الفصل الثالث و الاربعون
حسبي
بهذا النفخ والهمهمه
يا رعشة الثعبان .. يا مجرمه
زحفاً إلى غرفتي الملهمه..
مفكوكة الأزرار عن جائعٍ
وشعرك المسفوح .. خصلاته
مهملةٌ ، لا تعرف اللملمه
تائهةٌ كالفكرة المبهمه
ونهدك الملتف في ريشه
كالأرنب الأبيض في وثبه
الله.. كم حاولت أن أرسمه
عندما كان فوق اخاه يضربه يسحقه يشتمه يشتمها ، عندما التقط
صوت صرختها
التفت عليها
كانت مثل تلك الصورة ، الصورة التي رأها في بيتها ، تجلس
في يدها قلم حمرة و عينها تدمع ، تقف هناك في ذات الاطار بصورتها هذه بهيأتها هذه
، غرتها فوق حاجبيها تتدلى الى جانبي وجهها ، شعرها في قبة كبيرة فوق رأسها شفتاها
قانيتا الحمرة كأنهما حبة كرز خداها يشتعلان جمرا كمن اصابتها حمى عيناها ويا
عيناها كانت شديدتا السواد تهزانه هزا
رآها وليته لم يفعل كانت الصور تتطاير فوق رأسه عنها ،
في بيته ، على كرسيها في حجرتها التي انعزلت فيها عنه و تركته يتخبط ، عندما تخرج
من الحمام مبللة مغتسلة وهو حتى لم يلمسها !
التعب ..وكانت الصدمة يراها و اقترب.. لم يقدر الا ان
يفعل احقا قد فعلت به ذلك احقا سحبت البساط من تحته و سلمته لرجل اخر !
اقترب يلتقي بعينيها و اراد اراد ان يلمسها فلن تقاوم هو
يعلم !
نسي كل شيء وكل احد تلك اللحظة ، حين رفع كفه تلتصق
بعنقها ليخلق لنفسه شريعة اخرى، تقدم يريد ان يشم انفاسها المرتعبة ، قد جنت على
نفسها المجدلية وي كأنه يرى الندم في عينيها يطغى !
في كل سبة سبها لها تمناها حقا ، بكل كلمة وصفها بها رآها
وهو يهتز بها على فراشه يؤكد لها وصفه !
سيقول لها انتِ العُهر والارهاب و الحرمان وكل صفات
الانس و الجن مجتمعة فتعالي لنلتقي في قبلة !
سيبكي على نحرها سيبللها بدمعه و سيرويها من حلاوة لسانه
شهدا !
قومي امسكي بيدي ونذهب هناك سويا نستلقي و نطفيء اللوعة
!
خنتني و خذلتي فيا الرجل و جعلتني ارتمي مثل النساء على
فراشي اعضه عضا و اصرخ في السماء ارفع لها يدي فتلتقطني ثم ترميني على الارض رميا تهشمني
ثم يدوسني قطار الحزن و يرميني للحياة فأجدها من بعدك بشعة!
جعلتني رجلا ، فتعالي المسي القاع فيا و المسي شعري و
صدري و قلبي و لا تنسي ان تضعي ملحا كي يتورم الجرح و ينتكسا !
اخ ماذا فعلتي بي وانت تفرين بجلدك ممن وصفته تعسا !
ولكن كل ذلك كان سبابا و شتائم و انتقاما كان حقه كان دَينا
وكان سَلفا !
عبرها وهي ساقطة و هو يتمنى انه هو من يكون قاتلها و
منقذها، دخل غرفة و صار يدور فيها وجهه محمر شديد البؤس ، يا الله ، يريد ان يخرب
ان يدمر ان يقتل ولا يقدر .. سيعلمون بما في قلبه بما في روحه ، لن يريهم هم ما حل
به ولكن هي سترى ، سترى و ستعود له معتذرة !
استلقى على الارض الباردة يمدد جسده يلهث ارتخى حتى ما
عاد فيه القدرة كان سيهشمها بين ذراعيه ولن يأبه كل الحصون حولك لن تنجح في حمايتك
مني لن تنجح
يسمع صوت المطر الهادر على شباك الحجرة يضرب بقوة فيفش
غله نعم اضرب يا ليتك كنت سيوفا كنت استسلمت لك و انتهى العمر بقطرة!
الهي ما كل تلك الثياب التي كنتِ ترتدي ، قد بدوتي
محتشمة !
أ لي انا لا تعرضين ساقيك و لا وركيك ولا نهديك و تتغطين
كراهبة عرفت ربها توا و سجدت له طوعا!
وها هو ذا عطرها عالق في كفه جعله يغمض عينه بقوة يغمر
وجهه يشمه يجري بكفه فوق شعره يهرش وجهه كمهووس بوجه كان محتقنا ستندمين يا مجدلية
على الساعة التي رأيتك فيها ستندمين و سيكون قليل عليك الندما !
وهي تستلقي على فراشها ميتة ، تغرف عينيها من الانهار
غرفا غرفا و تسكبها على جانبي وجهها تتمتم محتسبة !
تظن المجدلية انها حقا بريئة وانها لم تقترف فيه ذنبا!
وجهها منتفخ كالبالون المهتريء فما عادت تقوى على الاستقامة
لا تقوى ، قد هشمها طحنها ، هكذا بين كفيه جردها من كل شيء حتى من بؤسها!
كانت في غرفتها تنتظر كانت تعلم ان هارون سيفعل شيئا ،
ان هناك قتالا سينشب ، تعرف الجميع ، تعرفهما هما جيدا اليس كلاهما كان زوجا !
تنتظر و تدور حول نفسها في الغرفة جسدها يذوب كقطعة حديد
رموها في فوهة لهب ، تنصهر ، رأسها مشوش ، لم تعرف بعد كيف تفكر ، تخرج ، هل تتجسس
عليه وعلى لقاءه بأخيه المغدور، هل سيكون اللقاء حساسا ؟!!
التقطت نفسها بقوة ترفع صدرها ما عادت تحتمل ما عادت وهي
تضرب جانبي وركيها بيديها حتى شعرت بالوجع و الاحمرار فيهما
تحركت ساقا في اللحظة تلك التي سمعت فيه صراخ غليييييظ
جدا صراخ موجوع صراخ شتائم صعد لرأسها فارتعشا.. فتحت الباب بقوة وخرجت كي تشهد !
رأته هناك كالمارد العملاق يربض فوق صدر زوجها يكور
قبضته و يضرب يكور قبضته و يشتم تقدمت لا تفهمه
حتى اسمه قد بحت به حنجرتها لم تستطع ان تنطق ، شكله ،
شاربه ، لحيته ، شعره ، و نظرته القاتلة اليها وهي تصرخ مفجوعة معترضة !
كان الزمن قد مر بهما جعلها تقف لا تتحرك ، كأنها ترى
عزيز غائب ، ترى قريب تشتاقه لم تعد تفهم ، تقدم و كلما تقدم كان يتضخم كان يكبر حتى
سلمته عنقها يتشفى ، كل جسدها صمت وهي تحدق في عينيه يا الله اتركته موجوع هكذا
اتركته طريدة فشله هكذا تركته لتجد انها قد تركته غرا لتراه فحلا !
لم تغمض حتى عيناها تريد ان تدرسه ان تقيمه ان تراه هكذا
كما هو هكذا متشبث في عنقها تسمعه يسبها و يتهمها بأبشع ما قد توصف به المرأة و لا
ترفع يدها لتضربه!
بل راقبت عيناه لونهما البحر يموج فيهما القهر يسبح
فيهما الغدر يرميها بهما ، راقبت شفتيه ، غلظتهما و قسوتهما ، شمت انفاسه حين
اقترب منها وكل ذلك جعلها سكرانة منهكة!
حتى عندما ترك عنقها راغما سقطت وكأنه هو من كان عامود
حياتها كررت عليه هي ليست *** وليست فاسدة !
المجدلية وفت و اعطت لواحد منهما فقط ، اعطت لمن تمكن ان
يحرك الانثى فيها ، اعطت من كان يشعرها انها مهمة وانه يكترث وانه سيحميها !
و كل حساباتها كانت خاطئة فهارون في ساعة الغدر ساعة
المواجهة لم يقدر ان يفعل شيئا لم يقدر ان يدافع عنها لم يقدر ان يدحض اتهامه و
يقول له: انا لم ازني بها في بيتك !
هارون لم يحاول ان يكذب من اجل ان ينقذ ما تبقى من
سمعتها لم يفعل !
هارون لم يتكلم لم ينحيها عن هذا الصراع بل غمسها فيه
حتى شرقت به !
الغرفة كانت مظلمة و الجو في الخارج انقلب مرة واحدة ،
الرياح لم تكف عن النحيب و الامطار لم تكف عن الضرب و الرعد كان ملك في الفضاء
يزأر ، كان ممدد جانبها ينظر الى وجهها ، الى صدمتها ، الى عينيها ، بدت كالميتة ،
يا الله يا قلبه كم يؤلمه ، الفاظ ايدين تخرم اذنه وامام من امام ابناء عمهم لم
يترك كلمة فاسقة الا و قالها لها يا الله كيف سينتقم منه كيف سيقتله مثلما فعل
الان بهما كيف سيمرغ به الارض !
ساعة كان يشد شعره وساعة كان يضرب وجهه و يصفعه اخخخخخ
اخخخخخ يا القهر اخ ، ايدين تركه يأكل في نفسه
لم يجرؤ بعدها ان يتحدث معها ، لم تسمعه ولن تسمعه ، كان
عاجز لم يستطع الحركة ولا الضرب و الصراع كان مربط اليدين وهي تذل على مرأى منه ،
صخرة عملاقة تربض فوق صدره يا الله كيف يزيحها عنه
لابد ان يصلح ما افسده فيها ان يعيد روح المجدلية التي
خرجت من جسدها التي خنقها ايدين بيديه ، سيفعل كل ما ترغب ، هي معها حق و هو كان
مستهترا بحياته ، لو فقط منذ زمن اقدم على هذه الخطوة ، لو منذ زمن ركب ساقين لكان
الان في مستوى ايدين ولكان رد عنها هجومه البربري .
الغرفة تسبح في الفضاءات في اللامعقول : مجدلية احكي
تكلمي قولي شيئا
ولكنها متصنمة تنظر للسقف فوقها ذابلة تشعر ان جسدها
ثقيييييل جدا حتى ان حاولت ان ترفع كفها او تحرك اصبعا لن تقدر ، يبدو الكلام لها
مهمة صعبة فابتلعت صوتها و قررت الا تريه الا دمعها يا الله ما اكبرها من اهانة يا
الله
اليوم مساءا لديه موعد علاج فيزيائي وهو لن يفوت عليه
هذه المواعيد مرة اخرى ، سيسعى جاهدا ان يعود مثلما كان ، رجل بجسد قوي و عضلات
فتاكة ، رجل حين يقرر ان يصوب فوهة مسدسه الى صدر اخوه سيكون واقفا على ساقيه !
اما زهرة فكانت حانقة جدا ، غاضبة من آيدين جدا ، ليس
لأنه مسح بكرامة المجدلية الارض لا بل كان هذا شيء يسعدها فوق الوصف ، شيء كان
سيكون صورة و صوت ترسله لسكينة لترى كيف ان اختها وصفت بكل النعوت البذيئة على سطح
البسيطة لما لأنها مثلها متسلقة حقيرة مخادعة سارقة !
هنا تجعد وجهها الجميل حقدا و التوت شفتها قرفا : اهذه
هي من تريد ان تتزوج اختها ، يا الهي نفس الفصيلة اذا كنت مكانها لن اري وجهي لاحد
منكم ابدا وانا قد ارتكبت ذاك العار !
كانت تلف و تدور في الحجرة لا تدري كيف تعبر عن نفسها
وعن تشفيها فيهن في هذه العائلة التي تمقتها عائلة العواهر قد سمتها ، آيدين معه
الحق رغم انها كرهته لنطقه وتجرأه على قول كل تلك الالفاظ امامهم غير محترما
لوجودهم
وهو كان هناك لم يجلس بل يتكيء على حافة الباب يكتف
ذراعيه ببعضهما ، كان يلبس ملابسه السوداء كاملة ، يضيق ما بين عينيه و هو يخرج من
جيبه علبة السيجارة ، يضرب بأصبع على فتحتها فتخرج السيجارة ، يظل ينظر بعين ضيقة
اليها ، الى وجهها المتورد المحتقن ، الى عينيها التي اسودتا لقهر في روحها لمكر
في نفسها ، الى جسدها الذي عرته الان امامه وهي تخلع عنها البلوزة و تلحقها
بالبنطال فتبقى امام المرآة بثيابها الداخلية السوداء التي تعكس صفاء و جمال
بشرتها و امتلاء نهديها البارزان من حمالتيها يمر بعينيه الى وركيها ثم فخذيها الى
ساقيها و كعبيها و اخيرا اصابعها المطلية باللون الاسود
اكمل جولته و هو يشفط السيجار فينطبق صدغيه فيجر الدخان
ثم يدفعه من بين شفتيه متمهلا !
صارت يد في جيب البنطال و يد تحمل السيجارة ولا زال
يراها تتذمر و تسب المجدلية و سكينة و هارون و ايدين !
اطلقت شعرها الاحمر القاني لينفرد على ظهرها و يخبيء عنه
نهديها ، تمسك المشط بيدها اليمنى فتمرره بمهل على جلدة رأسها فتسترخي غير عابئة :
لا افهم لما خرجت له لما تريه وجهها وهي تعلم تمام العلم انه قد يرتكب فيها جرما،
الكلام قليل في حقها ! كانت تطبق شفتيها الورديتين فوق بعضهما البعض كأنها تزيل
بقايا احمر الشفاه عنهما ! بهية شهية مدورة انثوية ..كانت تتجه لخزانتها و تعطه
ظهرها تحاول ان تخرج شيئا مريحا ترتديه وهي تتذمر : لا افهم لما لا نخرج لقد مللت
من البقاء في هذا المنزل فقط لحل مشاكل ابناء عمك، هؤلاء جماعة لا يستحون، جميعهم
قليلوا تربية !
لم تتوقف عن الكلام ولا عن ابراز حقدها عليهم وهو يتحرك يقترب
منها تسمع صوت حذائه خلفها وهي ترفع يدها حاملة ثوبا فيعترض يدها : دعيه و تعالي
كما انت !
