيبة النظرة التي تذوب كبدها فتجعلها تحترق تريد الجري الى احضانه وقفت تتحرك باتجاه الحمام وهو اخرج سيجارة ووقف هناك اشعلها ثم خرج كان ينظر حوله ، اطفأ السيجارة بسرعة و رماها في القمامة وهو يبحث عنها بعينيه هي التي خرجت من الحمام لم تفعل شيئا فقط تنتظر اذا كان سيلحق بها نظرت له وهو قد لحق بها في رواق داخلي هاديء وقفت ووقف مواجها لها ، ترفع نظرها اليه باكية تتحشرج في صوتها تلومه :قلت لك اخبرتك ، لما فعلت ذلك لقد افسدت كل شيء !
التقط نفسا حاميا يعض شفتيه : أنتِ لا تقدرين خطورة ما نفعل ، انتِ ابنة عمي عرضي شرفي ،هل تفهمين يا سُكينة ما اقول.. لن اتركك حتى مع معارضة اخوانك سأتزوجك رغما عنهم ولا اريدك ان تكرري على مسامعي ما تقولين امرك بالنسبة لي منتهٍ.ضرب كفيه ببعضهما دلالة كلامه .. رفع ذقنها بين يديه هي التي تسمع و تمسح دمعها كأن كل شيء خبا كل شيء تغير يا ليتها بقيت معه في غرفته هناك يستيقظ على صوتها و تستيقظ على قبلاته ليته عبر بها البحر تهمس بعدم قدرة : انا احبك !
اخذت شفتاها تهتز : يا ليتني بقيت في غرفتك يا ليتنا بقينا على البحر و انهينا الامر !
تبرم بوجهه يفهمها ألا يتمنى هو كذلك كل ذلك.. هو نزل الآن الى ارض الواقع ، من الخطر ان تحمل الآن وهما لم يتمما الزواج فوالله سيقتلها ابوها اذا لم يقتلها والده قبله ، مال عليها وهو يراقب الرواق يلثم شفتها برقة حتى رفعت وجهها تتمنى اكثر ابتعد عن مدار وجهها : أنتِ لي ولن تكوني لرجل غيري .. ان وافقتِ يوما على رجل غيري فهو يوم مماتك يا سُكينة !
هزت رأسها نظرت له نظرة حب اخيرة تفضحها عينيها ..تعض شفتيها هو الذي لم يعد قادرا على الوقوف معها اكثر من ذلك وإلّا فإنه سيدفع بها الى احدى الغرف و ليحصل ما يحصل .. اذهبي الآن اذهبي !
مرت الساعات عليهم كل يحدق.. كل ينظر ..كل يستشف.. حتى قال لهم الطبيب ان حالته قد استقرت.. الجلطة كانت خلف العين ولكن بإذن الله مع العلاج الحالي و العلاج الذي سيتناوله بعد خروجه سيشفى !
كانت جلطة دماغية لا يعرفون لما حصلت وما سببها ابوهم قد جُلط على آخر عمره ، جلطة دماغية يعني اعاقة مدى الحياة ، ابوهم لن يتحرك كما السابق لن يقدر على القيام بمهامه في العائلة سيكون طوال الوقت طريح الفراش سيكون ضعيفا وهم حتى الآن لم يخبروا جدتهم بالأمر نصحهم الطبيب : نحن سنتولى امر العناية به فهو حاليا غير واع ووجودكم هنا غير ضروري لذلك بإمكانكم ترك المستشفى و المجيء في ساعات الزيارة !
نظرت ماجدة وميادة كلتاهما في وجه الاخرى كل تلوم ضرتها على ما حصل بل ميادة بالاكثر تلوم ضرتها ماجدة التي اتعبت قلب زوجها ، كانت ترى همه ترى حزنه ترى بعده عنها بالقلب و العين ، حتى طردها لهم من بيتها قد اوجع له قلبه و ماجدة تنظر لها بتحد حتى اعطتها ظهرها ثم اتجه الجميع الى السيارات في الخارج تاركين صالح وحيدا غارق في افكاره في الظلمة ذكريات قصص حكايا شيء من الماضي شيء قد قتل عقله و هزم قلبه شيء لم ولن يسامح نفسه عليه / موت اخوه محمود / وموت ابنته حنان !!
اتجهت كل السيارات الى منزل صالح ، تحرك الرجال الى المجلس الخارجي
اتجهت زهرة من فورها الى بيتهم و لحقت بها امها اما عائلة عمها سعيد فقد نزلوا الى بيت ماجدة هناك جلسن
في المجلس حين جلس الكل ، الوجوه كلها كانت بائسة مسودة ، عين اولاده تترقرق بالدمع رغم انهم رجالا ولكن سقوط والدهم هكذا شيء ينهش النفس ، كل يلوم نفسه على ما حصل ، فشعيب جلس يلوم نفسه انه قد احضر راعيل و ابنه و فجع والديه ، فالحزن كان يتراكم في قلبه شيئا فشيئا حتى انهك عقله اضعف حواسه و ها هو ربما سيلقي عليهم بأمر طلاق النجلا حتى شد على فمه بكفه يعتصره ، كل المصائب اتت منه !
والآخر الذي يلوم نفسه انه من اسقط والده طريح الفراش ، ما حصل امام شيوخ القبائل في بيت عمه سعيد كل العراك والضرب والجنون ، زواجه من زهرة و تصرفاتها و ضرب ابوه لها ، هو و حالته الغير مستقرة هذا و انهم لم يعلموا بما فعل مع سُكينة رفع يده الى قلبه الذي ينتفض بلوم الذات حتى شحب وجهه !
منذر الذي يجلس هناك مترقرق العينين فما توقع ابدا ان يسقط عمه بهذه الطريقة ، يلوم نفسه ، هو من ضيع نفسه و ضيع عمر صبا معه ، هو من افتعل المشاكل من اجلها لو كان الامر بينهم ربما سيكون اخف وطأة على نفس عمه من حضور شيوخ القبائل معه كي يخطب اخته ليحي ، لقد قدرهم و رفع هذا القدر وهو لم يفعل هو قد مزق عمه انصافا !
المؤيد الذي يجلس يلوم نفسه انه وافق اخاه تلك الليلة ان يحرجا يحي و يخرجاه من هنا مذموما مدحورا ، يريدا اذلال عائلة عمه ، العائلة التي حقا قد رفعتهم.. لولاهم ، عمه و شعيب و يحي ، ما كانوا ليعودوا الى حالهم من قبل ان يأخذ منهم العكسر كل شيء ، لولاهم ما كانوا هم بهذا العلو وهذا الشأن ، كيف وافق اخاه على تدمير العائلة هكذا بضربة كف بطرقعة اصبعين لما وافقه لا يعرف هو فقط اراد ان ينتقم لاخوه المكلوم المحزون على فراق حبيبته ، ولكنه هو ماذا فعل بأخوه ..ماذا لو علم المنذر ماذا يحصل بينه وبين صبا !!
انتفخ صدره غما و هما
وامحمد يجلس هناك يدور بعينه في اعين اولاد اخوته وفي عين ابنه آيدين الذي التزم الصمت لم يسمع صوته اليوم ، هو الذي كان غارقا في ليلته مع تلك الشقراء الفاتنة لا يدري ان كانت قد تركت البيت ام لا ولكنه بعد خروجه من هنا يعتزم ان يذهب لتامارا ان يعرف ما فعلت وما حصل فيها يريد التفاهم معها والوصول الى حل بينهما ، هي خانت وهو قد خان انتهت اللعبة عند هذا الحد لابد ان يضع النقاط على الحروف و ينتظر ردها عليه !
الوجوم فقط ما كان محلقا حتى نطق عمهم سعيد أسفا و حزنا و قلبه يتقطع على اخاه : لابد ان نرى من سيسير اعمال العائلة في غياب ابوك ، من سيذهب الى مجالس الحكماء و الشيوخ ، من يستلم امور القيادة ، من سيدير الورشات و العقارات ومن سيتفاهم مع البنوك !
اردف بعد تنهيدة عميقة حزينة : لا ندري كيف ستؤثر الجلطة على دماغ اخي ولا متى سيقوم صحيحا منها ونحن حتى الآن لم نجلس لنبحث امر ما حصل على الحدود السودانية مع المؤيد و كيف سنسترد اموالنا لقد دفعنا المليارات في صفقة السلاح التي سُرقت منا !
نظر الى الجميع كل مطأطأ رأسه : كل المشاكل التي افتعلتموها سننهيها الآن حالا ، نظر بحدة الى وجه منذر محذرا بغضب : اياك ثم اياك ان تأتي على ذكر ابنة عمك مرة اخرى ، زواجها نهاية الاسبوع لا نريد مشاكل مع معاذ و ابنه هل فهمت !
