المشهد الرابع عشر من حارس العذراء


المشهد

( 14 ) 


لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم .. لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم

.
.
.



المــــــــواجهة الـــــــــثالثة
خرج من سريره يجر رجله خلفه ليدخل دورة المياه 

يغسل يديه وينظر الى ارهاق وسواد عينيه ووجهه 

والسبب معروف ، فمنذ مجيئه لم يسمع خبرا من سعد الذي لم يصله اي جديد !!

بعد ان افترقنا قصرا ، ها انا ابتعد بإرادتي !!

مسافات اوطان بيننا يا اغلى مريم !!

التفت حوله متغضنا بريبة وقلق 

فرائحة خطر تعبق في المكان !!

خرج واغلق الباب ويلتفت ليجد ,, صندوق باندورا في انتظاره !!



كل الانفعالات مرت على وجهه من الاستغراب الى الدهشة فالصدمة فالغضب 

ليواجه امرأة تقف بكامل زينتها وجمالها 

فهي يبدو انها عبرت البحار لتعلن الفتوحات !!

وهو قد تأهّب لإعلان الجهاد 

الجهاد ضد مكر الواقفة لاجتياحه !!

والجهاد في حبك يا مريم !!

بفستان ذو لونين ربيعيين اصفر و ابيض يرسم تفاصيل جسد مباح !!،

يكشف عن ساقٍ بيضاء غضة وعن ذراعين مكشوفتين !!

ونحرٍ مزين بعقد لؤلؤ يسترح على صدرها 

وشعرها في قصته الجديدة دون ان يفقد طوله 

ليسقط حول وجهها الذي بالغت في تزيينه !!

عينيها الخضراوين يحيط بهما السواد الحالك 

وحمرة خدود وأحمر شفاه قان و حلق كبير يتدلى من اذنيها !!

أبدا لم يتعود رؤيتها بكل تلك البهرجة الخداعة !

وعطرها الذي لم تفقده في غمرةِ ما فقدت !!

وكعب عال بسلاسل انيقة رفيعة تكشف عن حناء مخضبة رجليها 

ومخضبة يديها بنقوش صغيرة جميلة ومغرية في ذالك البياض الناصع 

وخلفها تلك الخلفية الزجاجية الخضراء الملونة وجبال شاهقة ونور التماع ضوءٍ تفرق منها خلال تلك الغرفة البيضاء كالكفن تلفه بين طياتها !

استعدت وهو كذالك استعد لها فآخر مرة رآها كانت يوم الحادث !!

فتقفز الى روحه تلك الذكرى المجنونة 

.

.

.

هل سمعت يوما احدا يتغنى بإمرأة تجتاحه في لحظات العشق كالزلزال !!

رنة بسيطة على باب شقته الفخمة التي تطل على منظر مبهر لبحيرة المدينة 

استغرب من القادم فلا احد يعلم بوجوده هنا !!

يفتح وكله فاقدا لوعيه فهو للتو كان يضع بعض الخطوط الحمراء لروايته الجديدة 

فالفكرة وبعض الحوارات والبيئات قد تقافزت الى مخيلته اثناء نومه !!

والان قبل ان يفقد الرغبة عليه ان يدون ما فكر به 



فأوراقه وكتبه واقلامه تحن الى لمسة يديه العاشقة لهم !!

يحمد الله انه ابتلاه بعشق آخر بعيدا عن الإناث !

بعيدا عن حب مضى او حب يواجه المجهول !!

الكتابة ليست مهنته فهو قد درس الهندسة التي لا تمت للكتابة بِـــصِلة 

ولكنها تمُت بقدراته على الرسم بصلة كبيرة وعميقة 

فما يكتبه هي صور ابلغ من كونها كتابات !!

يفتح الباب على مصراعيه ليجدها قد اعطته ظهرها الذي يعرفه جيداً

فتح الباب عابسا متغضن الجبين غير مرحب وفي نفس الوقت حانقا ومستغربا !!

فأبدا اهانتها لن تسكن بين جوارحه المفجوعة بها !!

التفتت بنظرة البرائة التي عرفها منذ نعومة اظفارها ، لا زالت هناك تهدده بعدم فتح ذراعيه 

فاجأته بارتمائها في احضانه ، ابعدها بلطف وادخلها واغلق الباب خلفه 

منذ سنوات لم يلتقيا 

علاقتهما انتهت منذ ما يقارب الثلاثة عشر عاما !!

ولكنها وكأنها لم تكبر فهي كما تركها جميلة وانيقة ورشيقة فقط بعض البروز في جسدها الذي جعلها اكثر جمالا 

واعذب اشتهاءاً

ترفرف اهدابها الشقراء تنظر حولها الى مكان ذكراهم البعيدة !!

تنظر بحميمية الى كل تفاصيل هذا المكان الذي غالبا ما جمعهما 

والذي كان يوماً مكاناً حقيقياً لتفجير الرغبات المتبادلة 

تنظر الى المطبخ الذي يطل على الصالة بلونه العاجي 

الى تلك الاريكة الكبيرة التي كان يحتضنها عليها ويغرقها بقبلاته المجنونة 

غرفة النوم التي خذلته فيها وكانت تلك النهاية المؤلمة لحب طفولي جنوني 

غرقت في الحنين وما عادت تستطيع الرجوع 

فحياتها بأكملها توقفت عند هذه النقطة و ذالك اليوم



تنقر بكعبها على الارضية الرخامية وهو ينظر لها بنصف عين لا يدري اي المشاعر يجب ان يغتاله الان 

فهو لا يريد كسرها 

يعرف هو كيف يعامل امرأة ، هن كشريحة المعامل تعاملها برقة ولا تضغط عليها والا انكسرت نصفين ولن تعد تنفع للاستعمال !!

فقط سوف يؤدبها ولكن يجب معرفة سبب مجيئها اليه 

_ هممم هل اعجبكِ ما رأيتِ ؟!!

بنبرة لا تخلو من الاستهزاء والتهجم !



لترد عليه بنفس النبرة الحزينة

_ كل شيء فيك يعجبني !

_ يتأفف و يجلس على الطاولة الصغيرة مربتا على ساقه 

_ ما الذي تريدينه يا ياسمين ؟!!

ببحة اصابته في مقتل 

_ اردت فقط رؤيتك ، اردت رؤية الماضي الذي ضيعته بتهور !!

اذا هي لا زالت تذكر وتنعى تلك الليلة !

بالنسبة له كانت ليلة الاذلال واهانة الرجولة !!

شملته بنظراتها المشتاقة وقلبها يرفرف في صدرها تكاد ان تسمعه 

تريد الامساك به حتى لا يفضحها ويخرج من بين ضلوعها 

متفحصة اياه ببجامة نومه الحريرية الزرقاء المفتوحة من الاعلى 

ليظهر منها صدره الرجولي 

ولحيته النابتة زادته جمالا وعينيه الخضراوين اللتان تقيمانها بروية ..

رغبات دفينة هي التي يقاوما لكبح جماحها !



كتف ذراعيه الى صدره قائلا باستفسار مائلا برأسه قليلا مغمضا عينيه لثانية 

_ لماذا لا تقولي ما في جعبتك دفعة واحدة ولننتهي فأنا لا اريد اطالة هذا الحديث !!

الجيران سيضنون انني ويضغط على كلماته ... اجلب النساء الى منزلي .. لا اريد شبهات .

هكذا هي كلمات الاهانة التي يجب ان تسمعها لكي تخرج راكضة وتتركه لشؤونه !

ابتلعت ريقها تكاد ان تدمع اذاً بالنسبة له هي الآن مجرد شبهات ؟!! شيء يريد التخلص منه ؟!! وبسرعة !!

_ ارفق بي يا يوسف ، ارجوك لا تصدني ، فانا لم اعد احتمل .

الشوق قد اعياها والحرمان من كل تفاصيلهما الحميمة يضنيها 

وقلبها مكسور ولم ينجبر 

أتركع امامه لكي يتقبلها من جديد ؟!

أتتوسله الحب والعِتق والصفح !! 

بعينيها تفصح عن خوالج نفسها .. لا ترفضني يا يوسف 

فقط لمرةً واحدةً ثانيةً اعدني اليك .. 

اقتربت منه وبكل خطوة توتره اكثر فاجأته بجلوسها على ساقه !!

والتفاف ذراعيها حول عنقه ودفن رأسها فيه !!

متمتمة بكلمات اثارته وفجرت براكين رغبة دفينة بين جوانب نفسه !

لم يحتمل كل هذا فهو رجل ، رجل لم يذق من الانوثة الا حنظلها !! 

رجل كانت كل النساء في ارض الحريات كاسيات عاريات يتمنين اذرعا تتلقفهن فتجاهلهن !!

رجل ذاق من امرأة واحدة الجسد والحب واللهفة !!

هي هنا مجددا بين ذراعيه !!

وجسدها يلتصق بحيمية بجسده الذي التهب بحرارة قربها وخدها ارتاح على كتفه 



وعطرها ورائحتها العذبة اسكنته الجنة !!