كانت عيناها في وجهه وعينه في جسدها ، لم تستوعب شكل
النظرة التي كان يمررها عليها ، بدا كواحد من الشارع يتحرش بها ، فمه عالقة بها
السيجارة و عيناه تضيقا وتلمعا ، خفق قلبها و ارتعب وهي تجفل منه و تنظر الى يده
السمراء مطبقة على ساعدها يجرها بغواية الى الفراش يدفعها عليه وهي رفعت كف الى صدرها
تداعب بأصبع قلق قمة نهديها ، اطفأ السيجارة ببطء في المطفأة ترى جانب وجهه وهو
يحدق في رماد السيجارة و يرفع اصبع يفك به زر قميصه العلوي ثم نزل ليفك باقي ازرار
القميص حتى انكشف صدره كله ثم فك زر بنطاله ويجر سحّابه ،اخيرا خلع حذائه و طيره
في الهواء كما اتفق . كانت تحمر و تسخن في جلستها وهي تراه هكذا بكل جبروت يعصر
قلبها وصار الدق بين حلقها و دماغها حين تمدد على السرير جانبها و يجذبها فوقه ،
لم يتكلم كان فقط يفعل وهي تحولت من الاستغراب الى الانفتاح و المتعة جلست بثقة
فوق خصره ، تحب ، تحب ان تكون هي المسيطرة و هو اعطاها اشارة وهو يزيح شعرها الى
ما خلف ظهرها و يمرر اصبعه بترو على انتفاخ نهديها من الاعلى كان يعض شفتيه وهي
اغمضت عيناها تلقائيا انزلتها الجاذبية على وجهه فتغطيه بشعرها فتحت شفتيها عند شفتيه مثلما تتفتح الوردة وهو
يداه اصبحتا تداعبا ظهرها و كتفيها يعصرها بقوة يدفعها له دفعا يوقظ فيها الرغبة الميتة
بينهما وكانت تقوم بدورها فوقه تقبل وجهه و عنقه و تنزل لصدره تلعقه دفعها اكثر
الى جسده حتى توحشت رفعت له رأسها تنظر الى عينيه المغلقة المستمتعة امرته قائلة :
افتح عينيك و انظر الي
فعل امتثل لأمرها و يداه فوق فخذيها ، انظر لي هنا في
عيني ، ظل يحدق فيها دون كلمة فقط يداه و اصابعه تتحدث التي كانت تتسلق ظهرها يفك
لها حمالة صدرها خلعها عنها ببطء شديد جعلها ترتعش امام عينيه مرت الرعشة على
رأسها حتى هزته شعرت بنفسها قد تهيجت فرفعت رأسها حتى لامس شعرها فخذيه كانت في
الظلمة تبحث عن عينيه لتضع يدها ترفع يديه الى نهديها اللذان تحولا الى كرة من
الجمر الملتهب كان خصرها يتحرك ببطء باديء الامر فوق خصره ، كانت حركتها كل ثانية
تزداد ضراوة تزداد حدة وهي ترفع ذراعيها حتى تكشف ابطيها ترفع شعرها فوق رأسها كأنها
ترقص له رقصة خاصة له وحده كان عنقها الجميل يميل يمينا ويسارا ببطء و دلال و
خصرها تزداد وتيرته حدة تزداد سرعة صارت فوقه تتلوى تتأوه حتى حانت تلك اللحظة
فقلبته بسرعة ليصبح فوقها ليس فقط بخصره بل بيديه اللتان التفتا على عنقها كحبل
المشنقة كان يضغط يضغط حتى شرقت حتى احمرت حتى فقدت نفسها تفتح عينا مفجوعة في
وجهه المحمر بشدة المسود بشدة اسنانة التي تطحن بعضها بعضا شعره الذي نزل على عين
ليحجب عنها الرؤية : وانتِ انتِ من علمك كل هذا ، من يفعل فعلك ليست سوى امرأة
خبيرة امرأة مجربة
كانت انفاسه الهائجة تلظيها و يداه تسحب الروح التي فيها
: قولي قولي يا عاهرة ، تصفين غيرك بالعهر و انت الله وحده اعلم ما كانت حياتك
سابقا ، امريكا و اي ضياع عشته هناك بين ذراعي هتان!
كان وجهه ينتفخ كان كل يحي ينتفخ قميصه يتطاير من غضبته
، لا يريد ان يصرخ لا يريد ان يصرخخخ ولكن ضغطه سيقتلها هو ينوي ان يقتلها يداه
كالافعى الحية وهي تختنق تختنق يداها حول ساعده الذي يضغط وجهها ازرق عيناها تدمع
تهمس به : يحي
: يحي يحي ، قولي هتان قولي شعيب ولكن يحي !
صارت تسعل بشدة رذاذها يتناثر : تدعين الطهر يا بنت
الكلب علمتك هتان كل هذا صار يهزها يزأر مغتاظا قولي قولي هي قالت قالت اعترفت
قالت انك كنت تنامين معها
صارت تهز رأسها تنكر تبكي : لا .. يحي .. تكذب
تستفزه الحية الرقطاء تستفزه اذا لم يكن يعرفها اذا فقط
لم يكن يعرف تاريخها ، اذا لم تفصح له هتان قبل ان يقتلها عن علاقتهما الاثمة ..
نعم .. تكذب عليه ، تدعي العفة ، قد اطارت له عقله ، ان تصف عائلة عمه بالعواهر
وهي اكبر عاهرة ، منذ دخولهما لهذا البيت وهي تخطط لازاحة سكينة عن طريقها و هي
تصفها بأقضع الاوصاف ، عندما رأى المجدلية هناك اهتز قلبه تزلزل تزعزع يا الله
سكينة نسخة مصغرة عنها ، رأى سكينة فيها في عينيها في شعرها غير ان هذه شعرها اسود
، يرى اخت زوجته تهان وهو يصمت ، يراها ملقاة ارضا تحمل وزرهم، يعلم انهن حين
يحببن رجلا سيعطينه كل شي بلا حساب ، وهو لم يكن ليحاسبها ، ان حاسبها سيحاسب
سكينة و سيحاسب نفسه لانه سلبها شرفها لانه كاد ان يحملها عارا لطول حياتها لانه
عقدها لها.. كل ذلك فعله في سكينة وسكينة تظن ان الامور بسيطة بسيطة جدا مثل
بساطتها .. رأى وسمع ما قال ايدين عن المجدلية فهو لن يدع اي احد يطلق على حبيبته
اي من تلك الاوصاف ولا الشتائم التي اكيلت عليها و صبت عليها صبا ، لن يجعل سكينة
في موقف مشابه لن يفعل ابدا !
كانت تضرب صدره و تضرب يده ان يتركها : اتركني يحي
اتركني كان صوت السرير صريرا يهتز بهما استجابة لحركتها اما هو فلا زال صلبا صلدا
كانت تتقلب وترفس من تحته وهو ساقيه تحيطا خصرها يقبض على
ساقيها الا تتحركا يداه متشبثتان بعنقها : تمثلين علي ، تجملين حياتك بي تسحبينني
من يدي مثل الحمل وسط القطيع تسحبينني خلفك و انتي تجرينني من عنقي مثل الذليل .. !
رماها من يده و انقلب من الفراش واقفا بجانب السرير يسحب
علبة السيجار من جيب البنطال فيخرج واحدة يضعها بين شفتيه يشعلها و ينظر لها وهي
تحاول ان تسحب الغطاء فوقها وهي تقضم شفتيها الغارقة بدموعها كانت مهانة تشعر
بالدونية للمرة الالف يحطمها يسحقها بلا رحمة للمرة الالف ينال من كبريائها استشاطت
غضبا صارت تجمع شعرها لخلف رأسها بهمجية ترجع الى وجهها لتغلق فمها تمسحه بقسوة حنجرتها
ترععععد هكذا اذن قفزت من الفراش مرة
واحدة استوت امامه هكذا عارية ترفع يدها باصبع انتقام في وجهه تقرب وجهها بغل تنظر
في عينيه المتشفية : ان فكرت مجرد التفكير ان تلمسني مرة اخرى سأقطع لك دابرك!
رفع لها حاجبا متسليا لاويا شفته مستهزأ يهز رأسه :
برافو حقيقي برافو ونفخ السيجار عند فمها
حاولت ان تمر ولكنه سحبها بمهانة من شعرها حتى تقهقرت
صارخة يلفها له : تعالي هنا الى اين ، اريني كيف ستقطعين دابري ، رماها بقسوة على
الفراش وهو يفلت شعرها يستحقرها حتى كادت تقع منقلبة ،فتحت عيناها و شفتاها تستشط
غضبا : انا تفعل في ذلك يا ابن ستين كلب هجم عليها وكله ينوي شرا يحتقن وجهه منها يد
تتمسك بذقنها يرفع لها وجهها حتى كاد ان يفصل عنقها عن كتفيها و يد تثبت يديها الى
ما خلف ظهرها : تهدديني .. اقترب من اذنها يشخر لها .. انا لا اتهدد وكان صدرها يهبط
ويرتفع من قهرها من غضبتها ، كانت الامور
تجري بهما بسرعة خطيرة سرعة مجنونة الى منحدر خطر هزها بقوة تتشبث كفه بقمة رأسها
يشد شعرها حتى كاد ينتزعه عن جلدة رأسها كانت صامدة تنظر له بغل في قلبها : انتِ حتى لا تقدري ان تنفي لا تقدري ان تنكري ليس
لديك وجه اصلا لتناقشي ، أنتِ متهمة ! كان يشك ، من اول مرة مارسا فيها الحب و
زهرة تبدو متمرسة تعرف تماما ما تفعل بجسده لم تكن البراءه في عينيها ولا في وجهها
كانت ساقطة نعم ساقطة
: قولي انفعلي انفجري لا تقفي مثل المسمار !
قلت لك
اتركنننني ايها الحقير الوغد وهنا استعملت كل قوتها كل حقدها تفتك نفسها هجمت على
وجهه بكفيها سقط على الفراش فسقطت عليه تريد ان تنشب اظافرها في عينيه تريد ان
تنتزع النفس من رئتيه ، كان الامر محموما و الحركة خطيرة هي لن تسكت ليس من شيمها
ان تسكت ان مات والدها وان هاجر اخاها لن تدع احد يستفرد بها لنننننن تفعل حتى وان
كانت تعشقه ان كانت تحبه ان كانت روحها بين يديه حتى انشبت انيابها في كتفه وهو
جرها من شعرها الذي بدأ يتقطع بين اصابعه من همجيتهما و ضربهما لبعضهما البعض سحبها
حتى تقابل وجهاهما يتنفس فيها بقوة يقول لاهثا : تدرين انا لا اريد ان اقطع وجهك لأنه
جميل ولأنني احبه هنا هجم على ثغرها ينقض عليها بأسنانه وهي تصفعه تبعده عنها ولكنه
سيسيطر عليها هذه اللبؤة ، يهمس و قد ملأته الشهوة: نصيحة.. نصيحتي اليكِ ألّا
تعترضي !
لم يكن الوضع
سليما بل كان مشهدا حقيرا يكتشف فيه الاثنان ان حياتهما ليست بسلام ، ان ما
يجمعهما ليس الحب ولكن اشياء اخرى !
طوال اليوم وهما في الغرفة المغلقة التي غبقت بانفاسهما
وحدهما ، هو جالس يفكر وهي نائمة ، نامت بعد كل تلك المدارات التي غرقت فيها ،
احلامها كانت مزعجة كانت كوابيس ، جاثوم يربض فوق صدرها ، تتقلب منزعجة لم تأكل
لباقي اليوم ولم تشرب ، صامت عن كل شيء الا دمعها ووجعها !
تقلبت وهي تبكي وتمسك بقلبها يارب موجووووعة موجوووعة
تشهق في نومها و تأبى عيناها ان تفتحا وهو على كرسيه يرى و يضرب الارض بعجلات كرسيه
يرفعها و يهبدها بقوة تبا تبا على حالها
هذا الذي يخزه يقتله و يجيش الحقد في قلبه تجاه اخاه
كل النوايا كانت سيئة كانت تعيسة كانت طرق متفرقة للموت
و العدم
فتح الباب و خرج وجد يحي في وجهه يجلس على الصوفا لم
يتزحزح ولن يتزحزح فهو رأى كيف ان ايدين وهارون ان تركهما وحدهما سيقتل احدهما
الاخر ، ليس مزاحا ، ولا مبالغة ، رأى ذلك رآه وخاف ، ارتعب قلبه ، ان يقتل الشقيق
شقيقه ومن اجل من.. من اجل امرأة !
تعسا لهن تعسا لهن حقا !
كان يرتدي ملابس سوداء بنطاله ، قميصه المكوي جيدا ،
ثنية اكمامه و كبر ساعته الفضية و شعره المسرح الى الخلف يلمع مثل عينيه التي تلتمع من ساعةِ ان ذل زهرة اي ذل جعلها
تنحني له طاعة جعلها ملقاة على فراشه تخطط لجرائم اخرى !
ينظر الى وجه
هارون : اخبرني عصام ان لديك موعد!
ارتفع صدر هارون الذي صار يخجل من ان يراه ابناء عمه بلا
ساق بلا شيء يملء هذا البنطال ، تبرم بوجهه وهو بالكاد يستطيع ان يتكلم فخرج صوته
ضعيفا باهتا بعيدا كانه يتألم : تعرف حضرتك التفاصيل !
تنهد يحي وهو ينفخ شدقيه قهرا ، الى متى يا الله هذا
الضغط الى متى : نعم اعرف و انا من سيذهب بك الى العيادة نحتاج ان نتحدث!
نهض من مكانه في يده مفاتيح سيارة عبر امام نظر هارون
يفوح عطره ثم خرج هارون من بعده يجر كرسيه اغلقا الباب و ركب يحي و انتظر حتى
يساعد الامن هارون على الدخول للسيارة جانبه و وضع الكرسي في الخلف وقبل ان ينطلق قال للامن المكلف
من عصام : اترك اثنين من الحراس هنا و اتبعني و لكن ليس مباشرة !
اغلق الباب و انطلق يحي بهارون الى طريق شتوتغارت التي
تستغرق منهما ساعة ونصف على الاقل من القيادة ذهابا و ايابا ، تاركا المجدلية و
ايدين في البيت سويا !
لم يكن هارون يفكر ولا يخطر على باله انه فعلا تركهما في
بيت واحد ، كان كل همه انه سيصلح من نفسه سيسعى جاهدا ان يرضيها ان لا يجعل احد
يشمت فيها وانه سيقف حائط صد لكل من سيحاول ان يتهجم عليها سيقتلهم واحد واحد ان
فعلوا فليس ابرد من دمه في القتل و التعذيب هم لم يعرفوه بعد لم يعاشروه بعد بعدما
عاش عمر من حياته امير على الجماعة !
واما يحي فكان عقله نظيفا ، قد وضع كل الامور في نصابها
نعم فعل و خصوصا مع زهرة سيجعلها تلزم حدودها ولا تحاول مرة اخرى ان تتطاول على اي
احد ، نعم اي احد وليس فقط عائلته !
كان يقود و ينظر خلفه كلما اتجه الى مفترق و خرج منه
تتبعه ثلاث سيارات و احداهن لم تكن تتبعه ، هز رأسه ببطء و هو يخرج سيجارة اخرى
ففي هذه الفترة البسيطة صار يدخن بشراهة صار جسده جائعا لها لها وحدها !
رفع حاجبا وهو ينظر في انعكاس المرايا هناك من يتبعه ،
ايميل ، لقد وصل له !
تابع القيادة بكل برود فيه حتى التفت الى هارون لاول مرة
منذ خرجا يحذره ، ليس من ايميل ، بل منه ، منه هو .. كان صوته عميقا مخيفا ملامحه
جادة لا يضحك : هارون ، التفت عليه هارون يرى جانب وجهه القاتم ، ان حاولت مجرد
المحاولة يوما حتى ان نجحت محاولاتك لتقف على ساق جديدة و اردت ان تلعب مع ايدين
لعبة قذرة فأنا احذرك ، احذرك منا ، مني انا ، ان شممت او رأيت يوما انك تهدد حياته
.. نسفتك!
كان صدر هارون ينتفخ غيظا و غضبا حسنا لقد بانت نوايا
ابن عمه بان كرهه له : ومن قال انني سأسمع رأيك او وجهة نظرك فيما يحصل بيني وبينه
ذاك المخنث!
صرخ فيه : الزم حدك و احترم الفاظك والله ان كنت اهلا
للضرب كنت ضربتك!
ليس انا وحدي من يريد الثار منك بل كل العائلة وخصوصا
المؤيد ان رآك ولو في الحلم سيدعس على بطنك لن يعتبر لاعاقتك!
هنا صرخ صرخ صرخة اسد محبوس في قفص يضرب السيارة بقوة
بيديه كان اعصارا يحل : لست معاقا انا رجل رجل بكامل رجولتي تفهم !
هز رأسه يستوعب تلك الثورة : ان كنت تعتبر نفسك لست
معاقا ورجلا بكامل رجولته فأخوك ايضا ليس مخنثا ولا شاذا ، ايدين متزوج بل تزوج
عدة نساء بعد المجدلية ولم يأبه !
قال بكره : كي يغطي على علاقاته المقرفة مثله!
دعس يحي .. الفرامل .. بقوة حتى كاد يطير من مكانه و
توقفت السيارات خلفه بنفس الحدة و نفس القوة حتى سمع الاطارات تشتعل فك حزام
الامان بسرعة و التفت الى هارون يشده اليه من قبة قميصه يسدد الى وجهه صفعة!