صار يأكل نفسه لا يطق حتى ملابسه يريد ان يتابع الصراخ ان يزلزل الارض و يمحو هذا المجلس من اساسه في تلك اللحظة نظر له اخاه يعذره يعذره يعذره فها هو من قُبلة قد شقت له قلبه ولعبت بعقله و جعلته اسيرا لها و لأنفاسها لا يدري ما سيفعل لا يعرف انه يخون كل شيء في هذه العائلة حتى نظر له والده : اياك انت الآخر ان توافق اخوك على شيء يفسد امرهذه العائلة هل فهمت !
نظر الى شعيب : وانت ستمسك كل اعمال والدك ستتابع كل شيء كان يفعله و مسؤول عنه !
طأطأ رأسه : دفع دية ام اوس لابد منها ، ابنها قد رجع .. همهم و نفث من انفه هواءا مهموما .. قلبي يقرصني منه لا ادري !
نظر مليا الى يحي لا يعرف حقيقة ما يقول له فكل الامر صار معقدا تبادلا النظر لم يرد ان يعطه وعدا و يكسر اولاده و لا يريد ان يكسره هو ايضا ويقول له ان سكينة ليست له ، انه يتمنى ان يتزوجها فهو يرى فيه الرجل الذي سيصونها و يحفظها هو ابن عمها و هو يحبه يحي رجل خلوق و محترم والكل يعرف ذلك تنهد وتنفس بعمق في وجهه : امر خطبتك من سُكينة ,, رفع رأسه متأهبا لما يقول ،، اتفق عليه مع اخوتها ان رضوا كان بها ان لم يرضوا فأنت قد حجرت عليها امام اعين كل القبائل لا اعتقد ان احدا سيتجرأ يوما و يطلبها ,, هنا نظر بحدة الى وجه المؤيد !
ضغط اسنانه ببعضها يتميز غيظا ينظر الى تلك الوجوه الواجمة ينظر الى عيني المؤيد التي لانت ، ينظر الى وجه المنذر الغاضب الذي وقف من فوره يغادر المجلس وكان جوابه حاضرا واضحا لن يترك له سُكينة كما يريد إلاّ اذا خضعوا لشرطه صبا بسُكينة ولكن المشكلة ان اخاه صار يحدجه بنظرات خطرة فهو لن يترك صبا له لن يتركها !
لوى شفته والكل كان ينظر الى باب الحجرة حتى قام آيدين يستأذن وهو ينظر الى عيني ابوه : انا سأذهب الى البيت !
رفع له امحمد حاجبا وتركه يذهب اليها يدعو في قلبه ان ييسر له الله امره معها ولا يظلمها !
حتى ختم سعيد قوله : فلنستعد.. الناس التي ستسمع ستأتي و سيمتلأ المجلس من الصباح للمساء !
في داخل البيت هناك وهن يتناولن القهوة وكل منهن سارحة في امرها
حتى دخلت ناجية تلك الفينة تسلم ومعها اولادها الثلاثة و هناك على الدرج كانت تنزل تلك البديعة الجمال وبين ذراعيها ابنها حين توجهت اليهن صارت كل العيون عليها حل الصمت المطبق فتحن اعينهن دهشة هي التي كانت ترتدي فستانا اصفرا حتى ركبتيها وحذاء ابيض عال و شعرها يتدلى الى ركبتيها و عيناها الصفراوان و ثغرها الاحمر و شكل وجهها الشهي حتى شعرت بالحمرة تعلوها وهي تنظر الى كل الوجوه التي تحدجها بتلك النظرات ، ماجدة لم تتوقع ابدا ان تكون زوجة شعيب بهذا الجمال و الرقة و صبا فتحت فاها مشدوها لا تصدق كل ذاك السحر ، شعرت سكينة بالغيرة فأطرقت برأسها وقلبها يدق بعنف بين ثناياها تخاف تخاف وتفكر ان رآها يوما يحي صدفة !
فابتلعت ريقها شاحبة لا تعرف ما حصل فيها حتى ابتعدت بنظرها وهي تضع كوب القهوة جانبا و تخرج من المجلس دون ان تسلم كانت الغيرة تقطع فؤادها رغم انها لا تشك في شيء ولكن ان رآها يحي الذي يعشق الجمال ما سيكون رده ماذا سيفعل !
قادتها ساقاها الى حوض السباحة هناك اختارت مقعدا و جلست وحيدة تحدق في الماء امامها بل فكرت في القفز علّ الماء يطفيء بعض نار اشتعلت في قلبها وكادت ان تشويه ..جمالها لا يُصدّق غريب عجيب مثير شهي !
في المجلس كن قد ابتلعن الصدمة وكل تحدق في عين الأخرى حتى جلست هي بينهن وجسدها يحترق من الحرج تنتبه لنظراتهن بين بعضهن البعض فتنزل رأسها الى احضان ابنها الذي كانت ماجدة تنظر اليه بشوق مدت له ذراعها فاردتا له اجنحة تناديه : تعال حبيبي تعال !
كانت صبا وناجية تحدقا في بعضهما وتتغامزا حتى قالت ناجية : اخوكِ لا يقع الا واقفا ما كل هذه من اين اتى بها .. من الجنة !!
ضحكت صبا على تعليقها تهمس : اعتقد انه قد سحب حورية و اسكنها الارض !
حتى ارتفع صوتها تسأل راعيل : هل نجلاء في غرفتها !
هزت كتفيها بغير علم : لا اعلم خرج صوتها غناءا جميل مثل غناء البلبل حتى نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض وهنا ارتفعت ضحكاتهما حتى غطى الخجل خديها لا تعرف لما يضحكان حتى شرقت صبا في ريقها : ياالهي كيف يسمعك اخي !
كانت تنظر اليها بجهل لا تعرف ما يقصدن حتى جاءت الخادمة تجلب لها فنجان قهوة و ناجية و صبا تعمقن في امر راعيل حتى دخلن فراشها مع زوجها !
في تلك الاثناء في الاسفل في حوض السباحة وهي ساهمة هادئة تفكر فيه في كل شيء حصل بينهما في ذاك السحر في ذاك العشق تبتسم مع نفسها حتى فُتح الباب الجانبي و دخلت منه زهرة ، كانت تتجه الى كرسي من الكراسي ، فردت عليه منشفة و رفعت فستانها الذي ترتدي ، فستانا خفيفا جدا احمر اللون واسع من الخصر وحتى ركبتيها ...ترتدي تحته ثياب السباحة ، لم تنظر حولها لم تحاول حتى ان تعرف ان هناك من يجلس ولكنها لم تكترث ، قطعتين تكشفان مدى جمال ودقة خلقها تسطح بطنها و رقة خصرها و ارتفاع ردفيها و فورة نهديها و لونها الجميل كأنها خُلقت من العاج .
جمعت شعرها وعقصته فوق رأسها و هي تقترب من الماء ثم نزلت وصارت تغمر جسدها رويدا رويدا حتى غطست كلها في الماء وصارت تسبح ، في هذه الاثناء دخل يحي الذي رأى زهرة في خروجه من المجلس تتجه الى الباب الجانبي من الحوض فتبعها فتح الباب وهو لا يعلم بوجود تلك الجالسة على حافة الحوض وقف قلبها حين رأته ولكنه لم يكن يلتفت لها قد كان عقله غارقا في تلك في من تسبح امام عينيه ، تراه بملابسه السوداء ووقفته المهيبة و شعره الذي تعشق و رائحته التي غمرت نفسها فهيجتها تراه تراه يحدق في جسد زهرة ترى عيناه كيف تلمعان ترى كيف روحه تكاد تنشق عنه و تتبعها كان متلهفا لها وهي لا تعيره اهتماما تضل تسبح جيئة و ذهابا حتى خرجت من المسبح بكامل ماءها وبللها بتلك الثياب التي لا تغطي شيئا وهو الذي يقف هناك مقابلا حين خرجت حتى وقفت امامه ببللها و جمالها يكاد صدرها يلتصق بصدره كانت قد مالت عليه هو الذي كان يراقب عينيها بدقة : هل هذا وقت سباحة ، لا اريد ان اركِ مجددا بتلك الملابس بين البيتين هذا الجسد لا يظهر لرجل سواي !
كان مغتاظا ان يراها في هذا المنظر المغري في ذاك الفستان الخفيف و البيت مليء بالرجال شعر بقلبه ينفجر شعر بغيرة عمياء تغطي روحه قال يحذرها : زهرة اسلمي من شري تعرفين ماذا سأفعل حين اغضب !
اقتربت منه كثيرا كثيرا جدا حتى قربت شفتيها من شفتيه في اغواء واضح تهمس في فمه : اعتقد اننا تناقشنا بما فيه الكفاية اليوم !
تنفس بقوة وهو يرفع صدره يعض شفته : زهرة لا تستفزيني
مدت ثغرها حتى عضت شفته السفلى هو الذي ارتعش من حركتها تلك اقترب كثيرا حتى التصق : ماذا تفعلين يا امرأة .. تغوينني !
اقترب وهي جعلته يقترب جعلته يرتشف شفتيها ويلف يد حول خصرها ويد يشد بها رأسها الى وجهه يقربها حتى يكاد يلتهمها ملمس جلدها و زهاء ثغرها شيء يشبع الروح هي التي مكنته منها دون رد فعل حتى رفع عينه في عينها.. متسائلا ..لوت ثغرها بمكر في عينيه.. تهمس بلؤم وهي تشير بأصبع في اتجاه ما : اذا كنت انا زوجتك فمن تكون هي !
