كان يستيقظ هذه المرة بلا كوابيس ، بلا اجهاد ، المرة الوحيدة التي نام فيها و فاق من نومه بكل راحة ، رأسه على الاقل ، عقله الباطن يسترخي في الظلام ، لا يوجد بشر يبكي عليهم هنا في الحلم ، لا يوجد جبال ولا انهار ولا حرائق و لا حتى ملائكة ، جو النوم كان هادئا مطمئنا ، ولكن .. هناك شد متعب ، شد مقيت ، يحرك ذراعه ولا يقدر ، يحرك ساقه ولا يستطيع ، امممممم ، اخذ يفتح عيناه رويدا ، ببطء ، شفتاه ملتصقتان ببعضهما البعض و رأسه رأسه يشعر بتعب عظام رقبته المنحنية للخلف ، صار يدفعها بالقوة لتستقيم ، شعره تمرد على جبهته يسقط على عينيه ، ظلام هنا ، هدوء هنا ، نور طفيف هناك في زاوية ما يقلق بصره فيغمض لثانية عينه ، دفء جميل يحوم حول عقله فيستشعر لذته ، همممم ، حاول مرة اخرى ان يحرك يده ، لا ، لا تتحرك ، غضن جبينه بحلاوة ، شد بقوة تمرد ، تحرك بقوة ، كل شيء فيه ثابت ، يا له من حلم شديد القتامة نهايته بشعة !
فتح عينه ، ضباب ، الرؤية بدت تنجلي ، رغم الم حلقه الشديد ، تعب عضلات ما بجسده ، رأسه يقابل سقف ما ، ظلام يحيط به ومن هناك ضوء خفيف ، سقف غريب ، قديم ، لمبة تقابل وجهه ، رمادي لونها ،محروقة ربما والا فأنها ستسطع فوق رأسه تشجه له شجا ، آآآآآآآآآآآآه ، صوت مبحوح لم يقدر ان يخرج منه اقوى و لا اعلى من ذلك ، شيء ما قد علق في منتصف حنجرته ، الم نعم الم في كل مفاصله ، تبا !
ارجع رأسه بكل قوة يمكلها الى مكانه الصحيح ، الان يرى كل شيء كل شيء حتى نفسه في مرآة خزانة عتيقة ، يرى ، انه معلق !
التفت يمينا الى الاعلى يده مثبتة بحبل غليظ في سقف الحجرة ، التفت يسارا يده الاخرى مثبتة ، صدره عار ، قدماه مثبتتان و مربطتان بعضهما ببعض ، قد كان مصلوبا في الهواء هكذا !
لمحة اخرى الى انعكاسه في المرآة ، نظر الى عمق عينيه ، الى تعاسة وجهه ، الى خذلانه الى صورة جسده القوية جدا الى اسمرار بشرته الى عضلات صدره و ذراعيه النافرة بقوة ، الى بطنه و خصره الى البنطال الذي يكاد ينزاح عنه ، الى قدميه الحافيتين نطق لنفسه : تبا !
ادار رأسه ، حجرة صغيرة ، حميمة ، رائحة نظافة و بخور تعبق في جوها المظلم هذا. كانت دافئة وهناك اسفله فراش متقطع ومفرغ من حشوته وكأن احدهم قد دمره اثار السكاكين لا زالت واضحة فيه ، احدهم انتقم من هذا الفراش ، وهنا الباب و هنا ايضا مكتب صغير طاولة خشبية امامها كرسي و تجلس عليه صغيرته !
كانت هناك جالسة تحمل في يدها قلم حبر و امامها العديد من كتب القانون الضخمة و كشاكيل صغيرة و كبيرة و اوراق بيضاء وهي ليست كما هي ، ليست كما تركها وليست كما رحلت ، ديالا ، تجلس هناك وكأنها من عصر قديم ، عصر السحر و السحرة ، تجلس كأنها تكتب التعاويذ ، تجلس بعينان تتقدان شرا ، ووجه عبوس فيه قوة ، و حاجبان تمردا يحميا عيناها بحراب تصوب ، وفمها معقود كالقناديل الصغيرة المشتعلة ، ديالا ، كانت ارملة سوداء تلدغه بسمها ، شعرها الذي احب قد قصته و جعدته و جعلت خصلاته تتساقط على وجهها مثل عناقيد العنب شهية مثمرة لونه صار بنفسجيا صارخا ، ديالا ، عنقها يميل عن كتفيها ترتدي وشاحا صوفيا قد وجدته هنا وهو قد حاول قبل زمن ان يخنق به صاحبته حين رآها في دورة المياه مع رجل خمسيني يقتحم صدرها و فمها علنا !
ديالا تجلس وهي ترتدي قميص قصير جدا يعرفه يشم رائحته حتى يشم جسده فيه ، ترتدي قميصه فقط !
ديالا تكشف عن وركيها و ساقيها و قدميها تجلس هناك وكأنها تطالع الاخبار و كأنها تهتم !
كان يجول ببصره عليها كلها من اعلاها لأسفلها ، وجهها يا الله ما احلى وجهها ، ما اجمل وجهها ، هي منها وهو منه !
كلها لها ، وكله يشتاقها ، على الاقل انها هنا يراها ، بخير !!!
كان يحتمل كل وضعه كل انهيار جسده المعلق و المربط بحبالها ها هنا في بيتها و يا بيتها قد التقينا فيك مرة اخرى ! ، عساها قد فرجت عندك يا بيتها !
لم تلتفت ديالا ، لم تنطق ، كانت فقط تعبس عبوسا لذيذا لكتبها ، ديالا لم تتأثر ولم ترفع رأسها لتعرف و ليعرف كيف علقت ضحيتها !
من علوه هذا من رأسه الذي يكاد ان يلامس السقف اهتم قليلا ، وهي هناك جالسة تطالع الاخبار !! .. بدت تتململ ، يحيى عمها وعى لنفسه ، يخترقها بنظراته وهي بدت تقلق ، لما ينظر اليها ؟!! ماذا يريد من النظر اليها ؟!! لما يخترق روحها هكذا ؟! لما يصر على اغواءها هكذا ؟! الم يكتفي .. عمها .. من حبها ؟!! صارت تتعرق ، حبات باردة صارت تتكون على جبينها ، رفعت منديلا ابيضا من علبة على الطاولة ومسحت برقة تلك الحبات اللئيمة ، عبست وما الذ عبوسها ، توقفت عن الكتابة توقفت تماما وجمدت حركتها و صارت عيناها لا ترمشا ، سرحت ديالا بعقلها ، ذهبت بعيدا بعينيها ، رجعت بالزمن للوراء الى تلك الخيمة الى غرفته الى لحظة ان تملكته وقالت له .. انت لي .. الى تلك الساعة التي سمعته يقبل امرأة غيرها يحب امرأة غيرها يمارس الحب مع امرأة غيرها وهي حتى لا تعرف اصل هذا المصطلح ، ما هو الحب و كيف يمارسه الناس ، اليس الحب شعور ، قلب ينبض ، خيال واسع ، دم يتفجر في العروق ، امنيات مؤجلة ، اشياء لا نملكها ، مشاعر قد تتخطانا تغمرنا و تنسينا و تذل ما فينا ! فكيف يمارسونه ، لما اصبح الحب فعل ؟!
حركت رأسها الى هناك الى الجهة الاخرى ، غربت عن وجهه صار ظهرها له ، لا يرى شيئا لا يرى وجها يرى شعرا كثيفا ملفلفا يرى قميصه الاسود و ساقيها الراقصتين ، ابتلعت ديالا كل شيء كل شيء و رجعت الى وضعها الاصلي تقرأ و تطالع الاخبار !
وهو هناك في العلو معلق ، هل يشعر بالحرارة ، بالجوع ، بالعطش ، لا بل يحتاج الى سيجارة ، صارت يداه كفاه تنقبضا بشدة ، اصابعه تجتمع ثم تنفرد في حركة اتوماتيكية كي يجري الدم فيها ، عضده كل عضلة فيه تكاد تنفجر تكاد تنسلخ عن عظمه اغلق عينه بقوة ، هل تختبره ، هز رأسه ، اغمض عينه يحاول ان يتنهد ، فلتفعل فيه ما طاب لها فهو يستحق ، يستحق ان تنتقم منه اي انثى وكل انثى !
صار يعتصر وجهه عصرا حتى برزت عروق جبهته ، ديالا امرأة سادية ، تمارس قوتها عليه ، هو المربط ، غدرت به ، ديالا السارقة الصغيرة !
همس مبحوحا : هاتي سيجارة !
يا الله كيف لصوته ان يهزها هكذا ان يرعد قلبها هكذا ان يزعزعها هكذا ، ان يمزق حشاها و يلوي امعاؤها ، العم يحيى محنك يعلم ماذا يفعل اليس كذلك ، وضعت لثوان القلم بين شفتيها ثم لعبت به بين اصبعيها ، لم تتكلم معه ديالا ، لم تلتفت اليه لم تنظر اليه حتى يا الله على قوتها ، ديالا لم تتزعزع لم تقفز لم تندهش ولكنها نظرت الى علبة سيجاره التي اخرجتها من بنطاله ووضعتها على الطاولة ، سحبتها بأصابعها الرقيقة اخرجت واحدة اطالت النظر اليها امالت عنقها قليلا جدا اغلقت عيناها و السيجارة بين اصبعيها ينظر لها بعينيه تلك و شبح ابتسامة يرتسم بين عينيه هزة خفيفة على جانب شفته ، قامت تحركت اخيرا ليراها كلها هكذا لم يرى قبلا ساقيها ولا فخذيها عاريين هكذا ، قميصه مفتوحة ازراره من اعلى الى ما بعد بروز ثدييها وهي لا ترتدي حتى حمالات للصدر نفخ صدره وجمع هواء الحجرة في عمق البالون ما بين رئته وظهره نعم بالون كبير لم يعد الهواء يكفيه ، كانت متمردة ، شعرها ذاك كشخصية من الانمي يقع على كل وجهها في وسط سواد عينيها و جمال خلقتها و بروز ذقنها ، قامت ديالا وفيها سحر فيها ثورة فيها خلاص للعمر فيها شهوة منتظرة ، قامت ديالا تتجه نحوه بين اصابعها نار و رماد ، بين اصابعها ماض و حاضر ، تحمل روحها بين اصبعين تقترب ديالا و تركب على كرسي قبالته تقترب حتى يشمها حتى يراها هكذا كلها من شعرها لاخمصها ، يرى كل تفاصيل وجهها تقترب حتى تكاد تطبع صورة وجهها في وجهه ، تضع السيجارة باصبعيها بين شفتيه تلك اللمسة تغويها تفتح القداحة و تشتعل النار بين عينيهما عيناه تلتمع بشدة في وجهها و عينها تلتمع بمكر في نفسها ، يصبحا هكذا في حجرة مظلمة النور في زاويتها هناك بعيدا عنهما تشعل له السيجارة فيشفطها ، على مهل ، على حب ، تسحب السيجارة من شفتيه كي يعبر دخانه جدران تلك الحجرة يتطاير هكذا بينهما يتشكل في الهواء كمجموعة من الغيوم الممطرة ، كحمامات بيضاء تحلق كالسراب بين وجهيهما ، هو يحدق فيها البصر وهي هناك لا تنظر الا لاصبعيها ، لم تنطق ديالا ، لم تنظر ديالا ، يمرر نظره الى نحرها الفتان ذاك ، يشفط سيجاره ، يرفع نظره الى شعرها و لونه العجيب و لفائفه الحلوة الناعمة ، رائحة صابون تفوح منها ، تتجنب ديالا النظر الى عينيه ، النظر الى شفتيه ، النظر الى صدره ، تتمتع ان تراه هكذا معلق، ان كان هذا يسرها فسيبقى هكذا ، ان كان هذا يفش غليلها لا بأس عسى روحها ان ترتاح ، فلتفعل كل ما تحب ان تفعل هو هنا ، محبوس بها معها ومنها ، من عقدته هذي لن يقدر ان يفكه الا هي ، و بمعرفتها ، و بمزاجها ، يا الله ، كم ابتعدت ، يا الله كم تمردت ، اكانت هكذا ام تغيرت ؟!
همس في اذنها : تريدينني هكذا ، خذيني ، كانت انفاسه الدافئة تغزو صمام قلبها تحرك خصلات شعرها تشعل النار تحت دمها : كُلّي خراب ، اما ان تقبليني او تتركيني !
لم تنطق ديالا ولم تنظر اليه ، اكمل السيجارة نفخها فوق رأسه ، ينظر الى جانب وجهها الجميل يا الله يا وجهها كم يشتاقه ، انفها هذا المرفوع عاليا بعزة بفخر ، شفتاها هاته بلون الزهر ، حدة نظرتها و حاجبيها كآيات عجيبة لخلقة الله ، يا الله كل لمحة منها هي ذاتها ، فتية ، كما كانت اختها او اي كانت قرابتها بها او هي الشبه الاربعين بحبيبة قلبه !
كلما دفع الدخان خارج انفه او فمه يذكرها اول مرة دخن جانبها حين سحبت الدخان من فمه تضعه في فمها تفجعه فيسحبه بسرعة من فمها غاضبا منها فترفع له حاجبها تهمس عند فمه : اخاف على شفتيك و اغار عليهما من تلك السيجارة !
اغلق عينه بشدة تعود له كل ذكرى اليس هنا هو في بيتها من اجل ذلك ، ترك كل شيء و تبعها حتى في بؤسه ، تنهد بعمق ، حرك قليلا كفيه و اصابعه الدم يتجمد في كل جسده قلة الحركة تقتله ، ابتعدت نزلت عن الكرسي ووضعت السيجارة في المطفأة و جلست ، لا يعلم كم الساعة لا يعلم عن اليوم هل نام يوم او يومين ام اكثر ، كل ما يعرفه انه عالق معها حتى تحرر له قيده ،
تستمتع ديالا باللعب في جسد ضحيتها ، لما لم تقيده على ذاك السرير الممزق ، لما لم تقيده على كرسي مثلا ، ما هذه الطريقة في الانتقام ، متعبة ، تبا !
الكثير من االحديث المؤجل بينهما ، الكثير من الاسئلة الكثير من التهم الموجهة اليها ، سيعطها وقت تلك السارقة الصغيرة ، التي تجلس هناك تفتح كتبها ، تمارس القانون على طريقتها ، تنفرج ساقاها ، ترفع كفها الى عنقها تحك ما خلف اذنها قليلا ثم تتوقف كفها داخل قميصه عند صدرها ، الصدر الذي لمسه و امسكه بيده يوما تضل كفها تداعب قمة نهدها ببساطة تمسك بقلادة معلقة على عنقها تتلاعب بها ترفعها الى شفتيها تعلقها بين اسنانها و تطبق عليها بشفتيها ،ترفع كفها تحك شعرها تحرك خصلاته ترفعه بكلتا كفيها الى فوق يتجمع كحبال سفن مترامية ، يتدلى جانب قميصه الايمن عن كتفها كاشفا عنه حتى يرى عضدها تبحث عن شيء تثبت به شعرها ، يميل رأسه حتى كأنه يريد ان يرى كل وجهها اهتز صدره رفع حاجبه افترت شفته عن ابتسامة شقية عض شفته ..
حسنا لو فقط تضع الكرسي تحته سيجد متعة اكبر في اذلاله بدل ان تجعله معلق كالمطلقة ، قامت من مكانها تترك الغرفة تعطه ظهرها و تخرج نظر بسرعة الى الحبال الى عقدتهما الى كفيه المتعرقان ، تبا لها ، ما كل هذا الجبروت يا سيدة ، كوني رقيقة ، رفيقة ، لا تمشي على قلبي لتمزقيه بكعب قدميك فهو قد تمزق قبلك و بعدك الف والف مرة !
تركته وحيدا في حجرة شبه مظلمة لما ، اختفت ديالا ، هنا ، هنا كانت ، هنا اختها ربما عاشت ، جاء ليبحث عن تاريخها هنا ، يبحث عن اجابات عنها هنا ، لما السرير ممزق ، ينظر حوله ، الخزانة ستنهار ان رفع لها ساقيه و ضربها ، لا يعرف كيف يحتمل السقف ثقله ، متى علقت كل هذه الاشياء فيه ومن ساعدها ، تبدو هنا وحدها ، كيف عرفت عنوان هذا البيت ؟! لما جاءت له ، يا الله اغلق عينيه بقوة رأسه بدأ يتصدع ، الف سؤال و سؤال في غمرة كل هذه الاغراءات التي تمارسها عليه ، كانت طفلة ، فلما اصبحت امرأة هكذا بهذه السرعة ، غيرت شكلها ، برائتها ، شعرها الناعم المملس الطويل ، غيرت حتى عفتها !
التقط انفاسه بقوة ، لن يحتمل ان يبقى معلقا هكذا لباقي الليلة جسده سينهار لن يحتمل ،عليها ان تقرب الكرسي كي يريح عضلات ذراعيه على الاقل ! ماهذا الظلم ما هذه الهمجية !!
لما لم تنطق ، هل تريد ان تقضي المدة التي قررت ان تعذبه فيها معلقا بلا ان تنطق ان تقول ان تبرأ نفسها !
لا تظن حقا انه سيجعلها تنفذ من فكرتها الخبيثة هذه ، صوته اختنق بسبب اعتداءها عليه ، تلك القفزة .. تقفز .. الان الى عقله ، بسرعة شديدة يراجع نفسه ، تلك الرقصة ، تلك الجرية ، شرفة حجرته ، كلها تشير اليها بأصبع وحيد !
يسمع الان حفيف خفيف ، اصوات غابة خارج هذه الحجرة وراءها ، تكاد الاهات تخرج من فمه متعب بدأ يتعب عضلاته تمزقت ، ماذا تنوي ان تفعل ، كتفاه سينفصلان عن ذراعيه بدأ يشد نفسه بقوة في اتجاه الحبال يرفع نفسه الى فوق يريد ان يريح عضلاته قليلا ، جسده بدأ يتعرق صدره تبلل ، الاجهاد قد اخذ منه مأخذ ، طريقة صعبة في التعذيب اين رأتها ولكم من الوقت انتظرت كي تنفذها عليه ؟! من اين جاءت ديالا بكل تلك القوة !
اين اختفت عليها اللعنة ، صوته بدأ يخشوشن صار يصدر اصوات معاناة من حنجرته ، وهي اختفت وكأنها تعطه فسحة حتى يتألم براحته حتى يتلوى براحته ، يضغط على اسنانه بقوة ينتفخ وجهه حتى تكاد عروق جبهته ان تنفجر فيرتخي كما كان، يهبط جسده يتدلى لا يقدر فيشتم : تبا لك!
حاول ان يلمس الكرسي برجله ان يسحبه في اتجاهه مد ساقيه لمس طرفه ولكن لا الكرسي بعيد كفاية كي لا ينقذه ، اخخخ يا الله !
نظر الى الارض وضل رأسه متدليا وكأنه قد قُتل ، ارتخى كله مع بعضه و انشد جسده اكثر الى الحبال ، يا الله ولم يقدر ان يقول او ينادي سواه !
تعلق هكذا بقي هكذا نام هكذا لا يدري لكم من الوقت الا انه لم يتحمل حتى فتح عينه من جديد ، لا يدري كيف اغمض عينيه وكيف غرق في نومه من جديد بهذا العمق بهذا السواد بلا احلام هكذا نوم ابيض او نوم اسود ، نوم يجيء و يذهب دون اي ذكرى !
استفاق على نور ، على ضوء ، على شمس ، لا غيوم ، القليل من البرودة في الجو ، ينظر يمينه هناك شباك كبير مفتوح على مصراعيه ، ينظر بعين شبه مغمضة ناعسة بالكاد يفتحها ، لم يعد يشعر بجسده ولا بعضلاته ، كل شيء قد مات ، قد فقد الاحساس ، لا! رأسه و عقله لا يزالا واعيين لما هو فيه ، هناك يمينه الاشجار الخضراء تتحرك اوراقها ببطء شديد ، الهواء يا الله يخترق جلده ما احلاه هواء الجبل اغمض عينه مستمتعا ، رفع رأسه مبتسما ، يلتفت ينظر الى جسده في المرآة يحرك شفتيه لنفسه : لا تريد ان تنتفض ؟!!
يهز رأسه معارضا ويبقى هكذا يأكل شفته ، اين هي ، اين اختفت ، لا تظن حقا انها قد تتركه هكذا ، حسنا هو لم يعد يعرفها ، من خنقته و علقته هكذا لا يعرفها ، من استعملت تلك القوة كي تشل حركته هي متمرسة لا يعرفها ، ليست تلك صاحبة الفساتين الرقيقة و الاحذية البيضاء ، ليست تلك صاحبة العيون الخجولة و لا الخدود الحمراء ، ليست هي من ركب معها على ظهر المهرة و ارقدها على صدره ، هذه هي ليست تلك و هذه لم تنطق حتى ، هل فقدت هي ايضا النطق مثل زهرة ؟!
رفع رأسه على خطوات بيضاء على اصابع ملونة جسد ملفوف في فستان رمادي حريري يلتصق بجسدها كأنه جلد اخر مفتوح جانبه حتى اعلى فخذها يكشف كامل كتفيها و ذراعيها و يتربع عند اعلى صدرها ، شعرها تتركه ملفوفا مشرقا جميلا تضع زينة خفيفة تناسب لون شعرها عيناها توسعتا اكثر بسبب رسمة عيناها البنفسجية و ماسكارا جعلت عيناها كأنها من عالم الجان قد حضرت قد سببت بمظهرها هذا طنينا في اذنه يا الله كما بدت .. متمكنة !
فتح عينه فيها وهي هنا تجذب الكرسي و تقف عليه تقابل جسده تضع علبه ماء على شفته يرتشف و يسقط باقيه على صدره حتى يبلل بنطاله يشرب كأنه في لهيب نار ترتجف اعضاءه تمردا ، يرتشف و عينه في عينها الرافضة النظر اليه لا يعلم لما ، الى متى ستحتفظ بحق الصمت ! ليس هناك عدل ؟! قولي شيئا يا جريئة ، اهمسي حركي شفتاك لا تتجمدي مثل الجريدة ، تستغرب صبره تستغرب قوته ، لم يتذمر ، كأنه يستمتع ، لم يتأثر ، يعز عليها ان تفعل فيه هذا ولكنه امر لابد منه ، العم يحيى يجب ان يتعلم درسا !
امسكت علبة المياه بين يديها وقفت هناك طويلا تطأطئ رأسها لا زال اعلى منها و اضخم و اجمل و احلى مخلوق قد رأته يوما ، يضل العم يحيى حاملها على اكتافه ، وليها في صغرها ، يضل العم يحيى حبيب اختها و قاتلها !
تلتفت له اليه كله ترفع رأسها تتخطى عينه تنظر الى شعره تعد خيوط الشيب هنا و هنا ، ترجع تتأمل في وجه مجهد ، ترجع لترى عروق يده ، دعني اعدها فعدها سيسليني ، دعني المس صدرك فلمسة جلدك تفنيني ، الله ما اجمل رائحتك ، تبغ و حطام يبليني ، عيناها تدور على كل ما فيه تدور بحنين ، تدور بوجع فيه ، تنظر الى شفتيه تتسلل تداعبها بسكون : ارتكبت فيا جرما !
جاء صوته بقدر ما كان متعب بقدر ما كان جياشا عيناه تلمعا حزنا عليها لا عليه : لم اقدر !
ارتعشت شفتاها لوتها تريد ان تتحكم في ذاك الانهيار الوشيك ، تنظر الى صدره المشدود النافر هكذا بكل عروقه بكل عضلاته المنفجرة كم تحب ان تلمسه كم تحب ان تسمع صوت قلبه الان هل يركض مثلها هل متعب مثلها ام انه لا يعتبر لوجودها تتمنى ان تلمسه واه لو تفعل : قدرتها مع امرأِة اخرى !
كانا قريبان جدا انفاسهما تتشابك تتخالط ارواحهما تتعانق يعرفها هي موجوعة منه : انتِ غير !
يا الله لا زال يلقي اعذارا لا زال يكذب عليها يظن انها ذاتها تلك الطفلة الساذجة التي اتبعته مثل البلهاء مثل المفطومة عمياء عن كل شيء سوى شهامته سوى عطفه و حبه سوى خبرته في العشق ، يضحك عليها ولا زال !
غضبت منه اخذت تتنفس بسرعة و قوة في وجهه رفعت عينها لاول مرة في عينه تنتقم منه فيه : مخادع كذاب ملتو، سمعتك انا سمعتك تلك الليلة سمعتك حتى صم صوتك اذني !
ضربته بقوة على صدره صفعته هناك وسط قلبه صفعة مجلجلة بلا رحمة حتى نفخ صدغه رفع رأسه سيحتمل سيحتمل كل عنفها و كل ثورتها اهتز شعره وهو يقرب رأسه من رأسها : ديالا فكيني ولنجلس و نتفاهم هذا ليس بالفعل الصحيح !
نزلت من الكرسي : انت لا تستحق فرصة اخرى قد استنفذت كل فرصك معي ، انت فقط ستبقى هنا حتى امل منك!
فتح عينه على وسعها فيها بالكاد ينطق : هل جننتِ ، ديالا لا تغضبيني منكِ ساعديني و ساعدي نفسك على حل الامور بيننا ، استطرد موجوع من الم كتفيه تبا عظامه تأن وهي بلا رحمة يريد ان يدخل دورة المياه و يريد ان يتمدد لم يعد يحتمل التعلق هكذا : انتِ هربتي من البيت جئت بحثت عنك !
رفعت له اصبعا متهما ، اصبعا مكسورا ملتويا : انت ...لم تقدر ان تكمل كل الكلام واقف في حلقها انكمش كل وجهها وجعا لن تبكي لن يراها تبكيه اللعنة عليه وكل ما فيه : انت ضحكت علي ، انت .. بلعت ريقها وبلعت معه المهانة : علقت قلبي و خنت !
كانت الدموع تنزل بحرارة حرارة مقيتة محرقة كانت كلها تتقد كلها تتفتت تركها ويا الله كيف تركها كيف قال لها انت لا تنفعيني اهملها و اهماله لها مزقها بعد ان علقها قبلها و تركها تطير في الهواء بلا جناحين تسقط تتلقاها الارض تهشمها قتل الحب فيها : زمت شفتيها بشدة فليرى ما فعله فليرى عبثه بها الى اين اوصلها ، هل تعجبه الان ، هل يعجبه تمردها ، هل يعجبه الان مظهرها ، ماذا يريد مااااااااااذا ترييييييييييييد صرخت به بلا وعي صرخة موجوعة انثوية مفزوعة يراها هكذا والحزن يحتضنها نعم يفعل هي وهو صارا واحد صارا توأم ، تبا لتلك الايام و تبا لهواه الذي جعله بجيدها و رقتها ينعم ، وجدها و حارب لوجودها معه ثم تركها تنهزم ، قل ، قولي ، أنت تركتني للمرة الثانية لامرأة اخرى دون مقاومة ، كان عليكِ ان تحاربي من اجلي مثلما حاربت اخريات و تمكن !
لا ، لا تلوميني ، فاحتياجي لإمرأة لم تريه كنتي بعيدة عنه كنت فيه طفلة !
كان نفث الهواء الساخن من انفه ناتج عن غليان فيه ، يريد ان يندفع اليها ان يرمم كل مصائبه فيها ، فالظاهر ان النساء لم يرتكبن هن الوحيدات فيه جرما بل واحدة بعد اخرى هو من ضيعهن و شيع جثثهن مثل زهرة و سكينة و غاليته و هي ها هي تقف هنا تواجهه : كنت فقط وجها لحبيبة ، وجها مكررا منسوخا لشقيقة ، لا تدري انني ادري ان غالية هي اختي ، تعلقت بوجهي الذي هو وجهها ، ماذا ستقول لو قمت بحرق هذا الوجه ماذا ستفعل لو قمت بتشويهه
يا الهي لا لن تفعل فهي يبدو انها مجنونة لدرجة انها قد تفعل اي شيء كي تنتقم منه فجع فتح فاها يريد تهدأتها ، تبا ليس بيده حيلة هو مقيد حقيقة مقيد ان حاولت ان تفعل في نفسها اي شيء لن يستطيع ان يتحرك ولا ان يتصرف : ديالا صغيرتي ارجوك انا ارجوك لا تفكري سلبيا في علاقتي بك ، انت روح اخرى ووجه اخر و شخصية اخرى ، لا تخلطي الامور ببعضها !
قلبه يهتز هزا خائف خائف جدا لا يريد المزيد من المصائب هو قد اكتفى ، ربما من كل النساء قد اكتفى ، يراها تدور هكذا في المكان بعد سكونها ذاك الليلة الماضية ، ديالا تتلوى من الحب من القهر لما يفضل نساء اخريات عليها وهو من اغواها هو من وضعها في طريقه هو من اعلن تحكمه بها و سيطرته عليها وهي وافقت عن طيب خاطر ارادته عن طيب خاطر
حرك يده بقوة يريد فكها من وثاقه : ديالا فكيني و لنتكلم بهذه الطريقة لن تستفيدي شيئا !
اقتربت منه اكثر عيناها تنظرا عاليا الى وجه ، وجهها مقهور منه معذب مخترق لغة جسدها الحزين و الغاضب : لما ما الفائدة هل ستحبني هل ستتمناني كما تمنيت تلك العاهرة !
فتح عيناه فيها غضبا بلهجة محذرة : زوجتي ليست عاهرة !
كانت عيناه ترسلا لها شرارا متقد لن يسمح لها ولا لغيرها ان تصف سكينة بذاك الوصف لن يسمح لاحد ان يكون لها مثل آيدين للمجدلية وهي ارتخت تماما ارتخت لدرجة انها جلست على حافة الفراش تنظر للارض بصدمة توقفت الدموع على اعتاب جفنيها فاتحة فاها تلك اللحظة جسدها انحنى ، عيناها تاهت ، تلك التي دخلت عليها كانت هي ذاتها ؟!! زهرة ؟!! كانت صورتها تلك تثير فيه الشجن يا الله كم بدت تلك الدقيقة منهزمة ، طول و جمال ساقيها و فخذيها تلك الثانية كانا يحتاجا منه ان يخزن لها صورة في عقله صورة ترويه كلما ضربته الخيبات لتسلخ له وجهه سلخا ، ضل يراقبها ، متحسرا ، متوجعا ، كثير عليها كل ذلك ، هي صغيرة ، امور الكبار هذه هو الذي ادخلها فيها ، اغمض عيناه يعتصرهما عصرا يقول تبا والف تب مالذي فعله بها كم عاشت من الايام هنا في هذا المكان الموحش تخطط و تنفذ كم بقيت هنا تنتظره ، عذبها و اسرف في عذابها ، قامت من فورها توجهت الى الحبال ارختها حتى سقطت ذراعاه قليلا جذبت الكرسي وضعته امامه وكان وجهها مبللا لم تكن مهزومة لم تكن ضعيفة بل في عز قوتها انهار على الكرسي لا يصدق انه اخيرا يجلس يرتاح عضلاته تأن ..سيسقط ..كل شيء فيه ليس في مكانه ، سمحت له بالجلوس ولكنه لا زال معلقا !
خرجت و تركت له الغرفة يجمع افكاره و يعيد ترتيبها !
صار هكذا ينحني جسده حتى يكاد يميل عن الكرسي ساقطا لو فقط تفك قيد يديه و قيد رجليه لو فقط تسمح له ان يأخذها في احضانه يهدهدها يطمأنها ، ادخلته في معمعة اخرى ، لا يكفيه هو ، هي حتى لا تعلم بموت امه ، لا تعلم بالدمار الذي حل عليهم ، الا يوجد في قلبها رأفه ، ما هذا التصميم وما هذه الارادة !
اين هي لما تذهب بعيدا ، لما تختفي ، لما لا يسمع لها صوتا عندما تخرج من عنده ، لما تضل متصلبة جامدة يريد ان يرفع يده يلمس ما جنته على عنقه تبا لها كادت تفصل عنقه عن كتفيه يرى في المرآة حين يرفع رأسه خط رفيع ازرق بنفسجي حوله ، كانت بلا رحمة ، الهي يا بنت ما هذا الاستقبال المميت !
شعره بدأ يضايقه يمنع عنه الرؤية الجلية يقع امام عدسة عينه فيشعر انه لا يرى سوى ارواحا هنا تتطاير في هذه الغرفة الصغيرة ، عظام ظهره تلتقي و تتشابك خلفه من ضغط الحبال على رسغيه يضل يشد و يرتخي ولا فائدة اه اهههه تعب حقا تعب ، لن يترجاها ، حتى وان قطعته قطعا لن يفعل ، سيبقى صامدا ثابتا سيريها مع من هي تلعب !
دخلت عليه من جديد لم يتغير شيء فيها فقط ملامحها ازالت عنها اثار البكاء و اثار الثورة ، جددت زينتها يا الهي لديها كل الوقت و هنا هي بجسده تلعب ، جالبة في يدها صحن فيه ارز و دجاج يا الله يا لكرمها ، اهو وقت ظهر او صبح لم يعد يعرف تقدمت بكل برود رفع جسده من كتفيه حتى استند على الكرسي من خلفه نظر الى عينيها فقط لو يعرف فيما تفكر يحدق فيها بقوة يضيق عينيه فيها لم يغب وجهها عن مدى نظره كان وجهها مرتاحا كان جميلا وهي تجلس مفرقة ما بين ساقيها تلتصق بخصره على فخذيه هكذا تمسك بملعقة في يدها و تبدأ تلقمه اكله ، اكل في صمت ، لم ترفع عينها في عينه ، كأنها جلاد مأمور تفعل ما يراد منها فقط ، لم يعد يفهم !
قريبة قريبة جدا جسدها نار متقدة حااااارة يا الله على سخونتها قرب جسده البارد الذي لفحته الريح حتى شبعت ، قربها ، عطرها ، لون شعرها ، نهدها الذي يفصله ذاك الحرير يفصل دورانه يفصل بروزه و يفصل حلماته يلتصق بصدره يهتز باهتزازه كانت كارثة كانت لعوبا ، فخذها كله ارتفع عنه فستانها اللعين ذاك كان يبتلع ريقه بصعوبة مع حبات الارز التي تغزو حلقه تتدافع كجيوش وراء بعضها البعض كأنها تنوي خنقه ، كانا يأكلا من نفس الملعقة ، تلقمه واحدة و ترجع لتأكل من بعده ، يشعر بدغدغة عميقة وسط خصره تبا لها ان لم تقم الان سيخسر امامها سيخسر حتى تلك الحبات التي ادخلتها الى فمه بأصابعها تخترق شفتيه المبللتين بريقه و تلمس اسنانه حتى طرف لسانه برقة ، اغمض عينه عنها يقول تبا ، هلا ابتعدتي ، ماذا هي فاعلة به ، جعلته يغلي غليا : قومي عني ابتعدي !
قالها وهو يلهث ، لو بيده لخنقها هذه الساعة ، كان وجهه يتحرق منها عيناه ترسل شرارا بارقا سيشقها ، وهي لم تكترث هزت كتفيها بلا مبالاة ، لوت شفتها كأنها ترد كلامه الى حلقه فيبتلعه : تخاف !
نظرت الى لون عينيه ببراءه عينيها : لما.. انا لم افعل لك شيئا !
يا الله يا الله وحدك الاعلم كان يناجي ربه في سره يغمض عينه بقوة يرفع رأسه للسماء ، انفاسها تضرب فمه : قتلت اختي ، تريد ان تقتلني ايضا !
فتح عينه بسرعة فيها مفتوحة عن اخرها لا يصدق ما تقول وجهه كله استغرابا ، يبحث في وجهها هل صدقا ما قالت : انا احببتها وهي خانت !
خرجت الاجابة من شفتيه ، هل يعترف انه قتلها ، هل يعترف ان غيرته اعمته و قتلها ، يدافع عن نفسه عن حبه كان وجهه متألما ، كان هو رجل أخر شخص أخر لم يعرفه ، عاش حياته يبحث عنها في كل وجوه العالم يفعل ، يؤمن انها هناك تعيش تتنفس لكن في اي عالم لا يعلم لا يعلم ، هناك مرة شم عطرها رائحتها عندما كان مهزوما مريضا ، ليست روحها الم تفعل ، اتتعقبه حتى في حياتها الاخرى ، علبة الدواء تحمل ريحها و ما اطيبها من ريح يا الله كأنه يشمها ، كانت ترى كل ذلك في عينيه ترى حبه ترى قهره ترى عشقه ترى ندمه كل شيء كان يتلون امام ناظريها ، تركت الصحن من يدها بسرعة رفعت يديها الى وجهه الى شعره تبعده عن عينيه فينظر لها مبتهلا تستنطقه في هزيمته : أحببتها !
كانت تغص بكلماتها تتوجع تتقلب تتمرمر يا الله : اكثر من روحي ! أجابها !
يا الهي لا تعرف الان ما تفعل لا تعرف كيف تتصرف عيناه دمعتا تلك اللحظة لم تظن انه سيفعل يبكي من اجلها من اجل من قتلها من اجل من خانته و حملت من رجل غيره ، هل خانته مع زكريا على هذا الفراش الممزق صارت التفاصيل تنزل على رأسه تتشكل تتكون و يداها عالقتان هناك جانب وجهه تحمله بين كفيها لا تريده ان يسقط لا تريده ان ينحني قربت وجهها منه تلصق شفتيها بشفتيه كما في ذاك الزمن فعلت هو لم يقتل الحب فيها تلك الليلة كما توعد ، صارت شفتاهما متطابقتان بهما حرارة تذوب جليد ، تريد ان تبقى هنا في هذا الركن من العالم يفنيها و تفنيه ، تبقى هنا ينهي اعصابها و تنهيه ، يبقى هنا يحرق بها البيت و يتصرف فيه كمجنون : كفى كفى ديالا ابتعدي حرري قيدي انتي تتعبينني !
كان همسه متطرفا محموما لم يعد يحتمل هذا الوضع بهذا الشكل ان يتم استغلاله نعم هي تستغله ، هو لن يفسدها ، لن يسلبها براءتها ، تريد ان تبرهن له شيئا و فعلت ، اغمض عينه ان لم تكف لن يتحكم في نفسه بعدها خصره يتلوى حتى جاءتها صرخته تهزها تبعدها تسقطها غاضب سيجن منها : ابتعدي ، صار وجهه كله حانق كله دمار ينظر لها بغل يستطرد بقوله في وجهها المفجوع ذاك الذي اصفر فجأة غاب الدم عنها تنظر له بعين مفتوحة تمسك شفتها بيدها يا الله كم غابت في تلك القبلة يا الله ما اروعها يا الله ما اطيبها : فكيني فكيني عليك اللعنة لا تلعبي هذه الالعاب معي ، هل تعرفين نهايتها هل تعرفين خطورتها ، هل جننت ، اين هو عقلك ، اخفض نبرة صوته ، لانت عيناه : ديالا لا اريدك ان تفسدي حياتك بسببي لا زال العمر امامك و الحياة امامك !
بقدر ما كان حزينا انها قد رحلت ، بقدر ما شعر بالقهر لانها اختفت ، يدرك الان انها لا يجب ان تكون بين ذراعيه هكذا بهذا الشكل و بهذا المنظر لن يفعلها مرة اخرى ، لن يتورط و يورط بنت بريئة لا تفهم في عواقب الامور شيئا وهي هناك جسدها يهتز حبا يهتز قهرا يهتز اذلالا لا يريدها هو لا يريدها لم تكن تسمع اي كلمة مما يقول كانت فقط غارقة في ذاتها في جسدها في شفتيه تريد المزيد تريد ان تطفأ نار اشعلها مرة و جعلها تشتعل على مهل ، ماذا الم يحاول ان يسلبها شرفها تلك الليلة في الخيمة ؟! لما يوقف اندفاعها الان : تكرهني !
جاءت مهزومة مكلومة محملة برياح عاتية من عينيها مقلتاها غرقتا بالدمع قطرات كبيرة مثل المطر تهطل فتوجعه قبلها يا الهي الاما تريد ان تصل : انا لا اكرهك ، ديالا فكيني اذا اردتي مني شيئا اخرج بك و اتزوجك!
نطقها وكأنه فقد الامل فيها ، قالها قلبها هرع مثل الغزال الهارب وضعت كفها على صدرها تسكته لا تستوعب : تتزوجني !
هز رأسه سريعا : نعم نعم سأفعل فكي قيدي و اخرج بك الان حالا اتزوجك ، هل سترتاحين !
كان صادقا في قوله ذاك ، لن يلف ولن يدور ثانية ، جاد تماما ، هو ليس طائشا ولا ذاك الوغد الذي يجري من مكان لمكان يسلب النساء اعراضهن ، وهي ان رغبت هو سينفذ ما تحب ، الامر سهل سهل جدا !
تقدمت ناحه ببطء تشعر انها تكاد تحلق عقلها لا يحملها ، بدت كالطفلة المذهولة ينشق ثغرها عن ابتسامة بلهاء حالمة كل جسدها صار قلب صار حب وهو يرفع رأسه لها هكذا يرى كل ذاك في عيناها هزت رأسها هزا متواصلا : نعم نعم انا موافقة !
تنهد بعمق تلك الفينة ظن لوهلة انها ستفك قيده ولكنها خرجت من الغرفة مثل المجنونة تجري تاركة اياه هنا يعاني لا يفهم ما جرى له ، هو عالق مع كل النساء ، صار يكومهن في حياته و المشكلة انه ولا واحدة منهن بقيت معه ، اما ان ترحل بمزاجها او ان تخطف او ان تخونه ، لا يريدها ان تتورط هي بالذات في امور اكبر منها ، ديالا لا زالت صغيرة ، قد تفعل اي شيء في سبيل الحصول على مبتغاها ، و تقييده هنا هو واحدة من تلك الطرق التي سلكت ، ظل جالسا هناك ينتظر اختفت مرة اخرى الوقت يمر المساء قرب على الدخول يرى ذلك من اشعة الشمس التي بهتت يرى احمرارا في السماء و يقلب بصره ينظر الى نفسه و الى كل قراراته العشوائية وليدة اللحظة يا الله ماذا يفعل و لكن هذا العمل معها يظل اقل الشرور و اقل خطورة عن غيره من الخيارات المتاحة !
رفع رأسه بحدة حين رأها تدخل عليه هذه المرة كانت ترتدي ثيابا مختلفة بنطال جينز و بلوزة طويلة و حذاء رياضي تتجه من ساعتها الى حبالها تفك عقالها فيرتخي جسده فيسقط ارضا يسقط متوجعا كله يأن يفتح عيناه يا الله اخيرا الراحة اراد ان يضل ممدا هنا الى ان يلملم الجسد قوته و يستطع ان يشب مرة اخرى وجهه الى ما تحت السرير هناك يرى ورقة بيضاء مدورة شبه ممزقة هناك وحدها تحت السرير لم يكن به جهد ليمد يده ولكن هناك كانت يد اخرى ممدودة له يد بيضاء رقيقة جميلة معطرة مزينة بالخواتم يريد ان يقوم رجلاه مرتخيتان : احضرت الشيخ و الشهود!
نظر الى عينيها هز رأسه موافقا حسنا سيفعل كل ما تريد فهي من يدير هذا الأمر برمته ، الان هو سيتزوج امرأة اجبرته على الزواج منها !
قام حتى جلس يستوعب : هاتي لي قميصي !
خرجت من فورها و ثانية حتى دخلت عليه لفت حوله لامس القماش جلده المتسخ يحتاج الى حمام حالا ان يغتسل ان يبرد نفسه ان يشعر بالنظافة الماء سيساعد عضلاته على لملمة نفسها من جديد على التماسك من جديد اخرج اهة من عمق قلبه وهي تلف عليه تزرر له القميص المغسول و المكوي جيدا رائحته جميلة اخذ ينظر الى قمة رأسها الى حماسها ، لان وجهه لها ابتسمت شفتاه يا الهي ماذا فعلت به !
وجد نفسه يجلس في غرفة كبيرة جدا مجلس رجال كبير واسع اثاثه عتيق جدا ، ولكنه نظيف يبدو انها قد نظفته و استعدت لكل الاحتمالات ! : يا اخ يحيى هل تقبل ب ديالا مصطفى زوجة لك على سنة الله ورسوله !
: نعم اقبل
زعق من خلف الباب في ديالا التي لا تكاد رجلاها تحملاها : يا بنتي يا ديالا هل ترضين بيحيى صالح بن زكريا زوجا لك على سنة الله ورسوله على المهر و الصداق المسمى بينكما !
جاء صوتها باكيا سعيدا : نعم اقبل !
قرأ الجميع الفاتحة ، قال له الشيخ : بعد ثلاثة ايام سارسل لكما نسخة مصدقة من العقد ، بارك الله لكما وبارك عليكما و جمع بينكما في خير !
خرج الجميع و اغلق عليهما باب واحد ، في تلك اللحظة قام لها يجري يمسك بها هناك من خلفها من خلف ظهرها يقبض عليها يثبتها يقول بمكر يلفح عنقها : الان سنتحاسب على كل فعل فعلته منذ البداية !
البيت كان مغلقا كل الشبابيك وكل الابواب، كل النور كان قد اختفى خلف الجبال زادت الظلمة كان بينهما السواد فقط ، كانت في احضانه هكذا كما تمنت فليفعل فليقبلها الن يفعل اليست هي اللحظة عروسه ، اخذ يمشي بها وهي امامه قلبها يرقع قلبها سيجن هل سيسمح لها بالطيران جثته التي فوقها تعلوها انفاسه التي تغزوها احضانه المشتعلة و ذراعاه هاتان اللتان ما لانتا حتى في قيدهما يدخلها الى نفس الغرفة تلك الصغيرة ، يقفل الباب عليهما ينظر لها بشر من بين عينيه ، ليس شر انتقام ولكن شر انها اجبرته هو ان يتزوجها بهذه الطريقة ، في هذا الظرف ، ولكنها اوقفته بيدها تأمره ترفع رأسها : استحم اولا !
فتح فمه فيها : آاهه !
جيد ! وماذا ايضا ؟!
اخذت تدعك يديها بعضهما ببعض في توتر لا تعرف لما : حسنا يجب ان اغير ثيابي هل تسمح !
هز رأسه لها رفع يديه دليل قلة الحيلة : كما تريدين !
لم يقتربا من بعضهما لم يلمسها كانا واقفين هناك وكأن الحجرة قد كبرت بهما فجأة ، تحاول ان تبعده بعدما فعلت ما فعلت !
يبقى معها و سيفهم منها كل شيء هي لا تعرف بعد مدى ابعاد التحقيق الذي سيخوضه معها !
استدار على عقبيه خرج من الحجرة وجد نفسه في صالة كبيرة بها غرف متفرقة هناك ممر توجه له ممر يجمع ما بين مطبخ متوسط الحجم قديم الطراز و مقابل له فتح الباب هنا حمام ارتاح قلبه ،خلع ملابسه و فتح الماء و صار جسده كأنه يصرخ من اللهفة اخيرا قد نزل الماء عليه يا الله ما اجمله هذا الشعور ، ينظر الى ساعديه المزرقان ، الى ساقيه المتجرحتان بسبب الحبل و الاحتكاك ، لا يهم الان كل هذا سيخرجه من عينيها !
انتعش خرج مجددا يلف منشفة حول خصره يقطر الماء من شعره الى كتفيه و صدره يتجه الى هناك لها ، يفتح الباب هو قد قضى وقتا طيبا طويلا يستمتع بالماء الدافيء ارتخت كل عضلاته و اخذت وضعها يا الله ما اجمل الحرية اخذ ينشف شعره و هو ينظر الى داخل الحجرة هناك كانت تقف فتح عيناه لا يستوعب كان مدهوشا يا الله كيف فعلت ذلك هل توقعت ذلك ، كانت ترتدي فستان زفاف فخم جدا جميل جدا يلتف بروعة على جيدها يغطيها كلها حتى صدرها و كتفيها يترامى الى الارض بأطراف تلمع يلف عليها مثل الزهرة و شعرها قد جمعته و جعلت غرته فوق حاجبيها تمسك بأطرافه بطرحة طويلة جدا كانت هناك تتلألأ اول مرة يرى عروس بثياب كهذه اول مرة يتزوج و تشعره احداهن انها حقا سعيدة كي تتزين له كي ترتدي له فستان زفاف بهذا البذخ سقط فكه وما عاد يقدر ان يعيده الى مكانه الاصلي يا الله ما اجملها بل فاقت الجمال بمراحل عدة كانت تبتسم في وجهه خجلة عيناها تتهربا من وجهه ، يالله على كم التناقض الذي انتي فيه يا صغيرة ، تلك لا تشبه هذه ، هذه هي ديالا التي يعرفها ، تقدم لها قلبه يعتصره ، لا يكاد ان يصدق كل ما يحصل ، ربما هو حلم ، ربما تهيؤات و ربما سيستفيق يفتح عينه على واقع مر فكل شيء يبدو كسراب !
تقدم لها وفي كل خطوة قلبها ينهار قلبها يذوب ، دخن ، فانت تغويني اكثر حين تدخن !
قالت كلمتها تنظر له تمد له يدها بعلبة سيجاره كل شيء كان صدمة حتى كلامها امسك بعلبة السيجار التقط واحدة تقدمت منه مدت يدها اشعلت له السيجارة وقفا هناك بينهما دخان تمد يدها الى صدغه : انا كامراة يرضيني ان اتأمل وجهك المجهد !
ذهبت الى ركن قصي فتحت التسجيل و ثانية حتى صخبت الغرفة بأغنية هي تحبها هي تعشقها : يا مالك السر الهوى و الحياة
انت العمر اللي بتحلى فيه الساعات
ما بشوف الدنيي حلوة من دونك ما بتروي من دونك لا لا
اوعدني وقول ان شاء الله نبقى العمر سوى ، اوعدني وقول ان شاء الله بعدك مافي نوى
كان الطرب يتردد الموسيقى تهز روحها ترقص تلف حول نفسها وقف هناك.. عليها يتفرج ..كم تبدو سعيدة كم تبدة رشيقة كم تبدو جميلة يدخن لانه يغويها حين يدخن وهي هناك تلف و ترقص ترفع يديها تتهادى تهز كتفيها تميل بخصرها بكل اناقة ، تغلق عينيها حالمة ، تبتسم مع نفسها ، فاليوم هو لها سيكون لها و يبقى طول العمر لها ،كانا يسبحا على غيمة من الشوق من اللهفة ياالله كم رحمها تلك الفينة كم رق قلبه لها كم نبض لها و الموسيقى تتردد بينهما : سحرك سبحانه الحجر بيغويه
انتهت الاغنية و ظلت هي عالقة في السموات اليوم هو يوم مبارك يوم مشهود له من الله و الملائكة حتى حين امسك خصرها و هبط على عنقها يلتهم جيدها يفك سحاب فستانها الباذخ ذاك يميل بها حتى مال معها يا الله كم تحبه.. شفتاه تحرقا جلدها مددها على الارض ومال فوقها فتحت له عينيها الغارقة بالحب بالعشق غشيتها التباريح و الشوق و الجوى تلتهم وجهه بعينيها يا لخشونته يا لرجولته كان فوقها لا يفهم يحبها تغريه يريدها قلبه يعرفها منذ نعومة اظفارها يفهمها كانت تأن تتأوه بلا ارادة منها و شفتاه تقع على شفتيها تغمرانها كلها يظل يقبلها يظل يمرغها يقتحم شفتيها الى سقف حلقها يمرر لسانه بروية بين اسنانها يدغدغها يلتقط لسانها برقة بين شفتيه يجمع ريقها من على طرف لسانها يبتلعه على مهل حتى سحب فستانها عنها وبان عليه جسدها كله نهداها النافران المنتصبان امام وجهه خصرها و صرتها التي علقت فيها حبة الماس تبهر ، اغلقت عيناها يتلوى جسدها بين يديه و قلبه يقفز لحلقه ها هو يفعل ، جسدها كلعبة قديرة لعبة خطيرة نهدها هذا الذي يقفز له مثل الارنب ، اصابعه تلتف حوله يمسكه بكفه يضغطه فتتقلب لا تفهم ، عيناه تجريان عليها برغبة قاتلة رغبة مدمية هو يفعل فيها كل ما يرغب اشعلها على جمر و جعلها تنتفض تصرخ تشد رأسه اليها الى شفتيها تريد منه ان تشبع فلما لا هي ارادت كل هذا وهو الان لن يتراجع هو يحب الاجساد يحب ان يمارس الحب ان يغرق فيه يحب ان يمتع نفسه و يمتع امرأته كان يلهث كان وجهه محمرا كان يحرث جسدها بفمه و لسانه ويداه تهجم تضغط تعتصر تداعب في شهوة ولما لا يفعل قد حللها له في تلك الظلمة وهي تتأوه هي تتلوى جسدها يتقلب بين ذراعيه بقوة حتى عندما اراد ان يقضي وطره ان يجعلها زوجته حقا كان واقفا على بابها يطرقه فزت فزعة فزت تركض تهرب تقف هناك في زاوية افلتت من بين يديه لم يفهم تلك الصرخة ولا هروبها تلك اللحظة شحب وجهها تهاوت قدماها ماذا يفعل !
اخرست وجهها كأنها قد رأت عفريتا كل شيء كان رائعا ، قبلته ، حماسه ، صوته ، زئيره ، يداه ، اصابعه ، شفتاه ولكن ما هذا الاخير الذي حاول فعله !
كان هناك بعض نور يتسلل جعلته هناك يقف على اربع يلهث يغمض عيناه اللعنة انكمشت شفتاه اسود وجهه غضبا منها وهي هناك تغطي وجهها بكفيها دونه امسكت بطرف الطرحة تغطي نفسها تبكي فيه : ماذا تفعل !
رفع رأسه لها يهمس حنقا كان متعب تبا لها ابعد ان وصل الى نشوته تفعل به هذا ماذا تقصد : كيف ماذا افعل ؟! كان محتارا يكاد يقوم ان يضربها : هذا مؤلم لقد المتني !
فتح عيناه بطريقة مخيفة طريقة مستغربة ، هو حتى لم يجعلها زوجته !
اخ يكاد ينهار ، ماذا يفعل الان اغمض عينه بقوة يحاول ان يجهض جسده ، لقد قوضت رغبته في عز شهوته ما هذه اللعبة السخيفة التي تلعب !
قال لها بصبر : ديالا ماذا تفعلين تعالي هنا !
هزت رأسها رفضا خوفا جسدها يرتعد اسنانها تصطك لا يفهم تكاد تقع باكية تندب ، جلس هناك اخيرا رفع يده الى شعره يجمعه بصبر خلف رأسه ، ماذا كانت تعتقد ديالا في الزواج ؟! الا تعرف تفاصيله ؟ الا تعرف ماذا يريد الرجل من زوجته تلك الليلة ؟! كيف لا تفهم ؟!
همس لها : تعالي لا تخافي تعالي هنا !
كان يرى خيالها هناك تسقط تجلس على الارض تغطي نفسها دمع عينها ينزل مدرارا ، ليس هذا ما يسمونه ممارسة الحب ؟! كل عقلها كان مشوشا ، هناك شيء لا تتقبله ، اقترب منها زاحفا ، هناك في زاوية الحجرة لمبة قد انفتحت فجأة وكأنها قد اخذت اشارات الظلام و منحتهم بعض الضوء لتكشف عنهما العتمة ، صار يرى رعبها يرى شحوبها يرى اهتزازها وهي تنظر الى عينيه غير مصدقة ، سحب المنشفة لفها حول خصره نفث انفه ، يبدو انها لا تعرف عن الزواج ولا المعاشرة شيئا كان هذا واضح على ملامحها ، ديالا ارادت العشق ارادت القبل ارادت الاهتمام لم تعرف ولم تفتش في حياتها عن ما يمكن ان يفعل الزوجان ببعضهما ، حتى تلك الليلة التي سمعته فيها يعاشر امرأة غيرها لم تفهم تماما الامر لم تظنه على هذا القدر من الرعب ان يشتبك جسديهما و يلتحما بكل هذه الحميمية لا تعرف اصلا شكل العضو الذي يريد اقتحامها !
كل شيء كان مفزع في مخيلتها تهز رأسها كمجنونة تذكر ذلك النهار الذي كانت تستحم فيه في بيت اهلها ، بروين لم يكن في البيت ، كانت هي وحيدة طوال الوقت وحيدة، لا علاقات لا اصدقاء مقطوعة من شجرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهي اصلا غير مهتمة بمعرفة الناس ولا مخالطتهم هكذا تحب الانزواء و الانطواء ، حتى مواهبها تمارسها وحيدة عندما كانت تفتح المواقع الاجتماعية كانت تركز على اشياء اكثر اهمية في الحياة ، العلم المعرفة ، القراءة تبحث عن مهارات جديدة حتى اذا لم تكن معروفة او لا يعتبرها الناس الا تفاهات ، دورات الحاسب الالي التي اتقنتها و تفوقت فيها عقلها نظيفا جدا من هذه الناحية هي و اخوها ، دورات الكارتيه التي اخذتها على يد مدرب متخصص ، تعرف كيف تحمي نفسها تعرف كيف تباغت عدوها ، كل هذا كان مركز حياتهما هما الاثنان لا مجال للتفكير في امور الرفاهية فهما لا يعيشا الا على احسان العم يحيى و طالما هما في طور النمو و المراهقة فيحيى لن يتخلى عنهما الا اذا ربما كبرا و اعتمدا على نفسيهما وفي تلك الحالة قد لا يستطيعا دفع قرش واحد لكل هذه الامور التي يفعلاها و مارساها في الحياة على صغر سنهما اما الامور الجنسية الانجذاب الحب كلها كانت اشياء نادرا ما فهمتها او عرفتها او تعرفت عليها ، لم يوجد ام كي تعطها هذا الشعور ، لم يوجد اب كي يفهمها هي من ، عندما عرفته عرفت الحب عندما قبلها اشتاقت و استلذت بالقبلة وغير ذلك لا تعرف حقا لا تعرف لم تتعمق يوما ، عندما قررت ان تدخل الى الحمام لتستحم ذات يوم ، كان ظهرها الى الباب كان الشامبو يغطي شعرها و جسدها كانت تنعم بالنظافة حتى عندما التفتت وجدت ضلا غريبا ضلا مخيفا شخصا يقف هناك يحدق فيها شخص عيناه تتفتقا رغبة على جسدها كان جائعا كان حيوانا ، رأته امام باب بيتهم عدة مرات نظراته لها كانت حقيرة كانت متحرشة برغبة قاتلة ، ظل يراقب بيتهم حتى غاب بروين و بقيت وحيدة هناك اقترب منها شدها من يدها سحبها وهي هربت الروح من جسدها كانت تقف امامه عارية بكل مائها و رغوتها بكل سخونتها ان تقف عارية تماما امام احدهم جمدها اخجلها ارعدها حتى ما عادت ترمش اقترب وهي لم تفعل اي شيء كانت ساكنة حتى كل حركات الدفاع عن النفس في ضل هذه المداهنة طارت من عقلها هناك في تلك اللحظة اراد ان يخلع بنطاله اراد ان يدفعها الى الارض صارت تنزلق من يديه صارت تريد ان تصرخ ولكن يده منعتها صار يخنقها يمنع الهواء عنها هناك في تلك اللحظة سمعت صوت بروين ديالا صوت اغلاق الباب و هنا تركها بسرعة خرج يجري من الحمام رأى بروين ظله فجع دخل رجلاه لا تحملاه الى اخته التي صارت على الارض اصابتها نوبة مثل المس صارت تتلوى سحب منشفة لفها بها احتضنها بقوة يبكي تبا لا ديالا لا كان يظن ان الرجل قد اغتصبها اخته قد انتهت صارت ترغي و تزبد بين يديه رفعها الى السرير وضعها هناك حتى اغلقت عيناها و غرقت !
وقف هناك عاجزا يضع يده على وجهه يزيح نظارته عن وجهه يرمها بعيدا يسود وجهه يشهق ببكاءه يكاد يصرخ صار يدور حول نفسه مكتوم محبوس نزل الى الارض وصار يضربها بيديه بقوة يكاد يحفر فيها حفرة ، تمدد هناك بائسا يندب عمره و حياته تبا لقد تركها وحيدة في هذا الحي البائس الحقير يتناوبون عليها ولكن والله سيدفعون الثمن غاليا !
كل شيء كان يمر امام عينيها لم تنتبه له الرعب هو كل ما في عينيها ترفع اصبعا في وجهه بلا : انا .. لم .. اظن .. ان الامر .. هكذا
حسنا سيهدأ من نفسه لا بأس ، كل ما فعلته وفي النهاية لا تعرف !
قام واقفا ينظر اليها من علو يتنفس بقوة ينحني لها يرفعها بين ذراعيه يقربها منه بين احضانه بين ذراعيه كانت بينهما الطرحة و المنشفة يضغط وجهها على صدره الحامي المشتعل تشم جسده تشم عرقه تسمع خافقه يا الله اغلقت عيناها يهدهدها صار مثل الطفلة ، اذا كانت خائفة لا بأس ليس هناك مشكلة ! نعم ليس هناك مشكلة !
كان يفترشا الارض هي وهو هنا نائمان قريبان لحد تبادلا الانفاس ، كان يغلق عينه مجبرا رأسه يقابل السقف ، يا الله يمسح على وجهه ، يستدير ينظر الى وجهها ، يا الله كأنها هي ، شفتيها و اهداب عينيها و انفها و حاجبيها ، تزوج اختها ، عندما يلتقيها في الحياة الاخرى هل يقدر ان يتزوجها هي ايضا ، هل ستحرم عليه في الجنة ؟! هل ستسامحه ولكن عذره هنا موجود حي امامه عذره هنا نائم يتنفس سيقول لها انها هي ارادها هي ان ينام معها هي ان يقطف مالم يقطفه منها ان يحاول ان يدس خصره بين فخذيها ولكنه معها مرتين لم يفلح نعم لم يفلح ! .. هل بأفكاره هذه يخون ديالا الا يعتبرها حقا حبيبة الا يعتبرها حقيقة زوجة تهمه سعادتها و روحها ان يحبها لنفسها هي ، وليس وجه تلك في العتمة !ينظر اليها يرفع اصابعه الخشنة المسمرة الى بروز شفتيها يا الله عليها هذه نفسها عينة من الحور في الجنة ولكنه لا ! .. يريد نساءه يريدهن لا يريد التسع و التسعون يريد نساءه فقط ، لن يتخلى عن اي منهن الا اذا كان لهن خيار غيره ، هل سيحببن رجل اخر مثلما احببنه ، هل سيحب هو نساء اخريات مثلما احبهن ؟! يشك !
ما يملك الان من نساء هن الاجمل ، هن الاختلاف ، هن التمرد ، هن القوة ، هن الانوثة ، هن الحرية ، لا يقابل امثالهن ابدا ، ولكن هل تدخل نجلاء في ذاك السرب ؟! نفخ صدره بقوة ، صار يمرر اصبع على حاجبيها ، مسكينة هي ديالا ، مسكينة ، لا زالت طفلة ، تنام هنا بكل راحة تلتصق به مثل اب يحن عليها ، عض شفته ، لقد استعجلت بالزواج منه ، هو انسان غير صبور بخاصة في امور معاشرة زوجته ، لا يدري كيف سيحتمل وجودها هذا قربه دون ان يحبها كما يرغب ، عندما يرى شفتيها المتكورتان كأنها غاضبة و حاجبيها الملتصقان و انفاسها الدافئة المنتظمة تحارب وجهه رفع كفيه الى وجهه يحك لحيته و يمسح عليه محتار في امره كل ما حصل و يحصل ضرب جنون !
هي لا تستوعب الان فرق العمر بينهما ، هي مفتونة به ، مأخوذة به ، لم تفكر انها حين تبلغ الثلاثين يكون هو قد انتصف خمسينه و كلما زاد عشرة كلما كبر عشرا حتى تراه امامها عجوزا لا تطيق النظر اليه وهي في عز شبابها ، ستراه مثلما ترى جدها ، واقع مؤلم يقطع القلب ولكنه سيحصل ، اذا طلبت منه يوما حريتها على هذا الاساس سيفعل سيرسلها حيث ترغب و سيعطها كل ما تحب لن يبخل عليها في شيء ، سيعطها وقت حتى تستوعب ما اقدمت على فعله معه او لم تفعله !
عندما فتح عينه صباحا كانت الغرفة لا زالت مظلمة لم تحاول ان تفتح الشبابيك و هي هنا مكانها فارغا مد يده يشعر سخونته استقام جالسا في مكانه يا الهي كم ان نومة الارض مؤلمة ، مدد ذراعيه و نشط عضلاته و قام من مكانه يتحرك في البيت يتجه هناك حيث جلبة في المطبخ وقف على عتبته ينظر اليها كانت تعد بعض السندوتشات للافطار كانت هيأتها مشرقة مرتاحة بهية وان قال عليها جميلة الف مرة لم يخطيء خصلاتها تتدلى تغطي جزء كبير من وجهها تترك فراغات حلوة تكشف عن انفها الرقيق و بروز شفتيها كانت تلبس احد فساتينها اللطيفة تلك بلون بنفسجي يماثل لون شعرها حتى ركبتيها و تلبس حذاءا يطابق لون فستانها كم بدت ناضجة كشعرِ كتبه صاحبه لا يجيد قراءته سوى الكبار كان فيها طاقة فيها جذب فيها لطف فيها تاريخه كان عطرها يفوح في كل الغرفة رفعت رأسها له تستشعره ابتسمت له بحب شع وجهها بحرارة ارتبكت قليلا و خجلت كثيرا ولكنها تماسكت تقدم لها يا الله عندما تجده هكذا قلبها يطرق في عمق رأسها يسبب لها دوارا يحب دائما ان يستعرض جسده ام لأنه يرتاح ان ينام شبه عار لا تفهم و لكن ذاك الجسد في منتهى الشهوة الا ما قد يحصل في العمق هذا وحده ما تخافه : صباح الخير !
اعطته تلك الابتسامة التي تخرج من عينيها قبل شفتيها لف حولها احتضنها من خلفها يرتاح على عنقها كان لا زال نعسانا يقبل خدها يرتاح عليه : لما قمتي من الفراش !
يا الله فقط لو بقيت كان سيعلمها اصول الحب اصول العشق اصول التلاقي سيعلمها كيف تتعلق في عنقه كيف تطلبه ان يضاجعها سيعلمها كيف تشعر بجسدها هنا وهنا وهناك من اعلاها الى اسفلها سيعلمها ان تقول له هيت لك و ان اعطها ظهره فهي حرة في ان تشق له قميصه من قُبل ومن دُبر ـ سيقول انه سيخضع لها سيهيء جسدها ويعلمها ان تبقى ملتصقة به عندما تفتح عيناها ففي الصباح دائما مزاج الرجل عال عنده ولكنها قد فوتت عليها كل تلك الدروس و هربت !
اوقد جسدها على نار حامية لاهبة ذراعاه بالكامل داخل صدرها يداعب نهديها بروية تنفلت منها اهة و طيب عطره ينهش انفها تغلق عينها تتمايل بخصرها مع ميلان جسده كأنها ترقص به يا الله على مزاجها ، اخذ يهدهدها بين ذراعيه يفوقها في كل شيء في الطول و العرض ووسع صدره حتى نحافته التي لاحظتها لم تؤثر في قوة جسده يا الله كأنه سيدفنها بين اضلعه يشتاقها الان وكل حين حتى عندما في كبرهما ستتركه حتى عندما تنظر له انه لا ينفعها.. يشتاقها يفعل ..يرى كل مستقبلهما معا الذي لا تراه و هناك في تلك الزاوية من الزمن سيرفع لها يده يحييها هذا فقط !
مالت عليه هائمة تقبل عنقه تطبع احمر شفاهها هناك بين عروقه النابضة : يا الهي ما اجمل رائحة تبغك !
ضحك عليها من قلبه يا الله لا يدري لكم من الزمن لم يضحك ، لكم من الزمن لم يسعد ، ينسى كل شيء يرميه وراء ظهره و يعيش هذه اللحظة معها همس لها في اذنها برومانسية كبيرة بحب بعشق : لما قتلتي مليكة !
توقفت يداها ، تجمدت مكانها ، فتحت عيناها ، هرب الدم من عروقها ، مقيدة كانت ، يحبسها بين ذراعيه ، قلبها توقف لا تعرف ما تعرفه ان هناك شيء بارد نزل من رأسها الى قدميها ابتسامتها اختفت شهقت وهو عند عنقها انفاسه في اذنها يواصل همسه الساحر : اعلم انكِ من فعل !
ارادت ان تلتفت له ان ترى عيناه هل هو جاد فيما يقول هو يتهمها هي انها قتلت ، يتهمها هي انها غدرت ، لما ، لا شيء بينها وبين مليكة كي تفعل وحتى ان كان هناك شيئا لما ستقتلها كيف تهون عليها روحها و تقتل بني ادم كيف يجرؤ على ان يتهمها هذا الاتهام لم يستوعب تلك اللحظة السرعة التي افقدته فيها توازنه السرعة التي تصرفت فيها معه ضربة من مؤخرة رأسها على انفه شلته ضربة اخرى على جانب جسده و ضربة اخيرة على قدمه بقوة جعلته يقف هناك يتلوى افلتت من يده تمسك سكينا في يدها الشرار يتطاير فوقها صوتها غاضب منه حتى الموت : تتهم زوجتك انها قتلت يا لك من بائس !
كان يمسك انفه بقوة هل انكسر لا يعلم بينه وبينها سكين لا يرحم مستعدة ان تقتله به وجهها تجعد بسرعة بحقد بكره : اخبرني كيف تصدمني فيك بهذه الطريقة .. صرخت بالسؤال .. كييييف !
كان شعرها يتحرك مستشيطا معها لما لما يدمر لحظات حبها له لما يعكر مزاجها لما يقتل اللهفة فيها لما ..اغرورقت عيناها دمعا تفتح فمها بؤسا : ي الهي انت تفقدني عقلي
لمس دما خرج من انفه ينظر الى اليد التي تتشبث فيها بالسكين الموجه الى بطنه هي مستعدة ان تسكنه جوفه : ولما كل هذه الثورة ، اخذ يمسح انفه و على غفلة منها امسك يدها بسرعة لواها لها جعل ظهرها على صدره مرة اخرى وهذه المرة رمى السكين جانبا : حسنا قد رأيت ما يكفي من مهاراتك القتالية ، قولي لي لما قتلتي مليكة ربما اسامحك ربما لديك عذر مقبول للقتل ، لن اقبل ان تكون زوجتي قاتلة انا لا اضمنك!
يا الله كم يثير الرعب فيها كيف يسمح لنفسه ان يهددها بعد ليلة واحدة لهما سويا تماسكت ، تشبثت بذراعه التي تطوقها تفهمه ببطء شديد كأنها تحذره ! : قلت .. لك .. انا .. لم .. اقتلها ، من اين جئت بهذه الافكار عني هل ابدو لك مجرمة مستهترة !
كان الاثنان يتنفسا بسرعة و بقوة كلاهما صدره يطير مع كل كلمة لقد اوجعته حقا فعلت ، هذه التي تخاف من ممارسة الحب معه لا تخاف ان تدميه لا تخاف ان تضربه هكذا فعلتها ضربته بوحشية صباحية عرسهما التصق وجهه بوجهها : ليس مليكة فقط!
اتهاماته كانت تنزل عليها مثل القدر المحتوم وصار يتلف لها اعصابها : هل لديك دليل ثم بمن تتهمني ايضا !
لف الذراع الاخرى حول خصرها يتشبث بها كما هي ، كان يريد فقط الاستسفسار ، ان يقول وهي تنكر و ينتهي كل شيء ، لكنه لم يتوقع هذه المعاملة ، لم يتوقع هذه العصبية ولم يتوقع هجومها المفاجيء عليه ، يا الهي انها امرأة خطيرة حقا !
: اين هو اخوك اين بروين اختفى هو الاخر لم اعد اراه اين ذهبتما اين تعيشا اريد كل شيء بالتفصيل كيف عرفتما عنوان هذا البيت اخ لا انسى انك من سرق مفتاحه !
كان لسانه يهدد لسانه يقطع لسانه لا يرحم و عداوة سده من خلفها يتشبث بها كأنه الموت حركت رأسها تريد ان تلتفت له هذه المرة لن تأخذه على حين غرة لن يسمح لها : لو قلتي لي انك لا تعرفين انك لا تقبلين هذا الاتهام بكل هدوء و حب كنت لم اشك اما بعدما فعلتي فصرت لا اشك في احد غيرك !
صارت تتلوى تحرك قدميها تدفع نفسها بعيدا عنه كان كأنه التصق بالارض بها وكانت تبحث بعينيها عن شيء تلهيه يصل الى يديها تضربه به : ضغطت على اسنانها بقوة كبيرة لثانية اغلقت عيناها ارتخت تماما بين يديه صارت تبكي بكاءا اوجع له صدره ارتخى قليلا يقلبها الى وجهه يرفع رأسها في وجهه ينظر الى وجهها ذاك تتألم كلها تتوجع لما يفعل بها ذلك في هذا اليوم بالذات : انا لم اقتل مليكة لما اقتلها .مليكة اعتنت بنا و نحن صغار اعتنت بنا اكثر منك بكثير فلما تتهمني انا بالذات بقتلها !
كان يرى الاوجاع في عينيها نظرتها مؤنبة تبدو كطفلة سرق احدهم لعبتها منهارة ، يالله ، ارتبك منها ، احمر وجهه جدا نفث انفاسه طير شعره : ولكنني وجدت قرطك في حجرتها ماذا يفعل قرطك هناك!
فتحت فاها مدهوشا يا الله بسبب قرط يشك فيها ، ما اكبرها من تهمة تودي بها الى حبل المشنقة : مليكة استعارت مني اقراطي قالت انها ستقابل احد ما ذاك اليوم او قبله لم اعد اذكر ، لما اذكر اساسا ، نظرت اليه تتهمه الم تكن مليكة حامل منك!
غضن جبينه بقوة قوة كبيرة عيناها فيهما تحد ، كيف عرفت لا احد يعلم سواه هو وامه و مليكة بالطبع كيف عرفت ديالا بشأن الحمل !
رفع يد الى صدره بوجه عابس متغضن جدا عيناه اسودتا تلك اللحظة شفتاه قستا : تتجسسين علي من الشرفة !
بلعت شفتيها بدموعها ترفع رأسها قهرا تضرب باصبع على صدره المجوف : هل تنكر !
شدها من ذراعها يسحبها بخشونة حتى التصقت بوجهه بصدره بكل جسده ترتطم به بذاك السد المنيع : انا لا اعاشر الخادمات هل فهمتي !
لوت شفتها ففي عينيه كل الصدق لكن هو من فتح عينه فتحها على وسعها ينظر الى شعرها بالكاد تكلم خرج الصوت زاحفا : لانك شككت انها حامل مني قتلتها !
صمتت طويلا رأسها مطأطأ للارض : يا اله العالمين فقط لغيرتك قتلتها رفعت رأسها صارخة تحرك يدها مثل المجنونة : لم اقتلها لم اقتلها لما تصمم على ان تلصق بي هذه التهمة !
جلست متعبة حقا متعبة يا الهي تضع يدها على فمها لا تصدق كل ما حصل احقا يتهمها بقتل مليكة هذه اول الفجائع فيه توقعت شيئا اخر هذا النهار توقعت ان تخرجه من هنا ان يركبا فرسا بريا ان يحررها من قيدها ولكنه هنا يكبس على انفاسها بجريمة قتل شنيعة!
: انا لا اصدقك لا اصدقك
وقفت ابتعدت خرجت تبعها لن يتركها هكذا فهو شبه متأكد انها هي من فعلت لا احد غيرها.. ينظر الى ظهرها الى دخولها الى الحمام منهارة ، تغلق الباب عليها يسمع نحيبها صار يدق ديالا لا تبكي داخل الحمام يا الهي انه يهتم هذا البائس يهتم اخذ صوت بكاءها يعلو يبتعد.. صوت الماء يهدر ...وهو صار مثل الحارس عند باب الحمام رأسه مشغول يكاد ينفجر وان كانت لم تقتل مليكة هي كانت تتجسس عليه يعرف هذا اكثر من مرة قد فعلتها لما لا يعرف ؟!!
اخذ القلق يأكل جوفه و داخ في كل تلك التفاصيل اشبع رأسه وشعره ضربا تبا ان كانت حقا هي من فعلت كيف سيعيش مع مجرمة كيف ! كيف تحول اليوم برمته الى هذا الوضع ، وضع مرفوض بين عروسين امسك مقبض الباب : ديالا اخرجي حالا
صار يريد فتح الباب بالقوة : ديالا قلت لك اخرجي
نفخ صدره ثم رفع ساقه و ركل الباب بكل قوته مرة واثنان و ثلاثة فتح الباب الذي ارتد بقوة ولكن ديالا ليست في الحمام وهناك شباك تنفذ منه : اآآآآآآه لف حول نفسه يشتم اللعنة عليك وعلى من خلفك !
خرج من البيت يجري يبحث عنها مثل المجنون يدور حول البيت يفتش بين الاشجار يركب فوق البيت فتش عنها بين حيطان الجدران ولكن ديالا كانت قد اختفت ، عاد لبس حذاءه بسرعة خرج يفتش هذه المدينة شارع شارع و زنقة زنقة و كاد ان يفتشها بيتا بيتا صار مجنونا تلاعبت به تلك الساقطة الصغيرة تلك المجرمة الصغيرة هربت منه قد فعلتها ديالا هربت منه وهو هنا في بيت الزوجية الذي يخصهما سويا صار وجهه متوردا متعرقا لاهثا متعبا عاد مهزوما حتى لحيته قد تعرقت يدخل البيت بعد ساعات من البحث المضني رجلاه تورمتا و عقله يسخن جدا و كل جلده يكاد ينسلخ لما لما فعلت ذلك لما هربت هي الاخرى ، صار يلف في البيت مثل المسجون فيه يصرخ كالمجنون يرعد يبرق ينتف شعره حتى اتته رسالة دولية من رقم يعرفه هذا رقم البنك رفعه الى اذنه لا يكاد يحتمل تكلم باللغة الانجليزية شخص مسؤول قال له : سيد يحيى قد تم سحب مبلغ ست مليون دولار من حسابك البنكي ، منذ ساعات الصباح الاولى تم نقل المبلغ الى حساب اخر لم نستطع تتبعه ، تم تأكيد النقل عن طريق البصمة الالكترونية ! قمنا بارسال رسالة الى هاتفك و تم تأكيد رقم الكود ! نريد منك التأكيد انك انت من قام بنقل الاموال وعلى هذا الاساس سنرسل لك بعض الاوراق على بريدك الالكتروني كي تقوم بالتوقيع عليها !
كان رأسه يدور يدور ينزل الهاتف يكاد يهشمه بين اصابعه انقلب وجهه جلس في مكانه يملأه الكمد و العجز يرفع يده الى عنقه يلمس مكان قبلتها يرى على اصبعه اخر اثر لها عليه احمر شفاهها ابتسم لنفسه حتى بانت نواجذه اهتز صدره ضحكا عض شفته رحلت ديالا بكل رقصها بكل قوتها بكل اغانيها قد خسر اكثر مما ربح في حياته خسر هذه المرة بسببهما بسبب هذان المحتالان بروين و زوجته القاتلة الصغيرة ديالا !
قبلها بأشهر !
اما اخاه فكان يقف امام بيت الشيخ معاذ ، كل فترة و اخرى قلبه يقوده اليها ، الى هذا المكان ، الى كل البدايات معها ، يجلس و ينظر الى البيت الى شبابيكه حتى الان لم يرى غرفتها في بيت اهلها ، سجنها معه في بيته بين جدرانه حتى انه لم يخرج بها الى خارج حدود هذا الوطن ، لم يستمتع بحياته معها وحين فعلا وقع فيها وحاول خيبت له ظنه خدعته بكل ما تملك من مكر النساء بكل ما تملك عهر النساء وبكل ما تملك قلوب النساء اذا كان لديها قلب اصلا كي تعطف او كي تحن ، قد افسدت عليه حياته نعم هي من فعل ، وي كأنه لم يسبقها بسنوات ضوئية لهذا الفساد ، انه اخذها بديلة لاختها ، انه تزوجها وشوه سمعتها بين الناس ، انه حتى لا يدري بعد كيف ومن لعب بعرض شقيقتها في بيته ، تنهد بقلق بتوتر ، استند على كرسي سيارته ارخاه حتى اراد ان ينام عليه كله ، قطر الندى مشكلة اخرى يا الله كيف تصرف معها ، هل لو تدري نجلاء بما يفعل مع ابنة خالها ستكرهه اكثر ستمقته اكثر سيزيد من بعد المسافة المريعة بينهما ، نعم هي الان طليقته ولكن له حق ان يرجعها في اي وقت اراد ولكن هو لا يريد ان يتنازل عن كرامته معها لا يريدها ان تعرف انه يحتاجها ان وجودها يفرق معه ، انه في حاجتها الان قبل اي وقت وكل وقت ، عند هذه الفكرة نزل من سيارته يجذب شعره الى ما خلف عنقه يطبق باب سيارته الفخمة التي تكلفه بضع ملايين على الاقل ، عطره الذي تحمله الريح و يدخل البيوت ببذخه ذاك او قمصانه او احذيته الايطالية او بناطيله و احزمتها وساعاته ، كان رجلا فخما يحب الفخامة يحب البذخ و الغنى لا يبخل بشيء على نفسه ولا على من حوله الا هي ، لا يعرف لما ، هو لم يفعل شيئا معها ، لم يخرجا لسهرة ، لم يسافرا ، لم يجلس معها جلسة حميمية في هدوء ، لم يلبسها كما يريدها ان تلبس رغم ان ذوقها عال و ملابسها فخمة جميلة ، كانت لديه فكرة انه يذهب بها الى فيكتوريا سيكريت وهناك تسبح بين الملابس الداخلية حتى يشبع هو لانه هو من سيتمتع بتلك المناظر لا هي !
ظل واقفا هناك على عتبة الباب يبلل شفته الغليظة فتبرز غمازته لا يدري وقوفه هنا ربما احساس ربما جذب ربما طاقة خارجية قادته اليها هذا اليوم يقف هناك و هناك ايضا تقف سياراتان فخمتان يرى الوجه الذي رآه سابقا هناك في مكتبه ، الوجه الذي قهره و بسببه كانت كل مشاكله معها ، غضن جبينه بشدة و ظهر الكره و الحقد على سحنته يا الهي ماذا يفعل هذا هنا !
نزل لقمان ومعه نفر من اهله امه اخواته و ابوه و رجال اخرين نزلوا من سيارة اخرى ، اهتز قلبه بشدة و السؤال يدور حول رأسه يطير هكذا تتحرر افكاره مثل شياطين عقدت العزم على الحوم حوله تزيد ناره وقف هناك يراهم يترجلون امام ناظريه وهو يقف كبريء في ساحة الاعدام ، لكم من المرات ستذبحه من الوريد الى الوريد لكم من المرات ستخون ، اغرورقت عيناه كذبا ، لا ليس انت ، انت لا زلتي لي وستكونين دوما على ذمتي ، تحركت ساقاه اليهم وهم هناك يتجه وفي عينه عزم وقف يتحداه : الى اين سيد لقمان !
وقف لقمان ندا له يرفع له حاجبه وسط هيأته الرمادية تلك و شعره الجميل ذاك و رجولته بكاملها ، ماذا هل حن لقمان ، ماذا يفعل هنا بأهله ، هل على تواصل معها والله والله سيريها الايام السود لو فعلت ، ما ادراه انها الان حرة او شبه حرة ما ادراه انها تطلقت لما يحضر لهم لهذا البيت بالذات الذي لا يوجد فيه انثى سواها !
قلب لقمان عينه : على حد علمي لم يعد لك صلة بها !
استغرب اهل لقمان هذا الحوار بين الرجلين ، بقدر ما كان الموقف محرجا ، فلقمان وضعهم جميعا امام الامر الواقع يكاد يدمر علاقته الزوجية ، بسبب هذه المرأة المطلقة ، قلب ايامهم ، زوجته حردت منه وتركت له البيت بعد هذا العمر معه تركته عندما قال لها انه سيخطب امرأة اخرى ، لقمان كان يغدر بكل احد وبكل شيء من اجلها ، نعم تتبع اخبارها خاصة من بعد ما جاء طليقها له يسأل عن علاقتهما ، كان يعتقد بل يجزم ان العلاقة ستنتهي ان نجلاء ستطلق ، فرجل يشك بزوجته و يأتي ليسأل عنها وعن علاقتها مع رجل كانت في الماضي تحبه يؤكد ظنه !
همس له : اعتقد انه كان واضحا انك لن تبقيها على ذمتك!
صُعق وقف هناك شعره يتطاير كالاعصار بدلا عنه هل يجرؤ هذا الحيوان على قول هذا له ، تقدم له يضع يديه في جيب بنطاله يرفع رأسه بكل غرور بل يقيمه من قدميه وحتى رأسه يحقره بتلك النظرة يرفع له اصبعين يهدد : سترحل من هنا ستذهب قبل ان اخرب لك بيتك!
كان جاهزا نعم سيفعل سيخرب له ليس بيته فقط بل بيت كل من حوله ، هو رجل واصل ففي الدولة تحت يده الكثير من الناس و الكثير من الرتب و الكثير من العلاقات يستطيع ان يدمر حياة لقمان هكذا بطرقعة اصبعين !.. كن فيكون !
كان ابوه من خلفه يسمع كل هذا يفتح عيناه استغرابا و خوفا شد ذراع ابنه يسحبه ناحه : هيا هيا يا ابني زيجة من بدايتها نحس !
صار يشده ولقمان واقف هناك يكاد يزأر عيناه حقدتا بقوة في وجهه و قبضته تكورت في غضب من يحسب نفسه ما هذا كله ، يتمنى والله يتمنى لو يقفز عليه و يضربه في بطنه حتى يشبع فهو جسديا ند قوي له و لكن كصلات في الدولة لن يقدر على مواجهته وهذا الرجل يبدو خطيرا !
تراجع الجمع الي سياراتهم رآهم ينهزمون وهو يلتفت بحقد الى الباب خلفه يرن جرسه يا ويلها يا ويلها ويا سواد ليلها
فتح الجنايني الباب دخل بسرعة البرق هناك دق الباب فتحت امها وقفت هناك تنظر له فاتحة فاها مستبشرة خيرا فبعد ان جائهم بعد مأساتهم و موت امه يتهم الصديق بالمذبحة التي حصلت طلق ابنتهم و هم لا يعرفون ما ذنبها هي في كل ذلك فتحت الباب على وسعه : اهلا اهلا تفضل
هدأ قليلا وهو ينظر اليها ، يا الهي يحمد الله ان نجلاء لا تشبه امها رغم انه يقر و يعترف ان لامها كاريزما و عينان جميلتان ربما بهاتان العينان اوقعت الشيخ معاذ في حبالها !
لوى شفته وهو يتحمحم قلبه يحترق لا يصبر يا الله يريد ان يراها ان يفهم منها ما حصل في الاسفل هل تواعد ذاك الحقير حبيب المراهقة و الشباب لما يأتي اليها بأهله من عرفه انها هنا !
كلها اسئلة دوخت له رأسها : هل يمكن ان ارى نجلاء !
ابتسمت امها مسكينة تعتقد انه هذه اللحظة سوف يرجع زوجته ان الامور بين العائلتين سوف تصطلح بعدما فسدت ووصلت لحل الشراكة بينهم رغم غضب زوجها و ثورة ابنها الذي اختفى لا تدري اين ذهب !
اغلقت الباب خلفهما و هي تمد يدها ترحب به : طبعا طبعا تفضل ، الله الله لو تجد حلا لمشكلتك معها والله على عيني طلاقك منها !
امتعض ولوى شفته ، وهل كانت ستظل مطلقة ها هي قبل ان تكمل عدتها تواعد تلك الساقطة رجلا اخر لا ليس هذا فقط بل جاء مع اهله ليخطبها !
اتجهت به الى اعلى السلالم ، كان البيت غاية في الجمال و الفخامة ، هناك لمسات انثوية واضحة جدا في البيت ، كان يصعد و يدور حتى وصلت معه على اعتاب حجرتها امسكت بطرف قميصه قبل ان يدخل في حركة لفتت نظره استغرابا لف لها وفي عيناها قلق : يا ابني اتمنى ان تصلح الامور بينكما و ان تتحملها قليلا و تتحمل عصبيتها نظرت بقلق الى باب نجلاء فوالله منذ طلاقك لها ذاك اليوم وهي مكتأبة !
مسح على لحيته بكفه ، اهه ، رغم كل ما قالت امها لكن لا يصدق !
هز رأسه كأنه يطمأنها كذبا : لا بأس سأعمل على حل المشكل الذي بيننا بكل هدوء!
كان الوقت بعد العصر بساعة الشمس تتسلل ناعسة من خلف الشبابيك الزجاجية هناك حمام سباحة تلمع مياهه يراه في الاسفل كان الجناح يطل بأكمله على حديقة كبيرة مشجرة مظللة وهناك مقاعد وكراسي متوزعة في كل ركن منها كيف لا يذكر هذه الحديقة التي كانت منها كل الذكرى كانت منها البداية فكيف تريد ان ترسم النهاية كيف !
فتح الباب بهدوء اول ما دخل هبت عليه البرودة و رائحة زيوت عطرية ، حجرتها كانت خليط بين اللونين الابيض و البنفسجي كان ذوقها رفيعا جميلا غرفة واسعة جدا سريرها هناك قرب الشرفة مرتب بأغطية باللون الابيض و العديد من الوسائد الموزعة هنا وهناك ، وذاك المقعد المتأرجح المعلق في سقف الحجرة كانت تجلس عليه ترفع ساقا عليه وساقا تتمرجح مع حركة الكرسي تحمل في يدها كتابا تقرأ فيه يا الله ، كان شعرها حرا تلف خصلات منه بين اصابعها ، ترتدي شورتا قصيرا جدا جدا حتى بان له وركيها من الجينز الممزق و بلوزة خضراء مقطعة الاكمام و قصيرة الى سرتها يا ربي لم يرها في اي مرة معه بهذه الهيأة ، هنا تبدو حرة ، هنا تبدو لا تكترث ، هنا تأخذ راحتها ، في حجرتها في بيت اهلها لا تشعر بالغربة هو هذا مكانها الصحيح والذي كان لابد ان يضل الى الابد لولا ان تغير القدر بين يوم وليلة !
رفعت رأسها يخيل لها ان امها من فتحت الباب ولكن ان تراه هو هناك بعيناها السوداء الكبيرة التي حدقت فيه بصدمة صدمة انه هنا انه في غرفتها من ادخله لا تستوعب هذا الاقتحام الجائر هزت رأسها ربما من كثرة ما تفكر بوضعها معه صارت تتخيله لا لا يعقل لا يمكن !
قفزت في عقلها فكرة جعلت قلبها يركض خوفا و يصفر وجهها لا يارب لا يكون قد علم بما تفعل مع قطر الندى ، كل افكارها تتجه بسرعة عجيبة الى كل استنتاج و صارت تحضر في سرعة ايضا كل الاجابات الممكنة و التبريرات التي قد يقتنع بها اخذت تأكل شفتيها و تتعرق و تتلون همست : ماذا تفعل هنا !
لم تستطع ان تقوم ان قامت ستقع من طولها من رعبها لا تعرف حتى كيف نطقت !
كان يراقب كل شيء فيها ، لم يرى كل ما حصل في دواخلها ولكن يرى ارتباكها و سرعة كلامها و يرى تلك الشفتين و تلك الساقين يا الله ما اجملها انها تقع فوق قلبه الان الله لو تسمح له لمرة اخيرة ان يضاجعها ان ينام على صدرها الصغير ذاك ، ان يلف يديه حول ساقيها و يقبل رجليها وبدل كل ذلك هو في كل مرة من يفسد الامور : ماذا كان يفعل لقمان في الاسفل !
وقع فكها و الاستفهام يتشكل فوق رأسها لا تفهم تعرف لقمان وتعرف اسمه ولكن باقي الجملة لم تفهمه : اي لقمان !
سؤال سخيف تعرفه ولكن خرج هكذا كأنها تنكره !
هاجمها فورا دون حتى ان تسأل او تقول من ادخلك الى غرفتي ، ماذا تريد هنا ، لقد داهمها مداهمة حتى ما عادت تعرف شيئا لم تعرف كيف ترد او كيف تتصرف ، يجب عليها ان تطرده على الاقل من الغرفة ، لكن ان يدخل ليقول لها هذا ؟!!
كان يتقدم لها بكل مظهره ذاك كانت ترى قدميه تتقدما وكأنه تهديد بالبطيء تبتلع ريقها كلما تقدم تشم عطره و مزيل عرقه يا الله له قوة جبارة من اين يأتي بهذه العطور لا تعرف فيها مزاج فيها صرخة نعم عطوره تصرخ تجمدت يدها حول شعرها حتى توقف امامها مباشرة لا يفصلهما شيئا وهي جالسة بتلك الوضعية لم تقدر ان تحرك ساقها و تنزله لا تعرف ماذا حصل لها اخذها على حين غفلة تنظر له ببراءة وهو يلتقط الكتاب من فوق حجرها يقلب اوراقه يقرأ عنوانه كل وجهه و عيناه في سطوره الا شفتيه كانت تذبحها : لقمان.. لقمان ذاته كان هنا في الاسفل عند بابكم !
رعش جسدها ، هرب الدم من عروقها ابيضت شفتها اللعنة ماذا يريد ذاك الاخر لا تكفيها المصائب نطقت : ماذا يريد !
لوى شفته بغير علم يرفع له حاجبه بنظرة كأنه يشاكسها : لا اعلم ، ربما انتي لديكي العلم ، اخبريني ماذا كان حبيب الماضي يفعل هنا والذي ربما قد خسرتي معه شرفك فنحن حتى الان لا نعرف من كان يلعب بجسدك! !
كل كلمة كل حرف كل اتهام كل حقارة قالها ترقرقت لها عينها لا تصدق ما هذه الوضاعة ما هذه الحقارة كيف يجرؤ ان يقول لها مرة اخرى هذا الكلام زادت بحتها بحة و عيناهما تتقابلان يرى كل تلك الدموع المتجمدة يرى شفتها المزمومة يرى حاجباها الغاضبان حسنا الان قد اشعلها وهذا جيد ! : انت شخص خسيس اخرج من بيتنا ايها المنحط الوضيع !
التوى لسانه استهجانا و رفضا فالتهمة ثابتة عليها يدور بعيناه على وجهها يشككها في نفسها بكل هدوء يملكه تتحرك شفتاه الغليظتان تقطعها : اقنعيني انك لم تتصلي به ، انكما لم تتفقا ، ، اقنعيني انه ليس صدفة وكيف عرف بطلاقك ؟! ان مشكلتكما الاساسية قد انحلت على اكتافي انا ولكن هيهات ان اسمح لأي حشرة ان تتسلقني فهمتي !
اشارت له بيدها فهو قد جن جن تماما فقد الاهلية هذا واضح لها يا الهي يؤلف القصص في رأسه عنها و يأتيها من حيث لا تدري يتهمها بها : اخرج اخرج انت انسان مريض لن ارد عليك .. قالتها هكذا بعين جريئة مفتوحة صادقة في كل كلمة هذا انسان غير طبيعي ..الان فقط عرفت كيف تفش غليلها فيه فكل الفاظ و شتائم الارض لا تكفيه من يظن نفسه مننننن اشارت باصبعها الى الباب : اخرج حالا ايها البائس الشكاك ، لولا انك عشت خيانات من النساء بعدد شعر رأسك ما كنت ستشك في اخلاقي ولكن يبدو ان النساء يكرهنك لكي يخنك!
كانت عيناه تضيق فيها في حروفها تسحق جوفه تشكك في عقله فكل ما يراه منها هو واقع مثبت عليها هي امرأة فاسدة ولم يتغير هذا الواقع تتهمه هو انه ليس رجلا يعني هو النساء لا تعتبره رجلا فلذلك يفضلن دائما رجلا اخرا عليه ! هل هذا ما تقصده وهل هي ضمن تنك النساء التي تتهمه انه يكرهنه او يخنه كان الجو حريق بينهما يتبادلا التهم يتبادلا النظرات الحارقة كل منهما ينتقم من الاخر في شرفه في شخصيته يدمرا بعضهما البعض في تلك اللحظة استوعبت وهو يرفعها من قمة قميصها يجذبها ناحه بقوة يستشط منها غضبا عيناه تكادا ترمياها بسيوف تقتلها : وانت واحدة منهن لم اعجبك فتخونيني اليس كذلك !
كان وجهها عالقا في وجهه انفاسها التي تجري رعبا و عينيها المفتوحتين قهرا في عينيه اتهامه واضح جلي لن يكف ان يعبث في شرفها رفعت يدها تبعد وجهه عنها ان امسكت رقبته تكاد تخنقه : انت عديم الثقة في نفسك وبمن حولك ، طز فيك و في لقمان مرة اخرى انا كرهتك والله كرهتك اذهب عني خلصني منك انت لا تحترمني قالت موجوعة هازئة : تدافع عن الشرف و المشكلة انك اكبر قواد!و كل مرة تريد ان تطعن في شرفي وانا لن اسمح لك لن اسمح ضربته على ساعديه تريد منه ان يفكها كل كلمة كانت تقطعه كانت تلوي له امعاءه الالم كان جليا في عينيه صار يكره جدا ان تلقبه بالقواد يا الله كم اصبحت الكلمة من بين شفتيها سم زعاف.. سهما خارقا ..عيناه تلونتا بالدم هو مقهور انها تطلقت منه وهي هنا سعيدة و تكرهه يا الله لا يدري ماذا يفعل بعد بقلبه لن يسمح لرجال اخرين ان يحبوها لن يسمح لرجال اخرين ان يشبعوا بها فهو نفسه ذاته لم يشبع بها فكيف بأي نكرة اخر يحاول ان يدخل الان بينهما ان يفرقهما مدى الحياة لقمان وجد ضالته فيها لا زال يفكر بها لا زال يحبها هذا واضح و الفرصة الان متاحة هي مطلقة يعني مجربة يعني كل شيء متوقع منها تركها من يده تقع على كرسيها من جديد يصدمها فيه حسنا تريد حربا فليكن تريد حبا فليكن تريد همجية ايضا لم ترها منه حتى الان ، قراره جاء ليخنقها ليقتلها ليقهرها لن تثبت نفسها عليه هو ستكون له الكلمة الاولى و الاخيرة سيكون سيد امرها : انا راجعتك ، اختاري اليوم الذي يناسبك لتعودي الى البيت هناك سنجلس و نتفاهم ونرى من منا عديم ثقة !
وجهه كان عاصفا مريضا جرحته وما زالت تجرح رغم جرمها ، لم يرد ان يكرر الجرة ، ان يعاشرها هنا او ان يغصبها عليه هنا ، يمنحها الوقت ان ترجع متى احبت ، فهو هنا يثبت قوته و سيطرته عليها ليس الا وانها لن تنفذ هكذا منه لن يفلتها بهذه السهولة !
رأت وقع اقدامه تغادرها مفتوحة الفاه عيناها تدمع بقوة مهزومة مهانة تدفع شعرها بغل الى ما وراء اذنيها اللعنة عليه من يعتقد نفسه ليس بمزاجه يطلقها و يرجعها هذه المرة لن يفلح سيطلق غصبا عن اهله و للأبد، انطلقت واقفة تطرق ارقام الهاتف بقوة تتفشش فيه : قطر الندى ايتها الغبية اين انتي لما لم تفعلي شيئا منذ ذلك اليوم اريد منك ان تتحركي اغويه افعلي اي شيء !
كانت تصرخ في الهاتف تمسك برأسها بين كفيها لا لا الى متى فليخبرها احدهم الى متى ، هي تحاول ان تقلب الصفحة وهو لا يمل من فتح الكتاب !
هناك قطر الندى كانت تجلس على اللاب توب ممدة على فراشها بملابس خفيفة بيتية بنطال واسع و بدي ضيق يفصل كل جيدها و شعرها تركته في فوضى تجمعه فوق رأسها عندما اتصلت بها نجلاء كانت هي تبحث في الانترنت عن معنى ان يعض الرجل لسان الانثى و هناك ظهرت لها الاف القصص و الاف الصور و التعبير الحقيقي كان ، القبلة الفرنسية ، كان وجهها يحمر و يخضر و يصفر ترتعش يا الهي لقد قبلني من لساني و هناك اخذت تتعمق في البحث حتى تورطت في العديد من التفاصيل ، كانت تفتح المواقع وكأنها مهمة يجب ان تنهيها تريد ان تفهم اكثر ، حسنا الان تكونت لديها فكرة كافية عما يمكن ان يحصل وهذا شيء لن تسمح ان تصل له معه هذه قناعة و ثقة في النفس حسنا راحت تبحث في الصيدليات في المواقع و تسأل هل يملك احدهم منوم او رذاذ للعين او مخدر اي شيء سيفيدها في عمليتها معه هممم راحت تهمهم تلك اللحظة اتصلت نجلاء رفعت الهاتف تسمع نجلاء مستشيطة صمت اذنها ابعدت الهاتف لثانية عنها : نجلاء ماذا تريدينني ان افعل انا ليس لدي اي فكرة كيف التقيه مرة اخرى اخاف ان يشك في امري فهو في حياته لم يرني و فجأة صرت اظهر له في كل مكان سيشك صدقيني سيشك !
كان كلامها مقنعا و نجلاء تدور مثل المجنونة في الحجرة لن تجعله يتفوق عليها لن تجعله يتمكن من تنفيذ تهديده بل سيبتلعه و يندم عليه و يأتيها جريا طالبا الطلاق منها دعكت رأسها طويلا : حسنا هذه المرة ستضطرين ان تذهبي الى البيت مرة اخرى ، هذه المرة هزت رأسها استهزاءا سنطلب نخوته لو عنده نخوة .. صارت تتلو على مسامع قطر الندى ماذا تفعل ومنها قامتا بعمل صفحة وهمية عليها كل شيء يردنه !
مرت خمس ايام حتى استطاعت الاثنتان ان تبنيا شخصية وهمية على الفيس بوك ، كانت الصفحة لنجلاء ، صفحة قديمة جدا لها سنين لم تفتحها ، دخلتها و غيرت فيها كل شيء و بدأت تراسل عليها قطر الندى بطرق وسخة و شنيعة !
خمس ايام كانت تمشي فوق روحه تدهسه ، حسنا هي حتى الان لم تحضر ، فيها من العناد ما يغطي امة بحالها ، اذا كانت تكرهه حقا كما اعترفت فهي لن تلين ، ولكن لأنه راجعها سيرجعها حتى لو بقوة القانون رغم انه هو القانون ، حسنا هي تخضع دائما لقوة اخوها الصديق الذي ان اخبره فسيجرها له من شعرها رغم انه قادر ايضا ان يفعل ذلك كل شيء بسيط بالنسبة له ولكنه لا يريدها ان تحضر له مذلولة يريدها ان تأتي بكامل قواها ان تنظر الى عينيه و تقول له انه مجنون فتلك الساعة سيقول لها نعم نعم انتي محقة انا مجنون بحبك انا اعشقك انتي لي الموت انا غير مرتاح في بعدك حتى وان كنتي ظالمة!
كان قلبه يتوجع كل رأسه كأن البرق يضرب فيه منذ رآها وهو يداوم على تناول المسكنات رأسه دائخ ، ذاك البائس الذي يكتب مقالات نتية عنه يفضحه ، نشاطه حاليا في التهريب قد توقف ليس لديه اي نية في التعامل مع هذا النوع من المشاكل ، يريد ان يلملم نفسه قبلا ، ان تستتب حياته ، يا الله لو يكون مثل عمه امحمد ، لم يربط قلبه ولا نفسه يوما بامرأة ، يذهب يسافر يطير يرزق باولاد وكل ذلك لا يهمه ، يمارس حياته الطبيعية كرجل و لا يتعلق قلبه بأي امرأة لا يدري من اين له هذه القوة و هذا العزم كيف يفعلها ربما عليه ان يجلس معه ويفهم منه و يأخذ دروسا تمهيديه على يديه كيف يسيطر على قلبه كيف يمسح النساء و حب النساء منه و يعتبرهن شيء للمتعة فقط لا للزواج ولا لأي شيء اخر !
صار يضغط على جانبي رأسه يجلس حاليا في الاسفل في غرفة الجلوس حين دخل عليه يحي تلك الفينة يتكلم في الهاتف رغم ملامحه الميتة يتكلم يتقدم له : طارق يسأل لو بامكانه ان يلاقينا ، هز رأسه موافقا قل له بعد المغرب نلتقي هنا في الخيمة !
رفع حاجبه لاخوه يستغرب فقدان الحس لديه و فقدان الحماسة اغلق الهاتف في وجه طارق : ماذا لا تبدو بخير !
اغلق عينه : يا رجل اقسم بالله اتمنى ان اترك البلد بمن فيها !
اطلق حسرة عالية من اعماق روحه تمدد على الاريكة و يحيى ينظر له فحياة اخوه لا تختلف عن حياته ، فهو كذلك بين كل زيجاته شد و جذب و طلاق و صعوبات و الله الله لو يعرف ايضا تلك المصيبة التي يعرفها !
اراد ان يتركه تلك اللحظة طرق الباب و دخلت بلا استئذان تلك الجميلة التفت يحيى و رفع الاخر نظره ينظر من.. فتح الاثنان افواههم عليها ، كانت تبدو كامرأة اعمال بتلك الثياب تنورة ضيقة سوداء حتى ترى منها ساقيها تنتهي بحذاء عال اسود اللون مفتوح الجوانب و بلوزة تلتف حول عنقها بربطة جميلة لونها احمر قان و شعرها صبغته مؤخرا باللون الاسود ملسته فبان طوله الرائع و كثافته و هو يسقط هكذا على وجهها و جسدها من كل جانب فتظهر عيناها كأنها عينا قط شرس جامح تمسك في يدها هاتفها الغالي و اصابعها تتزين بكل تلك المجوهرات الرقيقة اللامعة الجميلة كانت كاملة صورة مبهرة تتزين شفتها الواسعة بأحمر شفاه قان عطرها فاح عليهما هما من كانا هناك يفتحا عيناهما فيها ابتسمت ببراءه تقف هناك تحييهما برأسها ، التفت يحيى الى عيني اخاه يستفسره بعينه عنها يرفع له حاجبا كل الاسئلة يريد لها اجابة عمن هذه الجميلة و ذلك احمر وجهه لا يعرف لما استقام في جلسته بسرعه يستوعب كان الجو متوترا بين الثلاثة حتى تقدمت من يحيى تضحك له تشير الى عيناه : لون عينك مثل لون عيني !
رفع كلا حاجباه فيها ابتسم لها يا الله لا يدري : اه نعم يبدو ذلك !
تخطته الى ذاك الجالس مصدوم تقدمت نحوه تميل عليه تقبل خده تهمس له : اريد التحدث معك!
التقت عيناه بعيني اخاه لا يفهم ويحيى ينظر له متوعدا حسنا قد وصلت انت ايضا لهذه المواصيل ، صار يهتز صدره ضحكا تركه لها و صعد الدرج مستغرب !
اما هما في الاسفل لا يعي ما يحصل كيف تقبله على خده هنا بهذه الجرأة امام شقيقه جلست جانبه بل كادت تجلس في حضنه تميل عليه تنظر الى وجهه بحب : اشتقت لك اولا ، ثانيا اطلبك في خدمة !
قد اربكته حتى الصداع قد طار من المفاجأة كان ينظر اليها ساكتا وهي تبتسم في وجهه بتلك الطريقة المغرية عيناها تبحثا بحب في كل وجهه اعتقد انها ستهرب الى الابد من المرة الماضية انه لن يراها ثانية ، فطريقتها في الهروب قالت له انها غير مستعدة ولكنها هنا بشحمها و لحمها ملتصقة به صار ينظر الى الدرج الى الاعلى و في اتجاه كل الابواب يخاف نعم يخاف ان يراه احد جالس معها قام من فوره امسك بساعدها وراح يجرها خلفه بسرعة الى مكتب ابوه في اخر المنزل من الجهة الاخرى اغلق الباب عليهما يقف امامها بملابسه المنزلية تلك و قدميه حافيتان يكتف ذراعيه على بعضها البعض نطق بتعب : تعالي اجلسي
جلس قبلها على الكرسي متقابلان جلست هناك بكل ثقة تلف ساق فوق ساق تنظر مباشرة في عينيه : كيف حالك!
على الاقل هناك امرأة تسأل عن حاله و هن الدمار منهن : لا بأس !
كان يفرد ساقيه حتى اقتربت من ساقيها يكاد يتمدد على الكرسي وهو يضع يد في عمق شعره وجوده معها وحدهما مرة اخرى يشعره كأنه يرتكب جرما : ساعة اراك ترتدين الحجاب و ساعة لا !
لفت اصابعها حول خصلة طويلة تقلب شفتها دلعا : لا ادري حسب مزاجي ثم اني عندما لا اهتم بشعري ارتديه اذا كنت على عجل !
صريحة مستقيمة اعجبته : قلتي انك تحتاجينني في امر !
رفعت له حاجبها هذه المرة تفتح هاتفها على مهل وبينما هي تقلب فيه لا يرى ملامحها جيدا وهي تحكي له بصراحة : كنت على علاقة بشخص ثم طلبت منه مؤخرا ان ننهي العلاقة ، مشكلتي انني قد بعثت له بكمية كبيرة من الصور و هو الان يهددني بها !
كان ينصت لها بوعي شديد ينظر الى كرسي ابوه يعطها جانب وجهه الجميل تختلس نظرات لئيمة الى وجهه تمد له هاتفها تريه الرسائل التي وصلتها بدت عيناها تدمع ذلا و انهزاما صار وجهها ينكمش خوفا شفتاها ترتعش : هذا الحقير انظر كيف يهددني ماذا يرسل لي !
نظر الى الرسائل ما صدمه هي الصور القبيحة لجسده التي كان يرسلها لها الفاظه الشوارعية و تهديده لها بكثير من الاشياء المقيتة المفجعة منها الخطف !
هز الهاتف في يده يرتفع ضغطه : ومن اين تعرفتي عليه هذا الحيوان !
قالت نادمة : تعرفت عليه على الفيس بوك تراسلنا لفترة انا حتى لم اره !
تكلمنا هاتفيا عدة مرات طلب رؤيتي و لكنني رفضت !
يعتدل في جلسته ينحني لها وجهه في وجهها الخائف البائس : ان عرف اهلي و نفذ تهديده و نشر صوري ابي سيقتلني و الله سيذبحني دون ان يفكر مرة واحدة !
صارت تنهار و تبكي يا الله كم اوجعت له قلبه قد كسرها ذاك الحيوان : ششششش صار يهدأها ، قطر الندى !
اول مرة تسمع اسمها من لسانه بهذه الطريقة بهذا الهدوء بهذا الهمس قرع قلبها عند حلقها رفعت له رأسها الباكي البائس دموعها تنزل مدرارا تستغربه عينها في عينه كان قريب جدا .. جدا ، ارتبك لا يعرف لما قلبه يقرع مد قبضته لفمه : احممم اخفض نظره : انا سأتولى امره لا تقلقي ان حصل اي شيء فهو مسؤوليتي هل فهمتي ؟! اعطني رقم هاتفه و اسمه بالكامل لو تعرفينه!
اخذت تمسح عينيها بطرف اصابعها صارت ترمش كثيرا اهذابها مبللة متجمعة فوق عينيها حادة قاتلة عيناها لمعتا هناك لون بني حول عينيها ما عزز بريقها : اسفة انا اسفة انني احملك ضغط مشاكلي ولكن انا خفت جدا خائفة من تهديده !
لم ارى غيرك في بالي كي يحميني !
تبادلا النظرات العميقة تحبه قالت له عيناها انها تحبه انها قد انهت تلك العلاقة لأجل عينيه لعقت شفتها وهي تخفض رأسها خجلا ارتبكت لم تعد تعرف ما تفعل هنا معه تشعر بالحرارة تغمرها حولها بينهما الجو صار حاميا هو جالس وهي جالسة هو مرتبك مثلها تماما لا يعرف لما ..قامت تنفض ملابسها بسرعة :سأرسل لك اسمه ورقمه اعطني فقط رقمك ، وقف يحك شعره يملي عليها الرقم وهي بعثت له بكل شيء في ذات الوقت ، كان واقفا فوقها يطل عليها بجثته خياله يغطيها ينظر الى تفاصيل اصابع يديها الى خواتمها الى طلاء اظافرها الى قلبة شفتيها الى مفرق شعرها يشم عطرها يستلذ به صدره رفعت رأسها تشعر بشيء خطير هنا حرارة نار بينهما يكاد يلتصق بها .. احمر خداها فصارت تتوهج في عينيه تعض شفتها بارتباك : آآ.. انا سأخرج و سانتظر منك اتصالا !
قالتها وهي حقيقة لم تنوي ان تخرج قبل ان تعلقه اكثر قبل ان تهيأه و يعطها وعدا شفويا اي من شفتاه ذاتها ان يقربها منه اكثر ان تشعر انه قد سقط ، التقط انفاسه بقوة فجأة كأن الهواء كان مكتوما و ان الحجرة قد فرغت من الاكسجين حركت له رأسها ذاك التعس المضيء بعينيها تلك تترجاه وهو كان يقترب شيء يدغدغه يدعدعه عيناه غامتا برغبته يرى فيها انثى جميلة رقيقة تحتاج حمايته تطلبه عيناها ترغبه تناديه ان يقترب ترجاه ان يهبط من علوه عليها و فعل ما ان لمست شفتاه شفتيها حتى التفتت عنه تسعل بقوة خجلة جدا تهمس له : اسفة انا اسفة ولكن لا اقدر لمست شفتيها باغراء امام عينيه و كأنها تتحسس قبلته الخفيفة تلك التي لم تصلها منها سوى اطرافها ، لقد استعجل و التقط اشارات خاطئة !
استقام وجهه محمرا : سانتظر اتصالك ، رجته : ستفعل اقتربت رفعت نفسها على امشاطها طبعت قبلة على وجنته اعطته ظهرها و عرفت طريقها الى الخارج !
وتركته هو يجلس على كرسيه متخبطا يضع وجهه بين كفيه يلهث كأنه يركض حب النساء هو رياضة تفقدك العقل و الوزن !
وتلك خرجت من عنده تركب السيارة تقودها بنفسها و تخرج من الفيلا اتصلت على الفور بنجلاء تصرخ لها فرحة حتى كاد صوتها يصم نجلاء: نجلاااااااااااااء قد وقع قد وقع و اخذت تضحك و تلك قلبها يقلق ولكن ستفرح هي ايضا لما لا ، تفرح ان يحب امرأة اخرى دفعتها هي في طريقه ، ذاك الوغد لم يأخذ حتى غلوة بيد قطر الندى و من ثم يأتي لها يستشرف عليها يريدها ان تعود ، لما تعود وهو تعود ان يحب كل النساء من اول نظرة لما ؟!!
في الوقت الحاضر
غدا يمر على امهم عام كامل ، عام وهي تحت التراب ، حتى وان مشت الحياة بهم ، حتى وان تحركوا من امكانهم وان ضحكوا او لعبوا فذلك الخنجر فيهم بين اضلعهم يمشون به و يتحركون به و يضحكون به ، الخنجر الذي حرق نساءهم و شتت شملهم و زرع الكراهية بينهم لا زال هناك بينهم !
وضع البيت في فوضى فغدا يتوقع ان يأتي جمع غافر من رؤوس الدولة الذين لم يعزوا والدهم حتى الان لأنه غارق غارق غارق و لا يستطيع صالح ان يتنفس بعد الآن !
الخادمات يقمن بالتنظيف و الترتيب و التجهيز و بخاصة المطبخ فهناك سلال كبيرة جدا من كل شيء من الاكل و الشرب و الخضراواات و الفواكه و حتى الحلويات ، اما هي فكانت مقيدة بين ذراعيه هو هكذا اصبح لا ينام الا على عنقها متشبثا بها وهي ما عادت تعرف للنوم سبيلا تحاول طوال ليلها ان تتسلل من بين ذراعيه وكلما فعلت كلما جرها الى حضنه اكثر حتى بدأت تقرف منه ومن نفسها لم تعد تتحمل الحياة معه ، كل شيء مغلق امام وجهها لم يتب حتى وهو يضربها وهو يهينها وهو يعذبها اصبحت جارية عنده بل اقل من ذلك بكثير ، كانت شبه ميتة تنظر الى السقف هنا كل شيء هاديء متناقض تماما مع ما يحصل في الاسفل هو هنا ينعم بجيدها وكأن كل العالم لا يهمه لا يراه لا يعنيه !
كانت يد فوق صدرها و اخرى يسجنها تحته قد تنملت قد تعبت لا تقدر ان تسحبها ، تشك انه يعاشر زوجته الاخرى فهو لا ينام الا عندها ، لا تريده ان يظلم امرأة اخرى بسببها لأنه حقا يفعل منذ ان عادت وكأنه لا يوجد انثى معه سواها رغم حقدها و كرهها و شتائمها و اعتراضها وكل شيء رمته في وجهه ولم يكترث !
لا يكترث لضعف جسدها ولا لانسلال الروح منها تبدو شاحبة ينقص جسدها الفيتامينات ينقصها الدافع لأن تعيش لم يعد شيء يسوى في عينيها !
وهو فتح عينه فيها يقربها الى احضانه يجذبها الى عالمه يقبل عنقها بلهفة وكأنه يقبل عنق جثة صارت تتقبل اي شيء وكل شيء لأنه لم يعد هناك ما تدافع عنه كل شيء انتهى له ومنه !
كان شعر لحيته الكثة يدغدغ عنقها و شفتاه تلامسا جلدها وهي هناك بعيدة بعيدة جدا هناك مرة رجل فعل هذا معها سحبها و سحب روحها معه سألها ان كانت تعرف برهان العسل و برهن لها اين يكون بين ثنايا جسدها لمعت عيناها صارت زجاجية صار الدمع ينزل على جانبي وجهها تعصر شفتيها ، قام عنها تخطاها دون ان يتحدث معها فهو صار يفعل فقط لانه يعلم كلما تكلم كلما تعصب كلما ضربها كلما ساء الوضع بينهما فالتزام الصمت معها هو افضل وسيلة كي يسيطر مبدئيا على عداوتها له وعلى حقدها عليه !
تراه ولا تراه ، تسمع صوت الماء الذي يجري يخرج يرتدي ثيابه بكل برود و يترك لها الحجرة كما جاء لها وهي تبقى ممدة هكذا.. لا تعيش لا ..في حقبة واحدة فقط من حياتها حقبة كانت ليلة واحدة ولكنها في عداد العمر كانت دهرا !
خرج يمد الخطوات ينزل الدرج حتى انه لم يمر على راعيل ولا على تاج ليراه ، نزل فقابل عند اسفل الدرج شقيقه تلاقت عيناهما وجعا تبادلا الصمت و نزل يلحق به اخوه خرجا تباعا من البيت الى ما وراءه يرفع هاتفه الى اذنه يقول بغلظة : عامر اجلب لنا ملابس الفروسية و المهرة و بلاك !
اغلق الهاتف ليتصل هذه المرة بزوجته الاخرى انتظر و اخوه يتجه الى داخل الخيمة هناك رفع هو الاخر هاتفه يتصل بالهادي : صباح الخير ، هادي هل كل شيء جاهز !
يرد الهادي الذي هو في سوق المواشي : اعتقد بعد العصر سيكون كل شيء حاضر !
يريد بشدة ان يرى الدم ان يذبح ان يسلخ ، لن يترك هذه المهمة بعد الان لأي احد سيفعلها بنفسه كعملية انتقام من كل شيء وكل احد رغم انه يعرف ان هذه الذبائح ستوزع على الاحياء الفقيرة و على المحتاجين وعلى كل من يرغب ان يأخذ منها وهو خارج غدا من بيتهم ولكن ذلك الحنين لشرب الدم و اكل الكبد ساخنا يداعب مخيلته بشدة !
اما شعيب الذي كان يعض شفته قهرا : انزله لك لما " لما لم تأت لتراه ، يا الهي انت لم تعد ترانا في البيت ، لم نعد نهمك ، كانت راعيل فوق تغلي منه غليانا ، تنتظره كل ليلة كل يوم و لكنه يأتي اخر النهار حتى انه لا يفتح بابها لا يسأل عليها ان صادف تاج في غرفة الجلوس كان بها وان لم يفعل لا يهمه كانت هناك تدمع يا الله كم يضغط على حياتها يا الله كم وجوده قريب هو بؤس هو معاناة هو قلة قدر و قيمة تضع يدها على رأسها تغمض عينها في هم و غم قد بلغت نهايتها معه لم يعد بها صبر ، حتى انه منذ اشهر لم يمسها كأنه قد هجرها : اذا اردت ابنك سأجهزه لك تعال و خذه بيدك!
اغلقت الهاتف في وجهه ترميه في حضنها تفكر مع نفسها هذه الحياة لا تناسبها لم تعد ، هنا فراغ كبير ، هنا مشاكل ، هنا احزان ، وكل هذا شكل ضغط على نفسها تريد بعض الراحة ، راحة في احضانه ربما ان توافقا روحيا و جسديا سترتاح ولكن ان تعيش معه منفصلة بلا اي سبب شيء يقهرها ، هي تلاحظ انه يفضل نجلاء عليها ، تبتلع ريقها لا تريد ان تخبره بما رأت ، لا تريد ان تكون هي السبب في انهيار روحه لأنها تعرف ان اخوه يهمه يحبه روحه و ايضا نجلاء يعشقها عشقا لا مثيل له ، هي حائرة في امرها و في ذات الوقت لا تستطيع ان تقوم و تقول له ما حصل لأنها غير متأكدة تماما !
قامت من مكانها كانت جميلة جدا نظيفة جدا رائحتها تفوح في كل مكان ، متورده ، نشيطة ، و المفاجاة ان راعيل قد قامت على اذان الفجر تصلي !
كان فستانها قصيرا الى ركبتيها يتوسع من خصرها و يضيق الى ما فوقه و شعرها لملمت ما فوق جبهتها ببنسة صغيرة و تركت الباقي حرا ، بدت كامرأة متمرسة رائعة لا تحتاج الى مواد زينة كان وجهها رائقا امسكت بيد تاج و اخذت تلعب معه الى حين ان يصعد ابوه ليأخده !
اما تلك فقامت تغتسل ، تتقرف من نفسها ومن جلدها تتمنى ان تسلخه تحكه بقوة بانتقام تكاد تفصل وجهها و اعضائها عن بعضها البعض تجلس تحت شلال المياه تجعلها تسقط على رأسها تضربه تصعقه تجلس مثل المسكينة يختلط ريقها بدمعها يا الله لم يعد فيها حيل لم يعد !
خرجت مبللة بالكامل لم تجفف نفسها تلفها المنشفة بالكاد وصلت الى فراشها رمت نفسها عليه و ببساطة هربت !
عندما صعد الزين كانت تراه لأول مرة منذ فترة طويلة وكلما رأته هكذا كلما تحسرت في نفسها ، رغم كل عيوبه التي تعرفها و تعايره بها فهو له مكانة في قلبها لا تدري بدت تحبه تتعلق به تفتقد قربه تشعر انها حية تشعر بالامان الذي اخذه منها بابتعاده عنها و تفضيله لزوجته الاخرى عليها ، لا هي لا تشعر بالغيرة من نجلاء ابدا ، تعلم ان نجلاء تقاومه لا تحبه ان احبته و اخذته بخاطرها فهي تلك الساعة ستشعر بالغيرة منها اما ان كان هو من يلحق بها و يجري وراءها فهي لن تحاول ان تغار عليه منها هي فقط تريد منه بعض الالتفات بعض الاهتمام ، وصل اليهما يراها هكذا ابتسم قليلا جدا كانت عيناه تلمع لها يتقابلا ينحني عليها يعطها قبلة على وجنتها قبلة رد عتب ليس الا لم يكن جادا معها برقت عيناها ابتلعت ريق المهانة انزلت رأسها فمد يده يرفع ذقنها المائل و المنهزم له فنظرت مباشرة في عينيه تلومه هو يرى كل شيء كل العتاب كل الحزن يرى و يفهم ولكن يتجاهل : ما بكِ!
لوت شفتها تكاد تبكي حلقها لم يعد يساعدها هزت رأسها بلا همست : لا شيء !
افلتت وجهها من بين يديه و ادارت وجهها عنه : لا تريدي ان تتكلمي !
رفع يده الى شعره يعلم انه مقصر معها ولكن قلبه مائل مائل جدا و لا يعرف له سبيل كي يقومه ، نزل الى مستواها ينظر الى وجهها البالغ الخطورة ذاك : ان كان في قلبك اي شيء تريدين قوله قوليه لي الليلة حسنا !
هو الان يسلك سبيل ان يعاملها كطفلة يعطها قطعة حلوى تلهيها تسعدها ثم يتركها يا الله كم يدمر فيها روحها : زين ، يجب ان نجلس و نتفاهم ، انا اريد ابي !
نعم تريد ابوها تريد احد يفهمها جدا يحبها جدا هي الاولى في كل حياته وكل ما بعدها عدم ، لا احد سيكون مثل ابوها لا احد هي تريده تشتاقه تريد ان تسمع صوته ان ترى صورته بشحمه و لحمه يا الله يا قلبها كم يؤلمها صارت تدمع على مرأى منه يراها تنهار هكذا امامه فصدرها معبأ بالهم و القهر على نفسها لقد ظلمها الزين ظلمها !
قام يتنفس بقوة احمر وجهه زم شفته : تاج تعال لننزل !
سحب تاج من يده و نزل تاركا اياها تتعذب !
توجه الى حيث يقف الجميع اخوه و عامر اخوه ارتدى ملابس الفروسية و امتطى ظهر المهرة برشاقة ضحك في وجه تاج الجميل الذي يأخذ بالالباب بعينيه تلك : حسنا اعطني تاج بينما استعديت انت !
مد تاج ليد اخاه يجلسه في حضنه وكان ذاك يفتح عيناه رعبا لاول مرة يرى حصانا لاول مرة يقترب من حيوان قال بلغته البسيطة مبهورا : حصاااان صار يملس ظهر المهرة بيده مال يحيى عليه : نعم حصان هل تعرف كيف يصهل الحصان ، كان يتمشى رويدا حين نكز جنبي المهرة التي استجابت و صارت تتهادى بهما و عامر يرافقه تاركا شعيبا خلفه يكاد ينتهي من ارتداء ثيابه يسر له : اين هي تلك الفتاة التي كانت معك المرة الماضية !
رفع حاجبه له : لما تسأل !
مالت شفة عامر : بدوت مهتما بها !
اراد ان يقول دعها لا تأتي على سيرتها تلك التي ضحكت على شاربي هذا تلك السارقة ، سارقة و مجرمة ديالا الصغيرة !: لا اعلم اين هي !
ترك الموضوع معلقا رغم ان عامر لم يكن الاول في السؤال فقد سبقه الهادي الذي باح له يحيى بكل المسألة و تفاصيلها !
لحق بهم الزين الذي بدا ضخما جدا وهو على ظهر بلاك بدا وكأنهما شخص واحد وروح واحدة اخذ يجري امامهما و بلاك اخذ فرصته وصار يعدو في تلك المساحات الخضراء يأتمر لسيده!
كانت الساعات تمر في الداخل و الخارج عندما دخلت سيارات نقل عديدة يسبقها الهادي بسيارته و يلحق به طارق وهناك ايضا وصل آيدين الذي اراد ان يطمئن على اوضاع ابناء عمه فهو من فترة طويلة لم يراهما في ظل كل المشاكل التي لحقت به الان سيؤجل كل شيء و يحاول ان يستمتع بهذا اليوم معهما رغم ان التعبير لم يكن صحيحا فهو لا يعتقد ان يوم وفاة امهما هو يوم للمتعة!
ولكن كل كان يعبر عن حزنه كما يحب ، التقى الجمع عند الخيمة هو و الزين و طارق و الهادي و ايدين و عامر سلم الجميع على بعضهم البعض فهم من فترة طويلة لم يجتمعوا هكذا ، كان الجو فوضويا آيدين يضع الشاي على النار من فوره يريد ان يعدل دماغه و الزين يضع الحطب و يصرخ فيهم : ما رأيكم ان نعجن خبز مردومة !
كان الجميع في مزاج حسن و جيد يتدافعون صراخهم يعلو على بعضهم البعض خصوصا حينما قام طارق بجر خروف في اتجاههم يقول لهم يداعبهم : هذا سنضحي به رحمة على ارواحنا نحن الفاشلين المطلقين !
فتح يحيى فمه له : لا تجمعني معكم يا حبيبي انا لست مطلق !
التفت له الهادي ينظر له بلؤم يشككه : انت بالذات تسكت !
ارتخى آيدين في جلسته : يعني ماذا تريدنا ان نفعل من تريد الرحيل فلترحل !
كان طارق مستعدا للذبح و هناك وقف يحيى يمسك السكين بل يسحبه منه يرفع اكمامه : هات انا من سيذبح بسم الله الله اكبر !
الهادي يعلق عليه يهز له حاجباه : دعه دعه يفش غليله
التفت اليه يحيى : يا اخي يلعن الساعة التي قلنا لك فيها شيئا ستجلس لتذلني لباقي اليوم ام ماذا!
لا يعلم لما يحب هذه الجمعات هذه الحكاوي هذا التمرد بروح كل واحد فيهم يتكلمون كما يحبون بلا مجاملات كلهم على حقيقتهم : انا ادري ان العلة منكم وليس منهن ، لا اعتقد ان هذا الكم من النساء سوف يهرب منكم هكذا بلا سبب !
فتح يحيى عيناه ياربي هذا من يريد ان يفضحه نظر له يرجوه ان يصمت لكن الجميع كان يلتقط اشارات بين هذين الرجلين فآيدين يعلم بهروب زهرة منه ولكن هل يقصدا زهرة ام احد اخر نظر بعين شكاكة جانبية الى وجه يحيى الذي تعمد الا ينظر الى وجه آيدين المشكك ذاك ولكن الزين يردد للهادي : اسكت انت يا صاحب كتب الباه !
انفجر الجمع ضاحكا ولكنه لم يكترث فعلى صوته فوق ضحكاتهم : لو كنتم تقرأونها ما حصل فيكم ما حصل !
رد عليه طارق : يا الهي اصمت اصمت اقسم بالله انت فم ليس إلّا !
رفع الجميع اكمامهم و لا زال يحي و شعيب بملابس الفروسية لم يغيراها صار كل منهم يذبح و يسلخ و يقطع
اما هي فقامت من نومها ذاك رأسها و حلقها جاف و بطنها تعصرها عصرا من مدة لم تذق الزاد يا الله اخذت تمسح على وجهها بقوة تستيقظ من غفوتها تلك تفطن الى جسدها الملفوف فقط في منشفة قامت الى غرفة الملابس و صارت تنظر يا الهي فقط لو تخرج من الغرفة كما هي او بملابس بسيطة حافية مرهقة تفتح الثلاجة تأكل منها ما تيسر ثم تصعد حتى يأتيها ذاك اخر النهار يستنفذ طاقتها ، نظرت الى نور الخارج كانت الشمس صفراء وقت عصر ، ارتدت فستان اسود من الليكرا يكشف يديها و ساقيها ارتدت فوقه لباس الصلاة و صارت تصلي بكل خشوع بكل هدوء ، اكملت صلاتها و بدت تسبح الله و هي جالسة ثم ترفع يدها بالدعاء في خفوت ، دعوات مؤجلة دعوات مستحيلة اختتمتها بسورة الفاتحة ثم قامت تعدل في منظرها تلبس حذاء ابيض رياضي و ترتب شعرها و تتركه مفرود بجماله كما هو تعطرت و تزينت بزينة بسيطة جدا ، تركت كل شيء و خرجت من الغرفة تنزل الدرجات على مهل تقطع غرف الجلوس و كل البيت و الممرات و تتجه الى المطبخ كان زاحما بالنساء و الخادمات حتى استغربت لم تتوقع انه سيكون هكذا قالت للطباخة : ماذا يحصل !
الطباخة التي كانت جالسة تنقي الكسبرة و البقدونس و تجهزهما للغد و الاخريات اللواتي خرجن من المطبخ بعدما هي دخلت : الغد سنوية السيدة ماجدة رحمة الله عليها ، اخذت عيناها تدمع : يا الله كم كانت تحب هذه المناسبات ، كانت تشرف عليها بنفسها ، اما اليوم فانا اتدبر كل الامور وحدي !
التفتت الى نجلاء تعاتبها : نجلاء انتي سيدة البيت الان ولكن ليس لك اي بصمة فيه !
ابتلعت نجلاء ريقها هي تعرف والله تعرف وفي حياتها لم تكن سلبية كما هي اليوم وكله بسببه هو من غيرها بالكامل و جعلها تكره ان تساعد او تفعل اي شيء : اتوقع ان تصل صبا غدا يا الله منذ وفاة امها لم تدخل البيت ،صارت تمسح دموعها في قفطانها ذاك وهي تقوم تستأذن : يا الله سأغسل وجهي !
قامت تتنهد يا الله يا ليتها كانت في ذاك الحريق لكانت ماتت و ارتاحت تلك الفينة كان كل ذلك لم يحصل افتراقهما جاء في الوقت الخطأ !
اتجهت الى الثلاجة فتحتها و ظلت هناك قبالتها تنظر فيها خلا عليها المطبخ صار هدوءا التقطت عنقود عنب صارت تقطف حباته رويدا تمضغها تستلذ بحلاوتها و مرارتها وهي سارحة في هذه الثلاجة حتى سمعت اصوات ارجل اصوات رجال تدخل عليها تجمدت في مكانها لم تقدر ان تتحرك و الاقدام تتقدم : هات هذه الكراتين و ضعها هنا ، صار يقترب من الثلاجة يحمل في يده كرتون لمشروب البيرة و من خلفه الهادي الذي يحمل كراتين مشروبات غازية : سنوزعها هنا و هنا يشير بيده الى الثلاجات الكبيرة في الجهة المقابلة و الى المجمدات ، كلما تقدم كلما تيبست توقف قلبها توقف تماما تقف وكأنها في الهواء وكأن الارض مادت من تحتها انسحبت الروح الى عمق الارض انسحبت وتركتها هنا ميتة تركتها تمثال شمع لا اكثر كل شيء غار فيها فجع فيها حتى كحل عينيها سقط تناثر هناك تحت قدميها حتى اقترب حتى صار خلفها تماما وجهه الى ظهرها يفتح عينه ينتفخ صدره سقط قلبه لم تلتفت اقترب الهادي رفعها بسرعة كالدمية الصغيرة من ذراعيها وواراها خلف الثلاجة و صار واقف امامها يعطها ظهره ، قد صمت ، سكت يأكل شفتيه في عينيه معاناة ضعف بكاء و الهادي يقوم بتعبأة الثلاجات: يحيى لا ادري لربما نضع ايضا بعض الذبائح في المجمدات حتى لا تفسد الى الغد!
كانت خلفه ترى ظهره ترفع رأسها تغلق عينها ترتخي ساقاها تبتلع شفتاها ترفع كفها بشلل ببطء قاتل كذب سراب خيال يدها تتشبث بقميصه تنحني تستند على ظهره على سدها المنيع تحشر رأسها فيه تحشره كأنها تريد ان تنفذ اليه الى دمه تبقى هناك تجري فيه تروي قلبه لا يعيش الا بها و بدونه تنتكس وكان هو واقفا وجهه يسود قهرا عيناه تتشققا احمرارا ، الضغط ارتقى من قدميه الى رأسه الى عينيه يضغطه ضغطا حتى اضلعه آالمته تداخلت موجوعة قلبه يحطمها يريد النفاذ منها انقلب وجهه انقلب مزاجه هي خلفه عرفته تتشبث به تكاد تصرخ يا الله لما لما لما اليوم لما.. لا ليس صحيحا اغلق الهادي الثلاجة و رأى وجه يحيى المتجهم بشدة اشار له بعينه : اخرج!
لم يعرف ما حصل فقط تراجع فاتحا فاه وهما هناك يعطها ظهره وهي لفت يدها حول خصره تلتصق به من خلفه حتى تكاد تخترقه انزلق العنقود من يدها تنفجر حباته على الارض مصدرة صوت قنابل عنقودية تنفجر دخانها ينتشر يحيطهما كلاهما فلا يبقى على هذه الارض سواهما يطيرا في السماء بين الدخان بين الغيوم الهواء يحملهما حبة عالقة في طرف لسانها سقطت مع لعابها يرى كفيها تتشابكا امام خصره بقوة تتشبث به تحرق بطنه ضربته الكهرباء حتى عمقه تهبه الحياة تنفضه ترفعه ، ابتعدي فكل قبلة من فمك تلقينا في جهنم ،ابتعدي فالقضية كبيرة كبيرة جدا بيني و بينك لم يكن من السهل قتل العواطف لم يكن من السهل اطفاء العواصف لم يكن من السهل ان امحو اسمك و ارمه في سلة المهملات رفع رأسه للسماء يكاد يصرخ بكل غضب الله على الارض ان يتضخم جسده وهي تطلق عليه النار لا تغتاليني كما اغتلتي الرجال من قبلي امنحيني وقتا ولا تحترفي القتال ضدي فأنا لن احاول رد القضاء ولا رد القدر ولكن استطيع ان اقتلعك من عصب قلبي !
كانت تضيع كانت تموت كانت تحترق هو صوته هو طوله هي رائحته يا الله ما اطيبه يا الله ما اجمله يا الله ما اقربه يا اللللللله عقلها لا يحملها شفتاها تقبل ظهره
نعم فعلت قبلته بكل قوة بكل همجية قبلته حتى اختنقت القبلة حتى ذابت الشفاه الغليظة انفها يشم ريحه لا زالت تحفظه عيناها حتى اللحظة لم تره ولم يرها صوت شخيرها صوت نحيبها صوت صدمتها دموعها التي تلسعه تنزل عليه مثل الزيت المغلي تذوبه تقطعه بللت له قميصه من خلفه تتمسك به لحمها يريد ان يخترق لحمه كانت تُشوى كانت تُقلى كانت تهوي كانت تعضه تمرغ وجهها حتى تطبع ملامحها على جلده تمرغ دموعها تمرغ يديها تشده بقوة اليها تسحبه تدخله عينيها تعال اليا من خلفي داعب اذني داعب شعري اشعلني جمرا عمرا نارا فنيرانك ليست تؤذيني تعال القي نفسي في احضانك حتى يبلى العمر و تبليني تعال هنا ولا ترحل لا تترك قلب تعلق بك تتيم بك يلذعه الوهم و يرديني آآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
امسك بكفها يفصله عنه ارخاه فك قيده رحل ذهب غادر هرب و تركها هناك تنهار ارضا وخرج هو كالملسوع من قبره يا الله لا لا خرج للهواء يهرب كأنه كان سيقضي نحبه خرج يتجه لهم كأن الموت يلاحقه بشبحه لاحظ الجميع شحوب وجهه تابعوه بأنظارهم حتى اخوه ترك ما في يده يراه وهو يتجه الى داخل الخيمة يجلس يضم ساقيه الى صدره رقع قلبه سكت الجميع لا صوت يعلو صوت خافقه الذي صمه ، اما هي فكانت تصعد السلالم تصعدها و هي تتمايل وهي تسقط لا يحملها عقلها لا لا انه هنا انه هو يحيى يحيى اخوه تزوجت من اخوه كانت الارض تدور بسرعة شديدة سرعة مجنونة سرعة حادث انقلاب موت تتمايل بشدة رأسها مشوش مشوش يلف يلف تصعد تحاول ان تتماسك حبيبها هنا طوال الوقت.... هنا يتلاعبون بها ، اخوه ، قلبي يا الله قلبي لا لا يا الله لا ارتقت يدها تلقائيا الى قلبها لا تحسه لا تشعره لا يوجد اي دقة وجهها فارغ عيناها خرجتا من مقلتيها الدم نفذ من مسامات جلدها كلها دما كلها حطاما تفتتت سُحقت لما تعيش اذا لما ..وصلت وصلت و صعدت نعم صعدت هاتفها في يدها لم تتركه جلست هناك نعم جلست يضربها الهواء يطير شعرها لم يكن هناك من خوف ولا من رعب ولا من حياة فكل شيء يجب ان ينتهي ..هي رغبة و الدنيا يجب ان تلبي ..ضربت رقم هاتفه ضل يضرب يضرب يضرب حتى توجه اليه : تعال تعال تعال اريدك!
شحب وجهه صوتها يرعبه تركهم على عجل تقوده ساقاه اليها الى هناك قلبه يطرق كالطبول العملاقة يسمع قرعها في كل جسده رأى اخاه هكذا عض على شفته بقوة رفع يده الى شعره يعتصر رأسه بين يديه : يحيى ماذا يحصل ماذا هناك !
كانوا يتحلقون حوله هو المسود الوجه لا يعرف ماذا يفعل قد فضح نفسه كان ينظر الى البيت الى فوق الى جناح اخوه وهناك يرى شعرا يتطاير يرى جسدا صغيرا متعلقا جالسا ساقيها في الهواء وقف لا يدري كيف وقف فتح عيناه بقوة الرعب على محياه تركهم في صدمة يركض هناك يركض بكل ما يملك من حياة ما يملك من امل ما يملك من قوة مثل الريح مثل الخيل الصاهلة و اخوه صعد يطير مثل الصاروخ صدره يؤلمه يؤلمه جدا يجدها هناك تجلس قلبه توقف طار عقله نظرت اليه من خلف ظهرها دموعها تتسابق لم تعطه فرصة : لا فقط اردت ان اريك كيف اطير !
كان يصرخ لها بصوت غليظ ميت باك يجري لها نجلاااااااااااااااااااااء لااااااااااااااااا
وفي الاسفل الرجال بين الصدمة و الرعب و الشحوب كانت وجوههم.. لا يستوعبون الذي يحصل لم يقدر احدهم على الجري ولا على الحركة كأن الزمن قد توقف بهم تلك الفينة يصرخون بغلظة برعب بخوف بموت اياديهم فوق رؤوسهم يرون ذاك النيزك ينزل مثل النار الملتهبة يصدم صدره يحيااااااااااااااااااااااااااااااا لااااااا !