هي لعبة تتقنها النساء ، الاغراء واقتناص الفرص !

تلصق خدها الى خده وتقبله بلهفة لتتوقف على حدود شفتيه فتختلط الانفاس اللاهثة

لم يتمالك نفسه لرؤية طبق شهي كهذا حملها بسرعة على هيئتها تلك واتجه بها الى غرفة النوم 

...



توقف عن القُبل بعد عراك مع عقله الرافض ان يوسخ نفسه 

ان يوسخ عرضه !! فهذه المرأة التي تريد الان ان تجرهما الى الفاحشة كانت في يوم زوجته !!

كانت حلاله !! 

وهي زوجة آخر الان تخونه معي وعلى فراشي !

اخرج من فمه لعنات متتالية يقصدها ويقصد نفسه وعالمه 

دفعها بعيدا عنه يمسح على وجهه المكفهر الموشم بثغر قد قتله مرتين !!

كانت له وهي من القى به خارج اللعبة خالي الوفاض !!



وهذه المرة قد انقلبت الادوار فهي الان تبكي توقفه عن حبها الغير شرعي 

لملمت ملابسها واخذت حقيبتها وخرجت لا يسمع الا صوت الباب يغلق خلفها !!

وهو قد سقط على فراش الخيانة مهدوداً !!



في ذات اليوم عشية ..

ينزل من منزله متجها الى سيارته التي اراد فتحها 

يلقي السلام على الرجل الواقف امام محله يبيع الساندوتشات !

حركة المارة وضحكات وخطوات عالية ورياح البحر ونسماته العليلة وروائح المطاعم باطعمتها اللذيذة 

والبحيرة الواسعة بحدائقها الخضراء والاطفال يلعبون على تلك المراجيح ابتسم مع نفسه 

فهو اخيرا قد امسى حرا !!

ولكن هناك عزرائيل اراد ان يقتنص روحه 

كان ينتظره في بقعة ِ مظلمة !!

لم يدري الا والناس من حوله تجري واصوات ابواق وسيارات مسرعة وكأنه يوم القيامة

والهدوء قد انقلب فجأة !!



وهرج ومرج يرعبان الرضيع 

يلتفت وثانية قبل ان ينهار ارضا غارقا في دمائه ثم في غيبوبته !!

كل ما عرفه انهم قالوا ان احدهم اطلق رصاص طائش !!.. طائش اصاب فخذه واخترق جسده !!

.
.
.


ينفض كل تلك الذكريات عن رأسه 

_ آه يا امرأة الا تملين ؟!!

تلوّى وجهها بترحيبه القاسي 

ويرتخي كتفيها احباطا وتتقوس شفتيها حزنا 

كالمعتاد يا يوسف لم تعد تحترمني 

ولا تحترم كينونتي 

تلومني على شيء اذا علمته سيجتاحك طوفان يقتلك قبلي !

ارجوك يا يوسف 

فأنا هنا وكلي لأجلِك !

_ ألن ترحب بي ، ألن تسلم علي بكلمات ترفعني الى السماء !!

السماء التي ابتعدت عنها وارتكبت كل معصية ترميني سبعين خريفا في اوحال تمردي 

لم اعد انفع لشيء ولا حتى لك !

ولكن دعني امارس هوايتي باللحاق بك كظلك 

ينفث نفسا حارقا 

_ ياسمين انسي كل هذا ، انا وانتي لن نجتمع هنا مجددا ولينظر لها من رأسها الى اخمص قدميها 

_ ولا فائدة من كل ما تحاولين فعله !!

حسنا ، يبدو انه سيأخذ وقتا اطول مما تخيلت ، ولكنك لن تفلت هذه المرة يا يوسف ، أقسم !!

تنقر باظافرها الوردية على الطاولة الصغيرة لترن الاساور الذهبية الملتفة حول رسغها .

بينما هو قد ارخى ملامحه واسترخى بجسده على السرير مغمضا عينيه !!

فتسرح في حنايا وجهه الذي تعشقه 

عينيه المغلقتين براحة ، وانفه المستقيم وشفتيه المزمومتين وذقنه القاسي ومفترق شعره الغزير بخصلات رمادية ، كم تعشق هذه التفاصيل الجميلة !

، ابحث يا يوسف بكل الكون عن من تعشقك مثلي ..

لن تجد اتحداك انا ..

فأنت كنت ولا زلت ملكي أنا ، حبيبي أنا 

هل يجوز لي الان ان اسقط على الارض منتحبة 

ارتدي اقنعة أنتَ لم ولن تعرفني بها 

أمسيتُ دائماً متنكرةً أمامك 

رأت شفتيه تهمسان بخفوت 

_ وزوجك !! اين هو ؟!! هل يعلم انك هنا !! لرؤيتي ؟!!

ويقلب رأسه باتجاههها متأملا بريق عينيها 

يشعر انه قد فقد شيئا عزيزا يربطه بها 

حتى مشاعر القرابة منها لم تعد تهمه ! 

تجلس نصف جلسة على الطاولة قائلة بهدوء عكس الرعشات التي تملكت خوالج نفسها 

فكل من يراها في حضرته سيرى حبه في قلبها وفي عينيها.

وهي تقضم شفتيها 

_ لا ، لا يعلم انني هنا ، على الاقل عندما غادرت ، بالاضافة انه لا يمكنه اللحاق بي فهو الان على اللائحة السوداء !!

تقولها وكأنه انتصار قد تحقق بعد طول السنين 

يغمض عينيه من جديد ولكن هذه المرة بأسى وغضب ، لا يهمه كل تاريخ زوجها التعيس فقط يهمه مغادرتها باسرع وقت !!

فامثالها لا يجب تركهم احرار طلقاء !!



_ متى ستغادرين ؟!! اليوم على ما ارجو ؟!!

ليأتيه جوابها صادماً 

_ ربما لا تعلم انني هنا منذ فترة طويلة وخالتي كذالك تعلم بل الكل يعلم ، طلبت منهم ألّا يخبرونك فقط حفاظا على راحتك !!

_ تبا لكي ، ما الذي تنوين فعله 

ترد بلؤم تدربت عليه جيدا كما تدربت على اشياء كثيرة لا يعلم عنها 

_ انوي ان .. اعتني بك ؟!!



استدركت قائلة في قلق وخيبة 

_ يوسف ارجوك لا تعاملني بهذا البرود لطالما كنت دافئا ، في اشارة منها الى مناسبتين سقط امامها صريعا !!



أما هو فرائحة مؤامرتها لم تفته ليضحك ضحكة كشفت عن صف الاسنان اللامعة سرعان ما علت وجلجلت في المكان .

اربكها !!

هي من اصبحت مُحنّكة !! اصبحت تدير الرجال في اصبع واحد دون جهد يذكر !!

ولكنها الان ترى جيدا انه قد شُفي من مرضها !!

قد حقن نفسه بمليون إبرة تدعى مريم ، ماذا سيحصل لكِ لو عرفتِ بشأنها ؟!! 

توترها بتصرفه الغير مبالي بها جعلها تبحث في يأس عن تلك العلبة الصغيرة بين حوائج حقيبتها الصفراء 

تسحب منها عودا ابيضا تودعه شفتيها الحمراوين وتكة شعلة ايقظت حواسه النائمة !!

_ تباً لكي 

يبدو انكِ قد تجردتِ من اخلاقكِ كما تجردتِ من ملابسك !!

لم تفطن ليديه التي سحبت في سرعة السيجار من بين شفتيها ليطفئها في كفها 

ثبت كفها في كفه غاضبا منها يكاد يكسرها جعلها تتلوى من الالم 



يطرق صوتها في اذنيه وهي تحاول التراجع واطفاء نار يدها 

حرارة الالم الذي وصل الى رأسها يطرقه طرقا تصطدم تارة بالكرسي ومرة في الطاولة الصغيرة 

شعرت برغبة في التقيؤ وهي تشتمه 

_ تبا لك يا يوسف اتركني عليك اللعنة وهي تحاول ضم يدها الى صدرها 

_ عليكي الان ان تفهمي المغزى !!

وجهه ينضح قرفا ورغبة في رميها خارجا!! 

فياسمين تتخطى الحدود وفي كل مرة تفاجئه بمدى انحطاطها الذي وصلت له !!

بينما عيناه جاحضتين في وجهها ورغبة قاتلة بالفتك بها تغتال وجهه 

يصرخ بغضب 

_ فقط لو تقولي لي ما الذي غيرك ؟

_ مالذي اصاب ياسمين البريئة النقية 

_ من انتي واين ذهبتِ بياسمين ، فمن اراها امامي ليست إلّا غانية !!

يهزها بعنف بين يديه وهي تتمايل يمينا وشمالا مستسلمة لإهاناته وقسوته مغمضة العينين !! 

تتمنى ان تبتلعها الارض او يبتلعها هو في احضانه فالأمر سواء !!


إغضب ، إغضب كماتشاءُ واجرح أحاسيسي كما تشاءُ

فكلُ ما تفعلهُ سواءُ ، وكلُ ما تقولهُ سواءُ 

فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي ، نحبهم مهما لنا أساؤوا


ترقرقت عينيها بدموع شفقة واذلال ولكنها مسحتها قبل نزولها وقبل ان تكشف ضعفها 

_ لماذا تحب ان تؤذيني ؟

سؤالها اثار حنقه وسخطه وهو الان لا ينقصها

يصرخ في وجهها 

_ انتي من اذاني ام انكي لا تذكرين ؟ .. ستقتلينني بسبب طيشك !

افيقي لنفسك يا ياسمين فكل شيء انتهى ، كل شيء !
إغضب فأنت رائعُ حقاً متى تثورُ 

إغضب ، فلولا الموجُ ما تكونت بُحورُ 

إغضب ، كُن عاصفاً كُن ممطراً ، فإنَّ قلبي دائماُ غفورُ

أخرجي الآن يا ياسمين ولا تعودي هنا مجدداً 

يدفعها من ذراعها في اتجاه الباب بقسوة وألم قد بلغ في نفسه وجسده ذروته 

تنفست بعمق ساحبة كل ما تستطيع من هواء الى رئتيها اللتان قاربتا على الذبول 



اطلقت زمجرة محمومة وهمّت بالخروج ، ربما هذه الجولة كانت لصالحه ، ولكن كل الجولات القادمة لي انا يا يوسف !!
لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم 

لابُدَّ أن تعودَ ذاتَ يوم 

وفي طريقها الى الخارج اصطدمت بكتف رجل يشبهها تماما !!

تركته ومضت في طريقها حزينة فهي الان لا تريد اي اسئلة او تحقيقات من أحد !!
فالصمتُ كبرياءُ 

والحزنُ كبرياءُ 


ينظر اليها الرجل الطويل صاحب الشعر الذهبي الناعم القصير !!

بعينين صفراوين كَــــقِط !! 

وانف جميل مستقيم وشفتين رقيقتين ووجه مربع ذو عظام بارزة جعله يبدو ارستقراطيا حقيقيا !!

يدخل الى الغرفة المقصودة التي لا زال هوائها يعبث بشرارات قتالية حامية !!

تقدم نحو الرجل المُلقى على السرير مربتاً على كتفه ناطقا بهدوء

_ يوسف 

يفتح عينيه على وجهه مبتسما بمحبة فذراعه الايمن هو فقط من يثق أنه لن يخذله !!

_ دانيال !! كيف حالك يا رجل ، لم تزرني منذ مدة ، حاول الاعتدال في مجلسه بينما اشار بيده الى الكرسي الخالي قبالته لكي يجلس 

يشير دانيال برأسه خارجاً 

_ لقد رأيت ياسمين خارجة كإعصار ، هل عصفت بها هذه المرة ؟!!

ينظر له في عتب 

_ ارجوك توقف ، دعنا نتكلم عن شيء آخر 

يتابع قاطعا عليه الطريق لاي استفسار عن مشكلتهما 

رغم ان ياسمين تدمي قلبه في كل مرة يراها 

هناااك في البعيد في العالم الاخر في الطفولة المطوية تحت التراب 

يراها ويرى عيناها ويرى شغبها الذي ما ان كبرت ونضجت، نضج كل شيء معها حتى خجلها !!

وهذه الياسمين تشعره بالخيبة !



، حسنا اخبرني كيف هي الاوضاع 

_ الحمد لله كل شيء يسري وفق الخطة ، فهم لا يعلمون اننا قد سحبنا البساط من تحت ارجلهم 

_ ستحل عليهم الصاعقة وهم يضحكون ويلعبون !!



_ حسنا جدا ، وماذا عن العُمّال ؟!!

_ لا تقلق فالتعويضات التي منحناها لهم كبيرة وجيدة ، كذالك قد اتفقنا معهم على راتب سنة لكل منهم حتى يجدوا عملا جديدا 

قد سحبنا 50 % من العمالة وكذالك الاموال حولناها الى رصيدنا هنا !!

يضحك متخيلا لهم وهم مصعوقون وقد فقدوا مغارة علي بابا !!

فعليهم الان ان يحلوا مشاكلهم المادية بأنفسهم فهو بعد الآن لن يرحم احداً!!

يُطيل النظر الى ابن خاله الذي فتح اللاب توب ليريه حجم الإنجاز !!






نهاية المشهد الرابع عشر . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...