نظرت لها نظرة .. ان كنت اريده فلن اجعله ينظر اليكِ !!
ادار رأسه و رآها حتى فُجع قلبه غضن جبينه وارتفع صدره
هي التي كانت دموع وهم حقيرة تنزل على وجنتيها حتى ذبحتها ..دموع قهر ، دموع غضب، رفعت رأسها في وجهه هو من اسود وجهه ترك خصر زهرة من يده ورفعها الى شعره يكاد يدور حول نفسه لقد اوقعته في شرك وهو يرى محبوبته تغادر مكلومة ومن غله دفع زهرة بكل قوته حتى ترنحت بقوة وسقطت في الحوض تغرق فيه !
تحركت قدماه بسرعة عجيبة خلف تلك التي دمر كل شيء حلو فيها دمر كل ذكرى كل قبلة كل حب حدث بينهما كل شيء صار مبهما كل شيء كان سرابا كان لعبة اين كل ذاك الكلام اين كل ذاك العشق اين هو يحي الذي تحب الذي سلمته شرفها سلمته نفسها واصبحت عاهرة في عينه وعين كل من يعلم
حتى التفت ذراعاه حولها كانت ترفس لا تريد لفت انتباه احد لها ...لا تريد الصراخ رغم انها تجهش بالبكاء المرير كان كل وجهها منتفخا بؤسا و غلا و غضبا وهو قد تمكن منها يحملها عاليا حتى دفعها هناك الى غرفة مليكة كان يلهث وهي تلهث كانت تهجم عليه بكل قوة تضرب صدره تضرب يده ووجهه تريد رفسه شعرها النحاسي يتطاير حولها اسنانها تنطبق على بعضها في كمد تصرخ فيه خدعتني خدعتني استغليتني تكذب علي كان يقترب منها بكل عزم فيه يلمها الى صدره بقوة يهدأها بأنفاسه : سُكينة سُكينة اهدأي !
لم تعد تعقل شيئا كانت الغيرة تأكلها هو يريد زهرة يتمناها يحبها ربما ايضا يعشقها كان ظهرها الى صدره ويداه تحكمان قبضتهما على صدرها و يدها بينهما يدفعها بلهفة الى عمقه : قلت لكِ لا داع للغيرة زهرة هي زوجتي تعرفين ذلك.. أنتِ شيء آخر شيء بعيد عنها تماما أنتِ امرأتي !
كانت الحرارة بينهما عالية و الانفاس تتدافع حركة ساقيها التي لم تهدأ : انت حقير حقير مخادع اتركني انا لا اريدك اتركني
كان يدفعها الى السرير لا يقبل ان تقول له تلك الكلمات بعد ان كانت تغرد في قلبه و عقله بكل ذاك الحب كان يهبط على عنقها بشفتيه وهي تتحرك بقوة غاضبة : اتركني ايها العاهر اتركني اتركني سأقتلك يا يحي سأقتلك ولكنه لم يعبأ وهو يزيح ملابسها عنها وهي تتمنع : اتركني اتركني لا اريدك اذهب اليها تلك العاهرة اذهب اليها فأنت تليق عليها
كانت حربا بينهما هي تبكي بقهر.. حشرجاتها لم تهدأ لا تريده ان يلمسها وهو يريد تركيعها فكيف لا تقبله بعد كل ذاك الحب يهمس بلهفة في فمها : تعلمين انني احبك اعقلي يا امرأة
: اتركني انا لست سوى عشيقة لك وهي الزوجة
كان قد مددها على الفراش عيناها في عينيه : ان كان قصدك عشيقة من العشق فأنا اعشقك احبك اريدك وان كنتِ تقصدين الاستنقاص من قدرك وانكِ مجرد امرأة اضاجعها فأنتِ مخطأة تماما !
كان همسه يثيرها يقتحمها هو الذي مال على شفتيها مندفعا بحرارة انفاسه ..تبعده غاضبة ثائرة : لا تتخيلها في جسدي !
رفع لها حاجبا غاضبا : هل جننتِ من قال !
كانت ترفسه مغتاظة : ابتعد ابتعد ابوك مريض
نفخ انفه منها في غضب : لا تدخلي المواضيع ببعضها
كان يفك ازرار بلوزتها هي التي لم تستطع ان تقاوم حتى جذبته الى احضانها يتقلب عليها وتتقلب عليه تحبه تعشقه لا تعرف كيف تتصرف في هذا الحب اصبحت تدرك انها تريده لها وحدها ان رؤيته مع اي امرأة غيرها يقتلها و يهينها يقتل العزة فيها ، ان يفعل مع احداهن ما يفعله معها ، يعطها ذات القبلات يستمتع معها ينظر اليها بطريقته في النظر اليها شيء يقهرها يهرسها يطحن قلبها يغرز فيه سكاكينا دامية لا تحتمل تخيله مع اي منهن لا لا تفعل ، ترجوه بعينيها بالدموع على وجنتيها : لا تنم معها لا تفعل !
كان غارقا في جسدها لا يريد ان يناقش امرأة اخرى وهو معها : كُفّي عن ذكرها عندما اكون معكِ لا تذكري لي اي امرأة عداكِ !
كانت تضغط على اسنانها بقوة تكاد تصرخ وهي تتشبث به بين فخذيها حتى رفع كفه يغلق لها فمها : ششششش ستفضحيننا !
حتى ارتخت بين ذراعيه يقبل ثغرها برقة يأمرها وهو يضرب على ردفها : اخرجي !
تركته هناك على الفراش يغلق سحاب بنطاله يتمدد يضع ذراعه على عينيه يتمتم لنفسه تبا للنساء وللنهود والقدود و الثغور !
هي التي ترتبك تحاول ترتيب هندامها وجهها مخضر مصفر تكاد تجري بالعكس تريد العودة الى احضانه و عيناها لا زالت الدموع عالقة فيها حتى وصلت لمجلس النساء اتخذت متكأ و جلست بهدوء تستلذ بكل ما فعلت معه و فعله هو بها !
آيدين
دخل بيت والده الهاديء ، يسمع من بعيد حركة في المطبخ هناك تحرك باتجاهه ينظر فيجد العمة صفية تعمل على غسل بعض الصحون و رغوة الصابون في يدها التفتت له بحب تبتسم : آيدين هل عدت ، كان يهز رأسه وهي تتابع : اغرف لك الطعام ! قد خرجتم جميعا ولم تأكلوا شيئا !
تنهد وهو ينفخ بقوة من بين شفتيه مال برأسه موافقا : نعم ..سأصعد اطمئن على تامارا !
اعطاها ظهره وهي تقول : تامارا قد اكلت !
صعد الدرجات وفي كل درجة مصير ، في كل واحدة قرار ، لا يعرف ان كان واقفا او ان الدرج يتحرك به كان عقله مشغولا ، هو .. لا يشعر بالندم ابدا على ما فعله مع تلك الشقراء الفاتنة ، امرأة تراه ويراها ، امرأة لا يعيش هو كشبح في خيالها ، امرأة بالكاد تعرف عليها ثم باعته ، كان الهم يتكوم في صدره ، هو من وضعها تحت حمايته ، قد ستر عليها ، احبها وعاشرها ايضا ، رجل غيره كان لينساها كان ليعتبرها كرحلة وانتهت ..كذنب و كفر عنه.. نعم هو كفر عن ذنبه معها و صارت له حتى اذا طلقها و تزوجت من بعده لا حرج عليها لن تسوء سمعتها ، قلبه صار خاويا منها لا مشاعر تذكر ، مال لها والآن استقام !
كان يقف على اعتاب الحجرة كان التكييف يعمل ، البرودة تصل فتضرب وجهه المنكمش المتغضن دخل و كانت الحجرة خالية لا احد ، غضن جبينه اكثر حتى التقى حاجباه التفت الى ما خلفه ذهب باتجاه الحمام و فتحه وهناك كانت هي واقفة عند حوض الحمام كانت قد ازالت ربطة الشاش من على رأسها تحممت و لبست روب للحمام يصل حتى فخذيها الناعمين و شعرها الذهبي مبلل يسقط على كتفيها و جبهتها ..كانت تقرص شفتيها حتى احمرتا توقفت عن دعك ساقها بالكريم حين سمعت حركة ، انتفخ صدرها ، تعرفه تعرف سكونه تعرف انفاسه التي تغلبه في كل مرة وتصل اليها حارة ، تعرف وقفته هناك على الباب لا تراه بالعين ولكن رؤية القلب اجلى !
اقترب منها حتى صار خلفها تماما ، يقفا امام المرآة الكبيرة هي كانت تنظر الى عمق المرآة وكأنها تراه ، ذقنه على نهاية رأسها كل جسده يغطي جسدها نزل الى اذنها يقول بكل حقارة : لقد خنتك ، لقد نمت مع امرأة اخرى ، امرأة جميلة جميلة جدا ، شقراء بعيون خضراء و جسد متفجر كانت ليلة لا تُفهم !