ولم يكتف بذلك فيحي يكاد يفقد عقله يريد ان ينفجر وهو
ينزل من السيارة يضرب بابها بقوة تتجه ساقاه سريعا الى تلك السيارة الحمراء التي
تلاحقهم من ساعة خرجوا من المنزل ، كانت الطريق شبه فارغة بضع سيارات تخطتهم وهي
تزمر عليهم بغضب وهو فقط يرى صاحب تلك السيارة ، شاب في العشرينات من عمره يبدو
عربيا ملتح شعره مقزع من جانبيه والباقي مرفوع بمبالغة الى فوق مثل البرج ، فك هو
ايضا حزام الامان وهو يترجل ليواجه وجه يحي الغاضب : حسنا هات ما عندك!
قال ذاك وهو ينظر الى حرس يحي الذين نزلوا من سياراتهم
وجوههم لا تنوي خيرا كل واحد منهم عملاق مثل الجبل ثم نظر اخيرا الى وجه يحي الذي
كان ينتظر متحرقا : المعلم بدو يشوفكن ، بيقلك بيلاقيك انت وايدين لما يرجع زكريا
!
انتفخ صدره ببطء شديد وهو يهز رأسه و يضيق عينيه ، اعطى
ظهره للرجل و اتجه الى سيارته ركبها ، السيارة التي كانت مغمومة كانت مكلومة
السيارة التي صفعها التي صدمها ، هو يُصفع ؟!! هو يُهان هكذا؟ نعم هو اصغر من يحي
ولكن ذلك لا يعطه الحق ان يتصرف معه وكأنه عامل عنده بل اسوأ كانت الصفعة تتردد
بينهما على مسامعهما و يحي لم يندم لم يكن يوما ليندم فأن سمع اي احد بما يتهم
هارون ايدين فسمعته ستسوء ستنتهي و تنتهي معها حياته الزوجية المحطمة اصلا ان سمع عمه امحمد هذا الخبر سوف يقتل ايدين و
سوف تتبرأ منه العائلة و ينتهي بها عمله في الجيش ، لن يقبل ان يوصف صاحبه بذاك
الوصف ولو صدفة!
انطلق و الاخر صمت يستوعب ، يستوعب هذين اليومين ، لقد
جاؤو هنا لينتقموا منه كي يذلوه كي يرى الايام السود بعينيه ، الايام التي هرب
منها ومعها مع المجدلية تاركا اياهم حطاما الناس تأتي بسيرتهم ان ابنتهم الوسخة
هربت مع اخو زوجها .. كانت الفضائح طوال الزمن تلاحق العائلة ، تلاحقها من اول ما
مات الجد زكريا !
وعلى ذكر زكريا لا يعرف كيف عرف ايميل ان زكريا في
الطريق اليهم ، كان من الاسهل ان يجلبوه في طائرة ولكنه فضل الطريق البري بحماية
عصام ان يكون معه خطوة بخطوة من ساعة ان يخرج من ذاك المكان الذي هو فيه !
و زكريا المقيد بأحزانه ، المقيد بفقده و حرمانه ، زكريا
المشوه المعقد المسجون ، كان الزمن يتعقبه و ينتقم منه ، كل مرة حين ينظر الى وجهه
، كان ينظر الى وجهها ايضا ، الى حزنها ، الى موتها الى بياض شعرها الى كل ما
ارتكبه من اثم فيها ، هل يشعر بالندم زكريا لانه فعل كل ما فعل بمن احبها يوما
اكثر من نفسه احبها حتى جعلها غير قابلة ان تكون لرجل غيره !
نعم احب ايمان ولكنه لم يصل لدرجة العشق لدرجة الجنون في
الحب ، هو تعلق وهي رضيت ، هو اعطاها كل شيء و هي اخذت ، ولكن في كل ذكرى في كل
شجن في كل دمعة تشق عيناه لتمر على وجهه المشوه يراها هي وحدها من كانت و بقيت مثل
شجرة العليق تسلقت قلبه و تلفلفت حوله حتى تشابكت وما عاد يقدر ان يقطع اي فرع
فيها لانه يتعب حقا سيتعب فتركها هكذا تصول و تجول في نفسه تعبث به و بصدره ، كان
يغمض عينه في السيارة التي تقله ، حين حضر له عصام اغلق عينه راحة امانا ، يسمع
اسم يحي فيقشعر بدنه ، حتى وهو قد هدمه قد خانه قد كذب عليه لا زال يحي وفيا قد
جاء له جاء على عجل وقد ينقذ ما تبقى منه ، من زكريا ، اسيكون ممتنا له ام ناقما
عليه لانهم السبب في كل ما حصل له ، هو حتى لا يعرف هؤلاء من اجرموا في جسده ، هو
فقط يعلم انهم يريدون ابن عمه و ان يحي بطريقة ما متورط !
لم يعد في جسد زكريا بعد كل هذا الضغط الذي تعرض له طول هذه
السنة اي قوة تجعله مستعد لمواجهة اي احد او لقول اي شيء او المعاندة او المشاكسة
، سيطلب من يحي ان يرسله الى حضن الوطن في الساعة التي سيجدون فيها ايمان ، نعم
سيجدها و يرحل معها الى وطنه ومن هناك سيرسل لبناتها ان يأتين لها و يبقين معها و
سيرعاهم جميعا اجل سيفعل ، ومالن يتوقعه زكريا هو ان يجد اخته زهرة ايضا هنا !
مسكين زكريا مسكين عاش كل حياته تائها بلا هدف ينظر فقط
الى غيره والى حياة غيره يتمناها لنفسه ، نعم كان يتمنى ان كل حياة ابناء عمه هي
حياته ، وهو صغير كان مثل الغر يتبعهما في كل مكان في الافراح و الاتراح في الحزن
وفي السعادة ، كان يراقبهما ، احيانا كان يستنسخهما و يقلد تصرفاتهما او هيئتهما
او حتى طريقتهما في الكلام ، فرح نعم فرح عندما تزوجت امه عمه صالح فهذا سيقربه
منهما اكثر و زادت فرحته عندما تزوج شعيب من زهرة ، كانا سندا حقيقيا شيء يفرح
المرء و يفخر به ان يجدهما هما الاثنان في ظهره!
كان عندما التقى بحبيبته الاولى يتلوى يتوجع لا يعرف ما
به حتى اخبره يحي ذات يوم وهي يستلقي يدخن للسماء في تلك الخيمة : انه العشق يا بن
عمي هو العشق !
كان يسر له بكل شيء قالته ، فعلته ، حركتها ، طريقتها في
الكلام ، عندما تفتح شفتيها قليلا مثل من تقدم له دعوة للاقتراب فيقترب فتخذله و
يبقى في غيه يتلوى !
عندما كان يصفها كلها له حتى كيف يتحرك الهواء من حولها ،
حتى كيف تغلق عينها حين تتعب او كيف تبتسم ببطء و تعاسة له وكيف تحكي له عن خالتها
و حياتها و ابن خالتها ، يحكي له بؤسها ، قد عرفه عليها ، منذ اول لقاء له بها قد
عرّف يحي على غالية ، حتى جعله يشاركه فيها ، ينظر الان الى الامر نظرة اخرى ، من
زاوية مختلفة ، اكثر تفهما و اكثر شفافية ، ولكن هل يحي سيصفح هل سيستقبله مثلما
استقبله وهو طفل؟!
طفل نعم طفل تخلى عن اي مسؤولية للعار الذي اقترفه و جعلها
نائمة على السرير شبه ميتة جعلها تصرخ فيه سأقتلك تذكر يا زكريا سأقتلك !
تركها و هو يعلم انها قد تحمل منه انها قد تنجب منه ،
فعلها نكاية بهما و اثبات لرجولته عليه و عليها ، خرج و تركها يسكن لوحده في شقة
صغيرة لم يرض ان يأخذ من عمه المال ولم يرضى ايضا ان يطالب بحصته في ورث اباه ،
ترك كل شيء و خرج .. صار فقط يتعقب من فترة لفترة اخبارها ، هل خرجت ، هل قتلت
نفسها ، هل ذهبت لحبيبها يحي لتخبره ؟! كانت اسئلة كثيرة تدور و كل الاجابات كانت
صعبة خطيرة
هز رأسه ولم ينتبه انه اكمل سيجاره بسرعة في لجة و عمق
نفسه و غرقه في تاريخه معها و معه ، بعد كل تلك السنين سيلقاه نعم سيفعل و هو ليس
في قلبه شيء عليه ، اذا صفى زكريا قلبه فهو قد نسي تماما انه قد دمر حياة يحي
لفترة من الزمن ان نفسه قد طاوعته و سحر ابن عمه و سحرها هي معه فرقهما وكاد لهما
، انه تسبب في مقتلها هي في حملها هي منه وفي ان يكون يحي حبيبها هو قاتلها؟!! هل
سيغفر له يحي ؟ ام ان زكريا قد نسي كل هذا ؟!!
كانت السيارات تتحرك و هو غارق لا يعرف اذا كان قد نام
ام ان نومه هو صحوة متأخرة جدا ، صحوة بغيضة جدا ، تنهد و تنفس بقوة حتى سمع عصام
صوت تلك اللهفة : اعطني سيجارة لو سمحت !
امسك عصام بالعلبة و مدها الى ما خلف ظهره الى الكرسي
الخلفي الذي يستريح عليه زكريا ، كان عصام ينظر له بشفقة ينظر له بحزن ، زكريا لا
زال شابا ، في عزه في قوته المفترضة فكيف يحصل فيه هذا كيف يتحول هكذا ، تعكر وجهه
وهو يلوي شفته شفقة و هو يشم رائحة السيجار و يرى في انعكاس المرآة جانب وجهه
السليم بعدما ادار وجهه لينظر للخارج الى ما وراء النافذة ووراء هذه القارة ،
الجانب الذي اذا ما طابقه مع المرآة سيرى وجها فتيا جميلا مرغوبا اما مع النصف
الثاني الحقيقي منه فزكريا يبدو كوحش حقا !
لا تعرف كم الساعة الان ، ما تعرفه ان هارون قد خرج ،
ذهب لموعده في العيادة ، وهي جسدها متكسر ، رأسها سينفجر من الصداع ، اغمضت عيناها
تحاول ان تطرد تلك الهجمات من الالم ، بدأ الضوء الخفيف يتسلل من خلف الستائر ،
فالغيوم قد انقشعت و الامطار توقفت و صارت رائحة الجو كرائحة الطين ، تسمع صوت
العصافير التي ما ملت من الزقزقة .. وهي رأسها يتفجر !
قامت متكاسلة من فراشها متعرقة مسحت جبهتها و مسحت وجهها
، جلست في السرير ترفع رأسها و تحاول ان تدلك جبهتها ، كل ذلك كان حلم ، حلم بغيض
!
حاولت ان تبلع ريقها فشعرت بألم حاد في حلقها خرجت اهة
منها : يا الله لا ، لا اريد ان امرض !
ولكنها ملت من رقدة الفراش و قامت حركت جسدها رويدا ،
تخرج من السرير ، شعرها كان في فوضى مترامي الاطراف على جبهتها و ظهرها و على
صدرها ، ملابسها مجعدة ، قررت ان تستحم اولا ثم ستخرج لتشرب كوب من القهوة و تأكل
شيئا رغم انها حقا مكتومة وتشعر ان هناك فيروس في جسدها تشعره يلعب في رئتيها!
وقفت امام الخزانة ترفع بين كفيها قفطان قصير اسود عليه
رسمة عين كبيرة في منتصفه ، كان شيئا بسيطا عاديا لارتدائه في البيت ، دخلت الحمام
و تحت الماء كانت تشهق كانت تدمع كانت تبتلع الماء و الدمع سويا صارت تحك وجهها
وشعرها بانتقام و تضغط على شفتها حتى انتفخت و تورمت ، نفسها تؤلمها وتشعر بالضياع
يا الله لو فقط صبرت لو قعدت معه و كبرت.. لما يفجعها الان برجولته هذه الم تكن
تستحقها ، هل كانت المجدلية طماعة نعم هي
صفة تجدها في هذه الانثى !
خرجت من الماء تجفف نفسها تمد كفها لتمحو اثر البخار عن
المرآة لترى وجهها ، المجدلية كانت فتنة كانت نضجا كانت وجها لا يمل النظر اليه ،
صارت تسرح شعرها المبتل بيدها و تتركه حرا ، تفرد الكريم الخاص بالشعر على يدها و
تدهنه
به فيمنحه رائحة منعشة
خفيفة جميلة ، ترفع ذقنها و تراقب نحرها و تنثر عطرها عليه ، مررت كفيها بكريم
الجسد عليها كلها من اعلاها لأسفلها حتى شعرت انها نظيفة طرية خرجت من الحمام
بعدما لبست ملابسها تنتعل حذاءا بيتيا خفيفا ذهبيا ، لم تتردد في الخروج من الغرفة
، زوجها لن يقدر على القيادة فلذلك هي متأكدة انهم قد اخذوه و لكن غير متأكدة من هو
الذي اخذه ، في كل الاحوال هي قررت الا تختبيء والا تخضع والا تجعل زهرة بالذات
تشمت فيها !
رغم كل الدمار الذي في نفسها و قلة الثقة التي تشعرها و
انعدام الامان الذي حولها خرجت المجدلية تعبر الصالة الصغيرة الى المطبخ الذي كان حتى
الان نظيفا جدا لم يؤكل فيه ولم يتم حقا استعماله فكل اكلهم كان جاهزا !
فتحت الخزانة و اخرجت ابريق القهوة العربية فهي في هذا
الوقت بالذات تحتاج الى واحد تحتاج ان تشم رائحة القهوة تحتاج ان تشعر ان جسدها
ينتشي و يفرح و يمرح و يرتاح بها نعم كل ذلك تفعله القهوة !
كان الماء يغلي و الكوب جاهز و القهوة تفور وهي تقلبها
هكذا تسرح بخيالها ، كانت بعيدة بعيدة جدا بعيدة لدرجة انها لم تسمع باب المطبخ
يقفل و لا بصوت المفتاح يوضع فوق الخزانة ولا باقترابه منها حتى مد كفه يمسك يدها
التي تمسك بيد الابريق بقوة حتى في فزعها في غفلتها لا ينقلب عليها ليحرقها
جمدت مكانها حتى برد كل جسدها رعبا ،ساقاها كأنهما غُمرتا
في قاع المحيط من شدة جمودهما ، ولكن كيف للجمود ان يمر على جسدها تاركا قلبها
مستثنى منه تاركا اياها تلهبه الحرارة يدق بسرعة جعلتها تتعب كان كل ظله يغمرها ،
كانت كلها ، هكذا كلها في احضانه ، يسمرها من خلفها ، صدره ملتصق بظهرها و ذراعاه
تكبلا يديها ، كأن احدهم قد رميها في حضن بركان ثائر فكل حضنه كان حرارة متفجرة ..
يهمس ، لم يكن يهمس ، ايدين كان يغوي ، انفاسه تحيط بصوان اذنها تخترقه فتلج الى
جمجمتها فترتعش رغبة!
: اتركني ، ايدن .. خرج اسمه من فمها يمزقها قبله ،
وجهها يبكي بوجع عيناها تورمتا فورا احمرتا انتفختا لعقت شفتيها المتوردتان .. الم
يكفك كل ما قلته بحقي ، اتركني والا صرخت!
كان صوت بالكاد خرج بالكاد يُسمع بالكاد تفهمه هي نفسها ..تهديد
لم يتخطى مرمى اهدافه ولكنه كان يميل على عنقها اكثر حتى التصق بها الان يشم كل
شيء كل الروائح التي دهنتها وفرقتها على جيدها من اعلاها لاسفلها الان يلمس جلده
حقا جلدها : تصرخين وزهرة هنا ، تدرين لو صرختي ستنشر لك عرضك!
واصل الهمس الغاوي يصحح لها : آ آ آ مفخمة ، لستُ أيدن انا آيدين...آ .. مثل تلك
التي تخرجينها من حنجرتك عندما تمارسين الحب !
فتحت عينها بقوة و تلف بقوة تحاول ان تدفعه عنها لا تريد
ان تفعل ذات الخطأ ذات العار لا تريد لا تريد هي نعم لم تتركه بمزاجها ولم تخنه
بمزاجها و اضطرت ان تتركه و تتزوج فلما عاد لما ، لما تغير ، لما يفرض قوته و
سيطرته عليها ، رفعت عين حاقدة في وجهه ترفع يدها تحاول ان تدفعه عنها هو الذي
ينظر اليها من علو لا ينظر فقط بل دائخ تماما هو هذا الوقت الملائم لينتقم هذا
الوقت الملائم ليثبت لها و يريها من هو المخنث ومن هو الشاذ ، ولكن لما كل رغباته
بعيدة عن الانتقام !
امسك بكلتا ساعديها اسيرة بين كفيه يمنعها من الحركة ،
كان المطبخ يشتعل بالحرارة ، يتفجر من ضغط المشاعر الهائجة كلاهما يشعرا بهذه
الحرارة يشعرا انهما يستحما بعرقهما هي خائفة مذعورة من نفسها وهي تراه هكذا ،
ملابسه التي تكاد تتقطع على صدره و غمازته و شفتيه الغليظة وفوقها ذاك الشارب و
تحتها لحيته الكثة ، عيناه التي تغمق حين يغضب او حين تداهمه الرغبة شعره الذي بدا
غجريا كثيفا خصلاته متفرقة و لونه المتوهج !
عطره يخترق حواسها كلها يعبر الخاطر و يسدد المرمى ،
يفوح فيسكرها فتلتهب معدتها فتحاول ان تحارب لكن لا تقدر لا تقدر فهو كل شيء قد
هده هدا !
همست : ايدين اتركني بحالي ارجوك !
نزل الى مستوى عينيها يهمس لهمسها: اعتذري لي ، قولي لم
اقصد ، قولي انه اغواك ، قولي انك لا تعيشين معه كما كنت تتصورين وكما كنت ترغبين
!
اقترب وهي تلتفت عنه قلبها يجري يسحق صدرها شفتاها ترتجفا
بقوة تحت انظاره : ارجوك اتركني يا الهي ستنهار حياتي كلية ارجوك اتركني !
لما تشعر بهذا الضعف لما لا تهجم لما لا تصرخ ، هو يستحق
منها اعتذارا يستحق تبريرا وهي لا تستطيع لا ان تعتذر له ولا ان تبرر هي فقط تركته
و رحلت مع رجل اخر كان اكثر منه قوة ورجولة ذاك الوقت ، حاولت الحركة فمنعها كان
يتحكم فيها ، فيها كلها : خنتني ، خنتني في بيتي ، خنتني ونحن لم نبدأ الحياة معا
قط !
كانت شفتاه هذه المرة تتحركا بوجع كان وجهه يتلوى لم
يقبل على نفسه ابدا ان يكون في نظر زوجته عديم الرجولة ، لم يتوقع ان تتركه لهذا
السبب السخيف في نظره: كنت اصبر عليك ، اصبر على مزاجك .. حاولت التملص منه لا
تريد ان تسمع لا تريد ان تعود بالتاريخ الى الوراء كل هذا مؤذي وليس منه اي فائدة ..هذا
النقاش او العتاب بدون فائدة ، لا لن يكون الضعيف مرة اخرى لن يجعلها المسيطرة
فتخرج و تختفي وكأن شيئا ما جرى ، سحبها بقوة الى عمقه الى ذراعيه كان يتنفس غضبا
يتنفس غيظا عيناه اشتعلتا حقدا يهزها هزا يريد ان يضغط عظامها حتى تتفتت : لم تحبي
شكلي ، لم تحبي حياتي ، لم تحبي اسمي ، ماهو الشيء الذي لم تحبيني فيه ، لم تجربي
حتى ان تكوني قريبة مني لم تجربي ان تفهميني مشكلتك ، جذبها حتى تاوهت وهي تميل
عيناها تبكي تذكر كل شيء تذكر كيف لا تذكر وهي التي تعيش طوال حياتها تحت وطأة
الخطيئة!
بدأت تجهش بالبكاء وبدأ هو يقسو اكثر يهشم يضغط اسنانه
تصطك من غيظه فيها ، جسده اعلن عليه الثورة كانت رائحة جسده تختلط برائحة دافئة
عميقة مخيفة يلفها فيلتف شعرها فتنظر في عينيه وجلة ، تخاف ان يفعل فيها شيئا ، ان
يفعل لها شيئا ، لن يحرقها حية : لا تردي لانك لا تستطيعي الرد ليس لديك رد لم
تقدري ان تقولي انك فاجرة انك عاهرة هذا هو الرد!
رفسته بقوة في ساقه و لكن الرفسة لم تزده الا تمسكا لم
تزده الا اصرارا : لستِ عاهرة !
كيف ؟ باللهِ عليكِ كيف ؟! يعني .. كيف ستدافعين عن نفسك
بأي طريقة واي كلمة ، انت في قاموس و قانون كل العائلة عاهرة ، هذا واقعك!
ثارت جنت لن تقبل لن تجعله يقطعها مرة اخرى تتحرك بقوة
بين ذراعيه تحاول ان تهرب ولكن ليس من مهرب ! يحاصرها بجذعه بذراعيه حولها صدره
كان سدا منيعا لن تنفذ منه لن تقدر عليه ..كل شيء مغلق كل شيء ضدها : اتركني
اتركني حتى انت لم تكن نظيفا !
فتح عينه على وسعها حسنا الان بدات تنطق بدأت تنهار و
تتكلم كان وجهها متعذبا مبللا يا الله لما هذه المواجهة الان تقضم شفتيها تبتلع
بقاياها وهو ينظر ينظر الى كل ذلك من قمة شعرها المبلل الى حاجبيها السوداوين و
تحتها اهذاب منحنية احتراما لعينيها ثم انفها الصغير و شفتا تجرح : لم تكن تعجبني.. منظرك ملمسك لونك عدا ان
السمعة التي تلاحقك انك ... وصمتت رفعت رأسها تتحداه .. عيناك كلهما تحد و لقد
قبلت انا التحدي انزل رأسه اليها يلتصق
بجبهتها يغمض عينيه ينتفخ صدره يهمس ملتاعا : ها اكملي.. هاتي سلاحك و اضربي سترين
كيف يكون ردي..انا مارد وانتِ قد كسرتي قمقمه!
جذبها حتى التصق وجهها بعمق صدره نعم فعل كتمها هناك مرغ
وجهها على صدره اشتعل جسده وهو يهبط يهجم يقضم اذنها بفمه يقول بحرارة بوله انا
احب النساء احبهن احب الوجوه الجميلة احب القدود احب النهود احب كل شيء فيكن انتن
الحياة انتن الممات انتن الدنيا و الحب و العشق و الحزن و القهر ، كان يهجم على
شفتيها يضغط بكفه على مؤخرة عنقها يجذبها اليه بهمجية كل فمها كان داخل فمه انهارت
بالكامل انهارت اخر حصونها ضدها نعم ضدها كانت تفتح له فمها يرتشف منه ما يستطيع
ما يقدر يفش غليل تلك السنين تلك الايام التي حرمته منها التي كان ينام فيها يتأوه
يريد مضاجعتها ..قلبه يرتعش و حركته توحشت سينتقم من هارون سيفعل سيسلبه المجدلية
كما سلبها منه سابقا كما فعل فيه اخوه سيفعل وهي راضية هي تريده كما ارادت هارون
في وسط بيته جمع كفيه سويا يضعها تحت وركيها يرفعها الى مستواه وهي تعلقت بكتفيه تلف
ذراعيها حول عنقه فاسقة هي المجدلية فاسقة ، فاسقة يريدها ، تعجبه ، كان كل جسدها
يتدغدغ كل شيء في ظلمة عينيها متعة قبلته عنفه رائحته ، كانت الحركة سريعة
والافعال اسرع من قبلة متوحشة تستنفذ طاقة كل منهما يتبادلا الريق و لا يشبعا يتعمق
فيها يريد ان يلج الى حلقها يعض لسانها يجذبه يمصه وهي تتأوه ماعادت تقدر ما عادت ..فجأة
استفاقا على صوت حركة مقبض الباب و صوت زهرة المتذمرة في الخارج ، يا الهي من اقفل
المطبخ ، كانت تحاول فتح الباب اكثر من مرة ، افتك فمه منها يلهث وهي شفتها قد
تورمت تلعقها وهي ترفع كفها لها تغلق فمها تترقرق الدموع في عينيها اجلسها كما هي
على حافة الخزانة قلبه ماعاد قلب صار مضخة يشعر بالدوار الشديد بسببها لقد كان في
عز ثورته في عز شهوته لقد كان سيضاجعها وقد سمحت له لملمت ثيابها و ملست شعرها
ترتعش يداها لم تعد تنظر اليه و الدموع
تنزلق على خدها ، ابتعد عنها مغصوبا يعطها ظهره يقترب من كوب ماء بعدما ذهبت زهرة
و سمعوا باب غرفتها يقفل ، شرب شرب شرب كأنه كان في الصحراء بعدما كان يسقي نفسه
من ريقها العسل و الشهدا ، انحنى يضغط بقوة على الكوب حتى تكسر بين يديه صار الدم
يسيل بسرعة الحرارة وهي فزت فزعة تشد شعرها الى الخلف تشهق ، امسك منشفة لف بها
يده و يده الاخرى يرفع بها خصلات شعره التي تهدلت وهي تعبث به في تلك القبلة
المجنونة لا يدري ما يقول ولا بما يعبر ، ماذا سيعني الان هذا كله ماذا سيعني لها
؟!
هل ستتقبل فكرة ان تخون هارون معه ام ستترك هارون من
اجله و يظلون يدورون في هذه الحلقة المفرغة.. هي وهو وهارون!
هي كانت له اول امرها و اول
عمرها و اول صباها كانت له و احدهم جاء و انتزعها منه و الان ستعود المجدلية ستعود
له و حتى ان كانت بطرق معوجة!
كانت تنظر الى الارض ثم الى وجهه يا الله ما الذي حصل يا
الله معدتها تتألم هناك رعشات في عمق سحيق من روحها قبلته و قوتها و طعمها اغلقت
عيناها تهيم تستلذ تضع لسانها بين شفتيها تلعق ما تبقى منه .. رفعت رأسها حتى بان
نحرها و انسدل الى الخلف شعرها يتراقص على ظهرها ..اقترب منها حتى التقمت انفاسه كان قريبا
جدا ملتصقا هبط بشفتيه يقبل برقة شديدة ما بين عينيها ثم صار يمرر شفتيه بلا
انقطاع على وجهها كاملا عينيها انفها خديها عنقها كانت تدفع نفسها اليه الى ما بين
ساقيه فاتحتا ساقيها العاريتين حتى فخذيها حتى التفتا حول خصره جذبها اليه بقوة يمسكها
من خصرها وهو يهبط على عنقها يحرثه حرثا يفلت المنشفة من يده ويبقى يداعبها صعودا وهبوطا من مؤخرة
عنقها و ينزل بأصابعه الخبيرة الى ظهرها حتى ما بين وركيها صارت تتأوه من المتعة
فتدس نفسها بين فخذيه اكثر حتى حين رفع عنها فستانها جعلته يخلعه عنها خلعا صار
يأن يتلوى وهو يغمر ثدييها بين شفتيه تقبيلا و عضا و مصا .. قد كتب عقله الساعة في
نهديها شعرا نهدك القدير المليء المضيء نهدك الجريء .. ورأسها يطير في الهواء حتى
استرخى كانت تعيش في حالة اخرى جعلته يتسلل لتحت جلدها فينتحلها كلها و يسلخها عن
نفسها سلخا سلمت له كل شيء من اول لقاء ولم تسأل لما لم تسأل ، كان يلجها بكل قوة
حتى تخبطت يهتزا سويا ترتمي على صدره تعض عنقه كأنها ستنهش له لحمه لم تفكر
المجدلية ولم تعطي نفسها فرصة اخرى ، قد هان عندها كل شيء كل شيء ولم تعد تتبع لا
عرفا ولا دينا ولا قانونا هي فقط ارادت ان تعيش هذه اللحظة !
الساعة الحادية عشرة مساءا بتوقيت شتوتغارت
حل الليل و الجميع في غرفهم ، زهرة و يحي
المجدلية و هارون
و آيدين !
يحي جالس على الكرسي المواجه للحديقة يتطلع اليها ، يسمع
اصوات الحشرات المختلفة و زقزقة بعض العصافير التي ابت النوم في هذا اليوم الصيفي
الطويل ، كان لازال بملابسه لم يغيرها ، كان عقله و روحه بعيدان جدا، لم تكن في سكينة
ولا زهرة بل فيها ، فيها وحدها التي ستحضر الان بصورة زكريا كي تقول له هانذا ،
ستقف في وجهه بعيني زكريا بخافق زكريا بكله .. غمر وجهه بكفيه بقوة حتى كاد يدمع ،
يرجع زكريا بكل تلك الاثام و تلك الحسرات ، هي لم تكن في زكريا فقط ، هي فيه كله
هو ايضا فمنذ متى نسيها ، لم يفعل ولم يجرؤ !
تنهد بصوت عال وهو يقضم شفته السفلية ثم يرفع يده الى
شعره يسرحه الى الخلف يبقي يده هناك عند
عنقه ينفخ صدغه ثم ينفخ صدره وقف حتى تحركت قدماه وخرج الى الحديقة امام الغرفة يرفع
رأسه للسماء ، يا الله كم يشتاق للحضرة فأغمض عينه بقوة و صار يتلو شعره على نفسه حتى
غمرته النشوة فضرب بيديه على صدره ثم اخذ يدور رويدا منسجما مع نفسه يبتسم نعم
يفعل يدور يدور حتى رفع يداه للسماء تلتقي بالنجوم تطير حوله العصافير الناعسة
راحتي يا إخوتي في خلوتي وحبيب دائمًا في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضًا وهواه في البرايا محنتي حيثما كنت أشاهد حسنه فهو محرابي
إليه قبلي إن مت وجدًا وما تم رضى وأعنائي في الورى وَاشقوتي يا طبيب القلب يا كل
المنى جد بوصلٍ منك يشفي مهجتي يا سروري يا حياتي دائمًا نشأتي منك وأيضًا نشوتي
قد هجرت الخلق جمعًا أرتجي منك وصلا فهو اقصى منيتي !
صار يدور و يدور و يدور حتى فتح عينه في الفضاء و
رأى السماء تقترب ، تقترب بسرعة تقترب تحتضنه وتفتح له ابوابها كان يميل بعنقه
متولعا حتى مال عنقه و رآها على بعد خطوات منه تدور حول نفسها ايضا ، ترتدي فستانا
واسعا جدا وردي جميل جدا على جيدها الفاتن المتورد اصلا ، ساقيها في الخلاخل
الذهبية بفصوص الفيروز الصغيرة ساق تلامس كلها الارض و ساق ترقص بها على اطراف
اصابعها ، كانت تفرد يداها الى جانبيها و الفستان يطير حولها كاشفا عن ساقيها و
جزء كبير من فخذيها ، شعرها الاحمر يحمله الهواء بخفة يحتضن كل خصلة فيجعله مثل
الخيوط الملونة ، كانت تبكي تدمع و تواصل اغماض عينيها كلما حلقت كلما انتثر عطرها
حولها وصل الى انفه فيجعله يخر لها منحنيا ، صالت وجالت حتى تخبطت ساقيها ولم تعد
تقدر على الدوران فخفت فستانها و اختفت ساقيها و اهدلت الريح خصلاتها و خرت على
الارض ساقطة ، انحنى فوقها عيناه في عينيها ابتلعت دموعها حسرة هامسة : اما ان
تتركني او ان اتركك!
اظلم وجهه وصار حالكا كظلمة الليل الذي يحيطهما يهمس
لها : زهرة!
لم تعد قادرة على الوقوف ستنام هنا هنا لن يجمعها
الله به تحت سقف واحد مرة اخرى: كرهتك!
وكان
واقفا ، لا يصدق صدقها في قولها!
انحنى
و قبل ان ينطق رن جرس الباب معلنا عن وصول زكريا !
و
في غرفته كان هارون يستريح بعد نومة عميقة بعد تدريباته المضنية التي مارسها في
المركز وهو حتى اللحظة يمني النفس انه سيعود الرجل الذي كان و بقوته و جبروته وهو
يسبح في الفضاء في تلك الامنيات او الرؤية المستقبلية العقيمة فات عن ذهنه غياب
زوجته المجدلية التي رآها قبل نومه دخلت الحمام و حتى اللحظة يسمع صوت الماء الذي
يجري في حوض الاستحمام فرفع يده ينظر الى ساعته التي تشير الى الحادية عشرة مساءا
غضن جبينه لعلمه انه قد نام في حدود التاسعة مساءا وحين رجع رآ فقط خيالها يدخل
الى الحمام !
وضع
يد تحت عنقه و يد فوق بطنه وهو يبني مستقبلا مغايرا عما عاشه كل السنين السابقة و
هنا رن جرس الباب معلنا عن قدوم ضيف آخر !
اما
اخوه الذي استلقى مرة اخرى على الارض رأسه للسقف كان عاريا الا من لباسه الداخلي ،
يشعر برودة الارض من تحته رغم احتراق جسده ، فهو قد تاه ، تاه تماما ، هو حقا قد
كان معها ، ليس هذا فقط بل مارس الحب معها ، كان فوقها و تحتها و جنبها وفي كل وضع
تعلمه يوما عن الحب في حياته ، حتى لم يعد يعد ، الرقم قد ضاع في ظل عدد المرات
التي احبها فيها التي تبناها فيها التي وقع عقد شفتيه عليها كلها من ناصيتها الى
اخمصها ، آ ، آيدين لم يفكر البتة في مشاكله على ارض الوطن وكيف سيحلها ، هو فقط
كان يزيد من عدد المشاكل التي وقع فيها في حياته ، هل ان اكتشف اخاه ما فعله معها
سيقتله او هو من له حق قتل اخيه لأنه سلبه زوجته !
تقلب
على جنبه ثم نام على بطنه وضع وجهه بين كفيه يكاد ينفجر ، لم يكن ما حصل بينهما
حادثا عابرا ، المجدلية امطرته بوابل من القبل و اسمعته عذب الكلام و جميل الانغام
، كانت تغرد على مسامعه كل كلمات واهات الحب الممكنة و المخترعة !
تقلب
من جديد على بطنه متحير في امره ، وماذا بعد ؟!!
وهنا
رن جرس الباب معلنا عن حضور مرتقب !
التقى
الجمع يحي و آيدين و زهرة ايضا التي قامت متكاسلة بعد ان نفضت ثيابها وهي تشعر
انها اصبحت مخترقة ان يحي تمكن من ان يسقطها و يذبحها و يتخلص منها بكل بساطة ، ان
يحي قد كشر لها عن انيابه وان تاريخها هي الذي شكله عنها في عقله لم ولن يتغير وهي
موقفها ضعيف ولن تقدر على تغيير هذا الواقع .. ما يظنه يحي هو الحقيقة !
قامت
تلحق به بعد ان رأت تغير ملامح وجهه ونظرته تجاهها التي تغيرت لتصبح قلقا ، تخطاها
و خرج !
وقف
هناك و كانت اصوات اقدام كثيرة تتقدم ، احداها كانت لعصام الذي وقف اولا في مواجهة
يحي و تبدو ملامحه صفراء متغيرة و من خلفه كان يقف ذاك الذي لعبت الغربة في ملامحه
فغيرت وجهه حقيقة وليس كذبا ، نعم كل ذاك كان فعل الغربة المقيتة الغربة التي دُفع
اليها دفعا و من دفعه اليها يقف هناك ينتظر ان عذاب الله الدنيوي قد حل عليه على
زكريا ، ان الله قد سلبه جماله و شبابه و جعل من وجهه مسخا لا يطاق النظر اليه !
انزاح
عصام جانبا ليظهر زكريا !
كان
واقفا هناك يظن انه يتخيل انه في عالم آخر ، بعد كل تلك السنين يرى مرة اخرى ابناء
عمه و يرى اخته ، يقف هناك كالغريب الذي جروه من بئر عميق خرج ليرى النور ولكنه
يتفاجأ انه لا زال يعيش في الظلمة !
كانت
الصدمة قوية قوية جدا عليه عندما رآى اخته تقف هناك بملابسها الوردية و شعرها
الطويل الجميل و جمال وجهها المذهل كانت اثار الدموع على وجهها المبتل الحزين كانت
عيناها تلمعان بشدة ، كان الصمت قنبلة!
و
غريمه يقف هناك متجمد تماما ساعة انكشف عليه زكريا لا يعرف ماذا حصل له انتفخ وجهه
بشدة انتفخ لدرجة انه كاد ينفجر ، عروقه برزت و عيناه احمرتا شعر بهبوط حااااد جدا
فراغ عميق ، لا ليس هذا زكريا ليس هو ليس هذا وجهه ، الجسد ربما اصبح ممتلأ قليلا
ربما اصبح متقدما في العمر قليلا و لكن الوجه لا لا ليس هذا هو زكريا ، اين باقيه
؟! اين باقي وجهه اين ذهب ؟! حاول ان يلملم نفسه ان يهز رأسه كي يستفيق لا يا الله
هذا كابوس آخر ، نعم هو يكرهه يكرهه لانه دمر جزء غال حبيب عزيز في قلبه و في روحه
ولكن ان تكون نهاية زكريا لا حل لها !
سقط
على الكرسي من خلفه جلس منهارا و زكريا ينظر الى كل الوجوه الى كل العيون يرى
الصدمة يرى الازمة ، هل يستوعب زكريا الحال الذي وصل له هل يستوعب وجهه الجديد
المخيف هذا ؟! هل يستوعب انه اتصل بهم كي ينقذوا له زوجته ولم يهتم لنفسه و بوجهه
ان ينقذوه له هو الاخر !
تبا
لك يا زكريا و الف تب لقد كسرت قلبي كسرته ، فتح ساقيه و طأطأ رأسه حزنانا و آسفا
لا بل الاسف لا يكفي ، يريد ان يلعن وان يسب يريد ان يمزق وجه ايميل بيده ان يسلخ
جلدة رأسه عن جمجمته وفي قمة ثورته الداخلية صرخ صرخ حتى زأر بقوة زثيرا ابكى آيدين
الذي وقف هناك لا يستوعب الذي يراه ؟!
يا
اله السموات ماذا فعل ايميل به ؟! ما ذنبه هو ؟! لما زكريا ؟! شعر بالقهر شعر بالكره
لنفسه شعر ان الدنيا اخذت تلف به حتى اسقطته بعنف ضاربه برأسه عرض الحائط حتى يرتج
دماغه، ماذا فعلت بك ؟! اخطأي و تاريخي يدفع ثمنهما غاليا ابن عمي ؟! الذي كان
صغيرا جدا ذاك الوقت ؟! لما يؤخذ زكريا بجريرة اعماله المنحطة ، لما يعاقب هو على
فعل دمر كل الناس من حوله والله وحده اعلم من سيدمر ايضا ، تامارا و خالها و خالتها
و هو و اختها و المجدلية و هارون و ايميل و ها هو زكريا يتصدر قائمة المتأذيين ، فأذا
كان كل هؤلاء اذيتهم كانت نفسيه فزكريا اصبح نفسيا و جسديا و الله وحده اعلم ما
يجري في نفسه ، هو يراه هكذا لا زال نظيفا يرتدي ثيابا غالية الثمن بنطالا بنيا و
قميصا سماويا و حزام اسود و حذاء جلد فخم جدا اسود اللون ، مع كل ما اصابه لم ينسى
زكريا ان يتأنق ولكنه لف هذه المرة ، لف لوجهها ، الى تلك التي كانت تائهة تقف
بينهم لا تعرف ما يجري ، تسمع صرخة زوجها الذي جلس خلفها ، تلتفت الى ايدين فتجده
يدمع ووجهه محمر مزرق بشدة وهو يعصر قبضته عصرا وكأنه سيطبق على عنق احدهم ليكسر
له عظمه
التفتت
ثانيتا الى زوجها لتسأل ؟! ولكن عما تسأل !
هي
ترى نصف تحبه ، نصف تعرفه ، تعرف جيدا ذاك النصف الذي تركها فريسة هذه العائلة ،
تركها ورحل في سبيل امرأة دمرت ولا زالت تدمر لهم حياتهم !
تذكره
نعم تفعل كيف لا تذكر اخو قلبها عضيدها اخو الرحم هو هذا النصف ، النصف الذي لم
يسأل بل ذهب ولم يعد ، لم يتصل ، لا يعرف فيما مرت و تمر اخته !
كانت
الدموع تنزل تنزل مثل النهر الهادر كان لدمعها صوت صوت غااااااائر صوت مخيف كانت تنزل
وهي رفعت يد الى حلقها تشد عليه بقوة وكان رأسها يهتز بعنف رافض ، لا ، لن تقبل
ابدا ان تستقبله بعد هذا الغياب هكذا ، ان تستقبل فقط نصفه ، اين نصف زكريا الاخر
ايييييييييييييييييييييين ..
استدارت
زهرة رأسها للأرض ، تجر اذيالها لم تركض له و لم تمشي له بل مشت عكسه و ركضت عكسه
كانت تموت في كل خطوة وهي تذهب الى هناك الى مكان ما لا تكون فيه هنا ، تريد ان
تنام نعم تنام ، دخلت الغرفة وتركته هناك واقف يعض شفتيه بقوة قوة شديدة بعد ان
رأى كيف دمرت رؤيته اخته يعرف زهرة زهرة ستموت من قهرها
تقدم
ايدين ناحه كمن يريد ان يهاجمه شده الى صدره بعنف حتى استراح صدر زكريا على صدر
ايدين الذي ما عاد يعرف كيف يتصرف وماذا يفعل يا الهي يا الهي يا اللللله كان
يحتضن زكريا بقوة كأنه يعتذر يقول له افعل بي ما يحلو لك ما ترغب افسد لي حياتي
ارمي قنبلة في وجهي حطمني فأنا لن احتمل ان اعيش على هذا الذنب ابدا لن استطيع حتى
صدر صوت مخيف من حنجرته صوت غليظ جدا كان صوت نحيب كان ايدين ينتحب وفي تلك الفينة
الغريبة اللحظة الغامقة يخرج هارون على صدى ذاك الصوت فيرى منظر اخاه هكذا يبكي
بشدة على كتف احدهم يعطيه ظهره ، يا الله لا يدري لما دمعت عيناه وهو يرى اخاه
يبكي هكذا منهارا وكأنه مات له حبيب !
صدم
مما راى و زكريا كان اشد صدمة من موقف شقيقته يريد ان يذهب لها ان يراها ان تعرف
بما حصل هم لم يتحدثوا معها لم يعدوها لهذا الامر لم يهيئوها لقدومه و لم يرووا
لها ان اخاها قد كان في غيبوبة ان اخاها فقد نصفه نعم فعل فقد نصفه هو يستوعب بل
استوعب منذ زمن و الباقي يجب عليهم ايضا ان يستوعبوا ما حصل له، لم يكن ينتظر ان
يرى هذه الردود الافعال ، حضور زكريا هشم شيء ما بهم!
اما
يحي الذي تحرك من مكانه بوجه مسود يرفع شعره بكلتا يديه الى ما خلف عنقه في حركة
قهر ذهب خلفها يراها يريد ان يطمئن لا يشعر انه بخير ، كانت قدماه بالكاد تتحرك
كان متثاقلا مهدودا وكأن قدميه ربطتا بصخور عملاقة يجرها جرا، قبل ان يدخل وقف على
اعتاب الغرفة التي شهدت في يوم واحد العديد من الثورات العديد من المشاعر المتفجرة
العديد من المشاعر السلبية ، هوانفجر في وجه زهرة مرة واحدة وكأنه كان ينتظر
الاختلاء بها بعيدا عن كل احد وعن كل الوطن ، اخذها ليقتلها هنا !
فتح
الباب رويدا رآاها تعطه ظهرها منكمشة على نفسها تحتضن نفسها بقوة ، هادئة لا يرى
اهتزازات بكاء او انهيار ، اذا فعلت سيطمئن ولكنها لم تفعل وهذا ما يقلقه !
ذهب
اليها و لف حول السرير كان شعرها بالكامل يغطي وجهها ، جلس بجانبها على حافة
السرير ، لا يعرف ما يقول ام ما يبرر ، يلوم نفسه جدا ، كان الاجدر به ان ينذرها
ان يعطها خبرا لكنه صدمها في اعز خلق الله لقلبها .. اخوها ، قد كانت زهرة منكسرة !
تنهد
، رفع رأسه للسماء يرتجيها العفو ، رفع يده لشعره يشده بعنف ، يضغط شفتيه بعضهما
البعض بحقد نعم حقد على ايميل اولا و اخيرا ، انتفخ انفه و نفذ الاكسجين بقوة الى
صدره ، مد يده يرفع شعرها عن وجهها ، كانت عيناها مفتوحتان ، لم تنم ، كان نفسها
بطيء جدا ، كانت شفتيها شبه مفتوحتين منفرجتان عن بعضهما في بؤس ، حاول ان يمد يده
الى وجهها كي يمسحه او يلمسه ولكنها ابعدت يده ببطء مخيف عنها ولم تنظر له ناداها
مبحوحا : زهرة
ولم
تسمع ، لم تنظر ، كل تاريخه الان مع اخيها يمر على مخيلتها ، ان كانت وقعت سابقا
في حبه و سامحت او تجاوزت مع الذي فعله هو واهله بأخيها الان قد رجع كله الى
ذاكرتها دفعة واحدة ، طردوه ، غربوه ، كرهوه ان يرجع الى بلاده ، ضربوه و اهانوه و
هو ، هو بالذات ، هذا الذي يجلس والذي كان يقطعها بلسانه قبل ساعات و يطعم لحمها
للزمن يتغذى عليه ، هو ذاته الذي يذلها و يضربها و يهينها في كل مرة تسمح له نفسه
بالتجاوز عليها ، وهي قد سمحت له ، فعلت ، سمحت ليحي ان يركب على كتفيها و يدلدل
ساقيه ، ان تتبعه مثل الحمارة ، بل جلست مرات كثيرة تترجاه ان يحبها ، تترجاه ان
ينظر اليها ، كان يحي نقطة ضعفها الوحيدة في هذه العائلة ، ظنت انه سيكون منقذها ،
انه سيكون زوج ، نعم زوج وهو الذي اعتبرها مجرد عاهرة و قد قالها لها قالها انها
عاهرة و سكتت نعم سكتت، دافعت عنها وعن زواجها منه نعم ارادت ان تكمل معه حياتها
ارادت ان تنجب منه طفلا ، فليس هناك من هم اجمل من اطفال له منها هي بالذات !
قد
نسفها و غيرها نعم قلبها قلبا كلما ارادت لمشاعرها ان تستقيم ارجعها الى البداية
الى نقطة الصفر يحاسبها على طفولتها على غربتها على صداقتها على زواجها و طلاقها ،
جعلها ممسحة منذ ان تزوجته ، لم تكن تدري انه بهذا الجبروت ، ان يحي من كانت تراه
رقيقا حبيبا يحب انثاه و يدللها يتعامل معها انها سبية او جارية حصل عليها او
قدمها له احدهم !
يا
الله كم كان رأسها يدور بكل شيء وكل التفاصيل حتى سمعته يهمس مرة اخرى وهو يمسك
بعضدها : زهرة اعتدلي و اسمعيني !
قاومت
يده بشدة قاومت دون ان تنظر له ، لا تريده ان يلمسها فكل لمسة منه اصبحت ناراا
اصبحت دمارا ارادات ان تنطق ان تقول : ارحل ، اذهب ، اتركني ، طلقني
ارادت
قول الكثير من الكلام ولكن حنجرتها لم تستجب
غضنت
جبينها بشدة وهي تستند بذراع على السرير تدفع نفسها كي تقوم تشد على عنقها ارادت
ان تصيح فتحت فمها صاااااااحت صاحت عمرها و حياتها صاحت اخاها زلزلت روحها بالصراخ
ولكنه لم يخرج ، صراخها لم يخرج لم يسمع لم تسمعه ، نظرت بفجع الى عينه التي فتحها
على وسعها يرفعها اليه بقوة حتى جذبها الى حضنه ينفرد شعرها على حجره صارت تخنق نفسها
بقوة تحاول تحاول الصدمة عرقتها صارت تتصبب عرقا صارت خائفة مفجوعة صرخ فيها :
زهرة زهرة امسك بفكها يحركه تجاهه هاجت فيه من صدمتها تحركت تجري في الغرفة تخرج
الى الحديقة تنظر للسماء تحاول ان تصرخ فلم تقدر سدت حنجرتها صارت تدور حول نفسها
تبحث عن صوتها تبحث عن من ضيعته في قهرها فوجدته يحتضنها بقوة من خلفها يتحكم في
ثورتها في جنونها شعرها يتطاير حولهما يداه تنفجر عروقها يبكي منها و عليها :
اللعنة زهرة ماذا حصل لك ، زهرررررررراة صرخ بقوة وهو ينادي بصوت عال جدا :
أيديييييييييييييييييييين آيديييييييييييييييين
كان
صوته يتكرر صوته يخترق كل الجدران فيهدمها حتى رأى جسد أيدين الراكض اليه ومن
وراءه اخاها المفجوع يجرون اليه وهو يصرخ : زهرة لا تنطق فقدت صوتها
كان
يحتضنها بقوة وهو يستوعب الذي حصل وهي المفجوعة المصدومة التي تنكر لا لا تقدر احبالها
لا تستجيب تنظر لهم اليه الى اخاها الواقف هناك يضع يده على شفته يتعبر بالبكاء
تمد ذراعيها له ان تعال تعال تعال اخرجني من هذا البيت الظالم اهله تعال خذني لدي
حق عندك لدي روح عندك تعال صرخ لاول مرة منذ حضوره : يا ربي يا زهرة جذبها بقوة من
حضن زوجها رماها في حضنه و رفع صوته بالبكاء : يا عمري يا روحي يا اختي يا حبيبتي
زهرررررررة انطقي قولي شيئا وكانت تتشبث به بقوة تبكي بفم مفتوح ماعاد يستجيب
لاوامر عقلها قد فقدت زهرة صوتها !
حتى
سمع صوت صراخ اخر صوت عميق ليس غريبا صوت شقيقه التفت بقوة الى الباب و هو يرى كرسي
اخاه يقتحم الغرفة المتفجرة بالبؤس و الصدمة صار لا يستوعب الكم الهائل من الضربات
التي تلقوها في ساعات يصرخ اخوه فيه : زوجتي طوال الوقت كنت اظنها في الحمام وهي
ليست في البيت كله !
لم
يعد يحتمل حتى صرخ في وجه اخوه : وماذا تريدني ان افعل الا ترى ما يحصل هنا ، الى
اين ستذهب تلك الى اين
كان
غاضبا بشدة غاضبا لدرجة انه قادر على رفع اخاه عاااااليا جدا و رميه الى الارض
تتلقفه و تدفنه فيها و ينتهي هذا الصراع الابدي بينهما كان يتضخم كان يسود و يحمر ،
فوضى زهرة المنهارة و اخيها و يحي المنهار و هو ماذا سيفعل الى اين ذهبت ، هل
تركتهم جميعا يخوضون هذه المتاعب لوحدهم ، تركته بعدما احبته ، كيف تفعل ذلك ضرب
كرسي اخاه بل دفعه بكره من وجهه : تحرك امامي لنرى الى اين ذهبت
تركا
يحي يسقط على الارض يضع رأسه بين ساقيه بدا كالمشرد ، متعب ، لم يعد قادر على ان
يتصرف في اي شيء ولا مع اي احد ، لقد ضغطها ضغطها كثيرا حتى فقدت روحها ، صوت زهرة
هو روحها لقد فقدته ، فقط اتركوه ، يريد ان يغلق عيناه و يغرق في مناماته في كوابيسه
لم يعد يريد الواقع ، الواقع خبيث خسيس غدار ، وهي هي هنا ذاتها معه قد افسدها
وخلخل قناعاتها في نفسها يراها هكذا منهارة على كتف وصدر اخاها ولا يجرؤ ان يفعل
شيئا !
واما
هما من ارتدى احدهما حذائه بسرعة على سروال طويل بدون قميص على صدره ولم يفطن
للفوضى التي هو فيها وهو يتحرك مثل المجنون يسبها و يسب نفسه و هارون يسبه من خلفه
: يلعن الساعة التي رأيتك فيها ، انت تفسد علي حياتي ، منذ ان اهنتها وهي تكاد
تقتل نفسها !
هارون
اخي ايها المسكين ، نعم قد فعلت ، قد حزنت ، حزنت كثيرا ، حزنت لدرجة اني قد
اقتحمت جسدها بعد ساعات من اهانتها !
لوى
شفته هزئا و قهرا و هو يحدجه بنظرات استفزازية يا الله كم يتمنى ان يرمي بها في
وجهه دفعة واحدة ان يقول له انه قد اخذها ان المجدلية قد اصبحت له وانها ربما قد
هربت منه او منهما سويا !
على
هذه الفكرة قفز خارج البيت الى الحديقة حيث قابله عصام الذي صبر صبر ايوب على سماع
كل ذاك الصراخ داخل البيت ولم يرد التدخل حتى رأى وجه ايدين و شعره الساقط على
عينيه و تعرقه الشديد و لهاثه : عصام اخرج معي نبحث عن السيدة المجدلية !
فتح
عصام عينيه على وسعهما : كيف خرجت
تخطاه
و هو يترك اخوه خلفه : لا اعرف فقط هيا انت من جهة وانا من اخرى سمع صوت عجلات
كرسي اخاه الذي ارجعه عصام و منعه : سيد هارون الطرقات في الخارج ليست للكرسي ارجوك
ان وقعت في اي مكان سنكون في مصيبة اخرى
التف
هارون حول نفسه يصرخ في الفضاء ينتفخ صدره بقوة يكاد ينفجر فهو لم يعد يحتمل لم
يعد سيقتل احدهم سيفعل سب عصام ، يلعن ابوك على ابوهم يا اولاد الكلب اولااااااد
الكلب يا ابن الحراااااااام ، ايديييييييييييييييييييين سأقتلك والله سأقتلك
وهو
كان قلبه ينفجر يضخ الكثير من الدماء بقوة الى عروقه المتضخمة الى جسده المتعب ،
يركض و ينظر في الظلمة و يحاول يحاول ان يرى شيئا ان يرى خيالا فهو لا يسمع سوى
اصوات صراصير الليل و زنين متواصل و صوت حفيف الاوراق في قمة اشجارها ، كان يدور
حول البيوت ، حتى وصل الى طريق الغابة هناك على جانبي الطريق سرب متواصل من الاشجار
المتشابكة وكأنها نفق لا ترى نهايته ، صار يجري خلاله لم ينادي فيكفي انهم ربما قد
ايقضوا كامل الحي بفعل صراخهم ، ان الشرطة ربما ستأتي لهم بسبب الازعاج ، لا يعرف
كان عقله تائها لا فكرة محددة ، كل شيء واقع في الفوضى ، الكثير من التفاصيل المتشابكة
في مرة واحدة في لحظة واحدة ، اشياء ضيعت اللهفة و افسدت المتعة ، لا لم يكن هذا
هو اكبر همه ، ولكنها هي كانت دائما استثناء كانت شيئا ورديا حميما مذهلا شيئا
ملموسا شيء كان حبا !
حتى
وقف هناك امامها هي الجالسة على طرف الغابة رأسها منحنى تنظر للعشب في الحقيقة لم
يكن هناك من شيء يرى ، كل شيء كان من الذاكرة ، كانت ترتدي هودي ترفعه على رأسها
فيغطي شعرها و يبقى فقط جزء من وجهها بالكاد يرى و بنطال جينز يلتف حول ساقيها
برشاقة ، كانت المجدلية بعيدة ، بعيدة جدا عن البيت وما حصل في البيت ، في تلك
اللحظة التي انفصلا فيها في المطبخ بعد ان مارسا الحب سويا ، خرج و تركها هي تتخبط
، خرج ليتركها باسم عاهرة ، مرة اخرى ، باسم زانية ، مرة اخرى ، وقعت في الخطيئة و
احبت ، نعم احبته ، احبته لدرجة انه اخرسها ، لا تدري كيف ستتصرف ، هل تترك هارون
و ترحل ، هل تتركهما كلاهما وترحل ، هل تبقى و تخون الاثنان !
همس
لها يلومها : لما خرجتي البيت مقلوب و الوضع الامني خطير !
لم
يرد ان يقسو عليها ولا ان يتعامل بعنف معها ، ربما هو يفهم و يقدر بالمجمل الذي
حصل بينهما ، لا يدري ربما يعتبرها ليلة عابرة مثل ليلته مع باتريشيا ! ولكنه لا ،
يرفض هذا الواقع هي ليست عابرة كغيرها ولن تكون ، فهي اصبحت تتربع وسط الابهر بين
الحشى هي لم و لن تكن انسانة و السلام فهي كانت كل البشر !
كان
فقط يحدق فيها حتى سمعها تهمس : لما اتيت ؟! كل تلك السنين كنت اهرب منك ، و اجدني
الان لا استطيع ان ابقى مع رجل غيرك!
كان
حلقها يؤلمها حقا ، منذ الصباح وهو كذلك ، تشعر بالحرارة و القشعريرة في جسدها ، تشعر
بالضعف امامه ، ما فعلته معه لا تريد ان تفعله مع هارون مرة اخرى ، المجدلية وقعت
في الحب !
ااقترب
منها كثيرا حتى انحنى عند ركبتيها يرفع بأصبع ذقنها عاليا يريد في الظلمة ان يراها
ان يرى نفسه في عينيها ولكنه لم يلمس سوى دموعها و سخونة وجنتيها كانت حارة حرارة
تصهد وهو كان يأكل في نفسه : مجدلية دعينا نعود للوطن اولا ثم قولي ما تحبي الان
هارون سيجن جنونه ان لم يرك امامه
رفعت
رأسها تقول بصوت بالكاد خرج صوت مجروح : انا لا اريد ان اعود لا اريد
صار
نشيجها يذبحه يهز قلبه يشجه انصافا : ششش لا تبكي كانت ضعيفة منهارة لا تعرف رأسها
من رجليها ضائعة بالكامل : تعالي ، وضع يد تحت ركبتيها و ذراع حول ظهرها ورفعها
حتى لفت ذراعيها حول عنقه تسند رأسها على صدره تحتضنه بقوة وهو يتقدم ليمشي بها
واذ ب ضرب اكف على بعضها البعض كان التصفيق عاليا وكأنهم على خشبة مسرح التفت
بسرعة ليرى ذاك الشبح الغريم قد التقى به اخيرا في عز الظلمة وجها لوجه ، تمسك بها
بقوة بقوة كبيرة هي التي شهقت و خافت جدا بل الرعب دب دبيب النمل في اوصالها وهي
ترى مجموعة من الرجال يحيطون بهم من كل جانب : يا الله ما احلاكن سوا ، شو يا بيبي
طريدة جديدة هي ، قصدي بتحب في مرة خيك ، يا عيب الشوم عليك !
تقدم
ايميل و احاط رجاله بهما وهو كأنه سيدخلها داخل صدره ليحيمها مما هو قادم : ماذا
هل جبنت على ان تواجهني في عز النهار الم نتفق على موعد !
بصراحة
ايدين لم يعد يهمه ايميل ولكن يهمه جدا ان ينتقم منه لما فعل مع زكريا وهو لا زال
يحملها هكذا في الحقيقة هو خائف عليها جدا خائف يكاد يموت لا يريدها ان تتأذى هي
الاخرى بسببه و بسبب انتقام ايميل الاجرامي حتى حين اشعل الجميع اضواء بطارية
صغيرة بأيديهم وهي كانت تبكي لا تفهم ترتعش و تصطك اسنانها : مممممممن هؤلاااااااا
لم تستطع حتى من رعشتها ان تكمل كلامها ، اخذها اكثر في حضنه حتى شعرت بدفئ صدره :
ايميل دعنا على اتفاقنا فانت لن تجني شيئا الان سوى العراك و الموت احذرك!
صفق
ايميل مرة اخرى بيديه بقوة : برافو برافو ايش شو هالشجاعة يا زلمة والله ما عرفتك
و بدي اتعرف عليك من جديد ، اي مو هي ماريا ! شو يا ماريا وينو زوجك وينو هارون !
ارتعدت
خوفا خفق قلبها حتى كادت تفقد وعيها و الضوء مسلط عليهم حتى تبين لها وجهه نعم انه
ذاته ذاك الرجل طوني البناني يا الهي ماذا يحصل !
:
شو حبيبتي ماريا مانك وش تحكي لك يخرب بيتك والله فكرتك مرة محترمة طلعتي وحدة
صرخ فيه ايدين مقاطعا بحدة من فقد صبره والله لو
لم تكن هي على ذراعيه لكان الان حالا انهى ايميل حتى لو تمت تصفيته بكل رصاص رجاله
: ايميل اخرس اخرس لا تتكلم ، الحساب بيني و بينك فقط ولا تسمح لنفسك لان تدخل
افراد اكثر من عائلتي فيه والا فوالله سأحرق الارض بمن عليها
كان
صدره يعلو يهبط بها و معها التوتر صاعد و الحرارة تطبق عليهم و جسده يتعرق و
غااااااضب غاضب جدا ، لم يتوقع ان يكون لقاءه بايميل بهذا الشكل ، ينظر اليه الان
، لقد اصبح حتى هو رجلا ، لا ينقصه الرجوله ولا الوسامة : شو حبيبي ايدين ما بدك
تسلم علييي حتى ولا تقلي الحمدلله على سلامتك لاني قضيت سنين شبابي بالسجن بسببك و
بسبب جريمتك!
تمسكت
المجدلية التي اخذت انفاسها تهيج اكثر فتقتحم عنقه يرفعها ليحتضنها اكثر و هي
جسدها حرارته بدت ترتفع لا تدري تتعرق و تسخن في ذات الفينة كانت مرعوبة جدا ،
تسمع ولا تصدق وهو لا يريدها ان تسمع كل ذلك ، كل تلك الاثام التي ارتكبها هنا و
هرب منها ، لا يريد ان يشوه صورته الحديثة التي التقتها بتاريخه و صورته القديمة التي تكره : ارجوك لا
تذكر شيئا عن الماضي ، انت انتقمت بمعرفتك من زكريا و زوجته
:
ههههههههسمع ضحكة مجلجلة و التفت يسأل عصابته : سمعتوا شو قال ، قال زوجته قال !
و
انفجر ضاحكا مرة اخرى !
كان
الضغط يتزايد و المواجهة لا يعرف الاما ستقود ، هل سيقتل هو و المجدلية هنا ، هل
سيبتعد ايميل و يتركهم بسلام على الاقل حتى يضعها في البيت دون ان تتعرض للاذى :
شو يا ماريا ما سمعتينا صوتك ، بتعرفي انو حبيبك ظلمني !
لك
يخرب بيتك ، و بكل بساطة جايني لهون شو بدك يعني اعمل فيك قول شو ، ارتفع صوته
غاضبا محسورا ، لك رميتني بالسجن و هربت ما قلت اتصل ما قلت اتطمن عليه ما قلت شوف
شو صار فيه لك هيك هي الصحبة لك يا عيب الشوم بس والله كنت بعتبرك اخ و اعتبرتك
صديق و انت ما ثمر فيك على اول مطب تركتني و مشيت !
يا
الله لم يظن انه سيقول كل شيء له الان ، ان يكون صوته مجروحا لهذه الدرجة منه :
انا اعلم انني ارتكبت جرما في حقك ، و تعلم انني كنت صغيرا صغيررررررا ، رفع
المجدلية التي كانت تبكي بعبرتها لا تفهم تريد فقط ان تلمه الى ذراعيها تشعر ببؤسه
و تشعر بعجزه و محاولته تخفيض حدة الجدال حتى يحميها : كان صوته يرتفع و يغلظ :
الا تظن انك قبلا ارتكبت انت ظلما و جرما في حقي ، استغليتني و استغليت حاجتي للمال
و قدتني لاشياء انا لم اعرفها في حياتي !
:
ولك يا زلمي ولك عين تحكي ، قلي طيب ، قلي ما عاد بدي اشتغل معك كنت راح اتركك لكن
انت كان بدك هيك انت حبيت هالحياة اللي عشناها حبيت الموت و القتل و التجارة و
المصاري و البنات و الاغتصاب !
قد
بلغ قمة توتره حتى اعصاب معدته اتفقت عليه كان وجهه يحمر باضطراد لم يعد يقدر ان
يتمسك بها اعصابه لم تعد قادرة على السيطرة على حمله لها بدت تثقل بين ذراعيه و هو
مصمم الا يتركها كانت تهمس له طوال الوقت مرجوفة : أيدين !
كانت
تضمه الى وجهها بقوة تخاف عليه مرعوبه عليه وهما محاطان بكل هؤلاء الرجال والله
اعلم ماذا يحملون ايضا في اياديهم وكان الوقت يمر مثل سلحفاة مريضة تأبى ان تمشي :
اسمعني سألاقيك لن اهرب منك فقط دعني ارجعها الى البيت !
هنا
اقترب الجميع منه : على وين يا حلو رجعة على البيت مافي و هي الحلوة راح تروح معنا
/ هنا صرخت بصوت عال و بقوة متمسكة به تكاد اضافرها المتشبثة بلحمه ان تقطعه كانت
لا تصدق الذي يجري : أيدين لا تجعلهم يأخذوني لااااااا كان صراخها يتردد في
الارجاء و كان عصام و جماعته قد تحركوا بصورة سريعة جدا وكان يحي يجري معهم بدون
حذاء خرج مثل المجنون الى اطراف الغابة يجري بسرعة عجيبة قدماه تدوسا اي شيء وكل
شيء و خزات انتكاسات ثورات كل شيء يمر امام ناظريه هو قد فاض به الكيل لم يعد
يحتمل اي شيء ، خرج و من وراءه هارون يصرخ صراخ طفل قد فقد احباءه يصرخ باسمها هي
حبيبته المجدلية ، قد اصبح الجميع في مواجهة بعضهم البعض هنا هبط قلب آيدين وكاد يخر
على الارض راكعا قد كان و صار كل خوفه عليها : ايميل اتركنا و اذهب لا تعقد الامور
اكثر مما هي عليه
ولكن
لا يحي من كان قد تقدم الان له لم يعد يرغب ان يتركه حيا هذا الرجل الذي تسبب توا
في ازمة نفسية لزوجته قد تسبب له هو نفسه بأزمة نفسية حين رأى زكريا و حال زكريا
ووجه زكريا لم يعد يحتمل ، حتى وان قتلوا جميعا هذه الليلة ، كان يجري عليه و يجري
بينهم حتى لم يفهم احد منهم انه فوق ايميل يوسعه باللكمات ، هاج الجمع و ماج و
اصبح كل منهم يقفز فوق الاخر يضرب و يركل و يبصق و تطايرت الشتائم و الاحذية في كل
اتجاه في هذه الظلمة التي ما عاد احد منهم يفهم تماما الذي يجري ، كان صوت الصفعات
يعلو على كل صوت ، حين اغتنم ايدين الفرصة و دفع بالمجدلية الى ذراعي عصام الذي
طار بها جريا الى البيت ، كان التدافع شيء لا يرحم ، لم يكن هناك من اسلحة نارية و
لكن الايادي و الاكف و الارجل كانت سلاحا ذريا يدعس بها احدهم على بطن الاخر حتى
يفقده انفاسه حتى يجعله طريح الارض يتلوى لا يقدر على الوقوف : يا ابن الكلب قد
قلبت حياتنا قلبا يا ابن الحرام هل تحسب ان كل ما تفعل و فعلت سيمر هكذا بدون عقاب
قل ما ذنب زكريا في كل هذا هيا قل ، كان يهز ايميل الذي لا يزال واقعا لا يستوعب
كم هذه الهمجية و الضرب المبرح الذي تعرض له لا يستطيع ان يسيطر على الوحش الذي
ركبه كان وجه يحي مخيفا مخيف جدا وجه مستعد ان يقتل ان يطحنه بين اصبعين وجه لا
يرحم كان رذاذه يتناثر و صوته غليييييظا عاااليا مخيفا مرعبا كان يتكلم و كأنه
سينشب انيابه في صدغ ايميل كي يخرسه الى الابد : ولك نسيت انتو مين اللي سواكن
نسيت ان خيركن من تحت ايدي يا ناكرين الجميل يخرب بيتك اتركني الله لا يوفقك
اتركني والا والله لقول للرجال يطخوكن كلكن والله والله انا لساتني صابر عليكن
وكله منشان العشرة والله
حاول
ان يقوم حاول ان يفك يدي يحي عنه الذي تنفس بقوة و رفع صدره وهو يتركه من يده :
قلنا لك سنتواجه ولكن انا لا احب الغدر لا احبه ابدا !
دفعه
عنه كارها و قام حتى قام ايميل هو الاخر يحاول ان يعدل وضع فكه الذي تخلخل و يمسح
الدماء التي سالت من انفه و فمه ، اخذ ينظف ثيابه و يصرخ في رجاله : باااااااااس
ولك باس انت وياه بااااااااااااس
ترك
الجميع بعضهم البعض مكرهين والكل يتوعد الاخر بعينيه مغاضبا محذرا من اي حركة
غادرة قد تصدر عن اي طرف ، نفض يحي يديه و هو يفرد و يجمع اصابعه الى كفه الذي
يشعر انه شبه قد انكسر ، هو ثائر ، يشعر انه مثل من رموه تحت المحيط محملا بأثقال
و تركوه يغرق ، يشعر انه الان خارج عن نطاق الحياة وعن نطاق السيطرة ، منذ زمن
بعيد لم يتعارك مع احدهم بيده ، منذ زمن لم يعلم على وجه احدهم بقبضته ، كان ذاك
الزمن هو ذاته الذي كان يضرب فيه زكريا و يبرحه ضربا حتى تتورم عيناه اما الان فما
يفعله هو ثأر لزكريا هو دفاع عن زكريا ، هو لم يستوعب بعد ما ذنب زكريا في هذا كله
كل ما حصل في وجهه ، و زهرة زهرة اصبحت
حكاية اخرى ، زهرة فجرت له فؤاده صار يبكي انزوى و صار يبكي يبكي صدمتها و بؤسها
يبكي عجزها يبكي ظلمها ، نعم بكى وما الضير في ان يبكي رجل مثله : اذا كنت تريد
الكلام الحقنا للبيت !
قبلها
كانت المجدلية التي يحملها عصام على ذراعيه امام ناظري هارون الغاضب بشدة : اين
كنتي يا بنت الحرام اين كنتي يا كلبة ، يحضرونك على الاكف ، مالذي تريدينه
كان
يلحق بعصام الغير مبال بما يقول هارون بل جعله يتبعه الى الداخل يعصف و يرعد و
يمطرها بوابل من الشتائم ، اكره ما عليه و اكره ما فعله انه استعان بضره بأخوه كي
يبحث عنها ، للمرة الثانية في ظرف ساعات تشعره بعجزه انه ليس رجل انه لن ولم
يستطيع الدفاع عنها دخل و صوت عجلات كرسيه تحتك بحدة على الارض و كأنها تنزع الخشب
من مكانه نزعا ، ارقدها عصام على الصوفا و تركها في مواجهة هارون الذي يشعر انه
سيقتلها كان وجهه مسودا و شعره متطايرا و ملابسه كأنه كان سيقطعها بين يديه من شدة
الافكار التي عبرت دماغه تلك اللحظة ، ان وجدها اخوه ماذا سيفعل معها وماذا ستفعل
هي معه ؟!!
كان
قلقا و كان مشغولا و كان حاقدا كارها لها و لايدين الذي وضعه موضع .. اللا رجل ..
الذي عايره بها عندما حضر !
اقترب
منها يريد ان يرفع رأسها اليه هي التي كانت موجوعة ، كانت تبكي بحرارة كانت تجهش
باكية على كل شيء كل شيء ، كل عمرها ، كل حياتها ، كل غباءها ، كل هارون ، نعم على
كل هارون !
لمسها
و شعر بحرارتها التف حول نفسه : هذا ما كان ينقص.. الحمى ، ماذا سأفعل بك الان !
و
زكريا و زهرة اللذان في الداخل ، كانت تنام على فخذه و هو يهدهدها مثل الطفلة
الصغيرة ، يا الله يا زهرة كم انتي حقا طفلة ، انت لا تذكرين فرحتي حين رأيتك في
احضان امي ، عندما رأيتك تفتحين عيناك او عندما ابتسمتي لي اول مرة او عندما
تضحكين عاليا حين احاول ان اضحكك بوجهي ، يا الله يا زهرة .. اخذ يربت على شعرها ،
آسف انا اسف ، فكرت في نفسي و تركتك يتلاعبون بك ، تركتك زوجة لشعيب و اجدك الان زوجة
له ، انا حاولت ان اغفر ، ان اتجاوز عن ذاك الماضي ، لكن لا اعرف لما دائما مشاكلك
تعيدني الى كل السلبيات تجاه هذا الرجل ، كيف تزوجته يا زهرة كيف تزوجتي من كان
عدوي كيف ، كيف تزوجتي من اهانني و ضربني و طردني من البيت كيف !
كان
عقله يلوم يلوم كثيرا ، وكان الحقد يعاود مكانه الفارغ في قلبه ، الذي حصل انك قد
فقدت النطق بسببي ، سببي انا ، بسبب وجهي الذي تشوه ، و كل هذا بسبب من ها بسبب من
! كلها دائرة تدور تدور ثم نرجع الى نقطة البداية حيث كنا و حيث كان غريمي و
غريمك!
اما
في غرفة الجلوس الصغيرة و التي بدأ الجميع يتوافد اليها و هارون ينظر في صدمة و
المجدلية ملقاة هناك و الرجال يدخلون الى الغرفة حتى تقدم منها آيدين هذه المرة
رفعها امام انظار اخوه المفجوع دخل بها الى غرفتهما و ضعها على الفراش في هدوء و
خرج حتى دون ان ينظر الى اخاه الذي كان يلحقه و عيناه مفتوحتان عن اخرهما ، تلون
وجهه وهو يرى الباب يغلق هناك نزلت دمعته ، دمعة حقيرة سخيفة ، دمعة اخبرته انه
اكتفى !
في
غرفة الجلوس حيث جلس الجميع حول تلك الطاولة الصغيرة التي تتوسط الغرفة تلفت ايميل
حوله : يعني ما لقيتوا شي اصغر !
لوى
شفته حانقا في تلك اللحظة خرج زكريا الذي اشتبه بالصوت واذا به وجها لوجه مع من
حطم له حياته و حياة شقيقته من بعده اقترب لا يصدق عينيه ، ينقل نظره بريبة بينهم
جميعا ، يحي ، آيدين و هو هذا الطويل ذو الملامح واللهجة اللبنانية ، رفع اصبعا
متهما تجاهه يقول مخنوقا بكلامه : و تستقبله في بيتك!
شخر
ساخرا وهو يضرب على جبهته : يا الله لما اذهب بعيدا ، فهذه الطينة من هذه العجينة
نهره
يحي الذي كان واقفا مكتفا لذراعيه و فاتحا لساقيه مباعدا بينهما متأهبا لكل حركة
وكل تهديد ، كان منظره فوضويا مغبرا و الاعشاب و لونها الاخضر لا زال مطبوعا على بنطاله
: زكريا اذا سمحت لا تتدخل
لم
يكن ينظر الى وجه زكريا فهو ليس مستعدا بعد لتقبل هذا الوجه الذي يرى لا يستطيع
ابدا ان يفعل ابدا ، كان يشيح بنظره عنه متهربا من ان يلتقي بعينيه ولو خطأ : لا
اتدخل ؟! الي انا هذا الامر ؟! ، احتد صوته اكثر وهو يقترب اكثر من يحي الذي لف
وجهه عنه و زكريا صار مقابل له تماما انفاسه تضرب وجه ابن عمه لهجته و صوته الغائر
الغائم : لا اتدخل ، قلها مرة اخرى ، قلها ، اذا لم اتدخل انا فمن سيفعل قل لي ها
اانا اراه هنا حي حي لم تقتله ساعة رأيته
جلس
ايميل على الصوفا بكل برود فيه : يا هييييي علينا ، لك يا ولد خلينا نخلص و نخلص
هالليلة ارجوك بعد بعد ، قالها و هو يشير له بيده ان يبتعد عن وجه يحي !
ولكن
يحي و زكريا تواجها : ألن تنظر الى وجهي ، قل شيئا عما ترى ! لا شيء ؟! امسك فجأة
بقميص يحي عند عنقه يهزه بحده يغضن حاجبيه كرها : انا قد تدمرت وانت من دمرني ، قل
له اسأله لما فعل بي ذلك ما ذنبي انا في كل ذلك !
كان
التدخل سريع من ايميل الذي رد عليه : بدينا في الاسئلة القديمة ، ليش و شو ذنبي ،
بزمتك يا زلمي عمرك ما شفت حدا دفع ثمن شي هوي مالو دخل فيه !
تلك
اللحظة و تلك الجملة الاعتباطية جعلتاه يلتفت بسرعة الى وجه ايميل يفتح عيناه على
وسعهما يهتز جسده كاملا فكما تدين تدان فقد دفع احدهم يوما ثمنا غاليا لشيء لم يكن
له ذنب فيه !
اخرسه..
تلك الجملة اخرسته تماما ، اشعل ايميل سيجارة وكأنه في لقاء عمل : يا عمي انت اللي
جيت دغري قدامي وانا لسة طازة طالع من السجن و لقيتك قدامي ، يعني فشيت فيك خلقي و
فيا هديك المرة ، شو كان اسما ؟! رفع رأسه للسقف وهو ينفخ سيجاره بكل ضغط هاديء :
اي تزكرت ايمان !
وعلى
ذكر ايمان هاج زكريا و ماج : اين ذهبت بها اين هي الان احضرها لي حااااالا حالا الان
:
مع الاسف سبقتك لفوق فوق فووووووووق
التفت
ايدين له مفجوعا : قتلت زوجته !
قال
هازئا : يا خييي من كزب عليكن و قالكن انها مرتو ، هي كانت عشيقتو ، عشيقتو و بسسس
فلا تتهمني بشي انا ما ساويتو !
كانت
الوجوه من كل شكل و كل لون ، يحي الذي رفع رأسه بحدة ينظر الى زكريا يريد تأكيدا
منه ، و السؤال يتطاير بين حاجبيه و فوق رأسه ، هل احضرتنا الى هنا و سط كل
المشاكل من اجل عشيقة !
و
آيدين الذي وضع كفاه خلف قفاه يحاول ان يتحكم في انفعاله صارت المسبات تخرج من بين
شفتيه تباعا : هل انت احمق ابله مالذي جرى لعقلك كي تكذب علينا هذه الكذبة ، كان
غاضبا منه جدا يشعر انه يستطيع ان يضربه
اما
هو فوقف يشعر بالعطش العطش الشديد يشعر انه يكاد يموت من جفاف جسده من دمه الذي
انسحب ، دمعت عيناه : قتلتها ، خرجت زاحفة ميتة مبحوحة بغير تصديق ، لما !
:
يا زلمة والله جوك قديم خلينا نشوف شو عندن ولاد عمك و نخلص بقى !
ان
يتعاطف معه شيء وان يخاطر بحياة كل هؤلاء من اجل عشيقة هو شيء اخر تماما ، هل فقد
عقله ، ماذا كان يريد زكريا بالضبط !
خرج
صوته هادئا وهو يخرج سيجارة و يشعلها هو الآخر و يجلس يضيق عينيه التي وضعها على
وجه ايميل ، رفع ذراع و فرده على طول الصوفا التي خلفه ووسع بين ساقيه و استرخى
نعم استرخى : عصام ، خذ هذا الفيلم و شغله دعنا نسهر قليلا !
كان
بين حروف كلماته الغاما ، شيء يتفجر ، تشفي ، علم ايميل تلك اللحظة ان هناك شيء ما
امر ما قد دبر له بالخفاء ، فعيني هذا الداهية لا تبشر بالخير
كانت
الشاشة سوداء ثم اصبحت تعمل ، كانت البداية بمجموعة من الاصوات و لغة تركية واضحة
حتى قال احدهم : اي اي هون ثبت الكاميرا اي عليه او عليها ما بعرف هون بالضبط ..
كان رجل عربي ذو اصول لبنانية يقف بجانبه المهدي ضخم الجثة الذي يحتضن امام جسده
شيء حقير اشبه بالمسخ ، وجه ملون بزينة نسائية مبالغ في زينته ، وباروكة سوداء
كثيفة الشعر ، ثياب نسائية عارية الصدر المنفوخ بمبالغة و كأنها عمليات تجميل ، كعب
عال ابيض مرصع بالالماس ، كان كله او كلها ما يسمونه .. دراغون كوين .. كان يقف
مرعوبا مهزوما بين كل هؤلاء الرجال الذين وجدوا ضحية وشيء يتسلون به و معه ، كان
الجميع ينظر الى التلفاز حين قال يحي سائلا ايميل : ألم تتعرف عليه.. عليها ..
الدم يحن اعتقد!
التفت
عليه ايميل في مكانه مغضنا جبينه بشدة لا يفهم : اي شو ، شو قصدك ، دم شو اللي راح
يحن !
انحنى
يحي ينفض سيجاره و يتكلم وهو منحن: لا تذكره ، دعنا نرى صورة حقيقية له!
بين
لقطات الفيلم ظهرت صورة رجل ، بكامل رجولته ، شاب طويل جميل به بعض الشقار في
لحيته ، اخضر العينين ، بشوش الوجه في تلك الصورة كان سويا معه مع اخوه .. ايميل
.. نعم انه طوني !
فتح
فمه عن آخره لا يستوعب الذي يحصل ، طأطأ رأسه يحاول ان يفهم ، لا ، هذا ليس اخاه
ولم يكن يوما ، تركه نعم تركه في لبنان و لم يرد له ان يتورط معه في اي من مشاريعه
الاجرامية التوسعية ، لكنه كان يحافظ عليه ، ارسله لأرقى الجامعات ، تخرج ، يرسل
له المال الوفير كي لا يحتاج لأحد ، اخوه يعمل في شركة محترمة .. هز رأسه مستنكرا
ضاحكا مستهزئا: لك العب غيرها انت شو عم بتخرف هيدا مو هداك فهمت عليي شو عم قول !
:
اعرف ماذا اقول ، انت فقط تابع ، لم يكن يصدق فلذلك التفت على التلفاز مرة اخرى
يتابع وهنا رأى المهدي يتحرش به بذاك المسخ بطريقة وسخة همجية طريقة رجولية بحتة و
ذاك كان يصرخ يصرخ : ولك اتركني اتركوني يا وولاد الكلب
كان
آيدين يتفرج هو الاخر لا يصدق ماذا فعل يحي الى اين وصل لم يتوقع ابدا ان يفعل ذلك
ولا ان يقدر ان يصل لأخو ايميل وكيف وصل له !
كان
ينظر باستغراب الى وجه يحي المستمتع كانت عيناه تلمعان عيناه العسليتان تكادان
تضحكان وهو يتشفى في وجه ايميل وهو يسمع المهدي يسأله انت من و من اخوك فيقول له
بسرعة خائفا مرتعشا انه طوني و ان اخاه ايميل ، كان طوني يحكي اشياء من الطفولة لا
يتذكرها غيره غير اخوه الذي اسود وجهه و ابتلع ريقه : انت من وين جبتو هااااااد من
ويييين هيدا منو اخي منو طوني لك شو عم تخرف انت شوووووو
كانت
صدمة ايميل في شقيقه لا تحتمل ، لا ابدا ، لن يذكر اخوه الا رجلا الا سبعا الا فحلا
اما هذا المتنكر بالملابس النسائية الذي يعيش حياة موازية على الدارك ويب ،
ويعيشها حقيقة في ملاهي تركيا العامرة بالشواذ و المتحولين و الدراغون كوينز ..
وليس هذا فقط ما حصل فقد كان اخاه يغتصب امام عينيه ، مجموعة من الرجال ضخام الجثة
كانوا يتناوبون على جسده واحد بعد آخر وهو كان يتلوى يصرخ يبكي كان يحاول ان يهرب
ان يتسلل ولكن الجميع كانوا محاطين به كان اخاه تكتم انفاسه و يلقى من فوق فوق
فووووووق !
لم
يقدر لم يعد يقدر قام مرة واحدة هجم على يحي يشده اليه يريد ضربه عيناه تبكي تدمع
تنتحب : ولك يا ابن الكلب قتلتوا يا كلب لك والله لاربي كلاب الشوارع فيكن والله
يا ولادين الحرام
كان
زكريا و آيدين ينظرا بذهول تارة الى الفيديو وما يحصل فيه و تارة الى وجه يحي
المستمتع الذي وكأنه اخيرا قد انتقم قد اخذ بثأره من ايميل و من اهل ايميل ومن من
يعز عليه في كل هذه الدنيا .. شقيقه الوحيد !
:
مو قلت انك بدك تقعد و تتفاهم لشو كل هاد لشوووو لشووو قتلتوا لشووووو
كان
ايميل يصرخ بفجع كان يطير و ينزل الى الارض منظر اخاه بتلك الثياب و منظره وهو
ينتهك عرضه و منظره وهو يلقى من فوق المبنى الى سابع ارض !
يا
اللله يا الللله لك لييييييشششش لييييييش والله لاندمك حياتك والله لاعيفك حياتك
يا يحي وراح تشوف والله لاحرقك و احرق كل شي بتحبه والله !
خرج
ايميل لا يلوي على خير يهدد و يتوعد ولا يستوعب انه خرج مدحورا مهزوما خرج بفاجعة
يريد ان يطير حالا الى تركيا يريد ان يتأكد انه هو هو اخاه ، يريد ان يعرف اذا حقا
قد مات وان كل ذلك لم يكن تمثيلية !
هدأ
المنزل فجأة كما هاج فجأة ، من كان واقفا لا يصدق كل ما حصل ، جرائم متعددة ،
انتقام هادر ، و صاحبها يجلس بكل برود هناك يكمل سيجارة كانت بين شفتيه ، ينظر الى
السقف وكأنه يفكر فيما هو اسوأ ، وهما ، زكريا الذي شعر بالرعب مما حدث ، يا الهي
، كيف هان على يحي ضميره ليفعل ذلك ؟! كيف فعلها وكيف نفذها ، ما كل هذا الجبروت ،
حتى لم تتحرك فيه شعره ولم يهتز بدنه لما شهدوه بأعينهم ، كانت الكاميرا تصور و قريبا
كل العالم سيرى و يشهد على تلك الجريمة !
جلس
تائها فاتحا فاها في وجه ممزق مشوه ، شعر لوهلة ان غليله قد شفي ، ان حقه قد وصل ،
لكن من دفع الثمن ، ليس ايميل بالتأكيد ، دفعه شخص آخر هو عبارة عن اخ!
آيدين
لم يكن يعلم كل ذلك ، المفاجأة جمدته ، للحظة ظن انه مخمور ، وان كل ما يجري هو
ضرب سكرة وليس الا !!
قادته
قدماه الى حيث يجلس يحي الذي اغمض عينيه و اسندها الى الصوفا مستريحا اخر راحة هو
قد فعل ما اراد ان يفعله انتقم لنفسه ! ضغط آيدين بكفه بقوة على ركبة يحي و وجهه
لا يبشر بالخير : هل تعلم اننا قد تورطنا اكثر ، الافضل ان نرجع جميعا اليوم قبل
الغد .. هزه .. يحي .. يحي يجب ان نترك البيت يحي ..يحي .. ضربة على صدغه .. صراخ
يحييييييااااااا ولكن يحي قد كان في سابع
حلم في سابع كابوس يحي سقط في الليمبو!
اسود
، ضواري ، وحوش ، نمور ، كلها كانت تتجه له ، كان هناك واقفا في بيت ، بيت قديم ،
متعدد الحجرات ، حيطانه باهتة ذابلة مثله ، الاسود تقترب وهناك ثلاثة اطفال خلفه ،
الاسود جائت من اجلهم ، كان يجري من باب الى اخر ، وكل الابواب كانت متكسرة ، يريد
ان يغلقها ، كافح ضد نفسه في دفعها كي تنغلق و الاسود تقترب ، هناك من يقتربون من
الابواب الخلفية التي فتحت فجأة ، صار يجري خائفا مرتعبا بين كل الابواب و الاطفال
الثلاثة يبكون يختبأون خلفه و يحتمون به ، تقدمت الضواري من كل جانب و هو امسك
بعصاة طويلة صار يهش بها على تلك الضواري ضاق المكان و الاسود تحاصره مع الاولاد!
شاحنة
عملاقة تقف في مكان واااااسع ، مكان متصحر ، الهواء كان حاااارا ، و الشاحنة تشتعل
تشتعل يسمع صراخا يسمع انفجارا يرى موتا صار يتعرق بقوة بقوة كبيرة صار يرتجف هناك
شخص يعرفه هناك من يحترق و الشاحنة تنفجر كان يهبط و ينزل كان يتزلزل كان ينتحب زاعقا
للسماااء زكييييييييييياااااااااة
كان
يجري على اربع يخرج جريا من هناك ، من تلك الحجرة التي تنهار ، الحجرة التي اصبحت
دمار ، الحجرة التي اسودت و طغى عليها الدخان ، خرج يتفرج مبهوتا يصرخ فيهم
ابيييييييي اميييييييي وكان الجدار يواصل الهبوط يواصل الانهيار و احد ما في
الداخل احد يحبه يعظمه احد هو قلبه و الاساس قد انهار و العامود قد سقط و هو واقف
هناك يتفرج !
فتح
عينه ببطء شديد ، بتعب ، مرهق ، منهك ، جسده متيبس ، اعضائه تأن ، حلقه جااااااف ،
عيناه اغلقت من شدة الاضاءة، يسمع صوتا رجوليا يعرفه : يحي !
هزه
من جديد ، يحي ، هزه بقوة رفعه الى صدره يهزه يخترقه يجبره ان يسمعه ، يحي استيقظ
لن اسمح لك ان تنام مرة اخرى يحي قم قم اللعنة عليك قم لست انت من تنام قممممم كان
الهز يتواصل و هو مغموووور متعب عيناه تريدا العودة ، بئس الكابوس هو ذاك ، جعله
يتخبط ، شعر بحضن دافيء ، همس في اذنه : يحي استيقظ استحلفك بالله ان تفعل يا الله
يا رجل لن تفعلها مرة اخرى
فتح
عينه بقوة في وجه مصفر ، وجه ضبابي ، جسده لا يقدر على تحريكه لا يعلم مالذي حصل
له حتى وجد نفسه جالسا بجانب ذاك الرجل مغصوبا فهو يريد التمدد و الغرق ثانيتا
ولكن هذا يزعجه لا يسمح له ، ضربة اخرى على صدغه : قلت لك قمممممم
صرخ
في وجهه غضبانا اللعنة عليك ، الدنيا قد انفجرت هناك ، قم لتسافر لأهلك قم لترى
الذي حصل .. يحيااااااا
التقط
نفسا بقوة كبيرة انفجر صدره بالهواء انتفض فجأة وقام من مكانه كالمتكهرب ،وقع ارضا
لم يستوعب ان رجلاه لا تحملانه يشعر بالهوان فيهما ، مد آيدين يده له و سحبه وقف ينظر حوله تائه ، حلم اخر ، كابوس اخر ، و
وقف امامه هو هو نفسه آيدين الذي اخذه في احضانه و هو يبكي بعبرته يشتمه اللعنة
عليك والف لعنة اللعنة عليك يا رجل لقد قتلتني اقسم انك قد فعلت
يحاول
ان يستجمع نفسه ان يلملم تلك القطع التي تناثرت منه لحظة غفلة ، تناثرت و ضاعت و
هو قد غرق نطق وبالكاد سمع : آيدين
ابتعد
ايدين عنه يمسح عيناه بشدة لا يدري ماذا يقول : هل انت بخير ، هل تستوعب انك اخيرا
هنا !
لف
حول تفسه ، المكان غريب ، لا يذكر انه قد رآه قبلا ، فيلا ، فخمة ، واااااسعة ،
ابوابها كلها من الزجاج و الحديقة تطل على بحيرة كبيرة جدا يرى قوارب في وسطها ،
التقط نفسه يستوعب ، حجرة واسعة بيضاء بأثاث فخم جميل ، البيئة لا زالت ليست بيئة
وطنه ليست كذلك : ماذا حصل !
جلس
آيدين الذي كانت ساقاه لا تحملاه عيناه محمرتان بشدة ، بائس ، غارق ، لحيته غير مشذبة
، بدا حزينا للغاية جد حزين : يحي انت غرقت في كوما !
غضن
جبينه ينظر الى ما يرتدي بنطال بجامة اسود اللون كما يحب و صدره عار ، اقترب رويدا
بقدمين متعبتين بالكاد تحملانه كاد منها ان يسقط : كوما !
خرجت
مكتومة مستغربة!
نظر
الى وجه ايدين المكلوم : انت نائم منذ اسبوع !
قال
الطبيب انك دخلت في كوما !
لم
اعرف ماذا افعل وكيف اتصرف ، تبا يا رجل كدت افقد عقلي .. وضع كفيه على وجهه و اجهش
بالبكاء فلقد فقد ايدين طاقته بالكامل شعر انه في وسط حرب لم تنتهي !
نظر
حوله في ذهول يكرر على نفسه : كوما!
وكأنه
نام البارحة حين تهجم عليه ايميل حين فجعه في اخيه ، اتكأ يذكر ذلك و هي اخر ذكرى
له في ذاك اليوم !
:
اين زهرة ؟!
رفع
ايدين رأسه له ممتعضا لا يريد ان يرمي الان بكل شيء في وجهه دفعة واحدة ولكن حين
كرر سؤاله فقلبه يشعره ان هناك شيء ما : رحلت!
وضع
يده فوق قلبه يتحسسه ، هل مات ، لما لا يسمعه ؟ زهرة رحلت ، كيف ! تركته نائما و
رحلت ! غدرت ! وهو لا يحب الغدر !
قام
له آيدين يضع كف على كتفه يهون عليه مصيبته : يحي يجب ان نعود ، هل انت مستعد
للعودة !
كان
يرى ، كان يشم شيئا في عين آيدين نعم في عينه ، عينه كانت تروي الكثير ، تابع : هارون
و المجدلية قد عادا للوطن و زهرة ذهبت مع اخاها الى السويد !
اطبق
شفتاه على بعضهما البعض انكمش وجهه و ايدين يمد له ورقتين : و تركت لك هذه الاوراق
، قالت لك .. ستعرفني من خلالها !
:
هل نطقت ؟!
هز
آيدين رأسه اسفا : كلا ، ستخضع للعلاج النفسي !
اغلق
عيناه بقوة وكانت الارض تلف به من جديد!
آيدين
تحمل كثيرا ، تحمل الصراع مع زهرة و زكريا محاولا منعها من الهروب ، تعارك مع
هارون ، صدمة الاخبار التي تقتل من ارض الوطن ولا يدري كيف يقولها له !
اخذ
يفتح الاوراق وهو لا يركز ابدا فتح الاولى و نظر فيها مطولا ، غضن جبينه ولوى شفته
لا يفهم !
اطبقها
ثم فتح الثانية و قرأها ، غضن جبينه و لوى شفته لا يفهم ؟!
فتح
الورقتان مذهولا بجانب بعضهما البعض
الاولى
: حنان محمود بن زكريا
الثانية
: اسيا صالح بن زكريا
تاريخ
الولادة متطابق ، اسم الام متطابق ميادة.......
نظر
الى وجه آيدين للمحة الذي كان يدقق في ملامح يحي و هو يقرأ
سحب
الورقتين من يحي و دقيقة .. دقيقتان ... ساعة .. سنة .. دهر !
حتى
فتح فمه مذهولا
أسيا هي ذاتها حنان !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق