الجزء الواحد والأربعين





 

الجزء الواحد والأربعون

بعد عام من الأحداث السابقة !

 

قلب ما عاد يبلغه الصبر ، قلب تقلب في ليلة على فوهة بركان ، كان يأن ، كان يتألم ، كان يموت ، النار تشعل كبده تذوب روحه ، نار تأكل كل حواسه كل جوفه الذي اسود من حريقه ..بل اتخذ من جسد زوجة اخرى درعا واقيا كي لا يشعر ، كي لا يقضي ليله يتخيل، كي لا يكرهها بعد ما فعله ، كي لا يتركها بعدما يلمسها اخاه ، كان قد تقيأ اكثر من مرة ، شعر بالحقارة ، انه اوطى شخص على وجه الأرض ، ما كان من الاساس لتعلقه بها ان يطلقها ، كان من الممكن ان يجعلها معلقة ، اسيرة لباقي عمرها ، يأخذها و يرجعها كلما رأى عليها شيئا ، كلما احس بعار منها ، كلما رماها الى اهلها ، ثم يرجعها حتى تتأدب ، رغم انها بريئة حقا ولم تفعل له شيئا ، قد عرف و اكتشف برائتها ، و هذه البراءة كانت هي خيط العقل الذي يرجعها فيه ، بدونها لم يكن ليلتفت لها مرة اخرى ، كانت لتكون لرجل آخر ، او ربما لـِ لا أحد !

كان سينفجر كان يمارس الحب مع راعيل بلا عقل ، كل افكاره تتجه لهما ، كيف يعاملها اخوه ، كيف يضاجعها ، هل هي راضية ، هل تبكي ، هل تنتحب ، هل تشتم ، ام هل احبت ما يفعله اخوه بها !

اسئلة و افكار كثيرة تتزاحم بشدة تحتاج الى حبة مهدأة ، ربما كان من الاجدر ان يأخذ حبة منومة مفعولها اسرع و افضل من كل ما يفعل! !

الآن هو قد تجهز ، بالأمس تم كتب الكتاب و ها هي الآن ترجع لعصمته ليده لكله ، هذه المرة ستكون آخر مرة لها في حياته ، ستبقى حتى تموت في كنفه ، سيحبها كما من المفترض ان تلقى منه الحب ، سيمنحها عشقا ، سيداويها ، سيبرر لها ، سيمنحها اولادا ، ستنجب منه و ترضى بحياتها معه و ستحبه سيراهن انها لن تخرج منها كلمة كره مرة اخرى في حياتها ، الوقت الذي اعطاه لها كفيل بأن تنسى كل شيء ، هو ايضا كان قد نسي ماعدا شيء واحد .. انها قد نامت حقا مع اخاه !

ولكن اخاه تلك الساعة كان مجبر ، اخاه لم يحب ما فعل ، لربما كره ما فعله بها ، لربما عاملها بجفاف و فتور ، لربما كانت دقائق قضاها معها و غادر ، هو حتى لم يسأل لكم من الوقت بقيا معا ؟!

انتفخ صدره انتفخ كثيرا بالهواء كالبالون الموشك على الانفجار !

استعد لبس تعطر سرح شعره كان يبدو جميل الخلقة يبدو غير متأثر بكل ما جرى معه العام الذي مضى والذي كان عاما حافلا بالمصائب و الاحداث و منها رؤيته موت امه ، اغلق عينه بقوة ، يمحو تلك الذكرى لا يريد ان يرى شيئا ، كل شيء غاب وسط الدخان غاب وسط الروح كانت هناك ملقية جسدها غارق بالحروق تحتضن بين يديها ابنه تاج تغطي فمه بخرقة مبللة وهي لم تنجو امه ماتت محروقة ماتت بذنوبهم ، كان يوما عسيرا كان يوما شبيه بيوم الحشر يرى كل تلك النسوة ، يرى حال زوجته راعيل ، يرى ما كانت عليه ناجية و اولادها ، يرى قدر كل منهن كان يعبر خلال نظره ، وهو كان رجلا ، قد تحمل مسؤوليته ، مسؤولية موت امه وموت زوجة عمه سعيد ، و حال راعيل و فاجعتها بحملها ، ما عاد يرغب في الرجوع للخلف ، انها عجلة مؤذية عجلة تطحن تدهس بلا رحمة هي عجلة الماضي ، وكل هؤلاء صاروا ماض ، ماض يدعو لهم و يرجو لهم المغفرة هذا كل شيء لا يستطيع ان يتعمق اكثر من ذلك والا فسيفقد عقله !

المهم اليوم انها سترجع له عندما دخل على راعيل التي كانت تسرح شعر تاج نظرت له تلك النظرة القاتلة ، راعيل من ساعة الحريق لم تعد كما هي ، صارت هادئة زيادة عن اللزوم ، صارت منطوية ، صارت مطيعة طاعة غريبة ، صارت تتقرب الى الله اكثر ، كانت تعبرها اصوات النساء بالشهادة كانت غائبة ولكن كل شيء كان يصل لسمعها : اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمد رسول الله ، لمرة واحدة في تلك الفوضى عم الهدوء ، النار تحيط بهن و هن قد ركعن لله يتقبلن قدره وقفن حتى عن البكاء تلك اللحظة التي علا فيها صوت امرأة لا تعرف من هي علا جدا حتى اخترق صوتها روحها قلن يا نساء تشهدن يا نساء من مات حرقا فهو شهيد ايتها النسوة ، كانت دموعها تنزل تعبر محيط النفس ، تكررت الشهادة علت الشهادة علت الاصوات صرن يكبرن الله صرن يقلن يا نارا كوني بردا وسلاما ، يا الله كم رات من ايمان في تلك الغيبوبة في تلك الدقيقة ، كانت دقيقة تساوي عمرا ، هن نساءا يمتن و مع ذلك لم يذكرن سوى الله في محنتهن لم يذكرن زوجا ولا ابنا ولا نبيا كن فقط يستعن بالله القادر على كل شيء .. حتى سمعت صوتا كانه انفجارا ثم لم تجد نفسها الا في المستشفى ، كان الاطباء يشرفون على حالتها كان عندها اختناقا ثم هي قد اجهضت لقد كانت تحمل طفلا في احشائها و قد لفظه رحمها من شدة الدهس الذي تعرضت له ولكن تحمد الله ان ابنها بخير ، هي حتى صارت تستغفر لعمتها ماجدة هي تبكي عليها كل ليلة تجهش باكية ، تنهار بين يدي ربها قد ضحت عمتها بحياتها من اجله من اجل تاج ، من اجل ابنها الحديث العهد بهم ، من اجل من هي امه يهودية ، هي لا تعرف ولكنه حق ، ضحت بحياتها و انقذت لها ابنها الوحيد ، هي ممتنة ، هي تصلي لها و تدعو الله في ظهر الغيب ان يرحمها ان تكون في جناته ، كان اختبارا وقد انجاها الله انجاها ليرى كيف ستتعامل مع وضعها الجديد وهي غرقت في التفكير غرقت في كل شيء في كل امر ، حتى صارت تطيعه بلا جدال لا تناقش لا تسأل حتى عندما التفت اليها قائلا بجمود : انا ذاهب لأحضر نجلاء ، نظر للسقف قليلا ثم تابع : ربما لن آتي بها هنا مباشرة !

هزت رأسها موافقة صمتا ، لقد طلق نجلاء بعد وفاة امه وهو يشك ان اخاها هو من تسبب في كل ما حصل تركها هناك مرمية لا يسأل لا يمر لا يكترث ، منذ عام لم تتقابلا ، وطلقها مرة اخرى حين اكتشف انها قد ارسلت تلك الفتاة لا تعرف ما اسمها كي تغويه او كي تسيطر عليه هزت رأسها ، كل الامور معقدة مع رجل مثله ، لما لم تتزوج رجلا بسيطا ، تنتظره فقط آخر النهار يأتي لها بخبز وملح ياكلا سويا يناقشا امور الاثاث الذي يريد تجديدا او الثياب البالية او الاحذية او الاغطية ثم يناما في راحة لا هم على صدورهما ، لا نساء اخريات ، لا علل ، لا امراض نفسية !

خرج و اعطها ظهره ، لم تعد تعجبه راعيل ، لقد خبت ، لقد ذبلت ، لم يعد يرى فيها جمالا ، صارت باهتة ، صارت مطيعة اكثر من اللازم ، لا تتفوه بحرف خارج نطاق الادب ، توميء له برأسها اكثر مما قد يسمع صوتها ، هز رأسه ، يعلم كل ما مرت به ، ولا يعلم الكثير عما في نفسها ربما رجوع نجلاء سيجعلها ترجع مثلما كانت ، سيجعلها تتفاهم مع نجلاء اكثر لا يعرف كل شيء غارق في الفوضى !

خرج و اتجه الى ذلك البيت ، ليس عرسا جديدا الجميع اتفق انه ليس من داع لعرس ، هو فقط سيأخذها و يخرج بها ، لا يستطيع ان يسافر بها لشهر عسل كي ترتاح نفسيتها اكثر ولكنه سيعطها كل ما تريد ، حنانا ، حبا ، راحة ، سيمنحها عشقا ، صار يتنفس بقوة ، هي التي كانت في غرفتها ، قضت شهورا تنتحب فيها ، شهورا اصابها فيها جفافا ، دخلت فيها مرتين المستشفى ، رحمها كان ينفجر ، كان الما مبرحا ، عادت اليها آلامها ، عادت بكل قوتها ولم ترحمها مثلما كانت مراهقة و اكثر ، اعطيت اكثر من ابرة كي تستطيع المشي مع الالم ، قد هاجرتها الروح ، لقد تركها من تحب ، لقد طلقها ، ساعة وصلها خبر طلاقها منه كادت ان تجن ، لم تتوقعه ان يفعلها ، لقد كان رجلا حقيقيا ، رجلا بكل ما تعني الكلمة من معنى لم تتوقعه يتخلى عما هو ملكه عما هو له كي يعطها لرجل آخر ، كانت تبكي كل ليلة ، تنهار ، تحبه ، تعض وسادتها قهرا ، تتحرك في غرفتها بلا وعي ، تستنجد الله ، تخرج تسأل اين هو ذاك الطويل ذو الصوت الغليظ ذو الحب المجيد اين هو ، تضل تمشي في الطرقات تبحث بعينيها ، تضل تدخل المقاهي الخاصة بالرجال تبحث عنه بعينيها ، وفي كل مرة يزداد الخذلان ، وكأنه قد غادر هذا الزمن ، كأنه غادر هذه الأرض ، تضل تستجدي الله كل ليلة ان يرجعه لها ، يا الله قلبي يا الله مكسور مهشم يا الله ، ولا يعرف طريقه سوى ذاك ، ربما نعم ربما ستصل له من خلاله ، ربما سيبوح لها ذات يوم من هو ذاك العريس لليلة واحدة ، لم تقدر ان تذهب للمحكمة لتسأل عن عقد زواجها من رجل آخر لا تعرف اسمه !

انتهى نهارها تنتحب ولا كأنها امرأة ترجع الى زوجها من جديد ، هي لا تعرف لما اصر ان يرجعها ، ما هدفه ، لما من جديد ، هل تعود على اذلالها ، هل اختفت النساء من حوله كي يتسلى بها ، ماذا يريد منها بالضبط !

لم تلبس كما ينبغي ، كان فستانا اسودا عاديا ، نعم اسود ، ماذا يتوقع منها فستان زفاف ؟!!

لم تضع عطرا كانت كأنها موؤدة ، لقد قتلوها و دفنوها ، دفنوا الروح وهي تتفرج كانت تتفرج ، لم يكن لها موقف ، كانت قادرة ان تذهب للمحكمة و تخبر كل شيء عما يفعلوه بها ، ان يبيعوها و يشتروها و يحللوها لرجل لليلة واحدة ثم يرحل هكذا تاركا اياها !

التقطت نفسا ثم ارتدت حجابها وخرجت له نزلت و تركته يتبعها ، دخلت سيارته وهو ركب و انطلق ، لا تعرف كيف اصبح لا تريد ان ترى فكل الملامح قد غابت وسط ملامح ذاك في العتمة ، كل الحب قد غاب وسط قلبها المليء بحبه في وسط العتمة ، صوته يملكها يحاكيها تبكيه بل صارت تجهش باكية الآن حالا .

كان يسمع وكل بكية منها تنزل كالسهم على صدره ، لما تبكي ، ان كان بدايتها هكذا فهو امر غير مبشر من ناحيتها

هم حتى لم يأخذوا رأيها مرة اخرى ان كانت تريده ، زوجّها اخوها بلا علم منها بشهادة صحية مزورة !

كانت فقط تتكيء على الزجاج جانبها لا ترى سوى دموعها تمسح انفها في خمارها

حتى عندما وصل الى اول مكان قد داسته قدمها ذاك العام ، فتح البوابة ، كان الوقت ليلا ، اظلمت الدنيا ، السحاب فوق راسهم ربما ستمطر ، صوت ريح خفيفة صوت الموج ، رائحة البحر ، لم يعد في هذا المكان ذكرى ، لقد جاءت له مضروبة مهزومة مغصوبة ، وخرجت منه الى قصر امعن في اذلالها وهي بين كل ذلك دُعست بين الاقدام !

نزلت بلا اي كلمة منه دخلت الى حيث هناك الى تلك الغرفة المقابلة للبحر كانت لا زالت تلبس كل ثيابها تقف هناك لا يحرك شيء فيها اي شيء حتى سمعت خطواته خلفها ، كان عطره يسبقه وقف خلفها وكل قلبه يرتعش لها ، تسبقه اللهفة الجبارة لجسدها ، لعينيها لروحها لصوتها ..لها كلها التي هجرها..بإرادته بكل ما فيه حتى جاءه صوتها : لما ، لما ارجعتني !

كان صوتها مقهورا محسورا غير راغب بلا حماس هو فقط سؤال تريد ان تعرف.. الم يصفها بالفاسدة وانها نامت مع اكثر من رجل ، ما الجديد مالذي تغير لا تعرف !

كان يتنفس بهدوء ، كانت يده ترتعش ، نعم هو الزين يرتعش امام امرأة يتلهف لها : نجلاء تعرفين انني رغبتك و كل طلاقي كان غضبا منكِ ، لقد تجاوزتي حدودك كثيرا معي خصوصا عندما ارسلتي تلك الفتاة لي !

كنت في كل مرة اريد ارجاعك ولكن كان هناك سدا بيني و بينك وانتِ لا تجهلين لما !

صرخت صرخت بكل ما فيها وهي تحرك يداها ، كان صراخها تحمله الريح يموت وسط الموج : نعم نعم لقد طلقتني بسبب انني لم اكن عذراء هذا هو السبب الاول والاخير ، لقد قلت انني فاسدة قلت انني نمت مع رجال بلا وعي ، هذا هو السبب الاساسي هذا هو فلما مالذي غير رأيك ، انت نفسك قد دفعتني لان انام مع رجل لليلة واحدة كي اعود اليك ، وضعت وجهها بين يديها تندفع بالبكاء كلما ذكرته ينهار قلبها لذكره تريده تريد حضنه ، انا لم اعد انفع لك انا لم اعد اريدك ولا اريد مالك ولا اريد اي شيء منك ، انت تدفعني دفعا لان اقتل نفسي دفعا !

لم يتوقع ان تكون الليلة لتصفية الأمور بينهما ، لم يتوقع هجومها هذا ، كان يعتقد انها ستكون الطف ، افضل ، ان يجلسا سويا ويحلا مشاكلهما العالقة ، ولكنه هو نفسه في قرارة نفسه ، لن يتنازل ، لن يظهر نفسه مخطأ ، لن يقول انه قد ظلمها ، لا يستطيع ان يعتذر ، هو فعل كل ذلك كاعتذار اصلا ، لما لا تفهم ،  تنهد بقوة و جلس على السرير : نجلا ، انا اريد معكِ بداية جديدة

قاطعته بحدة ، بقوة : ولكن القديم اين اذهب انا به اين ادفنه لم يعد في روح لم يعد لدي قلب ، لقد تلاعبت بي ، طلقتني اول مرة مثل الكلبة ، ثاني مرة رفضت عودتي بعد موت عمتي ، ثالث مرة وانت تتعامل مع قطر الندى ، وكل ذلك لا شيء ، تريد بداية جديدة ... لما ما هدفك .. مالذي تريده مني انا لست اجمل نساءك ، ولست اصغرهن بل انا اكبرهن سنا ، حتى انني قد لا احمل طفلا في رحمي في حياتي فلما تصر على وجودي ، زين انا لا احبك لا احبك لم اعد استطيع ان اراك او ابقى معك ، اعتقني لوجه الله ، انت صرت تخرج لي مثل القدر كلما تحررت كلما سحبتني اليك !

كل كلمة تنزل مثل الزلزال على قلبه ، لا ، لا يحتمل كل هذا التحامل كل هذا الكره : المرة الثانية طلقتني بلا ذنب ، طلقتني بجريرة جريمة قد يكون اخي من افتعلها ولكن في النهاية كانت تلك الجريمة من تدبير ابن عمك ، ورحت انا بين الارجل ، اعترف لنفسك مرة انك مخطيء !

سرح شعره بيديه وجهه كان مسودا لم يتمنى لليلة ان تكون هكذا اول ليلة تجمعهما بعد فراق بعد عام : نجلاء اجلي كل تلك الاحاديث ، كل تلك الافكار في رأسك و زحمتها ، انا لم افعل شيئا لأعتذر عليه ، كل شيء كان واضحا !

وضعت كفيها ببعضهما البعض تتوسله بصوت ميت صوت خفيض : اعتقني لوجه الله اعتقني ، لا اريدك ان تلمسني ، هذا المكان يطبق على صدري ، لقد حاولت مرة قتلي هنا ، لقد اجرمت في حقي في كل مكان تملكه ، ما عاد لي طاقة في الصراع معك لقد تعبت ، لقد كانت اسوأ سنين حياتي اريد محيها اريد ان انهيها ان افصلها عن كل عالمي حتى عن الفترة التي كنت فيها مريضة نفسية افضل مما اشعر به الآن !

صار يتنفس بقوة وجهه يسود اكثر عن ذي قبل يكاد يدمع يبدو ان طريق العودة الفعلية معها مسدودا .. هي غير قابلة للتفاهم ، وان باح ، ان قال لها عن الحقيقة ستزداد الامور سوءا ، تلك الساعة قد يخسرها فعلا .. هو اصلا قد خسرها ساعة سلمها ليد شقيقه ساعة جعله يضاجعها كزوجة هو قد خسرها للأبد!

قام من مكانه يتحرك باتجاهها قد كان عازما مصمما سيكسر فيها تلك المشاعر الثائرة ضده ، قد فعل يوما وسيفعل مرة اخرى ، لكنه لا يعتقد ان عديد المفاهيم قد تغيرت ، ان قلبها ليس عذريا كما سبق ، قلبها لم يعد ملعبا للتلاعب به و التخبط ، قلبها اتخذ قرارا لا رجعة فيه !

وقف خلفها مباشرتا كان جسدها يقشعر قرفا وهو يرفع خمارها و حجابها عنها ، كانت حتى لا تريد لمسه تهمس من بين شفتا مقتولة و عين مغلقة : لا تلمسني لا تلمسني انا اقرف منك لا تلمسني

يا الله كيف يستطيع حتى الآن ان يقف و يسمع لم يعد يستطيع لن يقدر على ان يسمع منها شيء منفر اكثر من ذلك .. تقرف منه .. تقرف منه هو لما !

كانت تضغط على اسنانها بشدة وهو يلف و يواجهها ، يرى وجهها الباكي وجهها العابس ، ليس هناك من مظاهر زينة و لا حتى حلي على جيدها ، هذا ليس منظر عروس ابدا رفع كفه الى وجهها ولكنها انحنت بسرعة البرق صارخة بقوة بهياج تتحرك في الغرفة مثل المجنونة : قلت لك لا تلمسني لا تلمسني لا اريدك اقرف منك لا اريد ان انام معك ابتعد ابتعد والا فوالله سأغرق نفسي وسط هذا البحر

كان غاضبا وهي غاضبة غاضبة جدا وهو يتحرك في اتجاهها يظن في كل مرة ان خطة الحب ستنجح معها ، ان لعبة الجسد ستركعها ولكنه مخطيء

حتى حين رفعها بين يديه بكل غلظة و جمود ، كان يريد ان ينتقم لرجولته منها ، ان ينتقم لكرامته التي مزقتها حالا منها رماها على السرير هي التي جمدت في مكانها تنتحب لا تريده دموعها تنزل على وجهها مثل المطر : لن تنال شيء برغبتي ، لن تنام معي وانا حرة انا حرة ولكنه لم يسمع وهو يجردها من ملابسها لابد للعروس ان تخضع لزوجها من اول ليلة هو لن يؤخر كل ذاك ، لقد تعلم من اول مرة ، كان حبا من طرف واحد كان يقتحم جسدها ويقتل الروح فيها ، كانت تبكي بين يديه كانت تدفعه وهو لم يكترث ، ترفسه ، تضربه ، حتى تبصق عليه ، كانت تغطي شفتيها بيديها تستميت كي لا يعطها قبلة تقتل قبلة ذاك وطعمها في فمها ، كانت تقاوم تحارب هذا ليس عدلا يا الله ليس عدلا ، انه يغتصبها يغتصبها لا تريد لرجل بعد ذاك ان يلجها ..رحمها لن يحتمل لن يحتمل سينفجر ولكن في عرفه هو زوجها هذه اللحظة هذه افضل وسيلة مع المرأة الناشز ، ان لم ترد هي حرة ولكنه هو يريد ، هو سيرجعها الى عقلها معه ، كان يحاول ان يمسك برأسها بين يديه وهي تنفر تتمنع تبكي لم تكف عن النحيب صوت بكاءها كان موجعا كان عاليا وهو كان يقطف ما يستطيع قطفه بلا رغبتها بلا متعتها كانت عبارة عن جسد ، دمية للبيع ، استغلها فعل فعله بها ثم تركها ، تتخبط على السرير تموت من قهرها ، تشق المفارش بأسنانها تصرخ من جفول : والله لن تنالني يوما راغبة والله ، تريد اغتصابي اغتصب مثلما تريد ، انا لن اكون طيعة بين يديك ابدا ابدا رفعها بقوة وكل جسده شرار منها كله رغبة في ضربها لقد مسحت كرامته لقد مهزلت به يرفع رأسها بقوة يتهدل شعرها يلتصق بدمع وجهها كانت عيناها منتفختان ثغرها محمر انفها يسيل : نجلاء لا تجبريني على القسوة معكِ ، اطيعيني فوالله كلمة اخرى منك و اضربك

جمعت الغطاء حولها لا تريده حتى ان ينظر الى جسدها : اتركني ابعد يدك عني انا لا اطيقك اتركني افضل لك حتى لا تنقلب حياتك الى جحيم.. معي لن تهنأ لن اتركك تهنأ فوالله في قلبي ثأر لن يسدده غيرك !

وضع كلتا كفيه في قبضة عند فمه مقهور منها مقهور ترك لها الفراش و تحرك الى الخارج يقابل البحر بل تقدم و غطس فيه وصار يسبح بقوة وبعنف يريد ان يفش غليله ان يسقط كل قهره هنا وان يرجع الى تلك الغرفة هادئا لا يريد ان يثور هو ليس وقت ثورة ، سيتفاهم معها سيريحها ويريح قلبها ، هو لديه نية الحب ، لديه نية ان يجعلها ام اولاده هو يحبها يحبها ولكنه لا يستطيع ان يعترف لها لا يقدر!

وهي التي غرقت فيه ، فرق شاسع بين السماء والارض ، معاملته معها تختلف مع معاملة ذاك معها ، حبه يختلف ، رقة ذاك الغريب ، طريقة حبه معها ، جسدها الذي طاعه ، شفتاها التي بحثت عنه برغبتها ، هي لم تجبر اي شيء فيها معه ، هي كانت طوع يديه اتته راغبة بنفسها حتى بلا اغواء ، هو لم يفعل شيئا لم يغرها لم يتحرش بها ، كانت حرة في التعامل معه ، بل جعلها تتحكم فيه ساعتها ، هو واين هو .. حبيب العتمة اين هو !

كان شقيقها يقود بها السيارة عابرا بها المدينة ، ترتدي تلك الثياب السوداء المهيبة ، مهيبة من فوق ، و من تحتها كان فستانا عاريا لم تكن او لتفكر يوما انها سترتديه ، ولكنها الليلة تفعل ، ستفعل كل ما لن يخطر على البال ، ألم يتفقوا ان يبيعوها وهي قررت ان تحلل هذا البيع ، هم باعوا وهي قد اشترت ، العين بالعين و الجروح قصاص ، و الجروح هنا كانت اكبر من ان يكون لها اي قصاص يرضي الروح التي هُشمت بأيدِ الرجال ، بيده ذاك القواد و بيد شقيقها القواد الآخر الذي بدأ يتاجر بشقيقته ، هي لم يعد في يدها حيلة ولا قدرة على مجابهة هؤلاء الرجال ، الشكل الوحيد لمجابهتهم هو ان تكون مثلهم و اوسخ منهم او ان تخرج من حياتهم نهائيا و نهائيا قد جربتها سابقا و مرة قد لا تنجح و لكن مرة قادمة ستتبع نصائحه في الموت ، ألم يقل لها ذات نهار ان ارادت الموت فلتنتحر بلا اي حيل رخيصة لانقاذها؟ .. وهي كذلك ستفعل ، اما ان ترمي نفسها من طابق شاهق العلو او تحرق نفسها و هي تدور حول النار او تطلق رصاصة بلا تفكير لثانية واحدة الى رأسها ، ولكن من الذي يستحق ان تخسر آخرتها من اجله ؟!! ولكن مع كل ايمانها هي لم ترى الله حتى الآن ، الله لم ينظر لها ، لم يساعدها لم تنجو ولو بمحض صدفة لما يفعلونه بها و يخططون له ، الحياة تجري و تدهس كما تحب و هي تحت الشباشب بلا رحمة تُداس و تُسحق و تسكت و تبلع

الى ان وصل الى وجهته اوقف السيارة و الليل كان قد دخل ،القمر في كبد السماء و الهواء عليل و الجو بديع حتى انها ليلة مثالية للزواج من رجل لليلة واحدة ، رجل سيقفل عليها وعليه بابا لليلة واحدة ، سيضاجعها لليلة واحدة ، و يفش غليله الجنسي في جسدها لليلة واحدة ثم تنتهي الليلة و يطلقها !

كادت تضحك مع نفسها بل صار الضحك يجلجل في كل خلية في كل قطرة دم تعبر الشرايين و الاوردة المتجلطة سلفا ، صارت تجلس هناك ساكنة تنظر للسماء ، لا يوجد اي اشارة ان احدهم سينقذها في ليلتها هذه ، يبدو انها ستسير كما خططوا لها !

حتى سمعته يقول : قد اخذتي حبوب منع الحمل !

اغمضت عيناها تكتم صرخة كظمت غيظها ، ابتلعت شفتيها ، يا ل.. عهرك يا اخي ايها الفاسق ايها المجرم في حق الاخوة في حق الرحم في حق الدم في حق كل اسم جمعنا سويا صار اليوم مجرد اسم على ورق ، صار رسما بالبيع !

نعم نعم يا اخي لقد ابتلعت طنا من حبوب منع الحمل لرجل سوف يضاجعني لليلة واحدة !

ولكن انا سأنتقم لنفسي فيه سأفعل وسترون !

خرج من السيارة هي التي فتحت الباب و خرجت خلفه تجر اذيالها ، اذيال كثيرة لا تُعد ، الخيبة ، الحسرة ، الخذلان ، الشرف ، العفة ، الكرامة و يالله لائحة لا تنتهي وان نوت ذكرها كلها لن تكفي حتى ساعات مضاجعة رجل غريب لها لليلة واحدة !

صارت تمشي نعم ستفعل ستمشي حتى آخر ممر للعبور الى تلك الجهة ، الى واجهة حلوة جميلة ، تسمى محلل الزواج.. رجل لليلة واحدة ، ذو بطن كبير و رائحة مقرفة و انفاس دائخة ربما قد شرب خمرا حتى ارتوى بطنه ربما دخن حشيشا حتى يستطيع ان ينتشي في تلك الليلة الواحدة التي وُعد بها مع امرأة جميلة سيحطمها بين ذراعيه ، رجل سيضل يدخل و يخرج من فرجها حتى يرتوي !

نعم سيفعل واي رجل تُعرض عليه امرأة حلال لليلة واحدة ولن يفعل !

لعنك الله ايها القواد

لعنك الله يا صديق !

حتى وصلا الى هناك الى شقة في اعلى هذا البرج ، فتحها بمفتاح عنده و ضلت الاضاءة مقفلة ، قال بأمر ، في آخر الممر غرفة النوم تدخلي هناك و تجلسي على السرير ولا تفتحي الاضاءة .. اعتقد اصلا انه قد اطفأ الاضاءة تماما على الشقة ، على كل حال نصف ساعة و يصل الرجل ، عند اذان الفجر سآتي لأخذك !

دفعها الى الداخل مثل الجارية مثل السفيهة الضعيفة التي ستفعل ستجعل رجل يغتصبها لليلة واحدة رجل باطار شرعي يسمى زوجها لليلة واحدة يحللها لرجل غيره لليلة واحدة .. يا الله كيف استطاع العرب و المسلمين ان يتحايلوا على قانون الزواج على الشريعة على كل اصول العرف و الدين على الميثاق الغليظ بشيء يسمح لهم بفعل ذلك .. محلل !

صارت تتحسس طريقها الى هناك الى آخر الممر صارت لا تتنفس هي صارت.. ميتة قلب.. ميتة عقل ، اتجهت الى هناك وجدتها ، الغرفة التي لا ترى من معالمها شيئا ، هناك فراش قال ، نعم هو ذاك المكان الذي سوف سيضاجعها عليه زوجها لليلة واحدة ، صارت تهز رأسها تهزه بشدة حتى صار يتخلخل عن رقبتها ، جلست هناك عتمة في عتمة ، عتمة ثيابها مع عتمة الغرفة والجو و الليلة ، قامت ثم خلعت العباءه و الخمار وصارت وحتى في الظلمة بكامل جمالها ، فستانا ابيضا عاري الكتفين الا من خيطين رقيقين يضغط على نهديها يفصل خصرها و ردفيها و يمر على فخذيها برقة و ملمس حريري جميل حتى ركبتيها ، شعرها ينسدل حول وجهها بحلاوة و وجهها مزين بأجمل زينة و تعطرت و احسنت اختيار العطر ، ترتدي حذاء عال ابيض اللون كانت لو هناك اضاءة ستطيح بقلب ذاك عديم الرجولة الذي سيضاجعها بشروط طليقها لليلة واحدة !

صارت ساعة تجلس و ساعة تقوم ، ساعة تقضم اظافرها وساعة تهز ساقها ، فقط تنتظر والانتظار يقتلها يهرسها !

حتى سمعت صوت مفتاح في قفل الباب ، كانت ترتعش ابتدأ جسدها يستوعب الذي سيحصل حتى ترقرقت عيناها بشدة وهي تقضم شفتيها بحسرة ترفع رأسها للسماء تدعو في سرها يا الله ، صارت الاقدام تتقدم ، وقلبها يكاد يتوقف عن الجري ، رهبة و خوف شديد احاطاها هو الذي وقف هناك على الباب لا يرى شيئا ، فقط يسمع انفاسا متلاحقة

تقدمت قدماه وكأنه يرى سبيله حتى جلس على السرير جانبها اهتز به وبثقله

اول شيء وصلها هي رائحة عطره كانت قوية مسيطرة جميلة ، كانت انفاسه ثقيلة كأنه هو الآخر لا يتنفس ، حسنا هو على الاقل لم يقفز عليها من فوره ، لم يجذبها ويخلع عنها ملابسها بلا رحمة و يرمي بها على الفراش مستعجلا ان يضاجع تلك الزوجة المحللة !

تريد ان ترى ان تنظر تستغرب جموده ، لا وقت لديه ..عدة ساعات هو الرجل عليه ان يستغلها ان يستعملها بكل رحابة ، كانت فقط تسمع انفاسه التي ينفثها بكل حرارة حتى سمعت صوته اشتعل جسدها اشتعل حتى ارتعدت بقوة رعشة صعدت من عمودها الفقري وحتى عنقها حتى وقف شعر جسدها تقشعر جلدها : ما اسمك !

غضنت جبينها بقوة ، كيف ؟!! ألا يعرف حتى اسمها .. رفعت يدها الى فمها تكتم ضحكة .. كيف تزوجها ان لم يعرف اسمها ؟!! ماهذه المهزلة !

صارت تتحمحم كانت ثابتة واثقة لن تهتز : نجلا!

سمعت همهمة من حنجرته وهو يقول : اقتربي يا نجلا !

يا الله لما صوته مخيف ، عميق ، شديد الغلظة ، غاوي !

اقتربت دون ممانعة اقتربت كثيرا حتى كادت تلتصق بجسده ، لم يلتفت عليها بل كان جانبه فقط لها وهي تلامس ذاك الجانب بجسدها الصغير ذاك : كان يحرك يده في كل مكان من جسده كأنه يبحث عن شيء ولكن في النهاية كفت يداه عن البحث و استقرت في مكان ما لا تراه !

كانت تشعر بجثته ، كان طويلا ، عريضا ، انفاسه تجتاحها من علو ، حرارة جسده تعبرها و جسدها يستنشق تلك الحرارة و يملأ بها مسامه رائحته ازكمت انفها من شدة حلاوتها : هل تعرفين باولو كويلو يا نجلا!

هذه هي المرة الثانية التي تغضن فيها جبينها استغرابا وهي تلوي شفتيها ، ما هذا الرجل الغريب !

ابتلعت ريقها تجيب : اعرفه !

كان صوتها ونغمته هادئا جميلا لطيفا : ماذا قرأتي له !

رفعت كتفيها لفوق لا تعرف .. إلاما سيقود هذا الحوار ! : قليلا.. قرأت قليلا من رواياته لما السؤال !

في الحقيقة كانت تستمتع بكل شيء يقوله تستمتع بذاك اللقاء الغامض بتلك الحالة المتفردة التي تعيشها هذه الساعات ، بالنهاية لم يكن شخصا سيئا ، لم يكن مجرما ولا مغتصبا ولا صائد فرص ، يبدو انه انسان محترم و مثقف : ماذا قرأتِ له بالتحديد !

همم عددت على اصابعها : الخيميائي ، الشيطان والانسة بريم ، الزانية !

في هذه اللحظة يريد بشدة ان يشعل سيجارة : لم تقرأي احدى عشر دقيقة !

هزت كتفيها كأنه يراها وهي تهز رأسها برفض : لا لم اقرأها ، لما !

كان يلقي بكلماته في الهواء ، كلمات صماء ، ميتة ، بلا روح ، كلمات واجب لا اكثر ، لا يبدو متلهفا الى فعل ما يفعل ، لا يبدو شغوفا ، لا تدري لما شعرت بالحرج ، شعرت انه مجبر على القدوم وعلى هذا الزواج الشكلي لليلة واحدة ، تستطيع ان تشم رائحة نفور منه نعم تفعل هو غير موافق على هذا الزواج مثلها تماما : يقول باولو كويلو يا نجلا .. ان العملية الجنسية ما بين .. الجوع و الاكل و الشبع هي احدى عشر دقيقة لا زادت ولا نقصت ، هذه الليلة هي في يدك ، هل تريدينها في احدى عشر دقيقة ام تريدينها غير ذلك !

كانت كل كلمة هي قرع اجراس في عمق الروح في عمق الجسد ، صفارات انذار ، هي راحة نعم يعطها حريتها بالكامل مالذي تريده ، اقترح وهي ستتلاعب بهذا الاقتراح وهي تقوم واقفة امامه تماما تماما ..بل اضطر ان يفتح ساقيه كي تنفذ بينهما الى حيث وجهه كانت العتمة بينهما ولكنه يسمع طرق قلبه عاليا عاليا جدا حتى اغمض عينه صار صدره يعلو و يهبط لا يدري لما.. ينفث انفاسه بقوة هذه الانفاس التي غزتها في وقفتها و عطرها يجتاح كل كيانه منذ ان دخل الغرفة.

صارت تهمس له قريبة جدا من وجهه تريد ان ترى لمحة ان ترى عينا ان ترى نظرة ان ترى شيئا ، كان التصميم و الاغواء في صوتها ستمارس عليه اغرائها ستفوز بجولة مع ذاك الجسد الذي يستحل ليلتها : اريد الليل كله ، اريد ان يسمع صراخي كل المدينة ، اريد ان يسمع طليقي و يتخيلني بين يدي رجل آخر ، اريدك ان تشبع زوجتك لليلة واحدة ، انا قررت ان اجعلك ذكرى تقهر روحه تدمر شرفه ذكرى لن يقوى على ان يراني فيها ، رفعت كفها الدافئتين المعطرتين الى وجهه : ستفعل !

لم يستطع ان يتحرك ، كان جامدا ، حتى غزت شفتيها شفتيه لا يعرف لما ..لا يعرف كيف ..هي اندفعت تريده نعم تريده احبت صوته احبت لغته احبت ثقله احبت كل شيء فيه ذاك الرجل الذي لا تراه ولا يراها ولكن ستراه بالشفاه ستراه بالاصابع ستراه و ستكتشفه ، هي ليلة واحدة احضروا لها فيها رجلا فاحش الرجولة و يريدونها ان تصمد ما هكذا تحل امور الرجوع يا زين ما هكذا.. لقد اطلقت الوحش داخل النجلا !

افتكت نفسها من بين شفتيه تهمس : ألم تحب !

صارت انفاسه تعلو تعلو بقوة كانت كأنفاس غضب.. غضب جامح ..غضب كاسح.. حتى وجد يداه تمتد تقطع ذاك الفستان الذي ترتدي ذاك الفستان الذي تزينت به ليلة عرسها من رجل لليلة واحدة لم تسأل حتى عن اسمه لم ترى عقد زواجها منه فقط وقفت امامه عارية و ازاحت باقي الفستان من بين ساقيها فيما كان يرفع يداه الى عنقها يتحسسه حتى عضت شفتيها بلذة صار يلمسه يداعبه بيده رفع ساعده الى شعرها لم يرى في نعومته لم يشعر بأشد منه جمالا كأنه الحرير بين اصابعه كان شلالا عذبا.. الى ذقنها يمسكه بأصابعه يداعبه برقة رفع اصبعا الى شفتيها يجري به على بروزهما و غلظتهما الى خديها البارزين الى عينيها و اهدابها كان كأنه يرسم لها صورة ستعلق في مخيلته ، كانت تأن من كل لمسة منه انه يشعلها رويدا حتى نزلت يداه الى كتفيها الصغيرين يتابع نزوله الى نهديها كان بروزهما لذيذا كنهدي طفلة للتو بلغت حتى قرب وجهه منهما يقبلهما بلهفة .شفتاه و ملمسهما على جيدها ، انفه وحركته و اهداب عينيه التي ترفرف فوق جلدها ، كل وجهه منغمسا بين ثناياها..كان يستنشقها كمن كان في قبر وخرج حيا يستنشق الهواء يعبه عبا في رئته ..هي التي مال جسدها بين ذراعيه تغلق عيناها و جسدها الصغير يستمتع و يتجه لذاك الرجل يريده.. جسدها يريده.. كان مطواعا بين يديه منجذب له بقوة و نشوة ..صارت تتأوه وهي ترفع يدها الى شعره تغرز اصابعها فيه ستتحرر هذه الليلة ستفعل كل ما تريد معه ستمتع نفسها لليلة واحدة في حياتها ستعيشها ولن تعيش مثلها بعدها... ستعطي هذا الرجل كل ما لن تعطه لذاك.. هو الذي كان غارقا بين نهديها و يداه تتحسسا ظهرها و تعتصر ردفيها ثم فخذيها ثم ما بين فخذيها يلمس نعومة جلدها يتحسس دقة خلقها صغيرة جميلة لذيذة ناعمة رطبة ..حتى دفعته بقوة على الفراش وقع على ظهره و تسلقته بكل جرأة تفك له ازرار قميصه واحدة تلو الاخرى هو الذي كان يبتسم في الظلمة يعض شفتيه و ينتفخ صدره بلهفة نزعت عنه قميصه وهو ساعدها في هذا لقد بدأ بالفعل يستمتع وقلبه يجري كركض الخيل في البرية حين فكت له زر بنطاله و سحبته له الى اسفل ساقيه كانت لا تزال ترتدي حذائها العالي همست ببحتها : اعتقد انك تستحق اكثر من احدى عشر دقيقة !

صارت اصابعها تداعب جسده ، عضلات عضده ، تشعر بقوته تحت كفيها ،اغلق عينه لما تفعل حتى اشتركت شفتاها مع فعل اصابعها تقبل عنقه و صدره حتى وصلت الى سرته وصارت كأنها تعزف مقطوعة موسيقية خيالية على جسده الذي انتفض الذي استفاق الذي هاج صارت ساقيها تعبرانه كراقصة باليه محترفة يتماوج جسدها فوق جسده تخترق يدها البوكسر الذي يرتدي اغمض عينيه بشدة عض شفتيه لقد وصلت ان تثير فيه اللذة حسنا هو الآن مستعد لها تماما حتى امسك بردفيها بين يديه بشدة قلبها وصارت تحته تعرض شفتيها عليه : ألن تُقبلني !

: القُبلة خطيرة يا جميلتي ، القُبلة روح لهذه الليلة وانا لن استطيع ان اعيش بعدها لن اقتل الروح ، دعي الجسد يتفاهم فقط.. ارى ان بيننا انسجام وانتِ لا تمانعين حرية الحب !

شدت رأسه اليها تعض عنقه : افعل ما تشاء ..ما تحب ..بيننا وعد ..انا الليلة لك حتى آذان الفجر !

تعالي اذن.. جذبها بقوة اليه الى صدره تعلقت في عنقه و ساقيها حول خصره كان في روحها تحديا و قد تهيأت تماما له ولكل ما سيفعل تنتظر منه ما يسرها هذا الزوج لليلة واحدة والذي لا تعرف هويته ، جميل ان تفقد عقلها مع غريب برسم الحب ..غريب برسم الزواج ..جميل ان يعبرها جسد رجل في العتمة ..فقط روح ..شيء لا يعتمد جمالا ..ولا محبة.. شيء فقط يتبع الغريزة ..كانت صغيرة على جسده هو الذي قام بها و الصقها على الجدار حتى عندما ولجها صرخت صرخة عالية صرخة انثى بين يدي سيدها و رأسه بين عنقها يقبله بقوة بلهفة كان متحكما بارعا في جسدها الصغير هي التي تاهت ما عادت تعرف مالذي يُفعل بها كانت اللعبة بينهما حامية الوطيس ، لعبة على اللهب كانت تتأوه تصرخ تعض و تضرب ظهره وكانت يداه تداعبا نهديها بكل قوة قد اثار فيها كل جسدها تلك العروس لليلة واحدة والتي على ما يبدو ان زوجها لم يضاجعها كثيرا فهي تكاد تكون عذراء كان جسدها يهوي في لذة سحيقة في عمق غريب من العلاقة تشعر بشيء لم تشعره سابقا شيئا يغزو كل كيانها شيء يتحرك وسط رحمها شيء يجعلها تصرخ تصرخ تصرخ حتى رماها على الارض يتقلب بها هي التائهة حتى صارت تصرخ فيه تضرب له صدره و ذراعه ضربا مبرحا ضربا حقودا كانت تدمع تبكي من شدة لهفتها : يكفي يكفي مالذي تفعله بي يكفيييي جذبها الى صدره بقوة : قلتي ان احدى عشر دقيقة لا تكفي سنجرب الى كم من الوقت ستدفعين ثمن هذه الليلة يا جميلتي كان يلهث بقوة و عنف في وجهها انفاسه الحارة تتدافع فتدفعها الى ان تتمسك بعنقه اكثر ان تتشبث به كما تتشبث بالحياة فما يحصل في جسدها شيء لا يعقل تشعر بالنشوة تشعر بالراحة تشعر بلذة غريبة وكان جسدها يهتز بين يديه كانت الارض تدور بها دخلت عالم خيالي واسع عالم هو سيده وهي عبدته فيه نعم لهذه الدرجة تشعر ان ممارسة الحب كانت غاية واصبحت حبا !

هو حتى لم يتعب قد كان مريدها كان قد احب ما تريد منه فعله بها.. كانت شجاعة كفاية كي تعرض نفسها عليه وهما يعرفا وضعهما لهذه الليلة لم تكن خائفة لم تنتكس لم تهرب لم تقل ضاجعني لدقيقة ثم اتركني حللني فقط ثم غادر ، لا هي تريد كل شيء و هو سيعطيها كل شيء ، اذا كان في يوم سينافس رجلا على شيء فهو سينافس طليقها عليها في الفراش

سيجعلها تتذكر كل فعل فعله وكل حب اعطاه ماعدا القبلة !

كلما خمدت ثورتها كلما ايقظها من جديد وكأنه رجل حديدي وكأنه قد اقسم ان يجعل نفسه في كفة و كل الرجال في كفة اخرى حتى كان قلبها يذوب بين يديه كانت تتعلق به مثل الغريق كان يدور بها البيت ، ضاجعها على الطاولة و على الاريكة و على الكرسي و على الجدران وعلى الفراش و على الارض كان لكل مكان هنا ذكرى لها معه ، كانت لعبة وهما تشاركا هذه اللعبة تشاركاها بكل لهفة و بكل عزم و بكل صدق نعم فعلا لا يدري لما يأبى ان يتركها ، لا لا يريد تركها ، يريدها في حضنه هكذا تبقى حتى يتذكر انها عروس لليلة واحدة حتى ارجعها الى السرير و ارتمى كلاهما بجانب الآخر هو ليس متعب ..فقط ينظر للسقف المعتم وهي غارقة فيه قد غرقت حتى تكاد تبكي تريده تحبه لقد احبته لقد عشقته لقد منحته نفسها و رغبت.. كانا متلاصقان وكل يفكر في الآخر : لا تطلقني !

غضن جبينه بقوة وهي تكرر : لا تطلقني ابقى معي لنغادر هذا المكان و نختفي !

كانت عيناه تسود بشدة حتى اغمضهما.. في نبرتها حزن ..عبرة.. بكاء : لا تتركني !

ولكنه لا يقدر ما بينه وبين طليقها عهد ، وعد ، عقد ، لا يستطيع ليس بهذه البساطة حتى ارتمت بكامل ثقلها فوقه وجهها في وجهه جلدها يلتصق بجلده اغلق عينه بقوة كانت تداعب شفتيه : اريدك الساعة وكل ساعة الآن وغدا وبعد دهر ، لا تتركني لا تطلقني انا غير راغبة في الطلاق ستقتلني ان فعلت اريد رؤيتك رؤية وجهك عيناك اريد رؤية كل ما المس لن تكون هذه الليلة حسرة لباقي عمري ، لا تجرم في حقي ، انت هنا زوجي و لي حق فيما اقول !

همس في شفتيها : قد تنسجمي معي في الفراش ولكنني غير واثق انك ستنسجمي معي في الحياة ، انا غريب على هذه الدنيا يا نجلا ، بيني وبين طليقك عهد ولن اخلفه ، بيني وبينك ساعات و انتهى الامر لن ابقى سأذهب و اشهر قليلة و ترجعين الى عصمته ، كوني في كنفه افضل من حياة التشرد التي اعيشها !

كانت قطرات عينيها تنزل حارة على كتفه تهز رأسها بأسى ، بشدة : انا لا اريده ، لا اريد رجلا يذلني وانا جارية عنده ، امسكت بوجهه بين كفيها ترجوه بلهفة : عائلتي لديها المال نهرب معا و نعيش سويا بعيدا عن هنا حتى بدون مال انا مستعدة ان ابقى معك : ما اسمك اريد ان اناديك باسمك !

رفع كفيه يمسح دموعها : نجلاء قد اتيتي هنا وانتِ تعرفين الاتفاق الذي بيننا لن يتغير شيء قلت لكِ ، سترجعين الى طليقك لأنه يحبك لولا انه يحبك ما كنت انا هنا احللك له !

همست بقهر : انت تدري انه حرام ،لا يجوز النية لا تجوز ، تحليلك له حرام ، ورجوعي له بعدها حرام ، تعرف ذلك في صميمك تعرفه ولكن تخدع نفسك و تصدق تلك الكذبة ، كل ما يجري اليوم و ما سيجري بعده لا يجوز وانا سأدفع ثمن كل ذلك !

كانت يده تجري فوق شعرها يا الله ما اجمله ما انعمه احب انفاسها يتنشقها بلهفة ما اطيبها رائحتها مثل النعناع منعشة لذيذة ملمس جلدها فوق جسده يهيج فيه الرغبة : نجلا ارضي بواقعك انا لن اخلف وعدي !

كان يقولها مدفوعا بعجز مدفوعا بقهر و يا الله على قهر الرجال يا الله !

امسكت شهقاتها في حلقها لن تبكي لا تريد ان تبكي في هذه الليلة حسنا هو يرفضها يرفض ان يكون معها طول العمر او ما تبقى منه ربما هناك من يراقب ربما هناك من سيقتله لو اخل بالاتفاق لا تعرف ولكن اصراره غريب ، كان شعرها الناعم الغزير يسقط على وجهه و فقط انفاسهما تتدافع بينهما تضرب ..سهاما تصوب.. قلوبا تنهك روحا... لقد تعلق قلبها به حتى نزلت على شفتيه بشفتيها تقبله برقة ولم يستجب رفعت رأسها : فقط قبلة !

كان يبتلع شفتيه يطبقهما على بعضهما البعض : قبلة الشفاه خطرة يا نجلا!

ولكنها لم تعبأ : لما ؟؟ تخاف ؟؟ !

رفع شعرها بأصابعه الى خلف اذنها يداعبها بيده : القبلة حب ، القبلة وصل ، القبلة ذكرى لا تمحى هي ليست كالجسد ، القبلة بصمة يا نجلا !

يا الله كل مرة ينطق فيها اسمها هكذا قلبها يكاد يخترق صدرها ملمس يديه على جلدها يده التي تمر على ظهرها و اليد التي تداعب اذنها و قربه هكذا منها انه يسمع جريان قلبها ..يسمع حتى تدفق الدم في عروقها مستحيل ألّا يسمع : وانا اريد البصمة و اريد الذكرى هي ليلة وعدتني ان تفعل كل ما ارغب و انا ارغب بالقُبلة !

صارت شفتاها تداعب شفتيه تحركهما فوقهما تعضهما برقة تدفع لسانها بين شفتيه تلمسهما تريد تحطيم ذاك الحصن المنيع الذي يقف في وجه رغبتها فيه.. هي تنام عليه عارية فما الضير في ان يفتح لها شفتيه ، كانت حركة شفتيها الحلوة كالقنبلة المسلطة على وجهه ..على شفته ..صار يحترق يذوب يستسلم لتلك الشفاه الغليظة حتى وجد نفسه يفتحهما لها لترتوي منهما ما طاب لها وهي اندفعت كمن فُتح لها بئر من بعد عطش صار يتبادلا القبل مثل المجانين كانت حرب شفاه بعد ان كانت حرب جسد كانا يتبادلا الريق و يستلذا بكل قطرة منه لم يكن هناك من همس بل هو صراخ الجوع ليس إلّا ، تحولت اللذة الى كهرباء صاعقة قاتلة هزت كليهما جعلتهما يغوصا في نوع آخر من ممارسة الحب ، الحب الرقيق الحب العفوي ، لقد كان حقا حبا ، الشفاه قادت صاحبيها الى المحضور الى مالا يرغب ، قادتهما الى تفاهم اكبر ، الى معرفة اعمق ، انسجمت الارواح و تعانقت القلوب حتى انتهى الامر انها قبّلت كل عضو في جسده و استلقت عليه تُقبّل صدره سيكون اجمل رجل عاشرته في حياتها ، احلى ذكرى في عمرها ، ان ماتت لن تندم على ما فعلت ، ربما ستُقبل يد الصديق انه اقترح عليها هذه الليلة ، بل ستُقبل يد طليقها و تقبل رجليه امتنانا لما منحها هذه الليلة : ربما سأكتب كتابا ادحض فيه احدى عشر دقيقة !

صار صدره يهتز بالضحك وهي المبهورة به : اضحك يا اجمل من هو فوق الثرى !

امسك خصرها بيديه قلبها حتى صار فوقها امسك بأصابعها بين يديه الكبيرتين ، و انقلب على ظهره رفع كلا يديهما الى الهواء : دعينا نرسم وجهك ، فصليه لي تفصيلا قولي لي ما هو اجمل شيء فيكِ ، اخبريني ما هو حالك !

ابتلعت ريقها بشدة ، حال يسأل عن حال ، لما ، اهو فضول ، ام اهتمام ، كان مسكه له سَكينة في روحها يداه تعانق يدها كانت دافئة حنونة خلفها ثقة خلفها وقارا : اي حال ، معك الآن انا في اجمل حال ، لا اريد ان اذكر حالي قبلا لا اريد !

كان يرسم يتابع رسمها على الهواء في العتمة بينهما يستمع فقط اليها : وي كأني لم اعرف رجلا في حياتي غيرك ، لقد بدلتني ، اسعدتني ، بضع ساعات ساوت عندي الدنيا وما فيها !

: هل تعرفين ان تغني يا نجلا !

ابتسمت : اعرف كيف اجود ، يقولون ان لي صوتا جميلا في التجويد، لكن هناك مطلع قصيد سمعته في زمن غابر احببته : احممم سرحت حنجرتها تستعد : آه على قلبٍ هواه محكّمُ .. فاض الجوى منه فظلما يكتمُ .. ويحي انا بحت لها بسره اشكو لها ..قلبا بنارها مغرمُ .. ولمحت من عينيها ناري و حرقتي .. قالت على قلبي هواها محرمُ .. كانت حياتي فلما دانت بنأيها صار الردى آه عليا ارحمُ !

كان ساهيا في العتمة كانت عيناه تترقرق ظلما تتشقق موتا ، انها تقتله ، انها تغرس ذات السكين الذي غرسته النساء قبلها في قلبه ، كان الصوت يخترقه يخترق فؤاده يضوج به حنينا ، يشتاقها وهي معه ، انا لولا الهوى انا مين يا نجلا .. صار الهوى مهلكه ، صار الوجد يهشمه !

امسك بأصبعها و اوصلها الى اسنانه يعضه برقة : يا الله ما اجملك .. لديكِ بحة جميلة آسرة !

كان وجهها يغرق في الحمرة ، لأول مرة رجل يصارحها ببحة صوتها ، لما يجعلها سعيدة يجعلها امرأة مميزة !

جاء صوته مخلوط بعبرة : ما قصتك يا نجلا !

سهت في حالها ، لما يريد ، هو ليلة وتفترق ، ولكن يقولون البوح للغريب يريح الروح ، ولكنه لم يعد غريبا ، هو زوجها ، عشيقها ، حبيبها ، وكل وصف في حالة حب ، كانت تبتلع ريقها كمدا بؤسا حزنا ، لقد قلب عليها المواجع : من تنام معك زوجها شك في اخلاقها لانها لم تكن عذراء !

غضن جبينه بقوة ، قوة كبيرة ، اسود وجهه ، كيف هي عذراء هي حقا عذراء ، جسدها حديث على كل ما فعلا على كل ما مر عليه ، كيف يشك ولما ، توقف النفس في حويصلاته ، صار كبده يغلي ، لم تكن عذراء لا يعقل لا يصدق وهي التي تكمل ، كانت الدموع تتسلل الى وسادتها يشعرها يشعر حسرتها : جسدي تاه في الظلمة ، انا لا اعرف شيئا ، انا شككت في كل من حولي ، تلك السنين كانت صخرة على روحي ، لم اعرف من فعل ذاك بي ، وهو يشك لانني شككت في رجل ، قال له انه لم يفعلها ، الحكاية طويلة يا صاحب الظل الطويل طويلة مليئة بالقرف بالجمود بالشك بالحيرة ، انا نفسي نسيت نسيت ، اعتكفت ، حتى جاء ذاك ليكشف ستري !

ابتسم لوصفها له ، و تشقق قلبه لما حصل لها ، ربما لو كان هو في محله كان سيشك ايضا ، ولكنه صبور صبور جدا يحب ان يعطي و ياخذ مع النساء ، لا يستعجل في حكمه ، غير طائش في مشاعره تجاههن ، ماذا لو هو وجدها غير عذراء في ليلتها ، وان كان يحبها سيغفر و يجعلها تعيش في كنفه كامرأة جديدة .. ولكنه هو مختلف عنه ، هو ثائر ، عصبي ، متحكم ، مسيطر ، وكله على الواجهة كله !

يُقدّر انه لم يحتمل ان تكون المرأة التي يحبها ليست عذراء ، اي رجل سيفعل ما فعله ، ولكن هو .. هو سيشفع عنده الحب .. الحب فقط !

التفتت اليه بحب كانت عيناها قلوبا ..ودا ..عشقا : وانت ، ما قصتك !

التفت وكأنه يراها صارا متقابلين بوجهيهما : انا كل الحكاية !

عضت شفتيها نزلت منها دمعة مسحتها بطرف اصبعها : مالذي يثير اهتمامك في باولو ؟!!

ضحك تخيلت تلك الضحكة يا الله ما اجملها : لأنه يواجهني بحقيقتي ، كل كلمة مكتوبة لي ، تقصدني ، تعنيني !

أحب طريقته في فهم دواخلنا ، قلتي انكِ قرأت الزانية ، تدرين انها حقيقة كل امرأة متزوجة ، لو قرأتها كل النساء سيفهمن هن من !

الغريب يا نجلاء ، الرجل يستطيع ان يعبر و يفهم المرأة في رواياته اكثر منها و العكس صحيح ، يعني المرأة تكتب عن الرجل وكأنها في جسده في عقله تفهمه على الورق ، ولكن كلاهما على الواقع لا يفهم الآخر ، كلاهما لغز كُتبت فيه الكتب و النظريات و القصص و الحكايات ولكن في العمق نحن نفهم بعضنا جيدا جديا جيدا جدا !

كان صوته يتردد كقاريء نشرة صوته جميل معبر عميق مخيف يزعزع يجعلك لا تريد ان تلتفت عن اي كلمة لا تفوت اي حرف ، كانت تسرح معه ملّكته الحشى صار كل ما يقول قانونا ، صار عُقدا قد فُكت بيده : الآن اكتمل وجهك في الفضاء الذي بيننا صار وجهك صورة معلقة على هذه الجدران !

كانت انفاسه تضرب وجهها اقترب حتى اخترق جانب عنقها رأسه تحت شعرها يداعب اذنها بشفتيه كان شعر ذقنه يدغدغ كتفها يدغدغ وجهها يمنحها نشوة شديدة.. لف ذراعه حول خصرها قرّبها من جسده بشدة بحميمية ..كانت تشتعل قربت جسدها منه حتى التصقا كانت الحرارة عالية جدا بينهما يتنفسا بقوة يتشاركا الرغبة المطلقة همس في فمها : دعينا نرى برهان العسل !

همست بدورها تعض شفتيها تغرق في خيالها : اعرفها  !

رفع حاجبه : ان كنتِ تعرفيها فأنتِ ايضا قد قرأتها !

دفعت بوجهه : برهن ما شاء لك الهوى ان تبرهن  !

: انتِ امرأة خطيرة !عض شفتيه بقوة

لم يجعل لها فرصة للرد وهو يلثم و يقطف و يرتشف ما شاء له من الهوى جعلها تغلي جعلها تثور جعلها تقفز في فراشها من لهفتها جعلها تأن جعلها تتلوى لم تصمد لم تقدر يا الله كل هذا تفعله النشوة يفعله الحب تفعله الرغبة كل هذا يسبب متاهة الجسد ، متعة ما بعدها متعة كانت تدفعه بيدها تدفعه تقربه تمسك برأسه بين يديها تغوص في آهاتها وهو لم يكتفي سيجعلها تدوخ تفقد وعيها سيتعبها حتى تنام لا تحلم بشخص غيره سيتفنن سيتفنن سيتفنن سيعزف سيرقص بجسدها سيدور بها حتى يخترقا كلاهما ابواب السماء ، ان كان سيصنف يوما الشجاعة في الحب مع نساءه فستأتي هي و سُكينة سواء ، الحب معهن شيئا عابرا للحياة ، بل هو اكسير الحياة ذاتها ، الحب معهن خرافة لا تُصدق ، شيء مثل الهوس !

دخل عليهما آذان الفجر كان آذانا للفراق للإنفصال لقتل المتعة في مهدها لقد اعطى كل منهما ذي حق حقه لم يعتب عليها ولم تعتب عليه لقد جعلته رجل ليلتها قد سلمته امرها و معه قلبها قد يرتحل ذاك الحبيب المشرد و عيناها يطوقهما الدمع يسيل على جانبي وجهها تعض شفتيها بقوة تكاد تقطعهما ، لما يا الله ، لما أبعد ما وجدت الرجل الذي تحبه حقا يؤخذ منها في ليلة واحدة ، أستجد رجلا في رقته في عطفه في تفهمه في جماله في قوته في حبه أين يمكن ان تجد كل ذلك مجتمع في عقل واحد في روح واحدة هو من سلبها الروح و سيرحل سيسلمها لرجل آخر عبارة عن بقايا ، هي اصبحت بقايا هذا الرجل ليس إلا ،، كيف سيقدر من هو طليقها على ان ينافس هذا في قلبها في روحها لن يقدر لن يقدر هذا قد اخذ معه كل شيء يخصها كل شيء وضعه في جيبه و غادر به بلا رجعة بلا رحمة وبلا نظرة اخيرة ، جسدها في غيابه هو مجرد شبح !

تمسكت بيديه بقوة تبكي تترجاه بموت روحها التي سيتركها : لا تتركني ، ابقى ، ابقى ، لا تفعل ، لا ترحل ، انا لا اريد الطلاق لا تظلمني لا تظلمني ارجوووووك ارجوك لا تفعل كان بكاءها يتردد في صدى عمره كل كلمة كانت موتا آخر فاجعة اخرى شفتاها التي تقبل يده دموعها التي تبللها دفعها له باتجاهها تعلقها به ولكنه لا يقدر لا يستطيع هذاالامر بذاته شقاق ..بذاته فراق عن اخيه ..وهو لن ينفصل عنه ..هما روح واحدة ..هو و اخيه روح واحدة ..قد اتفقا و ها هو قد اتم جانبه من الاتفاق ، اتفاق على ان يقتلوا انثى اخرى في مخادعهم هذا هو الاتفاق !

مال عليها بكل عزم التقم شفتها في قبلة طويلة يمنحها كل الوصل كل الحب قبلة مناجاة ، قبلة انتهى معها الوقت ، قد ضاع فيها الزمن ، آخر قبلة بينهما ، شيء غير مشبع ، شيء يدفع الجسد للمزيد حتى يطلع الصبح تطلع الشمس تراه ويراها ، يتخذها زوجة لباقي عمره ،عراك الايدي المتلهفة المتولهة على الاجساد كل سيفتقد جسد الآخر ، سيفتقد روحه سيفتقد شيئا فريدا حصل شيء كان مباركا من الله  تنفصل الشفاه وهي تريد العودة ، تنفصل وينتهي القتال و تنتهي اللذة و يصبح بعدها خواء ، بعدها حزن ، دموع ، حسرة ، قهر ، هجر ،كل ما بعد الحب ولم يُنجز ، لم يحسبا حساب البُعد ، غصة صارت لباقي العمر ..

هو الذي قام من مرقده يتجه للحمام تحمم ارتدى ثيابه ثم سمعت باب الشقة يُغلق عليها !

!

اغلاقه الباب خلفه هو اعلان لها انها قد اغلقت قلبها من بعده هكذا بكل بساطة قد فعلتها ، الحب سهل ، سهل جدا ، عبارة عن كلمة حلوة ، عن رقة في التعامل ، عن علاقة حميمية متفق عليها حلوة جميلة ، عن فكرة في عقل كل منهما .. هكذا كان الحب !

صارت الايام مع الزين تتشابه في عينيها ، لم يقبل رفضها له ، كل ليلة عراكا و ضربا قبل ان يجامعها ، لقد ملت ، ما عادت تقدر ، جسدها مرهق ، عقلها مرهق ، قلبها تلف ، وهو لا يسمع قد صار ابكما اعمى صم اذنيه عن بكاءها عن رجاءها هو فقط يفعل فيها ما يريد ، في عقله نظرية يريد اثباتها فقط هذا هو ما يفكر فيه معها

كان يحجزها بين ذراعيه قريبة الى صدره ، كلها منكمشة ، كلها تبكي ، يهتز جسدها بالعبرة ، وهو متمسك بها ، لا يعرف ما بها ، لما هي هائجة ضده ، لم تكف عن الدمع ، في تنك الايام قلبت كيانه بالسوء و نخز الضمير ، يهمس لها : نجلاء ، كفى ستقتلين نفسك ، ماذا بكِ لما انتِ منهارة !

ولكن كلماته لم تكن الا دافعا جديدا لها كي تنهار اكثر ، صار بكاءها صراخا ، تريد اختراق قلبها و نزعه و قتله تريد الموت فُجع منها لآم نفسه ليته لم يتكلم صار يجرها الى احضانه جرا وهي لم تقدر ان تمانع ليس بها اي قوة كانت حقا ميتة ، كل الحب معها كان فقط عبارة عن جسد منه و هي كأنها جثة هامدة ، صار يقبل عنقها و يقبل شعرها و يقبل كتفها يهدهدها : نجلا كفى هذا ليس حالا !

بقدر ما كانت توده سابقا ، بقدر كل دقيقة شعرت فيها ربما بالاعجاب ناحه ، كلها محيت ، كلها ادراج الرياح ، كلها اختفت ، في قلبها شوقا لذاك لصوته لهمسه لقوله لحواره لقبلته ، تشعر انها تخونه ، جسدها يرفض رجلا غيره ، لقد دمروها ، لقد قضوا عليها ، قتلوهااااا قتلوا النجلا قتلوها

 حين كانت تمشي مرة على البحر ترمي حجر هنا و حجر هناك تضربها الريح يتطاير شعرها الذي طال كثيرا حتى وصل الى منتصف ظهرها ، تلك القصة الجميلة قد تغيرت الى ما هو اجمل ، صار شعرها يرفرف حولها ، كان دائما ما يقف خلف الزجاج يراقبها ، يضع يده على قلبه ، لم يعد هناك تواصل روحي معها ، لم يعد يفهمها من نظرة ، صارت العين غلاف نظراتها ، وراء نظرة الحزن شيء آخر اعمق لا يراه لا يكاد يصل اليه ، توقعه في حيرة من امره ، نفورها منه غريب ، لم يعهدها هكذا معه ، كانت في كل مرة تلين ، هذه المرة كأنها خلف جدار مسلح ، خرج يمشي لها يراقب ظهرها يراقب سكونها هل تفكر في اغراق نفسها ، سيكون عار عليه ان فكرت امرأة يوما ان تقتل نفسها بسبب انها تكرهه !

جلس على الرمل وهي التي احست بوجوده في ذات المكان تحركت بعيدا لفت لفة كبيرة حتى تدخل الى الغرفة ، صار يهز رأسه و يقضم شفته حسرة ، مالذي فعله بها ، لقد تبدلت ما عادت هي ، انها حقا لا تطيقه لا تريد ان تكون في مكان واحد معه ، يفكر ، ربما وجودها معه لوحدهما هو ما يضغطها ، لو حررها ، سيرجع بها الى البيت وهناك ستأخذ راحتها ، سيعود الى اعماله مرغما سيبتعد عنها سيعطها فسحة لتتنفس لكي تفكر مليا فيما تفعل معه .. كان هذا قراره ، حتى الليلة سيتركها لن ينام جانبها لن يتحرش بها ولن يدفعها الى الصراخ و البكاء ما عاد يحتمل رؤيتها تبكي بهذه الطريقة وكأنه يقتلها !

صارت تدور في الفيلا تصعد الى الاعلى لأول مرة تفعلها ، احبتها ، كانت جميلة لطيفة اثاثها رائع ، صارت تفتح الخزائن التي في الغرف هناك ثلاث غرف فيها ، اثاث يبدو بناتيا بحتا لونه بنفسجيا و ورديا ، استغربت امره ، غرفتان تبدوان جميلتان مرتبتان ، غرف رجالية ربما !

عادت الى تلك الغرفة النسائية و ارتمت على الفراش ، هي التي كانت ترتدي بنطالا من الجينز و بلوزة حمراء قصيرة و حذاءا بيتيا ، ارتمت و صارت تنظر الى السقف ، تغلق عينها عن كل شيء ، حتى امها وابوها لم يعلما بكل ما جرى الفترة الاخيرة من حياتها ، كيف ان ابنتهم صارت سلعة بين القوادين !

صار جسدها يهتز ضحكا صارت تضحك ملء فمها ملء ما فيها ، هناك دعابة في الامر دعابة كبيرة هي اساسها !

صارت تتقلب على الفراش تتقلب كثيرا تغلق عينها تسمع صوته تسمعه يخترق كل حصونها كل شيء فيها شفتاها تلتهب توقا لشفتيه تريد ان تشمه مرة اخرى ان تداعبه مرة اخرى ان تتسلق جسده تارة اخرى ، اعتصرت بطنها بيديها بشده هناك الم الم شديد الم لا يرحم صارت تأن تأن بقوة صارت تبكي لا تحتمل ، في كل مرة تتذكره يحصل معها هذا ، لا تدري ان كانت هذه علامات الرغبة ، ان كان رحمها يأن لحاجته ام انه يتفجر من افكارها من غزوه لرحمها لا تعرف ما يحصل فيها ولكن هذا صار يحصل في كل مرة تتذكره وترغبه و تتخيل حضوره و تعاود كل ما فعلاه تلك الليلة !

تُغرق وجهها في الوسادة و تبكي حبا تبكي قهرا ، تضرب الوسائد بقوة بقبضة يدها تصرخ في روحها صراخها كأنه امرأة قد ثُكلت ، تختنق تمسك برقبتها تكاد ان تقلعها من مكانها ، لقد ملت ملت لا تريد العيش ، هذا ليس عيشا ليست حياة ، آآآآآآآآآآآه صارت الآهات تخرج مصرصرة من حلقها آهات يحتاج جسدها ، قلبها ، ان يتخلص منها ، آهات مدفونة بين الهوى و الروح ، آهات لهب ، آهات حب ، أهات ألم ، تكاد تفقد عقلها تفقده ، لا تريد ان تعامل تلك الليلة كأنها لم تكن ، كأنها حلم ، خيال ، شيء خارج عن الواقع ، لقد كانت حقا كانت ، كانت لدرجة انها تراها ، كانت ولهذا هي هنا ، يعاد عليها نفس المشهد ، نفس المعاناة ، عادت لنقطة الصفر معه ، ليلة كانت خيانة لها لكل عواطفها و مشاعرها المتأججة ، خانها ودفعها الى حضن هذا الذي لا ترغب آآآآآآآآآآآآآه

وهو يضل خلف الباب يسمع صوت نحيبها صوت بكاءها ، حالتها لم تعد تطمأنه ، لن يقدر ان يسمع ذلك لفترة طويلة يجب ان ينتهي ، لكنه لن يعلم ان هذا سينتهي حتى يحضر حبيبها ، ذاك الحبيب الذي وهبته كل شيء ، امرها ، روحها ، نفسها ، عرضت عليه الهرب بعيدا عن كل شيء ، حبيب اذابها ، هل سيفهم يوما ، ربما هو يفهم انه يفهم هي تعرف انه اذا علم سيفهم ، هل هو ان كان حقا يحبها سيشعر كما تشعر تماما كما تشعر !

دخل الغرفة وقف هناك يتنهد عيناه غائبتان يقول بصوت مبحوح : فقط لو تقولي لي ما بكِ ، اعتقد ان الامر بيننا لم يتغير كي تثوري كل هذه الثورة ، اهدأي و صارحيني ، قولي لي ، اريد ان افهمك !

تجمدت وهي تعتصر خصرها بيدها يا الله لا تريد ان تسمع اي شيء منه انه مثل من خطفها و يستولي على جسدها هذا هو قد اصبح في عقلها لا شيء آخر ، رفعت يدها تغلق اذنها لا تريد ان تسمع صوته كل ذبذبة منه تجفلها تجعلها لا تصدق واقعها الذي رميت فيه مرة اخرى تهز رأسها بقوة بقوة كبيرة تضغط على اسنانها بشدة تكاد تكسرها تون تون تضل تون

وهو يقف هناك متفرجا حائرا ان اقترب بعدت وثارت و ان ابتعد سمع ما يؤذي فؤاده ، هذا ليس حالا : نجلاء استعدي سنعود للبيت !

سكنت في مكانها خفت صوت بكاءها ، لم تكن فكرة سيئة ستعود الى هناك ، ستختلط بالعالم و تبتعد عنه ، هناك زوجته و ابنه ولن يضايقها وجوده طوال الوقت مثل المارد الذي يراقبها بعين سحرية كبيرة جدا معلقة في منتصف جبهته !

لقد فقد الزين التواصل مع نساءه ، كلتاهما تغيرتا ، كلتاهما ما عادتا هما ، صار يحك جبهته هما ، لا يعرف كيف يتصرف معهن ، الافضل ربما ان يتركهن سويا مع بعضهن ، يرحل لفترة عن البيت يتابع عمله في تونس اولا ، يبقى بضعة ايام يتركهن في عهدة الخادمات و يرحل .. هذا افضل حل له هو ايضا ، لا احد يعلم ما يجري في عقله ، هو يؤجل حتى الحزن ، يحاول ان يتلهى ، سيتصل بعمه امحمد و عمه سعيد و المؤيد و آيدين و اخوه ايضا الذي هجر البيت منذ ذاك اليوم ، اخاه صار قليلا ما يحادثه ، عندما يلتقيا صار لا ينظر مباشرتا الى عينيه ، هو قد تجاوز امر نومه مع النجلاء ، لا يريد ان يدقق فيه ، يريد ان تكون العلاقة بينهما كما سبق هو اخوه ولن يتخلى عنه او يرفضه لانه نام معها ليلة لا يعلم تفاصيلها ولن يسأل عن تفاصيلها ، ولكن يحيى منذ رجوعه من المانيا وهو منهك متعب زهرة تركته ولا يعرف ما حصل بينهما ، رجع ليجد ان المنذر و سكينة قد اختفيا ، لا يعلم ما حصل لما غادرت سكينة واين هما ، انقطعت الاتصالات بين العائلة و بينهما الى اين يا منذر بزوجة اخي الى اين !

عادا الى البيت ، كانت صامتة طوال الوقت ، حاول مخاطبتها ولم ينفع لم تستجب ،حاول ان يمسك يدها فشدتها بعيدا تحتفظ بها عند قلبها المشمئز ..  تدير رأسها الى الشارع الى السيارات تراقب من يقود تلك السيارات ، يعبر نظرها كل المدى تبحث لا زالت تبحث لا زالت لم تيأس ، بالها مشغول ، تحدق في كل المشاة ، كل الواقفين ، لا احد هو ليس فيهم ليس منهم هو ستشمه عن بعد ميل عن بعد قمر ، لم تؤنب ضميرها النجلا ، ولا تلومهم لما فعلوه ، لا تلومه هو من دفع بها الى حبيب آخر ، لا تلوم اخوها انه زوجها بلا علم من محلل ، لا تلوم ذاك المحلل الغريب الحبيب العشيق من اكرمها في فراشه  ، انها تلوم قلبها الذي وقع اسير تلك الليلة ، تريد ان ترى عيناه .. فقط عيناه يا الله .. ان تقرأ فيهما انه يحبها انه قد عشقها تلك الليلة كما فعلت هي .. هذا هو كل الأمر ان تعرف فقط !

صعدت الدرجات قبله دخلت الغرفة قبله ، كان خلفها اراد ان يمسك بذراعها تفلتت منه بقرف تشقلب عيناها لا تريد ان يلمسها نفضت نفسها بعيدا : قلت لك لا تلمسني لا تلمسني ابتعد عني اتركني وشأني ، كان كلامها متوترا تشد شعرها وجهها شاحبا جدا شفتاها مبيضتان عيناها جاحضتان ، النجلا تهيم عشقا ولا احد يدري ما في قلبها ، ان لم تجده ستجن ، بينها وبين الجنون شعرة .. شعرة واحدة ..

نزعت كل ثيابها عنها و دخلت تتحمم ولم تدع له فرصة لأي حديث !

لوى شفته لواها حتى كاد يبصق يرفع يده الى رأسه يحكه بشدة لقد ضاع معها ضاع جدا .. صار يدور حول نفسه متهالك ، منهك ، لقد سلبت له قوته ، الروح ما عادت تحتمل المزيد ، هو يتحامل على نفسه ، يتحامل بقوة مع كل ما مر عليهم ، هو رجل ، يتحمل المسؤولية ، لن يجلس مثل النساء يولول او يبكي ، ما حصل قد حصل لابد ان يتحرك قدما ان يتابع اعمال العائلة ، ان يوازن بين حياته الشخصية و العملية ، ولكن هناك عثرات مثل النجلا التي لا تمنحه فرصة للعيش بهناء تعكر عليه صفوه .. نفخ حتى كادت الغرفة تطير من شدة نفخته ..خرج يتجه الى تلك الاخرى التي تسجن نفسها في جناحها ، كانت تجلس بجانب النافذة تتطلع الى الخارج ، عندما سمعت صوته التفتت عليه سرحت حنجرتها برقة : ظننت انك ستطيل الغياب اكثر من ذلك !

نفخ بقوة ، قوة كبيرة : لما هل ترتاحين لغيابي !

اغلقت عيناها غما وابتلعت ريقها بتؤدة تهمس لنفسها : لا ، البيت اصبح فارغا ، اريد ان اطمئن عن صبا وعن حالتها ، هل يمكنك في يوم اخذي اليها ، اختك وامك لديهما دين في عنقي دين كبير !

اخفض رأسه الى الارض صبا تلك مشكلة اخرى ، مشكلة اصبحت كبيرة ، ظلموها ورموها ، اصبحت تعاني صبا ما عادت هي الاخرى صبا ، حروق جسدها ، و موت امها و بقاءها مع رجل كرهته !

قد كان المؤيد في عرف صبا سبب كل ذلك ، بتهوره ، بزواجه منها كانت هي وامها و عدة نساء اختنقن و متن كله سببه كله مسؤوليته وهو قد حمل تلك المسؤولية حملها و بكى ..امه كانت ضمن تلك النساء اللواتي متن في الحادثة التي تسبب فيها اخوه .. اخوه قتل امه و تسبب في حرق عروسه يوم دخلتها التي بقيت في المستشفى شهورا حتى تلتئم حروقها التي شوهت لها ما شوهت في جسدها !

لقد فعلها الرجال و مات فيها النساء ، لم يكن من ضحية سواهن ، تلك الاناث الاتي وقعت عليهن الواقعة !

قال بخفوت و ملل : متى ما اردتي قولي لي !

نظر حوله : أين هو تاج !

تنهدت وهي تعدل جلستها امامه : اعتقد انني سمعت صوت عمه في الاسفل ربما اخذه معه !

غضن جبينه بقوة : يحيى عاد !

قام من فوره يعبر الممرات ثم الدرج الى الخارج ، تطلع على المجلس الخارجي ولم يجده صار يدور حول البيت حتى وجده هناك خلف البيت في الخيمة يجلس و بجانبه تاج ، كان يستمع الى قصيدة سارحا في اللهب الذي اشعله في ذاك الحطب و تاج يتعلق بعنقه بقوة ، ابتسم برحابة صدر وهو يراه اتجه له يربت على كتفه : لقد عدت !

تنهد بقوة يرفع نظره للمحة في وجه اخيه : عدت وبلا فائدة

اعتدل في جلسته كان وجهه غائما عيناه غامقتان كثيرا من رآهما يقول انه لا يرى : لا اعرف ان كان المنذر قد تلاعب باحدهم على الحدود كي لا نعرف اين هو ، لا اعرف ان كان داخل البلاد ، لقد اطلقت كل من اعرف وراءه بصورته ببياناته بصورتها حتى هي و لا احد يعلم عنهم شيئا اختفيا هكذا اختفيا !

جلس شعيب بجانب اخوه هو الآخر يحمل نفسه مسؤولية كبيرة مما حصل : لقد قالت لك ناجية انها كانت مريضة ، انهم تركوها في الفراش لا تتحرك ، فكيف ستخرج معه برغبتها ، انت رأيت ما فعل لقد جن لقد دمر في طريقه ما دمر بسبب زواج اختك من اخيه و اراد ان ينتقم فخطفها هذا هو الأمر يا يحيى !

كان يهز رأسه مع كل كلمة يقولها كان في قرارة نفسه يتفق معه ، يا ليته ليلة العرس اصر ان يراها ولكنه لم يشك ولو واحد في المائة انها لم تحضر ، كيف سيخطر بباله ، لم يتصل به اي احد ليقول انها مريضة والا كان سيذهب لها و يؤجل سفره ، ولكن كل التعقيدات جاءت مرة واحدة !

شدد شعيب على قوله : اعتقد اننا يجب ان نجتمع ، ابوك يجب ان يخرج من عزلته ، يجب ان يعود الى نشاطه ، سأتصل بأعمامي ربما بكل العائلة كي يحضروا الى البيت ، سأصالح هارون على عمي كفانا شقاقا و سأسعى ان اصالحه على آيدين ايضا .. فلندع المجدلية تعود الى بيت اهلها كي تحزن فيه مثلما ترغب ، فُجعت في اهلها في امها التي ماتت وهي لا تعرف اذا كانت راضية عنها ، فُجعت في اختها الاقرب لها من نفسها ، وأنت و عمي امحمد يجب ان تتصالحا مع المؤيد فما حصل بينكم كان ليقتل احد فيكم .. اقدر غضبك من المنذر و لك الحق فيه ولكن انت ايضا اخطأت بألا تخبر انك تزوجتها قبلا ..

دار بنظره في المكان ، البيت اصبح فارغا بعد امي و صبا ، تنهد كلاهما بلهفة بصبر بحب بحزن بدموع .. عض كلاهما شفته لا يريدا ان يبكيا الآن ، غصة ما عادت لتموت ، غصة باقية طوال العمر ، لقد ضاعت العائلة ضاعت !

كان ينظر مليا الى وجه يحيى المغموم ، يحيى قد تغير ، حتى لمعة الحياة في عينيه قد ماتت ، ذبل وجهه ، صار مغضنا طوال الوقت ، حتى لمح شيئا على عنقه ، خيط رفيع ازرق باهت اللون ، خيط دم : اقترب منه مفجوعا انزل ياقة القميص و ذاك الذي فُجع و نظر الى عيني اخاه المصدوم : ما هذا ! من فعل بك هذا !

رمى قطعة خشب في النار لوى شفته عن اخاه : نون النسوة !

فتح شعيب فاه ، فتحه ما عاد اغلقه متعجبا : يحيى !

نطق يحيى بغم بفم مشدود متهربا من حديث لن يقود نفسه الا الى الجنون .. الجنون لا غير : المسجد على وشك ان ينتهي ، اريد ان نعمل ختمة لروح امي رحمة الله عليها و على جدي ، سأذهب الى جدتي بعد قليل اريد ان اراها ، كانت كل كلمة تجرح حلقه تدميه ، يا الله ، كل شيء يوجع الحشى ، جدته حتى في عز كل ما حصل رفضت رؤية اباه ، هو صار يعرف لما ، صار يعرف حتى اختنق ، اختنق وهذا الوجه الذي بجانبه سيموت ان علم هو الآخر ، جدته في حاجة اليهم لربما عليها ان تاتي لتعيش معهم هنا قريبة منهم : جدتي لابد ان تعيش معنا ، كفاها تلك السنين وحيدة ومريضة ، فلنجعل ايامها الاخيرة هدوءا وسكينة ، اغمض عيناه بشدة وهو يقول كلمته الاخيرة التي كانت تخترق الروح .. سُكينة !

كان في تلك الاثناء طوال حديثه هاتفه يرن ، رسائل ، لم يتوقف عن الرن ، اخرجه من جيب سترته و فتحه حتى عندما نظر الى الاسم اسود وجهه و ازداد غضبه صار ينفث نارا من انفه وقف على ساقيه : سأعود ، ضع شايا على النار !

اندفع الى البيت مثل السيل الهادر ، مثل الشلال الذي ينزل على الصخور حتى يحطمها ، هذه الانثى لن تجعل به عقلا ، يجب ان تقف عند حدها ، لن يستطيع ان يستمر في استقبال اتصالاتها له بهذه الكيفية ، كله منها ، كله من نجلاء من دفعتها في طريقه ، وتلك لم تتعض ، لم تتب ، التوى وجهه حنقا وهو يصعد الدرج اليها ، هي كانت ترتدي ملابس الصلاة تجلس على سجادتها تسبح الله على عقد اصابعها خاشعة حتى حين دخل عليها سكن في مكانه لا يريد ان يضايقها قبل ان تتم صلاتها ، لم ترد ان تلاقيه بالنظرات ، ولا ترد ان تتحدث معه ، قامت لترفع يدها بالتكبير حتى صرخ فيها غيظا : يكفي كفى ، انها تثير اعصابه انها لم تعد تحترم اي شيء بينهما ، تتخذ الصلاة درعا لها منه ، لم يعد هناك حوار بينهما ، لم يعد هناك كلام ، انفعالات عينيها ووجهها تشعره انه انسان حقير ، هذه المرة هو حقا غاضب جدا جدا غاضب ، هل هي من تطلب من تلك الفتاة التي كانت تفضحه ان تتصل به !

اقترب جدا في كل خطوة كان كأنه سيسحقها جرها من ذراعها بقسوة كانت تهتز بين يديه يرفع هاتفه في وجهها : تلك الحقيرة والله ان لم تكف عن الاتصال بي تعرفين ما سأفعل بها ، قولي لها اخبريها الا تكرر فعلتها ، تحملي مرة مسؤولية ما تفعلي !

كانت تنظر للأرض طوال الوقت لوت شفتيها نزعت ذراعها بقوة من يده المتشبثة بها رفعت عينها الممتعضة الغاضبة في عينيه : اعتقد انك اعطيتها وجها زيادة عن اللزوم ، البنت اصبحت تحبك ، وانت لفترة قد بادلتها ذاك الحب !

كانت تتحداه ان ينكر ، تتحداه ان يقول انه لم يفعل ، كان يتلوى قهرا : لأنكِ انتِ من دفعها في طريقي ، جعلتها تدخل قصري و فراشي و تنشر قصصا عني ، لقد خططتي لكل ذلك ايتها الأفعى !

: أفعى .. انا افعى .. تصف زوجتك بالأفعى .. نفثت انفها هزءا .. يا الله الاما ستنتهي هذه العلاقة ... اكملت : وكأنها كانت في فراشي وليس فراشك ، انت تستقبل كل النساء و قطر الندى اطهرهن ، تذكر تلك الصورة لك معها .. صارت تضحك تضحك كثيرا حتى ما عادت تقدر على الوقوف من الضحك كانت تمسك بخصرها من شدة ما تشعر من فكاهة !

كان وجهه يتلون صدره يعلو يعلو كثيرا حتى يكاد ينفجر ، تلك الفاجرات لقد تلاعبن به تلاعبن و لم ينته الامر عند ذلك أبدا !

كان يسمع ضحكتها ينظر الى وجهها الذي انفرج لأول مرة منذ زمن صارت تثيره يا الله كم اختلفت يا الله كم يشعر بالحب في قلبه : نجلا ، احذرك ، خذي الهاتف و اتصلي بها و قولي لها ان تبتعد عن طريقي ، انتِ لا تفهمين عواقب ما قد يحصل فيها جراء ما تفعل لقد تجاوزت كل الحدود ، تجاوزتها كثيرا وانا احترمها فقط من اجلك !

سحبت مبرد اظافر من على طاولتها التي اختفى كل شيء كان عليها سابقا ، هي حتى هذه المرة لم تحضر معها اي زينة و لا اي شيء يخص العروس لانها تعتبر نفسها ليست عروسا ، تدور في الحجرة امام ناظريه بثياب الصلاة ترفع له حاجبا : قطر الندى فتاة جميلة ، ودودة ، تحبك ، لا اعرف لما لا تتزوجها !

كان يغضن جبينه بقوة ، بوجع ، مالذي تقوله ، هز رأسه لا يصدق ما يسمع ، هي نفسها تدفعه لأحضان امراة اخرى ، ان كانت تريد قتله فقد فعلت ، قد نجحت : قطر الندى صغيرة جدا متهورة ضائعة لا تفهم شيئا ، لا افهم اصرارك عليها ثم انا لا انوي حاليا الزواج !

لوت شفتها تنظر له بنصف عين : و ناجية أليست مشروعا مؤجلا حتى تتم امك وامها العام وهذا سيحصل قريبا .. قريبا جدا .. كم من امرأة ستُدخِل علي .. فلذلك انا اعرض عليك قطر الندى كامرأة رابعة في حياتك كيف تقفل الدزينة التي تجمعها حولك !

نفثت انفاسها و ارتفع صدرها : سيكون لك اربع نساء من كل شكل ونوع ولون ، تقلب على ايهن شئت !

لم يعد يريد مواصلة النقاش معها ، لقد وصلت الى منطقة محضورة ، انها تحقر كل شيء يحصل معها ومعه ، تسخفه ، موضوع كبير مثل موضوع قطر الندى التي كادت تخسر شرفها بسبب لعبتها الحقيرة تلك ، ولكن لحسن حظها انها افلتت بلعبتها مبكرا جدا !

قال ممتعضا : تدرين لا ادري كيف تصلين وانتِ قد فعلتِ معها كل ما فعلتي ، دفعتي فتاة صغيرة في طريقي ولا تشعرين بالعار ، صرت استغربك ، ما عدت افهمك ، لا اعرف من انتِ!

كانت تبرد اظافرها : حقا لا تعرف وانت من صنعني !

هزت رأسها تلوي شفتا ضاحكة هازئة !

: الافضل لك ان تراها ان تفهم منها ما تريد ، قطر الندى عنيدة ان وضعت احدا في رأسها لن يخرج منها ، التقي بها ، ان ارادت الزواج تزوجها و ابتعد عن طريقي !

صورك التي عندها و التي هي مؤرشفة على احد مواقعها سوف تخرجها لك في حال رفضت ان تلاقيها ، اعدك انك ستتسلى معها ، ألم تتسلى بفتيات صغيرات قبلا مثل اختي مثلا !

لا يدري ما يحصل في جوفه تلك الفينة ، كانت روحه تصرخ ، كان يأن ، كانت ترمي السهام و تصيب ، كانت تقتل ، لهذه الدرجة لم يعد يعني لها شيئا ، لهذه الدرجة اصبح رخيصا عندها !

اقترب منها كثيرا اقترب بوجه غائم وجه مفجوع اقترب حتى حط جسده امام جسدها يقول بخنقة في عينيها البراقتين التي اختفت لمعة حبه فيها كانت تنظر له كأنها تنظر لرجل متطفل ، رجل غريب ، بالكاد خرجت الكلمات من حلقه ، يبحث في نفسها عنه يريد ان يرى شيئا في عينيها شيئا يخصه لم يعد يراه : نجلا ، ماذا حصل لكِ ، لقد بالغتي في كرهي بالغتي كثيرا ، تعاملينني كأنني عامل عندك ، انا لا اريد ان اكون قاسيا معكِ ..لكن اريد ان افهمك ما قصتك !

توقفت عن برد اظافرها كانت تنظر للفراغ الذي بينهما تحدق مليا في ذاك الفراغ حتى تكاد تخترقه بنظراتها همست : يا الله كأنك تنسى كل ما فعلته بي ، تنسى انك ضربتني صفعتني امام اخي ، ارجعتني وطلقتني ، تنسى انك تغتصبني كل ليلة ، تنسى أنك زوجتني من محلل كي تنال مبتغاك ، وها انت قد نلته ماذا جنيت ، غير حقدي و كرهي ، تعرف ان اخي متفق معك انه لن يتصرف خارج طوعك استغليتني ، استغليت وضعي في عائلتي ، لم تعطني فرصة حتى ان ارفضك ، صرت تتزوجني و تطلقني كما ترغب ، كلما خطرت على بالك ارجعتني ثم ثاني يوم تطلقني ، اخي قواد آخر عندك لا يهمه سوى مالك لا يهمه ما انا عليه لا يهمه انه يبيع اخته انه يتاجر بعرضه لا يهم كل ذلك لا يهمكما ..انت تتصرف كأنني عروس جديدة عندك ولا كأنه بيننا ماض كله شك ، انا فقط اريد ان اعرف مالم اعرفه ، ان كنت تشك في اخلاقي و طلقتني لهذا السبب ، ماذا تغير ؟!!

ألن تشك مرة أنني سأخونك ، كما نمت مع رجل قبل الزواج ان افعلها بعدها !

فتحت عينها بجرأة في عينه ، كان كل الصدق فيها ومنها ، في كل حرف تنطقه ، كانت تخيفه : تدري يا شعيب ، لم يعد لك شيء في الخاطر ، لاااااا شيء ، ربما كل الخاطر قد اخذه رجل آخر !

كان يتنفس بقوة بعنف انفاسه تتلاحق تتدافع صار مريضا صار ميتا لم يعد يحتمل ما توحي به اليه لم يعد يحتمل انفجر الغضب فيه انفجر كثيرا جدا حتى غامت عيناه لم يعد ينظر امامه لقد استفزته امعنت في استفزازه حتى كانت الصفعات تنزل على وجهها ، تنزل تهبد ، تكسر ، تدمي ، طار حجابها ، انقلب جسدها ، كان قاتلا وجهه مسودا يده تمتد فتدعس صارت الصفعات تتردد في كل الغرفة بل وفي الغرف المجاورة صار يضرب يضرب يضرب حتى خرج الدم من انفها يجري تبتلعه شفتاها ازرقت عيناها ارتمت على الفراش مثل الميتة فقط تتلقى تلك الصفعات ، ضربه لها كان موسيقى ، لم يخب ظنها فيه ابدا ، لم يخب ، ها هو يخرج كل ما في عقله عليها ، ها هو يتفشش بها ، يمد يده يشد شعرها يقطعه بين اصابعه كله ثورة كله حرب: ايتها الفاسدة الحقيرة الكلبة تقولينها في وجهي يا عاهرة ، كان كل وجهه مسود بشدة بحنق بكره عيناه متفجرتان الشرار يتطاير منهما ورذاذ فمه كأنه حمم تنزل عليها لقد اغضبته لقد حقرته لهذه الدرجة.. لن يسمح لها لن يسمح لن يسمح ..سيحبسها سيعذبها سيقهرها سيراقبها وان تطلب الأمر سيقتلها ، كان جسدها يتلوى بين يديه كانت تطير من مكان الى مكان على الفراش ، ان اراد قتلها فليفعل لانها تنوي قتل نفسها بنفسها و تجعله يموت بحسرته عليها ، يقول انه يحبها يريدها وها هو حبه ها هي ارادته لها ، كلها احتقار اهانة ، مسح ، الضرب شيء قليل ، هو يقتل الروح التي تحيا معه ، الروح التي باعها و اشتراها يطعنها ، يسحقها بين يديه يفتتها فتتطاير مع الهواء ، شفتها انفتحت ، كلا خديها نالا اخضرارا عنقها قد انكسر تخلخل وان كانت عدوته لن يفعل فيها ما يفعل لم تصرخ لم تبكي يداها متشبثتان في يده التي يحطم فيها النجلا ..حتى دخلت راعيل تجري مفجوعة تراه هكذا تراها هكذا ترى كل الدم الذي على وجهها ، تقف بينهما تبكي تدفعه بعيدا عنها بعيدا من صدره تصرخ فيه ثائرة : ماذا تفعل هل جننت صوت ضربك لها قد وصل حتى اذني حرام عليك تستقوي على الضعيفة

كان لا يرى لا يرى حرفيا كان اعمى فقط انفاسه المتدافعة على فوهة بركانه هي التي يفطن لها ، صار ينقل بصره منها اليها يرى وجهها ودمها الذي لطخ يده و حتى الفراش.. اغلق عينه و شد قبضته بقوة استدار عنهما ثم خرج !

لم تبكي لم تستطع ان تبكي لقد نفذ مخزون الدموع عندها ، فردت نفسها على الفراش ، راعيل المفجوعة لاول مرة تراه هكذا ، كان وحشا وحشا حرفيا ، لقد ضرب النجلا ، ضربها حتى ادماها ، اسرعت جلبت منديلا دفعته داخل انف نجلاء ثم الى الثلاجة جلبت ثلجا وجلست جانبها ترفع رأسها الى عضدها تضع الثلج على فمها الذي تورم على وجنتها التي ازرقت وتلك مكتومة لم تستطع الكلام ولا الانفعال ، فوق قتله كان قتل آخر وتلك لا تدري لما صار لسانها يلهج بالحوقلة !

خرج يكاد يدمع عيناه تترقرقا محمرتان بشدة ببؤس بعجز  ، كل حرف كان سكينا ، تريد ان تخونه ، ام خانته اصلا ، رجل آخر دخل الخاطر !

رجل آخر دخل الخاطر !

لقمان الذي جاء يخطبها وهي في العدة .. يريد ان يتسلق على كتفه ، ان يسلبه النجلا ، ان يتخذه درعا بعدما عاشرته ، نعم هو سيكون معذور بعدها ان يخطب امرأة مطلقة ، ذاك الحقير الذي يستحق رصاصة في قلبه ، ياتي ليخطبها وهي على ذمته ، اي وقاحة هي تلك ، اتكون قد اتفقت معه ، اتكون قد خرجت معه ، تحدثت معه ، منحته نفسها التي لم تمنحها سابقا ، أيكون قد جربها فأعجبته ، يريد ان يصرخ باللعنات ، ان يقيم الدنيا ولا يقعدها ، الخاطر صار لرجل آخر يا نجلاء ، هكذا تقولينها لي ، بكل بجاحة بكل قلة احترام هكذا تفجرها في وجهه هي زوجته التي تزوجها الآن حديثا و قديما ، قد اخرجته من نفسها هو الذي يقاوم من اجل العودة و يسبح ضد التيار ! ، هو الذي فعل ما فعل من اجل ان تعود له و ينتوي ان يعتذر لها يوما ان يعترف لها يوما بما حصل ، ولكن هي صارت تشبه العدو ، صارت ترمي قنابل تنوي قتله ، صارت تصوب عليه سلاحا ، وهو لن ينحني لما تفعل ، لن ينبطح ، تريد الفراق مرة اخرى ، تريد الطلاق تارة اخرى ، هو ابعد لها من انفها هو  دائما سيكون حجر العثرة في طريق اي رجل اليها ، النجلا ستعيش من الآن وصاعدا بكل حالاتها معه ، ان كانت مجنونة او مريضة ان كانت عاقرا او ام اولاده ، لن ياخذها احد منه ان طارت و نزلت لن يتركها !

صار يأكل شفته يأكلها قهرا قلبه ما عاد يحتمل نزل الى الخلف حيث اخوه الذي صار يحدق فيه الى هيئته الى غضبته كان وجهه مقلوبا انزل نظره عنه وذاك ايضا قد التزم الصمت جلس و استقبل تاج في احضانه كانت هناك قطرات دم على وجهه ربما مسح وجهه ولم يفطن ، لفتت نظر اخوه الذي صب له كوب شاي دفعه باتجاهه ، صمت كلاهما ، غرق في افكاره ، كلما تحدث معها كلما ذكرت له ذاك الرجل لليلة واحدة ، كان قلبه يُسحق ، هل الخاطر لذاك الرجل ، لا يفهم لم يعد يفهم !

وذاك الرجل.. يجلس بجانبه ينظر الى جانب وجهه ، لسانه يريد ان يبوح يريد ان يسأل ماذا حصل بينهما ، كان ينظر الى وجه اخيه ويتمنى في صميم قلبه ألا يكون هو من سلبه النجلا !



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...