لوت رقبتها بهبوط قلبها وشحوب وجهها ارتعشت شفتيها حتى امسكت بهما بقوة بين اسنانها تمنع تلك الارتجافة لن تجعله يشمت بها لن تجعله يقهرها نطقت بعدما ابتلعت اطنانا من المهانة من المذلة من العزة : المهم انها تشبهني !
رفعت اصابع مرتعشة تتحسس جرح رأسها حتى انها لم تبكي لم تصرخ رغم الفيضان الجارف الذي محى كل شيء له في قلبها مسحه من صياصيه لم يُبقي آيدين اي شيء له في نفسها كي تتمسك به حتى التفتت عليه هو الشاحب الوجه ترفع رأسها في وجهه اصابعها تمتد تتحس عنقه حتى سرت هزة عنيفة في عمقه : هنا .. ثم الى شفته حتى اهتزت .. ام هنا .. ثم الى صدره .. ربما هنا .. حتى وصلت الى خصره وهناك امسك يدها بين يديه بشدة يعتصرها بين اصابعه : ماذا الم تصل الى هناك !
كل كلمة كانت تطحن الروح فيه ، لا يعرف اراد ان يقهرها فإذا بالمقلب يلتف حوله حتى خنقه : اتصل بوالدي لا اريد خالي ولا جهاد اتصل بوالدي و اجلبه وتفاهم معه على الطلاق !
التفتت مرة اخرى عنه تتحسس طريقها تمشيء بتؤدة حتى لا تقع كان صدره ينتفخ و عيناه احمرتا بشدة وهو يعض شفتيه خرج يتبعها يراقبها وهي تمشي مستندة على الجدار تعد الابواب حتى وصلت الى باب الغرفة التي هي فيها هناك سبقها واطفأ التكييف وهي اتجهت الى ملابسها التي احضرها لها من البيت كانت تخلع الروب امام ناظريه هي قد اصبحت عمياء عن كل شيء لم تعد تعتبر لوجوده صار مثله مثل الحائط .. اذا كانوا يقولون ظل رجل ولا ظل حيطة ,, فالحيطة اصبحت تحن عليها اكثر منه صارت ترتدي ثيابها وهو ينظر الى كل استدارة فيها الى نعومتها جمالها رقتها كأنه يسمع تغريد صوتها حتى لبست فستانها الازرق فردت شعرها على ظهرها و صارت تغمر يدها في شعرها تهمس له بصوت خفيض رقيق : لا استغرب شيئا من رجل تزوج من اعتدى صديقه عليها ، صدقني لا يهم ، لا يهم رأيك ان كنت اخون ام لا ، لا يهم ان كنتُ حتى قد تحملتُ تبعات ما فعلتموه بي !
كان يبتلع ريقه في كل ريق حريق يلهب حنجرته يصل لجمجمته يسود منه وجهه حتى اقتربت كثيرا جدا و فاحت عليه رائحتها النظيفة كانت لا تضع الزينة ابدا على وجهها كان وجهها ذهبيا حاجبيها ذهبيين رقيقين نظيفين و شفتاها ممتلئتين و شفتها السفلية منفلجة كحبة الخوخ و لون عيناها ساعة اخضر وساعة ازرق حسب مزاجها .. تخطته حتى تحسست الطاولة و امسكت بمشط و سرحت شعرها : انا سأبقى هنا في حماية والدك حتى تحضر لي ابي و تتفاهم معه ، ان تخبر ابي بكل شيء في خاطرك ، ان تقول له انك لم تجدني عذراء بسبب صديقك الذي اعتدى علي هناك ، تقول له انك تشك في اخلاقي مع ابن خالي ، تقول له انك خنتني مع شقراء متفجرة الجسد ,, كل شيء حتى نفصل في الامر .. صمتت صمتت طويلا تتحشرج بالكلمات تلفظها كأنها كانت حُبلى بها تنزل دمعة وحيدة من عينها يتابعها بحسرة : قل له انني كنت في الثانية عشرة .. حامل !
اقشعر جسده ارتعد ارتعب صدم فجع هبط الدم لجوف الأرض حتى انفاسه قد توقفت انكمش وجهه بشدة بحدة اسود و ازرق ترنح في وقفته يرفع يده الى شعره يقطعه بيده فاغرا فاها فاتحا عينا الصدمة ستسبب له الجلطة صوته ابى ان تخرجه احباله الصوتية ،ولاول مرة تنزل الدموع من عينيه دموع قهر دموع وجع ينظر الى كل جسدها الى بطنها هناك كانت تحمل بابنه يا الله يا اللللللللااااااااااااه صرخت نفسه صرخت في السماوات صرخة هزت الارض من تحته هزت روحه صرخة تقتل اغلق عينيه بشدة تقهره الدموع يضغط على اسنانه عيناه للسماء وهي لا تراه لا ترى ما يحصل فيه دارت الارض به حتى جلس عليها غامرا رأسه بين ساقيه حتى غلبته الحشرجات و خرج صوت بكاء غليظ نحيب رجل في جوف النهار يهتز كل جسده مع كل عبرة مع كل دمعة كان يشخر ببكاءه وجهه محتقن بالحمرة هي التي فُجعت بما تسمع صارت واقفة هناك بينهما دمعة بينهما حسرة بينهما كان طفلا سيولد رجلا ربما في العشرين من عمره كانت تبكي تبكي حسرة تطرق على صدرها بقوة : طفل.. ابن حملت به اردت قتله ولم اقدر اردت التخلي عنه ولم اقدر اردت رميه ولم اقدر فولدته وارضعته ثم وهبته !
رفع رأسه مفجوعا لا يصدق بدموعه التي اغرقت له وجهه لا يفهم وهي تتابع : وهبته للموت بعد ان اسميته أُوبيّ!
قام ببطء من مكانه قام كأن سيفا مسلطا على عنقه سيقطع له عرق سيهدر دما لا يدخل كل ما قالت عقله كيف تفعل به هذا كيف تصدمه بتلك الطريقة كيييييييف حتى امسك بعضدها يهزها بقوة قوة كبيرة يكاد يرميها صارت تطير بين يديه يتطاير شعرها وتتخلخل رقبتها وهو يصرخ : كيف قتلته قتلته كان رذاذ غضبته يتناثر عليها هي مغلقة العينين تهمس له من بين هزاتها : مات مات كان مريضا انا كنت مريضة انا كنت تعبة انا كنت مدمرة تماما لقد تركتموني مع ابن مع طفل تركتموني حامل في الثانية عشرة في الثانية عشرة
كانت هي ميتة بين يديه وهي تذكر كل لحظة كان فيها يرفس داخلها حين ولدته حين صرخت حين ونت حين وضعوه بين يديها تلك الكتلة الحمراء الجميلة عندما وضعته على صدرها يرضع يلتهم حلمة ثديها عندما مرض عندما مات ماتت روحها معها مات قلبها معه !
كان يعتصرها بين يديه حتى كادت عظامها ان تتداخل هي تلك الصغيرة التي ظلمها التي امعن في سحقها واذلالها، قلّب وجهها بين يديه بقوة بشراسة حتى كاد يكسر عنقها يتفرس في عينيها في دمعها في موتها امامه شدها بقوة الى صدره يدفنها فيه يميل برأسه على جيدها يبكي، يتعبر جسده ،يبكي بحسرته ويهتز مع جسدها لا يفهم لا زال في الصدمة لا زال تائها لا لا لا صار مثل المهووس يدخلها في ثناياه يريد ان يدخلها بين اضلعه و يغلق عليها
كيف ظلمها كيف فعل هذا بها
قد تركها حاملا حااااااامل تركها بفضيحتين احداهما كركوب الجمل احداهما تهد جبال احداهما حطمت عائلة.. كيف ..كيف قد جاء لها متأخرا متأخر جدا !
عن النجلا
تحبه ، لا تحبه ، تحبه ، لا تحبه ، لا تحبه ، لا تحبه .. لعبة قديمة قد تكشف لنا نحن البسطاء نوايا قلوبنا و نوايا القلوب الاخرى التي نعشق ، احبه او لا احبه ، تخبط في العدم ، سهر مميت للعينين ، بعض الخذلان .. لا ليس كل الخذلان ، فقط بعضه .. ان نتصور الحماية ممن يعتدون على طهرنا ، ان نحتمي بمن يدعسوننا ، كل الظنون كانت خائبة كانت عكسية .. ولما سنتوقع الأفضل ، لما نرنو للأجمل من كل تلك الوجوه المشوهة !
تتمدد هناك في يدها زهرة برية تقطف اوراقها واحدة تلو الأخرى ,, حتى تناثرت كلها على فراشها حولها .. تنظر للسقف في انعكاس نفسها فيه ، ترى ذاتها ذات يوم !
اتركني اتركني لا تلمسني يا كلاااااب يا كلااااااب لا تلمسني لا تلمسني
كانت هائجة متمردة حاقدة تصرخ تصرخ صراخها وصل الى ما بعد اسوار البيت و اخوها الصادق يتمسك بها من خلفها يحاول ان يسيطر عليها هي من قطعت شعرها ندبت خدودها وجهها يحترق بالدماء و الدموع ترفس تضرب تزعق والكل يتفرج عليها لم يقدر عليها احد لم يستطيعوا السيطرة على الحالة التي اصابتها تمد يدها الى شعرها تقطع ما تبقى منه : اتركووووووونييييييي يا انذااااااااال يا حقراااااااء
كانت فوق بحتها بحة اخرى مقتولة مذبوحة موؤدة تنهار ارضا وهو معها يربت على شعرها خائف يموت خوفا عليها : نجلاء ما بك ماذا حدث لكِ
هي المصدومة هي الملكومة ، ضربتين في الصميم ، طرد و اهانة ، اغتصاب ، هي لم تعد عذراء ، لن تعيش حياتها بعد الآن ، من فعل بها ذلك من.. كانت تشخر بقوة العبرات تنزل على صدرها تقطع ملابسها : من فعلها منكم منننننن
اصبحت تشك حتى في اخوتها تشك حتى في والدها ترفع رأسها للسماء لا احد يفهم شيئا عما تتحدث : نجلاء نجلاء صارت امها تصفعها على وجهها علها تستفيق كانت تخاف انها قد جنت : نجلاء ما بك نجلاااااء
دفعت يد امها بعيدا عنها فكت يدا اخاها بقسوة تدفعه حتى سقط ارضا تصرخ به بكل جبروت و رذاذها يتناثر على وجهه صارت تكرهه تكره الصديق تكره امها تكره كل العالم كل الغضب المتفجر في مقلتيها المنتفختين في ثغرها المتورم في وجهها المدمى : لا احد يقترب مني لا احد كلكم اوغاد كلكم
تركتهم بسرعة تتجه الى الحمام هناك كان الصديق يجري وراءها هي التي اقفلت الباب عليها بسرعة شديدة تقلب بثورة عن شيء حاد شيء تقطع به عروق يدها شيء يقتلها ما عادت تريد ان تعيش لا تريييييييد كل شيء صار مظلم كل شيء صار سرابا صار عارا ، لم يلمسني كيف لم يلمسني كيف من فعل مننننننن صارت تصرخ تصرخ بقوة و الصديق يحاول من الخارج ..كُسر الأمل في كل شيء في كل من حولها حتى في نفسها لقد تبرأ منها ، كل هذا الحب يا لقمان كله كله دمرته سحقته سحقتني دمرتنيييييي اين هو حبك اين هي شفتاك اين عيناك اين غزلك اين رغبتك لمجرد ان قلت لك رميتني امام الباب تبرأت مني ظهر وجهك الحقيقي وجهك الحقود الكريه كل شيء صار يقطر من وجهها وانفها و خديها ترفع موس الحلاقة و تفتح رسغيها بلا اي تفكير بلا اي رادع ديني بلا اي حياة قد فقدت العقل قد ماتت الروح انهارت على الارض ترى دمها ينفجر من عروقها تراه و تضحك تراه وتبتسم نعم هو كذلك يا الللللله رااااااااحة راحة عجيبة عجيبة جدا .. النهاية .. لم تكن على الدنيا يوما ، كانت مكمورة تحت الرماد ، كانت تذوب كانت تذوي ، لا حياة لمن تنادي ، نعم لقد نادت الحياة ، قد ارادت فيها فرصة صغيرة ، فسحة تنفس فيها عن روحها ، عن ضيق عائلتها ، يا الله الروح تخرج تتسرب كغاز من قنينة هكذا هي يارب خذ انفاسي ولا ترجعها لم اعد اريد الحياة لقد خانوني الكل خانني لقد مزقوني لقد لعبوا بجسدي والدم يشكل نهرا وهي قد اغمضت عيناها للأبد حتى انكسر الباب عليها !
في تلك العتمة تراه ترى وجهه الحبيب وهي تغازله : تدري لم اكن اظن انك ستلتفت لي ابدا !
كانا رأسيهما قريبين جدا كادا يتلاصقان ، وجهيهما محمران كل الانفاس تتخالط العيون تتحادث يرفع مرات اصابعه يلمس خصله من شعرها ذائبا يرفعه الى انفه متولها : شعرك عجيب !
كانت تدفع اصابعه بعيدا عنها بلطف وهو يمسك باصابعها يتشبث بها يكاد يرفعها الى شفتيه يقبلها بلهفة : انا انتظر بفارغ الصبر التخرج كي نرتبط ، تعلمين ماذا سأفعل يوم ارتباطنا !
كانا خداها يشتعلا خجلا تتخيل ذلك اليوم الذي سيطفأ فيه انين اللذة ، انين الوصال : رفع يده برقة الى ثغرها : سأقبلك حتى اشبع !
لوت رقبتها تضع يدا خلفها متحرجة عيناها غامتا جدا كل جسدها صار يحترق و حتى صوتها بالكاد خرج وهي تعض شفتيها : لقمان تأدب !
كان ينظر الى كل من حوله ، في تلك الحديقة حيث كل اثنان كانا مشغولان ببعضهما البعض ، الحديقة كادت تشب حريقا من تلك المشاعر التي تخرج من كل تلك الاجساد الجالسة ، كل حبيبين يجلسان وجهيهما متلاصقين يسرقان قبلا او يسرقان غزلا و حبا الكل كان مشغولا بما هو فيه من شوق و رغبة حتى هو كان يريد.. في بيتها تعامله كالغريب وفي بيته تعامله كحبيب لا يدري لما ، قالت له مرة : انها تحترم حرمة البيت لذلك هو فعلا سيشرح لها فقط بعض المواد الغير مفهومة ،، عندما دخل بيتهم استغرب بل فتح فاها لم يظن انها من عائلة بهذا الثراء كان البيت عجيبا جميلا كبيرا بحديقة غناء تبهج الروح وهو كان من حي متواضع ليس فقيرا ولا غنيا كان متوسط الحال .. ربما كل من يرى بيت معاذ سيظن انه يحن على اولاده و يعيشون في كنفه معززين مكرمين ، لكنه رجل مظاهر يعتني نعم بالبيت و كل شيء حوله يعتني بالجماد اكثر من اللحم الذي عنده ، يريد كل الوقت ان يستقبل الضيوف ان يجمع الحكماء و الشيوخ حوله ان يصبح صاحب شأن .. دلل الجميع بل كان يغدق المال على تلك الاجتماعات و العزائم و التي هي بلا داع ، وقد كان يقطر بالمال على اهله تقطيرا ، لا داع لكثرة الملابس ، لا داع ان تمسكوا مالا بأياديكم ، لا داع للخروج ، لا داع ان تأتي النساء للزيارة فهو لن يضيع المال بلا هدف على اشياء تافهة كالتجمعات النسائية مثلا .. حتى علاجات رباب تكفلت بها النجلاء بعدما عملت في احدى المدارس الخصوصية و قبل دخولها للخلوة !
كان يدور بنظره في كل زاوية من المجلس الفخم الذي يرى حتى صار متحرجا في نفسه لم يرضى ان تكون زوجة المستقبل اعلى منه شئنا و اكثر مالا !
من هناك بدأ شيء ، حاجز في نفسه ، هو ايضا لا يعلم كيف يأتي هؤلاء الناس بالمال ، ما هي اعمالهم ، كيف لهم ان يعيشوا هكذا ، قد كان شيء من حسد يسري في عظامه شيء من حسرة على حاله وحال اهله رغم انه يملك بيتا و سيارة و يتعلم و سيعمل لكن عينه كانت على ما في يد غيره ، كان يتنهد كثيرا و يفكر كثيرا : نجلاء .. كانت تلتفت اليه بحب ترفع شعرها عن عينها بيديها تقضم شفتيها : لا اعرف ان كنتِ ستعيشين معي مثلما تعيشين هنا !
كان واضحا معنى كلامه !
لكن النجلاء غمق وجهها وبهت لون عينيها ارتبكت لا تدري ان كانت ستبوح له بأي من افعال والدها و اخوها و شركاه ، لا تعرف ان باحت هل سيحترمها او هل سيتكبر عليها لا تريد استباق الامور وهي ترفع يدها فوق يده تحركها بحب : اذا تزوجنا سأعيش مثلما تعيش لن اطلب شيئا اخر ، لقمان صدقني حبنا اكبر من اي ماديات !
في العتمة تسمع رنينا تسمع اصواتا رائحة غريبة تثقب انفها ، كان الوقت وكأنه ساعة او بعض ساعة ولكن كان في توقيتنا الزمني عشرة ايام ، نامت النجلاء وما عادت تريد الرجوع ، كانت ترى مدن تغمرها الرمال ، ترى انهارا تجلب طينا ، ترى موتا يجلب الوحدة !
ألن تموت بعد كل شيء كان غائبا.. ترى اضاءة ترى سقفا شيء ما على انفها تعب تعب شديد انهيار ، روح غادرت و التصقت بغرفة من تلك الغرف الميتة ,, لما اعادها الله للحياة لا تعرف ,, تسمع صوت : نجلاء نجلاء !
لم تقدر ان تدير رأسها كانت متجمدة وكأنها قد وُضعت في ثلاجة ، كل شيء متصلب فيها كانت فقط تسمع : انا اوصيت خالك ان يأتي كي يخرجها و تسكن عنده حتى تستقر حالتها النفسية !
كان الصوت يأتي و يقترب و يذهب بعيدا ، لا لا .. لم تمت بعد .. لما .. كان المفترض انها الآن تحت الارض لا تريد ان تكون فوقها بعد ان لفظتها ، لفظها حبيبها ، احدهم سرق شيئا غاليا نفيسا من جسدها !
كان الجميع حولها حتى ابوها كان هناك يضع يد على خد لا يدري لما فعلت ذلك بنفسها ، امها التي كانت تبكي طوال الوقت نعم هي حتى ان كانت اقسى ام على وجه الارض فلن تتمنى ان تقتل بنتها الكبرى نفسها ان تختفي النجلاء من الحياة كانت تتمسك بيدها طوال الوقت حتى ارتفع صوتها تلوم من هو جالس معها تؤنبه : كله منك كله منك لقد دمرت لها نفسيتها ، لما تبخل عليها ، لما لا تأخذها في حضنك ، لما لا تصرف عليها ، بنتك تشعر بالدونية بين زملاءها في الجامعة ترى الجميع يملك كل شيء حتى من هم اقل منا مستوى يلبسون و يصرفون افضل منها حرام عليك والله حرام انظر الى اين وصلت البنت منذ عشرة ايام لا تريد ان تستفيق !
لا تدري هذا الموقف من امها جعلها تلين لها وتلين عليها جعلها تكتشف انها لم تقدر امها حق قدرها فأمها كانت ترى و تكتم !
حين خرجت لمنزل خالها عزالدين كانت قد ارتاحت هناك.. ثلاث بنات صغيرات جميلات ممتع التواجد معهن ، هناك زوجة خالها مروى الحنونة كانت دائما تجالسها سعيدة بها هي تكبرها ببضع سنين فقط وخالها يكبر مروى بعشرين عاما على الاقل ، كان فارق العمر بينهما كبير ولكن التفاهم كان جميلا يفهما بعضهما البعض من نظرة ، تركت الجامعة منذ تلك الساعة ولم تكمل الدراسة قد كرهت كل شيء ، نفسيتها مدمرة تجلس و تنتحب كل فينة واخرى صارت غارقة مع نفسها بالكاد تتكلم وبالكاد تتسلى حتى حين يدخل اليها خالها للغرفة : نجلاء حبيبتي لا تقلقيني عليكِ
كانت تجمع وجهها على صدرها بين ساقيها وتجهش بالبكاء بكاء مرير لا يعرف لما : نجلاء احكي تكلمي ما بكِ ارجوكِ لا تفجعيني فيكِ !
كان كل البؤس محيط بها لم تعد تستجيب لأاي احد ،، قد انهار البيت الذي بنته في روحها معه ، لقمان اخذ حقه منها قبل كل شيء !
اتجهت الى حقيبتها و تناولت منها علبة الدواء التي اخذتها من غرفة شقيقها الصديق لوجع الرأس اخذت حبة و حاولت ان تنام تريد ان تنسى ، صار الصداع يتفاقم كل فترة واختها صار جسدها يتصرف بغرابة عنها وكانت تلجأ لتلك الحبات فتسكن روحها لساعات ثم تعود الكرة حتى ادمنت حتى تلوث دمها وهي الغافلة صارت تصرخ بعدوانية في وجوه الفتيات الصغيرات صارت تضربهن صارت تسقطهن ارضا صارت تستشيط من اي حركة حولها صارت تقل ادبها مع خالها و زوجته حتى ضاقت بها ذرعا : خذها الى امها انا لن اتحمل ما تفعله مع البنات
كان خالها مستغربا منها لا يعرف ما يحصل لها قد تغيرت صارت عدوانية همجية مكتئبة حقودة صارت النجلاء شيء لا يعقل حتى امسكها مرة يهزها بشدة : نجلاء قد جلبناكِ هنا كي تسترخي كي تعقلي لا ان تحولي حياتك وحياتنا الى جحيم ، مروى تتضايق من تصرفاتك تجاه البنات ولكن عيناها احمرتا غضبا وهي تصرخ فيه : اخرج اخرج لا اريد ان ارى وجهك ولا تلك الفاسدة المسماة مروى !
حتى كانت الصفعات تنزل عليها تباعا كان يشد شعرها بغل و حقد : لا تنادي زوجتي التي استقبلتكِ في بيتها بالفاسدة تعالي تعالي سأرميكِ عند امك حتى تعرف هي كيف تربيك ِ
انتهت فترة بقاء النجلاء مع خالها و زوجته التي انتهت بكارثة بينهم بكاء وصراخ وطرد كانت ولم يكن الوضع افضل حالا في بيتها حين عودتها كانت تكسر و تحطم و تخرج للحديقة تصرخ بأعلى صوتها حتى كانت تفضح اخوتها في اصحابهم ومن يزورونهم ,, تحولت حياة العائلة الى جحيم مطبق هي التي كانت تدور دورانا حول نفسها شيء ما يجري في جسدها لا تعلم ماهو حتى دخل عليها الصديق مرة مفجوعا شك في امرها شك في حالتها في اعراضها دخل لغرفتها مفجوعا مصدوما وهو يقلب الحجرة عن تلك العلبة التي اختفت من بين ملابسه حتى وجدها شبه فارغة هناك كان قد سقط ارضا هي التي تتلوى تصرخ تنوء كان ينظر لها يبكي : تبا يا نجلاء تبا ماذا فعلتِ بنفسك !
خرج على عجل اخبر امه وابوه بما يحصل حتى سقطت امها ارضا و اسود وجه والده و اتفق الجميع على ان يرسلوها الى مصر الى مصحة علاج ادمان و نفسية !
سبع اشهر بقيت النجلاء في مستشفى علاج الادمان تحسنت نفسيتها راقت حياتها نارت الدنيا مرة اخرى في وجهها ، هناك تعرفت على ممرضة اسمها فدوى محجبة جميلة ذات ضحكة خلابة كان وجهها يشرق كلما رأتها كانتا تجلسان سويا تتحادثان كانت خفيفة الدم جدا مرحة كانت ساعات تحزن فتسألها ما بها فترد : لقد تذكرت اخي رحمة الله عليه !
كانت تمسح دمعة تحاول ان تزلق لكنها تمسك بها بين اصبعين : اخي كان له علاقات محرمة حتى اصيب بمرض الايدز .. اخي مات وهو لم يسجد ولم يركع لله ، لكما نصحناه يقول : للتوبة وقت ولن يفوتني ,, وها قد فاته كل شيء ..جاء المرض سريعا و اخذه هكذا بلا مقدمات .. اخي لم يكن له اي علاقة بالله ، لم يصلي ، لا يصوم بل يجاهر بافطاره في رمضان ، يعاشر النساء في كل وقت ، رحمه الله لم يبقى لنا الا ان نترحم عليه علاّ دعائنا له سيغفر له.. امي تموت قهرا كل حين تبكي حتى تنهار تقول لي : اخوكِ يتقلب في جهنم !
كانت الدموع تنزل منها مقهورة توجه نظرها الى وجه نجلاء : هل تعتقدين ان اخي في جهنم !
لا تدري ما تقول كانت مغمومة محزونة ما كان على فدوى ان تحكي لها هكذا قصة وهي في حالتها هذه وهي لا زالت تحت العلاج قالت بحشرجة : ربما لاخوك صلة اخرى بالله شيء لا تعرفيه عنه !
تنهدت كلتاهما وفدوى تدعو : يارب يارب !
حتى جلبت لها تلك الفترة مصحف صغير جميل مدته لها بحب : قُبيل خروجك من هنا اريد ان اهديكِ هذا المصحف كلما قرأته تذكريني !
كانت كلما هجعت في مرقدها اغمضت عيناها ترى نفسها امام صخرة ، صخرة عملاقة ، تتشقق امام ناظريها ، يخرج من بين الشقوق زهر و ماء .. كان هناك صوت .. همس .. يتردد صداه حولها .. وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله ..
كانت تقوم من نومها تلمس قلبها تكاد تشعره بين يديها ، كأن قلبها هو من تشقق هو من زهر الزهر فيه هو من خرج عنه الماء فمسح عليه وغسله ، كانت تشعر شعور جميل جميل جدا يغمرها ، راحة عجيبة ملئت قلبها وروحها ..فسبحان من استكانت اليه و سمعت منه كلاما طمئن لها فؤادها .
ومن هنا بدأ تمسك النجلا بالقرآن و الحفظ و الستر ، تغيرت حياتها ، كلما قرأت سطرا من القرآن كانت تجهش باكية كانت تتحطم كانت مقصرة في حق ربها ، كانت مهملة في صلاتها ، كانت تؤخر مواعيد لقاءها مع الله ، هن فقط خمس اوقات لخمس دقائق ليس اكثر من ساعة في يوم نقضيه بين الملذات التي فرضتها علينا الدنيا .. وصدق الله حين قال .. ادخلوا مصر ان شاءالله آمنين !
رجعت النجلاء وكأنها قد وُلدت من جديد !
عادت وكان اول من استقبلها في المطار خالها و مروى ،الذي امسكها و حضنها بقوة كان يبكي يعتذر لها عما فعل بها ، التقطتها مروى تهمس لها : والله لو كنا نعلم فقط ان هذا ما حصل ما كنا سنتصرف كما تصرفنا لقد كنتي هائجة جدا !
كانت الدموع تنزل من وجهها هي التي جاءت لهم محجبة ترتدي جلبابا طويلا لا تكشف سوى عن وجهها وكفيها كانت تضحك كانت نقية السريرة ..لم تحقد.. لم تجعل عتب في قلبها عليهما ..حتى انه اصر ان تتغدى عنده حتى تثبت له انها قد سامحته !
تنهدت وهي تعود لأرض الواقع حين فُتح عليها الباب وهناك كانت امها واقفة تحدق بها تتقدم اليها في ريبة بعينين شكاكتين : نجلاء لما تبقين هنا !
نفثت انفاسها وهي قد خططت لكل ما تقول لأمها وابوها : شعيب متزوج وله ابن .. قد تركت له البيت !
ضربت امها على صدرها مصدومة وهي تجلس على السرير : كيف لم يقل لنا انه متزوج !
ثم الى متى ستبقين الم يتكلم هو ماذا فعل !
استقامت و جلست بجانب امها : امي ، الرجل يحب امرأة اخرى .. تعلمين انا كيف خرجت من هنا .. هو لم يحترمني ولا يقدرني .. اريد قسطا من الراحة منه !
كانت امها تحدق في كل كلمة تخرج منها تحذرها : ابوكِ لديه مصالح معهم لن يقبل ان تتركيه او تتأخري في الرجوع له عدا عن زواج اخوكِ يوم الخميس وانتِ جالسة هنا لم تشتري شيئا حتى الآن لابد ان نجهز للعرس !
خرجت منها آآآآآآآآآآآخ طويلة وهي ترفع عينا مغمضة للسقف تقضم شفتيها في حسرة : امي لا اريد ان افكر في الخطوات القادمة حاليا انا هادئة و مرتاحة لا اريد ضجيجا عن ذلك القواد ولا عن العرس !
قرصتها امها بقوة حتى صرخت وفتحت عينا فيها : لماذا !
ردت امها : لا تنادي زوجك بالقواد عيب عليكِ هذا بدلا عن ان تتصلي به و تتحمدي لوالده بالسلامة !
نظرت بدهشة الى وجه امها التي تابعت : ابوه راقد في المستشفى جلطة دماغية !
غمق لونها وهي تحوقل ولكنها لا تستطيع ان تخرج لهم ولا ان تواسيهم هي مطلقة الآن في العدة ولن تخرج قبل ان يفتي احدهم بأمرها هو او الصديق !
كادت ان تنفخ ولكنها لم تفعل وهي تقوم : انا سأذهب للمطبخ لآكل هل تريدين شيئا !
فجاوبتها : نعم اغلي لي قهوة وهي تلملم بتلات الزهرة من على مفرش السرير !
اما عنده هو من كان يجلس على فراشها ينظر الى كل ما حوله ، دخل الى خزانة ملابسها يقلب فيها يلمس قماش الفساتين ينظر الى احذيتها العالية جدا حتى ابتسم ولكنه سرعان ما غضن جبينه كأنه لا يريد ان يذكر نفسه بأي شيء جميل عنها ، هو لن يتذكر منها سوى المرار ,, كان قد فكر مليا ماذا سيفعل بشأنها ، حتى خلص الى انه سيعطها وقتا ان كانت حاملا سيرجعها كزوجة بالاسم فقط و سيفصلها عن العائلة ، اما ان لم تكن حاملا بحلول الشهر القادم فهو لن يرجعها ، هكذا كان القرار النهائي الذي لا رجعة فيه يريد ان يطوي هذه الصفحة وان لا يلتفت اليها ابدا ، الآن هو مشغول جدا اعمال والده ورش الصيانة و الالات ، العقارات و متابعتها داخل وخارج البلاد ربما ايضا سيضطر للسفر كثيرا الى مصر و تونس و البحرين ، متابعة حركة الميناء ، رفع كفيه الى وجهه يغمرهما فيها يريد ان يستريح قليلا يريد ان ينفض عنه كل الهم يريد طرده من نفسه ، فشيء صغير هذا الذي حصل له معها ، ليس بحجم ما قد يحصل من مشاكل في حال انهارت امبراطورية العائلة !
عليه ان يُسرّح بعض المهاجرين الذي استوفوا مدة وجودهم في البلاد سيرسلهم الى وجهتهم الى اوروبا حيث يتمنون و يغامرون بحياتهم في سبيلها ، في غمرة افكاره المتداخلة جسد صغير يقتحم عليه الغرفة يرتدي بنطال جينز صغير و تيشرت ابيض كان نظيفا جميلا تسلل اليه على الفراش وهو تناوله بكل رحابة لمه على صدره بقوة يقبل جبينه يسأله برقة : ما اسمك !
تردد بعينيه الجميلتين المتسائلتين : تاج
ضحك ضحكة قصيرة عليه وانا ما اسمي !
حتى طرق الباب فقال : ادخل !
دخلت هي من كانت ترتدي ملابس الخروج تدور عيناها في الغرفة تتسلط نظراتها عليه : انا جاهزة !
تنهد ثم استقام حتى قالت هي : اين نجلاء !
نظر لها بنصف عين : تزور عند اهلها !
رفعت ذقنها تهز رأسها تهمس : افضل !
غضن جبينه يستغرب قولها : ماذا !
خافت بل تململت في وقفتها : يعني .. كنت اتضايق منها قليلا !
رفع نفسه وهو يتجه اليها في عينيه غضب لا تعلم مداه : لما !
حتى وقف مواجها لها هي ارتعدت اطرافها و تزيح عينها عن عينيه تضيع في تفاصيل الغرفة تبتلع ريقها وجلا : اقصد كل حين تفكرني بالصلاة و تقول لي اقرأي اذكارك , كانت تحرجني لم اعرف كيف اتصرف او ابرر لها !
كان وجهه يسود شعر بثقل هائل يربض فوق قلبه ، لم يتوقع منها ذلك ، ربما كانت ستكون افضل شخص تستطيع راعيل التواصل معه بشأن الدين و العبادات .. التوى فمه حسرتا .. أليس ان كانت فعلا تحفظ نفسها و تعبد ربها قبلا حتى تعلّم غيرها الدين ..
كان فقط يحدجها بنظرات نارية : ولما لم تصلي معها ، نحن اتفقنا على ان تسلمي و اسلامك يأتي من العبادات من التدرب وليس فكرة في رأسك فقط !
امسك بها من عضدها شبه يهزها ولكن يحذرها : آخر مرة تتكلمي بسوء عنها ،آخر مرة تأتي على ذكرها امامي هل فهمتي !
التوى وجهها لا تعرف كيف ستتفاهم معه يا ليتها ما فتحت معه هذه السيرة فقد كان بعيدا عنها وهي قد فتحتها بغباءها اعطته ظهرها وهي تنادي تاج وتنزل الى حيث الدرج وهو وقف هناك مليا يستند بكتف الى الجدار يذكر كل شيء كل شيء حتى شكوكه بها يعض داخل شفتيه ينظر الى الغرفة و الى مواد تجميلها حمل هاتفه في يده يدق على الصديق قال له على عجل : اريد ان اجلس معك أنت !
اغلق الهاتف في وجهه نفث نفسا قويا وخرج يتبع زوجته وابنه !
نزلوا سويا هناك قاد بها الى حيث سوق كبير بطوابق متعددة اعطاها مالا في يدها و تركها تدور مع الصغير الذي اشترى له قطعة حلوى يتسلى بها حتى لا يضايق امه ,, اما هو فقد جلس في مقهى في الاعلى طلب له كوب قهوة ثم اخرج سيجارة رفعها واشعلها وصار يدخن على مهل حتى رأى اخاها داخلا صار يتقدم صعد الدرج المتحرك ثم اقبل عليه بملابسه العربية البيضاء التي تلمع نظافة و مكوية جيدا وفي يده سبحة و اسطوانة سواك كما العادة كان شعره مسرحا بطريقة شبابية اكثر من شعيب الفوضوي في شعره الذي يغطي اذنيه ويتدلى على جبهته .. نظر له بضيق عين حتى سحب الآخر كرسيا وجلس ، نادى بسرعة على الجرسون كي يجلب له كوب قهوة و هو يرفع سيجار ايضا يشعله وضل كل منهما يحدق في وجه الآخر حتى قال هازئا : لا ادري بدل ان التهي بالعرس اطير الحق مشاكلك !
التوت شفته قرفا حتى نفث انفه بقوة وهو يطلق الدخان من بين شفتيه بتؤدة : ما مشكلة اختك !
انتفخ صدر الصديق ينظر الى الطاولة امامه انشغلت عيناه بالبحث في كل زاوية من المول يتحمحم : ماذا هل ضايقتك ! ,, لقد طرت بالسيارة ولم تخبرني حتى سبب الطلاق !
طرق على الطاولة بيديه : انا لست هنا لأشرح لك نفسي ، اريد معرفة ما كانت مشكلة اختك لما كانت عند خالها ولما دخلت مصحة متى حصل كل ذلك اريد تواريخا .. متى حاولت الانتحار !
في تلك الفينة ترك الصديق السيجار من يده مغموما محموما فهو ابدا لم يرد لأي احد ان يعلم عن هذه السيرة اراد ان تخبأ في عمق الماضي لا يدري عنها الجن الازرق وهذا ما فعلوه حقا لم يدرِ احد بما حدث للنجلا الى هذه اللحظة !
صار يسحق السيجار في المنفضة و شعيب ينظر الى تفاصيل وجهه الغامق المتبرم حقا لا يريد الحديث عما حصل : نجلاء اصيبت بصدمة نفسية عندما كانت في السابعة عشرة .. لم نستطع السيطرة عليها ، كان صعبا جدا التعامل معها ، توقف قليلا عن الكلام والآخر يستمع في هدوء ، البيت لم يكن مستقرا تعبت منه ومن ابي .. نظر له نظرة .. تعرف ابي .. هز كتفيه بقوة يتنهد : قد ادمنت !
فتح عينيه على وسعهما لا يصدق وصلت للأدمان يا الهي ما هذا ما هذه المرأة التي تورط معها حتى اكمل ذاك قوله : لم يكن ذنبها ، قد اخذت الحبوب بالخطأ ، كله بسببي !
صار مشدوها مفجوعا لا يصدق ما يسمع : مدمنة !
شدد الصديق على كلمته : قلت لك لم يكن خطأها ، كانت تبحث عن حبوب للصداع ووجدت العلبة التي غيرتُ علبتها الاصلية اخذت منها وانت تعرف الباقي !
اظلم وجهه اظلم جدا لا يستوعب : تغير حالها ضعفت كادت تموت حاولت قتل نفسها رقدت في المستشفى في غيبوبة ، صار يأكل شفتيه وهو يتذكر كل شيء حصل ذاك الوقت حتى ضاق صدره بما يفصح عنه : لم يكن ذنبها كان ذنبي انا !
قلت لك اريد تاريخا اريد فترة معينة حصل فيها كل ذلك يوم شهر دقيقة
صار الآخر يسحق ذاكرته سحقا لا يدري لا يتذكر كثيرا : امي دائما تقول ان نجلاء مريضة ان رحمها غير مستقر فكانت تعاني كثيرا منه حتى انها كانت تدخل المستشفى بسببه كل فترة و اختها لا ادري التهابات تقرحات او لحمية .. اذكر وهي في الثانية عشرة دخلت المستشفى لأيام لهذا السبب , صحتها كانت ضعيفة ، الفترة التي حاولت فيها الانتحار كانت قبلها في المستشفى انا اخذتها بنفسي وهناك خرجت تبكي سألتها ما بكِ ردت ان الوجع يقطعها !
كاد ان ينفجر وجهه مغموما لم يدر بكل ذلك لم تقل له .. اترك لها فرصة كي تخبر او تقول .. كان يتفرس في الطاولة ذاك اليوم هو ذاته الذي ذهبت فيه الى لقمان تتهمه باغتصابها هو نفسه !
رفع كفه الى شعره يجليه عن عينيه الغائرتان الممتلئتان عجبا و صدمة لا يعرف كيف يتصرف في هذا الامر .. صارت تحيره صار لا يعرف رأسه من رجليه معها !
ثم نظر لذاك المشدوه نظرة لوم : هل ستحاسبها على ماض انت لم تكن فيه لم تكن جزءا منه !
صار كأنه يهز صدره بضحكة .. كيف لم يكن جزء فيه ، هو الآن في هذه اللحظات في قلب الماضي ، كله ، الماضي قفز لحاضره و دمره هكذا هو !
كانت السيجارة تذوب بين اصابعه يهز رأسه يرفعها يدخن عيناه غائمتان و يمعن فيه النظر : نجلاء تحولت كليا بعد العلاج النفسي ، صارت افضل بكثير ، صحتها و نفسيتها حتى تهورها قد خفّت انت لم تعرفها في مراهقتها قد اتعبتنا معها كانت متمردة عنيدة تفعل فقط ما في رأسها ، وكله عنادا بوالدي !
يظن انها تغيرت ولكنها لم تفعل لا زالت كما هي كل ما وصفه فيها قد ظهر الايام الماضية بينهما ، جاء صوته سحيقا مخيفا : بلغها قولي هذا .. ان كانت حامل سأرجعها ولكن تبقى زوجة بالاسم فقط .. ان لم تكن حاملا فاحتفظ بها في بيتك !
قام من مكانه يرمي مالا على الطاولة و يترك اخاها غارقا في عيني من يقف يحدجه بغل !
كان رأسه يدور ، كاد ان ينفجر ، صدره يعلو و يهبط ببطء شديد بطء مميت ، كلها على بعضها لم تكن سوية ، قد قال له لقمان انها قد جاءته دائخة ونامت ربما من المسكن اللعين ، ولكن يبقى السؤال مع من خسرت شرفها هذا ما يريد معرفته ان عرف سيرتاح ربما سيعيش مع النتيجة ولكن هي قد تجاوزت كل الحدود ، اذا كانت نفسيتها مضطربة فهي قد ترجع ثانيتا و تصبح اكثر سوءا ، حاولت قتل نفسها بعدما عرفت انها ليست عذراء ، يعني انها لم تعرف بما حصل لها .. خلص الى هذه النتيجة .. ربما حين تناولت المهدئات ضاجعت احدهم ولا تذكر !
تبا لكِ يا نجلاء قد اشغلتي لي فكري و كل حواسي لم يعد لي شغل سواكِ ومن ضاجعتي ايتها الفاجرة !
في عتمة غرفة مظلمة قاتمة يكاد سقفها يهبط على صدره ، منذ ذاك اليوم وهو يترنح ، لا ينام ، لا يأكل ، غير مرتاح ، صار كل شيء فوضوي في عقله لا يصدق لا يعقل لا يفهم .. حتى زوجته المستلقية جانبه على السرير لم تعد ترتاح الى ما آل اليه حاله عبدالرحمن مريض غائب بالفكر و القلب عنها وعن البيت وعن كل العالم ، سارحا طوال الوقت ، بالكاد يمد يده على اللقمة ، منذ ان جاء آيدين الى هنا وهو في عالم آخر انقلبت على ظهرها تهمس له : عبدالرحمن ما بك والله قد اشغلت لي بالي ، قل لي فرج عن نفسك لقد تضايقت جدا بسببك !
مسح وجهه بكفيه مهموما محزونا : امر تامارا يثقل كاهلي يا سلمى والله البنت مسكينة لم تهنأ في عيش ، اتسآئل فقط هناك شيء غريب ، قلبي يطرق بصدمة يا سلمى !
كان شاحبا وهي مالت عليه بوجهها في العتمة تستشف منه شيئا : قل لي ماذا هناك
نظر الى عينيها مليا لا يقدر لا يستطيع هل يقول مافي نفسه هل يقول ما يشعر : آيدين يا سلمى !
غضنت جبينها لا تفهم وهو يتابع : آيدين يا سلمى اعتقد ... تردد كثيرا في قوله هي التي تحترق في جوفها : ماذا ما به
نفث نفسا طويلا يهز رأسه بقوة : يا الهي لا اعرف انا نفسي لا اصدق
نهضت مرة واحدة لم تعد تحتمل : عبدالرحمن بالله عليك قل لي ماذا يحصل ماذا هناك لقد اتعبتني تكاد تصيبني بالجلطة ماذا يحصل
كان كأنه ميتا خرجت الكلمات منه متقطعة مدهوشة : اعتقد .. آيدين .. هو .. من اغتصبها !
قفزت قفزة مخيفة وهي تفتح عيناها رعبا ترتعش يداها و القشعريرة اقضت مضجعها وهو ميت على السرير كانت تهزه بقوة وقلبها يركض ركضا غير طبيعي : ماذا لماذا ماذا تقول لا افهم لما
كان عقله يدور يدور جدا جدا حتى بصقها من صدره كأنه يبصق دما ينظر للسقف تائها حائرا ينطق بصرخة مكتومة بين طيات روحه : يشبهه يشبهه نسخة عنه !
رفعت يدا الى فمها تشهق بقوة لا لا ..لا تقلها لا
وضع يده على عينيه : آيدين هو من اغتصب تامارا يا سلمى هو من فعل وليس الآخر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق