المشهد الحادي عشر .. حارس العذراء






الفصل الحادي عشر

الآن
اصبعه يعانق السماء للتشهد الاخير يسلم عن يمينه وشماله يرفع يديه بالدعاء راجياً
راجياً ان يغفر له الله خطاياه ونواياه !! يمسح على وجهه بكفيه ثم يتلمّس ذقنه . الجروح الغائرة التي لن ينبت الشعر مجددا في مكانها لحيته اصبحت مبعثرة وقبيحة انفه اصبح معوجّا ! يضحك لنفسه بسخرية
هل انتقم لك الله مني هل انتقم مني لكل خططي معكي ! فكل القصة الان اصبحت تدور حول امرأة
كل النساء سيلذن بالفرار عندما سيرين وجهي المشوّه وشعر رأسي المنتّف !! وعجز خاصرتي !!
هل كتبت وسجّلت ملائكتك كل ما جال بخاطري لكي .. كنت سأتزوجك فقط شفقة !! لم ارغب بامرأة تكشف عن وجهها وتحادث وتصافح الرجال !! لم ارغب بجاهلة لا تعرف كيف تقرأ القرآن إمرأة سأُعاني معها تفسير امور دينها !! لم اكن لامنحك الاطفال اتعلمين ذالك ؟!!اتعلمين عن هذه النية البشعة ..
لن يكون لي معك اولاد يكون خالهم خالد بسمعته وصيته وطيشه !!
كنت سأقهرك وآتي لكي بضرّة !! أتعلمين الان لماذا كان عقابي عسيرا !! لماذا كان انتقام الله جبّارا !
انتقم من كبري وتكبري !! هل سيفعلون بك وبخالد كما فعلوا بي ؟!! اسينتهكون جسدك ويستبيحون عرضك ! آه يا الله ,, اكتبت علينا المعاناة الى يوم نلقاك ؟!!
في الغرفة المجاورة حيث شقيقته تئن فكل ايامها ولياليها اصبحت عزاءًا لا ينتهي ولا يُمل !!
نفتقدكِ يا مريم !!
يمسح الدموع التي تجمعت على زاوية عينيه ينهرها ان تنزل رغما عنه !!
يا لقهرِ الرجال !!

،،،
بصعوبة استطاع ترتيب ثيابه في حقيبته لا يحب للخدم ان يلمسوها موعد رحلته الى المانيا لابد وان يجري جراحة ثانية على فخذه المُتهتك !! لا يستطيع ان يبتلع المسكنات كل الوقت ! فلم يعد تناولها مقتصرًا على الم فخذه بل وعلى الم خافقه المتصدّع غصة في حلقه يداريها بعجز ولكن على الاقل سيرى الغالية سيرى امه التي يتآكل قلبها قلقاً تبكي له همه وبُعده وغربته عنها وغربتها عنه عُد لي يا ولدي فلم يبقى في العمر الكثير
سعد الذي اسرع في حمل الحقيبة الى السيارة للمغادرة يصعد بجانبه مشوشاً .. ضائعاً ..
يقترح سعد عليه في هدوء يوسف ما رأيك أن أسأل صديقتها عنها ؟!! كي نعرف تفاصيل اكبر
يومئ برأسه حيرانا فهل ينفع الان معرفة اي شيء عنها فكل ما حدث حصل في غيابه اثناء حادثه وجراحاته ولم يعلم !!
لقد تخاذلت في انقاذك من ذالك الجُحر يا مريم !! يرد بهمس وحشرجة . لا ، لا اريد لاحد ان يعلم بهذا الموضوع يا سعد حليمة اذا علِمت ستقلب الدنيا علينا لا اريد ان افعل شيئا قبل ان اجدها !! وانت ايضا انتبه عندما تذهب الى الحي فالعيون الخبيثة كثيرة هم يراقبون الداخل والخارج اكيد ومن ثم يبلّغون !!
لا اريدك ان تقع في المشاكل والمصائب بسببي يسرح بنظره مخترقا كل تلك المباني العالية الى حدود المدينة المظلمة !! فتقلّب الحنين والمواجع ,,

الى أن خرج رجل المنزل الذي سمعها تتجادل مع احدهم :مريم ماذا يحدث هنا ؟
ارتبكت فهي تعرف جشع اخاها وقد يحرجها الآن أمامهم
يحيّ بيد ممتدة الى العم سعد وعلى وجهه ملامح سرور لرؤيته شكره كثيرا على خدمته لهم قبل ايام
العم سعد الذي ارتبك لم يدري ماذا يفعل الان هل يعطيه المال ام يتراجع ويودعهم؟! نظر مراراً الى السيارة والى الرجل الجالس خلف الشبابيك المعتمة فهم الاشارة وهمّ بالنزول !!
يقترب من الباب المُشرَع على مصراعيه يمشي بثبات ملتهما المسافة في خطوتين ناظراً بحاجب مرفوع الى مُحياها المرتعب كأرنبٍ مُحاصر !! نظرات الخوف والرهبة التي ملأت عينيها الثائرة
تختبئ خلف الباب ناظرة بعين واحدة مترقبة الى ذالك الجسد الضخم الذي غطى قرص الشمس
حتى خالد بجانبه بدا ضئيلا !! تبسّمت لنفسها في نفسها بخجل !!
ويبتسم ابتسامة صفراء في وجه من ظن انه زوجها مادّا يده يسلم وكأنه سيصرعه !
تستمع الى صوته العميق الغليظ الواثق النبرة يبدو مخيفاً وقادراً !
ضم خالد يده الى جنبه بألم !! كان فرحا لقدومهم هم الفئة المرموقة في المجتمع تسأل عنهم ؟!!
غطى بجسده العريض فتحة الباب التي القت بظلاله عليه يشعر بيداه مثلّجة من الاثارة وترتعشان من هذا القرب الجنوني يضعها في جيب بنطاله كي لا تكشف ما به ولكن العِرق النابض بعنفوان في صدغه لم يستطع اخفائه 
..انتي هكذا كلما اراك واقترب تنقلب موازيني ينقلب عالمي اصبح طفلا يتمنى ان تحمليه بين ذراعيك وتضميه الى صدرك ! يتهدهد على نبضك
كلمات قليلة لم يفهم منها شيئا ينصت الى ثرثرة خالد وضحكاته وحديثه مع سعد
وانا ويا انا اكاد اخترق الباب او اكاد ادفعه لأُبصرك حطمتي بلا جهد سدود قلبي لتدفعي بمائك العذب وتغسلينه من همّ السنين ايا طفلة مسحت على صدري لينجلي عنه سواد المحن ! بعد ان نظرت الى عالمي من زاوية العميان !
الطفل الصغير الذي جاء يجري من الحي هو نفسه يهرول شادّا طرف بنطاله بيديه كي لا يقع وجهه محمّر ولاهث من اللعب يدخل متجنبا لهم جميعا يبحث عنها عن ماما مريم
ماما مريم؟!!
اذا هي الحقيقة ولا مجال
مُحال !!
انها امه
يا ويل قلبي منكِ
اغمض عينيه في حسرة وكدر نطق بالسلام وغادرهم كسير الظهر !
يكاد يخر باكيا صارخا ممزقا صدره وملابسه فحبيبته ام وزوجة !!

،،،

الآن

يقف امام مرآة غرفتها يزرر البدله العسكرية ذات الرتب الثلاث ينظر الى انعكاسها تنام على بطنها على السرير الكبير ذو الاعمدة الخشبية الايطالية وحولها تلك الوسائد والاغطية الحريرية يغطي ظهرها العاري شعرها الحريري الذهبي لقد صحبته الى فراشها بنفسها ، فقدَ رغبته فيها بعد كل تلك الكلمات البذيئة التي خرجت من بين شفتيها الورديتين يعلم انها لم تكن في وعيها !!
  لقد تغيرتي كثيرا
لقد غيرتُك بيدي هاتين ، شكّلتك بمزاجي ولم يطب لي شكلك بعدها ! 
اصبحتي تشبهينني !!
 لم تعودي تلك الملائكة التي حلّقت يوما في سمائي ولكن ما زلت احبك حب يائس وبائس يا ياسمين !!

،،،


كانت في غرفة مريم تنتظرها لتغسل لها شعرها هادئة ، تحاول نزع بعض الخيوط البائدة من عبائتها
لابد وان تشتري واحدة جديدة وكذالك لمريم . يقضيان وقتا ممتعاً في السوق 
نظرة خاطفة الى يسارها،الى النمر الرشيق الذي يحاصرها في داره يحوم حولها مقتربا منها بقفزة واحدة،  بسرعة وقفت اصبحا متقابلين ينحني لها ويرفع اصبعه السبابة ويمر به على خدها الذي فقد لونه يهمس لعينيها المرعوبة الجاحظة الدامعة خوفا: متى سترضين عني ؟!!... اعلم انك تحبينني !! وحرارة انفاسه تلفح وجهها الشاحب وصفعة علّمت باصابعها الخمس على خده ليقف مستقيما ويعطيها ظهره ويغادر مهزوماً !
تركها خائرة القوى انحنت راكعة حاضنة نفسها بذراعيها !! تحاول تنظيم انفاسها المختنقة بيديه !
الملائكة امثالك لا يجب ان تنجّس لا يجب ان تلوّث بلمسات امثالي !!
ولكن
احبك
حب يائس وبائس يا وداد!!
،،،

فاردة شعرها على طوله الذي عانق الارض الحجرية تمسك بالمشط بين اناملها وتبدا بتسريحه تصيخ السمع الى حمود الذي يجري فرحا في المكان وترفع بصرها
حذاءُ لامعُ ملطخاً بالوحل بنطال اسود بحزام بني يغطي ساقين طويلتين قميص رمادي لصدر عريض
وفك قاس وشفتين مزمومتين وعينين خضراوين تعاني مرّ حبها !
شهقة قصيرة ضعيفة خيالية ينزلق المشط محدثا صوتا مكتوما يلفتها !! ترفع نظرها ولا تجده
لقد كان خيالا
صرت اتخيلك امامي في كل مكان ورائحة عطرك التفّت حولي كعناق !
دعني المسُك ايها السراب لِأُحولك الى حقيقة ! دعني بلمسة ارتكب معصية
حلّفتٌك
ألّا تتركني إلا وقد دعكت جسدي لتزيل عنه ... لوعة الحرمان !!

حور من حوريات الجنة
العذراء التي اتمنى !
احبك
حب يائس وبائس يا مريم !!
وكانت تلك بداية النهاية !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الخامس و الأربعين

  أشعل سيجارة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني ورمادك ضعه على كفي .. نيرانك ليست تؤذيني كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الو...